الحلقة السادسة: العلاقات مع ألمانيا: ثاتشر تريد زيارة برلين لكنها قلقة من رد فعل موسكو

تاريخ الإضافة الخميس 9 كانون الثاني 2014 - 6:40 ص    عدد الزيارات 1877    التعليقات 0

        

الحلقة السادسة: العلاقات مع ألمانيا: ثاتشر تريد زيارة برلين لكنها قلقة من رد فعل موسكو
المستشار كول يستبعد نهاية أوروبا الشرقية خلال حياته السياسية
لندن: عبد اللطيف جابر
رغم العلاقات القوية التي تجمع بريطانيا وألمانيا، فإن التوتر حاضر بينهما دائما، لأسباب تاريخية وحروب سابقة وتنافس قديم؛ كونهما شكلا دائما - وما زالا - أكبر قوتين اقتصاديتين في أوروبا. لكن الفترة التي تناولتها الوثائق البريطانية التي أفرج عنها بموجب قانون السرية المعمول به، أي بعد مرور 30 سنة، تضيف إلى هذا التوتر عاملا آخر، وهو وجود المستشار الألماني هيلمت كول ورئيسة وزراء بريطانيا مارغريت ثاتشر في الحكم. علاقاتهما انتابها الفتور. ويقال إن علاقتهما لم تتحسن، فلاحقا كانت ثاتشر متحمسة لسقوط أوروبا الشرقية، لكنها كانت مستاءة جدا من الوحدة الألمانية، التي قد تؤدي إلى صعود ألمانيا كقوة اقتصادية في أوروبا والعالم. توقعاتها كانت في محلها. الأزمة المالية التي عصفت باقتصادات العالم وأوروبا أثبتت تنبؤات مارغريت ثاتشر بخصوص صعود القوة الألمانية التي فرضت إرادتها على منطقة اليورو وظلت هي محصنة ضد الأزمة المالية أكثر من غيرها.

* زيارة ثاتشر لبرلين قد تثير حفيظة موسكو التي اختارت عدم إضافتها كنقطة تماس جديدة

* أظهرت الوثائق حماس بريطانيا لوضع مدينة برلين خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، وأرادت ثاتشر الترويج لزيارتها المدينة والحائط، خصوصا أنها جاءت في فترة من التناحر مع موسكو بعد أن قامت الأخيرة بغزو أفغانستان. واختارت ثاتشر أن تزور برلين والحائط في أحرج الأوقات. ورغم وجود اتفاق بين المعسكرين، الشرقي والغربي، ينظم العلاقة مع القوى الغربية بخصوص برلين، فإن كلا منهما كان يفسر الاتفاق بطريقة مختلفة. التوقعات البريطانية، حسب الوثائق، تقول إن موسكو ستثير احتجاجاتها حول الزيارة بسبب من من الألمان سيرافقها في الزيارة إلى برلين خلال قمتها مع كول. إلا أن التوقعات جاءت على عكس ذلك، وحاولت موسكو عدم إدخال برلين كنقطة تماس في العلاقات مع الغرب.

«الهدف من الزيارة، المقترحة في أكتوبر (تشرين الأول)، هو إظهار أن بريطانيا ملتزمة تجاه المدينة الألمانية المقسمة إلى شرقية وغربية. وتنوي ثاتشر الترويج إعلاميا للزيارة، وخصوصا زيارة الحائط الذي يقسم المدينة والخطاب الذي ستلقيه في المناسبة. من تختار أن يرافقها؟ هذه قضية تعود لها شخصيا، ولا يحق لأحد أن يتدخل في ذلك»، يقول موجز الملاحظات المقدم لها من وزارة الخارجية حول الزيارة المقترحة وكيفية التعامل مع الانتقادات السياسية التي قد توجهها موسكو.

الملاحظات التي أرسلت إلى مكتب رئيس الوزراء من وزارة الخارجية تتناول الاتفاق الذي وقع عام 1971 بين الاتحاد السوفياتي من جانب والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جاب آخر. وتقول الملاحظات إن الأوضاع تحسنت في برلين، «لكن هناك بعض الاحتكاكات بين الاتحاد السوفياتي والقوى الغربية حول تفسيرات الاتفاق الرباعي حول المدينة الذي يتناول نوع العلاقة بين الجانبين الغربي والشرقي للمدينة وألمانيا الاتحادية. الاتحاد السوفياتي يصر على ألا تشكل هذه جزءا من ألمانيا الاتحادية وألا تحكم من قبلها.. زيارة رئيسة الوزراء لبرلين ستدعم وجهة نظر ألمانية الاتحادية التي تصر على علاقة خاصة مع المدينة، وهذا ما سيثير تحفظات موسكو».

وبعد الغزو السوفياتي لأفغانستان، تعقدت الأمور بين المعسكرين الشرقي والغربي، وتدهورت العلاقات بينهما، إلا أن الوثيقة التي تتناول الزيارة تقول إن الوضع الاستثنائي الذي يخص برلين بقي كما هو، «وحاول السوفيات إبعاد برلين عن التدهور في علاقاتها مع الغرب وتجنب تكرار الوضع القائم بين المعسكرين كما حدث في بولندا».

تقول ملاحظات وزارة الخارجية البريطانية، إن أي «تغيير في الحكومة ببون سيقود إلى علاقات أقوى بين ألمانية الاتحادية وبرلين، وفي نهاية المطاف إلى توحيد ألمانيا». وربما هذا مما لا تفضله ثاتشر، لكنه غير معلن، كما أظهرت تقارير إعلامية سابقا أن ثاتشر كانت ترى في الوحدة الألمانية بروز دولة في أوروبا قادرة على أن تفرض نفسها وتنافس لندن وتعيد إلى الساحة السياسية القوة الألمانية. وصول هيلمت كول إلى سدة الحكم في ألمانيا (1982 - 1988) عزز من هذا الاتجاه وربما أغضب ثاتشر (رغم أن كول هو زعيم «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، أي حزب المحافظين الألماني الذي من المفترض أن يكون حليف ثاتشر المحافظة).

* رسالة من ثاتشر إلى المستشار كول

* وقبل القمة المقترحة بين ثاتشر وكول، زار جون غامر، رئيس (ليس الزعيم) حزب المحافظين، بون وسلم رسالة من ثاتشر إلى المستشار الألماني. وزارة الخارجية كانت ضد إرسال غامر للقاء كول، لأنها كانت تعتقد أنه ليس بالشخص المناسب للتحضير للزيارة. «بالتأكيد، جون غامر ليس الشخص المناسب لهذه المهمة (من دون أن توضح الأسباب). كل ما بوسعه عمله هو أن يحمل تمنيات رئيسة الوزراء للمستشار كول في هذه المناسبة».

وتقول الرسالة التي كان يحملها غامر، بعد مقدمة تشكر فيها المستشار الألماني على استقباله الوفد البريطاني، «هناك مجال واسع لحزبينا («المحافظين» في بريطانيا، و«الحزب الديمقراطي المسيحي» في ألمانيا) للعمل معا على الساحة الدولية وفي البرلمان الأوروبي.

أشعر بارتياح، وأنا متأكد أنك تشاطرني الشعور، تجاه نجاح المناورات العسكرية المشتركة. كانت فعلا مثيرة للإعجاب، ومن خلالها بعثنا برسالة واضحة إلى الروس حول عزم وثبات وصمود حلفنا (حلف شمال الأطلسي). التغطية الصحافية والتلفزيونية في بلدينا كانت جيدة، وعكست العلاقة بين قواتنا التي اشتركت في المناورات وأبناء بلدك (تقصد وجود القوات البريطانية في معسكرات قريبا من مدن ألمانية).

ستكون لنا فرصة الأسبوع المقبل لأن نحل نهائيا جميع المشاكل العالقة بخصوص ميزانية السوق الأوروبية المشتركة... وهذا يرجع إلى رؤيتكم وقيادتكم.. أتطلع إلى اللقاء بكم قريبا لأسمع منكم تقييمكم للعلاقات بين الغرب والشرق (دول حلف وارسو)».

الرسالة موقعة بشكل رسمي، كما بدأتها بمخاطبته رسميا بـ«عزيزي المستشار». ولم تحمل الجوانب الشخصية غير الرسمية التي حملتها رسالتها التي بعثت بها إلى الرئيس الأميركي رونالد ريغان ونشرتها «الشرق الأوسط» أمس.

السفير البريطاني مايكل ألكسندر كتب بعض النقاط بعد لقاء ثاتشر المستشار الألماني. ويقول السفير الذي حضر الاجتماع، إن ثاتشر طلبت منه تجنب كتابة أي ملاحظات عن المحادثات أو تدوين محضر الجلسة رسميا، لكنها طلبت منه بعد اللقاء أن يذكر نقطة أو نقطتين من اللقاء. منها:

* العلاقات مع الدول الغربية والمعسكر الشرقي

* يد موسكو تفتقد القوة والاتزان قال المستشار كول إن الإضرابات الأخيرة التي اجتاحت ألمانيا كانت مؤذية للاقتصاد الألماني، مضيفا أن «هذه الحالة ستنتهي مع تسليم سلطة النقابات على المستوى الوطني إلى العمال محليا وعلى مستوى أماكن العمل والمصانع، لأن المتطرفين في حركة عمال النقابات العمالية تجدهم أكثر على المستوى الوطني وليس المحلي». واعترف المستشار بأن «قبول النقابات بهذا الاقتراح كان خطأ تاريخيا ستندم عليه النقابات، لأنه سيقوض من قوتها، وهذا شيء جيد».

وتكلم المستشار مطولا وعبر عن انشغاله الدائم بالعلاقات بين الدول الغربية والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي، خصوصا فيما يخص العلاقات الألمانية - الألمانية (الشرقية والغربية). وقال إن الوضع يتطور في أوروبا الشرقية لصالح الموقف الغربي، مضيفا أنه متأكد أن الأمور ستستمر على هذا المنوال إذا توخت الدول الغربية الحذر في التعامل مع هذه الدول، مضيفا أن «التطور التكنولوجي المتسارع والطموح إلى العيش في مجتمعات حرة أصبح أكثر تأثيرا من العوامل الاقتصادية.. في الوقت الحاضر، يد موسكو تفتقد القوة والاتزان. نعرف أن حالة قسطنطين تشيرنينكو تدهورت أكثر، وأن القيادة الحالية قد لا تدوم أكثر من أربع سنوات، وأن دول أوروبا الشرقية بدأت تبتعد أكثر عن موسكو».

وقالت رئيسة الوزراء إنها قلقة من تسارع سقوط دول أوروبا الشرقية، الذي قد يؤدي إلى حرب عالمية. ورد المستشار قائلا إن الإمكانية واردة، لكنه استبعد حصول تغيير راديكالي خلال حياته السياسية. كما اتفقت رئيسة الوزراء مع المستشار على أن البيانات التي تطلقها واشنطن بين الحين والآخر حول المعسكر الشرقي لا تساعد الوضع، وإنما تعقده وتثير غضب موسكو.

* التوتر بسبب الخلاف بين النظامين

* أولا، المراسلات بين مكتب رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر ووزارة الخارجية البريطانية تتناول جزءا من هذا التوتر، إذ تبين أولا أن سببه هو الاختلاف بين النظامين. يقول السكرتير الشخصي لثاتشر في رسالته إلى وزارة الخارجية في سبتمبر (أيلول) 1984 التي جاءت على خلفية القمة المقترحة في أكتوبر 1984: «شكرا على تشخيصك المشاكل على أعلى المستويات في العلاقات الألمانية - البريطانية»، مضيفا أن «الدائرة المحيطة بالمستشار الألماني كول تفتقد معرفة أساسية حول القنوات التي من خلالها تحصل رئيسة الوزراء على الاستشارات اللازمة». وتقترح الرسالة أن يقوم بعض الشخصيات العاملة في مكاتب السكرتارية الخاصة بالوزارات بشرح الاختلاف في النظامين للطاقم المحيط بالمستشار الألماني قبل القمة مع رئيسة الوزراء. «جزء من المشكلة يكمن في الاختلافات بين نظامين معمول بهما في ألمانيا وبريطانيا، وبالتحديد الفرق بين السكرتير الخاص والمستشار الخاص في النظام المعمول به لدينا، وهذا ما يفتقده النظام الألماني.. علينا أن نشرح للدائرة المحيطة بكول كيف تجري الأمور في (داوننغ ستريت) حتى لا يكون هناك أي سوء فهم خلال الاتصالات بين رئيس الوزراء والمستشار الألماني ولقاء القمة المقترح.. طاقم كول يتكون من تعيينات سياسية يقوم جميع أفراده بأدوار سياسية». النظام البريطاني قائم على طاقم من الرسميين في المكتب الشخصي لرئاسة الوزراء وتعيينات في الوحدات تحدد السياسة العامة للحكومة.. إن أي اتصالات بين المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء والمستشارين لكول يحتاج إلى تقييم خاص.. مستشارو رئيسة الوزراء القريبون جدا منها هم وزراؤها وبعض الرسميين في المناصب العليا بالدولة، أما محاولة إيجاد قنوات للاتصالات بين مكاتب السكرتارية الخاصة في جهاز الدولة من دون الرجوع إلى القنوات الرسمية التي تحدد سياسات الحكومة في جهاز الدولة ستخلق الكثير من المتاعب والإرباك».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,057,227

عدد الزوار: 6,750,436

المتواجدون الآن: 104