السجال حول الزمن هو سجال حول الحياة والموت

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 حزيران 2010 - 7:07 ص    عدد الزيارات 738    التعليقات 0

        

أري شافيت

دوي صافرات الإنذار الذي سمع أمس في أرجاء البلاد لم يكن حقيقيا. فالصواريخ لم تسقط في غوش دان. ولم تتهار الابراج في وسط تل أبيب. ولم يصب معسكر الكرياه ( مقر وزارة الدفاع)، ولم تُشل قواعد سلاح الجو. ولم تتوقف أي محطة توليد طاقة. لم يملأ الجموع الذين يطلبون ملاذا المواقف تحت الأرض. ولم يسد مئات آلاف الهاربين من المدن الشوارع. ولم يجتمع في مطار بن غوريون إسرائيليون مذعورون هاربون من بلدهم.
لكن لا يحق لأحد أن يوهم نفسه: فوضع الأمن القومي ليس جيدا. فالانسحاب الأحادي الجانب من لبنان جعل إسرائيل تتعرض لتهديد استراتيجي من الشمال. والانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة جعل إسرائيل تتعرض لتهديد بالصواريخ من الجنوب أيضا. إن حرب- اولمرت في لبنان زادت في قوة حزب الله بشكل لم يسبق لها مثيل. وحرب- اولمرت في غزة جعلت شرعية إسرائيل تتآكل بشكل خطير. ونتيجة هذه الاحداث الأربعة المُبلورة وفي أعقاب تطور السلاح المنحني المسار أصبحت إسرائيل في 2010 أكثر تعرضا للتهديد مما كانت عليه إسرائيل في 2000. فقدرتها على استخدام قوة سحاقة ضد من يهددها قُيدت جدا. الهدوء هو هدوء مضعضع. والجليد دقيق. لا نعلم متى سينكسر وأين.
الأمر الذي لا يقل خطورة عن تهديد الصواريخ هو تهديد الاحتلال. فيوما بعد يوم يتوسع المستوطنون. ويوما بعد يوما تزداد الوقائع في الضفة الغربية تعقيدا. الفلسطينيون يتراجعون شيئا فشيئا عن حل الدولتين. والواقع يفرض مصاعب متزايدة أمام تحقيق حل الدولتين. والمجتمع الدولي يبدي نفاذ صبر آخذ في التراجع نحو واحدة من الدولتين. وبسبب الاحتلال الوضع السكاني لدولة اليهود لا يطاق، ووضعيتها الاخلاقية متردية جدا. وبسبب الاحتلال يزداد التهديد السياسي. إن الزمن يعمل ضد مصلحة دولة إسرائيل.
ليس هذا ما يعتقده اليمين. فاليمين لا يزال يروي أنه باستثناء قضية واحدة او اثنتين، كل شيء على ما يرام. فها هو بنيامين نتنياهو نجح في صد براك اوباما لمدة زمنية ما. وتم قبول إسرائيل في منظمة التعاون والتنمية، والاقتصاد ينمو، والصيف على الأبواب والحياة جميلة. وكما أنقذتنا الهجرة الروسية في التسعينيات، وأنقذنا الهايتك في سنوات الألفين، ستغنينا في السنين القادمة مستودعات الغاز التي تُكتشف الان على شواطىء إسرائيل. ستبرهن الحيوية الإسرائيلية عن نفسها مرة أخرى، وسيتبين مجددا اننا نعرف كيف نحيا جيدا في وضع غير ممكن ايضا. المتشائمون ينبحون لكن القافلة تسير. وأنبياء الغضب يغضبون، لكن الحياة ستتغلب. لا يوجد ما يُخاف منه وليس ثمة ما يستدعي العمل بسرعة. اذا لم نتنازل فسينكسر محمود عباس. واذا لم نبد نتراجع فسيختفي أوباما. لا تقلقوا أيها الرفاق، يعد اليمين، فالزمن يعمل في مصلحة دولة إسرائيل.
السجال الحقيقي هو السجال بشأن الزمن. فاليمين يعتقد بأن الزمن يخدم إسرائيل لانه يتيح لها اقرار حقائق على الأرض. وهو يعتقد بأن إسرائيل اقيمت كحقيقة على الأرض، وأنها ستنتصر لأنها كذلك. هذا غير صحيح. فقد قامت إسرائيل لأن مؤسسيها فرضوا حقائق على الأرض بيدهم الأولى، وحصلوا على اعتراف سياسي بتلك الحقائق باليد الاخرى. قامت إسرائيل لان مؤسسيها أدركوا متى يعمل الزمن في مصلحة الصهيونية ومتى يعمل ضدها.
لكن حكمة الزمن ضاعت في العقود الاخيرة. وكذلك ضاعت حكمة التوازن. نشأ وهم مفاده ان القوة العسكرية والازدهار الاقتصادي يكفيان لضمان مستقبلنا. نشأ تنافر خطر بين الواقع المرئي وذلك الخفي. إن الهدوء النسبي خاصة الذي منحنا إياه الجيش الإسرائيلي، والشاباك والهايتك، أصبح هدوءا ساما. فهو أتاح لنا الاحتفال بحياتنا من دون أن نرى ظروف حياتنا، وأتاح لنا تجاهل التهديدات المطبقة علينا.
السجال بخصوص الزمن هو سجال حول الحياة والموت. فعشية حرب يوم الغفران اعتقد اليمين انه يوجد وقت. وعشية الانتفاضة اعتقد اليمين انه يوجد وقت. واليوم أيضا، فيما تهديد الصواريخ وتهديد الاحتلال محسوسان وفوريان، يعتقد اليمين أنه يوجد وقت. لكن الحقيقة أنه لا يوجد وقت. فاذا لم نعمل في الوقت المناسب ضد الزمن، سيضربنا الزمن. صافرة الانذار التي لا تُسمع هي صافرة الحقيقة.

("هآرتس" - 27/5/2010)
ترجمة: عباس اسماعيل

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك..

 الأحد 17 آذار 2024 - 5:24 ص

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك.. حملات خارجية «موجّهة» بتهمة إطالة أمد الحص… تتمة »

عدد الزيارات: 150,161,813

عدد الزوار: 6,679,840

المتواجدون الآن: 113