ثمة أزمة أعمق وراء الدماء التي طفت على المياه

تاريخ الإضافة السبت 5 حزيران 2010 - 7:20 ص    عدد الزيارات 762    التعليقات 0

        

معهد بروكينز
 

 

 
بقلم شبلي تلحمي:

كان لعملية اراقة الدماء التي شهدتها مياه البحر الابيض المتوسط في الاسبوع الماضي عواقب فورية ملموسة تمثلت في موت اشخاص ابرياء، وغضب دولي واسع النطاق من اسرائيل ونشوب ازمة خطيرة في العلاقات التركية – الاسرائيلية.
بيد ان هذه المأساة تثير ايضا تحديات مهمة امام الدبلوماسية الامريكية وأسئلة لا يمكن تجاهلها.
فعلى الرغم من ان الهجوم الاسرائيلي لم يستهدف طرفا عربيا ما على نحو مباشر بل «اسطول الحرية الصغير» الذي كان يرفع الاعلام التركية ويحمل نشطاء من بلدان عدة منها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي، الا ان انعكاساته كانت قوية على الرأي العام العربي والحكومات العربية. وتكفي الاشارة هنا الى شعور العرب والحكومات العربية بالخزي والعار مما وصفته وسائل الاعلام بـ«مذبحة الحرية». وهذا صحيح الى حد كبير فمن المؤكد ان الحكام العرب لا يشعرون بالسرور عندما يرون المتظاهرين العرب من لبنان وحتى اليمن وهم يرفعون الاعلام التركية ويهتفون باسم رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان. كما لا يشعر هؤلاء الحكام بالراحة عندما يسمعون وسائل الاعلام الاقليمية وهي تتحدث كيف يجازف المدنيون غير العرب بأرواحهم من اجل قضية فلسطين؟، وكيف ان بلداناً نائية مثل نيكاراغوا تعلق علاقاتها مع اسرائيل تماما مثلما فعلت فنزويلا في اعقاب الحرب على غزة في 2008. ولاشك ان مثل هذا الوضع يخلق وضعا صعبا تصبح فيه جهود السلام بمثابة هروب من مسؤولية تلبية حاجات الغزاويين الضاغطة مما يعقد اكثر تعاون العرب مع دبلوماسية السلام الامريكية.
وما قرار البرلمان الكويتي برفع توصية تقضي بالانسحاب من مبادرة السلام العربية بالاضافة لقرار مصر فتح معبر رفح بين غزة ومصر الا مؤشران اوليان يؤكدان حساسية مواقف الحكومات العربية حيال الغضب الشعبي العارم.
يحدث هذا في وقت اصبحت فيه القيادة الفلسطينية معتمدة تماما على الدعم العربي لتبرير تحركاتها الدبلوماسية، حيث سعت الى المحادثات وتلقت موافقة الجامعة العربية قبل ان تبدأ «محادثات التقارب» مع اسرائيل بوساطة امريكية.
ثانيا: اذا كان هناك حاجة لدليل آخر على ان غياب السلام الفلسطيني – الاسرائيلي يشكل تهديدا للمصالح الامريكية فلاشك ان الازمة الاخيرة هي دليل واضح على ذلك.
لقد كان رد الفعل الامريكي على الهجوم الاسرائيلي خافتا اكثر من أي وقت مضى على المستوى الدولي، ولوحظ هذا ليس في العالم العربي واوروبا فقط بل وفي تركيا على نحو خاص. سبب رد الفعل الخافت هذا شعور امريكا انها مضطرة للدفاع عن اسرائيل التي تواجه عزلة دولية في وقت تشعر فيه (أمريكا) بالقلق ايضا من عواقب ما حدث على جهودها الدبلوماسية التي تستهدف حل الصراع. وكان من نتيجة ذلك ان بدأت استراتيجيتها العالمية، التي تركز فيها على تأمين الاجماع ومراعاة المعايير الدولية، تواجه العقبات والتحديات، وينطبق هذا بالطبع على جهودها في السعي للحصول على التأييد الدولي للسياسات الامريكية فيما يتعلق بفرض عقوبات على ايران.
ثالثا: لقد ارتبط رد الفعل الدولي القوي بظروف المواجهة في المقام الاول، وتمثل ذلك بقيام جيش مدرب جيدا باستخدام القوة ضد اسطول صغير من الناشطين الدوليين في المياه الدولية.
غير ان عمق رد الفعل لا يمكن فصله عن اطار المشكلة الأساسية التي هي حصار غزة الذي يعارضه المجتمع الدولي على نطاق واسع باعتباره عملا غير انساني.
صحيح ان اخبار غزة لم تعد تحتل صدر الصحف في الولايات المتحدة منذ انتهاء حرب غزة في يناير 2009، الا ان هذه القضية تبقى مركزية ليس فقط في البلدان العربية والاسلامية بل وايضا في كل مكان.
لذا، من الصعب معرفة كيف يمكن معالجة مسألة الهجوم على «اسطول الحرية» الصغير دون معالجة قضية الحصار نفسها.
رابعا: ان الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، بمعنى ان نشوب ازمات اخرى غير متوقعة هو امر لابد منه مما قد يؤدي لخلط الاوراق السياسية وتقويض الجهود الدبلوماسية التي استغرقت اشهرا من العمل الحثيث والشاق.
ولما كانت ازمة الاسبوع الماضي ليست الاخيرة او الاكثر تحديا، تبرز الحاجة الملحة لتحقيق النتائج الدبلوماسية المرجوة.
أخيرا: ثمة اعتقاد واسع بأنه من غير الممكن التوصل للسلام من خلال الدبلوماسية في الشرق الاوسط. ومن المؤكد ان كل ازمة جديدة سوف تعزز مثل هذا الاعتقاد.
لذا، عندما تكون هناك قضية مهمة للمصلحة الوطنية الامريكية يُصبح انتظار الفرصة المؤاتية للتحرك استراتيجية غير عملية لسبب بسيط هو ان مثل هذه الفرصة قد لا تأتي ابدا.

تعريب نبيل زلف

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك..

 الأحد 17 آذار 2024 - 5:24 ص

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك.. حملات خارجية «موجّهة» بتهمة إطالة أمد الحص… تتمة »

عدد الزيارات: 150,148,989

عدد الزوار: 6,678,200

المتواجدون الآن: 89