الانتخابات المصرية: الديموغرافيا ضد النظام

تاريخ الإضافة الخميس 28 تشرين الأول 2010 - 7:17 ص    عدد الزيارات 748    التعليقات 0

        

الانتخابات المصرية: الديموغرافيا ضد النظام


بقلم  تسفي برئيل

هل كان في استطاعة حسني مبارك الذي بدأ هذا الشهر سنته الثلاثين في الرئاسة المصرية، أن يتخيل أنه سيضطر الى خوض الصراعات السياسية الداخلية عبر الكومبيوتر والإنترنت؟ وهل تخيل أن أخصامه سيكونون أصحاب مدونات الكترونية ومن المشتركين في الفايسبوك؟ وهل تخيل للحظة واحدة أنه سيضطر الى التخلي عن احتكاره للخطاب العام امام شبان تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً يستطيعون بنقرات بسيطة إرسال الملايين من الرسائل الى الناخبين المفترضين؟
لقد بدأت حدود الجبهة الجديدة في الظهور منذ أيام المعركة الإنتخابية السابقة في مصر عام 2005. فقد بدأت حركة "كفاية" التي تأسست رسمياً قبل عام من ذلك باستخدام موقع أقامته على الإنترنت، ومن بعدها برزت عشرات الحركات التي تطالب بتغيير النظام. وبعيد إقامة حركة "كفاية" موقعها، أقام الأخوان المسلمون موقعاً لهم وبدأوا بارسال الرسائل عبر شبكة الإنترنت. وفور ذلك مباشرة بدأت في الظهور سلسلة طويلة من المدونات جرى من خلالها حوار كثيف، ونجحت في إخراج المتظاهرين الى الشوارع، وسمحت بإعلان الإضرابات وخلقت نقاشاً عاماً، في الوقت الذي كان فيه النظام غائباً تقريباً عنها.
قبل خمسة أعوام كان نشاط الإنترنت في مصر محدوداً للغاية. وتُظهر الأرقام التي نشرها موقع   Internet World Stats الذي يتابع انتشار استخدام الإنترنت في العالم، أنه في نهاية عام 2000 كان في مصر 450 مستخدماً فقط. اما هذا العام فقد وصل عدد المستخدمين الى 18 مليونا، مما يشكل 22 في المئة من عدد السكان، وهذا يشكل جزءاً من عدد الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 سنة والذين من المنتظر أن يشكلوا الفئة التي ستحسم مصير الإنتخابات المقبلة.
وقد سارع محمد البرادعي في الانضمام الى هذا الجمهور. وعلى الرغم من عدم إعلانه حتى الآن عن ترشحه للرئاسة، فإنه لم يتوقف عن رفع شعار "الشباب هم الطريق الى التغيير". ولقد أنشأ المؤيدون له موقعاً على الفايسبوك، ونشروا فيه مطالبهم بشأن تغيير الدستور، ونجحوا في الحصول على تأييد 120 الفاً. غير أن المؤيدين لجمال مبارك، إبن الرئيس، والذي لا يزال الأكثر حظاً في الفوز بالرئاسة، أقاموا هم أيضاً مجموعة فايسبوك هاجموا فيها البرادعي ونشروا صور ابنته ليلى في ثياب البحر.
إن الحملة الإنتخابية التي بدأت في وقت مبكر، مرتبطة بالإنتخابات للبرلمان التي ستجري في 28 تشرين الثاني. والتقدير أن الإنتخابات البرلمانية ستكون اختباراً للإنتخابات الرئاسية. فإذا نجحت المعارضة في إدخال عدد كبير من أنصارها الى البرلمان، ربما سيؤدي ذلك الى خروج الجمهور المصري من حالة اللامبالاة تجاه الإنتخابات للرئاسة.
ولكن على الرغم منذ ذلك يبدو أن النظام في مصر لا يقدّر بصورة صحيحة ماهية التغيير الديموغرافي الحاصل. فمن وجهة نظره الخطر الحقيقي ليس الشباب، وإنما الأخوان المسلمون. حتى الفترة الأخيرة كانت الحركة الإسلامية وحركات معارضة أخرى تتردد بين المشاركة في الإنتخابات ومقاطعتها. في النهاية قرر الأخوان المسلمون خوض الإنتخابات وألفوا لائحة تضم 160 مرشحاً. وعلى الرغم من أن القانون يمنع تحول حركة الإخوان المسلمين حزباً سياسياً، فإن مرشحي الحركة يخوضون الإنتخابات كمستقلين، لكن الجمهور يعتبرهم من الإخوان المسلمين. وكما استطاع مرشحو الأخوان في الإنتخابات الماضية الدخول الى البرلمان، يستطيعون هذه المرة أيضاً أن يشكلوا كتلة ذات تأثير.
لقد نجح الاخوان المسلمون في زعزعة النظام السياسي خلال انتخابات 2005، فقد حصلوا على 88 مقعداً من أصل 454. ويتوقع زعماء الحركة مضاعفة هذا العدد في البرلمان. وحتى لو حدث ذلك، فإن عدد مرشحي الأخوان الذين قد يدخلون البرلمان لا يدل على نيتهم في السيطرة على البرلمان، وعلى عكس حزب السلطة فهم يرغبون في إظهار قوتهم من دون أن يشكلوا تهديداً، وإلا  لقام الاخوان بتشكل لائحة من 300 مرشح. لكن النظام لا يصدق مساعي الاخوان في إظهار الإعتدال، وما زال يعتبر أنهم يشكلون التهديد السياسي الأساسي، ويقوم بمحاربتهم سواء بأساليب غير معلنة مثل اعتقال أكثر من 200 من أنصار الاخوان المسلمين، أو عبر الوسائل الإلكترونية. ويستخدم النظام نفوذه من أجل ضرب الاخوان المسلمين وسائر حركات المعارضة، ومن أجل إرسال الرسائل و جمع المؤيدين.
في البداية قام النظام بإغلاق أربع محطات تلفزيونية فضائية دينية، وأعلن أن هذه المحطات لا تستطيع استخدام خدمة القمر الصناعي "نايل-سات" اذا لم تلتزم بالشروط المطلوبة. ثم قام بعد ذلك بإغلاق ثماني محطات، وشملت شروط اعادة تشغيل هذه المحطات وقف التهجم على المسيحيين والشيعة، وتقليص بث البرامج الدينية الى نحو 50 في المئة من ساعات البث، وحظر بث كل ما من شأنه المس بالنظام أو "إثارة الحرب الأهلية". كما طُلب من هذه المحطات تخصيص وقت لبث الأفلام  والموسيقى. وبهذه الطريقة يتطلع النظام الى تقليص قوة المحطات الدينية التي تتمتع بشعبية كبيرة في الشارع المصري، ومن شأنها أن تؤثر على الجمهور قبيل الإنتخابات. ويأمل النظام أن يلحق الضرر بشرعية هذه المحطات.
لكن النظام لم يتوجه فقط ضد المحطات الدينية، التي يستخدمها الاخوان المسلمون سلاحاً لهم، وإنما الى وسائل إعلام رسمية طالباً منها الحصول على موافقة مسبقة قبل نشر رسائل بواسطة "الأس أم أس". وبهذه الطريقة يعتقد النظام أن بإمكانه مواجهة حرية التعبير و شبكة جمع التأييد التي يمكن المعارضة استخدامها. لكن هذه القيود التي جعلت من مصر مركزاً للإنتقادات الدولية، لم تستطع منع نشاط الفايسبوك،
أو وقف المدونات الإلكترونية، ونشر الرسائل عبر المواقع الخاصة.
ويبدو أن الحرب التي يخوضها النظام لا أمل منها، وهو يحاول عبرها الدفاع عن الأسوار التي أقامها حول البرلمان والرئاسة على الرغم من كل التصدعات التي لحقت بهذه الأسوار. ولكن عندما تصبح الديموغرافيا ضد مصلحة النظام، وعندما تتغير "وسائل القتال"، ربما سيضطر مبارك نفسه – مثلما فعل شمعون بيريس- الى انشاء مجموعة خاصة له على الفايسبوك.  


("هآرتس" ترجمة رندة حيدر عن العبرية)

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,719,898

عدد الزوار: 6,910,217

المتواجدون الآن: 117