ماذا قلتُ لكوشنر حول خطته للسلام في الشرق الأوسط...

تاريخ الإضافة السبت 15 شباط 2020 - 7:04 ص    عدد الزيارات 1225    التعليقات 0

        

ماذا قلتُ لكوشنر حول خطته للسلام في الشرق الأوسط...

آرون ديفيد ميلر..

مركز كارنيغي...ملخّص: فيما كان جاريد كوشنر يجري أبحاثاً حول خطته للسلام في الشرق الأوسط، استشار أحد الزملاء البارزين في مؤسسة كارنيغي، إضافة إلى باحثين آخرين...

لاحظ جاريد كوشنر في مقابلة مع كريستيان أمانبور، مباشرة بعد الإفصاح عن خطة الرئيس دونالد ترامب التي طال توقّعها للسلام من أجل الازدهار، أن بعض الانتقادات لجهوده جاءت من وسطاء سابقين كانوا قد حاولوا وفشلوا في حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

وبما أني عملت على هذه المشكلة المديدة والطويلة خلال شطر وازن من عقدين من الزمن في كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، وأيضاً بما أني أوضحت على نحو متواصل ما اعتبرته خطة سلام ليست جاهزة لتكون ناجعة، فليس ثمة شك أني كنتُ من بين أولئك الذين قصدهم كوشنر. مع ذلك، يستأهل هذا الأخير تقديراً، لأنه ومنذ تسنّمه دوره كمبعوث سلام لحميه كان بكرم واحترام يطلب رأيي، إضافة إلى آراء آخرين.

في ما يلي الدروس الأربعة الأهم التي نقلتها إليه. وحقيقة أن كوشنر لم يأخذ بنصيحتي لم يكن أمراً مفاجئاً لي. إذ بعد كل شيء، كنتُ أنا صانع سلام فاشلاً، وهو أوضح بجلاء في أول لقاء لنا أنه مُصمّم على المضي قدماً بطريقة مغايرة تماما. له الحق في ذلك: فقد حُزْنا نحن على الفرصة في عهود الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين السابقين، والآن جاء دوره.

لكني أظن أن رسالتي الرئيسة له لمّا تصل. فملاحظاتي تشكّلت بفعل دراسة مناحي الفشل، وأنا طرحت هذه الملاحظات بالتحديد لتجنّب تكرار هذا الفشل. أنا غير معجب بالرئيس الحالي، لكني أبلغت كوشنر أنه إذا مانجح، سأكون أول من يبادر إلى سفح زجاجة شامبانيا. أما إذا فشل في طرح شيء ذي صدقية، يستطيع الاعتماد عليّ لأقول له كلا.

ماذا قلت له؟

أولاً، هذه مهمة مستحيلة

في لقائي الأول معه، قلت بطريقة فيها نصف مزاح أني كنت أتمنى لو كان لحميي أنا ثقة بي بالقدر الذي يمحضه حموه مثل هذه الثقة، خاصة وأنه سُلّم مهمة مستحيلة. فحين نضع في الاعتبار الفجوات بين الطرفين حيال كل القضايا الأساسية، خاصة القدس وحدودها، وعمق عدم الثقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسياسات الشقاقية لكلا الجانبين، نرى أن فرص نجاح أي خطة كبيرة ستكون ضئيلة أو معدومة.

قال لي كوشنر إن حماه يريد خطة سلام كبيرة. أجبت: حسناً، لكن كن حذراً: إذا ما كان ترامب يستهين بالمشاكل ويميل بشكل فج إلى طرف دون الآخر، سينتهي الأمر إلى ما هو أسوأ.

ثانياً، لاتتجاهل الماضي

اقتبست قولاً لفولكر في كتابه Requiem for a Nun (قداس لراهبة): "الماضي لا يموت أبداً. إنه ليس حتى ماضٍ"، ثم أوضحت أن هذا ينطبق بشكل جارف على النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وإذا ما كان هناك مشكلة يكون فيها الماضي هو المقدمة الاستهلالية، فهي النزاع بعينه. لذا، وبدلاً من الإهمال الاعتباطي لما حدث من قبل، خاصة مايتعلق بمواقف كلا الطرفين السابقة، نصحته بدراسة هذا الأمر سعياً لبلورة نوع مختلف من المستقبل يحترم في الوقت نفسه دروس الماضي. لم يكن عليه بالضرورة أن يعلق بين جدران الماضي، لكن ليس في وسعه تجاهله. قلت له إنه إذا لم يكن المرء يعلم أين كان، ستكون فرص معرفة إلى أين يسير ضئيلة للغاية. الماضي لا يجب أن يكون سجنا، لكن ليس في وسعك البدء من الصفر أو الادعاء بأن هذا الماضي ليس موجودا. لقد بدا لي وقتها أن كوشنر مُصمّم على فعل هذا بالتحديد، وأن يفعل ذلك في خطة السلام بطريقته الخاصة كما في أغنية فرانك سيناترا الشهيرة "أفعلها على طريقتي" (My Way) (وهو ما بات يُسمى في علم السياسة "عقيدة سيناترا"- المترجم).

ثالثاً، لا تكن محامي إسرائيل

قلت له إني جلبت هذا التعبير أعلاه من مذكرات هنري كيسنجر الذي وجهه إلى وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر. وهذا الأخير أحبّ هذا التعبير وطبّق كلمته بحذافيرها حين حضر مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991. هذا لم يعنِ أن الولايات المتحدة ليست أقرب حليف لإسرائيل، لا بل أقام بيكر في الواقع علاقة جيدة للغاية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق شامير، على الرغم من التوترات.

أوضحت أن زبون كوشنر ليس إسرائيل، ولا الفلسطينيين، بل الاتفاقية. عليك أن تشايع كلا الطرفين وإلا لن تصيب النجاح. قال كوشنر إنه سيتحرّك بطريقة تجعل من المستحيل على نتنياهو أن يقول لا لترامب، من خلال التوضيح بلا لبس أن الولايات المتحدة تحمي ظهر إسرائيل. أجبت: هذا جيد، لكن إذا ما كان كل شيء عسلاً لإسرائيل وكل شيء خلّاً للفلسطينيين، فإن فرصة نجاح الخطة ستكون صفراً.

ما النجاح؟

أخيراً، سألني كوشنر: كيف أحكم على حدوث النجاح؟ قلت إني سأشعر بالإعجاب إذا ما قال الإسرائيليون والفلسطينيون والعرب والأوروبيون (وفي الواقع كل المجتمع الدولي) في اليوم الذي يلي الإعلان عن الخطة:" أتعرفون، هناك أشياء هنا لا نحبّها، لكن يجب أن نعطي فضلاً لترامب لأنه ناضل جيداً وبصدق لحل قضايا النزاع وأنتج إطاراً للمفاوضات يمكن أن تنجم عنه اتفاقية". إذا ما كان هذا هو رد الفعل، يكون ترامب قد حقّق نصراً مبيناً. لكن في المقابل، آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة الآن هو فشل آخر لخطة السلام.

أمر محزن أن هذا ما بين أيدينا الآن. وسيكون هناك ما هو أسوأ من الفشل، إذا ما أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لقيام إسرائيل بضم غور الأردن أو الغالبية العظمى من مستوطنات الضفة الغربية. لكن، وحتى لو لم تقم حكومة نتنياهو الراهنة بذلك، فإن بنود الخطة تميل بشكل خارق لصالح حاجات ومتطلبات إسرائيل وضد مصالح الفلسطينيين في مجالي الدولة والقدس، ما يمنع ببساطة هذه الخطة من أن تشكّل أساساً لمفاوضات جدّية، ناهيك عن التوصّل إلى اتفاقية.

لكن، من الممكن للغاية، وربما حتى من المحتمل، أنه في مرحلة ما، وبعد أن أُعطي كوشنر مسؤولية حل مشكلة عَرف أنه ليس في وسعه حلّها، قد تتحوّل حساباته إلى مقاييس أخرى للنجاح. كيف؟

أولاً، عبر تعزيز بقاء نتنياهو السياسي كي يكون موجوداً في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ليُستخدم في مجال دعم حملة إعادة انتخاب ترامب، وبالطبع لنيل حظوة قاعدة هذا الأخير المسيحية الإنجيلية والمحافظة.

وثانياً، طرح رؤية، بدلاً من خطة عملانية، تُعيد تأطير السياسة الأميركية إزاء حل دولتين يقتفي عن كثب للغاية الآراء المؤيّدة بقوة لإسرائيل، ويعانق عواطف مهندسي الخطة. صحيحٌ أنه لايمكن إنحاء اللائمة على إدارة ترامب للفشل في إنتاج حل الدولتين، إذ حتى الآن لم تنجح أي إدارة في ذلك.

لكن خطوات ترامب قد تساعد كثيراً على دفن أي احتمال لتحقيق هذا الحل في عهده.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,762,658

عدد الزوار: 6,913,626

المتواجدون الآن: 93