الإستراتيجية الإسرائيلية إزاء حصول إيران على سلاح نووي

تاريخ الإضافة الخميس 9 شباط 2012 - 6:49 ص    عدد الزيارات 1061    التعليقات 0

        

 

صحافة اسرائيلية
الإستراتيجية الإسرائيلية إزاء حصول إيران على سلاح نووي
تصريحات رئيس الموساد السابق، اللواء (في الاحتياط) مئير دغان، ضد عملية عسكرية إسرائيلية في إيران، والأخبار التي تفيد بأن رئيس الحكومة ووزير الدفاع قرّرا مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، جرّت وراءها جدلاً عاماً وسلسلة من التصريحات تخللها توجيه انتقاد لمسؤولين رفيعين أبدوا آراءهم بشأن هذه القضية.
النقاش الذي نشب إثر التصريحات وُصف بأنه غير مسؤول وأنه يمسُّ بأمن الدولة، وقد عارضت قلة هذا الموقف. وفي السياق، بدأت حملة مضادة من تقارير خلفية، تسريبات إعلامية ومقابلات حول إمكانية شنّ هجمة إسرائيلية على إيران. ما ساهم في ذلك أيضاً نقاش وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي أشار إلى أن قرار الهجوم لن يتحقق في المدى القريب، مضيفاً أنه ينبغي أن يكون الاعتبار الرئيسي في هذا القرار هو إلى أي قدر إيران قريبة من "منطقة الحصانة" التي يستحيل فيها العمل بشكل فعّال ضد برنامجها النووي.
التقدير السائد هو، أنه في حال تكلّلت مساعي إيران للتزوّد بسلاح نووي بالنجاح، سيصبح الأمر بمثابة تغيير استراتيجي دراماتيكي ذي دلالات بعيدة المدى على المستوى العالمي/الإقليمي عموماً وعلى إسرائيل خصوصاً تغيير سيمسُّ بموقع إسرائيل الاستراتيجي. وإزاء إمكانية فشل مساعي المجتمع الدولي لمنع إيران من خلال فرض عقوبات، اقتصادية خصوصاًَ من تحقيق هدفها بإحراز قدرة نووية، من المنطقي الافتراض أنه في إسرائيل يؤخذ بعين الاعتبار احتمال الذهاب نحو إجراء عسكري رادع، يكون هدفه إحباط التهديد، الذي يُعتبر بالنسبة للكثيرين "تهديداً وجودياً".
إلى ذلك، مهما كان تباين الآراء إزاء خطورة التهديد، فمن الواضح أنّ الحكومة الإسرائيلية ستضطر إلى اتخاذ سلسلة قرارات فيما يتعلق بطريقة عملها. ومن الممكن أن يكون هناك دلالات بعيدة المدى لتلك القرارات في مجموعة واسعة من القضايا. بناءً على ذلك، ثمة أهمية كبيرة لإجراء نقاش عام جدي هدفه ممارسة الضغط على المستوى السياسي للقيام بإجراء مُنظّم لاتخاذ القرارات، من خلاله سيأخذون بالحسبان إضافة إلى النواحي التنفيذية العسكرية، نواحٍ أخرى أيضاً.
وفي السياق، قدّم الناطقون الرسميون، الذين أعربوا عن معارضتهم إجراء نقاش عام حول القضايا المتعلقة بإمكانية إجراء عمل عسكري، مبرّرَين لدفاعهم، الأول سيكشف النقاش بإمكانية العملية وتفاصيلها أسراراً ستمسُّ بأمن الدولة؛ أما الثاني فإن نفس وجود النقاش قد يدفع إيران للتوصّل إلى نتيجة أنه لا يوجد أي خيار عسكري أمام إسرائيل لإحباط التهديد النووي. يبدو هذا المبرّر إشكالياً، أولاً، لأن النقاش لم يكشّف، لغاية الآن، عن تفاصيل سريّة تمسُّ بأمن الدولة، وعلى أي حال الرقابة هي المؤسسة المُكلّفة بالاهتمام بهذه القضية. ثانياً، نقاش عام من هذا النوع، إن لم يكن أحادي الجانب، يرفع فقط مستوى التهويل في إيران، لأنه يُظهر أنّ الخيار العسكري مطروح على جدول الأعمال في إسرائيل. وفي الواقع، جرّ النقاش العام بشأن هذه القضية تهديدات من قِبَل ناطقين إيرانيين حول الطريقة التي سيردّون بها إن قامت إسرائيل بأي عمل في مجالهم. بالإضافة إلى ذلك، في هذا النقاش العام المفتوح، هناك إفادات موثوقة تتكلم عن قوة المجتمع الإسرائيلي أكثر من ضعفه.
ينبغي أن يُركّز نقاش عام جدي على عدّة قضايا رئيسية. نقاش من هذا النوع لا ينبغي أن يتناول القضايا العملانية المنوطة بالنشاط العسكري، خشية أن يكشف الخطط العملانية لإسرائيل؛ نقاط ضعف الطرف الآخر ويقيّد قدرة قواتنا. علاوة على ذلك، لا يمتلك الشعب المعطيات الأساسية المطلوبة لإجراء نقاش عام، على سبيل المثال، استخبارات مفصّلة حول البرنامج النووي الإيراني ومعلومات عن القدرات التنفيذية للجيش الإسرائيلي، منوطة بنشاط من هذا النوع.
القضية الأساسية، التي تُفضي إلى نقاش عام ناجع، هي وصف التهديد: يعتقد الكثيرون في المستوى السياسي والهيئات المهنية بأن إيران المُزوّدة بقدرة نووية عسكرية ستشكّل تهديداً وجودياً على إسرائيل. ستبذل الدولة الواقعة تحت التهديد كل ما بوسعها بغية درئه. إذاً، النشاط العسكري هو نتيجة حاسمة لتعريف من هذا النوع. هل تتعلق المسألة حقاً بتهديد وجودي؟ إلا يمكن إتاحة وضع يكون فيه ردّع متبادل ثابت بين إيران وإسرائيل؟ من الواضح أنه تُشتق من طبيعة الرّد أساليب عمل مختلفة.
الفرضية هي أن إيران نووية ستزعزع توازن القوى بين إسرائيل وحلفاء إيران الإقليميين- حزب الله وحماس- وبذلك ستزيد التهديد. أحقاً" من دون الدخول في نقاش قضايا "استخدام" السلاح النووي، هناك مجال للافتراض، أنه في حالة ردع نووي متبادل فإن مدى استخدام القدرة النووية لاحتياجات عسكرية وسياسية "جارية"- علاوة على ردع تهديدات وجودية- ليس كبيراً. هل في حالة خطف جندي من الجيش الإسرائيلي سيمتنع الجيش الإسرائيلي عن الرد على حزب الله أو حماس بسبب خشية إسرائيل من رد نووي إيراني؟ من الواضح أن إيران نووية ستنهي عصر ساد فيه تصوّر بأن إسرائيل تمتلك امتيازا يتعلق بقدرتها الردعية، لكن صورة العظمة التي منحها الردع لإسرائيل لم تكن (سوى "ورقة ضمان ضد التهديدات القائمة"، حقيقة هامة بحد ذاتها) من أجل فرض جدول أعمالها على جيرانها أو منعهم من إطلاق تهديدات شبه- قائمة على إسرائيل.
تأثير إيران النووية على انتشار السلاح النووي إلى دول أخرى في الشرق الأوسط: إلى أي مدى هذه الإمكانية خطيرة وما هي انعكاسات شرق أوسط فيه دول تمتلك قدرة نووية على أمن إسرائيل وعلى استقرارا الردع النووي.
حيال سياسة الغموض تُطرح أسئلة مثل: "هل ستُلزم إيران النووية إسرائيل بالتفكير بنجاعة استمرار سياسة الغموض؟ ما هو ثمن وقف سياسة الغموض؟
سلسلة واسعة من الأسئلة تعنى بدلالات العمل العسكري. ما الذي يعتبر انجازاً (إن تقرر القيام بعمل عسكري)، وما الذي يُعرف بالفشل، وما هو ثمن الفشل؟ مسألة أخرى طُرحت للنقاش العام هي الردود العنيفة المحتملة من قبل إيران- مباشرة أو عبر مندوبيها، حزب الله وحماس. هل السيناريوهات التي عُرضت في وسائل الإعلام والتي كان بعضها سيناريوهات رعب، تستند إلى وقائع؟ مقابل ذلك، القدرة العملية لمواجهة هذه الردود لم تُطرح للنقاش العام بسبب مخاطر الكشف.
علاقتنا بالولايات المتحدة: القضية السياسية الأساسية هي هل يمكن تنفيذ العمل الذي يدور الحديث عنه من دون تشاور وتنسيق مسبق مع الولايات المتحدة؟ لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال مطلقاً، لأنه في حالة العمل العسكري الإسرائيلي ستُقرر إيران مهاجمة أهداف أميركية في الخليج أو العمل ضد تصدير النفط من الخليج. في هذه الحالة ستضطر الولايات المتحدة للرد وهكذا ستجد نفسها متورطة بمعركة عسكرية لم تبادر هي إليها. قد يكون لتطور أحداث من هذا النوع تداعيات صعبة على موقف الشعب الأميركي (إن لم نقل على بعض نوابها) إزاء إسرائيل، كمن ورّطها في الحرب. مقابل ذلك، لا تحظى إيران بتعاطف كبير في الولايات المتحدة، ومن الممكن أن يكون هناك تفهّم لقرار إسرائيل بالمخاطرة ومواجهة التهديد الذي يعتبر برأيها- قائما.
الانعكاسات على مكانة إسرائيل الدولية: على الرغم من شكوك إسرائيل بإخلاص وحزم مساعي المجتمع الدولي لمواجهة التهديد الإيراني القائم، ردّت إسرائيل بسرعة، أن التهديد ليس فقط "مشكلة" إسرائيلية، بل إنه مشكلة عالمية، لذلك على المجتمع الدولي أخذ المبادرة لإيقاف البرنامج النووي الإيراني. إن توصل متخذو القرارات في إسرائيل إلى نتيجة أن الساعة الرملية فرغت، وقرروا القيام بعمل رادع، كخطوة شرعية للدفاع عن النفس، فإنهم ما زالوا مضطرين لمواجهة رد المجتمع الدولي. الصورة التي ستُرسم (وليس للمرة الأولى) عن إسرائيل تعرضها كمن اخترقت بشكل أحادي الجانب قواعد اللعبة الدولية وخرجت إلى معركة من دون الحصول على شرعية من مجلس الأمن. لذلك يجدر زيادة عزل إسرائيل كذلك نزعة عدم الشرعية الموجّهة ضدها. حدة الردّ الدولي ستكون منوطة بـ "الثمن" الذي ستدفعه دول العالم لقاء هذا العمل. عمل سيجرّ وراءه ردّا إيرانياً، من شأنه أن يؤدي إلى عدم استقرار في الخليج وإلى ارتفاع أسعار النفط خلال أزمة اقتصادية. من جهة أخرى، من الممكن أيضاً أن تُسرّ جهات في المؤسسة الإقليمية والدولية بعد فوات الأوان لكون إسرائيل تحملت المخاطر المنوطة بحل المشكلة المزعجة بوجود إيران نووية، إن كان الثمن معقولاً بالنسبة إليهم.
في الختام، اليوم الذي يلي هجمة إسرائيلية محتملة على المنشآت النووية الإيرانية، كذلك بعد التسليم بإيران ذات قدرة نووية عسكرية، يضع أمام إسرائيل تحديات كبيرة. وحيال انعكاسات هذا القرار- بطريقة أو بأخرى- ينبغي على المجتمع الإسرائيلي أن يتساءل عن سلسلة قضايا، ذُكر بعضها آنفاً، وعدم الافتراض أن متخذي القرارات سيتخذون القرارات الصائبة على أساس مقارنة مدروسة بين ثمن المهاجمة وثمن عدم المهاجمة. برهنت تجربة الماضي للأسف الشديد أنه لا يوجد دائماً نقاش معمّق من هذا النوع. سيساهم نقاش عام يُعنى بالقضايا الصائبة باتخاذ قرارات حكيمة في هذه القضية من قبل جهات مخوّلة باتخاذ القرارات.
شتاين شمعون وشلومو بروم
("مركز أبحاث الأمن القومي" 3/2/2012)

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,077,990

عدد الزوار: 6,933,914

المتواجدون الآن: 76