التحوّل في إحداهما يعتمد على التقدّم في المسار الآخر

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 نيسان 2009 - 6:34 ص    عدد الزيارات 935    التعليقات 0

        

وفقاً لمسؤولين رفيعين في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، مطلّعين على آخر تطوّرات السياسة التي يعتمدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إزاء إيران، فإنّ الحكومة الإسرائيلية لن تتابع مناقشة المسائل الأساسية المتعلّقة بمحادثات السلام مع الفلسطينيين حتى ترى تقدّماً في الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمنع إيران من المضي في صناعة سلاح نووي، والحد من نفوذ طهران المتزايد في المنطقة.

في هذا السياق، قال نائب وزير الخارجية والعضو في البرلمان الإسرائيلي، والسفير السابق الى الولايات المتحدة دانيال أفالون "هذا شرط أساسي إذا كنّا نريد المضي قدماً. إذا كنا نريد أن نجري عمليّة سياسيّة حقيقية مع الفلسطينيين، فلا يجب أن ندع الإيرانيين يقومون بالتدمير والتخريب".

يشكّل هذا الموقف الإسرائيلي الذي يختلف بشكل ملحوظ عن مواقف الحكومات الإسرائيليّة السابقة، تحديّاً للرئيس أوباما الذي حقّق تقدّماً سريعاً في ملّف إقامة دولة فلسطينية، الذي يُعتبر أحد أهم أهداف سياسته الخارجية. وهو يحاول كذلك الشروع في الإنفتاح على إيران في إطار تحرّكه الدؤوب لإبطاء عمليّة إنجازها لبرنامجها النووي، والحد من نفوذها المتزايد في الشرق الأوسط.

يخشى مسؤولون أميركيون ربط المسألتين، أما إن تمّ ربطهما فهم يفضلّون اعتماد الاقتراح المعاكس تماماً لاقتراح إسرائيل، أي استخدام التقدّم في المحادثات الإسرائيليّة- الفلسطينيّة لوقف مدّ النفوذ الإيراني في المنطقة عبر المنظمات المناهضة لإسرائيل مثل "حزب الله" و "حركة حماس".

أحد كبار المسؤولين الأميركيين الذي تحدّث شرط عدم ذكر اسمه لأنّه غير مخوّل الحديث علناً قال "علينا توخّي الحذر في مقاربة مثل هذا الارتباط [بين القضايا]. إنّنا نتعاطى مع إيران لأنّ لديها سلوكيّات تبعث على القلق. كنّا لنقوم بذلك بغض النظر عن باقي المسائل. وبالطريقة عينها، تُعتبر القضيّة الفلسطينيّة من القضايا الأكثر إثارة في المنطقة كما هو واضح".

وبيّن هذا المسؤول أنّ إدارة أوباما سبق أن برهنت عن تعهّدها التعامل مع القضيتين في الوقت عينه من خلال تعيين مسؤولين يتمتعون بـ"طول البال" كالسناتور السابق جورج ج. ميتشل للتعاطي مع الفلسطينيين، ومفاوض السلام السابق دنيس روس في الملف الإيراني، لتطبيق سياسات الإدارة بأفضل شكل.

وفي حين عبّر المسؤولون الإسرائيليون مراراً عن قلقهم من إيران، فإن نتنياهو ينظر الى الخطر الذي تشكّله طهران بالكثير من الجديّة بحيث أنّه يحدّد سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين إنطلاقاً من هذه المسألة – في ما يُعتبر تبدّلاً في المقاربة المعتمدة، ويضع بشكل فعلي موضوع إقامة دولة فلسطينية تحت رحمة قضية إقليمية وعالمية معقّدة.
 وقد شبّه نتنياهو طموحات إيران الإقليمية بطموحات ألمانيا عام 1938، وشكّل حكومة تشاطره رأيه هذا. فمستشار نتنياهو  لقضايا الأمن القومي يوزي آراد حثّ علناً الولايات المتحدة لاستخدام الشدّة مع الجمهورية الإسلامية، معتبراً الإنفتاح الديبلوماسي على إيران بمثابة "التهدئة".

هذا ومن المتوقّع أن يلتقي أوباما ونتنياهو في واشنطن الشهر المقبل. وفي غضون ذلك يجهّز رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تبوّأ منصبه أواخر الشهر الماضي اقتراحاته حول كيفيّة معالجة القضية، ويبدو أنّه يستعد للخوض في مناقشة صعبة مع الرئيس.

وعن ذلك، قال مارتن إنديك، مدير مركز "سابان" لسياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينغز، وأحد مفاوضي السلام السابقين المقرّب من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين إنّ نتنياهو يتوقّع أنّه حين سيقول "إيران، إيران، إيران" فإن أوباما سيجيبه قائلا "عودة فلسطين، فلسطين، فلسطين"، ويعتبر أن "نتنياهو يتوقع أن يقول أوباما إن تحقيق تقدم ما مع إيران يتطلب منا معالجة الموضوع الفلسطيني أيضا".

ومع انقسام القيادة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ورفض إئتلاف نتنياهو اليميني التوجه بشكل عام التفاوض حول اتفاقية سلام قد تؤدي الى قيام دولة فلسطينية، يتوقع من الحكومة الإسرائيلية أن تقدم القليل من التنازلات للفلسطينيين، هذا إن قدمت أي تنازل أصلاً.  في حين يعتبر مساعدو نتنياهو أنّ إيران تشكّل خطراً مباشراً وأكبر.
وفي هذا الصدد قال أفالون: "الواقع يقول إنّه علينا أن نبقي إيران في وضع حرج للدفاع"، ولحين تحقّق ذلك، سوف تقتصر نشاطات الحكومة الإسرائيلية على مسائل مثل محاولة تحسين الإقتصاد الفلسطيني وتقوية مؤسساته المدنية. وتابع مشيراً الى وجهة نظر إسرائيل القائلة إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة تقترب من امتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي "يجب قياس الساعة الإيرانية بالشهور"، وذلك بخلاف الجدول الزمني لقيام دولة فلسطينية "غير المحدّد بأي إطار زمني معيّن".

على خلاف إسرائيل، وقعّت إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي تؤكّد على حقّها في تطوير قوّة نووية سلمية، وعلى أنّها لا تقوم بتطوير أسلحة نووية. أما إسرائيل، فيسود الاعتقاد بامتلاكها أسلحة نووية، على الرغم من عدم اعترافها على الملأ بامتلاك مثل هذه المقدرة.

وفي تلاق غير معتاد للمصالح، تشاطر عدة عواصم عربية نتنياهو تأكيده على أهمية إيران، وقلقه من الإنفتاح الأميركي على طهران، وفقا لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين وعرب؛ فقد أخبر ميتشل مجموعات يهودية عن تفاجئه بمدى تطرق القادة العرب الى موضوع إيران خلال رحلته الأولى الى المنطقة بعد تعيينه مبعوثاً خاصاً لها.

ومؤخراً، قامت مصر بتوقيف خلية تابعة لميليشيا "حزب الله" الشيعية المموّلة من قبل إيران، للاشتباه في تخطيطها للقيام بهجمات على الأراضي المصرية، وتهريب الأسلحة والمقاتلين الى إسرائيل. وكان أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله قد دعا الى إقالة الرئيس المصري حسني مبارك خلال الحرب التي جرت بين إسرائيل و "حركة حماس" هذا العام، بعد أن رفضت مصر فتح حدودها مع غزة وتمكين السكان من الهروب من القتال الدائر فيها. وعمدت مصر مؤخراً الى تعزيز العمليات المناهضة للتهريب على طول الحدود، حيث تشكّل شبكات الأنفاق ممراً رئيساً للجماعة الإسلامية المتطرفة والمدعومة من إيران "حماس".

هذا وقطعت المغرب علاقاتها بإيران، وانتقدت المملكة العربية السعودية جهود إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة، وذلك في دلالات على العداء القديم العهد القائم بين العالم العربي، المسلم السني في غالبيّته، وسلطة الأمبراطوية الفارسية سابقاً ذات الأغلبية الشيعية. وقد زادت الطموحات الإيرانية من انعدام الثقة هذا.

ورأى المسؤول الأميركي السابق ذكره أنّ الدول العربية "ترى تهديداً عميقاً من قبل إيران. إنّهم يرون التدخل الإيراني. يرون البرنامج النووي الإيراني. ويريدون التأكد من أن ما نقوم به سيؤثّر على الإيرانيين ولن يأتي على حسابهم". ولكنّها تختلف مع حكومة نتنياهو لناحية مطالبتها بحدوث تقدم على الجبهة الفلسطينية في الوقت عينه.

وتلك بالفعل كانت الرسالة التي حملها ملك الأردن عبدالله الثاني الى أوباما الذي التقاه في البيت الأبيض الثلاثاء الماضي، في أوّل لقاء بقائد عربي منذ تنصيب أوباما رئيساً.

وعقب ذلك، عبّر أوباما عن أمله بأنّه "خلال الأشهر القادمة، ستبدأون برؤية إشارات تدلّ على صفاء النية من كافة الجهات"، رافضاً إعطاء تفاصيل ولكنّه أضاف قائلاً "يعلم الأطراف في المنطقة جيداً أن الخطوات المتوسطة يمكن أن تُعتبر بمثابة إجراءات لبناء الثقة".

ويخشى القادة الفلسطينيون من استغلال الحكومة الإسرائيلية لأي تاخير في مناقشة موضوع الدولة الفلسطينية من أجل توسيع مستعمراتها في الضفة الغربية، والقيام بخطوات أخرى تضعف قيام دولة فلسطينية في المستقبل، كأن تحاول مثلاً تقليص وجود العرب في القدس الشرقيّة.

كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات اعتبر أنّ "قضيتنا قضيّة قائمة بحد ذاتها. ولا نتوقّع أقل من تصريح واضح وصريح يدعم حل قيام دولتين، ووقف توسّع المستعمرات".

أما المحلّلون الإسرائيليون ومستشارو نتنياهو فيرون أنه في حين قد يؤخّر تركيز نتنياهو على الملف الإيراني من احتمال إحراز أي تقدّم باتجاه بناء دولة فلسطينية على المدى القريب، فإنه يفتح الباب أمام خطوة أوسع وأكثر عمقاً في حال وافقه أوباما والدول العربية على رؤيته لإيران.

إنّ مقاربة نتنياهو هذه "تعيد تقويم التوقّعات وفهم موقعنا الحقيقي بشكل كامل. لا يمكننا التعاطي مع المنطقة إلا في سياق صعود إيران التي تقترب من تصنيع أسلحة نووية وتزعزع استقرار كل دولة من دول الشرق الأوسط تقريباً" يقول دان ديكر، أحد كبار محللي السياسة الخارجية في "مركز القدس للشؤون العامة"، وهي مؤسسة أبحاث مقرّبة من إدارة نتنياهو.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,150,426

عدد الزوار: 6,937,037

المتواجدون الآن: 110