تعاملوا مع خامنئي لا مع أحمدي نجاد

تاريخ الإضافة الإثنين 22 حزيران 2009 - 5:44 ص    عدد الزيارات 920    التعليقات 0

        

أكثر ما تذكّر به إيران اليوم هو وصف ونستون تشرشل روسيا بأنها "أحجية مغلّفة في لغز داخل غموض".
قد تؤدّي مشاهد التحدّي الديموقراطي في طهران إلى تغيير أكثر دراماتيكية من أي تغيير حدث هناك منذ ثورة 1979. لا يستطيع أحد أن يجزم في شكل مؤكّد ما ستؤول إليه مراكز السلطة المتعددة في النظام في نهاية أزمة الشرعية الأكثر خطورة التي تشهدها الجمهورية الإسلامية.
لكن في المدى القصير، يبدو أن الرئيس أوباما يواجه مجموعة من الخيارات المسمومة: إما يتجنّب النظام ويعتمد موقفاً متصلّباً وينجرف نحو النزاع، وإما يمضي قدماً باتجاه تحقيق هدفه المعلن بالتحاور مع حكومة أحمدي نجاد وتوفير اعتراف ضمني لمغتصب عنيف.
لكن ثمة خيار ثالث – خيار يقر بمكانة أميركا الفريدة في مستقبل إيران، ويسمح بتحقيق مصالحنا في مجال الأمن القومي
بطريقة تنسجم مع قيمنا. يمكنكم أن تسمّوه خيار "تجاهل أحمدي نجاد".
وجّه الأسبوع الماضي رسالتَين متناقضتين جداً للولايات المتحدة. في الأولى، انتهزت ثورة خضراء من المواطنين الذين يتوقون إلى التمتع بمزيد من الحريات والانفتاح أكثر على الغرب، فرصة الإمكانات التي تتيحها رسالة مير حسين موسوي الإصلاحية، مكذِّبةً الكاريكاتور الفظ الذي يصوّر إيران بأنها مصمّمة على شن حملة إبادة ضد العالم الخارجي. وفي الثانية، جمع ممثّل مألوف وهمجي للعناصر الأكثر رجعية في النظام بين الاستقطاب المستمر للطبقات الأدنى في إيران وتزوير الانتخابات بديكتاتورية شفافة من أجل الحصول على أربع سنوات إضافية من القيادة العدوانية.
ينبغي على أوباما أن يُسنِد تعامله مع طهران إلى الرسالة الأولى الصادرة عن الشعب الإيراني، وأن يسقط الثانية من حساباته. لكن قبل أن تتمكّن الولايات المتحدة من تطبيق هذه السياسة، يجب أن تتخلّص من قلقها من التأثير الذي يمكن أن تمارسه في موضوع إيران. فالمخاوف بأنه من شأن أي تصريح أميركي بالدعم أن يثير من جديد الاستياء من التدخل الأجنبي، تفترض بأن الإيرانيين عاجزون عن التمييز بين عدو طموحاتهم الديموقراطية وحليفها.
والأهم من ذلك، يحول عدم الثقة بالنفس هذا دون الإدراك بأنه لا غنى عن الولايات المتحدة للتوصّل إلى تسوية سلمية للتحدي الأمني الذي تمثّله إيران. فعلى الرغم من أن واشنطن قلقة بشأن الاستياء من "التدخل"، إلا أن الحقيقة هي أن الإيرانيين لا يريدون التحدث مع أحد غير الأميركيين – فبالنسبة إلى الشعب الإيراني، العالم الخارجي مرادف لأميركا إلى حد كبير؛ وبالنسبة إلى النظام الإيراني أيضاً، كانت المفاوضات مع القوى الأخرى مجرد تدريبات للقاء مع "الشيطان الأكبر".
يتضمّن خيار "تجاهل أحمدي نجاد" مقاربة من عنصرَين تقوم على الاعتراف بالطموحات الديموقراطية الواضحة للشعب الإيراني وكذلك بالمصالح الاستراتيجية الطويلة الأمد لإيران. والنقطة الأساسية هي أنه يمنع أيضاً أحمدي نجاد من تأدية دور البطولة في مواجهة الولايات المتحدة على الساحة العالمية في السنوات المقبلة.
أولاً، يجب أن تعترف الإدارة الأميركية بطريقة لا لبس فيها بالحركة الشعبية الإيرانية التي تطالب بمزيد من الحريات والانفتاح، وتدين القمع الحكومي. ليس مهماً إذا كان "تأثير أوباما" قد مارس مفعوله في شوارع طهران في الأيام القليلة الماضية؛ المهم هو أنه بعد 30 عاماً، استُبدِل الهتاف المبتذل "الموت لأميركا" بهتاف "الموت للديكتاتور". تتردّد أصداء التغيير في شوارع العاصمة، ولا يستطيع الرئيس الأميركي الحالي أن يتخلّف عن التجاوب معها.
ثانياً، يجب أن تفسّر الإدارة الأميركية مصادقة آية لله علي خامنئي على "فوز" أحمدي نجاد بأنه تأكيد – إن كان هناك من حاجة إلى تأكيد – أن المرشد الأعلى هو السلطة المهمة في طهران، وبناءً عليه إنه الشخص الذي يجب إقامة حوار استراتيجي معه. الوقوع في شرك أحمدي نجاد أربع سنوات إضافية هو أمر غير ضروري وسوف يعود بنتائج عكسية على السواء. وقد استكشفت إدارة أوباما طرقاً لفتح خط اتصال مع خامنئي. فسوف تُتاح فرص للتحاورالمباشر مع المرشد
الأعلى من خلال وسطاء موثوقين وديبلوماسية مبتكرة. ويجب انتهازها.
العناصر الأساسية لهذا التفاوض معروفة: إقناع إيران بعدم تحويل برنامجها النووي إلى سلاح، وبحض حلفائها في "حماس" و"حزب الله" على العمل على تحقيق أهدافهم عن طريق الوسائل السياسية لا العسكرية. من شأن إيران بدورها أن تتطلّع إلى الموافقة على منحها دوراً شرعياً في الحفاظ على الأمن الإقليمي، وإعادة دمجها مع مرور الوقت في المجتمع الدولي. من الواضح الآن كما كان واضحاً قبل الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي أن هذا الحوار الاستراتيجي، ولو كان يطرح الكثير من التحديات، يتحقق بالطريقة الأفضل عبر الانطلاق من المجالات ذات الاهتمام المشترك – مثل باكستان وأفغانستان والعراق – بدلاً من الانطلاق من النزاع النووي. إذا كانت الإمكانات النووية الإيرانية لا تزال محاطة بالغموض الآن، فإن تطلعات الشعب الإيراني إلى مستقبل ينعم فيه بحريات أكبر وبالتزام سلمي مع العالم، باتت أوضح من أي وقت آخر.
أضاف تشرشل جملة نادراً ما يتم الاستشهاد بها، إلى ملاحظته عن روسيا بعدما وصفها باللغز. قال "ربما كان هناك مفتاح. والمفتاح هو المصلحة الوطنية الروسية". يمكن تطبيق الملاحظة عينها على إيران والولايات المتحدة. تملك سياسة أميركية تتجاهل عمداً أهمية أحمدي نجاد لصالح دعم قوي للقوى الديموقراطية في البلاد على المستوى الشعبي، ومفاوضات ثنائية مباشرة مع المرشد الأعلى على المستوى الاستراتيجي – تملك إذاً الفرصة الأفضل لخلق مساحة ديبلوماسية يمكن في إطارها مناقشة المصالح الوطنية الأساسية للبلدين بأسلوب سلمي.

 

"واشنطن بوست"
ترجمة نسرين ناضر
 


 


( مساعد خاص للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من 1997 حتى 2003، وزميل استشاري رفيع المستوى في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية)    

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,787,136

عدد الزوار: 6,914,961

المتواجدون الآن: 110