غياب القوة الناعمة في السياسة الخارجية التركية..بقلم بارجين يينانج

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 حزيران 2009 - 6:07 ص    عدد الزيارات 913    التعليقات 0

        

من الإنصاف القول بأنه في الأعوام العشرة الماضية تقريباً، لم يكن لباكستان وجود على الرادار التركي. لكن من يعرفون البلدَين يدركون أن هناك رابطاً خاصاً بينهما.
تتمتّع تركيا وباكستان بعلاقة خاصة تستند إلى العاطفة المتبادلة بين البلدَين. تشير استطلاعات الرأي العام في تركيا على الدوام إلى أن باكستان تأتي في رأس القائمة بالنسبة إلى الأتراك عند سؤالهم، ما هو البلد الذي يكنّون له المحبة الأكبر؟
ويمكن أن تشهد أطراف ثالثة أيضاً على المشاعر الإيجابية للشعب الباكستاني حيال الأتراك. يفتخر الباكستانيون بالإنجازات التركية، ونسمع المسؤولين الباكستانيين يقولون إن تركيا هي مثال يقتدون به.
لكن عند النظر إلى باكستان اليوم، لا يسعنا سوى أن نشعر بالحيرة أمام سخرية الوضع. فباكستان، البلد الذي تقول تركيا إنه الصديق الأقرب إليها، على وشك السقوط في الهاوية. هل تستطيع تركيا أن تفتخر ببلد تعتبره شقيقاً لها؟ هل تستطيع تركيا أن تقول بفخر إنها شكّلت قدوة لباكستان؟
كان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في باكستان الأسبوع الماضي، وقد صرّح باعتزاز للصحافيين الذين يرافقونه أن تركيا على اتصال بجميع الفصائل في باكستان سواء كانت علمانية أم دينية أم قبلية. وقد توجّه داود أوغلو إلى هناك مع شيك بقيمة عشرة ملايين دولار وطائرة محمّلة بالمساعدات الإنسانية.
لا شك لدي في أن تركيا تتمتّع باحترام كبير جداً في أوساط فصائل مختلفة في باكستان. وأنا واثقة من أنه جرى إرسال الكثير من المساعدات الإنسانية إلى هناك. لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً للحؤول دون تصنيف باكستان في خانة الدول الفاشلة. من الواضح أن تركيا أخفقت في تعزيز مكانتها المرموقة والنافذة في أوساط النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية وصولاً إلى المجتمع الباكستاني ككل.
تكمن المشكلة في غياب عنصر مهم جداً في السياسة الخارجية التركية: القوة الناعمة. يشكّل الاتحاد الأوروبي واحداً من أفضل الأمثلة عن استخدام القوة الناعمة. تستخدم الكتلة المؤلّفة من 27 دولة قوتها الناعمة مع جيرانها لخلق منطقة من الاستقرار والرفاه. وتستعمل البلدان الأوروبية منفردةً أيضاً قوتها الناعمة مع بلدان مختلفة.
طوال سنوات، اشتكى صانعو الرأي الأتراك من عدم امتلاك تركيا مؤسسات وجمعيات شبيهة بالمجلس الثقافي البريطاني أو معهد غوتيه الألماني أو المعهد الفرنسي. تنشط المؤسسات السياسية التابعة لأحزاب مختلفة في ألمانيا، في كل أنحاء العالم بما في ذلك تركيا. هل تتخيّلون مؤسسة تابعة لحزب الشعب الجمهوري تنشط في الشرق الأوسط؟ لا جدوى من السؤال عندما نأخذ في الاعتبار الأداء السيئ للحزب في المعارضة.
بينما كنت أناقش دور القوة الناعمة مع مسؤول تركي، ذكّرني بقول إنكليزي شهير: "التقليد هو أصدق أشكال الإطراء". وأردف قائلاً "القوة الناعمة هي أن يرغب الآخرون في أن يكونوا مثلك. إنها تتعلق باستفزاز الآخرين ليكونوا مثلك. لكن من أجل تحقيق ذلك، يجب أن تكوني في وضع يحسدك عليه الجميع. انظري إلى تركيا. هل يمكننا القول بأننا بلد يطمح الآخرون إلى التشبّه به؟ فالطبقة السياسية في تركيا مليئة بأشخاص قصيري النظر، ولا تُوزَّع الثروات بالتساوي، ولم ننجح في التصالح مع الأكراد".
من المستحيل عدم مشاركته هذا التشاؤم. يجب أن تحل تركيا مشكلاتها الداخلية قبل أن تحاول أن تصبح لاعباً إقليمياً أو دولياً.
تملك تركيا حقاً القدرة على الاضطلاع بدور قيادي وإعطاء القدوة لبلدان منطقتها.
لكن إذا رحنا نتبجّح، كما في الموضوع الباكستاني، بأن تركيا تتحاور مع كل الفصائل في المجتمع، فقد يخرج أحدهم ويسأل "وإن يكن"؟
 

"حرييت"
ترجمة نسرين ناضر
 


 


(رئيسة تحرير تنفيذيةفي صحيفة "حرييت" التركية)   

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,071,254

عدد الزوار: 6,751,365

المتواجدون الآن: 118