اوباما لمبارك : عملية انتقال السلطة يجب ان تبدأ "الآن" وعلى الجيش ضمان "إتمام لحظة التغيير"

تاريخ الإضافة الخميس 3 شباط 2011 - 5:53 ص    عدد الزيارات 2907    القسم عربية

        


اوباما لمبارك : عملية انتقال السلطة يجب ان تبدأ "الآن" وعلى الجيش ضمان "إتمام لحظة التغيير"
الثلاثاء, 01 فبراير 2011
واشنطن - ا ف ب

اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما انه ابلغ نظيره المصري حسني مبارك خلال اتصال هاتفي الثلاثاء ان عملية انتقال السلطة سلميا في مصر يجب ان تبدأ "الان"، ولكن من دون ان يدعوه الى التنحي فورا.

وفي اول رد فعل على خطاب مبارك الذي اعلن فيه انه باق حتى انتهاء ولايته من دون ان يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، كرر اوباما انه لا يعود الى الولايات المتحدة ان تختار الرئيس المصري المقبل. وقال الرئيس الاميركي "ما هو واضح وما ابلغته هذا المساء للرئيس مبارك ان عملية انتقال السلطة ينبغي ان تتم في شكل سلمي وان تتم الان".

وخاطب اوباما الشباب المصريين الذين يتظاهرون منذ اسبوع والذين رفضوا تأكيد الرئيس المصري انه باق في الحكم حتى ايلول/سبتمبر، قائلا "الى شعب مصر، وخصوصا الى شباب مصر، اود ان اكون واضحا، نحن نسمع اصواتكم. انني مؤمن تماما بانكم ستحددون مصيركم بانفسكم".

وتطرق اوباما ايضا الى الدور الذي يضطلع به الجيش المصري في هذه الازمة، وقال "اريد ان احيي الجيش المصري على الاحتراف الذي اظهره عبر حمايته الشعب المصري".

وتابع "لقد شاهدنا دبابات مغطاة باعلام وجنودا ومتظاهرين يتعانقون في الشوارع. انني احض الجيش على مواصلة جهوده لضمان اتمام لحظة التغيير هذه في شكل سلمي".
و قال مسؤول في ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما ان أوباما ابلغ الرئيس المصري حسني مبارك  ان نقل السلطة في مصر ينبغي ان يبدأ الان. وقال المسؤول في معرض وصفه لاتصال هاتفي دام 30 دقيقة مع مبارك بعد ان أعلن الرئيس المصري انه لن يخوض انتخابات سبتمبر ايلول "اجرى الرئيس محادثة مباشرة وصريحة مع الرئيس مبارك."وأضاف "وقال ان مدى حبه لبلده امر واضح وكذلك مدى صعوبة هذا بالنسبة اليه. واوضح الرئيس أوباما له ايضا ان الانتقال المنظم للسلطة لا يمكن ان يطول بل يجب ان يبدأ الان."

وعند التداعيات الاقتصادية للأزمة،  قال الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية الأمريكية امس الثلاثاء إن الولايات المتحدة سترد "دبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا" على اي إغلاق لقناة السويس على الرغم من أن هذه خطوة تبدو غير معقولة.

كما قال الجنرال ماتيس الذي يشرف على العمليات العسكرية الامريكية في منطقة تمتد من مصر الى باكستان إن الولايات المتحدة ليست لديها خطط لأعادة ترتيب قواتها العسكرية في المنطقة بسبب عدم الاستقرار في شمال افريقيا."وأضاف ماتيس في مناسبة نظمتها في لندن مؤسسة بوليسي إكستشينج البحثية " حينما تنظر إلى الأثر المالي لذلك (إغلاق القناة) على أي طرف في السلطة في مصر فإنني لا أستيطع تخيل الداافع وراء ذلك الإغلاق."

«مليونية» مصر تمر بهدوء وبحث دولي في «مرحلة ما بعد مبارك»
الاربعاء, 02 فبراير 2011
القاهرة - أحمد رحيم وأحمد مصطفى

وعكست التظاهرة المليونية في ميدان التحرير في قلب القاهرة أمس أن طرفي الأزمة يتحركان في شكل معاكس: الشارع بسرعته والنظام ببطئه، فتظاهرة المليون في ميدان التحرير، وربما تظاهرات ملايين أخرى في المحافظات، هي تجمع حاشد لم يسبق له مثيل رفع سقف المطالب مع النجاح في جمع أعداد غفيرة من المتظاهرين.

في المقابل، اكتفى النظام بعرض الحوار على المعارضة، يمثله فيه نائب الرئيس عمر سليمان بتكليف من مبارك، من دون تحديد ملامح هذا الحوار والموضوعات المطروحة على طاولته والأطراف المدعوة له ومتى يبدأ، وهي دعوة أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» رفضها لها، فيما أكد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي عدم الاتصال به لمناقشة هذا الأمر، بل إن النظام لم يتصل حتى مساء أمس بمعارضين قريبين منه مثل رئيس حزب «التجمع» الدكتور رفعت السعيد.

غير أن التحركات الدولية تجاوزت مبادرات النظام، إذ ناقشت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع البرادعي السيناريوات المقبولة في حال قبول مبارك المطالبات بتنحيه. وأعلن البيت الأبيض أمس أن السفيرة الأميركية في القاهرة مارغريت سكوبي اتصلت بالبرادعي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر سياسية مصرية موثوقة أن البرادعي تلقى اتصالات هاتفية من مسؤولين وديبلوماسيين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاستطلاع رأيه في مرحلة «ما بعد مبارك».

وجاء هذا التطور بعدما غادر القاهرة المبعوث الرئاسي الأميركي الذي أوفده البيت الأبيض، اثر زيارة قصيرة التقى خلالها مسؤولين مصريين، يُرجح أن بينهم الرئيس مبارك. وأكدت المصادر أن «رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو والسفيرة الأميركية ونظيرها البريطاني دومينيك اسكويث اتصلوا هاتفياً بالبرادعي للاستفسار منه عن رؤيته لكيفية انتقال السلطة إذا وافق الرئيس المصري على التخلي عنها».

وأشارت إلى أن «البرادعي عرض اقتراحين، الأول هو تشكيل مجلس رئاسي موقت مكوّن من ثلاثة أشخاص، أحدهما عسكري والاثنان الآخران مدنيان، والاقتراح الثاني هو أن يصبح اللواء عمر سليمان رئيساً موقتاً، ربما بتفويض من مبارك، خلال فترة انتقالية تشهد حل مجلسي الشعب والشورى وإعداد دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية حرة بعد إقرار هذا الدستور». وأوضحت أن «البرادعي يميل الى الخيار الثاني».

«مرحلة ما بعد مبارك» كانت أيضاً عنوان النقاشات الجانبية بين المتظاهرين الذي ضاق بهم ميدان التحرير، لدرجة أن الآليات العسكرية التي كانت تلف الميدان من بعيد لتأمين المتظاهرين باتت متمركزة وسط الجماهير ما أجبرها على التراجع من أجل إفراغ مساحات أكبر للأعداد الغفيرة التي ظلت تتوافد على الميدان طوال نهار أمس.

التجمع بدا أكثر تنظيماً. شبان مسؤولون عن تنظيف الميدان وجمع القمامة وآخرون يهتفون في الجماهير لتجميع المواد المصورة للتجاوزات والانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة في «جمعة الغضب» لـ «توثيق جرائم النظام». متظاهرون يعلقون دمى مشنوقة في إشارات المرور لرموز النظام، فيما ظهرت اللافتات الكبيرة المنمقة المطبوعة بالليزر بعدما غلبت في الأيام الماضية اللافتات الورقية التي يكتبها الغاضبون بأيديهم.

غالبية اللافتات لا تحمل شعارات تدل على انتماءات سياسية محددة وإحداها كتب عليها «أنا مش إخوان لكن مبارك هو المحظور»، في إشارة إلى التسمية التي ظل النظام يطلقها على الجماعة باعتبارها «محظورة».

الكل يرفع اللافتات المطالبة برحيل مبارك والخلاف يدور حول قيادة سليمان المرحلة المقبلة. فأمام لافتة توسطت الميدان مكتوب عليها «لا مبارك ولا سليمان»، يقف شباب يتجادلون منهم من يؤيد تولي سليمان الرئاسة في فترة انتقالية لحين تعديل الدستور وإجراء انتخابات تعددية حرة، لكن آخرين يرفضون على اعتبار أن سليمان من أركان النظام.

وفي المشهد لافتات مرفوعة تطرح أسماء بعض القيادات العسكرية السابقة والحالية. التجمع الحاشد جعل الكل يدرك أن رحيل الرئيس بات واقعاً، فانشغلوا بترتيبات المرحلة المقبلة.

وبدا أن هذا التجمع أغرى قوى المعارضة لرفع سقفها، فـ «الإخوان» الذين طالما طلبوا الحوار مع النظام لمناقشة هموم الوطن، أعلنوا أمس رفض التفاوض مع النظام «الذي فقد شرعيته برئيسه وبرلمانه وحزبه وحكومته»، وكذلك رفض كل الإجراءات التي اتخذها منذ بدء «الانتفاضة الشعبية».

وطلبت في بيان «إعلان تنحية الرئيس وإنهاء الوجود القانوني لمجلسي الشعب والشورى، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا مهمات رئيس الجمهورية، وإلغاء حالة الطوارئ والعفو العام عن العقوبات الأصلية والتكميلية التي أعقبت كل المحاكم الاستثنائية للسياسيين وإطلاق جميع المحبوسين بأحكام استثنائية بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية».

واقترحت تشكيل «حكومة وحدة وطنية انتقالية لتسيير شؤون البلاد، وإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة تحت اشراف قضائي كامل، على أن يقوم البرلمان المنتخب بإجراء التعديلات الدستورية اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية عامة حرة مباشرة».

أما أحزاب المعارضة، فلم تحدد رؤيتها للمرحلة المقبلة بانتظار النتيجة التي ستسفر عنها «معركة النفس الطويل» بين النظام والمتظاهرين، واكتفت فقط بتأكيد ضرورة التغيير وأن «جمعة الرحيل» ستكون حاسمة. ولم تتلق هي الأخرى دعوة لبدء الحوار المفترض بحسب رئيس حزب التجمع الذي قال لـ «الحياة» إن «الحوار في حاجة إلى ترتيبات».

اللافت أن الحكومة الجديدة أطل رئيسها الفريق أحمد شفيق ووزراؤها على شاشات التلفزيون الرسمي مبشرين بضبط السياسات ومراجعة أخطاء المرحلة السابقة، وفاتهم أن المتظاهرين لا يلتفتون أصلاً لمثل هذه التصريحات.

وفي الخلفية، مواقف بدت واضحة وأخرى تمسك العصا من منتصفها. فالبرادعي الذي بدا واضحاً في مطالبته برحيل النظام لم يحسم أمر استعداده لتولي المسؤولية في المرحلة المقبلة بانتظار «كلمة الشارع». والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لا يطلب رحيل مبارك، لكنه ترك الأمر «رهن الحوار»، وهو الآخر «مستعد لخدمة البلاد في أي منصب يكلفه الشعب به».

واجتمعت أحزاب وقوى معارضة أمس في مقر حزب «الوفد» واتفقت على رفض الحوار مع النظام من دون قبول السلطة بمطالب كانت المعارضة حددتها قبل يومين، وهي «رحيل مبارك بعد سقوط شرعيته، وتدشين حكومة انتقالية، وحل البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) ومحاكمة المسؤول عن الأحداث الدموية التي شهدتها جمعه الغضب». وأفيد أن الاجتماع ضم ممثلين عن «الوفد» و «التجمع» و «العربي الناصري» وعدد من الحركات الاحتجاجية في مقدمتها شباب «6 أبريل» و «الجمعية الوطنية للتغيير» و «الإخوان». وأكد المجتمعون في بيان رفضهم إجراء أي حوار مع النظام إلا قبل الموافقة على المطالب السابقة على أن يكون الحوار في شأن آلية التنفيذ.

أما البرادعي، فيضع نصب عينيه «رحيل مبارك حقناً للدماء ولبدء مرحلة جديدة»، وهو أكد أن لا طموح شخصياً لديه في أي منصب لكنه فقط يتطلع لأن تلحق مصر بركب الحضارة. الرجل الذي يشدد على أنه لم يأت «لركوب موجة الاحتجاجات» لا يمانع في القيام بدور إن طلب منه «فهو لن يخذل الشعب».

وعمرو موسى يشدد على ضرورة «وضع مصلحة مصر فوق مصالح النظام وكل الأطراف»، وهو يرى أن «التغيير هو شعار هذه المرحلة، فالعودة إلى ما قبل 25 كانون الثاني (يناير) أمر غير مطروح»، لكنه يؤكد أن «مطلب تنحية مبارك وأي مطلب آخر يجب أن يكون محل الحوار المقبل». والرجل الذي لا يمكن أن يدعي الزعامة مستعد لخدمة بلده «في أي منصب أو موقع، إذا طُلب منه أو كلف به».

ودعت خمسون منظمة حقوقية مصرية في بيان مشترك أمس الرئيس مبارك إلى «الانسحاب حقناً لدماء المصريين». وطالبت «بإصدار دستور جديد للبلاد من خلال جمعية وطنية مشكلة من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني».

وفي سعي حثيث، للحصول على «تأشيرة مرور»، دعا رئيس الحكومة الجديدة الشباب إلى منح حكومته «الفرصة»، مؤكداً أنها بصدد إعادة النظر في ما هو قائم من سياسات سابقة. وتحدث شفيق أمس عن أولويات لحكومته منها «إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وإعادة النظر في كل المواقف السياسية والدستورية والتشريعية، بما يلائم ظروفنا الحالية»، منتقداً «زواج السلطة برأس المال»، فنتائج مشاركة رجال الأعمال في الحياة السياسية كانت «مخيبة للآمال»، معتبراً أن «التجربة أثبتت أن تفرغ رجال الأعمال لأعمالهم الخاصة فيه مصلحة أكبر للاقتصاد الوطني». ولم يستبعد شفيق إجراء حوارات مع القوى الوطنية في شأن السياسات التي تنتهجها حكومته. وقال: «سنستمع إلى كل الآراء ونتفاعل معها، وكل ما تتفق عليه الغالبية العظمى سنستجيب له».

ميدانياً، ساد هدوء نسبي الشارع المصري في ظل انتشار اللجان الشعبية التي مازالت تتولى مسؤولية تأمين مناطقها، فيما الحياة العامة مصابة بالشلل التام. فالمؤسسات ما زالت مقفلة وبدأت بعض السلع الغذائية تنفد وأخرى تضاعفت أسعارها. وتمكنت مجموعات من الشرطة من إعادة عدد من سيارات الشرطة والإسعاف وتماثيل أثرية سرقت من القاهرة والجيزة والإسكندرية. وتواصل توقيف السجناء الفارين.

وبث التلفزيون المصري لقطات لوزير الداخلية الجديد محمود وجدي يتفقد الحالة الأمنية في شوارع بعض أحياء القاهرة وسط الجماهير، فيما أكد مصدر أمني أن «عناصر إجرامية» تسعى إلى «إحداث فتنة» في الشارع ومحاولة «زرع بذور العداء بين الجيش والشعب»، مهيباً بالمواطنين توقيف هذه العناصر، فيما حذرت القوات المسلحة أي شخص لا ينتمي إليها من ارتداء الزي العسكري بعد «سرقة عدد من المحال التي تبيع الزي العسكري». وناشدت في منشورات وزعت على المواطنين الحفاظ على الأمن.

وبعد إغلاق الطرق بين المدن للحيلولة دون انتقال متظاهرين في المحافظات إلى وسط القاهرة، تجمع مئات الآلاف في ميادين عواصم المحافظات في تظاهرات متزامنة في الإسكندرية والسويس وعشرات الآلاف في الغربية والعريش والمنوفية ومحافظات أخرى.

وفي سيناء، أوقفت اللجان الشعبية في محافظة العريش (شمال سيناء) 4 فلسطينيين بحوزتهم كميات من المتفجرات. وقالت مصادر مطلعة إن «اللجان الشعبية اشتبهت في سيارة، فتم توقيفها وتفتيش من فيها فوجد أن في داخلها كميات من المتفجرات وأن مستقليها 4 فلسطينيين». وأشارت إلى أن المعتقلين «تم احتجازهم لفترة حتى تسلمتهم قوات الجيش».

واشنطن تتحرك لرسم أفق «المرحلة الانتقالية» في مصر وضمان نجاحها
الاربعاء, 02 فبراير 2011
واشنطن - جويس كرم

وعكست تصريحات الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في خصوص تطلّع واشنطن إلى «أفعال» من الجانب المصري و«ليس فقط تعيينات»، النهج الأميركي السائر على خط رفيع في «إدارة الأزمة» يوازن بين عدم المطالبة بتنحي مبارك وفي الوقت نفسه الضغط على النظام للقيام بإصلاحات تنفّس غضب الشارع في المرحلة المقبلة. وتتطلع الإدارة، بحسب ما يقول مسؤولون فيها، إلى إعلان من الرئيس المصري بعدم ترشحه لولاية أخرى أو ترشيح ابنه جمال مبارك للرئاسة، والعمل على التحضير لانتخابات رئاسية «حرة ونزيهة» مع ما يقتضي ذلك من إصلاحات ترتبط بالانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر، وفتح الباب للمعارضة المصرية لإعطاء العملية شفافية وصدقية أكبر. ويفضّل الجانب الأميركي خوض هذه المعركة مع إبقاء مبارك في الحكم. ولم تطلب واشنطن منه التنحي، لا علناً ولا في الاجتماعات المغلقة.

وكانت صحيفة «بوليتيكو» أوردت أن نائب الرئيس المصري عمر سليمان أجرى اتصالات مع أوساط أميركية وأكد لها النية بإصلاح الانتخابات البرلمانية السابقة وضمان تعددية البرلمان في أي انتخابات رئاسية مقبلة، وأنه «على اتصال بشخصيات من المعارضة». وأوضحت الصحيفة أن سليمان أشار إلى أنه ليس بحاجة للمعارض محمد البرادعي كوسيط للتواصل مع المعارضة، وأنه يُجري هذه العملية مباشرة، خصوصاً مع المجموعات الشبابية التي يعرف بعض أعضائها بسبب خدمتهم في الجيش.

ويبدو أن الإدارة الأميركية ترحّب بهذه التحركات التي يقوم بها نائب الرئيس المصري، علماً أنها لم تجر اتصالات بالبرادعي نفسه في خصوص الوضع السياسي في البلاد (اتصلت للاطمئنان بعد تردد معلومات عن وضعه في الإقامة الجبرية الأسبوع الماضي). ويُلاحظ أن واشنطن أشادت بدور الجيش وعدم لجوئه إلى العنف أو أي أساليب لقمع المتظاهرين، وهو ما يضع القوات المسلحة لاعباً أساسياً للإشراف على المرحلة المقبلة.

وإذ تتحاشى الإدارة الأميركية الدخول في التفاصيل الداخلية للعملية الانتقالية، فهي تعمل على زيادة وساطتها لإنجاحها وتفادي سيناريوات مثل سيناريو الثورة الإيرانية التي أطاحت الشاه عام 1979، تحمل هذه المرة جماعة «الإخوان المسلمين» إلى السلطة مثلما حملت آية الله الخميني إلى السلطة في طهران. وجاء إيفاد إدارة أوباما للسفير فيسنر مبعوثاً غير رسمي للقاهرة أول من أمس ليؤكد حرص واشنطن على أن تلعب دوراً في ضمان عملية انتقالية هادئة في القاهرة. وكان فيسنر، الذي غادر مصر أمس بعد محادثات مع عدد غير معروف من المسؤولين، سفيراً سابقاً في القاهرة في ثمانينات القرن الماضي، وهو يحظى بعلاقة ممتازة مع شخصيات مصرية في الحكم وخارجه، ويعتبر من الوجوه الديبلوماسية المخضرمة في الولايات المتحدة (خدم في ثماني إدارات جمهورية وديموقراطية). وتساعده خلفيته هذه في نقل «الرسائل الصعبة» إلى مبارك، كما نقلت شبكة «أن.بي.سي»، والضغط على كل الأطراف لاستعجال تهدئة الأزمة وإيجاد مخارج تضمن «الإصلاح الديموقراطي والسياسي» وعدم تكرار السيناريو الإيراني.

وكتبت وكالة «رويترز» أن الاضطرابات التي وقعت في مصر فاجأت الحكومة الأميركية في بداية الأمر، وأن الإدارة تواجه الآن صراعاً شرساً للموازنة بين مصالحها الاستراتيجية بما فيها الولاء لحلفائها في الشرق الأوسط وبين رغبتها في الإصلاح السياسي في المنطقة.

ولفتت الوكالة إلى أن الانتقادات انهالت على الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لعدم استيعابهما سريعاً حجم الانتفاضة في مصر حيث يحتج الآلاف منذ أيام للمطالبة بإسقاط الرئيس مبارك، حليف الولايات المتحدة.

وتهكم بعضهم من كلينتون على وجه الخصوص لأنها قالت في البداية إن حكومة مبارك تبدو «مستقرة» قبل أن تنضم إلى أوباما في تشديد اللهجة الأميركية مطلع هذا الأسبوع بالدعوة إلى «انتقال منظّم» للسلطة، في إشارة إلى أن واشنطن تشعر بأن أيام الزعيم المصري البالغ من العمر 82 سنة ربما تكون معدودة في السلطة.

وعقد بعض المحللين مقارنات بين رد الفعل الأميركي الحذر وتعهد أوباما في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة عام 2009 بأن الولايات المتحدة تريد المزيد من الحريات السياسية والمحاسبة في العالم الإسلامي. وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحية يوم السبت «الولايات المتحدة بحاجة لأن تنفصل عن مبارك الآن»، وهو مطلب يرجّح أن يقلق بعض الحلفاء الآخرين للولايات المتحدة في المنطقة. لكن السرعة التي تتطور بها الاضطرابات في مصر وإدراك محدودية نفوذ الولايات المتحدة وضع ادارة أوباما في موقف تحاول فيه المشي على حبل مشدود، إذ تسعى إلى تشجيع الإصلاح دون محاولة أن تملي على مصر مستقبلها.

وقال انتوني كوردزمان خبير الأمن القومي بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن: «لا أحد يعلم أيّ نظام سيتولى المسؤولية متى ينتهي هذا وماذا ستكون أهدافه أو كيف سيستقبل المصريون هذا النظام الجديد». ووصف المطالب بأن تلعب الولايات المتحدة دوراً مباشراً بدرجة أكبر بأنها غير واقعية.

وظل مبارك شريكاً قريباً من الولايات المتحدة لعقود واستشهد بخطر التشدد الإسلامي ولو جزئياً كمبرر لسيطرته على الحكم لفترة طويلة.

وتلعب مصر أيضاً دوراً مهماً في عملية السلام في الشرق الأوسط. وكانت أولى دولتين عربيتين وقّعتا اتفاقاً للسلام مع إسرائيل وتعتبرها واشنطن ثقلاً موازناً مهماً لنفوذ إيران في المنطقة.

وعلى رغم الأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة إلى واشنطن فإن نفوذ الولايات المتحدة عليها محدود. والمساعدات العسكرية لمصر التي تبلغ 1.3 بليون دولار سنوياً مهمة لكنها لا تمثّل سوى واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر مقارنة بعشرين في المئة عام 1980.

وقال هوارد بريمان العضو الديموقراطي في الكونغرس الأميركي إنه لا بد من استمرار المساعدات حتى يكون للولايات المتحدة يد في ما قد يحدث في المرحلة المقبلة بمصر. وأضاف في بيان: «ما دام الجيش المصري يلعب دوراً بنّاء في تحقيق انتقال ديموقراطي (للسلطة) فإن على الولايات المتحدة أن تظل ملتزمة ببرامج مساعداتنا المستمرة».

ومن الواضح أن الإدارة الأميركية اهتزت من السرعة التي تفجرت بها الاضطرابات في مصر بعد اندلاع احتجاجات مماثلة أطاحت نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير). وفي حين أن كلينتون وغيرها من المسؤولين حذّروا مراراً من التحديات السياسية التي تواجه حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فإن فكرة أن مصر نفسها يمكن أن تكون عرضة لخطر فوري لم تكن في الحسبان إلى أن اندلعت انتفاضة التونسيين. وقال مسؤول في الاستخبارات الأميركية: «قبل ستة أسابيع لم يكن الناس يكتبون عن هذا مطلقاً. قبل أسبوع.. نعم». ويعترف المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أيضاً بأن انتشار وسائط التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» والرسائل النصية وتسريب موقع «ويكيليكس» وثائق أميركية حساسة كانت عوامل أخرى صعّبت على المحللين التكهن بما قد يحدث ومتى.

واجتمع مسؤولون في البيت الأبيض مع مجموعة من المحللين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي أطلق عليها اسم مجموعة العمل المعنية بمصر كانت قد دعت إلى أن تكون المطالب الأميركية أكثر تحديداً ومن بينها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مصر على الفور ورفع حال الطوارئ وتعهد مبارك بعدم خوض الانتخابات مجدداً.

لكن في التصريحات الرسمية التزم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الحذر وأكدا أن تحديد مستقبل مصر بيد المصريين. وقال بي.جيه كراولي الناطق باسم وزارة الخارجية «هذه الاختيارات ليست بيدنا.. ما نملكه هو تشجيع مصر على إفساح المجال لإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية».


المصدر: جريدة الحياة

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,173,271

عدد الزوار: 6,758,833

المتواجدون الآن: 140