مدينة إجدابيا.. بوابة الاتصال بين شرق ليبيا وجنوبها

الثوار الليبيون يسيطرون على إجدابيا ويصلون إلى مشارف البريقة

تاريخ الإضافة الأحد 27 آذار 2011 - 8:26 ص    عدد الزيارات 2677    القسم عربية

        


الثوار الليبيون يسيطرون على إجدابيا ويصلون إلى مشارف البريقة
أعيرة نارية احتفالا بالنصر.. وجثث قوات القذافي تتناثر في الصحراء
بنغازي - لندن - وكالات: «الشرق الأوسط»
أعلن ناطق باسم المعارضة الليبية في بنغازي، معقل الثوار في شرق البلاد، أن قوات العقيد معمر القذافي تتقهقر منذ أمس نحو الغرب أمام مطاردة الثوار انطلاقا من مدينة إجدابيا الاستراتيجية.

مدينة إجدابيا.. بوابة الاتصال بين شرق ليبيا وجنوبها
القاهرة: حسام سلامة*
مدينة إجدابيا الليبية هي مدينة صحراوية تقع شمال شرقي ليبيا على الطريق الساحلي، تبعد نحو 160 كم جنوب بنغازي.

وتعتبر إجدابيا هي المحور الذي يتحكم بالطرقات الرئيسية التي توصل إلى شرق ليبيا وجنوبها، وتقع البريقة إحدى المدن القريبة من إجدابيا على بعد 75 كم على خليج سرت، على مسافة 240 كيلومترا إلى الغرب من بنغازي، وهي أيضا جزء من اسم مدينة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها سبعة آلاف نسمة، شُيِّدت قبل 10 سنوات لإيواء عمّال المجمّع الغازي الكبير المجاور، لتكون منتجعا ساحليا على البحر، وهي ليست المرة الأولى التي تكون فيها المدينة النفطية، نقطة ساخنة للمواجهات المفصلية؛ فقد وقعت فيها معركة أساسية خلال الحرب العالمية الثانية، وقد نجح ثوارها في التصدي لقوات العقيد معمر القذافي عندما حاولت استعادة السيطرة عليها قبل يومين، كذلك منعوا مرتزقة القذافي من السيطرة على مطارها الحيوي حيث تسير رحلات يومية إلى طرابلس، وتضم المدينة مصافي التكرير الخاصة بشركة «سرت» النفطية المملوكة من الشركة الوطنية للنفط.

تكمن خطورة مدينة إجدابيا في أنها تعتبر همزة وصل بين المدن الليبية، حيث يربطها طريق طبرق إجدابيا الذي قلص المسافة من 620 كم (عبر الطريق الساحلي الليبي) إلى حوالي 410 كم فقط، لكن الحركة على هذا الطريق قليلة نسبيا لعدم وجود علاقات اجتماعية مهمة بين المدينتين، ويستعمل هذا الطريق من قبل المسافرين من طرابلس إلى طبرق، وبالعكس.

تاريخيا كانت إجدابيا تعتبر في العصر الروماني مركزا حربيا وقد افتتحها عمرو بن العاص سنة 22هـ، وبلغت أوج ازدهارها وأهميتها الإقليمية في القرن العاشر الميلادي، إبان حكم الفاطميين ويرجع سبب ازدهارها إلى أهمية موقعها عند مفترق الطريق الساحلي وطرق القوافل الممتدة عبر الصحراء، ويعود اهتمام الفاطميين بها لموقعها الذي بفضله يمكن تأمين طرق التجارة بين مصر والمغرب، مما جعلها تنفرد بمجموعة مهمة من الآثار التي تعود لتلك الفترة التاريخية. وتضم إلى جانب القصر الفاطمي - وهو درة التاج في إرث إجدابيا الأثري - كلا من مسجد الإمام سحنون، ويعرف كذلك بالمسجد الفاطمي، وقصر الصحابي الموجود في منتصف المسافة بين إجدابيا وأوجلة، وهي قلعة بنيت أثناء الفتح الإسلامي، وسميت قصر الصحابي نسبة إلى عبد الله بن أبي السرح، كما يوجد بها حصن روماني تم اكتشافه عام 1975 يقع شمال غربي مقبرة سيدي حسن.

في العصر الحديث احتلتها القوات الإيطالية للمرة الأولى في منتصف مارس (آذار) 1914 ودمرتها تدميرا تاما ولم يبق منها سوى القصر القديم الذي حوله الإيطاليون إلى مقر لقيادة الجيش، ثم أعاد الإيطاليون احتلالها في أبريل (نيسان) 1923.

وقد اتخذ الأمير إدريس السنوسي من إجدابيا عاصمة للإمارة بعد اتفاقية الرجمة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 1920.

يبلغ عدد سكان مدينة إجدابيا مع مجموع ضواحيها نحو 108 آلاف نسمة، ويوجد بها مصنع أنابيب البولي إيثيلين أحد فروع شركة «الدرع الأهلية».

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»

وصرح المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، شمس الدين عبد مولاه، للصحافيين أن «إجدابيا باتت مائة في المائة تحت سيطرة قواتنا، ونحن نلاحق قوات القذافي على طريق البريقة»، التي تبعد 80 كلم غرب إجدابيا.

وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية صباح أمس بأن إجدابيا سقطت في أيدي الثوار. وجابت سيارات الثوار في المدينة التي هدأ فيها إطلاق النار وهم يرفعون أيديهم بإشارة النصر ويطلقون الرصاص ابتهاجا.

وأضاف المتحدث أن «قوات القذافي باتت في وضع دفاعي لأنها فقدت التغطية الجوية ودعم الأسلحة الثقيلة»، بعد أسبوع من الهجمات الجوية التي يشنها الائتلاف الدولي. وأفاد أحمد خليفة، وهو ناطق آخر باسم المعارضة، بأن 9 مدنيين قتلوا وجرح 9 آخرون في معارك إجدابيا أمس (السبت) في وقت مبكر، موضحا في المقابل أن غارة جوية شنت ليلا لكنها لم تخلف ضحايا.

وأكد عبد مولاه أن هجمات الائتلاف «جهزت ميدان المعركة» للثوار. كما تحدث عن انشقاق ضباط وجنود محنكين من صفوف قوات العقيد القذافي منذ يوم الخميس الماضي، الأمر الذي لعب دورا حاسما في محاصرة إجدابيا باحتواء حماس الثوار الذين يفتقرون إلى الانضباط والتدريب.

وأضاف الناطقان أن العسكريين نسقوا هجماتهم مع الائتلاف وشنوا هجمات بين الغارة الجوية والأخرى.

وأوضح خليفة أنهم أسروا 13 مقاتلا من جنود القذافي وأنهم يعاملونهم كأسرى حرب. وأكد أن هذا العدد الذي سجل مساء الجمعة بعد السيطرة على إجدابيا مرشح للارتفاع. وقال «نحن بصدد تمشيط المدينة». واستهدف قصف جوي قام به الائتلاف الدولي عصر أول من أمس مواقع قوات القذافي واغتنم الثوار هذا الدعم فاستعادوا المبادرة واقتحموا هذه المدينة المحورية التي تبعد 160 كلم جنوب بنغازي. وكانت قوات القذافي استعادت إجدابيا الأسبوع الماضي.

من جهة أخرى، أكد مصطفى الغرياني الناطق باسم المعارضة أن ميناء مصراتة الذي تعرض إلى هجمات قوات القذافي في غرب البلاد في حاجة ماسة إلى دعم دولي في شكل غارات ومساعدات إنسانية. وقال «أرجوكم افعلوا شيئا من أجل مصراتة، أرسلوا مستشفى ميدانيا». وقال عبد مولاه إنه تبلغ أن مستشفى ميدانيا أرسلته منظمات غير حكومية سيغادر مالطا تحت حراسة حلف شمال الأطلسي متوجها إلى مصراتة. وأكد أن الثوار لا يريدون تدخلا بريا من القوات الأجنبية.

وردا على سؤال حول مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» يفيد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي تنوي إرسال أسلحة للثوار، قال خليفة إن حركة التمرد لم تتقدم بهذا الطلب ولم تحصل على أي إمدادات بالأسلحة في الوقت الراهن.

لكنه اعتبر أنهم يرحبون بالحصول على إمدادات إذا وافقت فرنسا وغيرها من الدول على إرسالها. وأكد خليفة أن الثوار رفضوا مبادرة الاتحاد الأفريقي، محاولة التوصل إلى اتفاق مع نظام القذافي، معتبرا أن «الطريقة الوحيدة لتسوية النزاع هي إحالة القذافي وأبنائه إلى القضاء بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». وتأتي سيطرة «الثوار على إجدابيا بعد أسبوع من انطلاق عملية (فجر أوديسا) لشل القوى العسكرية لنظام ليبيا وحماية المدنيين». وكان مسؤولون في الحكومة الليبية قد صرحوا في وقت سابق أن ضربات التحالف الجوية توفر الغطاء لتقدم الثوار نحو إجدابيا، التي تعد المدخل إلى مدينة بنغازي معقل الثوار القوي.

من جهته قال إبراهيم موسى، المتحدث باسم الحكومة الليبية: «هذا (عمل) غير مشروع ولم يجر تفويضه من قبل مجلس الأمن الدولي». ومن جانبها أكدت قيادات التحالف أن مهامها العسكرية تنحصر في تعزيز منطقة «حظر الطيران» فوق ليبيا وحماية المدنيين. ورسميا اعترف خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي أمس بسيطرة الثوار الليبيين على مدينة إجدابيا شرق البلاد. وأضاف أن الثوار تمكنوا من السيطرة على المدينة بعدما شنت قوات التحالف سلسلة غارات جوية بشرق وغرب المدينة، مما أدى إلى تدمير دبابات ومدرعات تابعة لقوات القذافي وإجبار القوات على الفرار. وأفاد مصدر طبي بالعثور على 21 جثة لمقاتلين من قوات العقيد معمر القذافي في الصحراء قرب إجدابيا، أثر الهجمات الجوية التي شنها الائتلاف العسكري الدولي.

وأكد أسامة القصي في مستشفى الهواري في بنغازي أنه عثر على الجثث على بعد نحو 10 كيلومترات غرب مدينة إجدابيا.

ولاحظ مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن جثثا نقلت على متن سيارة مكشوفة إلى بنغازي معقل المعارضة التي تبعد 160 كلم شمال شرقي إجدابيا. وشوهدت جثث أخرى متفحمة في الصحراء وألقي عليها غطاء.

وقال القصي إن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع لأن الفريق الطبي عثر في المكان على أشلاء بشرية. وشعبيا وقف سكان إجدابيا على عتبات منازلهم يهللون مبتسمين للثوار وهم يمرون في سياراتهم المكشوفة في شوارع المدينة صباح أمس، بعد انسحاب قوات القذافي من مدينتهم ليلا. وبعد تعرضهم لقصف الطيران الدولي وهجمات المتمردين الذين باتوا أفضل تنظيما، فر ما تبقى من جيش طرابلس ليلا باتجاه الغرب على الطريق الساحلي.

وروى عمر باشي الدهان الجزائري المقيم في المدينة منذ عشرين سنة أن «المواجهات كانت يوم الجمعة من دون انقطاع ثم توقف كل شيء في الساعة 23.30، وفي منتصف الليل رحل رجال القذافي». وتابع «دخل الثوار المدينة بعد ذلك بقليل وقالوا لنا إن كل شيء قد انتهى، لقد وصلوا في الوقت المناسب لأنه لم يبق لنا سوى الأرز نأكله منذ عدة أيام».

وأكد سليم علي الذي يرافقه ابنه أنس (8 سنوات) أنها المرة الأولى التي يتمكن فيها من الخروج من المنزل منذ 6 أيام. وأوضح «كنا نسمع المعارك من حولنا واضطررنا إلى البقاء في المنزل نحاول النجاة بفضل الله وحده». وفي مدخل المدينة يدل ما تبقى من مواقع قوات طرابلس الدفاعية على شراسة المعارك والقصف الجوي حيث شوهدت دبابات مدمرة وشاحنات متفحمة وسيارات رباعية الدفع أصبحت رمادا وكمية كبيرة من عبوات الرصاص الفارغة المتناثرة على الأرض. وتجمع الفضوليون حول جثتي جنديين، سحنتهما أفريقية، ممددتين على الرمل تحت شجيرات نحيلة، قال الثوار إنهما مرتزقة في صفوف قوات النظام الليبي، وحاول البعض ركلهما بينما نهاهم آخرون، ووضعت الجثتان في سيارة مكشوفة ونقلتا إلى مستشفى المدينة.

وهناك أكد الطبيب أحمد القناهي لـ«فرانس برس» أن معارك الجمعة لم توقع «سوى ثلاثة جرحى مدنيين ولم يسقط قتلى في صفوف المتمردين بينما قد تكون قوات القذافي نقلت جرحاها».

ولم يبق في المستشفى الذي يعمل منذ 10 أيام بمولد كهربائي وحيد لتشغيل قاعة العمليات، صباح أمس سوى نحو 15 جريحا جروحهم طفيفة. وأوضح الطبيب أن «المصابين بجروح خطيرة نقلناهم إلى بنغازي عبر طرق الصحراء». وأفادت مصادر محلية بأن اتصالات جارية منذ عدة أيام عبر رجال دين في إجدابيا مع ضباط في الجيش الليبي محاصرين في المدينة لإقناعهم بالانسحاب. وقد دفع القصف الجوي العنيف يوم الجمعة وهجمات المتمردين وعدم إمكانية وصول تعزيزات أو إمدادات، بقوات القذافي إلى الانسحاب من مواقع أصبحوا غير قادرين على الدفاع عنها. وأكد متمردون لـ«فرانس برس» أنهم فروا على متن سيارات مدنية تاركين عتادا ثقيلا كي لا ترصدهم مقاتلات الائتلاف.

من جهة أخرى، قال شهود عيان من مدينة إجدابيا إن قوات القذافي تتراجع صوب الجنوب الغربي إلى بلدة البريقة النفطية، وهناك آثار معركة شرسة عند البوابة الغربية للمدينة. بينما ذكر أحد سكان مصراتة أن إجمالي عدد القتلى بين سكان المدينة خلال الأسبوع الماضي بلغ 115 قتيلا.

وتواصلت فجر أمس (السبت) موجات القصف الجوي والصاروخي الذي تنفذه قوات التحالف الغربي لليوم السادس على التوالي على مختلف مناطق العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها.

وذكر مصدر عسكري ليبي أن قوات التحالف الغربي ضد ليبيا واصلت فجر أمس قصف الكثير من المواقع المدنية والعسكرية خاصة منطقة «ألوطية» غرب طرابلس حيث تعرضت لقصف بصواريخ بعيدة المدى. ولم يتسن معرفة حجم الخسائر التي سببتها هذه الموجة الجديدة من عمليات القصف الجوي والصاروخي لقوات التحالف الغربي ضد ليبيا. وتأتى سلسلة الغارات الجوية لقوات التحالف في إطار عملية «فجر أوديسا» العسكرية الدولية من قبل فرنسا وأميركا وبريطانيا بعد أن تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1973 فجر الجمعة قبل الماضي والقاضي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا واتخاذ «جميع الإجراءات الضرورية» لحماية المدنيين الليبيين.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,044,752

عدد الزوار: 6,749,388

المتواجدون الآن: 105