الآلاف يتظاهرون في حلب واعتقالات وقتل في بقية المدن

أردوغان: سوريا على غرار ليبيا

تاريخ الإضافة الجمعة 19 آب 2011 - 4:36 ص    عدد الزيارات 3226    القسم عربية

        


 

أردوغان: سوريا على غرار ليبيا
الآلاف يتظاهرون في حلب واعتقالات وقتل في بقية المدن
لندن - دمشق - واشنطن: «الشرق الأوسط»
شبّه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الموقف في سوريا بالوضع في ليبيا، مشيرا الى الاتصالات التي اجرتها بلاده بالعقيد الليبي معمر القذافي في بداية الأزمة ولم تثمر وقال «الآن يحدث نفس الموقف في سوريا. لقد أرسلت وزير خارجيتي واتصلت شخصيا عدة مرات كان آخرها قبل نحو ثلاثة أيام عبر الهاتف. ورغم كل ذلك ما زال المدنيون يُقتلون».
في غضون ذلك قالت مصادر أميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن الإدارة الأميركية باتت تنظر إلى نظام الأسد على أنه «مفلس»، رغم أنها لم تطلب إلى الرئيس التنحي بعد.
واستمر النظام السوري في توسيع العمليات العسكرية والأمنية، ووصلت حملة الاعتقالات أمس إلى قلب دمشق، بينما عادت دبابات الجيش إلى دير الزور وحاصرت مخيما للفلسطينيين في حمص، مع ورود أنباء عن حرق وتهديم منازل في مخيم الرمل باللاذقية. وفي تطور جديد خرج الآلاف امس في عدة شوارع في حلب للتظاهر ضد النظام.
 
أردوغان: الوضع في سوريا أشبه بالوضع في ليبيا قبل تدخل قوات الناتو
تونس تستدعي سفيرها في دمشق للتشاور.. وداوود أوغلو يشير إلى تحرك تركي اذا استمر النظام بممارسة العنف ضد شعبه
لندن: «الشرق الأوسط»
شبه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، الموقف في سوريا بالوضع في ليبيا، مواصلا الضغط على دمشق من أجل إنهاء الحملة الأمنية ضد المحتجين. ويبدي الزعماء الأتراك شعورا متزايدا بخيبة الأمل تجاه الأسد، الذي كانوا يدعمونه في السابق، وهو الشعور نفسه الذي أبدوه تجاه العقيد الليبي، معمر القذافي، بعد محاولة للوساطة في الأزمة في ليبيا. وقال أردوغان للصحافيين: «فعلنا ما بوسعنا بشأن ليبيا، لكننا لم نستطع تحقيق أي نتائج. لذا فقد أصبح الموضوع مسألة دولية الآن. لم يحقق القذافي آمالنا والنتيجة كانت واضحة». وقال: «والآن يحدث الموقف نفسه في سوريا. لقد أرسلت وزير خارجيتي واتصلت شخصيا عدة مرات كان آخرها قبل نحو ثلاثة أيام عبر الهاتف. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن المدنيين ما زالوا يقتلون». واتصل أردوغان أكثر من مرة بالقذافي بعد اندلاع الثورة الليبية في فبراير (شباط) الماضي، داعيا إلى وقف إطلاق النار والسماح بانتقال السلطة. وفي يونيو (حزيران) الماضي عرض عليه أردوغان ضمانا لم يحدده إذا غادر ليبيا، لكنه لم يتلق أي إجابة. ومنذ ذلك الوقت كثفت تركيا مساعداتها للمعارضة الليبية، وزادت شحناتها من الوقود إليها.
وكان وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، قد وجه في وقت سابق من يوم أمس، دعوة جديدة لسوريا، لوقف العمليات العسكرية. وقال داود أوغلو في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني، ناصر جودة، «إذا استمرت العمليات في سوريا وأصبحت مشكلة إقليمية فمن الطبيعي أن لا تقف تركيا مكتوفة الأيدي». وأبدى جودة كذلك قلقه إزاء الوضع في سوريا قائلا إنه سيواصل التشاور مع تركيا حتى تتوقف إراقة الدماء والعنف والقتل. ويتزايد إحباط القادة الأتراك الذين كانوا من قبل يساندون الأسد، من الحملة العنيفة على المتظاهرين المطالبين بإنهاء حكمه المستمر منذ 11 عاما. وفي الإطار نفسه، وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده جودة، بعد المحادثات التي أجراها مع نظيره التركي، في إسطنبول، ذكرت قناة «تي آر تي» التركية أن جودة أكد ضرورة الوقف السريع والفوري لكل أعمال العنف، والعمليات العسكرية التي يقوم بها النظام السوري ضد المتظاهرين المدنيين، مشددا على التوافق بين موقف الأردن وتركيا الرامي لضرورة الوقف الفوري لأعمال العنف في سوريا. كما تقدم جودة خلال المؤتمر الصحافي بأحر التعازي لتركيا، حكومة وشعبا، بشأن مقتل الجنود الأتراك الثمانية جنوب شرقي البلاد. وأكد أن الأردن تحافظ على موقفها من محاربة الإرهاب والتصدي له، أيا كان وأينما كان، وتساند تركيا، حكومة وشعبا، في التصدي له. وشدد جودة على تطور وازدهار العلاقات التركية الأردنية ومكانتها على طول التاريخ على جميع الأصعدة، السياسية والثقافية والاقتصادية.
وأشارت «تي آر تي» إلى أن المباحثات بين الوزيرين تطرقت إلى القضايا العالقة في الشرق الأوسط وعلى رأسها سوريا.
من ناحية أخرى نفت مصادر حكومية تقارير حول وجود خطط لتأسيس منطقة عسكرية عازلة على الحدود السورية مع تركيا.
وذكرت صحف تركية، أمس، أن أنقرة تدرس عزل نظام الأسد دوليا، وسحب السفير التركي من دمشق.
وأضافت التقارير أن الحكومة التركية تدرس أيضا إمكانية تعليق التعاون العسكري مع سوريا، وفرض قيود على النقل بين البلدين، وتجميد ممتلكات عائلة الأسد في تركيا، حسب وكالة الأنباء الألمانية. كما نفى مسؤولون أتراك، أول من أمس، تقارير صحافية قالت إن أنقرة تخطط لفرض منطقة عازلة لمنع تدفق اللاجئين. وكان داود أوغلو قد حث الأسد، يوم الاثنين الماضي، على إنهاء العمليات العسكرية ضد المدنيين على الفور ومن دون شروط، قائلا إن هذه كلمة أنقرة الأخيرة. في سياق آخر صرح مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الخارجية التونسية لوكالة «تونس أفريقيا» للأنباء، بأنه «نظرا للتطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية، قررت الحكومة التونسية دعوة سفيرها في دمشق للتشاور». حسب الوكالة الألمانية للأنباء.
كما هدد وزير الخارجية الألمانية، غيدو فسترفيلي، بممارسة المزيد من الضغوط الدولية وفرض عقوبات جديدة على سوريا. وكرر فسترفيلي، أمس، في برلين مطالبته للرئيس السوري، بشار الأسد، بوقف «العنف الوحشي» ضد شعبه، كما طالب النظام في دمشق بالدخول في محادثات مع المعارضة.
وأضاف فسترفيلي: «الحوار ضروري. الإصلاحات ضرورية.. إذا لم تتحقق هذه الإصلاحات بالفعل فعلى الرئيس الأسد أن يرحل». لكن الوزير الألماني تجنب في كلامه مطالبة الأسد بالتنحي الفوري.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي بحث سبل تشديد العقوبات على النظام السوري. وفي هذا السياق أشار فسترفيلي إلى إمكانية فرض عقوبات تتعلق بـ«قطاع الطاقة».
وحول إمكانية تدخل حلف شمال الأطلسي في سوريا، استبعد السفير الأميركي لدى الجزائر، هنري سي. إنشر تدخل حلف شمال الأطلسي في سوريا. وقال إنشر في حوار مع صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية، أمس الأربعاء: «لا أرى أي إمكانية لتدخل قوات الناتو في سوريا في ظل الظروف الحالية». وأضاف: «لا أتحدث كناطق رسمي باسم حلف الناتو، لكن كسفير أميركي، نحن نقرر بشأن كل قضية حسب الظروف المحيطة بها، وحتى إن كانت لنا مصالح في العراق وأفغانستان أو حتى ليبيا، فليس لذلك علاقة، فالقرار قرار الرئيس وقرار ثان للبلد المعني، فنحن نعتبر الظروف والأوضاع في أي بلد هي التي تقتضي التدخل قبل اتخاذ القرار، لكن عندما نتدخل في بلد معين، فهذا لا يعني أن هناك مانعا للتدخل الضروري في بلد آخر».
 
هدم وإحراق منازل واعتقال المئات في حي الرمل باللاذقية.. وتطويق مخيم للفلسطينيين في حمص
الجيش يعود إلى دير الزور بعد إعلان انسحابه منها.. وحملة الاعتقالات تصل إلى دمشق
دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»
رغم إعلان القوات السورية انسحابها من اللاذقية أمس، فقد أكد ناشطون تواصل العمليات العسكرية والأمنية في المدينة، كما عادت الدبابات إلى مدينة دير الزور بعد أن كانت أعلنت انسحابها منها. وفي الوقت نفسه صعدت قوات الأمن حملتها العسكرية في مدينة حمص والبلدات المحيطة بها، كما وصلت حملة الاعتقالات إلى العاصمة دمشق. ويبدو أن استهداف مخيمات الفلسطينيين بدأت تتوسع إلى خارج اللاذقية لتصل إلى حمص وحماه.
وسجلت حصيلة جديدة من القتلى أمس، إذ أكد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن 8 أشخاص قتلوا حتى الظهر في أنحاء البلاد، منهم اثنان في اللاذقية و4 قتلى في الحولة، وقتيل في حمص وآخر في حماه.
وفي اللاذقية، أكد المرصد أن أكثر من 700 عنصر أمن ينفذون منذ صباح أمس حملة مداهمة للمنازل، وقال: إن مواطنين اعتقلوا من خلال قوائم في حي الرمل الجنوبي في اللاذقية التي تشهد وضعا متفجرا منذ أيام. وأشار إلى «استمرار إطلاق الرصاص الكثيف في معظم الأحياء المعارضة للنظام حتى الساعة الرابعة فجرا. وكشف عبد الرحمن أن «قوات الأمن اعتقلت أول من أمس أكثر من 400 شخص وزجتهم في المدينة الرياضية والملاعب ودور سينما في اللاذقية».
ولفت إلى «وقوع جرحى إلا أن الأهالي يخشون من إسعافهم إلى المستشفيات خشية الاعتقال».
وأشار عبد الرحمن إلى حالات هدم لمنازل ومحال تجارية في حي مسبح الشعب والغراف «بحجة أنها عشوائية».
وأكد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية من جهته على تواصل إطلاق النار بعد منتصف ليل أمس في المدينة الساحلية، خصوصا في أحياء الحرش وشارع ميسلون والصليبة والشيخ ضاهر. وتحدث اتحاد التنسيقيات عن إحراق منازل كل من عائلة البوبلي والعوضي والدسوقي، وكلهم فلسطينيون من حي الرمل. وأضاف الاتحاد أنه يتم «استخدام سيارات الإسعاف من قبل الأمن والشبيحة في التنقل وإطلاق الرصاص كما حدث في حي الرمل ويحدث اليوم في حيي الصيداوي وبستان الليمون».
من جانب آخر أكدت مصادر محلية إقامة حاجز جديد لقوى الأمن على الطريق الواصل بين أريحا وقرى سرجة وبزابور في محافظة إدلب المجاورة لمحافظة اللاذقية، وذلك بعد ليلة دموية شهدتها قرى جبل الزاوية، لا سيما أن غالبية سكان الرمل الجنوبي يتحدرون بأصولهم من جبل الزاوية ويتقاسمون الرمل الجنوبي مع الفلسطينيين المقيمين في المخيم.
وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) قد نقلت عن مصدر مسؤول قوله إن قوات الأمن «اعتقلت عددا من المسلحين وفككت عبوات ناسفة وألغاما زرعتها جماعات وصفهم بالإرهابيين في شوارع حي الرمل». كما أعلنت وزارة الداخلية السورية انتهاء العملية الأمنية في حي الرمل الجنوبي، وقال العميد محمد حسن العلي مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية في تصريح رسمي إن «قوات حفظ النظام مدعومة بوحدة من الجيش أنهت مهمتها في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية بعد أن وضعت حدا للمجموعات الإرهابية المسلحة». وأوضح أن هذه «الوحدة من الجيش باشرت خروجها من حي الرمل الجنوبي بعد أن أتمت مهمتها وبدأ الحي يستعيد عافيته كما بدأ المواطنون فيه يزاولون حياتهم الطبيعية التي عكرت صفوها ممارسات تلك المجموعات الإرهابية المسلحة».
وفي حمص، قال سكان في حي النازحين إنهم سمعوا أصوات انفجارات هناك، ورجحوا أن تكون قنابل صوتية بهدف بث الذعر بين الأهالي، حيث تم تطويق حي النازحين وفيه مخيم فلسطيني، وجرت عملية تمشيط واسعة للبيوت واعتقالات شملت العشرات من السكان. ومخيم اللاجئين الفلسطينيين ظل خارج دائرة الاحتجاجات طيلة الأشهر الأولى، ولكن منذ نحو شهرين حاول شباب فلسطينيون إسعاف جرحى من المصابين إلى مستشفى البر، فقامت قوات الأمن بإطلاق النار عليهم ما جعل شرارة الاحتجاجات تمتد بين الشباب الفلسطينيين الذين كانوا يتعاطفون مع المتظاهرين دون مشاركة فعلية. وفوجئ أهالي حمص يوم أمس بقيام قوات الأمن والجيش بتطويق المخيم بشكل كامل.
وفي تطور لافت في سياق محاصرة المخيمات الفلسطينية، أعلنت السلطات السورية عن ضبط سيارتين محملتين بأسلحة مهربة شمال غربي مدينة حماه، أي في المنطقة التي يقع فيها مخيم للاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي أثار توجس ناشطين، وكتب أحدهم في صفحته على موقع «فيس بوك» محذرا من أن يكون الهدف من وراء بث هكذا خبر، التمهيد لعملية أمنية وشيكة في المخيم في حماه.
وفي دير الزور، عادت الدبابات إلى الشوارع بعد أن كانت السلطات السورية أعلنت عن مغادرة قوات الجيش للمدينة من مدخليها الجنوبي والشمالي الشرقي ظهر أول من أمس. وقال مسؤول عسكري سوري للصحافيين إن «القوات خرجت بعد إتمام العملية مباشرة» وهي القضاء على «المجموعات المسلحة»، موضحا أن «هذا الخروج نهائي ولا عودة للجيش أبدا» إلى دير الزور، إلا أن أحد سكان دير الزور أكد يوم أمس أن الدبابات في دوار الحلبية ودوار المعامل، فيما قال ناشطون في دير الزور في وقت سابق إن الدبابات لم تنسحب وإنما تمركزت في مواقع مخفية بعيدا عن الأماكن التي زارها الإعلاميون في الرحلة التي نظمتها السلطات للإعلاميين يوم الثلاثاء. وأكد الناشطون أن الدبابات تمركزت داخل موقع الدفاع المدني وخلف كراجات البولمان وفي معسكر الطلائع وفي معسكر الصاعقة وداخل موقع الإطفائية ومرأب مديرية الكهرباء في الصالحية وفي اللواء 137 وداخل الكتيبة السابعة وفي مقري الأمن السياسي والأمن العسكري وفي المطار وعند الكورنيش القديم وبجانب السكن الشبابي. وقالوا: إن هناك حواجز أمنية على جميع مداخل المدينة مع وجود لوائح بأسماء المطلوبين.
وتحدث اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن «عودة الحواجز الأمنية والدبابات للكثير من المناطق داخل المدينة»، وقالوا: إن الأمن نفذ حملة اعتقالات كبيرة في منطقة المطار القديم، أسفرت عن تكسير وحرق الكثير من البيوت والمحلات واعتقال العشرات.
وفي دمشق، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «قوات أمنية كبيرة نفذت حملة مداهمات للمنازل» فجر أمس، في حي ركن الدين في دمشق، الذي يعيش فيه أغلبية كردية، مشيرا إلى أن العمليات تركزت في «الحارة الجديدة التي قطع التيار الكهربائي عنها». وأسفرت الحملة عن اعتقال عشرات النشطاء، بحسب عبد الرحمن. وذكر مدير المرصد أن «عناصر أمنية اقتحمت مساء أمس (أول من أمس) بلدة معضمية الشام الواقعة في ريف دمشق وداهمت المنازل والمزارع واعتقلت 5 نشطاء». وتابع أن «الأجهزة الأمنية اعتقلت عشرات النشطاء عصر ومساء الثلاثاء خلال حملات مداهمة في الزبداني وحرستا وعربين في ريف دمشق».
وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن هناك «انتشارا أمنيا كثيفا جدا في حي ركن الدين وسط دمشق، وإن ألفي عنصر أمن مدججين بالسلاح دخلوا إلى الحي بعد صلاة الفجر وقاموا بعمليات مداهمة واقتحام وكسر أبواب البيوت واعتقال السكان، كما امتدت المداهمات لحي الصالحية».
وفي محافظة إدلب، شمال غربي البلاد، قتلت رصاصة رجلا كان يقف في شرفة منزله، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكانت قوات تنفذ غارات داخل المنطقة في ذلك الوقت.
وفي حمص، استيقظ الأهالي على عمليات اقتحام ومداهمة واعتقالات واسعة، وأكدت مصادر محلية مقتل الطفل خالد بن أحمد السليمان البالغ من العمر 14 عاما عند اقتحام إحدى المزارع في منطقة دير بعلبة. وقالت المصادر إن شخصين آخرين أصيبا أيضا. وفي مدينة حمص أعلن ناشطون عن اعتقال الشيخ منير حوري زاده، وقالوا: إن الشيخ سبق واعتقل في مارس (آذار) الماضي لأنه منع رجال الأمن من دخول جامع خالد بن الوليد بأحذيتهم وقد تعرض لتعذيب شديد. وشهد حي عشيرة يوم أمس إطلاق نار كثيف خلال حملة مداهمات واعتقالات جرت ظهر يوم أمس وكما تم إطلاق نار كثيف في حي الخالدية مع حملة مداهمات، وتخريب للمحال التجارية ومحال الغذائيات واعتقالات عشوائية في الشارع. وكذلك كان الأمر في حي بابا عمرو وباب تدمر وقال ناشطون إن عمر إبراهيم الزعبي 27 سنة متزوج ولديه طفل صغير تم إطلاق النار عليه وهو خارج من عمله في حي الأرمن.
وفي سهل الحولة القريب من مدينة حمص، شنت قوات الأمن حملة واسعة ترافقت مع إطلاق نار، وتم اعتقال العشرات من الشباب من قرى الحولة الشرقية (عقرب وطلف وبرجقاعيا وحربنفسه) بينهم مصابون، وقال ناشطون إن عدد المعتقلين تجاوز الـ300 معتقل. وأشار ناشطون إلى أنه بعد ظهر يوم أمس شوهد فريق من التلفزيون السوري في شوارع خالية في منطقة الحولة والتقطوا صورا تؤكد خلوها من الجيش وتظهر أن الحياة طبيعية لتكذيب كل ما يرد من أنباء عن محاصرة الحولة.
وجاءت هذه الحملة على عدة أحياء في مدينة حمص بعد يوم من خروج متواصل للمظاهرات في تلك الأحياء بعد صلاتي التراويح والفجر وخلال يوم أمس حيث تحدى المتظاهرون قوات الأمن وخرجوا بالقرب من الساعة الجديدة. أما المظاهرة الأكبر في حمص فكانت يوم أول من أمس بعد التراويح في حي الإنشاءات، حيث غنى المتظاهرون «يا ماهر البس البدلة وتعال عملك بحمص فتلة والله لنطعميك قتلة ويلا ارحل يا بشار»، وذلك ردا على ما أشاعه مؤيدو النظام عن تهديد ماهر الأسد للمتظاهرين بالقول: إنه «ما زال يرتدي بيجامة الرياضة ولم يلبس بعد البزة العسكرية».
 
اللاذقية.. مدينة اختطفها رجال النظام من أهلها
الأحياء القديمة من المدينة تعاني من الحرمان.. والقادمون من أريافها من أقرباء الأسد ورجاله يعيشون في ترف مطلق
اللاذقية - لندن: «الشرق الأوسط»
كانت اللاذقية من أول المدن، بعد درعا، التي نادت بإسقاط النظام السوري. لكن أحدا لم يكن يتخيل أن تخرج في هاتين المدينتين مظاهرات مضادة للنظام، بسبب وجود عدد كبير من المسؤولين في الدولة، وحزب البعث الحاكم، والمستفيدين، من أبناء محافظة درعا. كذلك، فإن معظم رجال النظام في الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية من الذين ينتمون للطائفة العلوية، هم من أبناء محافظة اللاذقية، عدا بالطبع عائلة الأسد المتحدرة من قرية القرداحة في ريف اللاذقية.
اللاذقية شكلت طوال أربعة عقود من حكم آل الأسد معقلا للمستفيدين من النظام من الأسرة والأقارب، والموظفين في الدولة، والمهربين (الشبيحة) من أبناء الطائفة العلوية. وبدلا من أن يعود ذلك على المدينة تميزا ومزايا، فقد حولها إلى منطقة مستباحة لفئة معينة من السكان، على حساب الفئات الأخرى التي تنتمي لأكثر من طائفة، أغلبهم من المسلمين السنة. وتعد اللاذقية الخامسة بين المدن السورية من حيث عدد السكان، الذي قدر في إحصاءات 2009 بنحو 650.558 نسمة، ينتمون لطوائف ومذاهب وأعراق متنوعة. فهناك مسلمون سنة، وعلويون ومسيحيون من طوائف عدة يشكل الأرثوذكس الغالبية منهم إضافة إلى الموارنة والكاثوليك. أما من الناحية العرقية، فيشكل العرب السوريون الأغلبية الساحقة، مع وجود أقليات أرمنية وتركمانية، تعيش في عشرين حيا، بعضها نشأ بعد السبعينات نتيجة توافد أبناء القرى والبلدات المجاورة للعمل فيها بعد تنشيط القطاع السياحي والحركة التجارية والاقتصادية.
تاريخيا، كانت مدينة اللاذقية تتألف من عدة أحياء قديمة يتركز فيها السكان الأصليون من المسلمين السنة والمسيحيين الأرثوذكس والطوائف الشرقية. وحصل فيها توسع من الجانبين الشمالي والجنوبي. جنوبا كان توسع الأحياء القديمة نحو العشوائيات والمخيم الفلسطيني، وشمالا نحو المشاريع السكنية الحديثة والمرافق السياحية. ومن أقدم وأكبر الأحياء، حي الشيخ ضاهر حيث يتركز المسلمون السنة. وبحكم قدمه وموقعه، شكل هذا الحي المركز التجاري وتجمع الأسواق. ويوجد فيه فرع مصرف سوريا المركزي وهيئة الرقابة والتفتيش، فضلا عن مدرسة جول جمال الأثرية وقصر المحافظة الجديد.
ويتبع لحي الشيخ ضاهر، حي الأميركان حيث يتركز المسيحيون. وسمي بهذا الاسم لاحتوائه على مدرسة البعثات التبشيرية الأميركية قبل الاستقلال. كما تنشط في هذا الحي المطاعم والمرافق السياحية. وكذلك هناك حي مار تقلا نسبة للقديسة تقلا، حيث يضم كنيسة أثرية تعود للقرن الأول مسماة على اسم القديسة تقلا ومقبرة أثرية بقربها. كما يضم أيضا مديرية الزراعة والمالية، وعددًا من مساجد المدينة الكبرى كمسجد العجان ومسجد عمر بن الخطاب.
وإلى جانبه، هناك حي العونية الذي يعد من الأحياء التاريخية في المدينة. ويعود سبب التسمية لكثرة «الأعيان» الذين كانوا يقطنونه في الماضي، وفيه سوق الذهب ومقر مطرانية الروم الأرثوذكس، كما أن فيه سوقا مقبيا. من الأحياء التاريخية أيضا حي القلعة الواقع على هضبة داخل المدينة تصنف على أنها الأعلى فيها، ولذا كان مدفع رمضان يطلق منه. بعد حي الشيخ ضاهر من حيث القدم والمساحة يأتي حي الصليبة، الذي منه انطلقت الاحتجاجات في اللاذقية، وهناك يتركز السنة من أبناء المدينة. يقال إن سبب التسمية إما لأن الصليبين سكنوا فيه أو لأنه تألف من شارعين متصالبين يلتقيان في قوس النصر الذي يعود للعهد الروماني ولا يزال شاخصا إلى الآن. في الثمانينات تمت توسعة الحي نحو «مشروع الصليبة»، وقريبا منه تأتي أحياء السكنتوري والطابيات وحي الرمل الجنوبي. والأخير ينقسم إلى جانبين، جانب يضم مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وجانب عبارة عن مساكن عشوائية يعيش فيها الوافدون إلى المدينة وأغلبهم من محافظة إدلب ويطلق عليهم اسم «الشرقيين»، أي القادمين من جهة الشرق. ورغم وجود عدد من المرافق الحيوية والمهمة في هذه المنطقة، والتي تشغل نحو نصف مدينة اللاذقية، فإنها أحياء شعبية تعاني من الكثافة السكانية العالية المتلازمة مع سوء الواقع الخدماتي، والتي شكلت أساسا لاشتعال الانتفاضة في اللاذقية ضد نظام أدمن إهمال المناطق الشعبية.
في حي الكورنيش الغربي تتركز المشاريع السياحية. ويلاصق هذا الحي ساحل المدينة ويطل على مرفئها، ويتميز بأبنيته الفخمة والمرافق السياحية المتعددة فيه، ومنها كازينو اللاذقية. أما أبناء الريف من طبقة المسؤولين والموظفين الذين جاءوا من قرى اللاذقية، وغالبيتهم من الطائفة العلوية، فتركزوا في حي المشروع السابع الذي نشأ في الثمانينات. وسمي السابع من أبريل (نيسان) نسبة لذكرى يوم تأسيس حزب البعث. ويتميز بإشرافه على الطريق السريع المؤدي لخارج المدينة والمسمى أوتوستراد الثورة. وأخذت نواة سوق تجارية تتشكل في الحي فضلا عن وجود فروع لعدد من المصارف والشركات إضافة إلى المؤسسات الحكومية.
ويتميز هذا الحي بأبنيته الحديثة. ومن الأحياء الحديثة حي الزراعة، ويعد من التوسعات الحديثة المهمة، حيث تقع جامعة تشرين، واسمه الرسمي حي تشرين. وأيضا حي المشروع العاشر وهو من التوسعات الحديثة للمدينة، ولا يزال ينمو، ويتميز بأبنيته الفخمة، ويطلّ على الطريق السريع المؤدي إلى مدينة الأسد الرياضية وفندق الميرديان وكذلك الشاطئ الأزرق. ويحوي آثار قلعة هلنستية تعود للقرن الأول ومقبرة تعود للقرن الثالث. أما حي الرمل الشمالي فتتركز فيه مشاريع المتنفذين سياسيا وماليا ويتصل بالمنطقة التجارية الحرة. كما يعد المنفذ الطبيعي لتوسع المدينة الصناعي والتجاري. ويكتسب أهميته من حيث إن النشاط الاقتصادي يبدأ من خدمات الاستيراد والتصدير ومن ثم الأعمال المرتبطة بالسياحة والصناعة، إذ تنشط في المدينة عدد من الصناعات كالسجاد والألمنيوم والإسفلت وغيره.
لكن تنامي قسم من المدينة، والذي هو تحت سيطرة العائلة الحاكمة والموالين لها من رجال الأعمال والمال، من الوافدين إلى المدينة منذ استيلاء الأسد الأب على السلطة في سوريا، مقابل إهمال القسم الآخر والذي هو المركز التاريخي وموقع تركز السكان الأصليين، أدى إلى انزياح المركز الاقتصادي، وإلى انتشار شعور كبير بالغبن، تعاظم مع تردي حال الأحياء الأصلية، مقابل نمو وازدهار المناطق الحديثة.
اللاذقية الملقبة عن جدارة بـ«عروس الساحل» لجمال طبيعتها، تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ضمن شبه جزيرة بحرية على بعد نحو 385 كم من الشمال الغربي للعاصمة دمشق، وهي المنفذ الأول للبلاد على البحر المتوسط والحاضنة لأكبر مرافئها، مما أكسبها موقعا تجاريا فريدا، وأغناها بالعديد من المرافق الحيوية والصناعية والتجارية. وهي أيضا مركز سياحي مهم لغناها بالمواقع الأثرية التي يرقى بعضها إلى العصر الفينيقي وحسبها أن أول أبجدية ظهرت فيها. كل ذلك جعل منها نعمة حرم منها أبناؤها الأصليون، لتستولي عليها فئة ضئيلة من جماعة النظام، ويتم إطلاق يد الشبيحة هناك، والذين كانوا على الدوام يفرضون قانونهم الخاص الخارج عن القانون، لا سيما في منتصف السبعينات وأول الثمانينات في أوج نشاط رفعت الأسد، شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد. وبعد نفيه خارج البلاد، تقاسم هذا النفوذ رجال عائلة الأسد وأقربائهم من عائلات مخلوف وشاليش وغيرهما.
وحين انتفضت درعا، تردد الصدى في اللاذقية. واشتعلت احتجاجات لاقت أعنف وأشد قمع مارسه النظام في البلاد، بعيدا عن الإعلام، ومرت عدة أسابيع تراجعت فيها الأخبار الواردة من اللاذقية حتى ظن البعض أن النظام تمكن من السيطرة على الوضع هناك.. إلى أن تقدمت قوات النظام وبدأت بقصف حي الرمل الجنوبي.
 
وكالة «وفا» تتهم حماس بقمع مظاهرات تضامنية مع السوريين واللاجئين
«الرمل» مخيم غير رسمي يضم 11 ألف لاجئ معظمهم من حيفا ومحيطها
لندن: «الشرق الأوسط»
هاجمت القوات السورية على مدار اليومين الماضيين مخيم الرمل الفلسطيني الواقع في حي الرمل الفقير جنوب مدينة اللاذقية في سوريا. وأدانت منظمة التحرير الفلسطينية بشدة اقتحام القوات السورية مخيم الرمل وقصفه وتهجير عدد من سكانه، بينما منعت حركة حماس التي يقيم معظم أعضاء مكتبها السياسي بمن فيهم رئيس المكتب خالد مشعل، في العاصمة السورية دمشق، متضامنين مع الشعب السوري، من التظاهر في غزة.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» التي أوردت النبأ إن الشرطة في غزة اعتقلت مساء أول من أمس مجموعة من الشبان الذين تجمعوا في «مظاهرة تضامنية مع الشعب السوري والمخيمات الفلسطينية التي تتعرض لحملة عدوانية من نظام بشار الأسد». ونقلت «وفا»، عن شهود عيان، القول إن أفرادا من أمن حماس كانوا موجودين في ساحة الجندي المجهول في غزة واعتقلوا 10 شبان على الأقل عُرف منهم عرفات الحاج، محمد صيام، محمد إسماعيل، فادي الشافعي، وخليل الوزير.
ونقلت «وفا» عن بعض المعتقلين أنهم تعرضوا للضرب والإهانة، ووُجهت لهم ألفاظا نابية بعد احتجازهم عدة ساعات في المراكز الأمنية.
ومخيم الرمل، أو ما يعرف بمخيم اللاذقية، يقع على مساحة 22 ألف متر مربع، وأنشئ في عام 1952 على أراض مستملكة لصالح الهيئة العامة للاجئين العرب الفلسطينيين، ويقطنه اليوم ما يقرب من 11 ألف نسمة. ويقع المخيم، وهو مخيم غير رسمي في منظور السلطات السورية، داخل حدود مدينة اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وأنشئ لتوفير الإقامة للاجئين الذين جاءوا في معظمهم من مدينة حيفا وقرى في شمال فلسطين.
وتوجد في سوريا عشرة مخيمات معترف بها من قبل «الأونروا»، إضافة إلى مخيمات أخرى غير معترف بها وتُخدم على اعتبارها تجمعات فلسطينية (اليرموك، الرمل، حندرات). وبنيت أربعة من المخيمات الفلسطينية في سوريا قبل حرب 1967.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة أول من أمس: إن نحو 10 آلاف لاجئ فلسطيني يسكنون المخيم فروا خلال الاعتداء الذي دام 4 أيام بعد أن نفذت قوات الأمن الكثير من عمليات الاعتقال والترهيب. وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، التي تقوم بتقديم مساعدات للاجئين الفلسطينيين: إنه ليس لديها معلومات عن مكان وجود الفلسطينيين النازحين من مدينة اللاذقية. وذكر ناشطون أن الكثير من النازحين فروا إلى الريف أو مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، أو إلى شمال شرقي البلاد.
وقال كريستوفر غونيس، المتحدث باسم الوكالة في القدس، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «نيويورك تايمز»: إن «سكانا منسيين أصبحوا الآن سكانا مختفين» وأشار إلى أن «الوضع مخيف للغاية».
وذكر غونيس أن القوات قامت بإطلاق النيران على المخيم وأن مسؤولين أمنيين طلبوا من السكان المغادرة، في إشارة على احتمالية حدوث عملية عسكرية. وبحلول يوم الثلاثاء، كان المخيم «مهجورا تماما»، بحسب ما أضاف، مشيرا إلى تقارير حديثة تعتمد على ما وصفها بالمصادر الموثوق بها. كما ترفض السلطات السورية حتى الآن دخول وكالة اللاجئين إلى مخيم الرمل، مما يعمل على ازدياد المخاوف من وجود بعض الجرحى أو كبار السن عالقين داخل المخيم.
 
الأسد: الإصلاح نابع من قناعة السوريين وليس بضغوط خارجية
قال إن سوريا ستبقى قوية مقاومة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، أن الإصلاح في سوريا «نابع من قناعة السوريين» ولم يأت نتيجة للضغوط الخارجية. وأشار إلى ضرورة إشراك الجميع في بناء مستقبل البلاد، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا».
وقال الأسد، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أثناء لقائه أعضاء اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إن «الإصلاح في سوريا نابع من قناعة ونبض السوريين وليس استجابة لأي ضغوط خارجية»، بحسب «سانا». وأضافت الوكالة أن الأسد أشار إلى أن «سوريا ستبقى قوية مقاومة، ولم ولن تتنازل عن كرامتها وسيادتها».
وحضر اللقاء عدد من الكوادر الحزبية في المحافظات، وممثلي المنظمات والنقابات الشعبية. وذكرت الوكالة أنه تم خلال اللقاء «التأكيد على أهمية إشراك مخلف شرائح المجتمع على تنوعها وعلى جميع المستويات في ما يخص ما طرحه الرئيس في خطابه الذي ألقاه في 20 يونيو (حزيران) بخصوص النظر في الدستور، وصولا إلى تحقيق ما يهدف إليه المواطن السوري بجعل سوريا نموذجا يحتذى به في المنطقة». وقال المجتمعون بحسب الوكالة إن «هذا لا يمكن أن يتحقق من دون إعادة الأمن والأمان إلى المواطن السوري، والقضاء على المظاهر المسلحة بكل أشكالها».
وكان الرئيس السوري تحدث في يونيو عن إمكانية إجراء تعديل يشمل عددا من مواد الدستور أو تغييره بالكامل، في إشارة إلى إمكانية إلغاء الفقرة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد.
وأصدر الرئيس السوري في بداية أغسطس (آب) مرسوما تشريعيا خاصا حول تأسيس الأحزاب وتنظيم عملها، ومرسوما تشريعيا آخر حول قانون الانتخابات العامة. وتأتي هذه المراسيم في إطار برنامج للإصلاح السياسي أعلنت السلطات السورية عنه لتهدئة موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ منتصف مارس (آذار) أسفرت عن سقوط 2236 قتيلا، بينهم 1821 مدنيا و415 عنصرا من الجيش والأمن الداخلي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتؤكد السلطات السورية أنها تتصدى في عملياتها «لعصابات إرهابية مسلحة».
وأكد الأسد أمام أعضاء اللجنة المركزية للبعث أن «تفعيل دور المنظمات والنقابات الشعبية والكوادر الحزبية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تحمل الجميع مسؤولياتهم بما يمكنهم من العمل بفاعلية، ومواصلة الحوار مع القواعد وجميع فئات المجتمع بشأن المراسيم والقوانين التي أقرت وخطواتها التنفيذية، وإشراكهم إشراكا حقيقيا في بناء مستقبل سوريا». واعتبر أن استهداف سوريا «محاولة لإضعاف دورها العروبي المقاوم والمدافع عن الحقوق المشروعة»، مؤكدا أن «الشعب السوري بثوابته القومية والوطنية تمكن عبر السنين من الحفاظ على موقع سوريا وتحصينها وحمايتها، وسيبقى كذلك دائما مهما تصاعدت الضغوط الخارجية».
وكان الأسد أعلن في خطابه في 20 يونيو في جامعة دمشق أن «المؤامرة» ضد سوريا تزيدها «عزة ومناعة»، مؤكدا أن سوريا في «لحظة فاصلة» بعد «أيام صعبة».
 
إف بي آي يفتح تحقيقا حول أنباء عن حملة تخويف وتهديد سورية تستهدف منشقين في الخارج
عالم أميركي سوري: يريدون ترهيبنا أينما نكون
لندن: «الشرق الأوسط»
افاد سوريون مقيمون في الولايات المتحدة ان مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) يجري تحقيقات حول انباء تفيد عن حملة تخويف وتهديد سورية تستهدف منشقين مقيمين في الخارج، موضحين ان عملاء فدراليين استجوبوهم بهذا الشان. وقال ثلاثة منشقين التقوا وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في واشنطن قبل اسبوعين، متحدثين لوكالة الصحافة الفرنسية ان عناصر من الاف بي اي يحققون في هذه التهديدات وقد سألوهم ما اذا كانوا يعلمون من يمكن ان يقف خلف هذه الحملة.
ولم يشأ الاف بي اي التعليق وقال متحدث باسمه لفرانس برس «لا نعلق على تحقيقاتنا». وقالت السورية مرح البقاعي انها تلقت تهديدا بالقتل في رسالة الكترونية من شخص لا تعرفه قبل يومين من لقائها كلينتون في وزارة الخارجية في الثاني من اغسطس مع منشقين اخرين هما رضوان زياده ومحمد العبدالله. وافاد المنشقون الثلاثة ان التلفزيون الرسمي السوري بث صورا لهم اثناء لقائهم كلينتون ووصفهم بانهم عملاء للولايات المتحدة او خونة.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس أن الدبلوماسيين السوريين يمارسون الترهيب ضد المغتربين الذين ينتقدون نظام دمشق، وأنهم أيضا يهاجمون أقرباء المنشقين عبر تهديدهم أو توقيفهم عند عودتهم إلى البلاد. وقال أعضاء في إدارة أوباما للصحيفة إنهم يملكون أدلة تتمتع بمصداقية تفيد بأن نظام الرئيس بشار الأسد يستخدم سفاراته في الخارج للعثور على أقرباء في سوريا لمحتجين بين المغتربين، خصوصا أميركيين سوريين شاركوا في مظاهرات سلمية في الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أسماء ستة أميركيين سوريين، مشيرة إلى أن أعضاء السفارة يبحثون عن المتظاهرين ويقومون بتصويرهم. ويصف الدبلوماسيون، وبينهم السفير في واشنطن، المنشقين من المغتربين السوريين «بالخونة»، بحسب الصحيفة. وقال العالم الأميركي السوري حازم حلاق الذي يعيش في فيلادلفيا (شمال شرقي الولايات المتحدة) «يريدون ترهيبنا أينما نكون».
ويؤكد حلاق أن شقيقه صخر تعرض للتعذيب وقتل في مايو (أيار) بأيدي الاستخبارات السورية عند عودته من مؤتمر في الولايات المتحدة. وتابع أن رجال أمن سعوا في حلب (شمال غربي سوريا) إلى الحصول على لائحة بأسماء ناشطين ومسؤولين أميركيين التقاهم صخر خلال إقامته في الولايات المتحدة. وأوضح حازم حلاق أنه تمت متابعة شقيقه في الولايات المتحدة، موضحا أنه لم يكن يشارك في نشاطات ضد النظام السوري. وبحسب ثلاثة أشخاص آخرين استمع مكتب التحقيقات الفيدرالي لأقوالهم في الأسابيع الأخيرة ونقلت الصحيفة تصريحاتهم، يجري الأمن الفيدرالي حاليا تحقيقات لمعرفة ما إذا كان السفير عماد مصطفى وأعضاء السفارة هددوا الأميركيين السوريين، أم لا. وكانت وزارة الخارجية الأميركية انتقدت بعنف الشهر الماضي عماد مصطفى، متهمة السفارة بالقيام «بمراقبة بالفيديو والتقاط صور للمشاركين في مظاهرات سلمية في الولايات المتحدة».
وفي مقابلة مع الصحيفة الثلاثاء، رفض مصطفى الاتهامات، معتبرا أنها «أكاذيب ومحض تشهير».
 
صحافيون وسينمائيون سوريون يوثقون سرا الانتفاضة بدلا عن الإعلام الممنوع من التغطية
أطلقوا مؤسسة «الشارع للإعلام» ويبيعون شرائطهم لقنوات إعلامية
بيروت: صهيب أيوب
بكثير من الحذر والجرأة تواظب مجموعة من الصحافيين والسينمائيين المستقلين السوريين، على توثيق أحداث الثورة السورية بكل دقائقها عبر أفلام وشرائط توثيقية معدة لتعرض على شاشات فضائية عربية وأجنبية، في ظل غياب الوسائل الإعلامية وعدم قدرتها على التغطية الميدانية للثورة السورية بعد منعها من قبل السلطات الرسمية. يعمل هؤلاء الصحافيون الذين جمد عملهم داخل الصحف والوسائل الإعلامية، التي كانوا يعملون بها بهدف تضييق الخناق عليهم وإسكاتهم ومنعهم من نقل الخبر والصورة الحقيقية لما يجري في الشارع السوري، على نقل واقع الحدث السوري بصورة «غير ملتبسة»، ويدينون قوات الأمن السورية عبر الصوت والصورة وبمقاطع فيديو «احترافية» وغير مختزلة، تنقل أعمال العنف والقتل والذبح والتعذيب التي يمارسها الجنود السوريون بحق الشعب والمواطنين العزل. يقدم الفريق بمتابعة احترافية على تصوير مشاهد من الشوارع والأحياء التي تنطلق فيها المظاهرات الحاشدة ضد نظام بشار الأسد، وعلى توثيق مواقع القصف والتدمير بصورة نقية وواضحة كي «لا يقال إن الأحداث مفبركة» كما أكد لـ«الشرق الأوسط» أحد الصحافيين الذي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية ولسرية العمل. المؤسسة سموها «الشارع للإعلام»، مبررين وجودهم كبديل عن الإعلام «الممنوع» من التغطية. وتعمل بشكل دائم على الرغم من كل العقبات التي يواجهها فريق العمل من المصورين الميدانيين إلى المعلقين والصحافيين والمنسقين ويبلغ عددهم 10 أشخاص، ومؤسستهم التي لا مكان «محدد» لها - كما أكد لنا الشاب - «غير ربحية»، تبيع أعمالها إلى كل من «العربية» و«الجزيرة» و«فرانس 24»، وتعمد إلى تمويل نفسها من عائدات البيع والباقي يقدم إلى الأهالي المنكوبين من جراء العنف والتدمير. ويعتبر الشاب العشريني الذي يعمل صحافيا أن «كاميرات الهاتف الجوال لا تكفي وحدها، لتقديم صورة واضحة عن الأحداث التي يشهدها الشارع السوري، منذ 15 مارس (آذار) 2011 حتى اللحظة. لذلك، قررت مجموعة من السينمائيين والصحافيين السوريين العمل في الشوارع السورية لتقديم مواد إعلامية تبين للعالم كل مواقف صناع الأحداث، عبر مقابلات مصورة، وكيف تصنع الأحداث من خلال أفلام ليوميات الشوارع السورية الآن»، مشيرا إلى أن «ما أنجز حتى الآن تصوير أكثر من 30 مقابلة مع رموز المعارضة السورية، كرياض سيف، وهيثم المالح، وسهير الأتاسي، وعلي العبد الله، ومشعل تمو، وفداء حوراني، ومنتهى الأطرش... ومقابلات مع ناشطين شباب من كافة تنسيقيات الثورة السورية». ويضيف: «كما أنجزنا فيلما يتحدث عن كيفية صناعة الجمعة في مدينة حماه مدته 23 دقيقة، وفيلما آخر عن مجزرتي 1982 و3 - 6 - 2011 في حماه، وعلاقتهما بالمدينة والأحداث الحالية، مدته 27 دقيقة، وفيلما قصيرا عن علاقة المتظاهرين في منطقة القابون في ريف دمشق، مع رصاص رجال الشرطة والأمن، وفيلم (آزادي) عن علاقة الأكراد في سوريا بالأحداث». وتقوم المجموعة أيضا بإنتاج عمل برنامج «حوارات من الساحة السورية» الذي يعرض على قناة «العربية». وأكد لنا الشاب أنهم سيطلقون موقعا إلكترونيا في الأيام القليلة المقبلة وسيصدرون جريدة باسم «الشارع» ويجري العمل على اختيار «اللوغو» ووضع بعض اللمسات الأخيرة. وهم يعملون حاليا على فيلمين عن مدينة حمص ومحيطها، فيهما مشاهد من جنازات وقتل الناس وشهادات لأناس عانوا من دوامة العنف العسكرية وشهادات لأناس قطعت أعضاؤهم.
 
واشنطن تسعى للضغط على الرئيس السوري اقتصاديا وتعتبر النظام مفلسا
دعوات لعقد دورة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان
واشنطن _ لندن: «الشرق الأوسط»
رغم جهود عدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإصدار قرار من مجلس الأمن يدين العنف في سوريا ويضغط عليها، لم يخرج من الأمم المتحدة حتى الآن سوى بيان رئاسي لم يكن شديد اللهجة. إلا أن مصادر أميركية رسمية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» مواصلة جهودها لدى مجلس الأمن بالتعاون مع حلفاء أوروبيين من أجل دفع تحرك أشد تجاه الأسد.
وبينما ترتكز الاستراتيجية الأميركية في الوقت الراهن على عزل نظام الرئيس السوري بشار الأسد وزيادة الضغوط عليه للكف عن استخدام القوة المفرطة ضد معارضيه، هناك وعي أميركي بضرورة حشد دعم عربي وإقليمي ودولي لتلك الجهود. وشرحت مصادر أميركية رسمية مطلعة على الملف السوري لـ«الشرق الأوسط» الاستراتيجية الأميركية، وهي العمل على كافة الأصعدة الثنائية والجماعية في هذا السياق. كذلك التركيز على قطع الإمدادات المالية لنظام الأسد، كي تعطل العمليات العسكرية،.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية: «نتشاور بشكل وثيق مع الكثير من الحلفاء والاتحاد الأوروبي على الإجراءات المالية والدبلوماسية التي ستزيد الضغوط على نظام الأسد ليتوقف عن العنف الوحشي ضد الشعب السوري». وبالإضافة إلى الاقتراب من فرض العقوبات على قطاع النفط والغاز التي تعتبر جوهرية في الضغط على نظام الأسد، تسعى واشنطن لإقناع دول أوروبية وإقليمية بالتوقف عن أي استثمارات في سوريا في الوقت الراهن. بهدف دفع رجال الأعمال والتجار السوريين بإبعاد أنفسهم عن النظام ووقف الدعم له.
وبينما لم تطالب الإدارة الأميركية تنحي الأسد حتى الآن، إلا أن الإدارة الأميركية باتت تنظر إلى نظام الأسد بأنه «مفلس» بحسب المصادر الأميركية. وهناك جهود لإقناع حلفاء واشنطن الآخرين بذلك، بينما الجهود الفورية ترتكز على وقف أعمال العنف.
وشدد مسؤول أميركي رفيع المستوى على أن «المشكلة الأساسية هي أن الأسد لديه آلية واحدة – فقواته الأمنية ليس لديها تدريب في تقنيات ضبط الحشود فهم يطلقون النار للقتل». واعتبر المسؤول أنه: «إذا أراد الأسد نتيجة مختلفة، هناك حل واحد هو سحب الجيش وقوات الأمن الاستخباراتية والقوات الإضافية إلى ثكناتهم وإبقاؤهم هناك».
ومن جهة اخرى دعت الدول الأوروبية والولايات المتحدة وعدد من الدول العربية أمس لعقد دورة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تخصص للوضع في سوريا، على ما أفاد دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال دبلوماسي أوروبي إن «هذا الطلب سيقدم رسميا مساء (أمس) من أجل عقد دورة خاصة لمجلس حقوق الإنسان الاثنين». وطلب عقد دورة خاصة لمجلس حقوق الإنسان إجراء غير اعتيادي، وقدمته عشرون دولة، أي أكثر من الثلث الضروري لدعوة الأعضاء الـ47 في المنظمة التي تتخذ مقرا لها في جنيف، للاجتماع.
وقال دبلوماسي: «علينا إبقاء الضغط بسبب تدهور الوضع» في سوريا، مشيرا إلى أن «جميع دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية؛ منها الكويت، على توافق». ومن المتوقع أن يتفق أعضاء المجلس على قرار يدين القمع في سوريا ويطالب بفتح تحقيق حول أعمال العنف التي ترتكبها القوات السورية بحق المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد.
وكان مجلس حقوق الإنسان أدان سوريا خلال دورة خاصة في 29 أبريل (نيسان) الماضي لفتح النار على متظاهرين سلميين وطالب بفتح تحقيق بشأن جرائم أخرى يشتبه في وقوعها.
من جهته، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا خاصا اليوم لبحث حقوق الإنسان والوضع الإنساني الطارئ في سوريا، بمشاركة المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي.
إلى ذلك، قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة أمس إن المنظمة الدولية سحبت العاملين غير الأساسيين من سوريا التي يسعى فيها الرئيس بشار الأسد إلى القضاء على انتفاضة مستمرة منذ خمسة أشهر على حكمه. وقال منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان مايكل ويليامز في تصريح لـ«رويترز» إن 26 من العاملين غير الأساسيين وأسرهم غادروا سوريا. وقال ويليامز أيضا إنه «قلق بشدة» من الوضع في اللاذقية حيث يقول نشطاء إن 36 شخصا قتلوا في عملية عسكرية تستهدف أجزاء من هذه المدينة الساحلية منذ يوم السبت.
جاء ذلك في وقت أعلن فيه رئيس المجموعة الروسية العامة «روسوبورون إكسبورت» أن روسيا لا تزال تزود سوريا بالسلاح على الرغم من الضغوط الدولية التي تطالبها بوقف صادرات الأسلحة إلى دمشق. وقال أناتولي إيسايكين، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس» للأنباء: «ما دام أنه ليست هناك عقوبات ولا أمر من الحكومة، فإننا ملتزمون الوفاء بتعهداتنا التعاقدية؛ وهذا ما نفعله في الوقت الحالي». وأضاف إيسايكين خلال مؤتمر صحافي في المعرض الدولي للطيران في يوكوفسكي قرب موسكو: «سلمنا (دمشق) ونسلمها طائرات (إياك 130) ومعدات عسكرية».
وكان المسؤول الروسي يرد على سؤال لصحافي عما إذا كانت موسكو ستنفذ عقود الأسلحة الموقعة بينها وبين دمشق. والأسبوع الماضي دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الشركاء التجاريين لسوريا إلى وقف تبادلاتهم مع دمشق.
 
تركيا والخوف من إيران في سوريا
عبد الرحمن الراشد
على مدى يومين، شاب علاقة تركيا بإيران شيء من الاضطراب، بعد أن أوردت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية الرسمية نبأ اعتقال مراد كارايلان، قائد الحركة الكردية التركية الانفصالية المسلحة.
وردد النبأ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، لوكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، في وقت سابق، بقوله: «نفذت قوات مخابرات بلادنا عملية مهمة، واعتقلت الشخص الثاني في حزب العمال الكردستاني». وكارايلان بالنسبة لتركيا مثل زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري بالنسبة للولايات المتحدة التي تسعى للقبض عليه أو قتله. فورا، سارع وزير الخارجية داود أوغلو، كما يقول، بالاتصال بنظيره الإيراني وزير الخارجية، الذي نفى الرواية، وفي الليلة التالية أصدر زعيم الحركة الكردية نفيا وسخر من الخبر.
أهمية الخبر أو الإشاعة الكاذبة أنها تضيء طبيعة الصراع الخفي بين تركيا وإيران، الذي طالما تبنى مظهرا محترما، لكن في داخله إرث عميق من النزاعات وحاضر مليء بالشكوك والترقب. وسوريا اليوم هي أعظم ساحات الصراع بين القوتين الإقليميتين. ومع أننا لا نستطيع أن نجزم بأن تركيا تريد حقا التخلص من نظام البعث السوري، فإن إيران صريحة جدا في تبنيها حماية النظام إلى النهاية.
تركيا ربما تعتزم حقا نجدة الشعب السوري وانتهاز الفرصة التاريخية النادرة لتقديم نفسها بصورة أخلاقية وسياسية إيجابية للشعوب العربية التي اختلفت معهم في مطلع القرن العشرين، وكانوا ينظرون إليها كقوة استعمارية. وسوريا بالنسبة لها هي البوابة الكبرى للولوج إلى أكثر من مائتي مليون عربي، ونجدة الشعب السوري من المذبحة المروعة التي ينفذها نظامه قضية ضمير حقيقية في عرض العالم من جانب، وتمثل فرصة نادرة لتغيير موازين القوى في المنطقة. فإيران استخدمت سوريا ذراعها الطويلة في العراق ولبنان وفلسطين، والتأثير على بقية دول المنطقة بالإرهاب والسياسة والدعاية الإعلامية. من دون نظام الأسد ستحاصر إيران.
والعلاقة بين طهران وأنقرة في معظم تاريخ القرن العشرين تميزت عن بقية القرون بعلاقة دافئة وهادئة وتحديدا بعد نجاح الثورة الأتاتوركية التركية، وحتى نجاح الثورة الخمينية الإيرانية، منهية زمنا طويلا من التنافس الصفوي الإيراني والعثماني التركي. تركيا التي سطع نجمها في المنطقة من دون نفط ومن دون عضوية الاتحاد الأوروبي وجدت إعجابا عند جيرانها العرب، خاصة بعد مواقفها السياسية الأخلاقية في مواجهة إسرائيل ومع الثورات، والآن ضد القمع الأمني في سوريا.
أيضا لتركيا مبررات قوية تهم أمنها القومي في التعامل مع الحدث السوري بوجود خمسمائة كيلومتر من الحدود وجماعات كردية انفصالية تستهدف تركيا كانت في السابق تتمركز في سوريا، وليس مستبعدا أن بعضها في سوريا والبقية في العراق وإيران.
وهذا ما جعل خبر القبض على الزعيم الكردي التركي الانفصالي يوحي بأن إيران تهدد تركيا، ولم تكن مجرد زلة لسان أو خبر مغلوط. ولإيران ممارسات تخويف مماثلة، فهي تستضيف جناحا مهما من «القاعدة» بزعامة سيف العدل، وكان هناك بضعة من أبناء أسامة بن لادن، منهم الابن الأكبر سعد الذي قُتِل سابقا.
وقد استخدمت إيران هذه الجماعة في تنفيذ عمليات إرهابية في السعودية وغيرها، وهي ترفض تسليمهم أو اعتقالهم.
إيران تريد تذكير تركيا بأنها قادرة على إيذائها إن أسهمت في إسقاط نظام الأسد، لكن الحقيقة أن نظام الأسد نفسه مهيأ للسقوط بسبب ما ترتكبه أجهزة أمنه وجيشه من جرائم ضد شعبه بصورة يومية، وبات من الصعب التصديق أن النظام يستطيع البقاء وهو يسبح في هذا الكم الهائل من الدماء.
وسقوط النظام من دون إدارة أو مشاركة في إدارة الحدث من قبل تركيا أيضا قد يهدد مصالح تركيا وأمنها مستقبلا، وبالتالي على تركيا أن تختار بين الخوف من النظام الإيراني وترك الأمور للمجهول، أو التعامل بحزم لما فيه مصلحة الجارين التركي والسوري معا.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,677,228

عدد الزوار: 6,908,062

المتواجدون الآن: 106