استمرار العمليات العسكرية.. والسوريون يتحضرون لجمعة «بشائر النصر»

بعد 6 أشهر.. ارحل

تاريخ الإضافة السبت 20 آب 2011 - 4:35 ص    عدد الزيارات 2767    القسم عربية

        


 

بعد 6 أشهر.. ارحل
أميركا وأوروبا وكندا تدعو الأسد للرحيل عشية جمعة «بشائر النصر» * المعارضة السورية تعلن الأحد «مجلسا وطنيا» * عقوبات أميركية تشمل تجميد أصول الحكومة
لندن: راغدة بهنام واشنطن: هبة القدسي
بعد 6 أشهر على بدء الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، دعت الولايات المتحدة وأوروبا وكندا الرئيس بشار الأسد للرحيل. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيان أمس، إن «مستقبل سوريا يجب أن يحدده شعبها، لكن الرئيس بشار الأسد يقف في طريقه». وأضاف: «دعواته للحوار والإصلاح جوفاء في حين يسجن شعبه ويعذبه ويذبحه.. من أجل الشعب السوري حان الوقت كي يتنحى الرئيس الأسد».
وفور إعلان واشنطن دعوتها الأسد للتنحي، صدر بعد دقائق معدودة في أوروبا بيان مشترك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا يدعو الأسد لـ«تقبل الواقع والرحيل»، وسرعان ما انضمت كندا إلى تلك الأصوات.
وفرضت الإدارة الأميركية عقوبات جديدة ومشددة على النظام السوري تشمل تجميد أصول الحكومة وحظرا نفطيا. وتجيء هذه الخطوات عشية مظاهرات قرر الناشطون تسييرها اليوم تحت شعار جمعة «بشائر النصر».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مجموعات من المعارضة السورية تستعد لإعلان «مجلس وطني» يوم الأحد، يكون بمثابة نواة لحكومة سورية مستقبلية ما بعد مرحلة سقوط الأسد. وقال أديب الشيشكلي، وهو عضو في المجلس الوطني، لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلان سيتم من اسطنبول يوم الأحد المقبل. وأكد أن المجلس سيكون ممثلا للمجتمع السوري، ويجمع المعارضة السورية.
 
استمرار العمليات العسكرية.. والسوريون يتحضرون لجمعة «بشائر النصر»
مظاهرات ليلية في عدة مدن واعتقالات بحسب لوائح اسمية
لندن: «الشرق الأوسط»
يستعد السوريون للخروج في مظاهرات عارمة في جمعة جديدة أطلقوا عليها اسم «جمعة بشائر النصر» في تحد لمواصلة قوات الأمن والجيش عمليات المداهمة والاعتقالات في مدن عدة غداة تأكيد الرئيس بشار الأسد «وقف العمليات العسكرية والأمنية». ودعا الناشطون على صفحة «الثورة السورية» في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى التظاهر في «جمعة بشائر النصر»، معتبرين أنه «من قلب الحصار تلوح بشائر الانتصار» مع الإشارة إلى أن هناك عدة مدن وبلدات ومناطق محاصرة من ريف دمشق إلى حمص وحماه واللاذقية ودير الزور وليس انتهاء بدرعا المحاصرة منذ ستة أشهر.
كما دعت صفحة «يوميات الثورة السورية» على الموقع ذاته إلى التظاهر يوميا «من 15 رمضان وصولا إلى عيد التحرير». وكتب الناشطون «المطلوب منا جميعا تكثيف المظاهرات اليومية والالتزام بالمقاطعة الاقتصادية وتحفيز الجنود على الانشقاق».
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان «عن سماع أصوات إطلاق للرصاص» في حي الرمل الجنوبي في اللاذقية صباح أمس. كما أشار المرصد إلى استمرار الأجهزة الأمنية بحملات المداهمة والاعتقالات مساء الأربعاء وفجر الخميس في مدن ومناطق سورية عدة. وأوضح المرصد أن «عناصر من الأمن شنت عمليات مداهمة في حي ركن الدين في دمشق فجر أمس وقامت باعتقال عدد من الأشخاص بحسب قوائم اسمية»، دون أن يتمكن من تحديد عدد المعتقلين. وأضاف «كما حدثت عمليات مداهمة مساء الأربعاء في عدة مناطق تابعة لريف دمشق كما في منطقة الحجر الأسود والكسوة ومعضمية الشام وجديدة عرطوز».
واستمرت المظاهرات الليلية في عدد من المدن السورية حيث أشار المرصد من بينها إلى «مظاهرة جرت مساء أمس في حي عرنوس في دمشق ضمت العشرات قام رجال الأمن بتفريقها واعتقال 9 متظاهرين». وفي ريف دمشق، خرجت مظاهرات في قطنا والتل والزبداني تضامنا مع اللاذقية التي تشهد وضعا متفجرا منذ عدة أيام، بحسب المرصد. وأضاف المرصد: «إن مظاهرات جرت في عدة أحياء من حلب (شمال) وسراقب الواقعة في ريف ادلب (شمال غرب) ودرعا وبعض مدن ريفها وفي طيبة الامام الواقعة في ريف حماه (وسط)».
وتأتي هذه التطورات ذلك غداة مقتل عشرة مدنيين في سوريا بينهم تسعة في حمص (وسط)، فيما اعتقلت قوات الأمن نحو مائة شخص في هذه المدينة ومحيطها، كما أفاد سكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان. كما تأتي غداة إبلاغ الرئيس السوري بشار الأسد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأربعاء أن «العمليات العسكرية والأمنية قد توقفت» في سوريا.
وأسفرت الحملة الأمنية على المتظاهرين منذ بدء الانتفاضية السورية منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، عن سقوط 2236 قتيلا بينهم 1821 مدنيا و415 عنصرا من الجيش والأمن الداخلي، بحسب المرصد، فيما تؤكد السلطات السورية أنها تتصدى في عملياتها «لعصابات إرهابية مسلحة».
 
مجلس حقوق الإنسان يقدم قائمة بأسماء 50 مسؤولا سوريا ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية
مجلس الأمن يناقش تقديم النظام السوري للمحكمة الجنائية الدولية.. والأسد يبلغ بان كي مون بوقف كل الأعمال العسكرية
واشنطن: هبة القدسي
عقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة جلسة مغلقة، ظهر أمس، بنيويورك لمناقشة التقرير الذي أصدره فريق تحقيق من مجلس حقوق الإنسان بجنيف حول الجرائم التي ارتكبها النظام السوري ضد الشعب السوري والمتظاهرين، التي اعتبرها التقرير جرائم ضد الإنسانية، ووصفها بأنها الأكثر خطورة في جميع انتهاكات حقوق الإنسان بعد جريمة الإبادة الجماعية. وتقدم المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي شهادتها حول أحداث القمع في سوريا، ويستمع المجلس إلى شهادة كبيرة مسؤولي الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، فاليري اموس.
وجاءت الجلسة المغلقة في أعقاب دعوة الرئيس أوباما للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، وقال مصدر مسؤول في البعثة البريطانية إلى الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» إن التوافق الدولي حول إدانة النظام السوري بدا أكثر اتساقا، وإن المعارضة الروسية والصينية لمشاريع القرارات التي تقدمت بها الدول الأوروبية فيما سبق لإدانة النظام السوري قد أصبحت أقل تشددا، وأكثر تقبلا لفكرة الإدانة الدولية وفرض العقوبات.
وأكد أن مجلس الأمن سيقوم باتخاذ «القرارات المناسبة» على سوريا، وتوقع عدد من المحللين أن يدعو الأمين العام للأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة إلى تقديم الأسد إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب، وموافقة الدول الـ15 الدائمة العضوية لمجلس الأمن على القرار، مع احتمال امتناع روسيا والصين عن التصويت.
وأصدر مجلس حقوق الإنسان تقريرا أمس الخميس مكونا من 22 صفحة، يرصد فيه ما سماه «نمطا من انتهاكات حقوق الإنسان التي تشكل هجمات واسعة النطاق بشكل منهجي ضد السكان المدنيين، والتي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية».
وقدم التقرير قائمة «سرية» بأسماء 50 شخصا في الحكومة السورية من مختلف المستويات، الذين قد يواجهون المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح التقرير أن من بين الفظائع المذكورة إعدام 26 رجلا معصوب العينيين في ملعب كرة القدم بجنوب درعا في الأول من مايو (أيار)، وإطلاق الذخيرة الحية العشوائية على المتظاهرين واستخدام القناصة وطائرات الهليكوبتر، مما أدى إلى وفاة المئات من النساء والأطفال. وأشار التقرير إلى حالات تعذيب للأطفال أبرزها حالة حمزة الخطيب.
وأكد التقرير أن سوريا رفضت للجنة تقصي الحقائق الدخول إلى المدن السورية، وأن المقابلات قد تم إجراؤها في الفترة من 15 مارس (آذار) إلى 15 يوليو (تموز) مع شهود من المناطق السورية وأعضاء سابقين في قوات الأمن، وبيانات من المنظمات السورية غير الحكومية، والفارين من المدن السورية، الذين قدموا أدلة ومقاطع فيديو وصورا للانتهاكات.
وقال فريق تحقيق الأمم المتحدة إن الحملة التي تشنها سوريا على محتجين مناهضين للحكومة «تتسق مع سياسة إطلاق النار للقتل فيما يبدو».
وأفادت تقارير بمقتل البعض بالسكاكين. وأضافوا أنه تم استخدام دبابات وقنابل وقناصة وأسلحة ثقيلة وطائرات هليكوبتر في الهجوم الذي استهدف سحق المعارضة لحكم الرئيس بشار الأسد، ومن المقرر أن يعقد المجلس المكون من 47 عضوا جلسة خاصة بشأن سوريا يوم الاثنين المقبل.
وقال التقرير: «رصدت البعثة نمطا من انتهاكات حقوق الإنسان يشكل هجمات واسعة أو منتظمة على السكان المدنيين، وهو ما قد يمثل جرائم ضد الإنسانية»، مستشهدا تحديدا بقانون روما للمحكمة الجنائية الدولية. ولم يسمح للفريق الذي يغطي تقريره الفترة من منتصف مارس (آذار) إلى منتصف يوليو (تموز) بدخول سوريا، لكنه أجرى لقاءات مع ضحايا وشهود في المنطقة. وجمع قائمة بأسماء 50 شخصا على مستويات مختلفة بالحكومة السورية لاحتمال استخدامها في محاكمات قد تجري لاحقا.
وأضاف التقرير: «تقارير الشهود تشير إلى انتشار سياسة لقتل المدنيين على نطاق واسع باستخدام القوات على الأرض والقناصة على أسطح المباني والقوة الجوية. وفيما يتسق مع سياسة للقتل بالرصاص فيما يبدو كانت معظم إصابات الضحايا بالرصاص في الرأس والصدر والجزء العلوي من الجسم». وأضاف: «لم تستهدف قوات الأمن الأطفال وحسب بل إنهم تعرضوا بشكل متكرر لنفس الانتهاكات لحقوق الإنسان والانتهاكات الجنائية للبالغين بما في ذلك التعذيب».
وذكر المحققون أن التعذيب، بما في ذلك الضرب المبرح والصعق بالكهرباء، انتشر على نطاق واسع، في حين أن مصير المئات الذين اعتقلوا في حملات اعتقال جماعية مجهول.
وتلقى الفريق بيانات من شهود عيان أمكن التحقق منها تتعلق «بالكثير من الإعدامات من دون محاكمة، بما في ذلك 353 ضحية أسماؤهم معروفة» جرت خارج إطار المظاهرات. وعن الاحتجاجات، قال إن «غالبية حوادث القتل التي تم الإبلاغ عنها نتيجة للذخيرة الحية التي تستخدمها قوات الأمن والجيش وعناصر الشبيحة، الذين يستخدمون بنادق الكلاشنيكوف وغيرها من الأسلحة».
وشهد جنود سابقون بأنهم تلقوا أوامر واضحة باستخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين، وقال التقرير: «من لم يطلقوا النار على المدنيين أطلق عليهم ضباط أمن آخرون ووحدات الشبيحة النار من الخلف».
وأضاف: «كان هناك نمط واضح لإطلاق القناصة الرصاص على المتظاهرين بما في ذلك تقارير عن أن الضباط تدربوا خصيصا للاستعانة بهم ضد المظاهرات المدنية».
وأجرى محققو الأمم المتحدة مقابلات مع أكثر من 180 شخصا في أربع دول بعضهم ما زالوا في سوريا، ومن بين الشهود جنود سوريون انشقوا، وذكر التقرير أن «بعضهم رفضوا تنفيذ الأوامر بقتل المدنيين». وفي إشارة إلى المظاهرات في حمص في أبريل (نيسان)، قال: «أحد شهود العيان ذكر أن قوات الأمن لم تصدر تحذيرا قبل استهداف المحتجين، وأنه رأى شابا يسقط بالرصاص إلى جواره».
وقال التقرير إن في حماه في الثالث من يونيو (حزيران) أبلغ ضباط الأمن المحتجين بعدم الاقتراب من نطاق أمني، لكن «بضعة محتجين استطاعوا التسلل وتسليم الورود لبعض ضباط الأمن». وأضاف: «حين عادوا أطلقت قوات الأمن النار على المحتجين مما أدى إلى تفرقهم أو انبطاحهم على الأرض، وأفادت تقارير بمقتل عشرات المتظاهرين، في حين قيل إن مصابين قتلوا بسبب غياب الرعاية الطبية أو عدم وصولها في موعدها».
وقال إنه في قرية المسطومة بجنوب إدلب «وصف شهود عيان مسيرة سلمية حمل فيها المتظاهرون أغصان الزيتون، لكنهم تعرضوا لإطلاق الذخيرة الحية دون إنذار. وأصيب نحو 200 شخص وقتل 30 آخرون، وقيل إن بعضهم قد أجهز عليهم بالسكاكين بعد أن سقطوا على الأرض».
وأضاف التقرير أنه في جسر الشغور، وفي يونيو (حزيران)، قال شهود عيان إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع وطائرات الهليكوبتر لإطلاق النار على المحتجين، لكن مسؤولا أمنيا رفيعا قتل 17 جنديا رفضوا تنفيذ الأوامر بقتل المتظاهرين، ولم يُعرف مصير هذا المسؤول.
وفحص الفريق أيضا 50 مقطعا مصورا بالفيديو وعددا كبيرا من الصور ومعلومات من منظمات حقوقية ووسائل إعلام. وقال التقرير إن أجهزة الأمن والمخابرات السورية «المسؤولة عن الأعمال الوحشية المذكورة، التي ارتكبت على مدار الزمن، وبالتحديد منذ مارس (آذار) 2011، تواصل تمتعها بالحصانة من المحاكمة وفقا للقانون (السوري)».
وقال الأسد للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن عمليات الشرطة والجيش ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية قد توقفت، لكن ناشطين قالوا إن المزيد من إراقة الدماء وقع خلال الليل.
وخلص التقرير إلى أنه قد تم قتل ما لا يقل عن 1900 شخصا في الاضطرابات حتى منتصف يوليو (تموز) الماضي. واتهم كيونغ وا كانغ نائب المفوض السامي لحقوق الإنسان الحكومة السورية بتشويه الحقائق حول الأحداث التي وقعت في سوريا، وانتقد اتهام الأسد لفريق الأمم المتحدة بالتحيز ضد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، بوصفها الأقلية القمعية.
وطالب بوضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والوصول الفوري للعاملين في المجال الإنساني لمساعدة المحتاجين، وإجراء مزيد من التحقيقات في جميع الانتهاكات. وطالبت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي مجلس الأمن الدولي بالنظر في إصدار قرار لإحالة الوضع في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية.
وقال بيان للأمم المتحدة إن الأمين العام بان كي مون قد تحدث أول من أمس (الأربعاء) مع الرئيس بشار الأسد ودعاه للوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية والاعتقالات الجماعية، ورد الأسد على ذلك بأن العمليات العسكرية والشرطية قد توقفت. وقال البيان إن الأسد وافق خلال الاتصال التليفوني على استقبال بعثة الأمم المتحدة الإنسانية، واشترط الأمين العام بان كي مون أن يتم وصول هذه البعثة دون عوائق إلى جميع المناطق في سوريا.
 
المواقف العربية تراوحت بين سحب السفراء وإبداء القلق تجاه ما يحدث في سوريا
خادم الحرمين دعى إلى إيقاف آلة العنف
لندن: «الشرق الأوسط»
أقدمت الدول الغربية أمس على قرار لافت من خلال إعلان كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي ومجموعة من الدول الأوروبية أمس عن دعوتها للأسد بالتنحي. ولم تختلف المواقف العربية في رأيها مع الأوروبية حول ضرورة توقف العنف في سوريا، وقد اتخذت عدة خطوات وأعلنت الكثير من التصريحات التي كان أولها الموقف السعودي من خلال كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي وجهها إلى الشعب السوري وأكد فيها رفض السعودية لأعمال العنف والقمع التي تشهدها البلاد، معلنا استدعاء السفير السعودي من دمشق للتشاور.
ودعا العاهل السعودي لإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء قبل فوات الأوان. وأكد الملك عبد الله أن ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة، وأن بإمكان القيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة وسريعة.
ولحقت الكويت والبحرين بالسعودية واستدعت العاصمتان سفيريهما لدى سوريا للتشاور، وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح في تصريح للصحافيين، عقب حضوره اجتماعا للجنة الشؤون الخارجية البرلمانية الأسبوع الماضي، أن الكويت قررت استدعاء سفيرها في دمشق للتشاور، معبرا عن بالغ الألم لاستمرار نزيف الدم في صفوف أبناء الشعب السوري.
كما أكد وزير خارجية الأردن ناصر جودة في مؤتمر صحافي بعد المحادثات التي أجراها مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو في مدينة إسطنبول التركية أول من أمس، على ضرورة الوقف السريع والفوري لكل أعمال العنف والعمليات العسكرية التي يقوم بها النظام السوري ضد المتظاهرين المدنيين.
وفي نفس السياق أعربت مصر على لسان وزير خارجيتها محمد كامل عمرو عن قلقها الشديد إزاء التدهور الخطير للأوضاع في سوريا، حيث أعرب عمرو عن خشيته من اتجاه الوضع في سوريا نحو نقطة اللاعودة، مؤكدا ضرورة التحرك السريع لإنقاذ الموقف. وأوضح كامل عمرو أن «مصر تواصل مشاوراتها بشكل مكثف مع الدول الشقيقة انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والتزاماتها في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، للمساعدة على إيجاد مخرج يوقف نزيف الدم في سوريا ويحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري الشقيق».
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الخارجية التونسية لوكالة تونس أفريقيا للأنباء بأنه «نظرا للتطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية، قررت الحكومة التونسية دعوة سفيرها في دمشق للتشاور».
وجاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن المغرب «يدعو مجموع الأطراف السورية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس والانخراط في حوار معمق وشامل لصالح وحدة واستقرار وأمن هذا البلد الشقيق». وأضاف المصدر ذاته أن المغرب يعرب عن «قلقه الشديد» و«انشغاله العميق» حيال الأحداث الأليمة التي تشهدها سوريا.
واعتبرت الجزائر أن ما يجري في سوريا من أعمال عنف أمر غير مقبول، ودعت الأطرافَ السورية إلى تفضيل سبيل الحكمة والحوار الوطني الشامل من أجل تجاوز الأزمة والمضي قدما بتنفيذ الإصلاحات السياسية التي أعلنت عنها السلطات السورية. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني للصحافيين الأسبوع الماضي: «إن وزير الخارجية مراد مدلسي شدد على أن الجزائر جد منشغلة بما يحدث بهذا البلد الشقيق، وأن ما يحدث غير مقبول».
 
بعد دقائق من دعوة واشنطن.. أوروبا توحد صوتها وتدعو الأسد إلى «قبول الواقع» والرحيل
لندن: راغدة بهنام بروكسل: عبدالله مصطفى
فور إعلان واشنطن دعوتها الأسد للتنحي بعد 6 أشهر على بدء الانتفاضة السورية، صدر بعد دقائق معدودة في أوروبا بيان مشترك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا يدعو الأسد للرحيل، وتلاه بيان آخر صدر في بروكسل عن كاثرين أشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، تدعو الرئيس السوري للرحيل باسم الاتحاد الأوروبي.. وسرعان ما انضمت كندا إلى تلك الأصوات. وكانت سويسرا قد أعلنت صباح أمس سحب سفيرها من سوريا، لتصبح البلد الأوروبي الأول الذي يقدم على الخطوة، علما أن 5 بلدان عربية سحبت سفراءها من دمشق لغاية الآن.
وأكد مسؤول في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن لندن بدأت مشاورات مع وجوه عديدة في المعارضة السورية، في الداخل والخارج. وأضاف ردا على سؤال حول إمكانية التعاطي مع معارضة منقسمة: «نعلم أن المعارضة السورية ليست متجانسة لغاية الآن، إلا أننا نعتقد أن المجموعات تحرز تقدما سريعا لتطوير استراتيجية تجعلهم يربحون الشعب السوري، رغم العنف والقمع الذين يتعرضون له في الداخل». وقال إنه مع «التشجيع والدعم» فإن المعارضة السورية يمكن «أن تجلب رؤية لسوريا أكثر استقرارا من دون الأسد».
وفي سابقة لافتة، قال الزعماء الأوروبيون الثلاثة - رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - في بيان مشترك، أطلق في وقت متواكب في العواصم الثلاث، إن «الأسد الذي يلجأ للعنف العسكري الوحشي ضد شعبه والذي يعتبر مسؤولا عن هذا الوضع، قد فقد كل شرعيته ولا يمكنه أن يدعي بعد الآن أنه يقود البلاد». وأضاف البيان: «ندعوه إلى أن يواجه الواقع والرفض الكامل لنظامه من قبل الشعب السوري، ويتنحى لصالح سوريا ووحدة شعبها».
وأضاف البيان أن الدول الأوروبية الثلاث تؤكد «الإدانة الشديدة لهذا القمع الدامي للمتظاهرين السلميين البواسل والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي يرتكبها الرئيس الأسد وسلطاته منذ أشهر». وأشار البيان إلى أن السلطات السورية تجاهلت النداءات العاجلة التي أطلقها مؤخرا عدد من المنظمات، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.
وأضاف: «إنها (السلطات السورية) تواصل قمع شعبها بطريقة وحشية وعنيفة، وترفض رفضا باتا تلبية تطلعاته المشروعة. وتجاهلت أصوات الشعب السوري واستمرت في خداعه هو والمجتمع الدولي بوعود واهية.. إن السوريين، مثلهم مثل الشعوب العربية الأخرى في الأشهر الأخيرة، يطالبون بالاعتراف بحقوقهم في الحرية والكرامة واختيار قادتهم بحرية». وفي بروكسل، صدر بيان عن أشتون يدعو الأسد للتنحي، وقال البيان إن نظامه فقد كل شرعيته ومصداقيته. وأضاف أن «هناك قناعة لدى الاتحاد الأوروبي أن النظام السوري غير قابل للتغير والإصلاح». وأشارت أشتون إلى «أن أي عملية إصلاح لن تنجح في ظل القمع»، وأضافت «لقد سبق للرئيس السوري أن وعد بإصلاحات ولم يحققها مما يعني فقدانه للمصداقية».
وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى أن الاتحاد الأوروبي سيضيف أسماء جديدة على لائحة الأشخاص المستهدفين بالعقوبات من المسؤولين السوريين على خلفية تورطهم بشكل أو بآخر في عمليات قمع المحتجين في البلاد، كما أنه يتحرك قدما من أجل مناقشة تدابير «أكثر حزما تستهدف فرض عقوبات على قطاعات التكنولوجيا والاتصالات» في سوريا.
ويعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعا اليوم في بروكسل، على مستوى السفراء الدائمين للدول الأعضاء، لبحث توسيع نطاق العقوبات المفروضة على رجال النظام السوري. وقال مسؤول في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الاتحاد الأوروبي يأمل بأن يوسع لائحة الأشخاص المسؤولين عن القمع في سوريا والذين طالتهم العقوبات السابقة. وأكد أن الاجتماع سيبحث فرض عقوبات على قطاعي الغاز والنفط السوريين، وعلى التعاملات المصرفية، إلا أنه شدد على حرص أوروبا ألا يكون للعقوبات تأثير على الشعب السوري. وقال: «نحن منفتحون على فرض عقوبات إضافية.. المهم أن يوقف الأسد العنف». وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد دعت أوروبا الأسبوع الماضي لفرض عقوبات على قطاعي النفط والغاز السوريين، وأبدت ألمانيا استعدادها لمناقشة الأمر.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض أربع حزم من العقوبات على دمشق منذ بدء قمع الاحتجاجات الشعبية، ويسعى حاليا لتشديد كيفي لهذه العقوبات، لتشمل القطاعات المصرفية ومؤسسات الطاقة التي تمول النظام.
 
المعارضة السورية في الولايات المتحدة ترحب بدعوة الأسد للتنحي وتعد سيناريوهات للتغيير
رضوان زيادة يطالب بطرد الدبلوماسيين السوريين من واشنطن.. ونجيب الغضبان يتوقع انقلاب العسكر على الأسد
واشنطن: هبة القدسي
رحبت المعارضة السورية بالولايات المتحدة بدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن السلطة، واعتبرت أن التوافق الدولي والإعلان المتناسق من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي «خطوة تاريخية» لإنقاذ الشعب السوري من قمع نظام الأسد.
وقال الناشط السوري رضوان زيادة: «إن دعوة الرئيس أوباما للأسد بالتنحي تعد خطوة تاريخية رغم تأخرها، وكنا نتوقع أن تأتي هذه الدعوة منذ فترة طويلة ونتفهم أنها تأخرت من أجل الحصول على توافق دولي وإقليمي لتكون دعوة الأسد للتنحي أكثر تأثيرا، ولتزيد الضغوط الدولية على الأسد لإجباره على التنحي وأن تبدأ سوريا في مرحلة انتقالية تضم كل الطوائف والأطياف السياسية والدينية التي هي أحق بانتخاب الرئيس الجديد لسوريا».
وأضاف أن الدعوة الأميركية والأوروبية للأسد بالتنحي «ستشجع المتظاهرين داخل سوريا على الاستمرار في نضالهم وستؤكد أن الشعب السوري وجد صدى لصرخته التي كلفته أكثر من 2500 شهيد و1500 معتقل و3 آلاف مختف، وسوف تشجع الدعوة رجال الأعمال في دمشق وحلب المساندين لنظام الأسد في التوقف عن مساندة هذا النظام المنهار».
وأكد الناشط السوري أن دعوة بشار الأسد للتنحي عن السلطة لا بد أن يتبعها ترجمة سياسية وقانونية مع فرض عقوبات اقتصادية على قطاعي النفط والغاز، وقال: «من الناحية الشرعية ليس مقبولا أن يكون هناك وجود لأي ممثل في النظام السوري في واشنطن، ولا بد أن تتخذ الدول الأخرى خطوات مماثلة» مطالبا بطرد الدبلوماسيين السوريين التابعين لنظام الأسد من واشنطن وأن تسحب مزيد من الدول سفراءها من سوريا. وقال زيادة - الذي يشارك في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف للإدلاء بشهادته حول أعمال القتل والاختفاء القسري والتعذيب التي يمارسها النظام السوري ضد المتظاهرين - «إن الأيام القادمة ستشهد خطوات دولية إيجابية ضد نظام الأسد مع إصدار مجلس حقوق الإنسان لتقريره حول ما جرى في سوريا من قتل وتعذيب للمدنيين، ويندرج تحت نطاق جرائم ضد الإنسانية وضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية. وسيشهد الأسبوع القادم جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان بعد دعوة 25 دولة من بينهم الدول العربية الأربع (المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والأردن) لتأييد مشروع قرار لإرسال لجنة للتحقيق في الانتهاكات وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للمحاسبة». وأوضح زيادة أن مصير بشار الأسد سيكون الذهاب إلى لاهاي بينما سيكون مصير الشعب السوري الذهاب إلى الديمقراطية واختيار رئيس يمثل الشعب السوري.
وقال الناشط السوري نجيب الغضبان، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية بجامعة اركنساس: «إن تأخر المجتمع الدولي والولايات المتحدة في دعوة الأسد بالتنحي كان لإعطاء الفرصة للأسد للقيام بإصلاحات، وقد جاءت هذه الدعوة لتوجيه ثلاث رسائل هامة، الأولى للمتظاهرين في سوريا أنهم ليسوا وحدهم وأن المجتمع الدولي يساندهم. والرسالة الثانية لمن في داخل النظام السوري وللمؤسسة العسكرية أنه حان الوقت لأن ينضموا لجانب الشعب السوري المطالب بإسقاط نظام الأسد. والرسالة الثالثة هي لجميع من يقوم بقمع شعبة أن هناك عقوبات بانتظاره».
ورسم الغضبان عدة سيناريوهات للفترة المقبلة، موضحا أن هناك «السيناريو الذي أتمناه وهو أن يأخذ الأسد هذه الدعوة على محمل الجد وأن يقوم بالتنحي وتسليم السلطة إلى رئيس الوزراء وهو سيناريو يقلل من تكلفة الانتقال السلمي للسلطة، لكن من معرفتي بشخصية وعقلية وأداء الأسد، فإن هذا السيناريو مستبعد لأن الرؤساء العرب يختارون دائما المصير المأساوي». وأضاف: «السيناريو المتوقع هو أن تستمر المظاهرات في كافة المدن السورية وأن يصطحب ذلك عزل النظام السوري دبلوماسيا بشكل كامل ثم حدوث انشقاق في المؤسسة العسكرية وباقي النظام ضد الأسد، والسيناريو الآخر – الأسوأ - هو استمرار القمع بشكل عنيف مما يدفع المقاومة السورية والمتظاهرين لللجوء للعنف والدفاع عن نفسها وعسكرة الثورة، والسيناريو الأخير هو فتح الباب أمام التدخل العسكري لإجبار الأسد على ترك السلطة خاصة بعد استباحة النظام للبيوت وتوسع دائرة الاعتقالات والقتل بما يجعل السوريين يقبلون بأي تدخل للخلاص من هذا النظام». وأضاف الغضبان: «إننا كنشطاء سوريين في الولايات المتحدة ندعم سيناريو تضييق الخناق على بشار الأسد والعزل الكامل دبلوماسيا للنظام ونأمل أن يؤدي ذلك إلى نتيجة فعالة».
 
المعارضة السورية تعلن الأحد «مجلسا وطنيا» يكون نواة لحكومة سوريا ما بعد الأسد
الشيشكلي لـ«الشرق الأوسط»: سيكون موحدا للمعارضة السورية وممثلا للمجتمع بكل طوائفه وإثنياته
لندن: راغدة بهنام
علمت «الشرق الأوسط» أن مجموعات من المعارضة السورية تتحضر لإعلان «مجلس وطني» يوم الأحد، يكون بمثابة نواة لحكومة سوريا المستقبلية ما بعد مرحلة سقوط الأسد.
وقال أديب الشيشكلي، وهو عضو في المجلس الوطني، إن الإعلان سيتم من اسطنبول يوم الأحد المقبل. وأكد أن المجلس سيكون ممثلا للمجتمع السوري، ويجمع المعارضة السورية. وكشف أن المشاركين في مؤتمر أنطاليا ومؤتمر الإنقاذ الوطني، سيشاركون في «المجلس الوطني» الذي سيضم بين 115 و125 عضوا، وسيكون له رئيس. وقال إن هناك مساعي أيضا لإشراك المعارضين الذين أسسوا مؤتمر بروكسل.
وأكد الشيشكلي، وهو عضو في مؤتمر الإنقاذ الوطني الذي انعقد في منتصف يوليو (تموز) في اسطنبول بمشاركة 300 معارض سوري، أن هناك تنسيقا مع الداخل السوري لكي يكون المجلس ممثلا للشعب السوري بكل شرائحه وطوائفه وإثنياته. وقال «شكلنا لجنة داخلية لكي نتشاور حول التمثيل السوري من الداخل، ولن تكون هناك رموز، بل تكنوقراط ومعارضون جرى اختيارهم بطريقة علمية استنادا إلى التقسيم الجغرافي للمحافظات لتمثيل كل الإثنيات والطوائف».
ونفى الناشط السوري، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن، أن تكون خطوة إعلان المجلس الوطني المرتقب مرتبطة بدعوة واشنطن والاتحاد الأوروبي للأسد للرحيل. وأكد أن المؤتمر لن يكون مثل المؤتمرات السابقة للمعارضة، وسيكون بمثابة مؤتمر «موحد للمعارضة السورية». وقال إن الدعوات أرسلت لشخصيات في الداخل والخارج للمشاركة، وإنه ستصدر عن المؤتمر قرارات بتشكيل لجان حقوقية وإعلامية وغيرها.
 
شاهد عيان في مخيم الرمل: العملية العسكرية مستمرة والاعتقالات متواصلة
قال: ليس هناك مقاومة ولا وجود لمسلحين
لندن: «الشرق الأوسط»
لا تزال العملية العسكرية لقوى الأمن السورية متواصلة في مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية الشاطئية. وأسفرت العملية حتى الآن عن مقتل 6 فلسطينيين، 3 منهم مؤكدين حسب ما قاله شاهد عيان فلسطيني من المخيم. ويقوم الجيش وفق ما قاله شاهد العيان، بتفتيش البيوت ولا يزال صوت الرصاص يسمع في المخيم.
ونفى شاهد العيان الذي اتصلت به «الشرق الأوسط» وطلب عدم ذكر اسمه مكتفيا بإعطاء الحرفين الأوليين منه «ح. أ»، نفيا قاطعا الادعاءات التي تتحدث عن وجود مسلحين. وقال ردا على سؤال إن كانت الاشتباكات لا تزال مستمرة «عن أي اشتباكات تتحدث يا رجل.. ليس هناك مقاومة وليس هناك مسلحون لا في الجانب الفلسطيني ولا بين السوريين.. أي مقاومة يا رجل.. هؤلاء أناس عاديون.. إطلاق النار من جانب واحد فقط وهو الجيش وليس هناك طرف مسلح مقاوم.. وهذا ينسحب على كل المناطق الأخرى في سوريا..». وتابع القول «إن الحديث عن اقتحام المناطق بسبب وجود مجموعات مسلحة غير صحيح على الإطلاق».
وأكد المصدر أن القصص التي تروى عن المخيم صادقة في معظمها، وإن كان هناك بعض المبالغات في جزء منها. وقال إن ما نشر عن عدد الذين نزحوا عن المخيم، صحيح، وكذلك عن سقوط قتلى في صفوف الفلسطينيين، هناك ثلاثة قتلى مؤكدين وهم امرأة ورجلان و3 آخرين غير مؤكدين، ويشهد المخيم حملة اعتقالات وبلغ عدد المعتقلين حتى الآن 60 معتقلا.
وعن الأسباب التي دفعت الجيش السوري إلى اقتحام المخيم الذي يعتبر جزءا من مدينة طرابلس، قال المصدر إن بعض المتظاهرين كان يلجأ إلى المخيم عندما كان يهاجمهم الجيش، فطلب الجيش من سكان المخيم مغادرته إلى حين الانتهاء من تفتيشه وتعقب المتظاهرين، ولم يطلب منهم فقط المغادرة بل سحب بطاقات الهوية منهم. وحسب المصدر، فإن نحو 6 آلاف من فلسطينيي المخيم نقلوا إلى منطقة الارينا و2000 آخرين لجأوا إلى المدينة الرياضية، والبقية الباقية، منهم من انتقل للعيش مع أقاربه في مخيمات أخرى ومنهم من لجأ إلى أحياء أخرى في اللاذقية.
ويضم المخيم نحو 25 ألف نسمة منهم فقط 10 إلى 11 ألف فلسطيني والبقية الباقية من السوريين المعدمين. ولا يعتبر مخيم الرمل مخيما رسميا كما هو حال 10 مخيمات أخرى موزعة في سوريا وتضم قرابة 500 ألف لاجئ تعترف بهم وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) وترعاهم.
 
فلسطينيو المخيمات لا يسلمون من قمع النظام السوري.. ونيرانه
لاجئ في مخيم اليرموك: الفلسطيني في سوريا يعاني من القمع والقهر والاضطهاد تماما كالمواطن السوري
بيروت: «الشرق الأوسط»
يضحك الشاب الفلسطيني طويلا حين يصدح صوت المحلل السياسي الذي يستضيفه التلفزيون الرسمي السوري بالقول: «الفلسطينيون يأخذون في سوريا جميع الحقوق التي يملكها المواطن السوري، ما عدا حق الانتخاب». ويضيف بعد سماعه ذلك ساخرا: «المواطن السوري الذي يتحدث عنه المحلل لا يحصل على حقوقه أصلا حتى نقارن كفلسطينيين بشكل إيجابي معه».
ويشير الشاب الجامعي، الذي يقطن في أحد أحياء مخيم اليرموك في العاصمة دمشق، إلى أنه «حتى حق الانتخاب الذي يعتبرونه ميزة لا يمارسه المواطن السوري إلا بشكل صوري لا معنى له»، مستدلا على ذلك انطلاقا من أن «نتائج أي انتخابات تحصل في سوريا سواء نيابية أو بلدية أو رئاسية معروفة مسبقا». ويؤكد أن «الفلسطيني في سوريا يعاني من القمع والقهر والاضطهاد تماما كالمواطن السوري، فنحن شركاء في تحمل ممارسات آل الأسد الإجرامية عبر أربعين عاما».
وكانت دبابات الجيش السوري وأثناء عملياتها العسكرية في مدينة اللاذقية، قد قصفت مطلع الأسبوع الحالي مخيم الرمل الفلسطيني جنوب المدينة وأوقعت في أبنيته أضرارا بالغة، أدت إلى حركة نزوح كبيرة، بالتزامن مع إحراق عناصر «الشبيحة» منازل تخص عائلات فلسطينية وأهانت من لم يستطع الهرب من سكانها. وفي حمص قامت عناصر الأمن بمحاصرة مخيم للاجئين الفلسطينيين ونفذت حملة مداهمات واعتقالات واسعة. وأكد ناشط فلسطيني انضم مؤخرا إلى إحدى لجان التنسيق المحلية في اللاذقية أن «المخيم الذي يسمى مخيم العودة تم تخريبه بالكامل وتهديم بعض أبنيته، وبعض الأهالي الذين ذهبوا لتفقد بيوتهم وجدوا خرابا لا يوصف». وشدد على أن «ما حدث كشف حقيقة الكره الذي يخفيه النظام السوري للفلسطينيين واستعداده الدائم لإبادتهم وتدمير مخيماتهم عبر أجهزته الأمنية وآلته العسكرية»، مستعيدا تجربة شخصية له مع الأمن السوري حين اعتقله مرة إثر شرائه جهازا جوالا عرف لاحقا أنه مسروق من شخص ما». ويقول في هذا الصدد: «تم إلقاء القبض علي، ووضعوني في سيارة بيضاء، وقاموا بضربي وصفعي طوال الطريق، وحين عرفوا أنني فلسطيني زادت درجة إهانتهم وقسوة ضرباتهم». ويضيف: «كانت تجربة قاسية عانيت الكثير من التعذيب والإهانات اللفظية وبعد دفع مبلغ كبير من الرشى تم الإفراج عني».
يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين وفدوا إلى سوريا جراء النكبة عام 1948، وفقا للباحث علي بدوان بنحو 90 ألف لاجئ. وصلت الدفعة الثانية من اللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا بعد عام 1956 قادمين من التجمعات الفلسطينية التي لجأت إلى الأراضي اللبنانية. ولحق بهذه الدفعة مئات من الفلسطينيين الذين طردوا من المناطق المنزوعة السلاح على الحدود الفلسطينية - السورية، وبالتحديد على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية وبعد تجفيف بحيرة الحولة، وتحديدا بين الأعوام 1951 و1958. وهؤلاء جاءوا من قرى منصورة الخيط، يردة، كراد الغنامة، كراد البقارة، السمرة، النقيب، التوافيق، كفر حارب، جسر المجامع، ومنطقة غرب بلدة الحمة.
وأقاموا في منطقة الجولان ثم لجأوا ثانية بعد عدوان يونيو (حزيران) 1967 إلى مناطق دمشق ودرعا. ووفدت إلى سوريا دفعات جديدة من الفلسطينيين بعد عامي 1970 و1971 مع تمركز فصائل المقاومة الفلسطينية فوق الأراضي اللبنانية والسورية، ولم يتم تسجيلهم في سجلات اللاجئين إلى سوريا.
وأقام اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بعد وصولهم إلى الأراضي السورية في مواقع وتجمعات ومخيمات تركزت في منطقة دمشق وباقي المدن السورية. وأمضى بعضهم سنوات داخل ثكنات الجيش الفرنسي الذي كان لتوه غادر سوريا بعد استقلالها (مخيمي النيرب وحمص)، بينما استقر آخرون داخل المنشآت الحكومية والجوامع الكثيرة المنتشرة في دمشق، وأقام آخرون في حي الأليانس (حي الأمين) وسط العاصمة دمشق الذي كان يضم عدة آلاف من اليهود السوريين الذين كانوا غادروا سوريا نحو فلسطين.
وبين الأعوام 1953 و1955 استطاعت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، توزيع الأراضي على اللاجئين للسكن المؤقت (24 مترا مربعا للعائلة الواحدة مع دعم متواضع من الإسمنت والمواد الأولية). وهكذا تم بناء التجمع الفلسطيني الأكبر في سوريا في منطقة بساتين الميدان والشاغور (أرض المهايني والحكيم) جنوب دمشق وأطلق عليه اسم «مخيم اليرموك» مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني تيمنا بمعركة اليرموك.
وبحسب معدلات النمو الطبيعي والتزايد السكاني فقد تضاعفت أعداد اللاجئين الفلسطينيين عدة مرات منذ النكبة. ويشير أحد المحللين السياسيين الفلسطينيين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الفلسطينيين جاءوا إلى سوريا قبل مجيء النظام السوري إلى الحكم وأن اللاجئين مسجلون في قيود الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب للقوانين السورية من حيث المساواة مع المواطن السوري في كل المجالات، ما عدا حق الانتخاب والترشيح للبرلمان السوري وللإدارة المحلية (منذ عام 1956)».
وجاء في القرار رقم (1311) الصادر في (2 – 1 - 1963) والذي نظم استصدار وثائق السفر للاجئين الفلسطينيين المقيمين في القطر العربي السوري أنه يحق للاجئين تملك أكثر من محل تجاري، والانتفاع بالحقوق الناتجة عن الإيجار، واستثمار المتاجر، والانتساب للنقابات المهنية السورية، لكن لا يحق للفلسطيني اللاجئ التملك إلا شقة سكنية واحدة. ويعتبر المحلل الفلسطيني أنه «إذا كان على الفلسطينيين أن يشكروا أحدا إلى استضافتهم ورعايتهم فهو الشعب السوري وليس النظام المستبد الذي يحكمه»، مذكرا بأن «للفلسطينيين ذاكرة مؤلمة مع النظام السوري، فهذا النظام ارتكب بالتعاون مع بعض الميليشيات اللبنانية مجازر تل الزعتر وبرج البراجنة ولاحق الزعيم ياسر عرفات في مدينة طرابلس بهدف اغتياله، إضافة إلى متاجرته بالقضية الفلسطينية والتلاعب على مشاعر الناس عبر تضامنه بالشعارات معها».
 
معارضون يتحدثون عن سوريا «ما بعد الأسدية».. وناشطون عن «بشائر النصر»
التلفزيون السوري يعرض «خلق الله» أثناء انشغال القنوات العالمية بنقل التطورات من واشنطن
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
لم يظهر رد فعل سوري رسمي فورا على الدعوات الأميركية والأوروبية للرئيس السوري بشار الأسد للرحيل، واستمر التلفزيون السوري في بث البرامج الخاصة بشهر رمضان، في الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام العربية والدولية بمتابعة التصريحات الأميركية والغربية حول الوضع في سوريا. أما التلفزيون السوري فكان يعرض برنامجا دينيا بعنوان «خلق الله»، وكذلك فعلت قناة «الدنيا» الخاصة المقربة من النظام.
أما قناة «الإخبارية» السورية شبه الرسمية، فكانت تنقل عن «مراقبين» تعليقهم على التصريحات الأميركية، خصوصا تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في شريط عاجل. ومما نقلته على لسان المراقبين أن «كلينتون تعترف بشكل واضح بأن أميركا ستعمل على تغيير الحكومة في سوريا، وكأن سوريا ولاية من الولايات الأميركية». وواضح في هذا التعليق أن قناة «الإخبارية» التي تناولت الخبر بطريقة غير مباشرة، لم تجرؤ على ذكر أن الرئيس الأميركي طالب الرئيس بشار الأسد بمغادرة السلطة، بل قالت إن كلينتون تحرض على تغيير الحكومة، وكأن المسألة هي تغيير الحكومة لا تنحي الأسد. واعتبر مراقبون لـ«الإخبارية» أن «أميركا تكشف عن سياستها الاستعمارية بعد إعلانها العمل لتغيير الحكومة في سوريا».
ومما نقلته أيضا قناة «الإخبارية» عن «المراقبين» أن «السوريين يعرفون أن أميركا تتآمر منذ شهور على أمن سوريا واستقرارها»، وأن «تصريحات كلينتون وإجراءات أوباما جاءت لتأجيج الاحتجاجات بعدما هدأت في المدن السورية، والسوريون لديهم حساسية بالغة من التدخل الخارجي خاصة التدخل الأميركي المعروف بعدائه للإسلام والعروبة».
من جانب آخر، تباينت ردود فعل الشارع السوري حيال دعوة أوباما للرئيس السوري إلى مغادرة السلطة، ومع أن الغالبية في سوريا متفقون على رفض التدخل الخارجي، فهناك من رأوا في المواقف الدولية بداية «بشائر النصر»، وراحوا يتحدثون عن تصوراتهم لسوريا ما بعد حكم عائلة الأسد. وكتب الكاتب السياسي المعارض ياسين حاج صالح على صفحته على موقع «فيس بوك»: «سوريا ما بعد الأسدية دولة لجميع مواطنيها على قدم المساواة، بمن فيهم من هم مع النظام اليوم».
واعتبر الناشط السوري حسام القطلبي، أن «الطبخة نضجت وحان وقت الإفطار»، فكتب «استوت.. تفضلوا ع الحرية! صمنا.. ورح نفطر على وطن!»، بينما تساءل ناجي درويش «أي الشعبين سيسبق الآخر في انتخاب رئيسه القادم: الأميركي أم السوري؟». وهناك من سخر من قيام الرئيس السوري بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بانتهاء العمليات العسكرية، وعلق على ذلك بالقول «يطعمك الحج والناس راجعة»، أي أن الأمور انتهت ولم يعد ذلك يجد نفعا.
في المقابل، هناك من توجس من رد فعل النظام، وتوقع توجيه ضربات أعنف للمتظاهرين، وكتب أحدهم على صفحته «الأسد لن يكون أفضل من الرئيس الليبي معمر القذافي.. توقعوا ضربات عنيفة، فالوحش يضرب بعنف وقت الاحتضار». وهناك من اعتبر ما يجري بازارا للمتاجرة بالدم السوري، وكتبت رفيدة «الفرجة ببلاش أوكازيونات على كل شي. حتى على دمنا وكرامتنا!!.. راح يخلص الموسم».
أما المؤيدون للأسد فاعتبروا أن «اللعبة انكشفت تماما والمؤامرة باتت واضحة». وكتب جاسم القحطاني «قريبا جدا ستنتهي هذه الأزمة المفتعلة.. وستخرج سوريا أقوى بكثير من السابق.. وعندها سيأتون ليقبلوا أقدام السوريين طلبا للمغفرة.. لأنهم لا يعترفون إلا بالقوي».
 
أوباما يطالب الأسد بالتنحي ويفرض أشد العقوبات على سوريا
كلينتون: نتفهم ونحترم الرغبة القوية للشعب السوري بألا تتدخل أي دولة أجنبية في صراعهم
واشنطن: مينا العريبي
دخلت الأزمة السورية منعطفا جديدا أمس مع مطالبة الرئيس الأميركي باراك أوباما مباشرة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد والمطالبة بإنهاء نظامه. وأصدرت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على سوريا أمس، تزامنا مع بيان خطي من أوباما وبيان شفوي من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يؤكد على التنديد بالنظام السوري.
وحرص كل من أوباما وكلينتون على التأكيد على رفض التدخل الأجنبي في تحديد القيادة السورية المقبلة، كما أن الإدارة الأميركية تشدد على عدم رغبتها أو تأييدها لأي تدخل عسكري أجنبي في سوريا. وهاتان خطوتان تشدد عليهما الإدارة الأميركية، وتؤكد أن موقفها مبني على الواقع في المنطقة وعلى مطالب المعارضة السورية بعد حدوث أي تحرك عسكري ضد سوريا.
وأثنى أوباما على الشعب السوري والمتظاهرين الذين تتصاعد أعدادهم من أشهر عدة. وقال: «لقد ألهمنا سعي الشعب السوري في سبيل التحول السلمي إلى الديمقراطية، فقد واجه بشجاعة الوحشية الضارية بأيدي حكومته. وقال كلمته من خلال مسيراته السلمية وإلحاقه العار الصامت بالنظام السوري، ومثابرته الشجاعة على مواجهة الوحشية، يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع، وردت الحكومة بمواصلة الهجمات الضارية». وأضاف: «إنني أشجب بشدة هذه الوحشية، بما فيها الهجمات المشينة على المدنيين السوريين في مدن مثل حماه ودير الزور واعتقال زعماء المعارضة الذين حرموا من العدالة وأخضعوا للتعذيب على أيدي النظام». واعتبر أوباما أن «تلك الانتهاكات للحقوق العالمية للشعب السوري كشفت لسوريا والمنطقة والعالم عن ازدراء حكومة الأسد السافر لكرامة الشعب السوري».
وشدد أوباما في خطابه على الطابع الدولي للتحرك الأميركي، الذي تزامن مع تنديد أوروبي لنظام الأسد والمطالبة بتنحيه. ولا تريد أن تظهر الإدارة الأميركية على أنها تدخل مواجهة ثنائية مع سوريا. وقال أوباما: «فرضنا عقوبات على الرئيس الأسد وحكومته، كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات أيضا. وساعدنا على قيادة جهد في مجلس الأمن الدولي لإدانة أعمال سوريا، ونسقنا بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء في المنطقة والعالم». وأضاف: «أصبحت حكومة الأسد الآن مدانة من بلدان في كل أرجاء العالم، ولم يعد لها من تتجه إليه طلبا لتأييد تدابيرها الوحشية المجحفة الصارمة سوى إيران».
وحمل البيان إشارات عدة إلى أهمية تحديد الشعب السوري مصيره، إذ قال أوباما: «إن مستقبل سوريا يجب أن يقرره شعبها، لكن الرئيس الأسد يقف في طريقه، وكانت دعواته إلى الحوار والإصلاح أصداء جوفاء فيما كان يسجن ويعذب ويقتل شعبه بالذات». وأضاف: «لقد قلنا باستمرار إنه يجب على الرئيس الأسد إما أن يقود التحول الديمقراطي أو أن يتنحى عن طريقه، وهو لم يقد. ولذا فقد آن الأوان، ومن أجل مصلحة سوريا، أن يتنحى الرئيس الأسد جانبا».
وأكد أوباما أنه «لا يمكن للولايات المتحدة فرض هذا التحول على سوريا ولن تسعى لفرضه، الأمر متروك لأبناء الشعب السوري في اختيار قادتهم، ونحن سمعنا عن رغبتهم القوية في ألا يكون هناك تدخل أجنبي في حركتهم». وبينما استبعد أوباما أي تدخل مباشر في سوريا، أوضح أن «ما ستدعمه الولايات المتحدة هو الجهد اللازم من أجل التوصل إلى سوريا ديمقراطية وعادلة وشاملة لجميع السوريين. إننا سوف ندعم هذه النتيجة من خلال الضغط على الرئيس الأسد لإفساح الطريق لهذا التحول، ومن خلال مساندة الحقوق العالمية للشعب السوري جنبا إلى جنب مع الآخرين في المجتمع الدولي». وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في حديث مع عدد من الصحافيين في واشنطن أمس: «لا أعتقد أن الخيار العسكري هو مسار مرغوب في سوريا»، مفضلا الاعتماد على الضغط على النظام ودعم المعارضة كالخيار الأفضل.
وهذا الضغط يأتي من خلال العقوبات وقطع الإيرادات عن النظام السوري. وأعلن أوباما عن العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارته على سوريا صباح أمس، وهي إجراءات وصفها بـ«عقوبات غير مسبوقة لتعميق العزلة المالية لنظام الأسد وتعطيل قدرته على تمويل حملة العنف ضد الشعب السوري».
وأصدر أوباما أمرا رئاسيا تنفيذيا جديدا يقر التجميد الفوري لجميع الأصول التابعة لحكومة سوريا التي تخضع للسلطة القانونية الأميركية، كما يحظر على جميع المواطنين الأميركيين «الانخراط في أي صفقة تشمل الحكومة السورية». وتحظر العقوبات الجديدة استيراد الولايات المتحدة النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري، وتمنع الأميركيين من القيام بأية تعاملات ذات صلة بقطاع النفط السوري أو المنتجات النفطية السورية. وأصدر أوباما قرارا يحظر كلا من «شركة النفط العامة» و«الشركة السورية لنقل النفط» و«الشركة السورية للغاز» و«الشركة السورية للنفط».
ويحظر القرار الرئاسي على الأميركيين أيضا إدارة الأعمال أو الاستثمار في سوريا. وهناك إدراك في واشنطن أن التحركات الأميركية بمفردها لن تكون مؤثرة إذ إن سوريا معرضة للعقوبات الأميركية منذ عام 1979 ولا توجد روابط تجارية واسعة بين البلدين خاصة في القطاع النفطي. وقال أوباما: «نحن نتوقع أن يقوم الآخرون بتوسيع نطاق الإجراءات التي قررنا اتخاذها»، حيث من المتوقع أن يقوم الاتحاد الأوروبي بخطوات مماثلة.
وانتهى بيان أوباما بالتنبيه على أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة على سوريا والعمل على «التغيير في السلطة» سيستغرق وقتا. وقال أوباما: «نحن ندرك أن الأمر سيستغرق وقتا ليقوم أبناء الشعب السوري بتحقيق العدالة التي يستحقونها، سيكون هناك المزيد من النضال والتضحية. فمن الواضح أن الرئيس الأسد يعتقد أنه يستطيع إسكات أصوات شعبه من خلال اللجوء إلى الأساليب القمعية التي كان يقوم بها في الماضي، لكنه مخطئ». وأضاف: «كما تعلمنا خلال هذه الشهور الكثيرة الماضية، فإنه في بعض الأحيان لن تكون الأمور في المستقبل مثلما كانت عليه في الماضي. لقد حان الوقت لأبناء الشعب السوري لتحديد مصيرهم، وسنواصل الوقوف إلى جانبهم بحزم وثبات».
وحملت كلينتون تصريحات شبه متطابقة مع تلك التي جاءت في بيان الرئيس السوري، مكررة التنديد بنظام الأسد ودعم الشعب السوري. وبعد 30 دقيقة من إصدار البيت الأبيض بيان أوباما، وجهت كلينتون خطابا أمام عدسات الكاميرات في مقر وزارة الخارجية الأميركية. وكررت التأكيد على الموقف «الدولي» من سوريا واعتبرت أن «حكومة الأسد أدينت من دول في كافة أرجاء العالم والآن تنظر فقط إلى إيران للدعم في قمعها الوحشي والظالم». وأضافت: «على الشعب السوري أن يختار قادته في نظام ديمقراطي مبني على سيادة القانون ومخصص لحماية حقوق كل المواطنين بغض النظر عن الإثنية أو الدين أو الطائفة أو الجنس»، مؤكدة «نحن نتفهم الرغبة القوية للشعب السوري بألا تتدخل أية دولة أجنبية في صراعهم ونحن نحترم رغبتهم». ولكن أردفت قائلة: «في الوقت نفسه، سنقوم بدورنا لتأييد طموحاتهم لسوريا ديمقراطية وعادلة وشاملة.. من خلال الضغط على النظام وعلى الأسد شخصيا للخروج عن طريق هذا التحول».
وتحدثت كلينتون عن جهود بلادها لـ«توسيع دائرة التنديد العالمي ولقد دعمنا كلماتنا بالتحركات»، في رسالة إلى الدول التي تندد بالعنف في سوريا بأن تتخذ إجراءات مماثلة. وقالت: «إذا استطاع الشعب السوري تحقيق أهدافه، سيتوجب على الدول الأخرى أن تقدم الدعم وتتخذ الإجراءات اللازمة». ولفتت كلينتون إلى أهمية الدول الإقليمية، قائلة: «خلال الأسبوعين الماضيين، الكثير من دول جوار سوريا وشركائها في المنطقة انضموا إلى الأصوات المنددة ونتوقع أن يزيدوا هذه الخطوات، مع غيرهم من أعضاء المجتمع الدولي، من خلال الكلمات والتحركات».
وكانت أولى ردود الفعل الأميركية على قرارات أوباما من الجمهوريين. واعتبر عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون ماكين أن مطالبة الأسد بالتنحي «أخبار جيدة وإجراء كان ضروريا». وأضاف في رسالة عبر موقع «تويتر» أنه «من الأفضل أن القرار تأخر بدلا من عدم اتخاذه أصلا». وأما المرشح الجمهوري للرئاسة، فأصدر بيانا يدين تأخر أوباما باتخاذ هذه الخطوة، قائلا إنه «استغرق الكثير من الوقت ليتكلم الرئيس أوباما بشدة ضد الأسد وقمعه الشرس». إلا أن البيت الأبيض دافع عن قرار التأخر في إعلان أوباما المطالبة بتنحي الأسد. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في الحديث مع مجموعة من الصحافيين: «لقد تحركنا منذ الأيام الأولى.. الهدف كان بناء جهود دولية قوية من أجل التأثير الأكبر» على النظام السوري. وتحدث المسؤول عن أهمية الدور التركي في معالجة الأزمة في سوريا، مؤكدا أن الساعات الـ24 قبل إصدار بيان أوباما شهدت اتصالات ومشاورات مكثفة مع الأتراك. وأوضح المسؤول: «الشراكة مع تركيا في هذا الشأن كانت مهما جدا، خاصة مع شدة التنديد من القياد التركية». وأضاف: «نرى المزيد من الإحباط من الشركاء الإقليميين، فقد أثبت الأسد سجلا من الوعود الفارغة».
 
أهالي حمص يغيرون بمقاومتهم وجه المدينة الصامت
الأهالي يخرجون بعد صلاة التراويح ويهتفون «على الجنة رايحين شهداء بالملايين»
حمص: «نيويورك تايمز»*
كلما ضاقت شوارع هذه المدينة التي تعد معقلا للانتفاضة والمقاومة ضد أربعة عقود من حكم عائلة الأسد، زادت حدة الكتابات والنقوش الموجودة على الجدران. فقد زحفت إلى صناديق القمامة وأكشاك الهواتف والأبواب وحتى جذوع الأشجار، في مدينة كانت هادئة لفترة طويلة، تعلن هذه الأيام أنها لن تظل هادئة بعد الآن. يقول واحد من الشعارات: «لن نركع إلا لله».
ويتم ترديد هذه الآراء والأفكار في الشوارع، وهو ما يعكس أنه لا يوجد سوري واحد - لا الشباب الذين يقومون بتصوير ما يحدث ولا الآباء الذين يظهرون التحدي ولا الجدات اللاتي يرددن الهتافات من شرفات منازلهن - مستعد للتخلي عما يقوم به، فالكل يصرخ في نفَس واحد: «سوريا تريد الحرية».
لقد دخلت الانتفاضة السورية شهرها السادس، ويواصل المتظاهرون تحديهم لحملات القمع المتصاعدة التي أسفرت عن مقتل المئات خلال الشهر الحالي في مدن مثل حماه ودير الزور، والآن في اللاذقية. وتصاعدت الإدانات الدولية لدرجة أن الدبلوماسيين قد أقروا بندرة الأدوات التي تمكنهم من تحديد نتائج الانتفاضة، غير أن الحياة اليومية في مدينة حمص تؤكد على مدى نجاح الانتفاضة بالفعل في تحويل وجه الحياة في بلد كان ذات مرة مشهورا ببعد الناس عن السياسة.
يقول سكان حمص إن المعارضة والتحدي قد أصبحا جزءا لا يتجزأ من نسيج المدينة، مشيرين إلى أن الحكومة ستواجه معارضة قوية في المستقبل المنظور على الرغم من حملة القمع الشرسة التي تقودها.
في الواقع، تدور رحى المعركة من جديد في كل ليلة في مدينة حمص، ففي أحد أيام الأحد في الآونة الأخيرة سار 200 متظاهر أمام فندق سفير، وهو أشهر فنادق المدينة، حاملين لافتات تطالب بإسقاط الحكومة وتظهر التضامن مع مدينة حماه التي تقع في شمال البلاد والتي تم اقتحامها في الحادي والثلاثين من شهر يوليو (تموز).
وسار المتظاهرون ببطء، يقودهم أحد الأشخاص يهتف وهو يخفي وجهه بوشاح، ويرددون وراءه قائلين: «حماه، نحن معك حتى الموت»، في حين يقوم عدد قليل من المتظاهرين بتصوير المظاهرة من خلال هواتفهم الجوالة. كانت السيارات تسير ببطء خلف المتظاهرين، ولكن دون أن تضيء الأنوار حتى لا تكشف عن هوية المتظاهرين. وفي هذه الأثناء تطل النساء من شرفات المنازل ويهتفن: «الله أكبر».
وقال أحد المتظاهرين: «لسنا قلقين من قوات الأمن. وعلى أي حال سوف تنتهي هذه المظاهرة في غضون نصف ساعة»، وأضاف أن المظاهرة صغيرة ولذا سوف يتفرق المتظاهرون بمجرد وصول الحافلات التي تقل قوات الأمن. وهناك أفراد تابعون للمتظاهرين ينتظرون بالقرب من مراكز الأمن ويقومون بإرسال إشارات للمتظاهرين بمجرد مغادرة سيارات الأمن باتجاه المتظاهرين. وكان الهدف الرئيسي من هذا الاحتجاج هدفا رمزيا يتمثل ، على حد تعبير أحد المتظاهرين، في تحميل فيديوهات جديدة على موقع «يوتيوب».
وبمجرد انتهاء المظاهرة يمكن سماع أصوات إطلاق نار من بعيد، ويوجه المقيمون في المنازل آذانهم باتجاه النافذة في محاولة لمعرفة الاتجاه الذي جاء منه إطلاق النار. لقد كان إطلاق النار في الشوارع يخيف السكان منذ أشهر، أما الآن فهو يثير فضولهم فقط، حيث تقول أم خالد، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 53 عاما: «لقد اعتدنا على ذلك».
في اليوم التالي بدأ شهر رمضان وكانت الشوارع هادئة كما لو كان الناس في حالة من الترقب. وقالت أم فارس، وهي جدة لثلاثة أطفال، أثناء ذهابها إلى أحد محلات البقالة القريبة: «أعرف أن أبواب الجحيم ستفتح عندما تغيب الشمس». وعندما ذهبت إلى المتجر تبادلت التهنئة مع الموجودين بحلول شهر رمضان الذي عادة ما يتميز فيه الناس بالتقوى وإقامة الاحتفالات، كما تطرقت كل المحادثات إلى الانتفاضة التي اندلعت في المدن السورية، حيث قال أحد الموجودين للآخر: «هل نمت الليلة الماضية؟»، وتساءل الآخر: «إذن كيف كان الوضع بالقرب من منزلك الليلة الماضية؟».
وفي مكان قريب كانت هناك ورقة ملصقة على إحدى لافتات الطريق تقول: «شارع الشهيد عدنان الفرا»، وهو اسم أحد الشباب الذين قتلوا في الانتفاضة. وعلى بعد عشرة مبانٍ سكنية كانت هناك ورقة أخرى ملصقة على جدران إحدى المدارس تقول: «هذا هو شارع الشهيد هاني الجندي»، ونفس الأمر ينطبق على كثير من الأماكن في مدينة حمص التي شهدت مقتل المئات من المواطنين. ويقوم المتظاهرون بتغيير أسماء الشوارع لكي تحمل أسماء الشهداء ويكتبون هذه الأسماء على المباني والجدران والإشارات.
وعند غروب الشمس تبدأ المحلات التي كانت لا تزال مفتوحة في إغلاق أبوابها، ويتناول الصائمون الإفطار ثم يذهبون بعد ذلك لأداء الصلاة. وبعد ساعة يمكن سماع الهتافات القادمة من اتجاه مسجد عمر بن الخطاب الذي يعد أحد المعالم البارزة في المدينة. يهتفون معا وهم يسيرون في شارع الملعب البلدي: «على الجنة رايحين شهداء بالملايين». وقالت سيدة في العشرين من عمرها، وهي ترتدي حجابا أبيض، للأشخاص الذين يقفون في شرفات المنازل: «ماذا تنتظرون؟ ألا تريدون الانضمام إلينا؟ لا يوجد أحد في المنازل سواكم». وركض الأولاد تجاه الاحتجاج، كما اتجهت نحوه الكثير من السيارات.
وبعد نصف ساعة تم سماع صفارات الإنذار وأبواق السيارات التي تنبه المتظاهرين إلى اقتراب سيارات الأمن، وهتف الشباب قائلين «الأمن». وبعدما هدأت الصيحات كان هناك رجل يجري في الشارع ويقول: «الله أكبر»، وتردد وراءه النساء من شرفات المنازل.
وانطلقت الحافلات الصغيرة والسيارات وسيارات الأجرة باتجاه الاحتجاج، وعندما تم إطلاق المزيد من النار، انضم المزيد من الرجال إلى المظاهرة. وأغلقت السيارات الطرق المؤدية إلى الاحتجاج في محاولة لمنع الحافلات التي تقل قوات الأمن من الوصول إلى المظاهرة. ولم تتوقف أبواق السيارات التي كانت تملأ الشوارع المظلمة، وتم سماع دوي طلقات على مسافة أبعد، ولكن لم يتحرك المحتجون وظلوا في أماكنهم. وعلى بُعد بضعة شوارع ألقى بعض المتظاهرين بالطوب والحجارة، وردت قوات الأمن بالذخيرة الحية.
وقال باسل، وهو أحد سكان المدينة ويبلغ من العمر 65 عاما وكان يلهث بعد أن تمكن هو وغيره من المتظاهرين من العودة إلى ديارهم: «لقد بدأوا باستخدام الغاز المسيل للدموع الآن». واستمر سماع دوي إطلاق النار لمدة ساعة، ثم تفرق المتظاهرون وأصبحت الشوارع خاوية. وكانت صناديق القمامة مقلوبة وزجاج السيارات مكسورا.
وفي صباح اليوم التالي تم الإعلان عن مقتل اثنين من المتظاهرين وهما أحمد الفاخوري وعدنان عبد الدايم. وهمس موظف الصليب الأحمر إلى أحد المتطوعين ويدعى فاخوري قائلا: «لقد تلقى رصاصة في رأسه الليلة الماضية». وكتب أحد الأشخاص على جدران أحد المباني بأحرف كبيرة: «شارع الشهيد عدنان عبد الدايم». واجتمع المشيعون في منزل عبد الدايم وجلسوا بجوار والدته التي كانت هادئة، وقالت إحدى السيدات: «كان ابنها الوحيد. نسأل الله أن يساعدها». وقالت سيدة أخرى: «نسأل الله أن يمنحها الصبر».
في صبيحة اليوم التالي ترك التضامن الذي كان موجودا الليلة الماضية نوعا من الشكوك، حيث بدأت إحدى السيدات في التقاط صور لإعلان الوفاة من خلال هاتفها الجوال، واقتربت منها ثلاث سيدات أخريات وقلن: «هل هذا تعاطف أم نوع من أنواع المراقبة؟»، وردت السيدة قائلة: «إنني أقوم بتصوير ذلك لكي أتذكر دائما كيف مات»، وردت إحدى السيدات قائلة: «من قال إننا سوف ننسى؟».
* خدمة خاصة بـ«الشرق الأوسط»
 
وصبر الأسرة الدولية نفد
برناردينو ليون: القمع الوحشي يحول دون انشقاقات واسعة في أوساط ضباط الجيش
باريس: ميشال أبو نجم
يوم الاثنين الماضي نشرت صحيفة «البايس» الإسبانية خبرا يفيد بأن رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو أوفد في شهر يوليو (تموز) الماضي مستشاره وأمين عام الحكومة الإسبانية برناردينو ليون إلى دمشق حاملا اقتراحا من ثلاث نقاط: وقف القمع، عقد مؤتمر وطني جامع تستضيفه مدريد، وتشكيل حكومة انتقالية. غير أن البند الأهم هو أن إسبانيا تعرض على الرئيس السوري وعائلته، وفق ما أكدته الصحيفة الإسبانية، «استضافتهم» على أراضيها في حال تخلي الأسد عن السلطة. وأكدت «البايس» أن تركيا «واكبت» المبادرة الإسبانية الوحيدة من نوعها حتى الآن.
واعتمدت إسبانيا على العلاقات الجيدة التي كانت تجمعها بدمشق وبالعلاقات «الأسرية» بين عائلة الملك خوان كارلوس وعائلة الرئيس السوري. وفي مادة «الاستضافة»، تتمتع مدريد بباع طويل، إذ إن شقيق الرئيس السوري السابق ونائبه رفعت الأسد، اختار منتجع ماربيا الأندلسي للاستقرار فيه منذ أن «خرج» من دمشق. كما أن أمراء ومسؤولين خليجيين وعرب لهم قصور وبيوت وأحيانا موطئ قدم على الشاطئ المتوسطي الإسباني، وخصوصا الأندلسي. ونقلت «البايس» أن الجانب السوري رفض مقترحات ثاباتيرو رفضا قاطعا.
تتمثل أهمية خبر «البايس» أنها كانت المرة الأولى التي يأتي فيها أحد على ذكر خروج الرئيس السوري من سوريا وتخليه عن الحكم، خصوصا أن هذا المطلب لم يكن قد طرحه بعد جهارا أي من العواصم العربية أو الأجنبية.
وأمس نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية مقابلة مع برناردينو ليون أكد فيها أنه زار دمشق بصفته «الخاصة» ومن غير جواز سفر دبلوماسي للتعزية في وفاة والد أحد أصدقائه. غير أنه «اعترف» بإجراء لقاءات مع مسؤولين سوريين «ولكن من غير أن ينتقل إلى أي مبنى رسمي ومن غير أن يتصل بالرئيس السوري» وأنه «نقل رسالة» إلى محادثيه قوامها أنهم «لا يرون الواقع على ما هو عليه وأن العنف وصل إلى درجة لا يمكن تحملها». والشق الآخر من الرسالة التي لم يكشف عن هوية من حمله إياها، تدعو القيادة السورية لأن تعي أن لا أحد يمكن أن يصدق مبادرات النظام الإصلاحية طالما لم يتوقف العنف والقمع ولم تتم محاكمة المسؤولين عنهما «وليس فقط من المراتب الدنيا». وأخيرا اقترح ليون فتح الباب أمام عملية انتقال (ديمقراطي) حقيقية عبر الدعوة إلى مؤتمر بحضور المعارضة والسماح بتأسيس أحزاب سياسية. لكنه نفى أن يكون قد اقترح مدريد لاستضافة المؤتمر الموعود.
ويفهم من كلام برناردينو ليون الذي عين الشهر الماضي مبعوثا خاصا للاتحاد الأوروبي لدى بلدان ضفة المتوسط الجنوبية، وبالتالي فإنه يتبع لكاثرين أشتون، وزيرة الشؤون الخارجية الأوروبية، أنه قام فعلا بمهمة بتكليف من رئيس الحكومة الإسبانية. لكن هذه الوساطة انتهت.
وليون يعرف جيدا بلدان الشرق الأوسط ومسؤوليها، إذ عمل إلى جانب وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل أنخيل موراتيونس عندما كان مبعوثا أوروبيا إلى الشرق الأوسط.
وفي حديثه الصحافي، اتهم ليون النظام السوري بأنه «قضى على أي فرصة للحوار مع المعارضة المنظمة وشجع الفئوية عمق الانقسامات» في المجتمع السوري. ورأى الدبلوماسي الإسباني أن هذا النظام الذي عاين ما حصل للنظام في تونس ومصر، «يعرف أنه يخوض معركة بقاء ولذات فإنه سيكون أكثر تشددا»، معتبرا أنه يتعين على الأسرة الدولية أن «تكثف وتزيد» من ضغوطها عليه. وفي موضوع الجيش السوري واستمرار التفافه حول النظام، اعتبر ليون أنه «لم تبرز حتى الآن أي حركة (داخل الجيش) يمكن أن تكون حاملة لأمل ما». لكن هذا لا يمنع، بنظره، من «حصول انشقاقات» كما جرى في ليبيا. لكن ما يحول دون اتساعها، كما يقول ليون، هو «القمع الهمجي» الذي لا بد أن يتعرض له من ينشق عن النظام. ولفت المبعوث الأوروبي إلى أن «صبر الأسرة الدولية» إزاء النظام السوري قد «نفد»، وبالتالي لم يعد قادرا على اللعب على أهمية موقع سوريا الاستراتيجي.
 
سوريا.. بداية النهاية
طارق الحميد
مع إعلان كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بأن على بشار الأسد الرحيل، وطرح الملف السوري بمجلس الأمن، تكون الثورة السورية قد دخلت المنعطف الأهم برحلة الدم والدمار والكفاح، حيث إننا بتنا أمام بداية نهاية النظام الأسدي.
فما كنا نراه أمراً واقعاً لا محالة كان البعض، ساسة وإعلاماً ومثقفين، يرونه أماني وحماساً زائداً، ومثالية، لكن ما غفل عنه كثر من هؤلاء أنه من الخطأ بالحالة السورية التحليل، أو قراءة الأحداث، وفق المنطق، بل وفق عقلية النظام الأسدي الذي لم يصل إلى ما وصل إليه اليوم بسبب تخطيط مدبر من الخارج الذي منح الأسد فرصاً لم تمنح لكثير من الأنظمة العربية، بل بفضل أخطاء مذهلة ارتكبها النظام، ومنذ تولي الأسد الحكم، وحتى التصعيد الدموي المرعب بحق العزل السوريين، فقد استمرأ النظام الأسدي التذاكي وقطع الوعود، والارتماء في أحضان إيران، وتكريس الطائفية ليس بسوريا وحدها بل وبالمنطقة كلها؛ فالأخطاء الأسدية فاقت حتى أخطاء صدام حسين بالعراق، فبعث سوريا دائماً ما كان منبطحاً للنخبة الحاكمة، وليس شريكاً، أو ضمانة.
ولذا فإن الأخطاء الأسدية لن تتوقف بأي حال من الأحوال، فهذا نظام يحكمه الغرور والقراءات الخاطئة، ولا يرى حلولا إلا بالدم والدمار، ومن هنا فعلينا اليوم أن نراقب عن كثب تحركات خيوط اللعبة بمنطقتنا والتي أسميها محاولة تخفيف الضغط عن نظام الأسد؛ فبالأمس شهدنا عملية إيلات التي استهدفت حافلة إسرائيلية، وقبلها بيومين سمعنا زعيم جمعية الوفاق البحرينية مهدداً بالتصعيد لسنين، وملوحاً بالاستعانة بالداخل والخارج، والأدهى والأمرّ والأكثر سخرية، قول نوري المالكي إن الربيع العربي ما هو إلا خدمة لإسرائيل.. تخيلوا أن يصدر هذا التصريح من رجل طالما قال إن هناك أنظمة عربية لا تريد الديمقراطية بالعراق، وإن بغداد ستكون حاملة شعلة التغيير الديمقراطي بالمنطقة.. المالكي نفسه الذي دافع عن الجماعات الشيعية البحرينية، وشن هو والمحسوبون على حزبه وحكومته هجوماً عنيفاً على دول الخليج دفاعاً عن شيعة البحرين!
ومن هنا نعود، وبعد أن ثبت أننا لسنا حالمين، أو عاطفيين، لنجدد القول بأنه بات على العرب التحرك اليوم ومن خلال الجامعة العربية لسحب السفراء العرب من سوريا، وتجميد عضوية النظام الأسدي، فالوقت بات مناسباً لفعل ذلك الآن، وليس لأن الغرب تحرك، بل لأن الأرضية باتت جاهزة مع سحب دول عربية أخرى لسفرائها، وتصاعد الإدانة العربية لنظام بشار الأسد، خصوصاً بعد خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز التاريخي عن سوريا، والذي شكل نقطة تحول بالثورة السورية حيث قاد للتحرك الغربي، وليس العكس كما يحاول البعض القول زيفاً.
التصدي العربي للنظام الأسدي، بحال حدث، يعني أن العرب تعلموا الدرس جيداً ولن يكرروا أخطاء الأمس عندما تجنبوا مواجهة أخطاء صدام حسين من البداية، كما تعني أن العرب باتوا يعون أهمية حماية السوريين العزل، وفرصة تخليص المنطقة من أحد أبرز الأنظمة التخريبية والقمعية، وقطع يد إيران من المنطقة. ولذا نقول: تحركوا فقد سار القطار.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,096,340

عدد الزوار: 6,752,481

المتواجدون الآن: 105