ليبيا تسدل الستار على حكم القذافي

ليبيا.. نهاية طاغية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 آب 2011 - 4:25 ص    عدد الزيارات 2414    القسم عربية

        


 

ليبيا.. نهاية طاغية
الثوار سيطروا على طرابلس والسكان احتفلوا.. وأنباء عن فرار مسؤولين كبار * عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط»: سنعاملهم كأسرى حرب * سيف الاسلام ومحمد في قبضة الثوار وتضارب حول اعتقال القذافي * نداءات من قادة المعارضة للحفاظ على الممتلكات العامة
القاهرة: خالد محمود
شهدت ليبيا ليلة أمس نهاية نظام العقيد الليبي معمر القذافي.. حيث انتهى طاغية حكم البلاد 42 عاما بقبضة حديدية، وذلك بعد أن سيطر الثوار على العاصمة طرابلس. وبثت القنوات التلفزيونية مشاهد لاحتفالات السكان, وأفراحهم في الساحة الخضراء.
وذكرت تقارير إخبارية في ساعة مبكرة من صباح أمس منسوبة إلى المجلس الوطني الانتقالي ان حرس العقيد الليبي معمر القذافي استسلم للثوار. كما أفادت بان القوات المسؤولة عن حماية القذافي ألقت اسلحتها واستسلمت .
ووسط تضارب في المعلومات حول مصيره، تلقت «الشرق الأوسط» معلومات غير مؤكدة من صحافيين وسكان في العاصمة عبر الهاتف بأنه تم اعتقال العقيد الليبي معمر القذافي في منزل غرب طرابلس، كما أعلن عن اعتقال سيف الإسلام النجل الثاني للقذافي وتسليم أخيه محمد نفسه للثوار.
وقال مسؤول عسكري موال للثوار في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس إنه تم توقيف القذافي لكنه امتنع عن الإفصاح عن أي معلومات، مشيرا إلى أن الإعلان عن اعتقال القذافي سيخضع لترتيبات معينة خشية تعرضه للانتقام.
وأبلغ عبد المنعم الهوني ممثل المجلس الانتقالي لدى الجامعة العربية ومصر «الشرق الأوسط» أن عائلة القذافي (زوجته صفية فركاش وابنته عائشة وزوجات أبنائه) قد هربت بالفعل إلى جنوب ليبيا منذ أول من أمس، مشيرا إلى أنها ربما تكون في طريقها إلى تشاد أو النيجر حيث يحتفظ القذافي بعلاقات قوية مع رئيسي البلدين.
ووجه قادة كبار في القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للقذافي تعليمات عبر أجهزة اللاسلكي إلى الجنود التابعين لهم بإلقاء السلاح والتوقف عن مواجهة المدنيين أو الثوار المناوئين للقذافي.
ودخل الثوار العاصمة من دون مقاومة ليلة أمس بينما احتفل السكان بنهاية عهد القذافي، وسط تقارير عن فرار كبار مسؤولي النظام. وقال المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس لـ«الشرق الأوسط»: إنه يأمل أن تسود روح التسامح الثوار لدى سيطرتهم على مقاليد الأمور في طرابلس، بينما قال الدكتور محمود جبريل، رئيس حكومة المكتب التنفيذي التابعة للمجلس: إن انتصار الثورة يضع على الجميع مسؤولية الحفاظ على الممتلكات العامة وعدم تدميرها.
ولدى سؤاله عن كيفية التعامل مع القذافي وأعوانه حال اعتقالهم، قال عبد الجليل إنه سيتم التعامل معهم كأسرى حرب ووفقا للقوانين والمواثيق الدولية، مؤكدا أنه ستتوفر لهم محاكمة عادلة وفق القانون.
ودعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي فو راسموسن أمس الى انتقال سلمي وفوري للسلطة في ليبيا.
 
المجلس الانتقالي يسابق الزمن لاحتواء الانتقام وأعمال الفوضى والسلب والنهب
مصطفى عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في أن تسود روح التسامح الثوار لدى سيطرتهم على مقاليد الأمور في طرابلس
القاهرة: خالد محمود
يسابق المجلس الوطني الانتقالي الزمن لضبط الأمر في العاصمة الليبية طرابلس، مع بداية النهاية لنظام حكم العقيد معمر القذافي، بعد أربعة عقود ظل فيها الأخير الرجل الأول والأخير في البلاد الغنية بالنفط محدودة السكان.
وقال المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأمل في أن تسود روح التسامح الثوار لدى سيطرتهم على مقاليد الأمور في طرابلس، بينما قال الدكتور محمود جبريل، رئيس حكومة المكتب التنفيذي التابعة للمجلس، إن انتصار الثورة يضع على الجميع مسؤولية الحفاظ على الممتلكات العامة وعدم تدميرها.
وبينما يقول آلاف الليبيين إن لديهم مظالم إزاء نظام القذافي لم ينالوها قط على مدى السنوات الـ42 الماضية، فإن المجلس الانتقالي باعتباره الهيئة السياسية والتنفيذية للثوار المناهضين للقذافي، يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه بين ثائرين غاضبين وبين المخاوف من انتشار عمليات الفوضى والانتقام فيما بعد القذافي.
وأطلقت معظم قيادات الثوار نداءات تلفزيونية عبر قناة «ليبيا الأحرار» المعبرة عن المجلس الانتقالي، والتي تبث من العاصمة القطرية الدوحة لسكان طرابلس وثوراها، لعدم السماح بتشويه الثورة. كما طالبوا بإعطاء العدالة الفرصة لتقول كلمتها ضد كل من ارتكب أعمالا غير قانونية في السنوات الماضية.
وبعدما أكد أن الثوار تمكنوا من الدخول لطرابلس ضمن خطة محكمة للسيطرة عليها أعدت باتفاق مشترك بين المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الوطني وأعضاء المجلس الوطني عن طرابلس وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والثوار في طرابلس والجبل الغربي. قال عبد الجليل إن الخطة تشتمل على كيفية الحفاظ على ممتلكات الدولة، لأن العقيد معمر القذافي من الممكن أن يدبر لحرق طرابلس نهائيا، ويقضى على المؤسسات والمنشآت الحيوية.
ولدى سؤاله عن كيفية التعامل مع على القذافي وأعوانه حال اعتقالهم، قال عبد الجليل إنه سيتم التعامل معهم كأسرى حرب ووفقا للقوانين والمواثيق الدولية، مؤكدا أنه سيتوفر لهم محاكمة عادلة وفق القانون.
لكن البعض يشكك في إمكانية أن يسمح القذافي لمعارضيه باعتقاله، وقال مسؤول حكومي مقرب من القذافي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» قبل يومين فقط: «أتوقع أن يطلق حراسه النار عليه إذا ضاق عليه الخناق واقترب منه الثوار».
ومع أن القذافي كثيرا ما تحدى معارضيه بالانتصار عليهم، مؤكدا أنه يفضل الموت والاستشهاد على الاستسلام، فإن مصادر أفريقية كشفت في المقابل النقاب عن وجود خطط غير معلنة للقذافي للجوء السياسي إلى أي من الدول التي يتمتع فيها بعلاقات شخصية وطيدة مع حكامها.
وتمتلئ القائمة بدول مثل الجزائر القريبة حدوديا بالإضافة إلى تشاد ثم فنزويلا والبرازيل والأرجنتين.
لكن القذافي رفض كل العروض التي منحت له بتوفير ملاذ آمن له ولأسرته، فيما قال الثوار إنهم يريدون محاكمته كما يفعل جيرانهم المصريون مع رئيسهم المخلوع حسني مبارك.
وإذا تم اعتقال القذافي، فإن مشهد محاكمته سيكون الأبرز في هذا القرن، ويجب ما قبله من أحداث بالنظر إلى قائمة الاتهامات الطويلة والعريضة التي قد يواجهها القذافي، وتخطت الأراضي الليبية لتصل إلى عدة مناطق مختلف في الكرة الأرضية.
وقال زعيم الثوار عبد الجليل لـ«لشرق الأوسط»، في حديث أدلى به قبل أيام قليلة فقط، أنه يرغب في أن تكون محاكمة القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية بالنظر إلى أن كل جرائمه وصلت إلى كثير من دول العالم.
لكن محاكمة أو اعتقال أو مصير القذافي ليست الشيء الوحيد الذي يقلق الثوار ويشغل بالهم وهم يدقون المسمار الأخير في نعش نظام القذافي، ذلك أن المخاوف من حدوث أعمال فوضى وهرج ومرج مصحوبة بعمليات سلب ونهب تثير قلق الكثيرين.
وقال عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية ومصر، إنه يأمل أن يستجيب الشعب الليبي لنداءات ومطالب المجلس الانتقالي ورئيسه بعدم الإقدام على أي عمليات انتقامية من أي نوع وتغليب العقل للحفاظ على مقدرات الدولة الليبية.
وأضاف الهوني لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد كل مواطن ليبي لديه ثأره الشخصي مع نظام القذافي، لكننا شعب متحضر ومتدين، ينبغي أن تأخذ العملية القضائية مجراها وأن يسود حكم القانون بعيدا عن لغة العنف والدم، يكفينا ما فعله القذافي بنا على مدى سنوات حكمه، علينا فتح صفحة جديدة ومزدهرة من تاريخنا».
وعلى مدى أربعة عقود، حاول القذافي ليس فقط تغيير الخريطة الديموغرافية والسياسية للبلاد، لكن أيضا خلق دولة من نوع خاص تخلو من المؤسسات المتعارف عليها في الأنظمة الديمقراطية.
ولم يكن بمقدور الليبيين معرفة أسماء كبار المسؤولين أو أعضاء الحكومة الليبية لأن العرف جرى على تجاهل الأسماء مع الاكتفاء فقط بذكر المنصب الذي جرى تعديله بما يخدم النظرية الجماهيرية التي ابتدعها القذافي لحكم البلاد منذ منتصف السبعينات، عبر مقولة مؤتمرات شعبية تقرر ولجان تنفذ.
وسيكون التحدي الأكبر أمام المجلس الانتقالي، هو إثبات قدرته على فرض السيطرة واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد بأسرع وقت ممكن.
وعبر رئيس المكتب التنفيذي للمجلس عن تخوفه مساء أول من أمس من أن تمنح أعمال الفوضى المتوقعة الحجة للأجنبي لكي يتدخل في الشؤون الداخلية لليبيا.
ويقول المجلس الانتقالي، إنه يسعى لخلق دولة جديدة في ليبيا عناوينها الرئيسية الديمقراطية، حيث تبنى مؤخرا وثيقة دستورية تنص على تسليم السلطة إلى مجلس منتخب خلال مهلة لا تتجاوز ثمانية أشهر.
وتتضمن الوثيقة 37 مادة تحدد المراحل المختلفة للفترة الانتقالية، علما بأن المجلس سيشكل حكومة انتقالية خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما، بالإضافة إلى انتخاب المؤتمر الوطني العام خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوما وتعيين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وستكون مهمة المجلس الوطني خلال الأيام الثلاثين التي تلي دورته الأولى وضع قانون انتخابي جديد تمهيدا لتنظيم انتخابات عامة خلال 180 يوما.
في كل الأحوال يقول مسؤولون في المجلس الوطني، إنه لا خوف مطلقا على مستقبل الدولة الليبية، وإن الليبيين الذين تحرروا أخيرا من قبضة القذافي سيعرفون بكل تأكيد طريقهم في المستقبل.
 
ليبيا تسدل الستار على حكم القذافي
اعتقال سيف الإسلام ومحمد القذافي يسلم نفسه إلى الثوار
القاهرة: خالد محمود
أنهى الثوار الليبيون ليلة أمس حكم العقيد الليبي معمر القذافي بعدأن سيطروا على العاصمة الليبية طرابلس.
وقبل أسبوع فقط من احتفاله بالذكرى الثانية والأربعين لتوليه السلطة عقب الإطاحة بنظام الملك الراحل إدريس السنوسي، بدا أن مصير القذافي غامضا. حيث أعلن محمود شمام مسؤول الإعلام بالمجلس الانتقالي أن القذافي يوجد في منطقة قريبة من الحدود الجزائرية، طالبا من السلطات الجزائرية وأي دولة أخرى مجاورة لليبيا عدم السماح بإيواء القذافي على أراضيها وتسليمه للمجلس الانتقالي لمحاكمته فورا. ووسط تضارب في المعلومات حول مصيره، تلقت «الشرق الأوسط» معلومات غير مؤكدة من صحافيين وسكان في العاصمة عبر الهاتف بأنه تم اعتقال العقيد الليبي معمر القذافي في منزل بالمدينة السياحية التي تقع على بعد 10 كيلومترات غرب طرابلس، كما أعلن عن اعتقال المهندس سيف الإسلام النجل الثاني للقذافي وتسليم محمد القذافي نفسه للثوار.
ودعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي فو راسموسن أمس الى انتقال سلمي وفوري للسلطة في ليبيا قائلا ان الحلف مستعد للعمل مع المعارضين الذين يقاتلون معمر القذافي لتحقيق ذلك.
وقال راسموسن في بيان ان حلف شمال الاطلسي مستعد للعمل مع الشعب الليبي ومع المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى مسؤولية كبيرة.
وافاد سكان في العاصمة الليبية طرابلس ليلة امس بان شبكة الانترنت عادت تعمل بشكل طبيعي للعموم في المدينة للمرة الاولى منذ انطلاق الانتفاضة في ليبيا منتصف فبراير، وقال احد سكان حي تاجوراء شرق طرابلس لفرانس برس ان خدمة الانترنت السريع «تعمل مجددا في كل الحي». واكد شخصان اخران يسكنان حيين مختلفين قرب وسط العاصمة ان خدمة الانترنت عادت للعمل في العاصمة.
وذكرت تقارير إخبارية في ساعة مبكرة من صباح أمس منسوبة إلى المجلس الوطني الانتقالي ان حرس العقيد الليبي معمر القذافي استسلم للثوار. كما أفادت قناة الجزيرة بان القوات المسؤولة عن حماية القذافي ألقت اسلحتها واستسلمت .وقال مسؤول عسكري موال للثوار في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس إنه تم توقيف القذافي لكنه امتنع عن الإفصاح عن أي معلومات، مشيرا إلى أن الإعلان عن اعتقال القذافي سيخضع لترتيبات معينة خشية تعرضه للانتقام.
وقال ناطق باسم الثوار إن نجلي القذافي اعتقلا وإنهما حاليا قيد الاحتجاز في مكان غير معروف.
وترددت في السابق معلومات عن اعتقال سيف القذافي أبرز أبنائه وأكثرهم صخبا إعلاميا وسياسيا في فندق ريكسوس بقلب طرابلس والمخصص لإقامة الصحافيين والإعلاميين الأجانب، لكن مصدرا في الثوار قال لاحقا لـ«الشرق الأوسط» إنه تم توقيف نجلي القذافي في منطقة الهضبة الشرقية.
وأبلغ عبد المنعم الهوني ممثل المجلس الانتقالي لدى الجامعة العربية ومصر «الشرق الأوسط» أن عائلة القذافي (زوجته صفية فركاش وابنته عائشة وزوجات أبنائه) قد هربت بالفعل إلى جنوب ليبيا منذ أول من أمس، مشيرا إلى أنها ربما تكون في طريقها إلى تشاد أو النيجر حيث يحتفظ القذافي بعلاقات قوية مع رئيسي البلدين.
ويقول سكان في المدينة إن علم الاستقلال بات يرفرف على كل المصالح والمؤسسات الحكومية تقريبا إيذانا بانتهاء حقبة حكم القذافي.
ووجه قادة كبار في القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للقذافي تعليمات عبر أجهزة اللاسلكي إلى الجنود التابعين لهم بإلقاء السلاح والتوقف عن مواجهة المدنيين أو الثوار المناوئين للقذافي.
وانفرط عقد نظام القذافي بشكل مفاجئ، حيث بدأ كبار معاونيه ومساعديه في الهرب والبحث عن ملاذ آمن، حيث أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، نبأ هروب عبد الله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية وأبنائه إلى منطقة الشويرف جنوب ليبيا، بالإضافة إلى فرار رئيس البحث الجنائي العميد محمد بشير الشباني إلى تونس.
ومع دخول عملية تحرير طرابلس المسماة بـ«فجر عروس البحر» مرحلتها الثانية، تسلل مئات من جيش تحرير ليبيا الوطني إلى قلب طرابلس وانضموا إلى السكان المحليين في المناطق التي تم إعلانها كمناطق محررة.
وفيما كانت مقاتلات حلف شمال الأطلسي (الناتو) تقصف بضراوة ثكنة باب العزيزية الحصين حيث مقر إقامة القذافي، بدأ آلاف من الثوار المنضمين إلى جيش تحرير ليبيا الوطني في الزحف على بعد 25 كيلومترا غرب طرابلس.
وفي طريقهم إلى طرابلس للانضمام إلى ثورتها الشعبية المنتفضة ضد القذافي، سيطر الثوار على ثكنة تخص كتيبة خميس نجل القذافي وهي وحدة تضم أفضل قوات الأمن التابعة للقذافي.
وتمكن نحو 200 مقاتل من الوصول إلى طرابلس على متن زوارق قادمين من مصراتة لتعزيز المقاتلين الذين يخوضون معركة شرسة مع قوات القذافي داخل قاعدة معيتيقة الجوية في حي تاجوراء بالعاصمة.
وفي هجوم منسق كان الثوار يخططون له سرا منذ شهور لإنهاء حكم القذافي المستمر منذ 42 عاما، بدأ إطلاق النيران مساء أول من أمس عبر طرابلس بعد لحظات من استخدام رجال الدين مكبرات الصوت في مآذن المساجد لدعوة الناس للخروج إلى الشوارع.
ولم تفلح النداءات العاجلة التي وجهها القذافي مساء أمس لأنصاره ومؤيديه في الخروج إلى أرض المعركة لمواجهة من وصفهم بأعوان الاستعمار الأجنبي في منع الثوار والسكان المحليين من التقدم باتجاه السيطرة شبه الكاملة على طرابلس.
ووجه القذافي كلمة صوتية إلى مناصريه قال فيها «أنا معكم ببندقيتي إلى آخر قطرة دم، هبوا بسرعة وأنقذوا تاجوراء وطهروها من أعوان الاستعمار لتسليم ليبيا والنفط لـ(الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي».
وتساءل القذافي الذي كان يتحدث عبر الهاتف من مكان غير معلوم من خلال شاشات التلفزيون الليبي الرسمي «كيف تسمحون بهذا؟! يا للعار! يا للشماتة! أين المسيرات المليونية؟! فلتخرج النساء الآن ومن يخاف يعطي سلاحه لابنته أو لزوجته»، مشيرا إلى التشكيلات واللجان الثورية والقبائل وعشرين قبيلة لتخرج الآن لميدان المعركة.
وأضاف القذافي: «الآن أنا مضطر إلى الكلام لأني أخشى أن يحرقوا طرابلس وتبقى بلا مياه وكهرباء وتكييف ويمثلوا بكم، هؤلاء لا يهمهم أن تحترق ليبيا بالكامل اخرجوا من بيوتكم، ولا تخافوا منهم فهؤلاء عددهم قليل».
وأعطى القذافي أمرا على الهواء مباشرة بفتح مخازن السلاح لأنصاره، وقال بنبرة غاضبة «فلتفتح مخازن السلاح والآلاف تسلح، افتحوا المخازن بأمر مني لتسليح الجماهير كل الجماهير يجب أن تسلح».
وهذه هي المرة الثانية التي يخطب فيها القذافي خلال 24 ساعة كمؤشر على تسارع الأحداث وتقدم الثوار في مواجهة قواته العسكرية، حيث قال القذافي مساء أول من أمس في رسالة صوتية بثها التلفزيون الرسمي «نهنئكم بالقضاء على هؤلاء الجرذان التي انتشرت هذه الليلة وداهمتها الجماهير وقضت عليها».
وقال الصحافي الليبي فتحي بن عيسى الذي اختفى عن الأنظار مع بداية ثورة 17 فبراير (شباط) الماضي وعاد للظهور قبل يومين فقط، إن وسط مدينة طرابلس تم تحريره بالكامل، مشيرا إلى أن هناك تعليمات بعدم الاقتراب من ميدان الساحة الخضراء الشهير في قلب المدينة إلا بعد تمشيطه خشية أن يكون القذافي قد لغمه.
وأضاف بن عيسى لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس «سيطرنا على مقر الجيش الإلكتروني بمنطقة النوفليين ويجري رفع علم الثوار على كل المناطق والمباني المحررة، إن التعليمات هي عدم حرق أي مبنى والاكتفاء برفع العلم فوقه تأكيدا لسيطرة الثوار عليه».
وأكد أنه تمت السيطرة على مقر جمعية «واعتصموا» التي تترأسها عائشة ابنة القذافي بشارع الظل، بالإضافة إلى تحرير سجن الجديدة بواسطة ثوار السبعة والجديدة وهي المناطق المحيطة بالسجن.
وأوضح أنه تم إطلاق سراح آلاف المعتقلين بالتعاون مع بعض ضباط الأمن الذين كانوا يتولون حماية السجن في الأساس.
ولفت إلى أن المقر الرسمي للحكومة الموالية للقذافي برئاسة الدكتور البغدادي المحمودي ما زال قيد التمشيط، مؤكدا أن كل مناطق طرابلس تقريبا باتت محررة من قبضة القذافي.
وأضاف أنه فقط مناطق الهضبة وبوسليم فيها كتائب أمنية ويجري التعامل معها، وخلال ساعات ستحسم المعركة، مشيرا إلى أن شارع الصريم غرب ميدان الشهداء يشهد مقاومة عنيفة حيث لم تتم السيطرة عليه مقابل الإذاعة نظرا لوجود قناصة في أعلى العمارات السكنية.
وأوضح أنه تم اعتقال عدد من المرتزقة والقناصة الأجانب من بينهم خمسة من تشاد واثنان فقط من سوريا.
 
المقدم محمد أبو القاسم عثمان لـ«الشرق الأوسط»: القذافي سرق ثورة 1969 ليقوم بانقلاب عسكري
رئيس تنظيم الرواد: العقيد الليبي تجاهلني 42 عاما وتذكرني حين قامت الثورة
القاهرة: خالد محمود
كشف المقدم محمد أبو القاسم عثمان، رئيس تنظيم الرواد، الذي كان ينوي الإطاحة بحكم العاهل الليبي، الراحل إدريس السنوسي، عام 1969، عن أن الملازم (آنذاك) معمر القذافي وتنظيم صغار الضباط المدعوم من المخابرات الأجنبية، التف على الثورة الحقيقية التي كان يخطط لها ضباط ليبيا الشرفاء للإطاحة بحكم الملك إدريس بعد أن انتشر الفساد في أركان الحكم في تلك الفترة، وإن لم يكن بفساد نظام القذافي نفسه.
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها المقدم عثمان عن حقيقة الاتصالات التي جرت مع القذافي قبل وقوع الانقلاب العسكري الذي نفذه تنظيم الضباط الأحرار بقيادة القذافي ضد السنوسي.
وأضاف عثمان، الذي ينحدر من مدينة الزاوية التي تقع على بعد خمسين كيلومترا غربي العاصمة الليبية طرابلس، والذي كان يتولى رئاسة التنظيم في تلك الفترة، أن القذافي زاره في بيته في مدينة المرج (شرق بنغازي) في شهر أبريل (نيسان) من عام 1969، وعرض عليه توحيد التنظيمين، وهما تنظيم الرواد وتنظيم الضباط الوحدويين الأحرار، غير أنه أثناء الزيارة التي رافقه فيها الرائد السيد الفار من مدينة المطرد، وجد القذافي محمد أرحيم وشقيقه وأسرتهما، وهم من مدينة درنة، لدي وتناول طعام الغداء وانصرف، ولكن السيد الفار نقل لي - والحديث للمقدم محمد عثمان - رغبة الضباط الصغار في الانضمام لتنظيمنا، ولكنه كان يحاول الحصول على بعض المعلومات فقط.
وعن سبب عدم ذكر القذافي طيلة الأربعين عاما أي معلومات عن لقاء التنظيمين وكيف تعامل مع أعضائه بعد ذلك، قال المقدم محمد عثمان، الذي كان آمر سرية الإسناد بالكتيبة الرابعة: «إن القذافي تحدث عن لقائنا في عام 1970 في أول احتفال بالانقلاب، ولكنه عمد بعد ذلك إلى التعتيم الكامل على هذه القصة، وبعد خروجي من السجن حيث سجنت لفترة محدودة، وخلال زيارة جمال عبد الناصر ليبيا اقترح عليه إبعاد كل الضباط الكبار من الذين تم إطلاق سراحهم، وتم إيفادي لسويسرا حيث قضيت 4 سنوات، إلى أن تم إرجاعي لليبيا، ومنذ ذلك التاريخ وأنا في إقامة شبه جبرية، حيث لا أستطيع مغادرة البلاد إلا بموافقة من الاستخبارات العسكرية، ناهيك عن المراقبة شبه الدائمة لتحركاتي في الداخل».
وروى محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» أن تنظيم الرواد كان يسعى لتفجير الثورة دون السعي للاحتفاظ بالسلطة، عكس ما فعل القذافي، وقال إن السنوسي الأطيوش، رئيس الأركان في الجيش الليبي، كان يسعى أيضا للانقلاب، فقد كانت الحاشية الملكية في أواخر حكم الملك إدريس هي التي تحكم بطريقة غير مباشرة، وكان الملك غير قادر على اتخاذ القرارات ولا يدرك الصورة الحقيقية لما يحدث في البلاد.
وكشف النقاب عن أن اللواء مصطفى الخروبي، عضو مجلس قيادة الثورة التاريخية، وأبرز المقربين من القذافي، قد اتصل به قبل اندلاع الثورة الشعبية ضد القذافي في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي، وقال إنه يريد أن يجمعه بالقذافي، وعرض عليه أن يكتب طلبا لتذكير القذافي بما حدث بينهما في عام 1969، لكن عثمان رفض الذهاب للخروبي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه أبلغه بأنه منهك صحيا ولا يستطيع مغادرة البيت.
وأضاف عثمان: «تصور الثورة تذكرتني بعد 42 سنة، وقالوا لي اطلب أي شيء من القذافي، فقلت لهم لست بحاجة لشيء، أولادي يقومون بالواجب» وختم المقدم محمد عثمان قائلا: «إن الثورة الحقيقية هي ثورة فبراير، وما عجزنا عن تحقيقه نحن، فعله أبناؤنا وأحفادنا، وهذه الثورة ستقود ليبيا للمستقبل، وأنا بشوق للقاء أصدقائي في نواة الجيش الليبي، وأدعو أستاذي جلال الدغيلي الذي كان مدربي في الكلية العسكرية، لأن يبذل جهدا في ذلك».
يذكر أن محمد عثمان هو خريج الدفعة الأولى من الجيش الملكي؛ إذ تخرج في عام 1959 في الكلية العسكرية بمنطقة أبو عطني ببنغازي، وقد ضمت الدفعة الأولى 32 طالبا.
 
تونس: 500 جندي شاركوا في اشتباكات مع مجموعة مسلحة عبرت الحدود الليبية
3 مروحيات من نوع «غزال» مدعومة بـ 4 طائرات من نوع «إف 5» شاركت في العمليات
تونس: المنجي السعيداني
كشفت مصادر عسكرية تونسية عن معطيات جديدة حول الاشتباكات الدامية التي عرفتها منطقة «قرعة الفليجة» بالجنوب التونسي خلال ليلة الجمعة وصباح يوم أول من أمس (السبت). وقالت المصادر ذاتها إن المجموعة المسلحة التي تم الاشتباك معها عبرت الحدود التونسية من جهة ليبيا وليس من الحدود الجزائرية، كما أشيع في البداية.
وأوردت المصادر في روايتها للأحداث أن أحد الرعاة ويسمى «فارس» أبلغ قوات الأمن عن مرور سيارات رباعية الدفع بسرعة جنونية في المنطقة، وعلى متنها أشخاص مسلحون. وقال إنه لم يتعود مرور مثل تلك السيارات في منطقة رعيه المصنفة ضمن المناطق العسكرية المعروفة بصعوبة تضاريسها.
وبمجرد أن وصلت التعزيزات الأمنية إلى المنطقة، أطلق المسلحون النيران بواسطة رشاش من نوع «م.ت.أي» على عربات الحرس الوطني، التي طلبت تعزيزات عسكرية إضافية.
وتحدثت المصادر عن مشاركة أكثر من 500 جندي في المواجهات المسلحة. وشاركت في العمليات العسكرية في البداية ثلاث مروحيات من نوع «غزال» مدعومة بأربع طائرات من نوع «إف 5». وحددت منطقة وجود المجموعات المسلحة بأربعة كيلومترات غرب منطقة قرعة الفليجة، وخمسة كيلومترات شرق قصر الغيلان.
ورصدت الطائرات المحلقة ثماني سيارات رباعية الدفع وأكثر من عشرة أفراد وهو ما جعل قوات الجيش تعمل على تمشيط المنطقة على عمق 200 كلم خشية وجود سيارات أخرى ضمن المجموعة المتسربة إلى التراب التونسي.
وكانت طائرة مروحية من نوع «غزال» قد تحطمت في منطقة بن قردان خلال الاشتباكات، ونتج عن تحطمها وفاة شخصين كانا على متنها. بينما نفت مصادر عسكرية علاقة تحطم تلك الطائرة بالاشتباكات المسلحة.
وخلفت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش التونسي والمجموعة المسلحة، جرح أربعة جنود تونسيين واختفاء جندي آخر عثر عليه صباح أول من أمس في الصحراء، وهو في صحة جيدة، وتم القبض على عناصر من المجموعة المسلحة، ولا يزال التحقيق جاريا معهم. وتمكنت عناصر من المجموعة المسلحة من الهرب إلى المنطقة الحدودية الثلاثية المعروفة باسم برج الخضراء الرابطة بين تونس والجزائر وليبيا.
 
العالم بعد القذافي
طارق الحميد
من الخطأ اختزال ما يحدث بمنطقتنا من زلزال سياسي فقط في أحداث عام 2011، أو ما يوصف بالربيع العربي، فالأحداث أكبر، وأقدم، لكل من ينظر للصورة الكبرى في منطقتنا ومنذ سنوات، وأحداث، عدة.
فمنطقتنا شهدت أحداثا عديدة في السنوات الأخيرة تدل على أن كثيرا من الأنظمة العربية قد شارفت مدتها على الانتهاء، ولم يعد باستطاعتها البقاء، فتلك الأنظمة لم تحافظ على الحد الأدنى من مفهوم الدولة، أو البناء والتنمية، بل هي أنظمة استمرأت العيش خارج القانون، ودون احترام لمواطنيها، أنظمة عاشت على الشعارات الزائفة، والمكايد الصبيانية داخليا وخارجيا، ولذا فعندما نقول إن من يمعن في الصورة الأكبر فلن يتفاجأ مما يدور حوله اليوم، أو مما هو قادم بالطبع.
فهذه المنطقة من العالم شهدت، وفي ظرف أقل من عشر سنوات، انفجار الإرهاب بدولنا، وسقوط نظام عربي بالعراق على يد محتل أجنبي، وانقسام السودان، ناهيك عن صراعاته، كما شهدت انقساما فلسطينيا - فلسطينيا، وحربين مع إسرائيل في ظرف عامين أو ثلاثة في لبنان وغزة، ناهيك عن الاغتيالات، واحتلال حزب الله لبيروت، وتدخلا إيرانيا سافرا في جل دولنا العربية، كل تلك الأحداث لم تشهد تصحيحا سياسيا داخليا، في جل دولنا، ولم تشهد كذلك إعادة النظر في النظام العربي ككل. وعليه، وبعيدا عن التفاصيل، وصلنا إلى عام 2011 حيث كرت السبحة، كما يقال.
في هذا العام سقط زين العابدين بن علي، وبعده مبارك، واليوم حانت ساعة القذافي، الذي سيعتبر الزعيم الثالث الذي سيسقط هذا العام، والرابع إذا أضفنا صدام حسين في السنوات الأخيرة، وبالطبع يتبقى صالح باليمن، والأسد بسوريا، وكلاهما مرشح للسقوط، ولعدة أسباب، أهمها أن قلة بمنطقتنا الذين يتعلمون الدرس، كما أن سقوط القذافي سيحرر المجتمع الدولي من التزامات كثيرة، أو قل صداع كبير، وخصوصا أن هناك إجحافا في تحليل الأوضاع بليبيا، فمثلا دائما ما يقال بأن عملية تحرير ليبيا تطول، وأن العمل العسكري غير مجد، والدليل أن عملية ليبيا طالت لمدة ستة أشهر، وما يتجاهله الجميع أن القذافي يحكم ليبيا لمدة 42 عاما، فكيف يسقط في أيام؟ والأمر نفسه ينطبق على سوريا، حيث حكم الطائفة والعائلة، وهناك اليمن الذي يحكم من فرد وأبنائه، ناهيك عن عمر النظامين اليمني، والسوري.
ولذا فمع سقوط القذافي، في أي لحظة (بعد توقيت هذا المقال) ، فذلك يعني أن العالم سيكون أفضل بكثير بدون العقيد ونظامه وأبنائه، كما يعني أن منطقتنا باتت تتخلص من زعماء وأنظمة لم يجلبوا على المنطقة إلا الخراب والدمار، وتعطيل التنمية، كما أنه يعني أيضا أن المجتمع الدولي سيكون في وضع أفضل للتعامل مع كل من اليمن وسوريا، وإن كان الحال في صنعاء لا يزال أفضل من الحال في دمشق طالما أن صالح لا يزال في السعودية، مما يشير إلى أن اتفاقا ما من الممكن الوصول إليه في أي وقت.
المهم أن تتعلم منطقتنا مما حدث ويحدث، ويكون للمؤثرين دور حيوي وقيادي، وخصوصا أن هناك من سيأتي عليهم الدور في منطقتنا حال سقوط القذافي.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,215,708

عدد الزوار: 6,940,855

المتواجدون الآن: 150