تفاهم غربي: الأولوية للدولة اللبنانية لا للمقاومة .."حزب الله" مع خيار السلام في سوريا وضده في لبنان

تاريخ الإضافة الجمعة 27 تشرين الثاني 2009 - 5:28 ص    عدد الزيارات 664    التعليقات 0

        

"اكد مسؤول غربي بارز لجهات لبنانية وعربية ان انطلاق عمل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري في اجواء تبدو جيدة وملائمة، يجب ان يشكل مدخلا الى معالجة قضية سلاح "حزب الله" بجوانبها المختلفة بهدوء وحكمة ولكن ايضا بوضوح وحسم وفي اطار من المكاشفة والمصارحة بين اركان الحكم والقادة السياسيين بما يؤمن المصالح الحيوية المشروعة للبنانيين ويطمئنهم الى مصيرهم وبما يحميهم من اي مفاجآت مدمرة داخلية وخارجية. وشدد المسؤول الغربي على ان من الخطأ تجاهل قضية سلاح "حزب الله" واهمالها والتصرف وكأن ليس لها وجود لأنها في الواقع عامل اساسي وجوهري في الحياة السياسية والامنية والاجتماعية والمعيشية اللبنانية. وذكر المسؤول الغربي ان الحكم اللبناني كلاً يجب ان يعطي الاولوية القصوى لتقوية الدولة وتعزيز مؤسساتها الشرعية ولتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والامنية للمواطنين ولاجراء الاصلاحات الضرورية في القطاعات الحيوية لان هذا ما يريده اللبنانيون عموما وان من الخطأ تاليا اعطاء الاولوية للمقاومة المسلحة ولتحويل لبنان مجتمعا مقاوما ولجعل المقاومة محور الحياة السياسية والهاجس الاساسي للقادة اللبنانيين".
هذا ما اكدته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وثيقة الاطلاع في باريس. واوضحت ان المسؤول الغربي يمثل دولة كبرى وانه ادلى بآرائه هذه خلال مشاورات اجراها بعد تأليف الحكومة مع جهات لبنانية وعربية عدة، ونقلت عن هذا المسؤول تشديده خلال المشاورات على النقاط الاساسية الآتية المتفق عليها بين الدول الغربية البارزة المعنية بمصير لبنان.
اولا – ان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة لم تكن انتصارا لفريق 14 آذار وحلفائه كأحزاب وتنظيمات وشخصيات فحسب، بل كانت خصوصا انتصارا واضحا لسياسات هذا الفريق وتوجهاته الداعية الى الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها الشرعية وضرورة دعمها بدل دعم دولة "حزب الله" المسلحة وخياراتها المختلفة.
ثانيا – ان لبنان ليس خاضعا للاحتلال الاسرائيلي كما هو حال فلسطين كي تعطى الاولوية لمشروع المقاومة المسلحة على حساب بناء الدولة والتركيز على تحسين اوضاع اللبنانيين، بل ان ما تبقى من اراض لبنانية محتلة كمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر تمكن استعادتها بالوسائل الديبلوماسية وليس بالعمل العسكري.
ثالثا – ان المقاومة المسلحة مجرد وسيلة لاستعادة الحقوق المغتصبة والاراضي المحتلة وليست هدفا في حد ذاته كما يحاول البعض تصويره في لبنان وهو ما يخفي غايات اخرى. وليس من الضروري تاليا جر لبنان الى حرب جديدة مدمرة مع اسرائيل يدفع اللبنانيون ثمنها باهظا من اجل محاولة استعادة ما تبقى من ارض محتلة وهو هدف ليس مؤكدا تحقيقه بالوسائل العسكرية ايا تكن القدرات التسلحية لـ"حزب الله". لذلك من الافضل الاعتماد على الخيار الديبلوماسي لتحقيق هذا الهدف كما تفعل سوريا منذ سنوات طويلة.
رابعا – ان حماية لبنان من التهديدات والاخطار الاسرائيلية المحتملة تتم من جهة بعدم اعطاء ذرائع للاسرائيليين لشن حرب على هذا البلد كما حصل صيف 2006، ومن جهة ثانية بالتمسك بتنفيذ قرارات مجلس الامن وخصوصا القرار 1701 واتفاق الهدنة المنصوص عليه في اتفاق الطائف، ومن جهة ثالثة بالاعتماد على علاقات لبنان وصداقاته الدولية والعربية الواسعة القادرة على ردع اي اعتداءات اسرائيلية محتملة عليه. ولكن في المقابل يصير لبنان في خطر حقيقي اذا ما تحول قاعدة عسكرية متقدمة لايران او ظل ساحة مواجهة مفتوحة مع اسرائيل ودول اخرى يستخدمها المحور السوري – الايراني حين يريد تعزيز مواقعه التفاوضية مع الدول الكبرى.
خامسا – ان الشركة الوطنية في الحكم كما تعكسها الحكومة الحالية لن تكتمل فعلا ما لم تشمل مصير سلاح "حزب الله" ودور هذا السلاح وطريقة التعامل مع اسرائيل. فليس مقبولا، في اطار هذه الشركة ان يحتفظ فريق لبناني وحده باخطر قرار يمس بمصالح اللبنانيين الحيوية وهو قرار الحرب مع اسرائيل وقرار جر البلد الى حرب جديدة مع الاسرائيليين من اجل حسابات اقليمية،  اذ ان جميع المواطنين سيدفعون ثمن الحرب وهم معنيون تاليا بمصير سلاح الحزب. كما ليس مقبولا ان يحتفظ فريق لبناني بالقدرة على استخدام سلاحه في الداخل ضد افرقاء غير مسلحين او غير راغبين في اللجوء الى السلاح.
لذلك يجب ان يكون موضوع سلاح "حزب الله" جزءا اساسيا من الشركة في الحكم بين الغالبية والاقلية.

 

قرار الحرب في لبنان ايراني

وتفيد مصادر ديبلوماسية اوروبية معنية بالملف اللبناني ان مجموعة عوامل تدفع "حزب الله" الى التعامل مع مصير سلاحه على اساس انه مسألة خاصة به تعنيه وحده فيرفض تاليا اجراء اي حوار جدي مع الافرقاء اللبنانيين الآخرين في شأن مصير هذا السلاح بما يؤدي الى ضبط استخدامه في الداخل وفي الخارج وبما يحفظ دور الدولة وهيبتها ويطمئن اللبنانيين، وهذه العوامل هي الآتية:
اولا – سلاح "حزب الله" ليس خاضعا لحسابات لبنانية داخلية في الدرجة الاولى بل انه سلاح اقليمي قبل كل شيء تقرر مصيره وطريقة استخدامه القيادتان السورية والايرانية وفقا لحساباتهما ومخططاتهما ومصالحهما وليس وفقا لمصالح اللبنانيين. وقال لنا ديبلوماسي اوروبي بارز "ان مسؤولية الاشراف الحقيقي على سلاح "حزب الله" هي مسؤولية مشتركة سورية – ايرانية تقوم على اساس المعادلة الآتية: قرار الحرب في لبنان ضد اسرائيل او لاهداف داخلية، هو قرار ايراني يتخذ بالتشاور مع القيادة السورية، وقرار ادارة اللعبة السياسية في لبنان هو قرار سوري يجري التشاور في شأنه مع القيادة الايرانية".
ثانيا – النظامان السوري والايراني ليسا مرتاحين ومطمئنين الى سياسات ادارة الرئيس باراك اوباما التي جاءت معاكسة لتوقعاتهما، اذ لم تستجب مطالبهما ولم يتم التوصل الى تفاهمات محددة بين الادارة الاميركية والقيادتين السورية والايرانية تؤمن مصالحهما وتحقق اهدافهما. لذلك يرفض المسؤولون السوريون والايرانيون التخلي عن "ورقتي" "حزب الله" و"حماس" ويرون ان الوقت لم يحن بعد لدفع "حزب الله" الى تسليم سلاحه الى الجيش وترك قرار الحرب للدولة في اطار استراتيجية دفاعية جديدة حقيقية.
ثالثا - "حزب الله" يريد قبل حسم مصير سلاحه التوصل اولا الى صفقة سورية – ايرانية – اميركية في قضايا عدة منها مصير هذا السلاح، تحقق لحليفيه الكبيرين مطالبهما الاساسية وتشمل حصول الحزب على "ثمن سياسي" داخلي لتخليه عن سلاحه وهو ثمن يتمثل، في تقدير الحزب، في تعزيز نفوذ الشيعة ومواقعهم في الدولة وفي تركيبة السلطة، الامر الذي يفترض اضعاف دور المسيحيين ونفوذهم في الدرجة الاولى.
رابعا – قرار "حزب الله" التمسك بدولته المسلحة الخارجة عن نفوذ السلطة الشرعية بذريعة "حماية المقاومة" يتزامن ويتناغم مع قرار "حماس" التمسك بدولتها المسلحة في قطاع غزة الخارجة عن نفوذ السلطة الوطنية الفلسطينية، بذريعة "حماية المقاومة" ايضا. والقراران يدخلان في اطار الاستراتيجية المشتركة للقيادتين السورية والايرانية المصممتين على ابقاء الساحتين اللبنانية والفلسطينية، بواسطة حلفائهما، في حال مواجهة محتملة مع اسرائيل من اجل استخدام هاتين الساحتين لتحقيق اهدافهما الخاصة.

 

اسئلة الى "حزب الله"

ولاحظت دراسة اجراها مركز ديبلوماسي تابع لوزارة خارجية دولة اوروبية عن استراتيجية "حزب الله" ومواقفه وتوجهاته ان الحزب امتنع حتى الآن عن تقديم اجوبة وردود واضحة عن الاسئلة الاساسية الآتية التي يطرحها الكثير من اللبنانيين:
اولا – هل يحتاج لبنان فعلا الى اعتماد استراتيجية المقاومة المسلحة وهو الذي استعاد اراضيه المحتلة عام 2000 ولم تبق تحت الاحتلال الاسرائيلي سوى قطعة ارض محدودة المساحة تمكن استعادتها بالوسائل الديبلوماسية ومن دون حروب وخصوصا اذا ما وافق النظام السوري على تكريس لبنانية مزارع شبعا رسميا وخطيا لتمكين الامم المتحدة وبعض الدول الكبرى من دفع اسرائيل الى الانسحاب منها؟ لم يجب "حزب الله" يوما عن هذا السؤال بوضوح.
ثانيا – هل يحتاج لبنان فعلا الى اعتماد المقاومة المسلحة بل تعميمها على اللبنانيين وترك "حزب الله" يتصرف كما يريد في الوقت الذي تخلت سوريا منذ العام 1974 عن اعتماد المقاومة المسلحة وتبنت الخيار السلمي والديبلوماسي لاستعادة الجولان المحتل، ادراكا منها انها تواجه اقوى دولة عسكرية في المنطقة هي اسرائيل؟ وكيف يمكن اقناع اللبنانيين بان من حق سوريا المشروع ان تعتمد على الوسائل السلمية والديبلوماسية وحدها لاستعادة ارضها المحتلة وتسوية نزاعها مع اسرائيل وهي الدولة العربية القوية التي تملك مئات الطائرات الحربية وآلاف الدبابات والمدرعات والصواريخ اضافة الى جيش كبير، ولكن ليس من حق لبنان ان يعتمد الوسائل الديبلوماسية والسلمية لاستعادة ارضه الصغيرة المحتلة وهو الذي يملك، مع "حزب الله" قدرات عسكرية محدودة جدا اذا ما قورنت بقدرات سوريا؟ لم يجب "حزب الله" بوضوح عن هذا السؤال.
ثالثا – لماذا يريد "حزب الله" جر لبنان الى حرب جديدة مع اسرائيل من اجل استعادة ما تبقى من اراضيه المحتلة، فيما عجز الحزب عن استعادة اي شبر من هذه الاراضي خلال حرب 2006، على رغم انه قصف الدولة العبرية باكثر من اربعة آلاف قذيفة وصاروخ؟ ولماذا يقبل "حزب الله" بالتضحية بمصالح اللبنانيين من طريق تبني خيار المقاومة المسلحة، بينما يقبل ان يعتمد حليفه السوري القوي الوسائل الديبلوماسية والسلمية وحدها لاستعادة الجولان؟ لم يجب "حزب الله" يوما عن هذا السؤال بوضوح.
رابعا – كيف يستطيع "حزب الله" القول إنه يريد حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية باحتفاظه بسلاحه، فيما عجز الحزب عن حماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية خلال حرب 2006 اذ ان الاسرائيليين الحقوا آنذاك دمارا هائلا بمناطق عدة وكبدوا اللبنانيين خسائر بشرية ومادية فادحة؟ لم يجب "حزب الله" يوما عن هذا السؤال.
خامسا – كيف يقول السيد حسن نصرالله الامين العام لـ"حزب الله" ان "تجربة حرب 2006 وتجربة حرب غزة الاخيرة يجب ان تحسما كل نقاش حول الاستراتيجية الدفاعية"، محاولا بذلك تبرير تمسك الحزب بسلاحه، في حين اظهرت تجربتا حربي لبنان وغزة ان اعتماد المقاومة المسلحة غير المتكافئة في التعامل مع اسرائيل وبقرارات غير مدروسة لم يحقق اي مكاسب للبنانيين والفلسطينيين ولم يحرر اي ارض، بل ألحق بالشعبين الدمار والخراب؟ لم يجب "حزب الله" عن هذا السؤال بوضوح.
سادسا – هل يريد "حزب الله" فعلا كما يقول ان يستخدم سلاحه وارض لبنان لالحاق الهزيمة بـ"المشروع الاميركي في المنطقة"؟ وهل يحتمل لبنان معركة كبرى كهذه تمتنع سوريا وايران عن خوضها مباشرة؟ وعلى اي اساس يمنح "حزب الله" نفسه الحق في جر لبنان الى الحرب مع اسرائيل بقرار يتخذه بالتنسيق مع دمشق وطهران وتعارضه الغالبية الكبرى من اللبنانيين، فيما يتمسك الحزب بالمشاركة الوطنية في اتخاذ القرارات؟ وهل ثمة قرار اكثر اهمية من القرار المتعلق بالحرب وبمصير لبنان تتطلب اتخاذه مشاركة وطنية واسعة يرفضها "حزب الله"؟ لم يجب "حزب الله" يوما عن هذه الاسئلة بوضوح.
وقد لخص ديبلوماسي اوروبي الوضع بقوله: "معالجة مصير سلاح "حزب الله" مهمة صعبة ومعقدة وحساسة، لكنها ضرورية وحيوية كي تتمكن حكومة الوحدة الوطنية من تأمين انطلاقة جديدة للبنان تحقق طموحات ابنائه وتطلعاتهم وآمالهم المشروعة. وكما ان المطلوب من ايران ان تطمئن المجتمع الدولي والمجموعة العربية جديا وباتخاذها اجراءات وخطوات محددة وملموسة الى انها ليست راغبة في انتاج السلاح النووي، فان المطلوب من "حزب الله" ان يطمئن اللبنانيين فعلا، باتخاذه اجراءات وخطوات وقرارات محددة وملموسة وليس بالكلام فقط، الى ان سلاح الحزب لن يهددهم في الداخل ولن يجر لبنان الى حرب جديدة مع اسرائيل لمحاولة تحقيق اهداف سوريا وايران ومصالحهما. وهذا مطلب لبناني مشروع".
 

بقلم عبد الكريم أبو النصر     

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,697,553

عدد الزوار: 6,909,069

المتواجدون الآن: 101