انفتاح تركي على دمشق والمعارضة السورية تصف "لغة أنقرة" بالجديدة...

تاريخ الإضافة السبت 30 تموز 2022 - 3:19 م    عدد الزيارات 433    التعليقات 0

        

انفتاح تركي على دمشق والمعارضة السورية تصف "لغة أنقرة" بالجديدة...

المصدر: النهار العربي... سركيس قصارجيان... جدّدت المواقف التي أعلنها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل يومين، عن استعداد بلاده لتقديم الدعم لدمشق في محاربة التنظيمات الإرهابية، التكهّنات بنجاح جزئي للمساعي الإيرانية في التأسيس لتقارب بين الجارتين بعد عقد من انقطاع العلاقات الدبلوماسية. وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها أنقرة عن إمكان التواصل مع دمشق، التي لطالما اعتبرت حكومتها غير شرعية وطالبت بـ"إسقاطها"، لكن تصريحات وزير خارجيتها هذه المرة اعتبرت "انقلاباً في الموقف السياسي التركي" ليبلغ مستوى التعاون والدعم بعد أن كان الحديث سابقاً يقتصر على التعامل وفقاً لمبدأ دبلوماسية الأمر الواقع.

لغة تركية جديدة تجاه دمشق

فجّر وزير الخارجية التركي قنبلة دبلوماسية عندما صرح في مقابلة مع قناة "تي في 100" المحلّية أن بلاده مستعدة "لتقديم الدعم للنظام السوري" ضد التنظيمات الإرهابية، وفق الرؤية التركية. وقال جاويش أوغلو: "عقدنا لقاءات مع إيران بهدف تنظيف هؤلاء الإرهابيين من هذه المناطق، ومستعدون لتقديم كل أنواع الدعم"، قبل أن يستدرك: "يعني الدعم السياسي، لأنه من أكثر الحقوق الطبيعية بالنسبة إلى النظام القضاء على تنظيم ارهابي في أراضيه، تنظيم "حزب العمال الكردستاني"، قبل أن يضيف: "لكن، ليس من الصحيح أن يقوم النظام بمحاربة المعارضة المعتدلة أيضاً تحت مسمى الإرهابيين".

يمكن اعتبار تصريحات وزير الخارجية التركي بمثابة "مبادرة مقايضة" مع دمشق عنوانها العريض، التعاون ضد الإرهاب بحيث تغض الحكومة السورية وحلفاؤها الطرف عن عملية عسكرية تركية ضد "قسد"، مقابل تسليم أنقرة "مناطق ورؤوس" الميليشيات المسلّحة في ادلب، بشكل خاص، لدمشق.

لكن المبادرة التركية تصطدم مع حقيقة التناقض في أولويات الطرفين الميدانية، وتعريفهما للإرهاب، حيث تعتبر دمشق أن أولويّاتها هي من أجل ضمان أمن واستقرار سوريا ووحدتها بتحرير إدلب بداية، ومن ثم المناطق الواقعة تحت سيطرة أنقرة، لتأتي مناطق سيطرة "قسد" في المرتبة الأخيرة، عكس أنقرة التي تعتبرها أولوية من أجل أمنها.

واعتبر رئيس وفد معارضة الداخل إلى جنيف، الدكتور إليان مسعد، تصريحات جاويش أوغلو حول سوريا "غير مفاجئة لأنها أتت بعد جولة آستانا، التي ختمت ببيان روتيني كلاسيكي، لكن كل من يعمل بالسياسة يعلم أنهم قد اتّفقوا على شيء ما تحت الطاولة. والحقيقة أن جاويش أوغلو، أظهر، أو يمكن أنهم (أي شركاءه في آستانا) طلبوا منه جماعياً إظهار المطلوب".

وقال مسعد لـ"النهار العربي" إن "المفاجئ في هذه التصريحات هو لغتها. للمرة الأولى منذ عام 2011، يتحدث النظام التركي ممثّلاً بوزير خارجيته يتحدّث عن يد ممدودة على قاعدة محاربة الإرهاب".

ووفق مسعد فإن "تصريحات السيد جاويش أوغلو نقلت الأزمة السورية إلى منعطف جديد يشابه ذاك الذي ظهر بعد اتفاقات خفض التصعيد في آستانا، والتي أدت إلى انهاء 90 في المئة من العنف في سوريا، وليس جنيف".

استدراك "المعارضة المعتدلة"

يتّفق كل الخصوم في الملف السوري على "ضرورة محاربة التنظيمات الإرهابية" في سوريا مع الاختلاف في ماهية هذه التنظيمات إلى حد التناقض. ففي حين تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب (YPG) و"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) امتداداً لـ"حزب العمال الكردستاني" (PKK) المصنّف تركياً وغربياً كمنظّمة إرهابية، ترى واشنطن، حليفتها في حلف الشمال الأطلسي فيهما شركاء في محاربة الإرهاب، بينما تصفهما دمشق مع حلفائها في كل من موسكو وطهران بالميليشيات الانفصالية، مع التأكيد على تبعيّتها للولايات المتحدة، لكن من دون ربطهما بالإرهاب على طريقة أنقرة والفصائل السياسية والعسكرية السورية التابعة لها.

ووفق مسعد، الذي يتولى أيضاً منصب المنسق العام للجبهة الديموقراطية العلمانية المعارضة (جدع) أيضاً، فإن "المقصود بالمعارضة المعتدلة من قبل جاويش أوغلو، هي الفصائل المسلّحة المتعاونة مع تركيا والمتمركزة فيها أو في المناطق الحدودية، لكن ليس كلّها، لأن القرار الدولي 2170 نصّ في حينه على إقامة المجتمع الدولي أوسع تحالف من أجل القضاء على الإرهاب، من "داعش" و"القاعدة" والمجموعات الارهابية الحاملة لإيديولوجيّتها، وعلى أثرها كلّف مجلس الأمن الأردن بتسمية الجماعات الارهابية".

في المقابل، يعتبر العديد من الفصائل المسلّحة ذات الخلفيات الدينية المتشدّدة، والتي تصنّفها دمشق بالإرهابية، جزءاً من مسارات جنيف وآستانا وسوتشي لحل الأزمة السورية، منقسمة بين تلك المنضوية تحت مظلّة "الجيش الوطني" الذي أسسته أنقرة من أجل مساعدتها في حربها في شمال سوريا من جهة وزجّها في جبهات مختلفة بدءاً من أذربيجان وصولاً إلى لبيبا، وباقي الفصائل المتقاسمة للسيطرة على مناطق ادلب مع "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) التابعة للقاعدة.

ويشرح مسعد أن "أنقرة اصطحبت معها إلى آستانا، مجموعة من قيادات المسلّحين، الذين شاركوا في نسخ عدة منها، ويتراوح عدد هذه المجموعات بين 9 و16 حسب النسخة، من دون أن يكون لها أي دور، عدا الخروج من الاجتماع والوقوف أمام الصحافة وشتم الدولة السورية والنظام وحتى آستانا، قبل أن نكتشف أنهم قاموا بتفويض رئاسة الأركان التركية بالتوقيع على الشق العسكري والملاحق العسكرية والخرائط، والخارجية التركية لإبرام ما تشاء من تفاهمات مع الشريكين الآخرين، الإيراني والروسي".

وأضاف أن "تعريف المعارضة المعتدلة بالنسبة إلى أنقرة، هي المعارضة المسلّحة التي تم تأطيرها تركياً وتقوم بإدارتها عملياً كما تشاء، حيث تقدر أن تذهب بها إلى السلم وإلى الحرب والتفاوض مع السلطة وحتى معانقتها، هي مطوّعة للمصلحة السياسية التركية، لذلك تركيا أصبحت رقماً صعباً في معادلة آستانا، لكن في الوقت نفسه قد تكون فرصة لحل المسألة السورية".

تركيا تبتعد عن الرؤية الأميركية

اعتبرت التصريحات التركية الأخيرة من قبل البعض انعكاساً للنهج الجديد الذي تتبعه أنقرة مؤخراً في سياستها الخارجية، والقائم على تصفير المشاكل مع دول الجوار، وتأسيس شراكات مع دول المنطقة تسهم في إخراجها من أزمتها الاقتصادية، التي تهدد مستقبل السلطة القائمة السياسي.

ورأى مسعد أن تصريحات جاويش أوغلو، إلى جانب التنسيق التركي الروسي - الإيراني في آستانا، "ترتبط أيضاً بالتنسيق مع الدول العربية. لا ننسى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان مؤخراً في تركيا ومن المؤكد أن الجانبين تطرّقا إلى الأزمة السورية، وهما في اجتماعات دائمة مع القطريين والمصريين والإماراتيين. بالتأكيد الأزمة السورية ضمن ما يجول في خاطرهم وخاطر الأطراف العربية".

واضاف: "في المقابل يعاني النظام التركي من مشاكل مع الولايات المتحدة، وهذه ورقة تحاول تركيا أن تبتعد بها عن التوجيهات الأميركية بسبب الافتراق في النظرة للقضية الكردية. أي تقسيم في سوريا سيؤدي إلى ارتدادات لهذا التقسيم في الداخل التركي... أن تكون سوريا قوية ومعافاة وتقضي على كل النزعات الانفصالية هي في مصلحة تركيا، التي عملت ضد مصلحتها منذ عام 2012".

في اللقاء ذاته، شنّ وزير الخارجية التركي هجوماً قاسياً على الولايات المتّحدة، متّهماً إياها بالسعي لتقسيم سوريا، وتهديد أمن تركيا من خلال دعم التنظيمات الإرهابية، قائلاً إن "الولايات المتحدة وروسيا لم تفيا بوعودهما. في عام 2019 أجرينا مباحثات مع الولايات المتحدة لمدة 5 أيام هنا في أنقرة وخرجنا ببيان مشترك، كما توصّلنا إلى اتفاق مع روسيا في سوتشي، وكلا الاتفاقين تضمّنا وعوداً بإخراج الإرهابيين (حزب العمال الكردستاني- وحدات حماية الشعب) من المنطقة المجاورة للحدود التركية، لكنهما لم ينظفّا المنطقة حتى اليوم. ليس فقط لم يقوما بأي اجراء، وإنما في بعض المناطق تسيّر (الجماعات الإرهابية) دوريات مشتركة مع روسيا، وفي كثير من المناطق، بخاصة في الشمال الشرقي من سوريا، تستمر الولايات المتحدة في مدّهم بالسلاح. لماذا تقدّمون كل هذا الدعم للتنظيم الإرهابي؟ هل هدفكم تقسيم سوريا؟ أم إعدادهم لمواجهتنا؟ على الولايات المتحدة الإجابة عن هذا السؤال. فلتكف عن الحديث حول مواجهة "داعش" وغيره".

واعتبر جاويش أوغلو أن "فشل الولايات المتحدة في العراق وانسحابها من أفغانستان هو للسبب ذاته، لأنها ليست صادقة في محاربة الإرهاب"، متّهماً واشنطن "باستخدام هؤلاء لتقسيم سوريا، فيما الروس يحاولون تجميعهم مع النظام. الاثنان يستخدمان حزب العمال الكردستاني- وحدات حماية الشعب".

وكان اللافت في تصريحاته، اللهجة الأقل حدّة بالنسبة إلى إيران، حيث كشف عن وجود مفاوضات معها سابقاً على أرضية القضاء على الإرهاب حسب وصفه، قائلاً: "أما بالنسبة لإيران فهل هناك فارق بين حزب الحياة الحرة الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب؟ الكل واحد وذات التنظيم الإرهابي، لكن التقييمات تختلف لدى الدول الثلاث بسبب صراع القوى بينها".

المعارضة السورية ترفض

أثارت مبادرة جاويش أوغلو ردود أفعال رافضة من قبل المعارضة السورية الموالية لتركيا، والتي أعلنت عن رفضها لها، لكن مع الحرص على عدم إثارة غضب أنقرة.

فقد أعلن "المجلس الإسلامي السوري"، وهو تجمّع ذات طابع ديني مقرّه تركيا، رفضه للموقف التركي الأخير عبر الإيعاز للخطباء والأئمة في مناطق سيطرة الميليشيات المتطرفة في سوريا بالتركيز على كون "قسد وحزب العمال الكردستاني - حزب الاتحاد الديموقراطي، عصابات إرهابية ومن أدوات النظام الإرهابي في حربه ضد السوريين وتركيا" بحسب البيان الصادر عن التجمّع المقرّب من "جبهة النصرة".

كما توجّه رئيس الائتلاف المعارض الأسبق، معاذ الخطيب، إلى وزير الخارجية التركي برسالة نشرها عبر حسابه على فايسبوك، أعتبر فيها تركيا "محوراً حضارياً سابقاً وأملاً حضارياً صاعداً وقادماً وصمّام أمان أساسياً في المنطقة"، واصفاً الحكومة السورية "بالراعي الأول للحركات الفوضوية في المنطقة"، ومعتبراً ما تحدّث عنه جاويش أوغلو حول تقديم الدعم السياسي لدمشق "بالأمر غير المقبول وغير المجدي".

ولم يصدر أي بيان رسمي من دمشق رداً على تصريحات جاويش أغلو، مع توقع استمرار تمسّكها بالشروط التي فرضتها سابقاً من أجل أي عملية تطبيع سياسي مع أنقرة.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,798,343

عدد الزوار: 6,915,562

المتواجدون الآن: 90