لا عودة للجيش السوري الى الشمال وأفق الاقتتال مسدود ... المصالحة في طرابلس قابلة للحياة والمعارضة فيها تتمايز عن حلفائها

تاريخ الإضافة الثلاثاء 9 أيلول 2008 - 3:03 م    عدد الزيارات 1379    التعليقات 0

        

بيروت – محمد شقير 

سألت مصادر مواكبة للتحضيرات التي سبقت المصالحة في طرابلس الليل الفائت برعاية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ما إذا كانت هذه المصالحة قابلة للحياة وستعمر طويلاً، سياسياً وأمنياً وتدفع باتجاه تعميمها على مناطق أخرى خصوصاً بيروت والبقاع الأوسط أم انها ستتعرض الى خروق تجعل القوى المشاركة فيها عاجزة من ضبطها أو محاصرتها؟
وقالت المصادر ذاتها لـ «الحياة» أن السؤال عن ديمومة المصالحة في طرابلس يأتي على خلفية اختبار الموقف السوري ومدى استعداد القيادة السورية لتوفير الدعم لها مع أن خصومها طرف أساسي فيها، فهل تدعهم يرتاحون من دون أي مقابل سياسي؟
واعتبرت أن الكلام الأخير للرئيس السوري بشار الأسد عن دور المجموعات السلفية في إرباك الوضع في طرابلس، بدعم من دولة عربية، لا ينم عن رغبة في استدراج العروض لإرسال جيشه الى الشمال بذريعة أنه وحده القادر على وقف الفتنة وعدم سماحه بتعريض الأمن القومي لسورية الى الخطر أو استهداف أبناء الطائفة العلوية الذين هم بمعظمهم حلفاء له.
ولفتت المصادر ذاتها الى أن الأسد أراد أن يظهر، من خلال القمة الرباعية التي استضافتها دمشق أخيراً، بمظهر من يريد الحفاظ على الاستقرار في الشمال خلافاً لدولة عربية معينة داعمة للمجموعات السلفية اعتقاداً منه أن الظروف الإقليمية والدولية لن تسمح بعودة الجيش السوري الى الشمال على رغم التهديدات التي أطلقها بعض حلفاء سورية في لبنان.
ومع ان كلام الأسد عن الشمال ارتد سلباً، ودفع بعض حلفائه الأساسيين الى التعبير، في السر، عن عدم رضاهم على الأسلوب الذي اتبعه في تقديم موقفه من الحوادث الأمنية في الشمال معتبرين أنه في غير محله وكان في غنى عنه، فإن الوضع في بيروت يختلف كلياً عن الحال الراهنة في الشمال، لا سيما في طرابلس، ليس لأن لا وجود في الأخيرة لمعارضة حقيقية لتيار «المستقبل»، بل لخصوصيتها وملاحظاتها على أداء حلفائها الأساسيين في المعارضة.
نقاط الاختلاف
وبكلام آخر، فإن خطاب القوى الأساسية في المعارضة وتحديداً التحالف الشيعي المؤلف من حركة «أمل» و «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» لا يلقى الارتياح المطلوب لدى المعارضة في طرابلس التي تعتبر أنه أخذ يتسبّب في إحراجها أمام جمهورها الطرابلسي، كما تقول المصادر المواكبة التي تعدد نقاط الاختلاف بين بيروت وطرابلس على الشكل الآتي:
- ان الحوادث الأمنية التي وقعت في بيروت في 7 أيار (مايو) الماضي تسبّبت بإحراج المعارضة في طرابلس وهذا ما عبر عنه الرئيسان عمر كرامي ونجيب ميقاتي وأطراف آخرون وجهوا انتقادات بطريقة غير مباشرة الى حركة «أمل» و «حزب الله».
- إقصاء المعارضة الطرابلسية عن لعب دور في تحديد الموقف الـــســـياسي الذي تتفرد القوى الأساسية في المعـــارضة بتحديد عنــاوينه الرئيسة، وهذا ما بدا واضحاً من خلال الانتقادات التي وجهت الى التحالف الرباعي في المعارضة (أمل – حزب الله – التيار الوطني الحر – تيار المردة) بســبب احتكاره القرار وحصر الاجتماعات به.
- ان المعارضة في طرابلس، وهي من الطائفة السنية بامتياز، لا تحبذ ما أعلنه أخيراً الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله من أنه يتبع ولاية الفقيه.
- عدم وجود حماسة لدى القوى الأساسية في المعارضة الطرابلسية للهجوم الذي يستهدف المملكة العربية السعودية ودورها في لبنان.
- استبعاد القوى المعارضة في الطائفة السنية من أي تمثيل في الحكومة على رغم الدور الذي لعبته القوى الأساسية فيها لتمثيل النائب السابق طلال ارسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي.
- موافقة قوى المعارضة الأساسية على التقسيم الخاص بالدوائر الانتخابية الذي اتفق عليه في الدوحة من دون استمزاج رأي حلفائها فيه، وهذا ما يعبر عنه رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، في مقابل توفير أحد أطراف المعارضة الضمانات له بأنه يربط التوافق في الانتخابات في دائرة بيروت الثانية بالتوافق في صيدا مع ان اتفاق الدوحة لم يربط بينهما.
- بروز هواجس لدى بعض أطراف المعارضة الطرابلسية حيال أمرين: دعوة الرئيس الأسد لبنان ليشارك في الوقت المناسب في المفاوضات المباشرة مع إسرائيل في حال وافقت سورية عليها، واستمرار المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب في ظل صمت مطبق من المعارضة على رغم أن أدبيات بعضها تتعارض كلياً مع ما يدور على المسار التفاوضي السوري – الإسرائيلي، ولو بصورة غير مباشرة وبرعاية تركية.
لذلك، فإن تقدير الجميع لعبثية الاشتباكات التي تندلع من حين الى آخر بين أحياء باب التبانة والقبة والمنكوبين وبين جبل محسن، دفعهم الى البحث عن مخرج لن يكون إلا عبر إنجاز المصالحة الشاملة لأن استمرارها سيوصل الجميع الى طريق مسدود في ضوء ســـقوط النظرية التي كانت تقول إن تيار «المـــستقبل» قرر الهجوم في الشمال للتعويض عن خسارته في بيروت وإن المجموعات السلفية تشكل رأس حربة لهذا الهجوم قبل أن يقرر أصحابها سحب مثل هذه النظرية من التداول ووقف التشـــكيك بالدور الفاعل للنائب سعد الحريري في انفتاحه على الخصوم قبل الحلفاء للإسراع في إنجاز المصالحة، وتوفير المناخ السياسي الذي يبقيها على قيد الحياة.
كما ان إطاحة المصالحة يقررها الأطراف الأساسيون في طرابلس ولن يكون في مقدور أحد أن يفتح على حسابه لتهديد الاستقرار العام فيها، طالما أن النائب الحريري «اقتحم» عاصمة الشمال سلماً ولم يتصرف وكأن لديه خصوماً أو منافسين وأنه حضر إليها لتصفية حسابه مع المعارضة، في مقابل الموقف الذي عبر عنه الأمين العام للحزب الديموقراطي العربي علي عيد من أنه لا يريد لجبل محسن أن يعيش في عزلة عن طرابلس.
وعليه فإن لا خطر على المصالحة ما دام النائب الحريري نزل بكل ثقله لمصلحة إنجازها وتثبيتها، وقرر أن يفتح صفحة جديدة في علاقته مع علي عيد، والأخير لا يتصرف إلا من ضمن الهوى السوري باعتباره حليفاً أساسياً لدمشق، إضافة الى أن لكل القيادات الطرابلسية مصلحة مباشرة في إنقاذ مدينتها وعدم السماح بتكرار مآسي الحروب السابقة التي ضربتها وحاولت أن تلبسها ثوب التطرف والإرهاب.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,113,902

عدد الزوار: 6,935,367

المتواجدون الآن: 48