العباءة السوداء ... والوجه الأبيض

تاريخ الإضافة السبت 6 أيلول 2008 - 3:04 م    عدد الزيارات 1333    التعليقات 0

        

جورج ناصيف     

لست محققاً عسكرياً لاحقق في استشهاد الضابط الشاب الوسيم، اللامع دراسياً، سامر حنا، لكني مواطن مدني سليم العقل اعرف امرين:
- اولهما ان اي ازدواجية في السلطة السياسية والعسكرية في اي بلد من البلدان، تورثه الخراب. فالإمرة للدولة وحدها، ولجيشها وحده، وكل "مشاركة" كمشاركة الخليل في فراش الزوجية.
- ثانيهما ان الجيش هيبة وكرامة واعتزاز. فمتى فقدت الهيبة المعنوية، قبل القتالية، انحلّ الوطن وبات كرماً على درب. بعد ذلك، فليمض التحقيق حيث يشاء.
لو كان الإمام الاحب، السيد المهيب على تواضع ودماثة، السيد موسى الصدر، ما زال بيننا، لاختلف وجه الشيعية اللبنانية ووجه لبنان.... ولو كان بيننا، لما كانت الشيعية اللبنانية تعيش ما تعيش من انعزال عن سائر المكوّنات اللبنانية. ومن تصادم مذهبي، ومن عسكرة داخلية تحت هيمنة حزبية خانقة، ومن خسارة دورها التوحيدي والتنويري على مساحة الوطن كلاً....ولو كان الإمام بيننا، لما كانت "ثورة الاستقلال" قد افتقدت ركنها الشيعي، ولا سقطت اسيرة التحالف السني – الدرزي الذي افقدها شموليتها اللبنانية.
لتذكير اصحاب الذاكرة المثقوبة، هو الإمام الصدر من كتب: "لبنان ضرورة انسانية حضارية، باحترامه القيم الانسانية والمذاهب والعقائد والثقافات"... وهو من كتب: "التنوع الطائفي والتعايش الاسلامي المسيحي ثروة حضارية يجب التمسك بها"... ومن كتب: "سلام لبنان الداخلي هو خير مقاومة في وجه اسرائيل"... ومن كتب: "ان الحريات هي الدعامة الاساسية لكيان لبنان".
واذا كان لنا ان نوجز المساهمة الاساسية الخصبة في التاريخ المعاصر للشيعة، لاستعرنا الايجاز الدقيق الذي قام به الدكتور سعود المولى في مصنّفه الاخير "طريق ذات الشوكة. الشيعة اللبنانيون في تبلور وعيهم الوطني" (دفاتر هيا بنا. حزيران 2008) حيث اعتبر ان الإمام موسى الصدر والإمام محمد مهدي شمس الدين صاغا مشروعهما الاصلاحي الكبير وفق الاسس الآتية:
- حماية استقلال لبنان وسيادته ووحدته واحترام حقيقة كيانه وطنا نهائيا لجميع ابنائه" (فكرة الوطن النهائي تجد هنا منبعها).
- حماية الديموقراطية اللبنانية القائمة على اساس التوازن والتوافق والمشاركة.
- حماية المواطنة السليمة (دولة عادلة لمواطنين احرار بحسب تعبير الإمام شمس الدين).
- حماية هوية لبنان وانتمائه العربي في اطار علاقات الاخوة والتعاون والتضامن.
- حماية الإجماع حول مقاومة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي واخراج هذا الاجماع من التجاذبات السياسية ومن المزايدات الصبيانية.
- عدم الانجرار وراء دعوات الاستقواء او الغلبة او الاستنفار او التعبئة.
- لبنان مع العرب وأمامهم في كل ما يقررونه. ولكن ليس لوحده نيابة عنهم او لحسابات بعضهم".
هذا هو جوهر المشروع الشيعي اللبناني، العربي، المستنير، المعتدل، الحضاري الذي بلوره الإمامان العظيمان... ولأنهم كانوا يعرفون ان ثورة الإمام الصدر الهادئة، اللبنانية الصرفة، كانت ستحول دون ابتلاع لبنان وتحويله ساحة، واستتباع شيعته لمذهب "ولاية الفقيه"، تواطأ المتضررون منه، فأخفوه..... أخفوه ليستفيدوا من اخفائه، وغياب دوره، فتخلو لهم الساحة.... فخسرناه. خسرنا فرصة لا تعوّض لصياغة مشروع شيعي اصيل، شديد اللبنانية وشديد العروبة، وشديد اللصوق بالحق الفلسطيني.
واليوم، أمام وطن مهدور، وكيان مهدد، ودولة مستباحة، نفتش عن العباءة السوداء... والوجه الابيض.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,731,208

عدد الزوار: 6,910,896

المتواجدون الآن: 102