توجهات زيادة الرسوم والضرائب - بقلم مروان اسكندر

تاريخ الإضافة الأحد 7 شباط 2010 - 4:45 ص    عدد الزيارات 1290    التعليقات 0

        

يبدو ان الحكومة تتجه نحو زيادة بعض الرسوم والضرائب، ومن ابرز الخطوات المقترحة:
- زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة الى 12 في المئة، ومن بعد الى 15 في المئة، ربما بعد سنتين.
- زيادة ضريبة الدخل على ارباح الشركات من 15 في المئة الى 20 في المئة، والضريبة على توزيع الارباح من 5 في المئة الى 10 في المئة.
- زيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 5 في المئة الى 7 في المئة.
يضاف الى كل ذلك توافق جمعية المصارف مع وزارة المال على تغطية اكتتاب بسندات حكومية بمبلغ ثلاثة مليارات دولار بفائدة متدنية.
والقصد من الخطوات المقترحة هو خفض عجز الموازنة، وتحقيق بعض التزامات مؤتمر باريس 3 التي لا يزال يترصد منها ما يزيد على 5 مليارات دولار ليس هناك ما يؤكد توافرها من الدول المانحة بسبب ما واجهته من خسائر وحاجات تمويلية نتيجة الازمة المالية الدولية.
كل هذه الاقتراحات مطروحة، علما بان لبنان حقق نمواً بنسبة 8،5 في المئة عام 2008، و 7،2 في المئة عام 2009.  وقد ارتفعت مداخيل الدولة خلال العامين المشار اليهما بأكثر من 45 في المئة، وهذا الرقم المتحصل تجاوز تقديرات المسؤولين عندما ذهبوا الى باريس وحصلوا على التزامات مؤتمر باريس التي كان قد مهد لها الرئيس رفيق الحريري.
ان ارتفاع معدلات النمو – وهو المؤشر الاهم – كان بفضل عنصرين أساسيين:  اندفاع اللبنانيين لتعويض خسائر حرب 2006 والاعتصام المشين خلال فترة تبدى فيها مقدار من الاستقرار، وبرامج مصرف لبنان التي حركت جزءاً من الاحتياط الالزامي للمصارف من أجل الاقراض التسهيلي، والإسكاني والتعليمي، والإقراض للمشاريع السياحية والصناعية المتقدمة، اضافة الى البيئة. وقد ساهمت هذه الخطوات في تحريك الاقتصاد وزيادة الثقة بمستقبل لبنان لدى اصحاب المشاريع وطلاب الجامعات.
ان ارتفاع موارد الخزينة في سنتين بنسب تفوق بكثير معدل ارتفاع الدخل القومي، أمر يحصل نتيجة زيادة الانفاق على البضائع المرتفعة الثمن، كالسيارات والشقق الفخمة، والخدمات التي يطلبها الميسورون، وخدمات الهاتف النقال، واستعادة الرسوم على مبيعات البنزين. ومن ثم ان توافر فائض على حساب ميزان المدفوعات فاق سبعة مليارات دولار للمرة الاولى في تاريخ لبنان أمر يبعث على الدهشة، خصوصاً ان عجز الميزان التجاري تجاوز الـ 13 مليار دولار.  وهكذا، تكون حصيلة التدفقات المالية، التمويلية والاستثمارية، والودائع المصرفية قد تجاوزت الـ 25 مليار دولار عام 2009 لان هناك تحويلات من لبنان الى الخارج، كأجور العمال، وتحويلات تجارية لا تخصص للاستيراد، وتحويلات رأسمالية على مستوى خمسة مليارات دولار.
فلماذا تطلب الدولة زيادة الضرائب والرسوم ما دام ازدياد المداخيل تجاوز التوقعات التي عرضت على الدول المانحة في مؤتمر باريس 3، باستثناء الموارد التي يمكن تأمينها من عمليات التخصيص، علما باننا لا نرى ان ثمة فرصاً لتخصيص الهاتف أو الكهرباء أو بعض الاملاك العامة في 2010؟
الجواب طبعاً يأتي من عرضه أمر زيادة النفقات، سواء على تثبيت الامن، أو تمويل عجز الكهرباء، والانكفاء عن اية استثمارات لتحسين البنية التحتية، وكذلك ترصيد التزامات حيال المهجرين والمتضررين من حرب 2006 (وبعضهم لم يحظ بالتفاتة مثل أصحاب مصنع الاوعية الزجاجية في البقاع أو أصحاب معمل مشتقات الحليب وإنتاجه أو مزارع الدجاج في تلك المنطقة).
لا شك في ان لبنان متأخر في مجالات الاتصالات والنقل والطرق وشبكات المياه وشؤون البيئة والكهرباء، الخ.
والسؤال يطرح، هل يجوز لحكم لم يتمكن من تحسين أوضاع الكهرباء منذ عام 1996، عندما توافرت له دراسة وبرنامج للإصلاح لم يتم منه حتى تاريخه سوى امدادات جزئية من الغاز الذي يسمح بخفض كلفة التشغيل والصيانة والتلوث لمعمل دير عمار، ان يسعى الى المزيد؟
كما يتساءل المرء، كيف للدولة ان تطلب مزيداً من الموارد من شعب يدفع رسوماً وضرائب واشتراكات تماثل الضرائب في وقعها (اشتراكات صندوق الضمان الاجتماعي من المضمونين والمؤسسات) توازي نسبة 30 - 32 في المئة من الدخل القومي، ويبقى على المكلفين مواجهة نفقات شراء الكهرباء من المولدات الخاصة في أوقات انقطاعها، والمياه التي لا تتوافر دائما، وتحمل دفع الرشوة في مقابل اكثر المعاملات التي لا يمكن تسهيلها من دون دفع هذه الضريبة؟
وكيف يجوز تحميل اللبنانيين رسوماً وضرائب اضافية وهم يدفعون أعلى رسوم في المنطقة على خدمات الهاتف الخليوي والانترنت، وأعلى رسوم في العالم لشراء بطاقات السفر بحيث تتجاوز هذه الرسوم كلفة البطاقة أحياناً، مثل بطاقة السفر الى قبرص أو مصر في بعض الحالات.  اضافة الى أعلى رسوم للتقاضي، ولتسجيل الشركات، ورسوم تعود الى تاريخ تعرض لبنان لهزة ارضية قبل ما يزيد عن خمسين عاما ؟
اضافة الى كل ذلك، لا بد من مناقشة التوجهات الضريبية.
ان ضريبة الـ2 في المئة الاضافية على الضريبة المقررة على فوائد الودائع في المصارف هي بالتأكيد ذات اثر سلبي، فالمصارف اللبنانية ذات الحجم الملحوظ باتت لها مؤسسات تابعة في بلدان قريبة وبعيدة لا تفرض اية ضرائب على الفوائد على الودائع، وسيكون من السهل على هذه المصارف فتح الحسابات الكبيرة في مؤسساتها التابعة مع تيسير حاجات اصحاب الودائع للانفاق الجاري في لبنان.
كما من الضروري التذكير بان الفوائد انخفضت اصلا بنسب تقرب من 20 – 25 في المئة، فهل نفرض على أصحاب الادخارات اعباء اضافية؟
وللتذكير أيضاً، نعود الى توجه طرح عام 1995 عندما واجهت الموازنة أعلى معدل للعجز بلغ نسبة 57 في المئة.  فقد اقترح وزير المال آنذاك زيادة الضرائب على السيارات المستوردة حتى نسبة 150 في المئة للسيارات الفاخرة، وفي حينه، سألني الرئيس رفيق الحريري عن رأيي في الموضوع، فقلت له نحن بلد سياحي، واصحاب الثروات حققوا ثرواتهم من العمل في الخارج، فهل نفرض عليهم رسوم استيراد باهظة على الشكل المطروح قبل ان تكون الحكومة قد حصلت كل رسوم السير على السيارات المسجلة والعاملة؟ وقد صرف النظر عن الموضوع في حينه.
واليوم نقول، قبل زيادة هذه الضريبة المفترض ان تؤتي 100 مليون دولار، لنراجع دراسة نشرت في "النهار" قبل اسبوع، تبين ان عدد السيارات والآليات في لبنان يفوق الـ 1،6 مليون وحدة، وان نصف هذا العدد لا يسدد رسوم السير أو الميكانيك، وحيث ان هذه الرسوم لا تقل وسطياً عن 200 دولار في السنة للمركبة الوحدة – وقد تبلغ الفي دولار أحياناً للسيارات الفاخرة – يمكن تحصيل المستحقات، بل يحب ان يتم ذلك، قبل ان ننظر في رسوم وضرائب جديدة.
وبالنسبة الى زيادة الضريبة على أرباح الشركات وتوزيعاتها، والتي يمكن ان تساوي، بعد التوزيع، نسبة 30 في المئة، نلفت المسؤولين الى ان هذه النسبة تفوق – بعد احتساب نسب الاهتلاك التجهيزي في البلدان الراقية – ما هو مفروض في بلدان صناعية متطورة. أضف ان البلدان المجاورة، سواء سوريا أو الاردن أو مصر، تمنح اعفاءات كاملة لمدد تراوح حول عشر سنين على المشاريع الجديدة، وحيث ان سوريا ومصر قررتا التوجه نحو الاقتصاد الحر في السنوات الاخيرة، يصبح الصناعي اللبناني وصاحب المشاريع متحمسا للعمل في الخارج قبل لبنان.
من دون مناقشة زيادة الضريبة على القيمة المضافة التي تساهم في ارتفاع الاسعار بصورة مؤكدة، نتساءل، لماذا لم تفرض الدولة ضريبة على الارباح العقارية للمشاريع الفردية.  بحيث صار هذا النشاط هو الأكثر ربحاً والمستقطب للاستثمار في المقام الاول، والتساؤل ذاته ينطبق على ارباح التجارة بالأسهم.
رحب اللبنانيون من دون شك بالحكومة الجديدة وبالعديد من اعضائها، وهم يعلقون عليهم آمالاً واسعة وبعيدة المدى، فعسى ان تتوجه هذه الحكومة نحو اصلاح أوضاع الكهرباء وتشجيع التجهيز الحديث، واقرار برنامج وطني للحفاظ على مصادر المياه وتطويرها، وضبط مشكلة كثافة السير، وان تعالج اهمال الشؤون البيئية، ومن ثم تمهد لتطوير مداخيل قطاعات وخصوصاً منها تلك المتأتية من خدمات الهاتف والانترنت المتطورة، وتوافر المياه، وربما تطوير بعض املاك الدولة على شكل مفيد للبنان واللبنانيين.
ان التصور المطروح من خلال برنامج زيادة الضرائب لا يساهم في تحفيز النمو، ولا في زيادة الودائع، ولا في اشعار اللبنانيين بان هناك توجهاً انمائياً حقيقياً في البلد.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,042,577

عدد الزوار: 6,932,020

المتواجدون الآن: 76