«الربيع العربي» اقتصادي أيضاً ومن أهدافه تنمية فعلية

تاريخ الإضافة الإثنين 20 شباط 2012 - 4:43 ص    عدد الزيارات 1109    التعليقات 0

        

«الربيع العربي» اقتصادي أيضاً ومن أهدافه تنمية فعلية
القاهرة - أمينة خيري
 

المطالب السياسية لـ «الربيع العربي» في كثير من دول المنطقة كانت بالانتهاء من عصر الديكتاتوريات، أما اقتصادياً فتمثلت المطالب بتحوّل نموذج الدولة القائمة على تداخل المال والسلطة إلى دولة تهدف إلى التنمية، أولوياتها الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وإيجاد عمل لائق للمواطنين. ويعتبر تقرير «تحديات التنمية في الدول العربية 2011: نحو دولة تنموية في المنطقة العربية» الذي يصدر اليوم عن «المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي» في القاهرة، أن «نموذج الاقتصاد السياسي السائد في كثير من الدول العربية، والذي أدى إلى غضب شعبي كبير، كان في قلب موجة التغيير التي تُبدّل الخريطة السياسية منذ بداية عام 2011، والسبيل الوحيد لتجاوز المرحلة الانتقالية الحالية هو عبر مسارات تنموية تقوم على إتاحة فرص عمل لمعالجة البطالة وخفض معدلات الفقر والحرمان بما يتناسب وثراء الموارد العربية، وإدارة تلك الموارد في شكل مستدام».

ويشير إلى أن «هذه متطلبات حتمية لتغيير الوضع الاقتصادي العربي المزمن القائم على احتكار السلطة في أيدي نخبة سياسية واقتصادية محدودة ذات مصالح متشابكة، يعزّزها انعدام سُبل المساءلة العامة للدولة»، كما أعاد طرح الحلم العربي الذي طال أمده والمتمثل في التكامل العربي كضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية. ويلفت إلى أن «النموذج الجديد المقترح للتنمية العربية لا يتعامل مع الاستقرار من منظور أمني محض، ولا ينظر فيه إلى التقدّم من معيار السلع والخدمات مثل معيار نمو دخل الفرد، بل من منطلق القدرات الجوهرية التي تتيح للمواطن اختيار حياة يعتبرها ذات قيمة، ووفق هذا النموذج فإن الموارد والإمكانات الهائلة في الدول العربية يمكن أن تكون قاعدة يتأسّس عليها النمو الاستيعابي الذي يحترم حقوق الإنسان، ويحدّ من نسب الفقر ويوجد فرص العمل اللائق، وينظر إلى الإنفاق الاجتماعي باعتباره استثماراً حقيقياً في المستقبل».

أسباب الثورات

ويرى معدّو التقرير أن رسم سياسة المستقبل الاقتصادية للمعافاة لا تكتمل إلا بفهم أسباب اندلاع الاحتجاجات، فالتحوّل إلى الأسواق الحرة، بعد عقود من هيمنة الاقتصادات المخططة مركزياً، ارتبط بعقد اجتماعي كانت سمته ضعف المشاركة السياسية ومشاريع تنمية وطنية فاشلة. كما انعكس الفساد على تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي الليبرالي، ما أثَّر سلباً في الهياكل الاقتصادية، إضافة إلى أن صنع السياسات شابته عمليات تدخل سياسي داخلية وخارجية، ما أدى إلى هدر إمكانات وموارد هذه الدول وحرم الغالبية حقها في التنمية.

ويبيّن التقرير أن «ذلك كله اقترن باهتمام متزايد بالاستهلاك وتوزيع العوائد الريعية الناتجة من أصول الدولة بدلاً من الاهتمام بتعزيز الإنتاج ذي القيمة المضافة الأعلى، في حين هيمن النفط على تمويل سلع الرفاهية والخدمات في الاقتصادات الغنية بالنفط، وأفضى النمو الاقتصادي القائم على النفط إلى التراجع المبكر للتصنيع، وعزّز تبعية المنطقة العربية في التسلسل الهرمي للإنتاج العالمي. وتسببت التنمية العربية غير المتوازنة بضعف قطاعي التصنيع والزراعة، ما أدى إلى ترك شرائح كبيرة من المجتمعات العربية خارج إطار منظومة النمو، وتوثق الشواهد الدرجة الرهيبة التي آلت إليها الفوارق الاقتصادية والاجتماعية».

الخدمات في مقابل الحريات

ويشير التقرير إلى أن «شعوب المنطقة تمتلك سمتين من سمات رأس المال الاجتماعي، وهما روح المبادرة الاقتصادية ومستوى عال من التماسك الاجتماعي، إلا أن فشل السياسات التي تبنتها معظم الدول العربية منذ ستينات القرن الماضي أصابت روح المبادرة الاقتصادية بالشلل، في حين قوَّضت التماسك الاجتماعي سياسات توافق واشنطن (الذي أطلق العنان لبرامج إصلاح بقيادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي جاءت نتائجها مخيبة)».

ويشدّد على أن «النموذج السائد للعقد الاجتماعي العربي قائم على مقايضة المواطنين حريتهم في مقابل تلقي خدمات معيّنة، مثل العمل الحكومي والرعاية الصحية والتعليم والإعفاء من الضرائب. والغريب أن بعض الدول اعتبرت طول فترة الحكم معياراً للاستقرار، على رغم أنه كان استقراراً قوامه القهر والقمع تدعمه قوى خارجية التي لها مصالح جيو - إستراتيجية، ما أبقى اقتصادات المنطقة قائمة على بيع السلع الأولية واستيراد مستلزمات الحياة من مواد غذائية وسلع وسيطة. وأدى السعي إلى تحقيق نمو يقوده النفط في بعض الدول إلى ضعف الأسس الهيكلية للاقتصادات العربية، إذ كانت عملية النمو شديدة التقلب، فشهدت تلك الدول سنوات من النمو تلتها أخرى من الركود».

اليد العاملة والبطالة

ويبيّن التقرير أن كل هذه العوامل ألقت بظلالها على اليد العاملة، فسجلت المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين أعلى معدل نمو لليد العالمة بين المناطق النامية، ونجحت في تقليص معدل البطالة الكلي من 12 في المئة عام 1990 إلى 9.3 في المئة عام 2010، إلا أن المنطقة لا تزال تحتفظ بأعلى معدل للبطالة بين المناطق النامية. وزادت معدلات البطالة في الدول العربية الأقل نمواً (من ثمانية إلى 11 في المئة)، ومتوسطة الدخل في المشرق (من 9.3 إلى 9.8 في المئة).

وعلى رغم تراجع معدل بطالة الشباب من 30 في المئة في التسعينات، وفق التقرير، سجّل 24 في المئة عام 2009، ما يزيد على ضعف المعدل العالمي البالغ 11.9 في المئة، في حين أن نسبة الشباب بين السكان العاطلين من العمل كان أكثر من 50 في المئة في معظم الدول العربية. وتتحمل المرأة العربية العبء الأكبر من البطالة واليد العاملة الهشة، وتتسّم حصة النساء العاملات في وظائف غير زراعية بالانخفاض الشديد، إذ تقل عن 20 في المئة، وهي النسبة الأدنى بين المناطق النامية.

وأشار التقرير إلى أن المنطقة تواجه تحدياً حقيقياً في إيجاد فرص عمل، فبحلول عام 2030، سيكون على الدول غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إيجاد 92 مليون وظيفة بكلفة تقدر بـ 4.4 تريليون دولار للوصول إلى اليد العاملة الكاملة ورفع مشاركة المرأة في قوة العمل إلى 35 في المئة، أي أقل بـ 15 نقطة مئوية عن المتوسط في المناطق النامية.

ويبقى استخدام الموارد البيئية بصورة مستدامة أحد أخطر تحديات التنمية طويلة الأجل التي تواجهها المنطقة التي تعمل ثلث قوتها العاملة في الزراعة، وتستورد ما يزيد على ثلثي احتياجاتها الغذائية. وتعدّ المنطقـة مـن أكثـر المناطق تأثراً بتغيّر المناخ العالمي، إذ أن نوبات الجفاف المتزايدة ستؤثر سلباً في الفقر والهجرة الداخلية.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,143,694

عدد الزوار: 6,756,839

المتواجدون الآن: 128