قرارات لجَنِي فوائد الغاز

تاريخ الإضافة الأحد 14 نيسان 2013 - 6:35 ص    عدد الزيارات 733    التعليقات 0

        

قرارات لجَنِي فوائد الغاز
بقلم بسام فتوح

 

أطلق اكتشاف طبقات كبيرة من الغاز في منطقة شرق المتوسط منذ العام 2009 موجةً من أنشطة التنقيب، حتى أن صحيفة "فايننشال تايمز" كتبت أن الاكتشافات "يُحتمل أن تكون واسعة النطاق الى درجة بدء اعادة رسم الخريطة الاقتصادية في المنطقة".
من شأن الديناميات السياسية المحلية وسياسات الطاقة ضمن كلٍ من بلدان شرق المتوسط أن تحفّز وتيرة تطوير احتياطي الغاز. وإن كان تشكيل هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان العام الماضي تطورًا مرحبًا به، إلا أن الديناميات السياسية والمؤسسية الكامنة والتي أخّرت جولة المناقصات في المرحلة الأولى ما زالت قائمة. إنه لافتراض تبسيطي أن تشكيل هيئة إدارة النفط وإطلاق جولة التأهيل منذ بضعة أسابيع سيسرّعان جولة الترخيص ومنح العقود. فمن المرجح أن تصطدم هذه الهيئة الحديثة النشأة بالقيود المؤسسية نفسها التي اصطدمت بها معظم الوكالات الحكومية في العقود الأخيرة.
ما زال الطريق طويلاً ليصبح لبنان من الدول المنتجة للغاز، ومن المبكر جدًا للحكومة ورجال السياسة في لبنان أن يشرعوا في التخطيط لكيفية إنفاق عائدات الغاز. في سياق الاستقطاب السياسي الحالي، من المرجح أن تكون البيئة التنظيمية شديدة التقلّب، وأن تتعرض القرارات الأساسية بشأن السياسات (وتطبيقها) إلى تأجيلات مستمرة. قطع وزير الطاقة وعودًا بضمان "الشفافية الكاملة في عملية التقويم خلال جولة المناقصات"، لكن نظرًا الى ضعف المؤسسات والافتقار إلى هيكلية حكمٍ واضحةٍ وغياب المساءلة، تُطرح علامات استفهام حول هذه الشفافية، بخاصةٍ في قطاعٍ قد يبلغ فيه الريع مبالغ طائلة وتكون المنافسة عليه محتدمة. أضف إلى ذلك أن ضمان الشفافية يجب ألا يقتصر على عملية المناقصة، بل أن يطاول سلسلة التوريد بأسرها.
إلى جانب عملية التعاقد، يواجه لبنان قرارات استراتيجية عدّة، منها تسعير الغاز والتعامل مع قطاع الكهرباء ووضع استراتيجية تصدير وطنية. ومن المسائل الأساسية التي يواجهها لبنان، هي إن كان يريد اتباع سياسة تصدير هجومية. فالتوازن ما بين استخدام الغاز لتلبية الطلب المحلي و استخدامه للتصدير هو الذي سيحدد في النهاية ربحية الشركات ويحفّزها على تطوير قاعدة الاحتياطي. فتلبية الطلب المحلي على الغاز، بخاصةٍ في قطاع الطاقة، يجب أن تحتل قمة الأولويات في سياسات الحكومة. إلا أن ذلك يتطلب أن تكون للبنان سياسة واضحة لتحديد سعر الغاز للسوق المحلية، وهو ما سيشكل على الأرجح مادة خلاف في المفاوضات ما بين الحكومة والشركات.
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن تشرع الحكومة في عملية إصلاح قطاع الطاقة وأسعار الكهرباء، إذ يرتبط الطلب على الغاز ارتباطًا وثيقًا بتطور الطلب على الكهرباء. والتحدي هنا كبير. ترزح شركة كهرباء لبنان تحت وطأة الخسائر المالية والتشغيلية الهائلة، والتي تشكل ما بين 02% و52% من الإنفاق الحكومي الأساسي. وتعاني شركة كهرباء لبنان أيضًا قصورًا مزمنًا في الاستثمار، ما حال دون تحديثها الشبكة وتوسيع قدرتها على توليد الطاقة.
تكمن النتيجة الأكثر ترجيحا ًفي أن يعتمد لبنان مقاربة متوازنة بين تلبية الطلب المحلي والسماح للشركات بالتصدير. وتشير التقديرات إلى أن الطلب على الغاز قد يبلغ 2,6 مليارات متر مكعب في العام 2020، ليبلغ حوالى 4 مليارات متر مكعب بحلول العام 2030. إذا كانت الاكتشافات كبيرة كفاية، يكفي عندها الغاز لتلبية الحاجات المحلية والتصدير على حد سواء بحلول منتصف العقد المقبل. إلا أن ذلك يطرح سؤالاً آخر: أيسعى لبنان إلى توجيه صادراته نحو الأسواق الإقليمية عبر خطوط الأنابيب أو يستثمر في منشآت التسييل الأبهظ ثمنًا؟ في النهاية، تؤثر البيئة الجيوسياسية المعقّدة على قرارات لبنان بشأن الخيارات المتاحة "لتنقيد" الغاز.
في خضم الضجة بشأن الغاز المرتقب في لبنان، من المهم التذكير بأنه من غير المتوقع أن ينتج لبنان أي غاز طبيعي بحلول العام 2020. ولذلك عليه أن يستورد كل متطلباته الغازية في المدى القصير إلى المتوسط، إن أراد أن يحقق هدفه الطموح بزيادة حصة الغاز الطبيعي في توليد الطاقة.
 ليس أمام لبنان خيارات كثيرة مقابل الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي المسيّل. وعندها لا بدّ من طرح السؤال التالي: هل ينتظر لبنان إتاحة احتياطي الغاز ويستمر في اعتماده على المحروقات السائلة أم يسير في خيار الغاز الطبيعي المسيّل؟ في حين أن من المرجح أن تكون واردات الغاز الطبيعي المسيّل أقل كلفة خاصة في ظل أسعار النفط المرتفعة حاليًا في العالم، إلا أن التحوّل من المحروقات السائلة إلى الغاز الطبيعي المسيّل قد يكون باهظ الكلفة من حيث متطلبات البنى التحتية.
سيدرك لبنان قريبًا، شأنه شأن البلدان الأخرى، أن التحديات الأساسية في تطوير احتياطي الهيدروكربون ليست تحديات "كامنة تحت الأرض" (أي ليست تحديات فنية أو مرتبطة بالبنى التحتية) لكنها تحديات "فوق سطح الأرض" (إدارة عائدات الغاز، تطبيق الإصلاحات الضرورية، تصميم هيكليات التنظيم والحكم الملائمة، إلخ). ومن شأن طريقة معالجة هذه التحديات "فوق سطح الأرض" أن تحدد ما إذا كانت "ثورة الغاز" ستتحقق لمصلحة البلد بأسره أو لمصلحة حفنة من الأكثر حظوة. 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,765,248

عدد الزوار: 6,913,817

المتواجدون الآن: 98