أخبار لبنان... مصادر الإليزيه: على باسيل وقف التعطيل....أسئلة إلى بشارة الراعي..لجنة الحوار بين بكركي وحزب الله تجتمع قريباً: البطريرك يحاصر بعبدا!..خطاب الراعي و«الانبعاثة المسيحيّة»: مستقبل محفوف بالهواجس... بكركي - حزب الله: هاتف الحارة لم يوقف تداعيات حشد السبت!..لبنان بعد «النداء التاريخي» للراعي... العيْن على «حزب الله» .. «الإفتاء الشيعي» يعتبر حياد لبنان «خيانة»... و«حزب الله» مع المساعدة من دون تدويل...مطالبة الراعي بإحياء مشروع الدولة تحرج الثنائي عون و«حزب الله»...

تاريخ الإضافة الإثنين 1 آذار 2021 - 2:37 ص    عدد الزيارات 2115    القسم محلية

        


مصادر الإليزيه: على باسيل وقف التعطيل.... ردّ "حزب الله" على الراعي: تخوين وتهويل و"مسيّرات"!...

نداء الوطن.... من خطابه السيادي السبت، مروراً بإعادة التوكيد على مضامينه أمس، وصولاً إلى الإسهاب في شرحه على قناة "الحرّة" اليوم... يبدي البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عزمه على السير في طريق "الاستقلال الثالث" بخطى وطنية ثابتة تترفّع عن الخوض في دهاليز السياسة والطائفة والمذهب، لينطلق على قاعدة "قلنا ما قلناه" التي كرّسها بطريرك "الاستقلال الثاني" نصرالله بطرس صفير في مقاربة "تابو" الوصاية السورية، نحو فصل جديد من تحرير الدولة من الوصايات والقيود وكسر "تابو" مقاربة وصاية السلاح على دورة الحياة المؤسساتية والدستورية في لبنان. فتحت شعار "لا تسكتوا" الذي ردّده على مسامع اللبنانيين المؤمنين بنهائية الكيان والهوية، حثّ الراعي على خرق جدار الصمت في مواجهة "الحالة الانقلابية" الهادفة إلى "الاستيلاء على مقاليد السلطة"، داعياً إلى إعلاء الصوت الوطني في تأييد الحياد والتدويل، ونبذ كل أشكال "تعدد الولاءات، والانحياز، والفساد، وتسييس القضاء، والسلاح غير الشرعي ومصادرة القرار الوطني"... الأمر الذي أغضب على ما يبدو "حزب الله"، فسارع إلى التخندق على الضفة المعادية لخطاب الراعي، مستهدفاً إياه بصليات من الردود الأولية التي تراوحت بين تخوين وتهويل على المنابر، وبين "مسيّرات" ورسائل ميدانية على الأرض، سواء تلك التي أطلقها مناصروه على متن الدراجات النارية في الضاحية الجنوبية مساءً، أو تلك التي اتخذت شكل "القسم العسكري" الذي أطلقه محازبوه باللباس العسكري رفضاً لحياد لبنان. ورغم محاولة إعطاء صبغة غير طائفية للرد على البطريرك الماروني عبر استنفار النائب طلال أرسلان لإبداء رفض طرح التدويل، وبموازاة التهويل "المنمّق" على لسان النائب حسن فضل الله بأنّ هذا الطرح يشكل تهديداً "للوجود المسيحي" في لبنان "كما حصل في العراق وليبيا"، مع تشديده على أنّ "وجهة نظر بكركي لا تمثل وجهة نظر كل الشعب" في ظلّ العلاقة "الممتازة" التي تجمع "الحزب" و"التيار الوطني الحر"... غير أنّ الرد الأعنف أتى من منطلق مذهبي تخويني على خطاب الراعي، على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي شدد على "شرعية السلاح" واعتبر أنّ مطلب الحياد فعل "خيانة"، نابشاً في المقابل "مجازر صبرا وشاتيلا والدبابات الإسرائيلية"، وملوّحاً بورقة "إلغاء الطائفية السياسية وإجراء انتخابات نيابية شعبية" في مواجهة مطالب البطريرك الماروني، باعتبار أنّ "قوة التوازن تمرّ جبراً" بهذا المسار. وعلى الأثر، كان ردّ قواتي مباشر على كلام قبلان، فلفت انتباهه النائب عماد واكيم إلى أنّ "دولة المواطنة" التي تحدث عنها "تستدعي أول ما تستدعيه حلّ الأحزاب الدينية، فهل يريد أن يبدأ مثلاً بحل "حزب الله" للوصول إلى هذه الدولة؟ مذكراً إياه بأنّ "من دفن وثيقة الوفاق الوطني هو من انقلب عليها برفض تسليم سلاحه (...) والخيانة هي في الانقلاب على الطائف، وضرب الدستور والقوانين، والاغتيالات والتصفيات، وعزل لبنان عن محيطه العربي وعمقه الغربي، وتجويع اللبنانيين وتفقيرهم، وتحويل الدولة إلى فاشلة وصورية". دولياً، لاقى خطاب البطريرك الماروني استحساناً فرنسياً تجسّد بما نقلته الزميلة رندة تقي الدين عن مصادر الرئاسة في الإليزيه لـ"نداء الوطن" قائلةً: "موقف البطريرك الراعي يتطابق مع رؤية فرنسا الحريصة على السيادة اللبنانية"، وشددت في هذا السياق على أولوية تشكيل الحكومة اللبنانية ووجوب أن يوقف رئيس "التيار الوطني الحر" تعطيل التشكيل. وأضافت مصادر الإليزيه: "المؤتمر الدولي لا يقدم جواباً واضحاً للمشكلة اللبنانية القائمة، ويبقى الآن على جبران باسيل أن يفعل ما هو ضروري في هذه المرحلة، أي السماح بتأليف حكومة المهمة في لبنان"...

لجنة الحوار بين بكركي وحزب الله تجتمع قريباً: البطريرك يحاصر بعبدا!

الاخبار....المشهد السياسي .... السابقة التي سجّلها البطريرك الماروني بشارة الراعي كسرت كل قواعد بكركي. قبل البطريرك الراعي لم يسبق أن ارتضى أحد أن يكون رأس حربة في مواجهة الموقع الأول للمسيحيين، أقلّه منذ أربعين عاماً. لكن مع ذلك عرف العونيون وحزب الله كيف يمتصون الموقف، مانعين قوى 14 آذار من التمادي في استغلال موقع بكركي لتنفيذ أجندتهم .... بدا تجمّع بكركي يوم السبت محاولة لإعادة إحياء 14 آذار. الهدف الأساس هو مواجهة ميشال عون على الساحة المسيحية، في محاولة لنزع صفة تمثيله للمسيحيين. تلك محاولات ليست جديدة. لكن الجديد، والذي يرقى ليكون سابقة، أن البطريركية المارونية بدت رأس حربة في مواجهة رئاسة الجمهورية. لطالما كانت البطريركية المارونية حارسة رئاسة الجمهورية، حتى عندما لم تلتق معها في الموقف. البطريرك نصر الله صفير كان خير مثال على ذلك. بالرغم من الخلاف الكبير مع الرئيس الأسبق إميل لحود، وقف سداً منيعاً ضد أي محاولة لإسقاطه، حتى في عزّ صعود قوى ١٤ آذار. الحديث عن محاولة لتوريط البطريرك بشارة الراعي في الصراع ليس دقيقاً. الراعي بكامل إرادته، وبتنسيق مع محور عربي معاد لنصف اللبنانيين وافق على لعب هذا الدور. وهو لم يعترض على وصف فئة كبيرة من اللبنانيين بالإرهابية. ولم يحرك ساكناً عندما سمع أحد الشبان الذين التقاهم يقول إن رئيس الجمهورية إرهابي. انتشى الراعي بالـ«15 ألفاً» الذين خرجوا و«قلوبهم ممتلئة رجاءً وشجاعة وأملاً»، على حدّ قوله، فطوّبوه زعيماً على ما بقي من «14 آذار». لكن الزمن ليس زمن 2005 ولا التوازنات هي نفسها. ولذلك، فإن مفعول كلام بكركي عن المؤتمر الدولي لن يختلف كثيراً عن مفعول الكلام عن الحياد. في الحالتين، المطلوب إجماع وطني يدرك الراعي أنه غير متوافر. لكن مع ذلك مضمون الكلام ليس مهماً. المهم رمزية اللقاء. سياق الأحداث يؤكد أن مفاعيل فاعلية بكركي انتهى في اليوم الذي تلا. ثلاثة أطراف أسهموا في ذلك: رئيس الجمهورية وحزب الله والراعي نفسه. الخطاب العوني بدا مضبوطاً ولم يستدرج إلى سجال مع بكركي، بل على العكس أوحى العونيون منذ ما قبل المهرجان حتى أمس، أن البطريرك يقرأ من كتاب التيار. كما أبدوا الانفتاح على «مناقشة أي اقتراح من جانب الراعي انطلاقاً من السعي المشترك الصادق لحماية لبنان». أما حزب الله، فيدرك أنه في سبيل استهداف رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في الشارع المسيحي، يتم التصويب عليه تارة بشكل مباشر، وتارة أخرى على سلاح المقاومة لتحميله مسؤولية الأزمة المالية والاقتصادية، وللقول للمسيحيين إن حليف التيار هو المسؤول عن معاناتكم. النائب حسن فضل الله قال إن «هؤلاء استغلوا بكركي للتلطّي بها من أجل الهجوم على رئيس الجمهورية وحزب الله، ولكن لن يوصلهم مثل هذا الهجوم إلى تحقيق أهدافهم». مع ذلك، فقد أشار إلى أن «سياستنا لا تقوم على المقاطعة نتيجة الاختلاف في الرأي، نحن أهل الحوار والتلاقي والوصول إلى تفاهمات وطنية، فهذا هو الأساس لحل المشاكل الداخلية وليس استدعاء الدول الأخرى للتدخل، بل يمكن الاستعانة بها لتقديم العون والمساعدة لا أن تحل محل اللبنانيين».

الخازن وإبراهيم نقلا رسائل بين الراعي وحزب الله قبل يوم السبت

ثالث من أحبط مفاعيل لقاء بكركي هو الراعي نفسه؛ إذ تشير المعلومات إلى أنه سيسعى في مقابلة تلفزيونية تبثّ اليوم إلى تصويب موقفه، ولا سيما لناحية تأكيد تحييد رئاسة الجمهورية عن أي صراع، ولا سيما أنه في خطابه لم يتطرق إلى رئيس الجمهورية أبداً، فيما أسهب في تحميل حزب الله المسؤولية. مع ذلك، فإن خطوط التواصل بين بكركي وحزب الله لم تنقطع. فضل الله كشف أن لجنة الحوار بين الطرفين تواصلت منذ يومين لدرس إمكان معاودة اللقاءات المباشرة مع أخذ الاحتياطات اللازمة من كورونا. وفيما أكدت المعلومات أن لقاءً قريباً قد تعقده اللجنة، قال فضل الله إنه «على ضوء نقاشات اللجنة يمكن عقد لقاء مع البطريرك». وقد علمت «الأخبار» أن الاتصال جرى بين عضوي اللجنة محمد الخنسا والأمير حارث شهاب. كما تبيّن أن النائب فريد الخازن قد نقل رسائل بين الراعي والحزب، تتعلق بتوضيحات متبادلة. فلا البطريرك الماروني طالب بالتدويل بمعنى الذهاب إلى مجلس الأمن واستخدام قوة السلاح، ولا السيد حسن نصر الله قصد الراعي عندما قال «ما حدا يمزح معنا في مسألة التدويل وأي كلام عن قرار دولي تحت الفصل السابع مرفوض ومستغرب ويعدّ دعوة إلى الحرب وغطاءً لاحتلال جديد». كذلك فإن زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بكركي حملت «ما يسهم في تهدئة الأجواء» بين الحزب والراعي.

نصاب المجلس النيابي: احتساب المقاعد لا الأحياء

الاخبار... تقرير نقولا ناصيف .... مع أن مجلس النواب يحتسب الآن نصابه القانوني وفق عدد أعضائه الأحياء، بيد أنه يتجاهل قانوناً مثبتاً عام 1990، يعيد احتساب نصاب الأعضاء الذين يتألف منهم قانوناً فور زوال الاستثناء. وقد زال الاستثناء منذ عام 1992..... خسارة البرلمان الحالي عشرة من نوابه، من دون أن يبدو جدياً التزام حكومة الرئيس حسان دياب المادة 41 من الدستور بإجراء انتخابات فرعية، يطرح مشكلة ليست جديدة في تاريخ السلطة الاشتراعية. برّرت الحرب الطويلة تناقص عدد النواب بالوفاة أو الاغتيال، فأمكنها تداركه بتمديد الولاية 8 مرات ما بين عامَي 1976 و1990. بيد أن تعمّد تعطيل انتخاب فرعي اليوم، هو أقرب الى ما شاب نهاية ولاية البرلمان المنتخب عام 2009، بأن صار الى تمديد ولايته مرتين ما بين عامَي 2013 و2018. التجربة الجديدة المستعارة تمديد شغور المقاعد. المعلوم أن ثمة توافقاً مكتوماً بين غالبية القوى الرئيسية على تجاهل الانتخابات الفرعية، ومحاولة إمرار الأشهر المقبلة من دونها حتى الوصول الى كانون الأول المقبل. إذذاك يكتسب التعطيل شرعية دستورية مع دخول البلاد في مهلة الأشهر الستة التي تسبق موعد الانتخابات العامة في أيار 2022. في ذلك الوقت، يبدأ التفكير في سبل «تسميم» الداخل بتبرير تمديد ولاية البرلمان الحالي، بمَن حضر، بذرائع شتى. بعضها بدأت الأحاديث المسهبة عنه، ارتبطت بالوباء المتفشي وبالخلاف على قانون الانتخاب النافذ وتعذّر الاتفاق على سواه، وصولاً إلى حجج الأمن المضطرب والاقتصاد المتهاوي. مذ أصبح عدد مجلس النواب 118 نائباً باستقالة ثمانية نواب ووفاة اثنين، يكون قد خسر أقل من عُشر أعضائه، بينما خسر المسيحيون 14% من مقاعدهم الـ 64. لكن الأهم أن النصاب القانوني للمجلس، العادي كما الموصوف، لم يعد نفسه: بخلوّ مقاعد هؤلاء، تدنّى نصاب الغالبية المطلقة من 65 نائباً (في برلمان 128) إلى 60 نائباً (في برلمان 118). كذلك نصاب الثلثين بتراجعه من 86 نائباً إلى 79 نائباً، ما يعني أن أي استحقاقات دستورية حالية أو مقبلة باتت جزءاً لا يتجزّأ من التطور الذي طرأ على بنية مجلس النواب حسابياً، في معزل عن الجانبين التمثيلي والسياسي فيه. بعدما استقال النواب الثمانية بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، ثم أخذت الهيئة العامة للمجلس في جلسة 13 آب علماً بالاستقالات بعد تلاوتها، وتالياً أضحت سارية مذذاك (مع أن الثمانية لا يزالون يصرّون على نعت أنفسهم مستقيلين، فيما أضحوا نواباً سابقين)، تردّد كلام على مستويات مختلفة في السلطة الاشتراعية وخارجها، مفاده أن شغور المقاعد الثمانية، ثم بعدما صارت عشرة، يعدّل النصابين العادي والموصوف على نحو يجعل احتسابهما يخضع لعدد «الأعضاء» الأحياء الحاليين، وقد نقص إلى 118 نائباً، لا إلى عدد «المقاعد» المنصوص عليها في قانون الانتخاب وهو 128 مقعداً. بذلك ينخفض نصاب اجتماع البرلمان عملاً بالمادة 34 من الدستور الملزمة حضور النصف +1 وإقرار القوانين في حضور هذا النصاب، كذلك الأمر بالنسبة الى الحالات الملزمة اعتماد نصاب الثلثين كانتخاب رئيس الجمهورية (المادة 49) واتهامه بالخيانة العظمى وخرق الدستور (المادة 60) واتهام رئيس مجلس الوزراء والوزراء بالخيانة العظمى أو الإخلال بالواجبات المترتّبة عليهم (المادة 70) وتعديل الدستور (المادة 79). يتمسك أصحاب هذا الرأي بالنصاب العادي الجديد وهو 60 نائباً، وبالثلثين الجديد وهو 79 نائباً، دونما مسارعة المجلس الى تأكيد الطبيعة القانونية لهذا النصاب من خلال إقرار قانون أو اتخاذ قرار بذلك. كلاهما، القرار والقانون، في وثائق السلطة الاشتراعية. في 29 أيار 1980، اتخذت الهيئة العامة لمجلس النواب برئاسة الرئيس كامل الأسعد قراراً في حصيلة اجتماعين لهيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل ولجنة النظام الداخلي في 28 كانون الثاني 1980 والأول من شباط، حسم السجال الدائر حول احتساب نصاب البرلمان الذي كان قد فقد حتى ذلك الوقت خمسة نواب، وتدنى عدد أعضائه من 99 نائباً الى 94. استندت اللجان المشتركة الى رأي للعالم الدستوري الفرنسي جورج فيديل بإزاء تفسير المادة 57 من الدستور لدى احتساب نصاب قانون أعادَه رئيس الجمهورية. خلاصة قرار المجلس حينذاك لتبرير تناقص الأعضاء، احتساب الغالبية من عدد النواب الأحياء حاضرين ومتغيبين من دون المتوفّين، على أن تُحتسب الغالبية أيضاً من العدد الكامل الصحيح الذي يأتي بعد النصف، لا على أساس النصف زائداً واحداً. مذذاك اعتمد المجلس الممدّد له حتى عام 1992 نصاب «الأعضاء» لا نصاب «المقاعد»، في معرض تفسير العبارة الواردة في المادة 57 «الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً». استمر اعتماد احتساب النواب الأحياء في السنوات التالية، سواء في انتخاب رؤساء الجمهورية المتعاقبين أو في إقرار القوانين، الى ما بعد الوصول الى تسوية الطائف عام 1989 وإعادة بناء السلطة اللبنانية. عام 1990، كان قد أضحى عدد الأعضاء الأحياء 70 نائباً بتناقص 29 نائباً، قبل وضع الإصلاحات الدستورية المنبثقة من اتفاق الطائف موضع التطبيق بدءاً من 21 أيلول 1990، وأولها تعيين 40 نائباً لملء الشغور وتحقيق المناصفة في المقاعد ما بين المسيحيين والمسلمين، بجعل البرلمان من 108 نواب. قبل الوصول الى موعد التعيين في حزيران 1991، أقرّت الهيئة العامة، هذه المرة، قانوناً يثابر على قرار 1980 ويثبّته، باحتساب النواب الأحياء نصاباً قانونياً، في جلسة عقدتها في 21 تموز 1990 برئاسة الرئيس حسين الحسيني. بيد أن القانون المقرّ هذا كان مشروطاً بعامل الاستثناء، ومرتبطاً بمهلة سريان تنتهي عند أول انتخابات نيابية عامة أو فرعية تجرى في البلاد. قرار 1980 وقانون 1990 ثبّتا نصاب النواب الأحياء حتى زوال الاستثناء

في الجلسة، طُرح اقتراح قانون نص على:

«المادة الأولى: بصورة استثنائية وحتى إجراء انتخابات فرعية أو عامة وفقاً لأحكام قانون الانتخاب، وبالنسبة إلى النصاب فقط المقرر في الدستور، يعتبر عدد أعضاء مجلس النواب سبعين نائباً.

المادة الثانية: يعمل بهذا القانون فور نشره».

نوقش الاقتراح، فأثير أكثر من تحفّظ حيال تدوين الرقم 70 لعدد النواب، وهو رقم مرشح للتزايد، واتفق أخيراً على إدخال تعديل يقضي باستبدال رقم 70 نائباً كي تحلّ محله عبارة «عدد الأحياء». وافقت الهيئة العامة على التعديل، فأقرّ الاقتراح بالأكثرية، وما لبث أن أصدره رئيس الجمهورية إلياس الهراوي في قانون رقمه 11 مؤرّخ في 8 آب 1990، وقد نشر في الجريدة الرسمية في اليوم التالي. في فحوى القانون الرقم 11 أن نصاب النواب الأحياء يبقى سارياً إلى موعد إجراء أول انتخابات نيابية عامة أو فرعية في المرحلة التالية لصدوره. ما حصل في ما بعد، أن أجريت انتخابات نيابية عامة في سنوات 1992 و1996 و2000 و2005 و2009 وأخيراً 2018. ناهيك بفرعية أكثر من مرة. لا حاجة إلى كل هذه الاستحقاقات لتأكيد وقف مفاعيل قانون احتساب نصاب الأحياء، والعودة الى احتساب نصاب الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب تبعاً لقانون الانتخاب. الاحتساب الأصلي، غير الاستثنائي المشروط، هو الذي يفترض سريانه اليوم على البرلمان الحالي وإن بعد فقدانه أقل من عُشر أعضائه، ما لم يبادر الى استعادة سابقة قرار 1980 أو قانون 1990 أو ما يماثل.

أسئلة إلى بشارة الراعي

الاخبار...ابراهيم الأمين ... لندَع جانباً كلّ الفولكلور الذي يعمي الأبصار... شكل الحشد وحجمه ومقدّمة الحضور والصور والرايات والشعارات الكبيرة. ولندَع جانباً كلّ التطلّعات عند الراغبين بتغيير الوقائع السياسية القائمة على صعيد تركيبة السلطة وموقع القرار. ولندَع جانباً عمل المستشارين التاريخيّين أو المستجدين، أو من المتطوعين لحبّ لبنان الكبير. ولندَع جانباً، حتى الطموح الشخصي للبطريرك بشارة الراعي نفسه، بلعب دور استثنائيّ يجعله في مصاف آخرين من أسلافه الذين رُفعت صورهم في حفلة السبت، باعتبارهم مصدر الحريّة الحقيقيّة. ولندَع جانباً حتى ألاعيب «جل الديب» التي تبدأ بالشعارات والهتافات، مروراً بلعبة التعمية على تركيبة الحضور ومصادر حشده. ولنذهب مباشرة إلى صاحب المناسبة ونسأله على سبيل الاستيضاح لا أكثر:

أولاً: إن شعار الحياد، بمعزل عن قبحه، يمثّل استراتيجية متكاملة لها بعدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري أيضاً، ولها آلياتها التي تقوم على وحدة وطنيّة متكاملة، وتفاهم حقيقيّ لا صوريّ على مفهوم للهوية الوطنية. ومجرّد القيام بمراجعة تاريخيّة تعود حتى إلى قرنين، يتّضح لكلّ باحث أن الحياد لم يكُن يوماً ليقوم بمجرّد إبداء الرغبة. فالحياد مثل الزواج، لا يمكن أن يتحقّق بمجرّد أن أعجِبتَ بصبية وأقنعتَ والدَيك والجيران وحتى الشيخ... هل سألتها إنْ كانت موافقة أولاً؟

ثانياً: إن من يرفع شعار الحياد، يكون قوياً جداً، حتى يقدر على حماية قراره بالحياد. لكن في حالة الضعف، التي تصيب هذه البلاد أولاً، وتصيب رافعي الشعار نفسه، تتحول إلى مطلب حماية ووصاية، لا إلى مطلب حياد. في حالة لبنان وحالة من ينطق الراعي باسمهم، الحياد يعني مناجاة طرف قوي، خارجي بالتأكيد، أن يحضر ليفرض علينا الحياد. والخارج لا يعمل مجاناً. هكذا علّمنا التاريخ. وعندما تطلب من خارجٍ ما أن يوفّر لك الحماية والحياد، فهذا يعني أنك ستكون في فلكه... وعندها، عن أيّ حياد تتحدث؟

ثالثاً: إن جوهر الموقف الذي يقف خلف فكرة الحياد، لا يمكن أن تغطّيه بعبارات وشعارات لم تعُد تصلح لأيّ نوع من الاستهلاك السياسي. إن جوهر الموقف في حالتنا هذه، هو أن الفريق المطالِب بالحياد، يشعر بأنه مطرود من جنة الحكم، أو أنه خائف على مصيره أو دوره، أو أنه يشعر بإحباط العاجز عن القيام بأمر يمنحه فرصة تغيير الوقائع القائمة. وفي حالتنا، فإن رافعي شعار الحياد، هم الذين يريدون فعلاً ما قاله الراعي في شرحه لما أسماه المطالب من المؤتمر الدولي وتدخل العالم، وهو محصور في أمور محدّدة، أساسها فرض الوصاية الدولية على الإدارة العامة للدولة، لأن الحكم والسلطة عندنا فشلا والفساد يحكم. وبالتالي، لا بدّ من مدّ يدٍ لطلب المساعدة، بما يسمح بأن يقبلنا العالم عاملين في مصانعه ومؤسّساته حتى يعطينا خبزنا كفاف يومنا، على أن نمنحه في المقابل السلطة التنفيذية لإدارة ما بقي من موارد الدولة. ثم إنه دعوة للعالم بأن يفرض علينا طريقة إدارة مصالحنا الخارجية مع جيراننا، سواء كانوا أشقاء أو أعداء. ومع هذا الطرح، يكون اقتراح انضواء المقاومة ضمن الجيش اللبناني مجرد دخان، فيما الهدف الفعليّ هو التخلص من المقاومة، والحجة هنا، أن الحياد لا يتطلّب وجود قوة عسكرية تمنع الأعداء من النيل من بلادنا، أو حتى تمنع الأشقاء والأصدقاء من التحرش بنا. وفوق كلّ ذلك، فإن المؤتمر الدولي لا يمكن أن يُنتج غير صيغة لحكم طائفيّ جديد، توزّع فيه المصالح وفق نسب لا نعرف كيف ستتم مع التغييرات الحاصلة على أكثر من صعيد.. ألم يتّعظ أحد من مطالعة إيمانويل ماكرون في لقاءات قصر الصنوبر عن وقائع التمثيل الشعبي في لبنان؟

هل يمكن للبطريرك أن يكون أكثر تواضعاً، وأن يشرح لنا كيف يقول إنه ينطق باسم جميع أو غالبية اللبنانيين؟

رابعاً: هل يمكن للبطريرك أن يكون أكثر تواضعاً، وأن يشرح لنا كيف يقول إنه ينطق باسم جميع أو غالبية اللبنانيين، وهو لم يحظَ أصلاً بموافقة أو تغطية جميع أو غالبية المسيحيين أصلاً، ليس السياسيون منهم حصراً، بل حتى المرجعيات الدينية أيضاً؟ وبالتالي، فإن موقف بكركي يعبّر عنها وحدها، ولا يمكنها - من أجل أن لا تخطئ الحسابات - أن تدّعي النطق باسم أكثر مِن مَن باركوا ما قام ويقوم به الراعي وصحبه.

خامساً: إن الفكرة من أساسها، من الخطاب والبرنامج إلى الاحتشاد والحفل وما سنشهده لاحقاً، كل ذلك لا يكفي لفرض وقائع جديدة. سيكون هناك مؤتمرات وقيام أطر ولقاءات وتجمعات، وستصدر بيانات ومواقف وتصريحات وتعجّ المنابر بالخطباء. لكن، هل كل ذلك يكفي لعكس الوقائع الصلبة، بمعزل عن جودتها أو رداءتها؟ ألم نتعلم من آخر دروس الفوضى الشعبوية التي رافقت البلاد منذ 17 تشرين؟ هل يعتقد الراعي أنه ينطق بربع من نطق باسمهم شارع 17 تشرين؟ لكن إلى ماذا انتهى؟ هل صحيح أن اعتقالات «عادية» ومطاردات أمنية من شأنها كبح جماح ثورة شعبية، أم أن خللاً جوهرياً أصاب هذا الحراك فانتهى إلى ما انتهى إليه، قبل أن يأتي سبت بكركي ليقضي عليه نهائياً؟

سادساً: إذا كانت بكركي تشعر بالقلق على المسيحيين أو على لبنان، وإذا كانت تعتقد أن عليها القيام بدور ما، فلماذا تقبل أن تتحوّل إلى طرف خلافيّ؟ هل في بكركي من يصدّق أن الغالبية اللبنانية، طائفية أو مدنية أو عقائدية، ستقبل بأن تكون بكركي قائدة لها أو ناطقة باسمها؟ أم أن الراعي سيقبل، راغباً أو مُرغماً، بأن ينتهي به الأمر ممثّلاً لفئة محدّدة من المسيحيين لا أكثر؟

سابعاً: إن الراعي يمثّل في موقفه رأي الكنيسة التي يقف على رأسها. وهي كنيسة تخصّ مؤمنين مسيحيين ينتشرون في أنطاكية وسائر المشرق. وهو بالتالي، يتحمّل مسؤولية معنويّة عن جميع رعايا هذه الكنيسة. وعندما يوحي بأنه يتحدث باسم المسيحيين عموماً، فعليه أن يتحمّل مسوؤلية معنوية وربما أكثر عن المسيحيين المنتشرين من الأردن إلى فلسطين إلى سوريا والعراق... فهلّا يقول لنا كيف سيكون عليه موقفه من أحوالهم في ظل ما يتعرّضون له منذ سبعة عقود على الأقل؟ أم سيطلب منهم التزام الحياد أيضاً تجاه الاحتلال الصهيوني والتهديد التكفيري أو في مواجهة أنظمة القمع والاستبداد؟ أم أنه يعكس استراتيجية الفاتكيان باعتبارها تمثّل – فعلاً لا قولاً - موقع «الوليّ الفقيه» للكنيسة في لبنان، وهي من اختارت أصلاً الراعي، وتقدر على عزله في لحظات، أفلا يسأل البطريرك وفريقه أنفسهم عن أيّ حياد يتحدثون فيما هم لا يقدرون على الذهاب نحو دولة مدنيّة تمنع ربط مصير زواج أو طلاق بقرار من روما؟

ثامناً: إن نقاشاً كبيراً سيحصل في البلاد، وسنشهد «طلعات ونزلات» وتوترات وانفعالات وخطابات ومواقف وردود وخلافه، لكن، ما يفترض بالكنيسة وبالراعي الإجابة عليه وسريعاً والتصرف على أساسه: كيف تكون شريكاً حقيقياً وفق ما تمثله فعلياً، وليس وفق ما تعتقد إنك تمثله، أو وفق ما قرر أحد ما أنك تمثله؟

أفضل ما في الأمر الآن هو الهدوء، وعدم الانفعال، ومراجعة تاريخ مئتي عام من طلب الحماية الخارجية، وما هي نتائج ذلك على هذه البلاد أولاً، وعلى من يقول الراعي إنه ينطق باسمهم ثانياً. وإلى ذلك الحين، فليأتِنا الراعي بأمرَين: الأول، تصوّره العملاني لمعالجة التهديدات الإسرائيلية على بلادنا، وإعادة الفلسطينيين إلى بلادهم. وآلية لضمان عودة النازحين السوريين. والثاني: كيف تطوّر الكنيسة دورها في التكافل الاجتماعي مع المقهورين من رعاياها اليوم في لبنان، وأن تتجرّأ هذه الكنيسة لمرة واحدة، على اتّخاذ قرار باستخدام جزء ولو بسيط مما تكدسه من ثروات من أجل تثبيت القوم في أرضهم، قبل الحديث عن أيّ حكم يختارونه!....

خطاب الراعي و«الانبعاثة المسيحيّة»: مستقبل محفوف بالهواجس

الاخبار...هيام القصيفي .... نجح من كان وراء اندفاعة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في تحقيق الخرق السياسي الذي أرادوه من خلال التجمّع الشعبي في بكركي، وفي الكلمة التي ألقاها أمام الرأي العام المحلي، إضافة الى الخارج العربي والدولي، لأن جزءاً أساسياً من هذا الاحتفال كان يحمل في طيّاته رسائل خارجية، حول هذا الانفصال الداخلي بين رؤيتين للبنان، في ظل اهتمام عواصم عربية بهذا التحرك. يطرح الراعي مجموعة عناوين سياسية عامة، تحتاج الى حوار هادئ ونقاش سياسي في تفاصيله. لكن هل ما حصل السبت يعني أن هذا الخرق هو الهدف بذاته، أم أن الرسائل الكثيرة التي حفل بها البيت البطريركي تؤسس لمرحلة مختلفة تماماً عن مشهد 2005؟

أولاً، رغم التحفظات التي كان يبديها كثر من أصحاب الرأي والأنتلجنسيا المسيحية ورجال إكليروس، على أداء الراعي ومسار بكركي منذ أن تولّى حبريّته وعدم تفعيله الإدارة البطريركية والانشغال بالاحتفاليات الكثيرة في لبنان والخارج، انقلب المشهد في الأيام الأخيرة، وبدا مستغرباً احتضان هؤلاء للراعي وطروحاته، بصرف النظر عن أحقيتها. فتحوّل رمزاً يقارنون بينه وبين سلفه البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، الذي كان بالنسبة إليهم الأيقونة التي لا تشبه أحداً. ظهروا كأنهم يحتفلون بولادة قائد جديد لـ«المقاومة المسيحية»، زمن الأباتي شربل القسيس والأباتي بولس نعمان حين كانت الرهبانية على كتف «المقاومة»... والراعي ليس من تلك الطينة أبداً. وإذا كان ليس مستغرباً أن تتجمهر حول الراعي مجموعات وأشخاص من الذين يكنّون خصومة غير محدودة لحزب الله، ليستظلّ بعضهم بكركي للتصويب أكثر فأكثر على الحزب، فإنّ من المفاجئ أن تتحول شريحة أساسية وسياسية من أصحاب الوعي خلف الراعي، يميزون بين طروحاته السياسية، وتغطيته لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤوليته عنه، باعتبار أن الانهيار المالي أيضاً يعالج بعد «فك سيطرة إيران على لبنان». وحجة هؤلاء أن ما حققه الراعي من خلال ردة فعل حزب الله والتيار الوطني الحر، أعطى مفاعيل إيجابية، أكبر بكثير مما جرى حتى الآن في السنوات القليلة الماضية، ولا سيما أن الراعي لم يأت من مدرسة عام 2005 بمعناها السياسي. وهذا كافٍ حتى الآن ليؤسس لمرحلة مواجهة مبنيّة على الضغط في اتجاه عنوان واحد هو سلاح حزب الله، ولو لم يصل إلى خواتيمه المرجوة بالمطلق.

ما حصل السبت هو جزء من اصطفاف مسيحي يطال في نهاية المطاف الرئيس عون

ثانياً، من الذي سيحمل مهمة متابعة ما قالته بكركي وما تطالب به؟ وأيّ جهة سياسية مخوّلة حمل هذا الشعار ورفعه كما حصل عام 2005؟ فيوم السبت أيقظت حالة مسيحية نفسها بمواكبة سياسية وإعلامية، من خط واحد، من دون أن يتّضح مستقبلها، وخصوصاً أن الحزبية القواتية، رغم وجود كتائبي متنوع، طغت على حالة الصف المسيحي المتنوع كما كانت حال عام 2005. فالقوات ارتدت لبوس التظاهرات بمعناها المختلف عن 17 تشرين، وهي كانت واضحة في تجييشها الميداني (جس نبض أوّلي عشية الاستعداد للانتخابات الفرعية)، لأول مرة من دون أيّ التباسات، في الحيّز الماروني الصافي، كما كان واضحاً رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في استظلاله بكركي وتصويبه على العهد. ورغم أن ظروف وقوف جعجع الى جانب بكركي مختلفة عن مرحلة ما قبل الطائف، إلا أن النتيجة التي عكسها مشهد القوات في بكركي والتيار الوطني الحر في المقابل، تسفر عن النتيجة نفسها من تكريس حالة الانقسام في الشارع المسيحي. ورغم عدم دخول تيار المردة الجو التنافسي المحموم حول بكركي، إلا أن خطاب الراعي لا يتوافق معه مطلقاً. «المردة» بقي الى الآن محيّداً نفسه عن السجال مع بكركي ولو لم يرقه المشهد القواتي، في موازاة ردة الفعل العونية العنيفة كلامياً في أوساط التيار، على بكركي والقوات معاً. لكن المحصلة أن انتعاش الجو المسيحي لا يزال من دون أفق طالما أن لا أجندة واضحة له تحدد برنامج عمله، ومن دون درس الخيارات المطروحة والأفكار السياسية الواضحة أبعد من الشعارات الشعبوية. وكذلك فإن تقوية النزعة الحزبية في جمهور بكركي تعني تسليماً بأمر واقع وهو أن الجمهور المسيحي كتب عليه أن يكون محكوماً بثنائيات أو رباعيات، وأن تجربة قرنة شهوان الفريدة بتمايزها لن تتكرر، وأن الانتخابات النيابية ستكرس هذا الجو الحزبي.

ثالثاً، رغم بعض المشاركة الطائفية والسياسية المتنوعة، إلا أن عصب ما حصل يوم السبت له بعد مسيحي صرف، نقَل المواجهة السياسية كما حصل عام 2000، إلى مواجهة مسيحية مع الخصم السياسي. والمعني هنا عام 2021 حزب الله. حاول الرئيس سعد الحريري منذ تعثر مفاوضات تأليف الحكومة أن يبقي على «حلفه» مع بكركي وعدم قطع الخيط مع المسيحيين، الذين يستعملهم العهد والتيار الوطني كشعار في معركة استعادة الحقوق. نجح الحريري في كسر هذا الحاجز العوني. لكنه في المقابل بقي على مسافة آمنة في علاقاته مع حزب الله، الأمر الذي لم يلاقَ إيجاباً لدى معارضي الحزب من المسيحيين. بتحوّل بكركي رأس حربة في تحديد خيارات الحياد أولاً، والمؤتمر الدولي ثانياً بخلفية وضع سلاح حزب الله على الطاولة، فإن المشهد المسيحي انقسم بين فريق يعبّر صراحة عن خصومته للحزب، مع امتداد عربي جليّ، وفريق يعبّر صراحة عن خصومته السياسية للحريري والمستقبل، مع خلفية إقليمية أيضاً عبّر عنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في إطلالته الأخيرة، كما عبّر عنها أحد وزراء العهد السابقين. هذا الاصطفاف يشكل لحظة أكثر خطورة مما كان عليه الأمر عام 2005. لأنه يأتي في مرحلة أكثر قساوة سياسياً واقتصادياً ومالياً، فضلاً عن احتمالات مفتوحة على تسويات في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تدعو الى تفاؤل معارضي حزب الله.

رابعاً، في غمرة كل ما جرى، يبقى هناك شقّ أساسي يتعلق بعلاقة بكركي ورئاسة الجمهورية، ومن خلفها التيار كحزب العهد. ولو أن باسيل الذي يربط خيوطاً كثيرة مع مطارنة ومع رهبانيات، على عكس القوات اللبنانية، ويوجّه رسائل كثيرة الى الراعي ولن يقطع معه حواراً، إلا أن ما حصل السبت هو جزء من اصطفاف مسيحي يطال في نهاية المطاف العهد بتوجّهه السياسي. وهو يُبرِز للمرة الأولى بهذه الحدّة ــــ بعد قطيعة عيد الميلاد وما تبعها من رسائل ــــ حجم الهوّة بين بكركي وبعبدا في ما تبقّى من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

بكركي - حزب الله: هاتف الحارة لم يوقف تداعيات حشد السبت!

القطاع التجاري إلى العمل.. وقرارات للمركزي حول المصارف والكهرباء اليوم

اللواء.....ما خلا الأجندة السياسية، والانفراج السياسي، وحتى الحكومي، يحفل الأسبوع الأوّل من آذار بعدة استحقاقات، منها التلقائي، ومنها المبرمج، مثل ملاءة المصارف، وفقاً لتعاميم مصرف لبنان، لا سيما التعميمين رقم 567 و154 والذي صدر في 26/27 آب الماضي، والمتعلقة بإلزام المصارف بتوفير 3 مليارات و375 مليون دولار، لـ3٪ من ميزانيتها بالعملة الصعبة، والتي انتهى أمس 28 شباط، ومنها أيضاً مآل الانتقال إلى المرحلة الثالثة من التخفيف من الإجراءات المؤدية الى الانتقال التدريجي لإعادة فتح البلد، فضلاً عن مآل تعويل صفقة شراء الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، بعد عدم وفاء المؤسسة بتعهداتها بالعودة الى الانتظام بالتقنين بدءً من بعد ظهر السبت الماضي، لكن التقنين زاد، وخرج المواطنون إلى الشارع للمطالبة بعودة الكهرباء، وترقب، من جهة أخرى، كيفية توزيع اللقاحات، والطعوم التي يتعين ان يتناولها اللبنانيون، مع إعادة فتح البد، إذ بلغت منصة اللقاحات، تلقح أكثر من 50 ألفاً تناولوا الطعوم، حسب وزارة الصحة. وفي هذه الأجواء، رسمت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة صورة تشاؤمية عن مصير الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة، ووصفت الوضع الحالي بالمغلق داخليا في الوقت الحاضر. وحددت المصادر النقطة التي توقفت عندها المشاورات بتسلم رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلة الوزارية من الرئيس المكلف سعد الحريري من دون ان يعطي رده النهائي عليها، سلبا أو إيجابا حسب الدستور في حين تمحورت المشاورات التي تلتها على محاولة التملص من التفاهمات السابقة، ان لجهة حجم الوزارة او توزيع الحقائب او تسمية الوزراء. بينما كانت مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المباشرة وغير المباشرة هي التي تتحكم من وراء الكواليس كما هو معلوم في اعاقة حسم ملف التشكيل بكل امكانياته ووضع ما يمكن من عراقيل مفتعلة ومطالب تعجيزية بهدف ابتزاز الرئيس المكلف والالتفاف على صيغة تأليف حكومة مهمة من الأخصائيين استنادا للمبادرة الفرنسية لفرض حكومة محاصصة مستنسخة عن الحكومات السابقة، يستحصل فيها على حصة الثلث المعطل مع الاحتفاظ بالوزارات الوازنة كوزارة الطاقة وغيرها. وفي اعتقاد المصادر ان التعطيل المتعمد من قبل الفريق الرئاسي لعملية تشكيل الحكومة الجديدة لم يعد محصورا به، بل تجاوزه بشكل واضح الى حزب الله الذي يوجه مواقف مسايرة وحمالة أوجه لتاليف الحكومة، ولكنها لا تقدم او تؤخر،بل تزيد في الشكوك حول النوايا الحقيقية للحزب، والتي تؤشر في مكان ما الى تأجيل البت بالتشكيل حاليا، والاستمرار بسياسة المماطلة وابقاء الملف اللبناني رهينة واستغلال من قبل ايران لتقايض عليه في المفاوضات المرتقبة حول الملف النووي الايراني مع الولايات المتحدة الأميركية لصالحها على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين. وازاء الانشغال، بما حدث السبت في بكركي، قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الفرقاء المعنيين قالوا رأيهم في تحرك بكركي وما جرى يوم السبت، لكن الأنظار تبقى مشدودة إلى خطوات البطريرك الماروني بعد موقفه الأخير والأصداء الدولية حوله مع العلم ان البطريرك الراعي فسر لعدد من المسؤولين والسفراء العرب والأجانب طرحه من الحياد. وتوقعت المصادر أن تستمر مفاعيل خطاب البطريرك. دون معرفة ما إذا كان هناك من لقاء قريب سيجمعه مع رئيس الجمهورية بعد التحرك الأخير. إلى ذلك أوضحت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن للحياد شروطه ولا بد معرفة من يحايد من ومع من سيصار إلى ممارسة الحياد ولفتت إلى أن ما من أحد ضد الحياد في لبنان لكن السؤال المطروح هل من قدرة على حماية الحياد وفرض هذا الأمر على الدول المجاورة وجعلها تحترم الحياد.

انقسام داخل التيار العوني

بالمقابل، تفاعلت الأحداث الاخيرة داخل التيار الوطني الحر، لاسيما منها التعثر بتشكيل الحكومة الجديدة، والموقف السلبي من دعوات البطريرك الماروني بشارة الراعي لرئيس الجمهورية وفريقه لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة وتكريس حياد لبنان واخيرا مطالبته بعقد مؤتمر دولي لحل الأزمةاللبنانية. وظهر انقسام واضح داخل التيار وخلاف في طريقة الادارة السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة. ويعتبر فريق من المخضرمين داخل التيار ان النهج المتفرد الذي يقوده رئيس التيار جبران باسيل وقلة من مؤيديه في تقرير السياسية المتبعة واتخاذ القرارات منذ تولي رئيس الجمهورية ميشال عون لمهاماته، لم يكن موفقا ويتعارض مع المبادىء والمسلمات الأساسية للتيار، ما ادى الى تعثر في الاداء الرئاسي وفشلا في تنفيذ الوعود والمطالب الشعبية واساء لسمعة التيار لدى اللبنانيين وخصوصا بين مؤيديه. وبدلا من الإستفادة من الاخطاء السابقة وتصويبها نحو الاحسن، استمر النهج ذاته وكأن شيئا لم يحصل، ان كان بالتعاطي السلبي لتشكيل الحكومة بطابع يغلب عليه الشخصانية والتفرد ولا يراعي لانقضاء ولاية الرئيس بغياب اي من الانجازات الموعودة.بل بات ينذر بمؤشرات تفكك الدولة ومؤسساتها اذا استمر النهج السائد على حاله. ويضيف هذا الفريق المعترض على الاداء السلبي لباسيل، أن النهج المتبع تجاوز كل الحدود، ليس بالخلاف السياسي مع معظم الاطراف السياسيين والدول الشقيقة والصديقة، بل شمل كذلك البطريركية المارونية لاسباب غير منطقية لا تعود بالفائدة على الرئاسة اوالتيار، بل تضر بمصلحة التيار والمسيحيين على حد سواء. ويتساءل هذا الفريق لماذا تجهض وساطة بكركي لانجاح مساعي تشكيل الحكومة والخروج من الازمة الحالية ولاي هدف يتم تجاوز دور وموقع البطريرك ومخاطبة الفاتيكان مباشرة من وراء ظهره، في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ لبنان؟ وهذا التصرف في رأي هذا الفريق لا يمكن تبريره او السكوت عنه ولا بد من بذل كل الجهود لتصحيح ماحصل لانه من غير المعقول تظهير الخلاف مع البطريرك الماروني على هذا النحو لانه في مكان ما يطالب بتسريع تشكيل الحكومة العتيدة حفاظا على مصلحة الوطن واللبنانيين.

العقد الحكومية

حكومياً، يبدو أن المساعي التي قام بها اكثرمن طرف محلي وخارجي لم تسفر عن حلحلة العقد المستحكمة بتشكيل الحكومة، بسبب بقاء مواقف الرئيسين عون والحريري على حالها، حول حقيبتي العدل والداخلية وتوسيع الحكومة الى عشرين وزيراً. وذكرت مصادر مطلعة على موقف الحريري انه وافق على مبادرة الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم ومن ثم البطريرك بشارة الراعي، بأن يختار الرئيسان وزيري حقيبتي العدل والداخلية واحد لكل منهما بالتوافق، بينما يرفضها عون ويصر على تسمية احد الوزيرين والتوافق على الآخر. فيما عدد وزراء الحكومة والثلث المعطل غير قابلين للبحث. واوضحت المصادر ان الحريري لن يرضى بما يحاول ان يفرضه عون، لذلك هناك تباعد كبير بين طرحي الرئيسين. ورأى رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان ان أمر الحكومة هو بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية وطالب الحريري بوتيرة أسرع للتواصل مع الرئيس ميشال عون.. ودعا للخروج من الأزمة بإعادة بناء الثقة، مطالباً بالتفاهم على مشروع الحكومة..

حشد بكركي والتأثير على الداخل

وعلى الصعيد السياسي، سيتأثر الوضع الداخلي سلباً او إيجاباً بما حصل يوم السبت، من تجمع سياسي حزبي في بكركي وكلمة البطريرك بشارة الراعي، التي استهدف فيها مكونات سياسية كثيرة، لحثها على تلبية مطالب الناس وتشكيل الحكومة ومعالجة الوضع المعيشي، عدا كلامه عن «الدويلة والسلاح غير الشرعي» الذي يقصد به حزب الله. وعن التدويل الذي يرفضه اكثرمن طرف سياسي وازن وفاعل. وبدأت التساؤلات عن مصير العلاقة بين بكركي وحزب الله. لكن المعلومات افادت انه حصل اتصال قبل يومين اي قبل تجمع يوم السبت وكلمة البطريرك الراعي، من قبل اللجنة المشتركة ما بين اعضائها وكان كلام عن اجتماع مرتقب قريبا والاجواء لا تبشر الا بصفحة حوارية قريبة. لكن بعد كلمة الراعي وتقصده الحديث عن سلاح حزب الله ولومواربة لم يعرف ما إذا كان اللقاء سيحصل ام يتم تأجيله. واليوم يزور وفد من تيّار المستقبل بكركي، ناقلاً رسالة من الرئيس الحريري، تتعلق بمواقفه والشأن الحكومي، كما يزور الوفد مطرانية بيروت للروم الارثوذكس للقاء المطران الياس عودة. وبلغ مسار الافتراق عمّا يجري، في عظة الحياد في 5 تموز، تصاعداً إلى «سبت الحشد» والكلام النوعي في التحوّل البطريركي إلى المطالبة الملحة بعقد مؤتمر دولي لبحث وضع لبنان. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سيذهب إلى ما هو أبعد، من خلال خطة تبدأ بشرح المبادرة محلياً، ثم الانتقال إلى عواصم القرار، والعواصم المعنية، فضلاً عن تحرك مجموعات قريبة من بكركي لشرح الصورة السياسية والمبادرة في بلاد الاغتراب في أميركا واوستراليا وأوروبا. وردة الفعل، لدى فريق حزب الله، تمثلت بجملة رسائل، سياسية وميدانية، وروحية، بكلام للمفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان، وصف فيه الأزمة الوطنية بأنها بلغت حدّ الاشتباك الخطأ، والتوصيف الخطأ، مشيراً إلى ان سيادة لبنان تمر بدولة مواطنة لا دولة طوائف، لافتاً إلى ان شرعية السلاح مصدره التحرير ومنع العدوان وليس الشعارات. ونحن مع مؤتمر دولي بنسخة الصين. ثم للنائب في كتلة الوفاء للمقاومة، الذي وصف التدويل بأنه يُشكّل خطراً وجودياً على لبنان، واعتبر ان هناك من يتلطى خلف بكركي، وقال: من يريد التمسك بالطائف يجب ألا يدعو الدول إلى لبنان لحل ازمتنا، مؤكداً بأن المعالجة تبدأ من الداخل. وقال: التواصل مع بكركي لم ينقطع، ولفت إلى انه كان هناك تواصل مباشر مع بكركي حتى مرحلة كورونا، واليوم هناك تواصل هاتفي، وقبل ما حصل امس في بكركي بيومين كان هناك اتصال مباشر من قيادة حزب الله. ». وعلى الأرض سارت تظاهرات في بعض شوارع الضاحية، وحملت اعلام حزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي دفاعاً عن شرعية سلاح حزب الله. وكشف وزير الإعلام السابق ملحم رياشي ان المتظاهرين اطلقوا شعارات معادية لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

المرحلة الثالثة

وتنطلق اليوم، الاثنين 1 آذار المرحلة الثالثة من إعادة فتح البلد تدريجياً، بعد اقفال تام دام نحو شهرين، وفقاً لإجراءات وشروط خاصة بملف مكافحة كورونا. وأعلنت ​غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث​ عن إجراءات ​الفتح​ التدريجي الجديدة بدءا من اليوم، ويبقى تدبير حظر الخروج والولوج معمولا به اعتبارا من الساعة الثامنة مساءً للساعة 5 صباحا مع الزامية ارتداء ​الكمامة، وتمنع التجمعات على الشواطئ والأرصفة باستثناء ​الرياضة​ الفردية وتبقى ​الحدائق العامة​ مغلقة، وتمنع التجمعات والمناسبات الدينية والإجتماعية، ويتم التقيد بعدد 3 أشخاص ضمنهم السائق عند الإنتقال بواسطة ​السيارات العمومية​، و50 بالمئة من سعة باقي وسائل النقل، مع الزامية ارتداء الكمامة لجميع الركاب، وأوضحت الغرفة المؤسسات التي يجب على المواطنين الإستحصال على إذن من المنصة للذهاب إليها.

اجتماع في المركزي

مالياً، يعقد اليوم اجتماع مالي مصرفي مهم في مصرف لبنان برئاسة الحاكم رياض سلامة، وسيضم المجلس المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية، ويتناول شؤوناً مصرفية مهمة بما فيها ما رفعته المصارف في ما خص التزامها بالتعاميم المتعلقة بالملاءة بالدولار.

احتجاجات ضد التقنين القاسي للكهرباء

واحتجاجاً على قطع الكهرباء القاسي في بيروت والمناطق، خرج المواطنون إلى الشوارع، فقطعوا الطرقات على طريق سليم سلام بالاتجاهين، وكذلك على كورونيش المزرعة - تقاطع أبو شاكر، ومحلة بشارة الخوري، وصولاً إلى نقطة جسر المطار بالاطارات المشتعلة.

375033 إصابة

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي 2258 إصابة جديدة بفايروس كورونا، و40 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 375033 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.

لبنان بعد «النداء التاريخي» للراعي... العيْن على «حزب الله» ...المفتي الجعفري الممتاز: الحياد في زمن الاحتلال و«داعش»... خيانة

الراي.... | بيروت - من وسام أبو حرفوش وليندا عازار |.... - تحركات في الضاحية وعلى تخومها رفْضاً للهتافات ضد «حزب الله» وإيران خلال التحرك في بكركي

هل تكون «انتفاضة لا تَسْكتوا» التي أطْلقها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، صرخة مدوّية في وادٍ يراهن البعض على أن يتلاشى صداها تحت وطأة تعقيدات الواقع اللبناني وتَشابُك «مشاكله الأصلية» مع الصراع الكبير في المنطقة، أم أن خريطة الطريق الواضحة التي رَسَمها رأس الكنيسة المارونية في «السبت المشهود» لحفْظ «الكيان» عبر مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وعلى قاعدة حياد لبنان، صارت بمثابة «الناظم» الجديد للمشهد الداخلي وأبعاده الخارجية لن يكون ممكناً القفز فوقها؟...... سؤالٌ طَبَعَ الساحة السياسية في بيروت، غداة ما بدا أنه نداءٌ شامل وتاريخي وجّهه الراعي أمام حشودٍ شعبيةٍ غصّ بها مقرّ البطريركية في بكركي واعتُبر امتداداً لنداء سبتمبر 2000 للمطارنة الموارنة الذي أرسى دعائم معركة «سيادة، حرية، استقلال» بوجه الوجود السوري (في لبنان) وأفْرز دينامية لبنانية «حفرت بإبرةٍ» حينها ممراً عابراً للطوائف وفّر الأرضية لمشهدية «ثورة الأرز» في 14 مارس 2005 بعد شهر من اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي خَرَجَ على وهْجها الجيش السوري في أبريل من العام نفسه. ولم يكن ممكناً وفق أوساط مطلعة، مقاربة «الوثيقة المتكاملة» التي شكّلتْها كلمة الراعي والتي بدا فيها مأزق تأليف الحكومة أحد وجوه الأزمة اللبنانية الكبرى، من خارج زاويتيْن متداخلتين:

* الأولى أنها «تملأ الفراغات» البنيوية في هيكل «الأهداف الصغرى» التي بدا أن انتفاضة 17 أكتوبر 2019 ركنتْ إليها، إما تفادياً لإثارة الإشكاليات الجوهرية في الوضع التي قد تكون عاملاً انقسامياً للشارع أو تستدرج توتراتٍ، وإما نتيجة محاولاتٍ خفية لـ «توجيه» زخم هذه الانتفاضة عن بُعد بما يخدم المسار «الكاسر للتوازنات» الداخلية و«القاضم» لدور لبنان وهويته، في السياسة والمال الاقتصاد. * والثانية «المتممة» للأولى أن البطريرك «وضع الاصبع» على ما تراه الكنيسة مكمن الأزمة الرئيسي والذي كان النصيب الأكبر فيه لـ «حزب الله» وسلاحه غير الشرعي وأدواره خارج الحدود، في ما عَكَسَ استشعار بكركي بالخطر الوجودي الذي بات يتربّص بلبنان في ظل ما وصفه بـ «الحالة الانقلابية بكل معنى الكلمة على مختلف ميادين الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق». وإذ كان من الصعب، وفق هذه الأوساط، تَلَمُّس إذا كان 27 فبراير 2021 سيُلاقى داخلياً بحياكة أُطر تنسج وعاءً يوفّر نصاباً تعدُّدياً (طائفياً) لهذه الدينامية المتجددة التي من شأنها إحداث توازُن مع مساعي ترتيب طاولات تفاوض في المنطقة صار لبنان «ورقة» عليها بفعل التفوّق الإيراني في ساحته، فإنّ الأوساطَ نفسها ترى أن الرسالةَ الأقوى من إمساك الكنيسة بيدها زمامَ رفْع الصوت بوجه المنزلق الأخطر الذي يمرّ به لبنان منذ نشأته تبقى برسْم القوى المسيحية ولا سيما «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) الذي سيكون على محك الثوابت التي أعلنتها بكركي التي «تقدّمت الصفوف» في زمنٍ يحكمه سياسياً شعار «المسيحي القوي»، وشهد الانهيارَ الكبير. وفيما اختار «حزب الله»، الذي هتف المحتشدون في بكركي ضدّه «ارهابي ارهابي حزب الله ارهابي» و«ايه يلّا، إيران طلعي برا» عدم الردّ المباشر على مواقف الراعي تفادياً على الأرجح للمزيد من إحراج «التيار الحر» في البيئة المسيحية، فإن التيار نفسه بدا مربكاً في كيفية ملاقاة المرحلة الجديدة وهو ما ظهّرته مواقف نواب فيه راوحت بين اعتبار ما قاله البطريرك يعبّر عن خطاب التيار منذ أعوام وبين أن الحشود الشعبية لم تكن بحجم توقعات مَن دعوا إليها، وذلك بعدما كانت هيئته السياسية استبقت التحرك في اتجاه بكركي بتأكيد «رفض إقحام لبنان في سياسة المحاور، والتزام محور لبنان». وقد بدا الراعي وكأنه «حقق الهدف» من «سبت إعلاء الصوت»، معتبراً في عظة الأحد أن «15 ألف شخص احتشدوا لدعم موقف البطريركية (...)» الذي كان بلوره في كلمته أول من امس التي ارتكزت على أن «خروج الدولة أو قوى عن سياسة الحياد هو السبب الرئيسي لكل أزماتنا والحروب التي وقعت في لبنان»، مؤكداً «اننا مع المؤتمر الدولي لإنقاذ لبنان وطالبنا بذلك لأن كل الحلول الأخرى وصلت إلى حائط مسدود، ولأن كل الطروحات رُفضت حتى تسقط الدولة ويتم الاستيلاء على مقاليد السلطة، ونحن نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة على كل ومختلف ميادين الحياة العامة». واضاف: «نريد من المؤتمر الدولي أن يثبت الكيان اللبناني المعرّض جدّياً للخطر وأن يتخذ جميع الإجراءات لتنفيذ القرارات الدولية المعنية بلبنان التي لم تُنفذ أو نُفذت جزئياً». وأعلن «حررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعوق سلطتها وأداءها (...) فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا يوجد جيشان أو جيوش على أرض واحدة ولا يوجد شعبان أو شعوب في وطن واحد».... وتوجّه للمحتشدين: «أفهم صرختكم وانتفاضتكم وثورتكم، فلا تسكتوا عن تعدد الولاءات أو الفساد أو فشل الطبقة السياسية أو الخيارات الخاطئة وفوضى التحقيق في جريمة المرفأ أو عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني أو عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين أو مصادَرة القرار الوطني أو عن الانقلاب على الدولة والنظام أو عن عدم تأليف الحكومة». وكان لافتاً، في موازاة الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ البطريرك الراعي ومواقفه من مؤيدي «حزب الله» بالتزامن مع تحركات وقطع طرق أمس في بعض مناطق الضاحية الجنوبية وعلى تخومها وفي أحياء داخل بيروت رفْضاً للهتافات ضدّ الحزب وإيران خلال التحرك في بكركي، ردّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي اعتبر أن "من يريد تثبيت الكيان اللبناني يقبل بدولة مواطنة، وبرأس تنفيذي واحد لا برؤوس وطوائف، والحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي وداعش ليس وطنياً، بل أعتقد أنه ما زال خيانة. أما قوة التوازن فإنها تمر جبراً بإلغاء الطائفية السياسية المقيتة، والدفاع عن لبنان وظيفة القرار السياسي أولاً، ثم القرار العسكري، إلا أن تاريخ مجازر صبرا وشاتيلا والدبابات الإسرائيلية التي سيجت المقار الكبرى للدولة له تفسير آخر". ولفت إلى أن "شرعية السلاح مصدره التحرير ومنع العدوان وحماية الوطن، وليس الشعارات والدعايات. والمؤتمر الدولي إذا كان بنسخة الصين فنحن معه، أما إذا كان بنسخة سايكس بيكو وبلفور وحلف الراغبين، فنحن ضده ولن نفرط بذرة من سيادة لبنان وقراره"......

«الإفتاء الشيعي» يعتبر حياد لبنان «خيانة»... و«حزب الله» مع المساعدة من دون تدويل

بيروت: «الشرق الأوسط».... أثارت تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي بخصوص الحياد الناشط والدعوة لانعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان، موجة ردود سياسية تصدرها الإفتاء الجعفري الذي وصف «الحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي وداعش» بـ«الخيانة»، وتلاه رد من «حزب الله» أيّد المساعدة الدولية ورفض التدويل. وأشار الراعي، أمس، إلى حضور 15 ألف شخص يوم السبت «لدعم موقف البطريركية لجهة مطالبة المجتمع الدولي بإعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، لكي ينقي هويته مما انتابها من تشويهات، ويستعيد بهاءها، ولكي يتمكن من القيام برسالته كوطن لحوار الثقافات والأديان، وأرض للتلاقي والعيش معاً بالمساواة والتكامل والاحترام المتبادل بين المسيحيين والمسلمين، ودولة الصداقة والسلام المنفتحة على بلدان الشرق والغرب، ودولة الحريات العامة والديمقراطية السليمة». واعتبر أن «هذا الحياد يمكّن لبنان من تجنب الأحلاف والنزاعات والحروب إقليمياً ودولياً، ويمكنه من أن يحصن سيادته الداخلية والخارجية بقواه العسكرية الذاتية». ورأى البطريرك في عظة الأحد أن هؤلاء «احتشدوا لدعم المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، بسبب عجز الجماعة السياسية عندنا عن اللقاء والتفاهم والحوار وتشخيص المرض الذي شلّ الدولة بمؤسساتها الدستورية وخزينتها واقتصادها وماليتها، فتفككت أوصالها، ووقع الشعب الضحية جوعاً وفقراً وبطالة وقهراً وحرماناً»، مضيفاً: «كان لا بد للمجتمع اللبناني الراقي والمستنير من أن يشخّص هو بنفسه أسباب هذا الانهيار وطرق معالجته، بالاستناد إلى ثلاثة: وثيقة الوفاق الوطني والدستور وميثاق العيش معاً، استعداداً لهذا المؤتمر». وفي مقابل التأييد السياسي لطروحات الراعي، وفي مقدمه من حزب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» ومستقلين مسيحيين، لقيت الطروحات معارضة من «حزب الله» و«الإفتاء الجعفري» بشكل أساسي، من غير أن تتحول إلى اشتباك شيعي - مسيحي. ففي وقت لم يعلن «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» و«حركة أمل» التي لم تتوقف عن المطالبة بتشكيل حكومة، موقفاً، حمل رد المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان مضموناً عنيفاً، إذ رأى أن «الأزمة الوطنية بلغت حد الاشتباك الخطأ والتوصيف الخطأ، وسط انهيار وسقوط مروع سببه معروف ومصدره معروف للبنانيين». وأشار قبلان في بيان إلى أن «سيادة لبنان تمر بدولة مواطنة لا دولة طوائف، و(إعلان بعبدا) أراد عزل لبنان عن المنطقة لا المنطقة عن لبنان، ولبنان يقع على خط زلزال يستبيح الإسرائيلي عبره البحر والجو فضلاً عن البر، والعجز بالقدرات الدفاعية للجيش الوطني اللبناني سببه واشنطن وخطوط تل أبيب الحمراء». وقال إن «تحرير لبنان تم بالشهداء وليس بقرار 425. والقرار 1701 إنما استجلب الجيوش على لبنان وليس على الطرف المحتل من الأرض، ومن دفن وثيقة الوفاق الوطني القوة الدولية المهيمنة التي تريد لبنان دولة بلا سلطة أو قوة». وقال إن «مَن يريد تثبيت الكيان اللبناني يقبل بدولة مواطنة، وبرأس تنفيذي واحد لا برؤوس وطوائف، وتجديد النظام الديمقراطي يبدأ بانتخابات نيابية شعبية بعيداً من القيد الطائفي». وأضاف أن «الحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي و(داعش) ليس وطنياً، بل أعتقد أنه ما زال خيانة». ورأى أن «قوة التوازن تمر جبراً بإلغاء الطائفية السياسية المقيتة، وبسط سلطة الدولة من الناقورة للعاقورة يحتاج دولة شعب بلا قيد طائفي، لا دولة طوائف وجدران، والدفاع عن لبنان وظيفة القرار السياسي أولاً، ثم القرار العسكري». ولفت إلى أن «شرعية السلاح مصدرها التحرير ومنع العدوان وحماية الوطن، وليس الشعارات والدعايات». وقال إن «المؤتمر الدولي إذا كان بنسخة الصين فنحن معه، أما إذا كان بنسخة سايكس بيكو وبلفور وحلف الراغبين، فنحن ضده ولن نفرط بذرة من سيادة لبنان وقراره». وموقف قبلان الرافض لطروحات بكركي المتمثلة بالحياد والتدويل، ليس الأول، فقد بدأ في الصيف الماضي، واستدعى في الأسبوع الماضي احتجاجاً من جهات مسيحية سألت عما إذا كان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يوافق عليه. وبينما بدا موقفه أمس مرتفع السقف، كان موقف «حزب الله» أقل حدة، إذ أعلن النائب عنه حسن فضل الله في حديث تلفزيوني رفضه للتدويل، وقبول الحزب بالمساعدة الدولية كما هو الحال في المبادرة الفرنسية. وقال إن موقف الراعي يمثل شريحة من اللبنانيين، لكنه اتهم جهات سياسية بـ«التلطي خلف بكركي». وقال: «نحن نمثل فئة وازنة من الشعب اللبناني وهذا موقفنا، ونعبر عنه. من استخدم لغة الشتائم يدل على ضحالة تفكيره». وأوضح أن «توصيفنا مختلف عن البطريرك الراعي، إذ لا يمكننا تجاهل العامل الإسرائيلي وأطماعه، فالتدويل خطر على لبنان، ورأينا ماذا حصل في ليبيا واليمن والعراق». وأشار إلى أن «الحل يبدأ من لبنان، ولا مانع من مساعدة دولية، لكن وفق أولويات البلد وكرامته واتفاق الطائف». وشدد على أنه «لا يمكن الاستقواء بالخارج وطلب الوصاية... وجهة نظر بكركي لا تمثل وجهة نظر كل الشعب اللبناني». ولم يقفل فضل الله خطوط التواصل مع بكركي، إذ شدد على أن «سياستنا لا تقوم على المقاطعة بل على التلاقي والنقاش، ونحن لدينا أدلتنا وحجتنا، والتواصل مع بكركي لم ينقطع». ولفت إلى أنه كان هناك تواصل مباشر حتى مرحلة «كورونا»، واليوم هناك تواصل هاتفي، لافتاً إلى أنه قبل الحضور الشعبي إلى بكركي بيومين «كان هناك اتصال مباشر من قيادة حزب الله». في المقابل، أعلنت الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني تأييدها للمواقف التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي، من بكركي. ووصف المجلس الخطاب البطريركي بـ«خريطة طريق وطنية شاملة تصوب المسار، وتبث الحياة في الشعب المحبط، وتعيد للبنان مكانته على الساحة الإقليمية والدولية». واعتبره «البوصلة الأكثر أماناً لإنقاذ لبنان من أزماته». ودعا المسؤولين جميعاً إلى «الاستجابة لنداء البطريرك فيما طرحه، والإسراع في القيام بالخطوات الإنقاذية الملحة، قبل الانهيار الكامل».

مطالبة الراعي بإحياء مشروع الدولة تحرج الثنائي عون و«حزب الله»

الشرق الاوسط.....بيروت: محمد شقير.... شدد قطب سياسي لبناني على أنه «من غير الجائز» اعتبار أن ما أورده البطريرك الماروني بشارة الراعي في خطابه أمام الحشود التي زحفت إلى الصرح البطريركي في بكركي تضامناً مع دعوته إلى حياد لبنان ومطالبته بعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، سيبقى في حدود تسجيل المواقف ولن تكون له من تداعيات سياسية على مجمل الوضع في البلد. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما طرحه الراعي «سيبقى على الطاولة وإن كان يتعذّر حالياً تدويل الأزمة اللبنانية لاعتبارات تتعلق بتفاوت المواقف في مجلس الأمن الدولي، وتحديداً بين الدول ذات العضوية الدائمة». ولفت القطب السياسي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن العنوان الكبير لخطاب الراعي «يكمن في ضرورة استرداد مشروع الدولة الذي يشكّل نقطة ارتكاز للبحث عن الحلول للمشكلات والشوائب التي تعيق استرداده»، لافتاً إلى أن ما أورده «يلقى تأييداً عربياً ودولياً ويمكن توظيفه كورقة ضغط تُستخدم لرفع الشروط التي لا تزال تؤخر تشكيل الحكومة من جهة ووقف الاستقواء بالخارج من جهة ثانية، خصوصاً أن الرهان على المبادرة الفرنسية كممر إجباري لإنقاذ لبنان وانتشاله من قعر الانهيار الشامل ما هو إلا وجه من وجوه التدويل». ورأى أن المبادرة الفرنسية تحظى بتأييد أوروبي ولا تتعارض مع الولايات المتحدة بعد أن أعادت النظر في موقفها منها فور انتخاب جو بايدن. وقال إنها تتناغم مع موقف الفاتيكان بخلاف ما يشيعه من حين لآخر الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وإلا لم يكن الراعي مضطراً لتوجيه الشكر مراراً إلى البابا فرنسيس على موقفه الداعم للجهود الرامية لإنقاذ لبنان. واعتبر القطب السياسي أن الراعي في مطالعته التي ركّز فيها على الأسباب التي تعيق استرداد مشروع الدولة على حساب الدويلات ووقف الانقلاب عليه «لم يخرج عن صمته لأنه سبق أن قال الكثير في هذا السياق في عظاته وهو أراد تجميعها في لائحة اتهامية واحدة وضعها بتصرف اللبنانيين، ولم يتردد في تسمية من يصادرون الدولة بأسمائهم ولو بطريقة غير مباشرة». وتوقف أمام تذكير الراعي بإعلان بعبدا الذي صدر في اجتماع للمكوّنات السياسية الرئيسة أثناء تولّي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية، وقال إنه غمز بطريقة غير مباشرة من قناة الثنائي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» اللذين انقلبا على موافقتهما على حياد لبنان والنأي به عن الصراعات الدائرة في المنطقة. وأشار إلى أن الجديد في طرحه «يكمن في مطالبته بتقوية الجيش اللبناني لاستيعاب الطاقات العسكرية للبنانيين في وضع الاستراتيجية الدفاعية ليتولى وحده الدفاع ويبقى قرار السلم والحرب بيد الدولة». وحذّر من «الالتفاف على الثوابت» التي طرحها الراعي «الذي نطق باسم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين والتعامل معها وكأنها لم تكن»، معتبراً أن البطريرك «حشر عون في الزاوية»، مع أنه تجنّب تسميته أسوة بعدم تسميته لـ«حزب الله». ورأى أن «هناك أكثر من معنى لغياب المسلمين وعدم مشاركتهم في مناسبة خُصّصت للتضامن مع بكركي». وعزا الحضور الإسلامي الرمزي والمحدود الذي غابت عنه قيادات من الصف الأول أو من يمثلهم إلى وجود قرار بعدم المشاركة لقطع الطريق على من يحاول بأن يتذرّع بحضورهم للتقليل من الأهمية السياسية للحشد المسيحي الذي غابت عنه قيادات من الصف الأول، «وإن كانت بعض الأطراف استغلّت المناسبة وأطلقت هتافات سياسية لم تكن في محلها». وأكد أن «الغياب الإسلامي لا يعني أبداً أن هناك من يعترض على المضامين السياسية التي أوردها الراعي في خطابه بمقدار ما أنه ينم عن رغبة بإخلاء الساحة للمسيحيين ومعهم الحراك المدني ليكون في مقدورهم وبملء إرادتهم تحميل مسؤولية العبث بمشروع الدولة لعون وباسيل وإن كان تجنّب تسميتهما بالاسم». وقال إن عدم الحضور الإسلامي «من العيار الثقيل» كان «في محله لئلا يقال لاحقاً بأن المسلمين يخططون لانتزاع الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية وإضعاف موقعه في التركيبة السياسية، وإنما بواجهة مسيحية». ورأى أن القرار الذي اتخذه «تيار المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» بعدم المشاركة كان صائباً، «وهما يلتقيان في هذا السياق مع القيادات الإسلامية وأبرزهم رؤساء الحكومات السابقة من دون أن ينقطع جميعهم عن التواصل مع الراعي» الذي يلتقي اليوم وفداً من كتلة «المستقبل» النيابية بالنيابة عن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بعد أن التقى سابقاً موفد رئيس «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي. وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أن الحشود المسيحية التي حضرت إلى بكركي للتضامن مع الراعي «أرادت تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية توفير الغطاء السياسي لـ(حزب الله)، وبالتالي فإن المشهد السياسي بعد خطاب الراعي لم يعد كما كان من قبل لأنه فتح الباب على مصراعيه أمام احتمال حصول تحوّل في الشارع المسيحي في مواجهة محور الممانعة، وهذا ما يؤدي إلى حشر عون ووريثه السياسي باسيل، خصوصاً أن الصراع بينهما إلى تفاعل يمكن أن يتطوّر باتجاه تكريس انقسام عمودي بين ساحتين: الأولى يرعاها الراعي والثانية بإشراف مباشر من عون وحلفائه، إلا إذا ارتأوا عدم الدخول في سجال يرفع من منسوب التأزّم بين الساحتين». لذلك، فإن «المستقبل» يحتفظ لنفسه بربط نزاعه بـ«حزب الله»، فيما علاقة الأخير بـ«التقدمي» تأخذ بعين الاعتبار تنظيم الاختلاف من دون أن يلوح في الأفق ما يمهّد للخروج عن هذه الثوابت والشروع في تبادل الحملات حرصاً على ضبط الخطاب السياسي لتطويق إمكانية العودة إلى الاحتقان المذهبي والطائفي، فيما الأبواب ما زالت مفتوحة أمام إخراج عملية تأليف الحكومة من التأزُّم السياسي الذي يحاصرها بقرار من عون وباسيل اللذين يدرسان الآن الخطوات الواجب اعتمادها للرد على بكركي في ضوء ما تردّد بأن «التيار الوطني» يميل إلى تنظيم مهرجان مضاد للمهرجان التضامني مع الراعي. كما تردّد أن «حزب الله» يميل إلى حصر الرد حتى إشعار آخر بفريق رئيس الجمهورية وتياره السياسي، لأن مجرد دخوله كطرف على خط بعبدا - بكركي يمكن ألا يخدم حليفه بعد أن بلغ الفرز في الشارع المسيحي ذروته، ولم يعد ممكناً اللعب على الوتر الطائفي في مواصلة التحريض على الحريري باتهامه بمصادرة ما تبقى من صلاحيات لرئيس الجمهورية بعد أن ارتدّت كرة التعطيل إلى مرماه وبات يفتقد إلى رافعة مسيحية لاسترداد زمام المبادرة.

«المستقبل» يتضامن مع رئيس بلدية طرابلس بعد استدعائه من قبل محافظ الشمال

بيروت: «الشرق الأوسط».... تضامن «تيار المستقبل» مع رئيس بلدية طرابلس (شمال لبنان) رياض يمق، إثر الخلافات بين يمق ومحافظ الشمال رمزي نهرا، على خلفية استدعاء المحافظ لرئيس البلدية لمساءلته حول أحداث طرابلس في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، التي أسفرت عن إحراق مبنى البلدية والمحكمة الشرعية في المدينة. وقال يمق إن نهرا، المقرب من «التيار الوطني الحر»، أساء إليه بعد استدعائه للتحقيق معه حول إحراق مبنى بلدية طرابلس الشهر الماضي، عبر مصادرة هاتفه وحجز حريته في مكتبه، وفق ما أعلن رئيس البلدية، وهو ما نفاه المحافظ لاحقاً. وقال يمق، في مؤتمر صحافي أمس: «هناك تقصير ممن هم في سدة المسؤولية عن طرابلس وكل الشمال، والمحافظ هو المسؤول الأول عن الأمنيين، ويرأس مجلس الأمن الفرعي الذي يرسم السياسات الأمنية في المدينة وكل الشمال، وهو مسؤول عن كل الإدارات والمرافق العامة»، وسأل: «كيف تترك المدينة لمصيرها، سواء في حرق البلدية أو المحكمة الشرعية أو السرايا أو الأملاك الخاصة بدون مراقبة وبدون أمن استباقي». وقال: «يجب عدم تضييع البوصلة، وأعتقد أن التحقيق يجب أن يبدأ من المكان المناسب، وهو المحافظ»، مجدداً التأكيد على استعداده لأي مساءلة، قائلاً: «نحن تحت القانون وليس فوقه». وأثارت القضية تضامناً من «تيار المستقبل» مع يمق، ورأى نائب رئيس «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى أن «أحد أسباب نكبات مدينة طرابلس هو مجموعة من الموظفين الحاقدين على المدينة، الذين يقومون بالتصرف غير اللائق والمخرب أحياناً بشكل واضح على المدينة»، معتبراً أن «الإشكالية الكبرى هي في شخصية من يأتي للمدينة حاملاً الضغائن والدونية، ما يشبه نوعاً ما جنون العظمة، وهما وجهان لعملة واحدة، ومحافظ الشمال أثبت أنه يتمتع بهذه الصفات». وأكد تضامنه مع رئيس بلدية طرابلس من «أجل الحفاظ على أهل المدينة، وقد أخطأت السلطة بإدارة الأمر، وسمحت بحرق المحكمة الشرعية، إضافة إلى مبنى البلدية، لتغطية سوء التصرف وسوء الإدارة، وربما للتغطية على المسؤول الحقيقي عن هذا التخريب». وقال: «أما الإشكال الكبير فهو وجود بضعة أشخاص قاموا بالتخريب، وهم معروفون من قبل الدولة، فوجوههم كانت مكشوفة، والبعض الآخر قطع الطريق على الدفاع المدني، من أجل منعهم من إطفاء حريق البلدية».

قطع طرقات في بيروت احتجاجاً على انقطاع الكهرباء

بيروت: «الشرق الأوسط».... أعادت القوى الأمنية اللبنانية فتح الطرقات التي أقفلها محتجون على انقطاع الكهرباء في العاصمة اللبنانية ومناطق أخرى، إثر التقنين القاسي خلال الأيام الأخيرة. وقطع محتجون طرقات كورنيش المزرعة وسليم سلام ومناطق أخرى في العاصمة اللبنانية، اعتراضاً على انقطاع التغذية الكهربائية التي تدنت في الأيام الأخيرة إلى مستويات كبيرة إثر الشحّ في مادة «الفيول أويل» المشغّلة لمحطات إنتاج الكهرباء في لبنان. واعتبرت عضو كتلة «المستقبل» النائبة رولا الطبش أنه «لا يمكن وضع التقنين الحاد للكهرباء في العاصمة بيروت، كما في كل المناطق اللبنانية، إلا في خانة المافيا التي تتحكم برقاب الناس». وقالت: «أكثر من عقد على تولي البرتقاليين (وزراء يمثلون التيار الوطني الحر) لوزارة الطاقة، مع تعطيل مقصود لأي عملية إصلاحية لمؤسسة كهرباء لبنان أو للقطاع ككل، والنتيجة: مزراب دهب للمافيا، وسرداب قهر للناس!» وتوجهت إلى «المسؤولين عن الظلمة في بيوتنا» بدعوتهم للرحيل، محذرة من أن «مصيرهم زنزانة مظلمة».

 



السابق

أخبار وتقارير.... شعارات حزبية تقسيمية - فتنوية في بكركي.. ودعوة لاستجلاب التدخل الخارجي....بايدن يحذّر إيران من عواقب مهاجمة القوات الأميركية... قال إن بلاده ستواصل حماية مواطنيها... بلينكن: قلقون في شأن عدم تسامح روسيا مع حرية التعبير... هايتي: مقتل 25 وهرب 200 خلال عملية فرار من سجن...ترمب يدعم منافساً لنائب جمهوري صوّت لعزله...رئيس أرمينيا يرفض قرار رئيس الوزراء إقالة قائد الجيش...

التالي

أخبار سوريا.... بعد استهداف سفينتها.. إسرائيل تقصف أهدافاً إيرانية بسوريا....شريكا "الطاولة السورية" يتبادلان استدعاء السفراء.. أي آثار على سوريا؟... انسحابات روسية من سراقب تصدم الموالين..تباين المعطيات حول تحطم مروحية روسية قرب الحسكة... «إم تي إن» الجنوب أفريقية لبيع حصتها في سوريا ...وصفة لخراب سوريا: استراتيجيّة الحرمان من الموارد..مقتل ثلاثة أطفال وإصابة 15 في حريق بمخيم الهول..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,704,928

عدد الزوار: 6,909,480

المتواجدون الآن: 106