فشل محاولات التهدئة في طهران يفتح الباب أمام كل الاحتمالات

تاريخ الإضافة الخميس 19 تشرين الثاني 2009 - 8:32 ص    عدد الزيارات 942    التعليقات 0

        

 

طهران - محمد عيسى
تشير الأنباء الواردة من طهران إلى فشل المحاولات الجارية من أكثر من جهة لتهدئة الأجواء السياسية. وتدل بعض التصريحات من جانب شخصيات مقربة من الوسطاء الذين حاولوا إيجاد صيغة لإعادة لم شمل التيارات الموالية للجمهورية الإسلامية وتجاوز الخلافات التي برزت بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية على فشل، أو على أقل تقدير تعثر، مفاوضات توحيد الصفوف الثورية بسبب الأحداث الأخيرة وتشبث أطراف الخلاف بمواقفها.
في أحد تلك التصريحات أعرب حبيب الله عسكر أولادي، الأمين السابق لحزب المؤتلفة الإسلامي أبرز تكتلات المحافظين التقليديين وأحد رموز المحافظين، عن مواقفه الحيادية الداعية إلى تجاوز الخلافات، معتبراً أن قادة الإصلاحيين المحتجين على نتائج الانتخابات تجاوزوا الخطوط الحمر للنظام، لا بل إنهم أصبحوا هم أنفسهم خطوطاً حمراء لا يسع أحداً أن يشفع لهم. وقال: «أعتقد أن هؤلاء الثلاثة (موسوي، وكروبي وخاتمي) أصبحوا من الخطوط الحمراء للنظام ويجب ألا يشفع لهم أحد».
كان عسكر أولادي قال قبل شهر إن «موسوي وكروبي وخاتمي هم بالتأكيد من أسرة الثورة؛ لم نحصل عليهم بالمجان حتى نخسرهم بالمجان». كما تردد اسمه في وقت سابق بوصفه أحد أركان مجموعة الخمسة من أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام الذين قاموا بكتابة رزمة مقترحات لتجاوز الخلافات في صفوف الساسة الإيرانيين، وقدموها للمرشد للحصول على رأيه؛ وهي المجموعة التي كشف عن محاولاتها هاشمي رفسنجاني قبل شهرين في اجتماع مجلس الخبراء.
من جانب آخر، أعلن المتحدث باسم حركة رجال الدين المناضلين (روحانيت مبارز)، التي تعتبر من أهم التكتلات السياسية لرجال الدين المقربين من المحافظين، إلغاء تشكيل اللجنة السباعية التي كانت الحركة قررت تشكيلها في وقت سابق لدراسة إستراتيجيات الوساطة بين الحركات السياسية في البلاد. وقال حجة الإسلام أحمد سالك لمراسل وكالة أنباء مهر الإيرانية إنه «بالنظر إلى الوضع الحالي والمفاوضات التي جرت مع بعض الرجال (في الساحة السياسية)، فإن تشكيل اللجنة السباعية ليس ضروريا، وبالتالي تم إسقاط هذه المسألة في الوقت الراهن».
وكانت الأطراف السياسية، ولاسيما منتقدي نجاد من المحافظين، تعول كثيرا على دور المجموعة ذات الرمزية الدينية ورئيسها المخضرم آية الله مهدوي كني، في إخماد لهيب الخلافات المتصاعدة في الوسط السياسي الإيراني.
بعض المراقبين يعتقدون أن التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية الإيرانية وعلى رأسها الاضطرابات التي شهدتها البلاد في يوم الطلبة (ذكرى احتلال السفارة الأميركية في طهران)، كان لها دور كبير في تغيير مواقف المحافظين ممن كانوا يحاولون تهدئة الأمور. وبحسب هؤلاء المراقبين فإن التغير المفاجئ في موقف الأمين العام لجبهة أنصار الإمام والمرشد (عنوان الحركة الرئيسية التابعة للمحافظين التقليديين) كان بسبب تطورات ذلك اليوم وتزايد قلق المحافظين من استمرار دعم القادة الإصلاحيين لسلسلة «احتجاجات الشوارع». وهذا يعني فشل المجموعة في التوسط بين الطرفين.
وفي آخر محاولة له، كان عسكر أولادي طالب المحتجين، قبل يوم الطلبة بيوم واحد، بأن يأتوا في هذا اليوم بين الناس ويتخلوا عن خلق الاضطرابات، ليجد الناس بذلك وجها لقبولهم، وقال: «ينبغي لنا أيضا أن نساعد في تهدئة الأوضاع».
محاولات التهدئة وتوحيد الصفوف لم تكن محل ترحيب الجميع في الوسط المحافظ، حيث أثارت حفيظة الجهات المقربة من الرئيس نجاد، وبدأت حركة إعلامية مضادة لها بقيادة جريدة «كيهان» ورئيس تحريرها علي شريعتمداري من جانب ووكالة الأنباء الإيرانية الرسمية(إرنا) من جانب آخر. كانت هذه الأطراف الإعلامية تعتبر هذه المحاولات ألاعيب يقوم بها هاشمي رفسنجاني للالتفاف على وقوف المحافظين إلى جانب المرشد، ولذلك وقفت ضدها بشدة وواجهتها بشراسة.
هذه المجموعة التي كان يصفها عسكر أولادي بـ «المتطرفة»، و«التي تطالب بإعدام قادة الإصلاحيين لدرء الفتنة»، لم تكن تقبل تقديم أي تنازلات أو ترضيات للمحتجين، وذلك لسببين: الأول هو أن أي تنازل سيفتح الباب أمام تقديم تنازلات أكبر في المستقبل، ما سيؤدي إلى تقوية موقف المحتجين ورفع معنوياتهم؛ والثاني هو أن عدم التخلص من الإصلاحيين والمعارضين سيفوت الفرصة على المحافظين للتخلص نهائيا من ألد أعدائهم السياسيين. بعبارة أخرى سيذهب كل الجهد المبذول هباء، وستكون كل الأثمان التي دفعها النظام الإسلامي خلال هذه الأحداث بلا فائدة.
في المقابل، كانت الأطراف المعتدلة في أوساط المحافظين تدافع عن ضرورة الحفاظ على أبناء الثورة ضمن العائلة، وعدم دفعهم إلى خانة المعارضة، خاصة أنهم يمثلون قسما لا يستهان به من المجتمع الإيراني. لكن تكوين القرار في إيران يخضع لعدة اعتبارات؛ منها تطورات ملفي العلاقات الدولية والملف النووي. فهل هذا التغيير في المواقف يعني تغيير المعادلة السياسية الصعبة في إيران؟ أم أنه يدل على نجاح المتشددين في صياغة القرار لصالحهم؟
ومن جانب آخر، يعتقد بعض المتابعين للشأن الإيراني أن تصريحات كبار قادة جبهة الإصلاح، وعلى رأسهم مير حسين موسوي، لتأكيد استمرارهم في الاحتجاج وإعلان عدم القبول بأي صيغة للحل تحاك في الكواليس من دون علمهم واستشارتهم، كانت من أهم أسباب غلبة التيار المتشدد في إضعاف موقف الوسطاء، خاصة بعد رفع شعارت في المظاهرات الأخيرة ضد المرشد، ورفض قادة الحركة الخضراء التخلي عن المحتجين أو اتخاذ موقف صريح ضد بعض شعاراتهم المتطرفة.
هذه التطورات تفتح مرة أخرى أبواب السياسة الإيرانية على مختلف الاحتمالات، ما قد يؤدي إلى عودة الغموض والمخاوف، في وقت تعيش فيه البلاد أجواء أزمة محتملة على الصعيد الدولي، إذا ما ردت بالرفض على المقترح النووي لمبادلة اليورانيوم المخصب.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,120,618

عدد الزوار: 6,754,475

المتواجدون الآن: 101