نظرة إلى تقرير «هيومن رايتس»: الفلسطينيون بين ضربتين

تاريخ الإضافة الخميس 1 تشرين الثاني 2018 - 7:35 ص    عدد الزيارات 1227    التعليقات 0

        

نظرة إلى تقرير «هيومن رايتس»: الفلسطينيون بين ضربتين..

الحياة..ماجد الشّيخ .. بين جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وجرائم القمع السلطوي تلك التي ترتكبها الأجهزة، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، عديد من الروابط الموجهة ضد الفلسطيني، إنساناً فرداً وجماعة أهلية ومجتمعاً، وهوية كذلك، إذا ما اعتبرنا أن السلطة ليس من مهامها الأساس الدفاع عن الهوية كمعطى فردي أو جماعي أو مجتمعي، بمقدار ما تسعى إلى الدفاع عن هيمنتها وسلطويتها وأشكال هويتها الأيديولوجية ومضامينها، واستثمار وظيفتها التسلطية، وجعلها خط الدفاع الأول عن تلك الهوية.
تواجه الهوية الوطنية الجامعة، مخاطر لا تقل عن تلك التي تواجهها من قبل عدو كولونيالي، يسعى لنفي وجود هوية وطنية للأرض، وبالتالي نفي أي حقوق شرعية تاريخية لشعب تلك الأرض، وهذا هو حال المسألة أو القضية الوطنية الفلسطينية، التي نشأت بفعل استعمار استيطاني، يسجل مشروعه التهويدي نجاحات تتواصل حتى اليوم. نسوق هذا الكلام اليوم ليس على خلفية سياسية، بل على خلفية حقوقية وقانونية، بمناسبة صدور تقرير المنظمة العالمية «هيومن رايتس ووتش»، الذي فضحت فيه عمليات القمع والإرهاب البوليسي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية لسلطتي المقاطعة والقطاع في فلسطين. حيث لخص طوم بورتيوس نائب مدير البرامج في «هيومن رايتس ووتش» الأمر بقوله: «بعد مرور 25 سنة على اتفاقات أوسلو، تمارس السلطات الفلسطينية سلطة محدودة في الضفة الغربية وغزة، ولكنها أنشأت كيانات بوليسية موازية في المناطق التي تتمتع بحكم ذاتي. ومع الاستمرار في سحق المعارضة، بقيت دعوات المسؤولين الفلسطينيين إلى احترام حقوق الشعب مجرّد تصريحات جوفاء». التقرير بشهاداته الحية، يكشف الواقع المر والمزري لحال الفلسطيني، وهو يواجه ازدواجية القمع والإرهاب والحصار والتعذيب، إلى جانب ما يعانيه من حصارات وقتل وتهويد واستيطان، يواصل اقتلاع الإنسان وابتلاع واغتصاب المزيد من الأراضي والممتلكات الفلسطينية، في وقت ينبغي على أهل السلطتين تنظيم فعاليات هدفها الحد من تغول سلطات الاحتلال وقطعان مستوطنيها، ومواجهة مخططات التهويد والأسرلة، بدل التلهي بمنح «كارت بلانش» للأجهزة الأمنية لإحصاء أنفاس الناس، وإسكات أصواتها وقمعها وضربها وسحلها ومراقبة كل صغيرة وكبيرة، ومنع الإدلاء بأي رأي مخالف للسلطة، أو حتى ما يشتم منه كونه كذلك، وعلى الشبهة: شبهة الاختلاف في الرأي، أو شبهة الإدلاء برأي مغاير، وقد بتنا نتحسر على «ديموقراطية غابة البنادق» التي سادت ردحاً من زمن الثورة، حتى في ظل عديد من ممارسات قمعية يومها، وها نحن نبكي دماً على لاديموقراطية السلطة وأهل السلطة في زمن الكيان السلطوي الجائر على شعبه، فيما العدو يستخدم ويوظف كل هذا في ذم الفلسطينيين بصفتهم شعباً لم يستطع رغم «السنوات الثورية» أن ينشىء كياناً بديلاً للاحتلال ولكياني السلطة المنقسمة والمنفصلة والمنفصمة، فأي دولة يمكن أن تنشأ بمقدمات ومبادرات سلطوية استبدادية كهذه، لا تقدم خدمة لذاتها بمقدار ما تقدم الخدمة ذاتها لمصلحة أعدائها الكولونياليين؟...
التقرير الذي يتكون من 159 صفحة، ونشر بعنوان «سلطتان وطريق واحدة ومعارضة معدومة، اعتقالات اعتباطية وتعذيبات في ظل حكم السلطة الفلسطينية وحكم حماس»، يفصّل كيف أن النظامين الفلسطينيين الداخليين، بصورة مشابهة، يقمعان معارضين سياسيين وصحافيين. وبحسب التقرير، النظامان يستخدمان الاعتقالات الاعتباطية، ويجرّمان الأقوال الانتقادية في الشبكات الاجتماعية، ويهاجمان المتظاهرين ويتبعان أساليب تعذيب قاسية من أجل نزع اعترافات من المعتقلين ومن أجل ردع الآخرين. استعان المحققون في إعداد التقرير بما تبقى من منظمات حقوق إنسان فلسطينية، سبق أن طوردت وحوصرت وجرى التضييق عليها وقمع أعضائها ما قادهم إلى الإحباط، إلى جانب منظمات حقوقية تعمل سواء في مواجهة السلطات في رام الله أو في مواجهة السلطات في غزة. وفي تناوله التحقيق، قال شعوان جبارين مدير منظمة «الحق»، منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية التي أسست في 1979: «إن حقيقة خرق إسرائيل منهجياً الحقوقَ الأساسية الفلسطينية، ليست سبباً للصمت إزاء القمع المنهجي للمعارضة السياسية وإزاء التعذيبات التي تمارسها الأجهزة الأمنية الفلسطينية»، فما يسمى لدى النظام الكولونيالي الإسرائيلي «طهارة السلاح» تبريراً لكل الأعمال الإجرامية الوحشية ضد الفلسطينيين في بلادهم، لا ينبغي ولا يجب أن يقابلها مطلقاً أزعومة «طهارة السلاح الأمني الفلسطيني» ضد مواطنيهم الذين لهم ما لهم في مواجهة الاحتلال، وعليهم ما عليهم في مواجهة القمع السلطوي وإرهاب المتسلطين وسلطات لا حق لها في السلطة. أخيراً، تمكن الإشارة إلى إحدى الشهادات الهامة الواردة في التقرير، وتلخص الواقع المر للفلسطينيين تحت الاحتلال، «أعيش في بلد يحظر فيه التعبير عن رأيي. هذا ما لم نكن لنحلم به على الإطلاق. لا أعتقد أن هناك فلسطينياً يقبل بأن يذهب كل هذا النضال، وكل سنوات حياتنا، ليس فقط نحن، بل أيضاً من سبقونا، حتى يكون لدينا في النهاية نظام حكم اتخذ شكل الديكتاتورية. لا يمكن أن يكون... من المؤلم جداً أن يكون لدينا نظام قبل أن تكون لنا دولة. مشكلتنا مع السلطة الفلسطينية هي أنهم يبنون قوات الأمن ويسيطرون على الناس، بينما لا نسيطر حتى على حاجز».....

انعدام فرص السلام نتيجة حتمية لسلبية ترامب تجاه الفلسطينيين

سارة يركيس

الحياة...النصّ ينشر مع موقع «ديوان» التابع لـ «مركز كارنيغي للشرق الأوسط»

في مطلع أيلول(سبتمبر)، حظّرت الولايات المتحدة على الفلسطينيين من الوصول إلى آخر ما تبقّى لهم من المساعدات الأميركية، والمتمثّل في الصندوق الإسرائيلي- الفلسطيني لتمويل المصالحة بين الشعبين (P2P) الذي يُدار من طريق مكتب إدارة وتخفيف حدّة النزاعات (CMM) التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وبرنامج المصالحة بين الشعوب أطلقه الكونغرس عام 2004 من أجل «دعم برامج ونشاطات المصالحة والتخفيف من حدّة النزاعات، التي من شأنها جمع شمل الأشخاص من مختلف الخلفيات الإثنية أو الدينية أو السياسية في مناطق النزاعات الأهلية والحروب». هذا البرنامج السنوي للهبات البالغة قيمته 26 مليون دولار أميركي هو برنامج عالمي، إنما في كل عام يطلب الكونغرس من الإدارة الأميركية إنفاق نحو عشرة ملايين دولار أميركي تحديداً على برامج المصالحة بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ما يجعل الولايات المتحدة أكبر مموِّل لهذه النشاطات. ومعروف أن الكونغرس يقدّم دعماً كبيراً لبرامج مكتب إدارة النزاعات، وقد صوّت المسؤولون عن توزيع مخصصات الموازنة على زيادة الحصة الإسرائيلية- الفلسطينية من المنح التي يُقدّمها مكتب إدارة النزاعات، بنسبة 20 في المئة (حتى 12 مليون دولار أميركي) للسنة المالية 2018. لكن في خطوة تتعارض مع دعم الرئيس دونالد ترامب المعلَن لتسوية سلمية للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، أعلنت الإدارة الأميركية أنه لم يعد ممكناً تخصيص أموال مكتب إدارة النزاعات لتمويل نشاطات عابرة للحدود، مع العلم بأن هذه النشاطات تستحوذ تقليدياً على ثلثَي برامج المكتب في المساحة الإسرائيلية- الفلسطينية، مع تخصيص الثلث المتبقّي لبرامج مجتمعية مشتركة داخل إسرائيل. وعلى رغم أن البرامج الإسرائيلية الداخلية مهمّة، إلا أنها لا تُمثّل سوى جزء صغير من عمل المجتمع المدني الذي يُعتبَر أساسياً لردم الهوة الجغرافية والنفسية الشاسعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين داخل الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية وإسرائيل وعبرها، وهو أمرٌ ضروري لإرساء سلام دائم.
في الأشهر الأخيرة، شنّت إدارة ترامب سلسلة من الأعمال الانتقامية ضد السلطة والشعب الفلسطينيين، بدءاً من إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن مروراً بقطع التمويل الأميركي عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، التي تُعنى باللاجئين الفلسطينيين، وصولاً إلى وقف الدعم لشبكة المستشفيات في القدس الشرقية. غير أن إلغاء التمويل لبرامج المصالحة بين الشعوب العابرة للحدود قد يكون من الأكثر إلحاقاً بالضرر لآفاق السلام، علماً بأنه من أكثر الإجراءات المماثلة التي يتم التعتيم عليها.

فلماذا تُعتبَر هذه البرامج مهمة؟
أولاً، بإمكان مجموعات المجتمع المدني أن تحقق أموراً تعجز عنها الحكومات أو لن تبادر إلى القيام بها. وإذا كانت إدارة ترامب جادّة بشأن رغبتها في جعل التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط حجر زاوية في إرثها، يجدر بها أن تتعلّم الدروس المستمدّة من اتفاقات أوسلو. لقد مُنيت هذه الاتفاقات بإخفاق جزئي لأن الجمهورَين الإسرائيلي والفلسطيني لم يكونا مستعدَّين للسلام. ويحاول برنامج مكتب إدارة النزاعات التخفيف من وطأة هذه المشكلة، عبر العمل على بناء شروط إيجابية للسلام على المستوى المجتمعي، وذلك بغض النظر عن وضع المفاوضات.
علاوةً على ذلك، لا يتمتع المسؤولون الحكوميون بالإمكانات، سواء القانونية أو اللوجستية، للقيام بالعمل الإبداعي على مستوى القاعدة الشعبية والذي يُعتبَر أساسياً لإحداث تغيير حقيقي على الأرض وتوليد الظروف المواتية من أجل التوصل إلى تسوية دائمة للنزاع. لهذا، ينبغي على إدارة ترامب أن تُبدي دعماً حماسياً للجهات التي تحصل على تمويل من مكتب إدارة النزاعات.
ثانياً، يُبدي الشباب الذين يُشكّلون جزءاً كبيراً من المستفيدين من منح مكتب إدارة النزاعات، استعداداً للمجازفة لا يُظهره سواهم. وقد كنتُ شاهِدة على ذلك مرات كثيرة، عندما كنت أعمل في مكتب الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
مثلاً، في خضم حرب غزة في العام 2014، عندما كانت التشنجات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في أوجها، التقيتُ الأب جوش توماس، مدير منظمة «أطفال من أجل السلام» (Kids4Peace)، التي تستفيد من المنح التي يُقدّمها مكتب إدارة النزاعات، والتي تُشرِك شباباً، يهوداً ومسيحيين ومسلمين، وذويهم في القدس في برامج للتبادل بين الأديان على مدار العام. وقد فوجئت عندما أخبرني توماس بأنه على رغم الحرب الدائرة آنذاك، رفض المشاركون الصغار التوقّف عن اللقاء. وفي حين أن التباعد كان يزداد بين عدد كبير من الإسرائيليين والفلسطينيين بدافع الغضب والكراهية، وهو أمرٌ مفهوم، بذلت برامج المصالحة بين الشعوب العابرة للحدود مجهوداً مضاعَفاً لبناء ثقافة من التسامح والمصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبين المسلمين والمسيحيين واليهود.
ثالثاً، لم يتخلَّ الأشخاص في طرفَي النزاع عن الأمل. ففي حين أن النسبة المئوية للإسرائيليين والفلسطينيين الذين يدعمون حل الدولتَين تراجعت قليلاً في الأعوام القليلة الماضية، إلا أن عدد المتقدّمين بطلبات لمكتب إدارة النزاعات والمستفيدين منه ونطاقهم يستمران في النمو، وقد تمكّنت بعض المنظمات العابرة للحدود من تحقيق زيادة كبيرة جداً في حجمها وانتشارها بفضل التمويل من المكتب. وغالباً ما ينسى المفاوِضون أنه في حين أن القادة هم مَن يخطون ربما معاهدات السلام، لا يُصنَع السلام على طاولة المفاوضات، بل في الشارع.
السبب المعلَن الذي ذكرته إدارة ترامب لوقف مختلف أشكال الدعم للفلسطينيين هو أن خسارة التمويل ستُرغم السلطة الفلسطينية على الجلوس صاغرةً إلى طاولة المفاوضات. لكن غالب الظن أن هذه المقاربة القائمة على استخدام العصا الثقيلة سيكون مصيرها الفشل. يجب أن تكون مجموعات المجتمع المدني العابرة للحدود الحليف الأقوى للإدارة الأميركية، لا عدوّتها. وتوجّه الولايات المتحدة، عبر تخلّيها عن استثمارها الصغير في الشعبَين الإسرائيلي والفلسطيني، إشارة مدوّية جداً إلى أن «عملية السلام» التي تروّج لها زائفة.
نظراً إلى موقف الإدارة الأميركية المؤذي لكل ما هو فلسطيني، من غير المرجّح أن تُبدّل موقفها من برامج المصالحة بين الشعوب العابِرة للحدود في أي وقت قريب. لكن ما يُثير القلق أكثر هو الخشية من أن يتجاوب الكونغرس مع إعلان الإدارة الأميركية عبر إلغاء كامل الحصّة الإسرائيلية- الفلسطينية في البرنامج. في حين أن حظر المنَح للفلسطينيين قد يكون «مناقضاً للتقليد المتّبع في التمويل ولنيّة الكونغرس»، ووفق ما قال أحد كبار موظّفي مجلس الشيوخ المعنيين بالبرنامج، فإن الإبقاء على دفق التمويل مفتوحاً للبرامج الاجتماعية المشتركة، يُعزّز إلى حد كبير احتمالات إضافة البرامج العابرة للحدود من جديد في المستقبل، عندما تتغيّر الإدارة الأميركية (أو يتبدّل موقفها).
لكن في حال قرّر الكونغرس إلغاء الحصة الإسرائيلية- الفلسطينية في التمويل الذي يُقدّمه مكتب إدارة النزاعات، فسوف يتسبّب بالقدر ذاته من الأذى الذي ألحقته الإدارة الأميركية بالمنظمات والأشخاص الذين يواظبون على العمل يومياً من أجل السلام.


 

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,148,234

عدد الزوار: 6,936,925

المتواجدون الآن: 99