خطوة «دافئة» للتقارب بين أنقرة وأثينا وسط الكارثة..

تاريخ الإضافة الإثنين 13 شباط 2023 - 5:45 ص    عدد الزيارات 496    التعليقات 0

        

مطاعم تركية تطلق حملة تضامن لمساعدة المشرّدين جراء الزلزال..

غازي عنتاب: «الشرق الأوسط»... يصطف نازحون أتراك شرّدهم الزلزال في ظل درجات حرارة جليدية في غازي عنتاب، لتلقي وجبة ساخنة تقدّمها بعض المطاعم ضمن حملة تضامن في هذه المدينة الواقعة في جنوب البلاد. وقال أجدي غونيس، أحد النازحين: «إن طوابير الانتظار لا تنتهي، لكن المطاعم قدّمت أكثر بكثير مما قدّمته الحكومة». وقد وزَّع مطعم إمام تشاداش في غازي عنتاب، نحو أربعة آلاف طبق مجاناً منذ الزلزال الذي أودى بحياة 28 ألف شخص في تركيا وسوريا حتى الآن، على ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية صباح الأحد. وأوضح برهان تشاداش ابن مالك المطعم قائلاً: «نعدّ أطباقاً سهلة التحضير والتقديم وساخنة لمواجهة البرد مثل المعكرونة والحساء منذ الصباح». وأضاف أن المطعم يعد كل يوم أربعة أو خمسة أطباق متنوعة، مشيراً إلى أنه «إذا لم يكن لدينا ما يكفي من المكونات، فإن مطاعم أخرى توفرها لنا. إنها تعرف أن الأمر يتعلق بمساعدة أشخاص محتاجين». وقُتل نحو ألفَي شخص في الزلزال الذي ضرب غازي عنتاب، قرب مركز الزلزال، فيما اضطر عشرات الآلاف من السكان لمغادرة شققهم التي تعد الآن غير آمنة. وبسبب نقص المكونات، لم يعد مطعم إمام تشاداش قادراً على تقديم الأطباق التي اشتهر بها، لكنه ما زال يقدّم الحساء التركي أو «التافا»، المعدّ من طماطم وبصل ولحم وتوابل. وقال تشاداش: «يجد موظفونا أنفسهم في وضع صعب جداً؛ فقد وقع ضحايا من عائلاتهم، ودمرت منازلهم». وتنام عائلة برهان تشاداش نفسه في السيارات منذ يوم الاثنين. لكن موجة التضامن أقوى من كل الظروف. وأوضح تشاداش: «نريد المساعدة». وحذت مطاعم ومقاهٍ أخرى في غازي عنتاب حذو إمام تشاداش. ويصطف مئات النازحين ظهر كل يوم أمام «فيرينو»، وهو مقهى عصري يقع عند سفح قلعة غازي عنتاب التي انهارت أبراجها خلال الزلزال. وفي مطعم «كاليالتي» الواقع أيضاً في الحي السياحي في غازي عنتاب، يُقدم نحو ثلاثة آلاف طبق حساء يومياً مع الخبز. وقال مدير المكان الذي يدعى برهان أيضاً: «سنستمر فيما نقوم به ما دامت الأزمة قائمة، حتى لو استمرت لأسابيع». وقد انضمت الأعمال الصغيرة أيضاً إلى الحملة. وقال هيدير نيماشيك الذي يدير كشكاً صغيراً لبيع الكباب مع زوجته في منطقة شاهين بيه في غازي عنتاب: «نقدم 200 وجبة كباب يومياً». ويصطف الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى في طوابير للحصول على الغذاء في المتنزّه، حيث تمضي بعض العائلات الليالي في البرد. وأرسلت مدن من كل أنحاء البلاد شاحنات مليئة بالمواد الغذائية والماء إلى المناطق المتضررة من الزلزال. وقال دنيز إردو أوغلو الذي يعيش في خيمة مع زوجته وأطفالهما الأربعة: «أقف في الطابور مرة واحدة في اليوم، لكن من أجل تناول العشاء مع أطفالي نبحث عن مطعم: الأطباق المقدمة هناك أفضل بكثير». ويبيع البعض ماشيتهم كذلك ليتمكنوا من مساعدة النازحين، على غرار شاريغول كاتشان (70 عاماً) القادمة من محافظة قارص (شرق)، حيث باعت بقرة مقابل 13 ألف ليرة تركية (650 يورو) لإرسال الأموال إلى ضحايا الزلزال، وفق وسائل إعلام تركية. ومثلها، باعت نظيمة كيليتش التي كانت ضحية زلزال 1983 في أرضروم (شرق)، ثَوْرها مقابل 23 ألف ليرة (1145 يورو). ونقلت عنها وسيلة إعلام تركية قولها: «لديّ ثمانية أطفال، أطلب منهم دائماً مساعدة الآخرين قدر المستطاع».

تركيا تكثف تحقيقاتها في انهيار المباني وتأمر باعتقال 113

أحد المتورطين يدافع عن نفسه: حصلنا على جميع التراخيص

أنقرة: «الشرق الأوسط»..تعهدت تركيا مجدداً، الأحد، بإجراء تحقيق مستفيض مع أي شخص يُشتبه بمسؤوليته عن انهيار المباني في الزلازل المدمرة التي وقعت قبل أسبوع تقريباً، كما أمرت بالفعل باحتجاز 113 من المشتبه بهم. وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن السلطات حددت هوية 131 مشتبهاً بهم حتى الآن «باعتبارهم مسؤولين عن انهيار بعض آلاف المباني التي سويت بالأرض في الأقاليم العشرة المتضررة». وقال للصحافيين في «مركز تنسيق إدارة الكوارث» في أنقرة: «صدرت أوامر باعتقال 113 منهم». وأضاف «سنتابع هذا الأمر بدقة إلى أن تنتهي العملية القضائية اللازمة، خصوصاً بالنسبة للمباني التي لحقت بها أضرار جسيمة، والمباني التي تسببت في سقوط قتلى وجرحى». وقال إن وزارة العدل أنشأت مكاتب تحقيق في جرائم الزلزال بالأقاليم المتضررة، للتحري بشأن حالات الوفيات والإصابات. وقال وزير البيئة مراد قوروم، إن عدد المباني التي انهارت، أو تضررت بشدة بسبب الزلزال يبلغ 24921 مبنى، وذلك استنادا إلى تقييم أكثر من 170 ألف مبنى. واتهمت أحزاب المعارضة حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «بعدم تطبيق لوائح البناء، وسوء إنفاق أموال الضرائب التي فُرضت بعد الزلزال المدمر الذي هز البلاد عام 1999 من أجل تعزيز مقاومة المباني للزلازل». وقال إردوغان ردا على ذلك إن «المعارضة لا تنطق سوى بالكذب، وتنشر الافتراءات لتشويه سمعة الحكومة، وعرقلة الاستثمار بدلا من مواجهة الفساد في الأقاليم التي تديرها». وفي السنوات العشر السابقة لعام 2022 تراجعت تركيا 47 مرتبة في مؤشر مدركات الفساد التابع لـ«منظمة الشفافية الدولية» لتصل إلى المرتبة 101 بعد أن كانت في المرتبة 54 من بين 174 دولة في عام 2012. وأفادت «وكالة الأناضول للأنباء»، بأن ممثلي الادعاء في أضنة أمروا باحتجاز 62 شخصا في إطار تحقيق متعلق بانهيار مبان، فيما سعى ممثلو الادعاء إلى اعتقال 33 شخصا في ديار بكر للسبب نفسه. وأضافت الوكالة، أن ثمانية أشخاص اعتُقلوا في شانلي أورفا، وأربعة في عثمانية لما يتعلق بالمباني المنهارة، التي يُعتقد أن عيوبا كانت تشوبها مثل إزالة أعمدتها. وقالت، إن الشرطة ألقت القبض على مطور عقاري لمجمع سكني انهار في أنطاكية مع استعداده لركوب طائرة بمطار إسطنبول متجها إلى الجبل الأسود مساء يوم الجمعة. وجرى احتجازه رسميا السبت. وانتهى بناء المجمع السكني الراقي المكون من 12 طابقا قبل عشر سنوات، ولم ترد معلومات عن القتلى في المبنى الذي كان يضم 249 شقة. وأفادت «وكالة الأناضول»، بأن المعتقل أبلغ ممثلي الادعاء، بأنه لا يعرف سبب انهيار المجمع السكني، وأن رغبته في الذهاب إلى الجبل الأسود لا علاقة لها بذلك. ونقلت عنه قوله في بيان: «نفذنا جميع الإجراءات المنصوص عليها في اللوائح... وحصلنا على جميع التراخيص».

خطوة «دافئة» للتقارب بين أنقرة وأثينا وسط الكارثة..

أعمال بحث وإنقاذ مكثفة... وعدد الضحايا يستمر بالتصاعد في اليوم السابع لزلزال تركيا

الشرق الاوسط...أنقرة: سعيد عبد الرازق.. خيّم الحزن والألم على المناطق المنكوبة بالزلزال في 10 ولايات في جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا في اليوم السابع للزلزالين المدمرين اللذين ضربا تلك الولايات، من مركزيهما في بازاجيك وإلبيستان، فجر الاثنين الماضي، بقوة 7.7 و7.6 على التوالي... بينما واصلت فرق البحث والإنقاذ عملها بشكل مكثف، وسط آمال ضئيلة في العثور على ناجين تحت الأنقاض. وتلقت تركيا رسالة تضامن قوية من جارتها اليونان، بزيارة وزير خارجيتها لبعض المناطق المتضررة جنوب تركيا. وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية ارتفاع حصيلة الوفيات جراء كارثة الزلزالين إلى 29 ألفاً و605 أشخاص، فضلاً عن إصابة 80 ألفاً و278 شخصاً. وقالت الإدارة، في بيان أمس (الأحد)، إنه تم إجلاء 147 ألفاً و934 شخصاً من مناطق الزلزال إلى ولايات أخرى، مشيرة إلى وقوع 2412 هزة ارتدادية في جنوب البلاد، عقب الزلزالين العنيفين اللذين كان مركزهما ولاية كهرمان ماراش. وواصلت فرق البحث والإنقاذ جهودها المكثفة بآمال ضئيلة في العثور على ناجين تحت الأنقاض، وبدأ بعض الفرق ينتظر وصول بلاغات عن سماع أصوات تحت الأنقاض. وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال الطفل سميح إنجي (8 سنوات) من تحت الأنقاض في بلدة نورداغي بولاية غازي عنتاب بعد مضي 155 ساعة من الزلزال، ونقل الطفل المصاب إلى المستشفى، مع 6 أشخاص آخرين، تم إخراجهم من تحت أنقاض ذات المبنى. كما تم انتشال شخص من تحت الأنقاض في أديامان، بعد مرور 153 ساعة على وقوع الزلزال، كما أخرجت فرق الإنقاذ عجوزاً تبلغ من العمر 64 عاماً تدعى مُزين أوفكالي من تحت أنقاض مبنى في بلدة دفنة في هطاي، بعد 150 ساعة على وقوع الزلزالين المدمرين في ولاية هطاي، جنوب تركيا. وقبلها بساعة واحدة، نجحت فرق الإنقاذ في إخراج شاب يدعى مصطفى صاري غل (35 عاماً) على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى مؤلف من 6 طوابق في مدينة أنطاكيا، بعد جهود استمرت نحو 5 ساعات، بدعم من عناصر الجيش التركي وفرق قادمة من رومانيا. وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال الطفلة أيلول كيلتش، على قيد الحياة من تحت الأنقاض، الأحد، بعد 146 ساعة على الزلزال، في بلدة نزيب بولاية غازي عنتاب، بعد رصد صوت تحت أنقاض مبنى مؤلف من 6 طوابق، بعد جهود استغرقت نحو 9 ساعات. كما تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال امرأة حامل وشقيقها من تحت الأنقاض في بلدة نارليجا بولاية هطاي بعد مضي 140 ساعة على كارثة الزلزال. ونجحت فرق الإنقاذ في كهرمان ماراش في إخراج مسنة تدعى منكشة تاباك (70 عاماً). وأعلن وزير التعليم التركي محمود أوزار أن الدراسة ستستأنف في جميع المدارس في 71 ولاية تركية في 20 فبراير (شباط) الحالي، وفي الولايات العشر التي ضربها الزلزال في الأول من مارس (آذار) المقبل، بعد أن تقرر تعليق الدراسة عقب الزلزال. وكانت تركيا أعلنت عن تعطيل الدراسة وجهاً لوجه في الجامعات، واستئنافها عن بعد، وذلك من أجل استيعاب جانب من المتضررين من الزلزال في المساكن الطلابية. وقالت منظمة الصحة العالمية إن عدد المتضررين جراء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، الأسبوع الماضي، بلغ نحو 26 مليون شخص، محذرة من تضرر عشرات المستشفيات. وأطلقت المنظمة نداء عاجلاً، السبت، لجمع 42.8 مليون دولار لمساعدتها في تلبية الاحتياجات الصحية الطارئة والكبرى. وكانت المنظمة خصصت بالفعل 16 مليون دولار من صندوق الطوارئ التابع لها، وأفادت بأن عدد المتضررين من جراء الزلزال بلغ نحو 23 مليون شخص، لكن هذا العدد ارتفع السبت إلى 26 مليوناً، 15 مليوناً في تركيا، و11 مليوناً في سوريا. وأفادت المنظمة بأن أكثر من 5 ملايين من هؤلاء يعتبرون من بين الأكثر عرضة للخطر. وبينهم نحو 350 ألف مسن، وأكثر من 1.4 مليون طفل.

تضامن من اليونان

إلى ذلك، استقبل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأحد، نظيره اليوناني نيكوس ديندياس، في ولاية أضنة جنوب البلاد، بعد وصوله إلى مطار شاكر باشا في أضنة، وتفقد معه بعض المناطق التي ضربها الزلزال في الولاية، التي كانت إحدى الولايات التي ضربها زلزالا الاثنين الماضي، إلى جانب كهرمان ماراش، أديامان، هطاي، كيليس، عثمانية، مالاطيا، شانلي أورفا، غازي عنتاب، ديار بكر، ثم تفقدا بعض المناطق في ولاية هطاي. وأشاد أوغلو، في تصريحات مع نظيره اليوناني، من داخل أحد مخيمات المتضررين في هطاي، بعمل فرق البحث والإنقاذ اليونانية، قائلاً: «نود أن نشكر فرق البحث والإنقاذ اليونانية. منذ يوم وصولهم، بذلوا جهوداً على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. يتجلى حسن الجوار في مثل هذه الأيام». وأضاف أن اليونان «كانت من أولى الدول التي سارعت لعرض المساعدة بعد كارثة الزلزال، وأرسلت على الفور فرق البحث والإنقاذ، التي جلبت المساعدات الإنسانية إلى تركيا عبر كثير من الطائرات». واعتبر أن زيارة ديندياس لمناطق الزلزال «تعكس تضامن اليونان وشعبها مع تركيا». ولفت أوغلو إلى أنه في عام 1999 وقع زلزال في تركيا، ثم في اليونان بفارق نحو شهر، مشيراً إلى أن البلدين «هرعا وقتها لمساعدة بعضهما، ومجلة التايم أعدت خبراً عن الموضوع في ذلك الوقت»، وهو لم يكن سياسياً في حينه، فبعث رسالة إلى المجلة، نشرتها لاحقاً... وأوضح أنه كتب فيها ما مفاده: «من المهم أن نساعد بعضنا البعض في الأوقات الصعبة، لكن لا يتعين علينا انتظار زلزال آخر وكارثة أخرى لتطوير علاقاتنا». وأكد أنه لا يزال يتبنى هذا الرأي، وقال: «آمل أن نبذل جهداً لمعالجة الخلافات في وجهات النظر بيننا أيضاً بشكل صادق عبر الحوار». وأعرب عن امتنانه لديندياس، الذي وصفه بـ«الصديق»، ولليونان حكومة وشعباً على تضامنهما مع تركيا في هذه الأيام العصيبة. وأعرب وزير الخارجية التركي عن أمله «بأن يبذل البلدان قصارى جهودهما لتحسين العلاقات بينهما عبر الحوار، برغم وجود تباين في وجهات النظر»، مشيراً إلى أن تحسين العلاقات بين البلدين «غير مرتبط بموقف من حدث معين، مثل كارثة الزلزال، إنما علينا أن نعمل معاً من أجل علاقات قائمة على حسن الجوار»، وهو ما أيّده الوزير اليوناني الذي أكّد اتفاقه مع نظيره التركي على «أن العلاقات لا تتوقف على أحداث بعينها». وأكد ديندياس وقوف اليونان مع تركيا في محنتها، مشيراً إلى «أن فريق الإغاثة اليوناني أنقذ 50 مواطناً تركياً». وقال: «سنواصل بذل ما بوسعنا على المستوى الثنائي، أو في الاتحاد الأوروبي، لتجاوز هذه الأيام الصعبة». وقام الوزيران بجولة على متن مروحية في المناطق المنكوبة، وزارا أنطاكيا في هطاي حيث يشارك عمال إنقاذ يونانيون في عمليات البحث والإغاثة. وعلى الرغم من خصومة تعود لقرون، كانت اليونان من أوائل الدول الأوروبية التي أرسلت عمال إنقاذ ومساعدات إنسانية إلى البلد المجاور، بعد ساعات فقط على وقوع الكارثة. وتحدث رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاثنين، عبر الهاتف مع الرئيس رجب طيب إردوغان لعرض «مساعدة فورية». وأرسلت الحكومة اليونانية حتى الآن 80 طناً من المساعدات الطبية ومعدات الإسعافات الأولية إلى تركيا.

مدن الخيام تسلب غازي عنتاب جمالها

قرى تحولت لأطلال ومدن فقدت معالمها في القلعة الثامنة لاقتصاد تركيا

الشرق الاوسط...غازي عنتاب (جنوب تركيا): سعيد عبد الرازق.. دمار ومآسٍ ومشاهد مؤلمة... وقرى اختفت من الوجود وبلدات تحولت إلى مدن أشباح... وجهود مستمرة لفرق البحث والإنقاذ تمسكا بالأمل في العثور على ناجين تحت آلاف الأطنان من ركام المباني المدمرة في غازي عنتاب إحدى الولايات العشر التي ضربها الزلزال. غابت ملامح قرى وبلدات أهمها «إصلاحية» و«نورداغي»... انقطعت الطرق وحلت الخيام والحاويات محل البيوت، باتت قرى بأكملها أطلالا يبكي أهلها أيامهم الخوالي فيها، فلم يعد بإمكانهم أن يدخلوها بعدما حولها الزلزال المدمر إلى أثر من بعد عين. أصحاب البيوت يرفضون الابتعاد عن أطلالها... تجلس «نورشان كوجا» أمام منزلها الريفي المحطم تعاني أحزان فقد كل ما كانت تملك، والصقيع الذي لا يرحم ولا يعبأ بحال من تضرروا من الزلزال ويقضون أيامهم في الشوارع. قالت كوجا التي تقطن قرية «أطالار» التي أزيلت بشكل شبه كامل بفعل الزلزال المدمر إنها فقدت كل شيء. تتحدث والدموع تملأ عينيها: «فقدنا كل شيء... لا نعرف شيئا عن أقاربنا... دُمر بيتنا وغالبية بيوت القرية وانقطعنا عن العالم... لم يصل إلينا أحد... نقاوم البرد القاسي وننتظر أن تصل إلينا المساعدة... لم يقوموا بنصب الخيام في قريتنا ولا طعام ولا ماء ولا كهرباء». بعض الناس في المناطق التي ضربها الزلزال في غازي عنتاب يحاولون مواصلة الحياة رغم الظروف القاسية متشبثين ببيوتهم، بعضهم يتجرأ أحيانا على دخول البيوت التي لم تتهدم بشكل كامل للحصول على بعض الاحتياجات. في أول يومين لزلزال فجر الاثنين الماضي، قطع الطريق الرئيسي بين أضنة وغازي عنتاب، وتدمرت الطرق التي تربط نورداغي وعزلت عن العالم الخارجي، وكذلك بات من الصعب الوصول إلى إصلاحية ونزيب وغيرهما. وبينما كانت «الشرق الأوسط» تتجول من منطقة إلى أخرى، كانت فرق الإنقاذ تعمل بكل طاقتها في اليوم السابع بعد الزلزال... مئات عمال المناجم تطوعوا للعمل مع فرق الإنقاذ، ونجحت جهودهم، بعد عمل محموم في انتشال الطفلة «إيكرا أرسلان» البالغة من العمر 13 عاماً في ساعة متأخرة من ليل السبت بعد أن أمضت 138 ساعة تحت أنقاض مبنى منهار في شارع «ياووز سليم». انتشرت الفرق في 21 نقطة في نورداغي، والتقطت أصواتا من تحت الأنقاض... إذن فلا يزال هناك أحياء... وبين وقت وآخر، كان أعضاء فرق الإنقاذ يطلبون الصمت، ما يعني أن أجهزة الاستشعار التقطت صوتا أو حركة... وعليه يبدأ العمل المكثف الذي يستغرق ساعات من أجل إخراج من يوجد حيا من تحت الأنقاض. بعد الزلزال العاتي، امتدت أيادي المساعدة لمداواة الجروح في منطقة نورداغي، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 41 ألف نسمة، وقامت إدارة الطوارئ والكوارث التركية والهلال الأحمر ومنظمات مدنية أخرى بإنشاء منطقة للخيام، ثم بدأ العمل في محطة للحاويات في المنطقة، وحلت مشكلة الطعام والشراب، لكن لا تزال الشكاوى مستمرة من نقص دورات المياه والتدفئة بسبب قسوة الجو، ودرجات الحرارة التي عادة ما تكون تحت الصفر في النهار، وتزداد هبوطا في الليل. وفي بلدة نزيب، الواقعة على بعد 45 كيلومترا من مركز مدينة غازي عنتاب التي يفوق عدد سكانها 96 ألفا، كانت فرق الإنقاذ تعمل بكل طاقتها في مواجهة تلاشي الأمل مع مرور الساعات، ونجحت بالفعل في انتشال الطفلة أيلول كيلتش صباح الأحد، بعد 146 ساعة تحت أنقاض مبنى مؤلف من 8 طوابق، وجهود استغرقت حوالي 9 ساعات حتى الوصول إليها وإخراجها سالمة وسط صيحات التهليل والتكبير من فرق الإنقاذ والمواطنين المتحلقين حول الحطام. شكل رجال الإنقاذ سلسلة بشرية بعد وضع أيلول على نقالة ولفها ببطانية... سألها أحد رجال الإنقاذ: «هل أنت جائعة»، فردت «لا أنا ممتلئة، لقد أكلت»... نقلت أيلول بعد ذلك إلى مستشفى نزيب الحكومي. أحد رجال الإنقاذ قال لـ«الشرق الأوسط»: «ليس فقط الزلزال الذي يشكل تحديا بل الطقس البارد، لكن أيضاً الوقت قضية يجب التغلب عليها في هذا الكفاح». وأضاف: «نحتاج إلى مزيد من أجهزة الحفر ومقصات قطع الحديد ومولدات الكهرباء». انطلق حولنا صوت من مكبر صوت انطلق من سيارة للشرطة، يعلن الحاجة إلى 10 أفراد للمساعدة في إزالة وتحميل الأنقاض لنقلها من موقع بناء منهار. وفي مركز مدينة غازي عنتاب، لم يكن الدمار ملحوظا بشكل كبير، لكن أحمد أكجون، الذي يعمل في أحد مقاهي المدينة، أكد أن هناك مئات الآلاف من المباني التي أصابتها الشروخ وتأثرت بالزلزال. في المناطق المتضررة بشدة، أرسل رجال أعمال شاحنات محملة بالمواد الغذائية والاحتياجات الأخرى، سواء ملابس أو حفاضات الأطفال أو أغطية، مع جزء من الاحتياجات الطبية المطلوبة بشدة. وفي هذه المناطق، هناك حاجة ماسة للأدوية والمعدات الطبية لمواجهة احتياجات العدد الكبير من المصابين، أو حتى المواطنين الذين يجلسون في الشوارع والخيام والمتطوعين في عمليات الإنقاذ. العديد من المستشفيات تضرر بسبب الزلزال. الأطباء يعملون في الشارع والمناطق المفتوحة والخيام، بحسب رئيس «جمعية أطباء العائلة» في جنوب شرقي الأناضول الدكتور يعقوب شاهين، الذي أكد أن العديد من مباني مراكز صحة الأسرة تضرر... «ونادرا ما ندخل المباني لأن هناك توابع مستمرة للزلزال، أيضاً فقدنا بعض أطبائنا وموظفينا تحت الأنقاض». تابع: «تحدثنا إلى أطباء العائلة في المنطقة، وهناك أطباء مستعدون للحضور من جميع أنحاء تركيا، لكن هناك مشاكل لوجيستية... جمعيتنا تخدم 76 مقاطعة... جميع الأطباء الآن توجهوا إلى أقسام الطوارئ». تعد غازي عنتاب إحدى قلاع التصدير المهمة في تركيا، وتحتل المرتبة الثامنة بين كبرى الولايات في تركيا من حيث المساهمة والتأثير في الاقتصاد التركي. وتسهم الولايات العشر، التي ضربها زلزالا الاثنين الماضي، وهي كهرمان ماراش، هطاي، أديامان، كيليس، عثمانية، أضنة مالاطيا، غازي عنتاب، شانلي أورفا، ديار بكر، بنسبة 10.9 في المائة من صادرات تركيا بحسب الإحصائيات الرسمية للعام 2022، وسجلت غازي عنتاب 11.2 مليار دولار من إجمالي قيمة الصادرات، وهطاي 4.1 مليار دولار، وأضنة 3.1 مليار دولار. وتستحوذ غازي عنتاب وحدها على نسبة 4.4 في المائة من الصادرات التركية، وهطاي على 1.6 في المائة وأضنة على 1.2 في المائة. بينما نسبة واردات الولايات العشر من إجمالي واردات تركيا يبلغ نحو 6.7 في المائة.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,261,226

عدد الزوار: 6,942,621

المتواجدون الآن: 124