إردوغان: تركيا والخليج محور أمن المنطقة ...

تاريخ الإضافة الأربعاء 15 شباط 2023 - 5:51 ص    عدد الزيارات 493    التعليقات 0

        

إردوغان: تركيا والخليج محور أمن المنطقة • أول طائرة سعودية تهبط في سورية منذ 10 سنوات... وإشادة أميركية نادرة بالأسد ..

الجريدة... قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا ودول الخليج العربي تشكلان المحور المركزي لأمن المنطقة واستقرارها ورخائها، وتحقيق التكامل الاقتصادي. وذكر إردوغان، في كلمة مسجلة أمس خلال اليوم الثاني للقمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي: «في تركيا دائماً ما نقول إن استقرارنا وأمننا مرتبطان بشكل وثيق باستقرار وأمن منطقة الخليج»، مضيفاً: «نولي أهمية قصوى لبنية النقل البري وشبكة السكة الحديدية التي ستربط منطقة الخليج بأوروبا وآسيا عبر تركيا، إلى جانب التكنولوجيا المتطورة، وبرامج الفضاء، والطاقة المتجددة». وعن الزلزال، قال إنه «شمل منطقة مساحتها 500 كيلومتر، تضم 10 أقاليم، يعيش فيها 5. 13 مليون شخص، متسبباً بدمار شامل، إلى جانب المدن المجاورة التي شعرت بآثار الهزات الأرضية، حيث أثّرت الكارثة على ما يصل إلى 20 مليون شخص، وبحسب العلماء فإن الطاقة التي انبعثت من الزلزال تعادل 500 قنبلة ذرية». وأضاف: «أود أن أعبر عن امتناني لكل من شاطرونا معاناتنا، في أعقاب كارثة الزلزال، وقوّوا عزيمتنا بدعمهم وصلواتهم، لقد تلقينا الدعم ورسائل المواساة من أكثر من 100 دولة، لن ننسى أبداً يد الصداقة الممدودة إلينا خلال هذه الأوقات الصعبة». إلى ذلك، وحسبما أفاد مسؤول في وزارة النقل السورية وكالة فرانس برس، هبطت أمس طائرة سعودية تحمل مساعدات إغاثية لمنكوبي الزلزال المدمر في مطار حلب الدولي، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، إثر اندلاع النزاع قبل أكثر من 10 سنوات. وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن «آخر رحلة كانت في فبراير 2012». وتحمل الطائرة السعودية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) 35 طناً من المساعدات الغذائية. إلى ذلك، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بقرار الرئيس السوري بشار الأسد فتح معبري باب السلام والراعي من تركيا إلى شمال غرب سورية فترة أولية مدتها ثلاثة أشهر، للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب. وفي خطوة نادرة رحبت الولايات المتحدة وبريطانيا بحذر بقرار الأسد.

 

فرق إنقاذ تنجح بإخراج شقيقين تحت الأنقاض بعد مرور 198 ساعة على زلزال تركيا

الجريدة.. KUNA ... نجحت فرق البحث والإنقاذ اليوم الثلاثاء في إخراج شقيقين من تحت الأنقاض بولاية «قهرمان مرعش» بعد مرور 198 ساعة على الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن الفرق تمكنت من الوصول إلى الفتى محمد أنس ينينار «17 عاماً» وشقيقه باقي «21 عاماً» من تحت أنقاض المبنى الذي كانا يقطنانه في حي «ستوتشو أمام» بقضاء دولقدير أوغلو ونقلا مباشرة إلى المستشفى لتلقي العلاج. وما زالت أيادي فرق الإنقاذ تحفر بكل ما لديها من قوة وامكانات لإزالة الركام وإنقاذ العالقين تحت أنقاض المباني المدمرة مع اقتراب المرحلة الأخيرة والحرجة في عمليات الإغاثة. وضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سورية في 6 فبراير الحالي بلغت قوته 7.7 درجة على مقياس ريختر أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجة ومئات الهزات الارتدادية العنيفة ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.

مدن الزلزال التركية تحاول التعافي واستعادة الحياة تدريجياً

فرق الإنقاذ تتمسك بالأمل بعد 9 أيام... و5 مليارات دولار للإغاثة

الشرق الاوسط... أنقرة: سعيد عبد الرازق.. انقضى اليوم التاسع من أيام كارثة زلزالي تركيا... وبدأت محاولات العودة إلى الحياة الطبيعية واستعادة المعنويات في مراكز المدن العشر المنكوبة بتنظيف الميادين وإعادة التيار الكهربائي. وفتحت بعض المحال أبوابها كما فتحت مطاعم كثيرة أبوابها بالمجان بعد أن انتقل العديد من الطهاة المشهورين والمحترفين من المدن الأخرى متطوعين للعمل واستقبال المواطنين وتقديم الحساء والطعام إليهم بالمجان، في محاولة للتخفيف عنهم وإعادتهم بالتدريج إلى نمط الحياة الاجتماعية المألوف بعد أن بدأت مرحلة إزالة الأنقاض؛ للبدء لاحقاً في إعادة الإعمار. ونشطت البلديات في تقديم الأنشطة الترفيهية للأطفال لإخراجهم من الصدمة التي عاشوها في الأيام الماضية وإعدادهم لاستقبال الوضع الجديد، حيث سيختلف نمط الحياة الذي اعتادوه من قبل. وفي الوقت الذي لا تزال فيه المناطق والقرى حول مراكز المدن تعيش تحت وطأة الزلزال والدمار وانقطاع الكهرباء والغاز والمياه، يتسارع العمل في إنشاء تجمعات الخيام وحاويات السكن والمستشفيات الميدانية.

- تمويل جهود الإغاثة

وبينما توالى تدفق المساعدات والدعم الخارجي، أعلنت الحكومة التركية تخصيص أكثر من 5 مليارات دولار لجهود الإغاثة للمتضررين من زلزالي السادس من فبراير (شباط)، بحسب ما أعلن فؤاد أوكطاي نائب الرئيس التركي، في إفادة صحافية في ساعة مبكرة أمس الثلاثاء، قائلاً «قدمنا 6 ملايين وجبة للمتضررين من الزلازل، ووزعت مؤسسات الدولة والمساعدات الخارجية ملايين البطانيات... هناك نحو 12 ألف آلية ثقيلة تعمل في المناطق المنكوبة، والاتصالات ستكون مجانية لمدة شهر كامل في المناطق المنكوبة». وبدأت الحفارات في إزالة أنقاض المباني المدمرة بالقرب من مدينة أنطاكيا في هطاي جنوب البلاد وفي غيرها من المناطق، وانتشر العمال في حركة دائبة لإزالة آثار المباني المنهارة وسط متابعة من المواطنين الذين يقفون على مسافات قريبة يشاهدون إزالة بقايا المباني التي تحولت في ثوان إلى حطام. وقال أوكطاى إن فرق البحث والإنقاذ تواصل العمل بكامل طاقتها في الولايات العشر المتضررة، داعياً المواطنين إلى الابتعاد عن المباني ذات الأضرار الكبيرة. وأشار إلى أن 34 ألفاً و717 من عناصر البحث والإنقاذ يواصلون أعمالهم في المناطق المتضررة من الزلزال. وتابع أن 24 سفينة و70 طائرة و112 مروحية وطائرات مسيرة تشارك في أعمال الإنقاذ المستمرة، فضلاً عن 12 ألفاً و322 آلية ثقيلة، وكشف عن البدء في إنشاء تجمع يضم نحو 5 آلاف حاوية سكنية (منازل صغيرة مسبقة الصنع) بجانب عمليات بناء المخيمات في عموم المناطق المتضررة. وكشف وزير البيئة والتطور العمراني التركي، مراد كوروم، عن انهيار وتضرر 41 ألفا و791 مبنى في الولايات العشر، من بين 307 آلاف و763 تم فحص مقاومتها للزلازل في هذه الولايات.

- تحديد الأضرار في الولايات العشر

وأشار كوروم إلى استمرار أعمال تحديد الأضرار في الولايات العشر عبر فرق مختصة مكونة من 6500 عنصر، وأن العمل جار على الأرض فيما يتعلق بإعادة بناء المساكن في المناطق المتضررة في الولايات العشر، وآمل أن نبدأ أعمال البناء في جميع الولايات العشر بشكل متزامن بحلول نهاية فبراير الحالي. وتتمسك فرق الإنقاذ بالأمل الأخير وتنتظر مفاجآت جديدة في أثناء عملها في المناطق التي ضربها زلزالا كهرمان ماراش، اللذان وقعا يوم الاثنين قبل الماضي، متمسكين بآخر أمل، على الرغم من مرور 9 أيام على وقوع الزلزالين اللذين جاء مركزاهما في بلدتي بازاجيك وإلبيستان في كهرمان ماراش بقوة 7.7 و7.6 درجة، وضربا ولايات كهرمان ماراش، هطاي، عثمانية، كيليس، أضنة، أديامان، مالاطيا، شانلي أورفا، غازي عنتاب، ديار بكر. ونجحت فرق في انتشال امرأة من تحت أنقاض مبنى في هطاي، أمس، بعد مرور 203 ساعات على وقوع الزلزال المدمر في المنطقة. كما نجحت فرق الإنقاذ في انتشال 3 ناجين في كهرمان ماراش وأديامان في جنوب تركيا بعد 198 ساعة بقوا خلالها تحت الأنقاض، حيث تمكنت فرق البحث والإنقاذ من إخراج الشقيقين محمد أنس إينار (17 عاما) وعبد الباقي إينار (21 عاما) من تحت أنقاض مبنى في شارع «ستوتشو إمام» ببلدة دول قدير أوغلو في كهرمان ماراش. وفي الوقت ذاته، نجح فريق من عمال المناجم في إنقاذ محمد جعفر شتين أديامان من تحت أنقاض أحد المباني المنهارة في أديامان. ويواصل فريق بحث وإنقاذ من أذربيجان في كهرمان ماراش العمل المحموم في محاولة لإخراج 3 شقيقات من تحت أنقاض أحد المباني المنهارة بعد أن حددت أجهزة الاستشعار أنهن ما زلن على قيد الحياة. وتؤكد فرق الإنقاذ أنها ستتابع العمل لأنها لا تزال ترصد وتتلقى إشارات إلى وجود ناجين عالقين بين الأنقاض، فيما أعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية (أفاد) عن رصد أكثر من 100 هزة أرضية ضربت البلاد، على مدار يوم أمس (الثلاثاء)، في مختلف أنحاء البلاد، تراوحت شدتها بين 1.8 و4.1 على مقياس ريختر. ووصفت منظمة الصحة العالمية الزلزالين اللذين ضربا تركيا بأنهما «أسوأ كارثة طبيعية في أوروبا منذ قرن». وقال هانز كلوج، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا، في إفادة صحافية أمس الثلاثاء، إن منظمة الصحة العالمية ما زالت تحاول معرفة حجم الكارثة وتكلفتها الحقيقية، مؤكدا أن التعافي من هذه الكارثة «سيستغرق وقتا، وجهدا هائلا». وأضاف كلوج أن منظمة الصحة العالمية أطلقت نداء بجمع 43 مليون دولار لدعم الاستجابة للزلزال، وأتوقع أن يتضاعف هذا المبلغ خلال الأيام المقبلة.

مخاوف تركية من كارثة صحية وانتشار الأوبئة في المناطق المنكوبة

إنشاء مراكز تنسيق وسجلات للمتضررين بالخيام وتوفير اللقاحات

الشرق الاوسط... أنقرة: سعيد عبد الرازق... تسود مخاوف كبيرة من التداعيات الصحية السلبية المحتملة في المناطق التي أقيمت فيها مخيمات لإيواء المتضررين من الزلزال في ولايات جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا، في ظل انقطاع الماء والكهرباء، وانتشار المخلفات، ونقص المواد الطبية ومستحضرات الوقاية من الميكروبات. «منظمة الصحة العالمية» أطلقت تحذيراً أشارت فيه إلى أن عدد من تضرروا من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، قد يتجاوز 23 مليون شخص، بينهم نحو 5 ملايين في وضع هش. وعبَّرت المنظمة عن القلق: «من أزمة صحية كبرى قد تتجاوز أضرارها خسائر الزلزال»، وعن مخاوفها من «انتشار وباء الكوليرا الذي ظهر مجدداً في سوريا»، ووجود «أعداد ضخمة من الجثث التي خلفها الزلزال». وقالت «الوكالة الأميركية للتنمية» بدورها، إن الولايات المتحدة ستقدم مساعدة بقيمة 85 مليون دولار إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال: «سيتم تسديدها لشركاء على الأرض، بهدف تقديم المساعدة الطارئة الضرورية إلى ملايين الأشخاص، وتأمين مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي لمنع تفشي الأوبئة». وتعرض أكثر من 41 ألف مبنى في تركيا للتدمير الكلي أو الجزئي نتيجة الزلزال. وتضررت البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي في المناطق المنكوبة، وهو ما يزيد من خطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية مثل الكوليرا، في وقت يواجه فيه القطاع الصحي بتركيا ضغطاً شديداً منذ فترة وباء «كورونا» في عام 2020. وقالت رئيسة غرفة الأطباء بمدينة ديار بكر، وهي ضمن الولايات العشر التي ضربها الزلزال، إليف توران: «أقمنا مركز كوارث وطوارئ، ونواجه مشكلة كبيرة في توفير المأوى للناجين من تحت الأنقاض... تم فتح صالات الأعراس والمستشفيات الخاصة ومراكز العمل أمام المتضررين؛ لكن هناك حاجة ماسة لتوفير أغذية الأطفال الرضع، والحفاضات، والفوط الصحية للنساء». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حاجة كبيرة أيضاً للأدوية وإنشاء صيدليات متنقلة، والاهتمام بزيادة دورات المياه وتوفير شبكة للصرف الصحي، في المناطق التي أقيمت بها الخيام. وحذرت أستاذة الأوبئة والأمراض المعدية، الدكتورة أسين داود أوغلو شينول، من احتمالات «انتشار الأمراض التنفسية، كالتهابات الرئة والشعب الهوائية، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن، والإسهال والأمراض الفيروسية والوبائية مثل الملاريا والكوليرا، بسبب انتشار البعوض والذباب والقوارض التي تعد نواقل فعالة للعدوى». وأضافت: «هناك مخاطر إضافية بسبب الاتصال المباشر بين أعضاء فرق الإنقاذ والإغاثة مع الجثث تحت الأنقاض، وهو ما يمكن أن يتسبب في انتقال بعض الأمراض الوبائية، مثل السل وفيروسات الكبد الوبائي (ب) و(ج)، وغيرها». ولفتت إلى أنه «لا بد من توفير أعلى درجات الحماية والمواد المضادة للفيروسات، وتوزيعها على المقيمين في الخيام، مع توفير كافة احتياجات المستشفيات الميدانية للتعامل مع الوضع الراهن». وكانت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسيف)، قد حذرت من أن أكثر من 7 ملايين طفل سيتضررون من الزلزال الذي ضرب تركيا وأجزاء من سوريا. وقال المتحدث باسم المنظمة جيمس إلدر للصحافيين: «في تركيا، كان مجموع الأطفال الذين يعيشون في الولايات العشر التي ضربها الزلزالان 4.6 مليون طفل، وفي سوريا تأثر 2.5 مليون طفل، فضلاً عن أكثر من 37 ألف قتيل في البلدين». وأشار إلى أنه «بالنظر إلى عدد القتلى الكارثي والمتزايد، من الواضح أن كثيراً من الأطفال فقدوا أهاليهم في هذه الزلازل المدمرة»، محذراً من أن «الرقم سيكون مرعباً». وأوضح: «إن عائلات مع أطفالها تنام في الشوارع ومراكز التسوق والمدارس والمساجد ومحطات الحافلات وتحت الجسور، وما زالت مع أطفالها في مناطق مفتوحة خوفاً من العودة إلى منازلها، ويتعرضون جميعاً للعوامل الجوية في فترة من العام شديدة البرودة، وسط الثلوج والأمطار». وتحركت وزارة الصحة التركية، وأعلنت إنشاء مراكز تنسيق للصحة العامة في الولايات العشر المتضررة، لحماية ضحايا الزلزال والأهالي عموماً، من مخاطر العدوى والأمراض الوبائية. وذكرت الوزارة، في بيان، الثلاثاء، أنه تم إرسال 80 ألفاً و516 لقاحاً ضد التيتانوس، و3 آلاف جرعة من لقاح الكزاز وداء الكلب إلى المنطقة. وقال نائب مدير عام الصحة في كهرمان ماراش، الدكتور محمد أنيس غوكلار، إنه تم البدء في اتخاذ التدابير منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال الأسبوع الماضي، وتم تطبيق نظام التعقيم الفائق بالكلور في خطوط المياه الرئيسية، ويتم أخذ عينات من المياه أولاً بأول لتحليلها. وأضاف: «إن المعالجة بالكلور تتم أيضاً في الأماكن التي يتم فيها نقل المياه عن طريق الصهاريج، ويتم توفير المياه بعد هذه المعالجة الفائقة بالكلور، ويتم أخذ هذه العينات في الغالب ومراقبتها بشكل روتيني من جميع النقاط التي يتركز فيها المواطنون، مثل مدن الخيام ومراكز الإيواء والمستشفيات، كما تم إنشاء مناطق تفتيش في كل مدينة من مدن الخيام». وتابع بأنه «يتم دورياً صرف الأدوية للأطفال المصابين بالتهاب الحلق أو الحمى، ومن الأمور المهمة الأخرى أننا نطبق نظام إنذار مبكر، نسميه (مراقبة المتلازمات)، والذي يمكن من الكشف السريع عن الأعراض التي قد تشكل تهديداً للصحة العامة؛ حيث نقوم بجمع بيانات عن الأطفال المصابين بالإسهال من جميع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية والإسعاف والمستشفيات، وتتم مراقبة ما إذا كانت هناك زيادة مقارنة باليوم السابق». وأضاف غوكلار أنه «تم الاتصال بالنساء الحوامل واحدة تلو الأخرى في منطقة الزلزال، وتم إعطاؤهن الأرقام التي يمكنهن الوصول إليها في حالة الطوارئ، كما قامت الفرق الطبية بإنشاء سجلات للعائلات في تجمعات الخيام». وأكد: «توفر عدد كاف من اللقاحات في المستودعات، وتم وضع ثلاجات صغيرة أو حاويات لنقل اللقاحات في مدن الخيام، وتوزيع اللقاحات على جميع النقاط وعلى المستشفيات، وفي الخطوة التالية، سنحدد الوضع من حالة تحصين أطفالنا، وسنقوم بتحصين الأطفال الذين فقدوا مواعيد اللقاحات أو الذين حان وقتهم».

بقع سوداء في قلب كارثة الزلزال

قلق حقوقي داخل تركيا من ممارسات ضد المشتبهين بأنهم «لصوص الخراب»

الشرق الاوسط... أنقرة: سعيد عبد الرازق.. بينما تتضافر الجهود ويتسابق الجميع لإغاثة المتضررين من كارثة الزلزال في تركيا، طفت على السطح بقع سوداء تمثلت في أعمال السلب والنهب التي شهدتها المناطق المنكوبة، سواء من جانب لصوص المحال والمراكز التجارية والمنازل، أو قطّاع الطرق الذين حاولوا الاستيلاء على الشاحنات التي تحمل مواد الإغاثة والمساعدات قبل وصولها إلى المناطق المستهدفة. زادت حدة الظاهرة في الأيام الأولى لوقوع زلزالي كهرمان ماراش المدمرين، وسط انشغال الجميع بجهود الإنقاذ، بما في ذلك قوات الجيش والشرطة والدرك. وجد اللصوص الفرصة للعبث في قلب الكارثة. تعالت الشكاوى مما يقوم به اللصوص وقطّاع الطرق والمطالبة بمزيد من إجراءات الأمن في المناطق المنكوبة في الولايات العشر التي ضربها زالزالا 6 فبراير (شباط). وشددت السلطات التركية إجراءات الأمن في تلك المناطق، كما فرضت عقوبات على بعض المستغلين والمحال التي رفعت الأسعار مستغلة الكارثة بلا ضمير. وتحول التركيز بشدة إلى المناطق المنكوبة، بعد أن علق الجيش النمساوي و«الهيئة الفيدرالية الألمانية للإغاثة الفنية» عمليات الإنقاذ في جنوب تركيا، بسبب ما قيل إنه «وضع أمني يزداد صعوبة». وتحدث مواطنون في كهرمان ماراش عن أنهم «أقاموا خياماً في أقرب مكان ممكن من منازلهم المتضررة أو المنهارة، في محاولة لمنع نهبها، بعد أن تحدث البعض عن حليٍّ ومجوهرات ثمينة». وبينما كانت المساعدات تتدفق من الكثير من المدن إلى مناطق الزلازل، ظهر لصوص في كيريكهان في هطاي، وتبين في الصور «أن اللصوص دخلوا المنازل والأسواق الخالية، وأخذوا بعض البضائع بينما كان البحث عن المواطنين الذين كانوا تحت الأنقاض مستمراً. وفي أديامان وشانلي أورفا تكررت المشاهد». وتوعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال جولة في المناطق المنكوبة الأسبوع الماضي، بمعاقبة اللصوص. وقال: «أعلنّا حالة الطوارئ، وهذا يعني من الآن فصاعداً أنه يجب على المتورطين في النهب أو الخطف أن يعلموا أن يد الدولة الحازمة على ظهورهم». ونشرت وزارة الدفاع التركية مقاطع أخرى تُظهر جنوداً يقومون بدوريات في مناطق الأسواق والشوارع. وأعلنت وزارة التجارة التركية فرض غرامة مالية قدرها مليون و860 ألف ليرة تركية على استراحة على الطريق السريع بين أضنة وغازي عنتاب استغلت أوضاع الزلزال في البلاد، حيث كانت تبيع الحساء بأسعار باهظة لمنكوبي الزلزال، وللمتطوعين المتوجهين إلى المناطق المنكوبة. وزير العدل بكر بوزداغ، تحدث عن تلك الظاهرة المؤسفة (الاثنين)، وقال: «إن هناك تزايداً في الشكاوى من النهب والسرقة في الأيام الأخيرة». وأكد أن المرسوم الرئاسي بفرض حالة الطوارئ في الولايات العشر المنكوبة «مدَّد فترات الاحتجاز خلال التحقيق في تلك الولايات إلى 30 يوماً»، مشيراً إلى أن 64 متهماً أُحيلوا إلى المحاكمة، كما تم توقيف 57 آخرين من بين 75 مشتبهاً تم القبض عليهم في حوادث منفصلة. وأكد بوزداغ أن «النيابات تُجري تحقيقات سريعة وفعالة في هذه القضية، وكذلك في حوادث محاولات بعض قطاع الطرق الاستيلاء على المساعدات، وأيضاً محاولات السرقة والاحتيال»، ودعا المواطنين إلى «توخي الحذر». ولم يخلُ الأمر من جانب مؤسف ربما أكبر من فعل السرقة ذاته، وهو مسارعة البعض إلى اتهام السوريين بأعمال السلب والنهب التي وقعت في مناطق الكارثة، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وانجرّ بعض القنوات التلفزيونية في البداية إلى الأمر ذاته، لكن السلطات وجّهت تحذيرات من هذا الأمر، ودَعَت «إلى الابتعاد عن تغذية النزعة الفاشية لدى البعض». ولم يسلم بعض المتطوعين السوريين في أعمال الإنقاذ من الاتهامات، بل تجاوز الأمر ذلك إلى الاعتداء عليهم بالضرب من جانب بعض الأتراك الذين ظنوا أنهم لصوص أتوا للسرقة والنهب في المناطق المتضررة في هطاي. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر تعرُّض المتطوعين السوريين للضرب من جانب أتراك، في أنطاكيا بولاية هطاي لمجرد الاشتباه بقيامهم بالسرقة. وتحدث علاء، وهو شاب سوري نزح من بلده إلى بلدة الريحانية في هطاي، عن تجربة مر بها مع مجموعة من أصدقائه ذهبوا بغرض المساعدة في أنطاكيا، وكان معهم دراجة نارية وعربة نقل صغيرة (بيك آب) وفي أثناء عودتهم تعطلت الدراجة النارية فحملوها على العربة، وخلال توقفهم عند نقطة لتوزيع الحساء، هاجمتهم مجموعة من الأتراك ظناً أنهم لصوص، ولم يتوقفوا إلا عندما شرحوا لهم الموقف، وتفهموه واعتذروا لهم بأن هناك الكثير من اللصوص في المنطقة، وأنهم اعتقدوا أنهم سرقوا الدراجة النارية المعطلة. وغذّى بعض مقاطع الفيديو التي التقطها أتراك وشاركوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الشائعات ضد السوريين واتهامهم بالقيام بأعمال سرقة في المناطق المنكوبة. كما كان لاتهام رئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، المعروف بعنصريته ضد السوريين، شاباً سورياً بسرقة هاتف أحد عناصر الإنقاذ في مدينة كهرمان ماراش في أثناء انتشال الضحايا، دور في إثارة الغضب ضد السوريين، لكنّ شاباً تركياً نشر مقطع فيديو كذّب فيه أوزداغ، مؤكداً أن السارق المقصود هو شاب تركي وليس سورياً. على الجانب الآخر، أثارت مقاطع «فيديو» تُظهر عناصر من الجيش وقوات الدرك والشرطة وهم يركلون ويضربون ويهينون مَن يتم القبض عليهم بسبب أعمال السرقة والنهب، قلقاً لدى حقوقيين داخل تركيا وخارجها. ويُظهر الكثير من مقاطع «الفيديو» والصور عمليات الضرب والعنف ضد المقبوض عليه. وقالت صحيفة «بيرجون» إن رجلين ادّعيا تعرضهما للضرب على أيدي قوات الأمن في هطاي، بعد الاشتباه في أنهما يقومان بالنهب. وقالا إنهما كانا يريدان فقط الحصول على الدواء لعائلتيهما. وقال موقع «ديكن» الإخباري إن 5 متطوعين تعرضوا لسوء المعاملة في أديامان. وعبّر حقوقيون عن قلقهم إزاء التقارير عن سوء معاملة الأمن للمشتبه في قيامهم بأعمال النهب والسرقة. وكتبت إيما سنكلير ويب، ممثلة منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تركيا على «تويتر»، قائلةً إنه «يتم تداول كثير من الصور المروعة للشرطة والمدنيين وهم يضربون ويعاملون بوحشية أولئك الذين يزعم أنهم نهبوا المباني بعد الزلزال». وأضافت أن «على وزارتي الداخلية والعدل واجب اعتقال اللصوص المشتبه بهم، وكذلك أولئك الذين يضربون الناس». وطالبت نقابة المحامين في ديار بكر، «باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه تلك الانتهاكات التي تتزايد بمعدل مثير للقلق».

كهرمان ماراش... «قاهرة الفرنسيين» تسقط أمام الزلزال الكبير

قلبها محطم وأطرافها متضررة والسكان في الشوارع

(الشرق الأوسط)... كهرمان ماراش: ثائر عباس... لم تحتفل مدينة كهرمان ماراش (تُكتب أيضاً «قهرمان») التركية بذكرى التخلص من الاحتلال الفرنسي، التي مرت يوم الأحد الماضي، على غير عادتها منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة. فالمدينة التي نالت لقب «القهرمان»، أو أمين السلطان، نظير مقاومتها الشرسة للفرنسيين بُعيد الحرب العالمية الأولى، ووضعته بفخر إلى جانب اسمها الأساسي (ماراش) منذ ذلك التاريخ، كانت أحزن من أن تحتفل، بعدما ضرب الزلزال قلب المدينة ودمره بالكامل تقريباً. يقول مسؤول محلي تركي كان يراقب عملية رفع الأنقاض: «لو أتيتنا في مثل هذا اليوم سابقاً، لرأيت حجم الاحتفالات التي تقيمها المدينة التي تفخر باسمها الجديد»، كما حال مدن تركية أخرى، كعنتاب التي أضيفت إليها عبارة غازي بالتركية (الفاتح)، أو أورفا التي أضيف إليها اسم «شانلي» أي المكرم. وتقع ماراش على كتف جبل مكلل بالثلوج في مثل هذا الوقت من العام، فيما يستريح قسم منها على جانب السهل الممتد منه، وهي كانت أكثر الأماكن تضرراً بالزلزال الذي ضرب السهل والجبل، فكانت أضرار الجبل أقل بكثير من أضرار المدينة التي طعنها الزلزال في قلبها، فهشّم مبانيها فوراً من دون أن يعطي سكانها الكثير من الوقت للمقاومة والفرار. وفيما تعمل آليات رفع الأنقاض بسرعة وقوة، لا يزال الآلاف من السكان في خانة المفقودين، وهو ملف يؤرق المسؤولين والسكان، بعد نحو 9 أيام على الزلزال الذي كانت المدينة نقطة انفجاره الأساسية. في قلب المدينة، تحوّل ملعب كرة القدم الذي نجا من تداعيات الزلزال إلى مخيم إقامة مؤقت لآلاف العائلات، فتحوّل المستطيل الأخضر إلى مخيم بيضاوي الشكل أبيض اللون، فيما يشهد من يقف على المدرجات على واحدة من مآسي الزلزال مع عائلات تركت كل ما تملك والتجأت إلى هذا المكان المكتظ بالبشر، وبحيواناتهم الأليفة، كحال تركي حمل معه قطته ويجاهد في الحفاظ عليها من الضياع بين الخيام، فيما حمل لاجئ سوري قفص العصافير معه ليسنده على شبك الملعب. ويلعب الأولاد أمام خيم العائلة، فيما يرتاح كبار السن بغفوة صغيرة أمامها؛ للتمتع ببعض من أشعة الشمس التي أشرقت بعد عاصفة كبيرة ضربت المدينة قبيل الزلزال وبعده. أحمد، السوري الصغير ذو السنوات الثمانية، اتخذ من مدرج الملعب مركزاً له ينظر إليه بصمت. عندما سألناه عن اسمه وما الذي يفعله هنا، قال أحمد ببسمة عابرة، إن عائلته معه بعدما نجا كل أفرادها، لكن المنزل تهشم بالكامل. والده سوري أتى إلى المدينة منذ أكثر من 10 أعوام هرباً من الحرب في بلاده، ويعمل الآن في مصنع في المدينة تضرر هو أيضاً إلى حد كبير. يتحدث أحمد بلهجة الأطفال، وبلغة الكبار في آن. يقول: «مش معقول، حياتنا كئيبة، فقدنا كل شيء من جديد». اللافت أن أحمد ولد في تركيا، ولم يعش مرارة الحرب السورية والهجرة من بلاده التي لم يرها بطبيعة الحال، لكنه كان كمن يكرر كلام كبار المنزل. أحمد يدرس التركية في المدرسة، والعربية في المنزل، وهو يريد أن يصبح طبيباً عندما يكبر. خارج الملعب، تنتشر مطاعم في الهواء الطلق أقامها متطوعون، يلجأ إليها المئات من أجل بعض الطعام الساخن، كالكفتة التركية والمشاوي والشوربات، التي «لا تشبه الطعام الموزع في المخيمات، والذي يكون بارداً وجافاً»، كما يقول واحد من مئات الواقفين في الطابور المؤدي إلى المطعم. في الجانب الأقل تضرراً من المدينة، كان بعض السكان يتفقدون منزلاً لم يهبط، لكن جدرانه كلها مصابة بالتشقق، ويبدو أن الدخول إليه مغامرة. يدخل الشاب سريعاً إلى المبنى، ثم يخرج بسرعة كما دخل حاملاً معه كيساً صغيراً يبدو أنه يحتوي بعضاً من حاجيات طلبتها الفتيات المرافقات له. بعد جولة حول المبنى المهدد بالانهيار، يقرر الجميع الذهاب كما أتوا. وفي المبنى الملاصق، سقطت الطوابق العليا، وبقي الطابق الأول شبه سليم، فتمكن أصحاب المنزل من دخوله بواسطة سلم من الشرفة، وبدأوا بنقل ما سلم من أثاث ومتاع المنزل الذي غادروه تلك الليلة على عجل، وعندما يشعر هؤلاء بواحدة من الهزات الارتدادية الخفيفة يسارعون إلى الخارج خوفاً من انهيار ما تبقى عليهم.

مراسلون على خط الزلزال: أصعب مهمة على الإطلاق

عمّار الهندي ومها حطيط يرويان «هول» تغطية الخوف والحزن... والأنين

مراسلة قناة «الشرق» مها حطيط وزميلان لها يقولون إن تغطية الزلزال «مهمة صعبة»

(الشرق الأوسط)... بيروت: كريستين حبيب... بعد أن لفظ زلزال تركيا وسوريا آخر تردّداته، لم يخرق صمت الصدمة سوى حركة فرق الإنقاذ وآلياتهم. إلى جانبهم وقف الناجون باكين مَن وما فقدوا، ومن الأسفل تصاعد أنينٌ يشي ببقايا نبضٍ تحت الأرض. وبين ضجيج الآلات ونحيب الأحياء، تردّد كلام المراسلين موثّقاً الفاجعة. ليست المرة الأولى التي يعاين فيها عمّار الهندي مأساةً جماعية. كان في أوكرانيا يوم معركة كييف الدامية، وغطّى المعارك على الحدود التونسية - الليبية، لكن تغطية زلزال تركيا لا تُشبه أي مهمة صحافية أخرى. «هذا الزلزال هو أصعب تحدٍّ مهني أواجهه في حياتي»، يقول مراسل قناتَي «العربية» و«الحدث» في حديث مع «الشرق الأوسط». لهَول المشهد وقعٌ ثقيل كذلك على مراسلة قناة «الشرق» مها حطيط، التي تقرّ بأنّ الزلزال هو «أفظع ما غطّيت حتى الآن». لا تستطيع مقارنة ما حصل مع تفجير مرفأ بيروت عام 2020. تقول: «هذا لا يشبه أي شيء غطّيته من قبل، لا من ناحية البقعة الجغرافية للدمار، ولا على مستوى عدد الضحايا».

- حكايات من تحت الركام

يزدحم رأس عمّار الهندي بالقصص. هنا شَعرُ سيّدة ابتلعها الركام، وهناك يدٌ خرجت من تحت الأنقاض بأصابع مفتوحة، وكأنها تستنجد بأي شيء يعيد إلى باقي الجسد حياته. «لن يُمحى هذا المشهد من ذاكرتي… كانت تلك اليد لشاب سوري اسمه كامل»، يخبر الهندي. تؤرقه كل تلك الجثث التي لم تلقَ مَن ينتشلها، يشعر بالذنب حيناً وبالعجز في أغلب الأحيان: «أن تقف فوق الركام وتشتَمّ رائحة الموت وتعرف أن هناك جثثاً ولا تستطيع أن تنتشلها وتكرّمها بالدفن، هذا يقصم الظهر إنسانياً». لا تنتهي الحكايات التي يسردها. إحداها عن فتاة في الـ26 من عمرها، غرقت تحت الركام وسط أنطاكية، لكنها بقيت حيّة وحتى إنها تحدثت على الهاتف لـ19 ثانية. «شعرت بأنها تريد الخروج»، يروي الصحافي متأثراً ويتابع: «بقيت أتابع الأمر خلال رسالتي المباشرة، حيث أكد لي أحد عناصر فريق الإنقاذ الصيني أن لا أحد حياً تحت تلك الأنقاض. لم أقتنع، وفور انتهاء النقل المباشر حاولت جاهداً إقناع الفريق بالعودة ومتابعة البحث، من دون جدوى… تأثرت كثيراً وأظن أنني في تلك اللحظة خلعت عني جلدي الصحافي». مها حطيط التي تنقّلت بين الإسكندرون وكهرمان مرعش وأضنة وأنطاكية وعثمانية، اختبرت أصعب لحظات التغطية وأكثرها إنسانيةً، أمام حطام مبنى من 12 طبقة في أضنة. كان المنقذون منشغلين بجمع صور من تحت الأنقاض، أما هي فتوقفت عن السير فجأةً لتراقبهم؛ تقول: «وجدت نفسي واقفة أتفرّج على صور عائلات وعلى وجوه أفرادها، بينما هم ما عادوا موجودين. نبّهني هذا التفصيل الإنساني إلى أن لكل فرد ولكل عائلة قصة، وكلهم كانوا نياماً عندما رحلوا. هنا، حلّت الصدمة بثقلها عليّ… كانت لحظة انهيار وذنب في آن معاً». وتقول حطيط: «أذهلني هذا المشهد في كهرمان مرعش، وكأن الأرض ابتلعت البناية». جاءت حكايات النجاة لتضيء نوراً في عتمة التغطية القاسية. وقد اختبرت حطيط «أجمل» لحظات المهمة، عندما انتُشل شخص حياً، وهي كانت توثّق المشهد في إحدى رسائلها التلفزيونية المباشرة.

- تغطية على مقياس القلب

لعلّ أكبر تحدٍّ يواجهه الصحافي في تغطيات كهذه، هو الحفاظ على تماسُكه المهني وسط فائض الحزن والمشاعر الإنسانية. تميّز الهندي خلال وجوده على الأرض، بالعنصر الإنساني الذي أضافه إلى رسائله. يعترف بأن لديه هاجس الموازنة بين عمّار الصحافي وعمّار الإنسان، لكن لا مفرّ من لحظات يغلب فيها التأثّر. لا ينسى الطفل محمود الذي عثر على إخوته أحياءً، فهرع إليه صارخاً: «عمّو عمّو إخواتي عايشين»، فما كان منه إلا أن احتضنه. «كنت على الهواء أجري مقابلة مع فتاة أمضت 13 ساعة تحت الأنقاض»، يروي الهندي، مضيفاً: «وصفت لي شعورها وهي تصرخ للعابرين فوق المبنى المدمّر وهم لا يسمعونها. شعرت بأنها حيّة وميتة داخل قبر». كاد المراسل يفقد السيطرة على دموعه، وهو يعتبر أنه من حسن الحظ أن الكاميرا لم تكن تلتقط عينَيه، بل وجه الصبيّة. من جهتها، تحاول حطيط ضبط مشاعرها قدر المستطاع، وهي مقتنعة بأنه لا يجب البكاء على الهواء مباشرةً. تعاطفت مع أهل أنطاكية التي «لم يبقَ فيها حجر على حجر»، وتأثرت لمشهد تجمّعات العائلات السورية هناك المنتظرة نداءً أو نفساً. لكنها لم تدع التأثر يغلبها؛ «لا القصة قصتي، ولا المأساة مأساتي»، تقول. غير أنها في أضنة، وبعد أن رأت تلك الصور وسط الركام، باغتتها نوبة من البكاء استمرت ساعتَين، وتسببت بتأجيل إحدى رسائلها المباشرة. تتذكّر الموقف: «في تلك اللحظة أخرجت كل المشاعر، أما على الهواء فقد حاولت إيصال مصيبة الناس». «أقسى صورة خلال التغطية»، حسب حطيط. «ألبوم لعائلة تطاير من أحد المباني المدمرة في كهرمان مرعش، ولا خبر عن أصحاب الصور». يثلج قلب الهندي قليلاً أنه لبّى كل الرسائل التي وصلته من خارج تركيا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، طالبةً منه المساعدة في العثور على قريبٍ أو صديق تائه وسط الزلزال. يقول: «تمنيت أن أتوزع على كل تلك المواقع وأنتظر لحظة خروج الأشخاص. لبيت تقريباً كل ما وصلني من رسائل وأبلغت فرق الإنقاذ بالعناوين، لكن للأسف غالبية الحالات كانت متوفاة باستثناء واحدة».

- التردّدات النفسية على المراسلين

لم تتردّد حطيط لحظةً بالتوجّه إلى موقع الزلزال عندما كُلّفت المهمة. لكنها لم تتصوّر أنها ستعاين مشهداً على هذا القدر العالي من السريالية. تقول إنها شعرت وكأنها في موقع تصوير فيلم عن نهاية الكون: «أنا متأكدة من أن ما أظهرته الكاميرات ليس سوى جزء ضئيل ممّا حصل». أمام فظاعة المشاهد، لا شيء يقي الصحافي من الترددات النفسية. برأي حطيط، لا يمكن اكتساب مناعة نفسية، ومع مرور الوقت يزداد التدهور النفسي. أما الهندي الذي يعمل وسط ظروف قاسية، وينام والفريق داخل السيارة منذ أكثر من أسبوع من دون إمكانية الاستحمام، فيدرك أنه سيدخل مرحلة نفسية صعبة بعد هذه المهمة، بما في ذلك من كوابيس واسترجاع للمشاهد الأليمة. عندما تنتهي المهمة ويغادر الصحافي موقع المأساة، يترك بعضه تحت أنقاض الفاجعة ويمشي حاملاً شريط الدمار والدماء في رأسه إلى الأبد.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,771,323

عدد الزوار: 6,914,198

المتواجدون الآن: 117