الجولة الثانية في غزة

تاريخ الإضافة السبت 1 تشرين الثاني 2008 - 8:16 ص    عدد الزيارات 1745    التعليقات 0

        

تعزز "حماس" من سيطرتها على قطاع غزة تدريجياً وبشكل منهجي. جاء التطور الأخير فى أعقاب انفجار 25 يوليو الذى أودى بحياة خمسة من قادة الحركة العسكريين بالإضافة إلى إحدى الفتيات حيث ردت عليه الحركة الإسلامية بشن حملة واسعة النطاق قامت من خلالها باجتياح مواقع عائلة "حلس" وهي إحدى أقوى العائلات في غزة وتضم أبرز قيادات "فتح". كما ألقت القبض على مئات الناشطين السياسيين وداهمت ما يزيد على 200 منظمة ومكتب. وقد قامت الحملة بالقضاء على جزء كبير من بقايا أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية فى غزة، وأجبرت عائلات وفصائل سياسية أصغر حجماً على الانصياع لها، بل وتخطت المجتمع المدنى مقوضة إمكانات التعبئة المحدودة فعلياً لحركة "فتح" السياسية والعسكرية. هذا ولم ينقطع الحديث فى العواصم العربية عن مصالحة فلسطينية، وفي حين تدورالمناقشات في الولايات المتحدة حول احتمال توصل الرئيس "عباس" ورئيس الوزراء "أولمرت" لاتفاقية سلام، تتخذ الأحداث على أرض الواقع فى كل من غزة والضفة الغربية منحى مختلفاً اختلافاً باتاً.
منذ تولت "حماس" زمام الأمور في غزة فى يونيو 2007 اعتمدت الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول العربية وعناصر داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح على إستراتيجية تهدف إلى إضعافها من خلال عزل قطاع "غزة"، لكن هذا النهج بات بالياً فقد حققت الحركة الإسلامية سلسلة من الانتصارات التكتيكية الهامة، فعلى الصعيد الداخلى قامت بتحسين الوضع الأمنى وتهميش متحديها السياسيين، كما أعادت تشكيل البيروقراطية وأبعدت هؤلاء الذين لا يزالوا يدينون بالولاء للحكومة التى يقع مقرها فى رام الله. أما على الصعيد الخارجى فقد توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل وهو إتفاق غير مستقر لكنه لا يزال قائماً، و أيضاً وطدت حماس علاقاتها بالجهات الفاعلة الخارجية وآخرها الأردن.
و لكن تلك النجاحات لم تأت دون مقابل، فقد وُصمت الحركة بالوحشية كما أدت تلك التصعيدات إلى بث الخوف في نفوس الكثير من أهل غزة، خاصة بعد الاعتداء على أفراد عائلة "حلس"، فهم يعيشون فى حالة انتقالية من حكم الميليشيات إلى الحكم المدنى. أما الحكومة، والتي تعترف بأنها ملزمة بإدارة الأزمة، فتجد نفسها أمام اقتصاد فى وضع فوضوي، وكذلك جاءت الحركة على المعابر التجارية ضئيلة على نحو مخيب للآمال بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار. قامت حماس أيضاً بابعاد الفصائل الفلسطينية الأخرى، وعمقت الصدع بينها وبين مصر في حين عززت تصور الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها ستكون شريكاّ غير مرن فى المفاوضات، وإن كان ذلك أمراً لم يختبر فعلياً. كما أدت الأحداث إلى تعقيد الجهود الرامية للحفاظ على وحدة وانضباط الحركة (حماس)، حيث تراءت مآرب مختلفة للقيادة في غزة ونمت لديها نزعة جديدة للسلطة.
ترى حركة "حماس" في الوقت الراهن أن المكاسب تستحق ما تكبدته في المقابل، ولا يزال قادتها يأملون بأن المزيد من الأمن الداخلى والارتقاء بالحكم سوف يعزز شعبيتها محلياً، وأنه بينما تثبت تماسكها، سوف تتلاشى عزلتها الدولية شيئاً فشيئا. كما تجد "حماس" العزاء فى مصير خصمها المحلى، حيث لا يزال على السلطة الفلسطينية وحلفائها الدوليين أن يحولوا الضفة الغربية إلى نموذج للتقدم. كما إن احتمال التوصل الى اتفاق سلام شامل ينحسر يوماً تلو الآخر، وسوف تقوض شرعية الرئيس عباس أكثر عندما تنتهى مدة ولايته – وهي وفقاً لبعض التفسيرات قد تكون فى يناير 2009. وفى الوقت نفسه، تحول حماس غزة إلى نموذج من نوع مختلف تماماً: نموذج من الأمن الداخلي، وتوطيد النظام، ورفض التنازل عن المبادئ الأساسية للحركة.
إن وقف الانجراف نحو مزيد من الفصل بين الفلسطينيين، سواء على المستوى السياسى أو الجغرافى سيكون مهمة صعبة بل وتكاد تكون مستحيلة في هذه المرحلة، ففي غزة تتشكل حقائق جديدة؛ وكذلك الأمر فى الضفة الغربية حيث يرى بعض قادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية قطع جميع الروابط مع غزة، بما فى ذلك وقف دفع الرواتب مما يجعل الأمل في أي مصالحة أوإعادة للوحدة أو في عملية سلام ذات مصداقية أمراً بعيد المنال ووهميا أكثر من أي وقت مضى.

 

 

للإطلاع على الدراسة اضغط هنا

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,722,605

عدد الزوار: 6,910,381

المتواجدون الآن: 110