قراءة أميركية ترصد طفرة جديدة لـ«القاعدة» على حساب «داعش»..

تاريخ الإضافة الإثنين 3 أيلول 2018 - 8:18 ص    عدد الزيارات 2106    التعليقات 0

        

قراءة أميركية ترصد طفرة جديدة لـ«القاعدة» على حساب «داعش»..

تراجعت عمليات انصار البغدادي في أفريقيا..

الشرق الاوسط...القاهرة: إميل أمين.. في الخامس من فبراير (شباط) الماضي، نشر المركز الأميركي المتخصص في الشؤون الأفريقية تقريراً حول «نفوذ» التنظيمات الإرهابية في شمال أفريقيا، أكد تراجع «داعش» الإرهابي، فيما ضاعف تنظيم «القاعدة بالمغرب»، عملياته الإرهابية ويتفق التقرير الأميركي جملة وتفصيلاً مع دراسة صدرت حديثا عن مرصد الفتاوى في مصر، سيما فيما يخص تراجع وتقلص عمليات «داعش» وبنوع خاص في ليبيا العام الماضي. بات تنظيم «داعش» أقل التنظيمات الإرهابية فاعلية في أفريقيا، فقد تراجعت عملياته من 319 عملية في 2016 إلى 43 عملية فقط في 2017، خلفت من وراءها نحو 239 قتيلاً، أغلبهم من عناصر التنظيم المذكور، كما تراجعت عمليات «داعش» الإرهابي في تونس والجزائر على حسب المنوال. في المقابل يؤكد التقرير الأميركي على تضاعف عمليات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى 157 عملية مقابل 56 عملية في 2016. مع تضاعف عدد الضحايا بعد مبايعة «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي تشكلت في مارس (آذار) 2017. لكن، ماذا عن أهم التنظيمات التي يمكن أن تعتبر نواة «للقاعدة في شمال أفريقيا ودول الساحل» من جديد؟ نحن أمام طائفة متباينة من الأسماء، فمنها على سبيل المثال تنظيم «أنصار الشريعة» في تونس، وكتيبة عقبة بن نافع في تونس، وجماعة جند الخلافة في الجزائر، وتنظيم أنصار الشريعة وكتيبة أبي محجن الطائفي في ليبيا، وتبقى «حركة الشباب الإسلامية» الصومالية في المرتبة الأولى ضمن الجماعات الإسلامية الأكثر دموية وقامت بنحو 1593 عملية. متابعو الإرهاب المدعي الهوية الإسلامية، يشيرون إلى تهديدات تنظيم «القاعدة» بشن هجمات على شركات غربية في شمال وغرب أفريقيا، ووصفها بأنها «أهداف مشروعة». فعلى سبيل المثال جاء في بيان لـ«القاعدة في بلاد المغرب» في الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار) الماضي ما يلي: «قررنا أن نضرب العمق الذي يحافظ على استمرارية هذه الحكومات، والذي يمكن المحتل الفرنسي من توفير رغد العيش والرخاء لشعبه». أما العمق فكان يتناول بالإضافة إلى دول شمال أفريقياً، مالي، وبوركينافاسو، وكوت ديفوار، وجميعها في القلب الأفريقي. ومما لا شك فيه أن وجود «القاعدة» لم ينقطع أبدا من شمال أفريقيا وغربها، وكل ما جرى هو أن صوت «داعش» كان الأكثر علواً وارتفاعاً، بينما كانت القاعدة تعود من جديد رويداً رويداً لترتيب أوراقها. وهنا تلفت مجلة «النيويوركر» الأميركية في عدد أخير لها إلى أنه من المبكر جداً الاحتفال بهزيمة «داعش»، فمنذ صعود هذا النوع من التطرف قبل أربعة عقود، يتضح لنا أن من سماته الأكثر ديمومة، من خلال تجلياته دائمة التطور، هي قدرته على إعادة تأسيس وإحياء الحركات التي بدا أنها قد هزمت. وفي إطار الضربات القوية التي تلقاها الدواعش في العراق، وسوريا، فكأنهم وجدوا ضالتهم في دول شمال أفريقيا وتحديداً في ليبيا، من خلال إعادة الشراكة مع القاعدة، والتي بدا وكأن لها الآن اليد العليا في المشهد الإرهابي الأفريقي سيما بعد أن استطاع أعضاء «القاعدة» إعادة تقديم أنفسهم للعالم، وهذا ما يرصده تقرير مرصد الفتاوى في مصر ودراسته التي سجلت عدداً من التحولات على مستوى الخطاب الإعلامي للتنظيم خلال السنوات الماضية، إذا سعى التنظيم إلى تبني خطاب المقاومة ضد الاستعمار، وقوات الأمن من الجيش والشرطة الوطنية في تلك البلدان، كما حاول جاهداً إضفاء صبغة اجتماعية على إصداراته حيث صور مقاومته للجيش والشرطة كرد على انتهاكات الجنود ضد المواطنين المدنيين، كما أن عملياتهم تأتي ضد الفساد والقهر الذي تتعرض له شعوب المنطقة. ولعل القارئ بعد التدقيق لدراسة «مرصد الفتاوى» يدرك تمام الإدراك أن التنظيم بات متماسكاً منذ عام 2017. فهو يرتب أولوياته في استهداف قوات الشركات الفرنسية العاملة في منطقة تجمع دول الساحل الأفريقية، وكذلك السياح والعمال والأجانب، وخاصة الفرنسيين الموجودين في المنطقة، واستهداف بعثات قوات الأمم المتحدة، واستهداف قوات الجيش والشرطة في تلك البلاد محل الدراسة، وأخيراً استهداف العملاء المتعاملين مع القوات الفرنسية أو الأفريقية. أما كيف يمول تنظيم القاعدة عملياته الإرهابية في شمال أفريقيا وكذا غربها فإن المصادر المالية تكاد تكون معلومة للقاصي والداني، وفي المقدمة منها عمليات الاختطاف وتبادل الرهائن الأجانب، وتجارة المخدرات، وبيع السلاح وغسل الأموال، والسرقة والنهب، ثم تهريب المهاجرين، عطفاً بكل تأكيد على التبرعات والتمويلات المالية من الجماعات الداعمة حول العالم.

تونس وليبيا

يمكن القول بأن القاعدة وإن كان له وجود بشكل أو بآخر في الجزائر، فإن السلطات المحلية هناك من القوة والقدرة على ملاقاة أعضاء التنظيم الإرهابي والتعامل معهم، وقد كانت آخر معركة تلك التي جرت وقائعها في الخامس من أغسطس (آب) الماضي، حيث أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن القضاء على عدد من أمراء تنظيم القاعدة الإرهابي بولاية «سكيكدة» في شرق البلاد. هنا تبقى ليبيا وتونس الدولتان المرشحتان بنسبة غالبة لعودة القاعدة لتتجلى فيها تجلياتها السلبية والإرهابية من جديد. أما ليبيا فإن الأوضاع السياسية والاحتراب الأهلي والطائفي ووجود حكومة في الغرب تكاد تكون موالية بالمطلق للأصوليين، يجعل منها أرضا خصبة للقاعدة. كما أن ليبيا والتي تعد واحدة من أكثر الدول النفطية أهمية، تعد موقعاً وموضعاً للأطماع المالية للإرهابيين من كافة أنحاء العالم.

عطفاً على ذلك فإن القاعدة والتي ورثت تنظيم داعش في ليبيا أو تنسق مع جماعاته وخلاياه حتى الساعة، تتلاعب جيداً بالخطوط والخيوط التي رسمها القذافي سابقاً، عندما مد يد النفوذ الليبي إلى داخل دول أفريقيا، وهو الذي لم يتوقف عن وصف نفسه بأنه ملك ملوك أفريقيا. أما تونس، فهي الدولة الثانية المرشحة لأن يمد تنظيم القاعدة نفوذه على أراضيها، ومرد ذلك لأسباب كثيرة، في مقدمتها صغر حجمها الجغرافي، وعدة وعدد قواتها المسلحة القليل نسبياً حيث لا يتجاوز 35 ألف عسكري، بالإضافة إلى أنها الدولة التي كانت مصدر ظاهرة «الربيع العربي» المكذوب، ولا تزال جماعة «الإخوان» فاعلة فيها، كما أن حكومتها لم تستطع بسط نفوذها على كافة أنحاء البلاد. وفي حديث لوكالة «رويترز» يؤكد مصدران أمنيان تونسيان، أنه بعد أن تضاءلت جاذبية «داعش» وفقد معاقله في كل من ليبيا المجاورة والعراق وسوريا، حيث بدأ المقاتلون يعودون لديارهم، أو يبحثون عن قضايا جديدة يقاتلون من أجلها، فإن ذلك دفع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي إلى السعي لجذب مواهب جديدة بين المقاتلين السابقين من تنظيم الدولة. قبل بضعة أشهر قتلت القوات الخاصة التونسية «بلال القبي» المساعد الكبير لعبد الملك درو كال المعروف باسم «أبو مصعب عبد الودود»، زعيم تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب»، وذلك في منطقة جبلية مع الجزائر... ما الذي كان يفعله «القبي» هناك؟...بحسب المصادر الأمنية التونسية، يبدو أن «القبي» كان بالفعل في مهمة لإعادة توحيد مجموعات مقاتلي القاعدة المتشرذمين في تونس، وهو ما دفع الجيش التونسي للتأهب للمزيد من عمليات التسلل المحتملة. ولم يكن «القبي» المتشدد البارز الوحيد الذي يتم إرساله لإعادة تجميع تنظيم القاعدة في تونس، إذ تشير مصادر أمنية تونسية إلى المدعو «حمزة النمر»، الجزائري الذي انضم للقاعدة في 2003. وأرسل لقيادة خلية في تونس لكنه قتل مع «القبي» في نفس العملية. من هنا يتبين لنا أن هناك رابطا كبيرا بين الجزائر وتونس بنحو خاص، بمعنى أن الهيكل القيادي في دول المغرب العربي يكاد يكون حكراً وحصراً على الجزائريين، سيما المنتمين للقاعدة، بينما كان التونسيون وحتى وقت قريب يهيمنون على قيادة جماعة منافسة على صلة فضفاضة بـ«داعش» وتتمركز في نفس المنطقة.

«القاعدة» في العمق الأفريقي

لم تكن أعين الاستخبارات الأميركية لتغيب عما يجري من إحياء للقاعدة في غرب أفريقيا، حيث تنشط التنظيمات المسلحة في منطقة شبه فاصلة، تمتد على طول الحدود الجنوبية في منطقة الصحراء من مالي إلى نيجيريا، وتقول الاستخبارات العسكرية الأميركية بأن الدعم الخارجي للإرهابيين في غرب أفريقيا يأتي عادة من ليبيا، وفي القلب من تلك الجماعات تأتي جماعة «دعم الإسلام والمسلمين» وهي فرع لتنظيم القاعدة، جرى تأسيسه العام الماضي من قبل أربع مجموعات محلية، وتعرف اختصاراً باسم «جينم»، وهذه تنشط في شمال ووسط مالي،، وخصوصاً مدن كيدال، وتمبوكتو، وموبتي. والشيء المزعج لأجهزة الاستخبارات الأجنبية هناك هو أن عملية الاندماج بين تلك الجماعات ماضية قدماً، ما أعطى القاعدة هناك زخماً جديداً، الأمر الذي يفسر زيادة عدد الهجمات. ولفهم خطورة مشهد التطرف والإرهاب القاعدي العائد من جديد إلى الأفق الأفريقي، ربما يتعين علينا الرجوع إلى المذكرة التي أعدها الرئيس الجزائري «بوتفليقة» في يوليو (تموز) 2017، وقدمها للاتحاد الأفريقي بصفته منسق الاتحاد لشؤون مكافحة الإرهاب، حيث أشار إلى أن هناك أكثر من خمسة آلاف أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة، وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى، ولعل ما يؤكد مصداقية ما كشف عنه الرئيس بوتفليقة هو أن القارة السمراء تعد مركزاً لنحو 64 منظمة وجماعة إرهابية، ينتشر معظمها من أقصى الساحل الأفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الأفريقي في الشرق، ساهم في ذلك الانتشار تداخل الأفكار المتطرفة مع التركيبة التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والفراغ الأمني في تلك المنطقة في تلك المنطقة. ويبدو أن شمال وغرب أفريقيا مقبلان على تحولات ومعطيات أمنية مثيرة وخطيرة، سيما وأن الرابط الآيديولوجي بين «داعش» و«القاعدة» قريب جداً، وهناك إشارات كثيرة على الأرض تقول بأن التعاون محتمل جداً بين التنظيمين، عطفاً على احتمالية ظهور وليد إرهابي جديد من ثمرة التقاء الجماعتين الإرهابيتين، وربما هذا ما أماطت اللثام عنه صحيفة الغارديان البريطانية مؤخراً، إذا أشارت إلى وجود رؤية جديدة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، تهدف إلى وراثة التنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم داعش، بعد الخسائر التي مني بها في سوريا والعراق. الصحيفة البريطانية التي استقت معلوماتها من الأجهزة الأمنية البريطانية تشير إلى أن تنظيم «القاعدة الإرهابي» شرع منذ أغسطس 2017 في حملة تجنيد إرهابيين من بعض دول المنطقة منها الجزائر، تلتها حملة ثانية أطلقتها في سوريا في سبتمبر (أيلول) الماضي. والشاهد أنه في أعقاب تلك التقارير الأمنية سارع محللو ومسؤولو الأمن في الدول الأوروبية إلى دراسة ظاهرة التجنيد من قبل القاعدة، ومدى تأثيرها على بلدانهم مستقبلاً. هل نحن أمام خطر جديد يهدد المنطقة والعالم؟..

تنظيم «القاعدة» يزحف إلى المناطق «الرخوة».. توسّع في اليمن وأفريقيا... و«حمزة» في المشهد

الشرق الاوسط...القاهرة: وليد عبد الرحمن... بعد مرور 30 عاماً على تأسيس «القاعدة»... بداية من 1987 عندما أقام أسامة بن لادن (زعيم القاعدة السابق) مخيم تدريب في أفغانستان، وأصبح فيما بعد يعرف باسم «القاعدة». بات التنظيم الذي يمتلك سجلاً أسود في العمليات الإرهابية، يتقدم في المشهد الدموي على «أطلال» غريمه «داعش»، وبدأ «القاعدة» يخطط ليكون التنظيم الأول، كما كان قبل ظهور «داعش»... والفترة الأخيرة شهدت زيادة نشاطات «القاعدة» في اليمن؛ فالتنظيم استطاع أن يستغل هذه الحرب لزيادة أسهمه، ورغم أن نشاطاته الإرهابية قلت مؤخراً، زاد أسهمه، ووجوده. فتنظيم القاعدة الذي قاد حركة «الجهاد العالمي» منذ نحو العقدين، ونفذ عملية هزت أميركا في «11 سبتمبر (أيلول)» عام 2001، كما قام بتفجير مبنى سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في نيروبي ودار السلام بكينيا؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص عام 1998، تعرض لمرحلة «خفوت» عززها ظهور «داعش»؛ إلا أن الأخير دخل في مرحلة خسارة الأرض والنفوذ بالعراق وسوريا، ولاذت عناصره الأكثر شهرة بالفرار. مختصون في الحركات الأصولية بمصر قالوا لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاعدة» لن ينتهي أو يتلاشى؛ لأن عوامل البقاء موجودة وتغذيها بعض المشكلات الإقليمية والدولية... فالتنظيم لم يخف خلال السنوات السبع الماضية سعيه الحثيث للحضور ضمن دائرة التأثير في شمال وغرب أفريقيا، وجدّد خلال تلك المدة شبكاته وهياكله وتطوير خطابه الإعلامي. وأكد المختصون، أن «القاعدة» توسع في اليمن أيضاً، والزحف قادم في المناطق «الفارغة والرخوة» مثل، الصحراء الغربية في ليبيا، وبعض المناطق بالسودان، والصومال، وإريتريا، واليمن، وسوريا، والعراق، وفي آسيا، وفي عدد من العواصم الكبيرة الضخمة التي بها عناصر لها مظلوميات داخل دولها مثل «الصين، وفرنسا، وألمانيا».
تقدم بعد زوال
قتل «بن لادن» عام 2011 عندما داهمت القوات البحرية مجمعه في أبوت آباد في باكستان، وتوقع البعض حينها أن يؤدي ذلك إلى زوال «القاعدة»؛ لكن لم يحدث هذا، حيث بحلول نهاية العام الماضي، كان «داعش» في حالة يرثى لها؛ إذ حررت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة المدن العراقية والسورية، التي كانت تحت سيطرة «داعش»، وبدأ تنظيم القاعدة يتقدم من جديد وينتعش.
من جهته، أكد عمرو عبد المنعم، الخبير المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن هناك تطوراً لتنظيم القاعدة خلال الأشهر الماضية، والذي يدلل على ذلك تطوران، الأول هو أن الفكر القاعدي لا ينتهي ولا يندثر؛ لأن عوامل بقائه واستمراره متوافرة في العالمين العربي والغربي، وبالتالي ينحصر ثم يتقدم من جديد. أما التطور الآخر، فهو الصراع الحقيقي بين «القاعدة» و«داعش»، ومن هم القادة الفعليون للتنظيم الأصلي؟ مضيفاً أن «الضربات التي تلقاها (داعش) في سوريا والعراق، جعلت (القاعدة) يحاول أن يرث الإرث الداعشي، وبخاصة أن هناك أكثر من إصدار مرئي لأيمن الظواهري زعيم (القاعدة) يهاجم فيه (داعش) وزعيمها أبو بكر البغدادي، وأنهما (أي «داعش» والبغدادي) يسعيان لشق صف المسلمين، وأنهم صاروا أسوأ من (الخوارج) فلم يكتفوا بتكفير المسلمين بما ليس بمُكفر؛ بل كفروا العلماء والصالحين والمجاهدين».
تآكل «داعش»
وقال مراقبون، إن هجوم «الظواهري» على «البغدادي» عزز الخلاف بين «القاعدة» و«داعش» منذ الإعلان عن «الخلافة المزعومة» في 2014؛ إذ كان زعيم «داعش» ومن معه يرون أن فرض «دولة» بالقوة هو الخيار الوحيد لتنفيذ حلم «الإسلاميين» في دولة؛ في حين كان يرى «القاعدة» أن طرح فكرة «الدولة الإسلامية» في الظروف الدولية الحالية يضر بالفكرة وسيكون مصيرها الفشل. لكن انتهاء «داعش» الذي تآكلت «دولته المزعومة» عقب الانتصارات الواسعة التي حققتها القوات المتعاونة بقيادة أميركا، دفع كثيراً من «المتطرفين» لفقد انبهارهم بـ«داعش»؛ وهو ما يعني نجاحاً ضمنياً لتصور «القاعدة» عن «داعش» - على حد زعم التنظيم -، وفي سبيل ذلك يسعى «القاعدة» لاستعادة صدارة التنظيمات الإرهابية. ويتفق المختصون والمراقبون على أن «القاعدة» يشارك «داعش» الأهداف نفسها بعيدة المدى؛ لكنها تسير على طريق مختلفة، تريد أن تسير في بطء وفي حذر... وكان تنظيم «القاعدة» يستثمر في العمل طويل المدى. رغم اختفائه كثيراً من الساحة، ظل باقياً، وها هو يتجدد الآن قائداً للحركة الجهادية العالمية.
تأهيل حمزة
وبشأن كون حمزة بن لادن مؤهلاً لقيادة «القاعدة» مستقبلاً، لم يستبعد عبد المنعم ذلك، مؤكداً قد يكون التنظيم يعد «حمزة» لخلافة «الظواهري» أو أي قيادة أخرى. ويدلل على ذلك بأن التنظيم لا يثق في أي قيادة من خارج «القاعدة»؛ لذلك يتم تصعيده من باب التوثيق. فبعض قيادات «القاعدة» تدفع بـ«حمزة» لكونه «فلاش» إعلامياً، ليقول التنظيم إنه «باقٍ». في حين ترى قيادات أخرى في «القاعدة» أنه لا يتولى القيادة إلا من هو أكبر القيادات سناً، والذي لم يتعرض لمحن، وليس لديه أي شبهات في تاريخه.
وقال عبد المنعم، إن الجانب الفكري عند «القاعدة» و«داعش» واحد؛ لكن الصراع بات واضحاً في «الخلافة» ومن يتولى «الخلافة» ومن بايع من؟، فتأخر الإعلان عن وفاة المُلا عمر (الزعيم الروحي لحركة طالبان الأفغانية) أكثر من عامين ونصف العام ساهم في إحداث فجوة كبيرة. فضلاً عن استراتيجية «داعش» في الحرب على العالم كله، لكن «القاعدة» ترى الحرب بالوكالة أو المرحلية أو تقديم عدو على عدو، أو تصفية الأعداء وفي بعض المراحل الأنظمة أو الغرب... فوجود «القاعدة» أو «داعش» لن ينتهي أو يتلاشى؛ لأن عوامل البقاء موجودة وتغذيها بعض المشكلات الإقليمية والدولية.
توسعات مستقبلية
كما رصدت الكثير من الدراسات والتقارير الدولية، تمدد «القاعدة» في شمال وغرب أفريقيا، وبخاصة دول مجموعة الساحل مضافاً إليها تونس والجزائر... وأن التنظيم يمثل التهديد الأول والأخطر على أمن واستقرار منطقة شمال وغرب أفريقيا... وسبق أن هدد فرع لتنظيم القاعدة بشن هجمات على شركات غربية في شمال وغرب أفريقيا، ودعا إلى مقاطعتها. وعن توسعات «القاعدة» الحالية على حساب «داعش»، قال عبد المنعم، إن «القاعدة» توسع في أفريقيا واليمن، والزحف قادم في المناطق الفارغة، فضلاً عن توسعات قادمة في المستقبل للتنظيم، وليس أمامنا سوى ملء الفراغين السياسي والفكري؛ لأنه حتى في تعامل «القاعدة» مع الغرب كانت له أكثر من طريقة، ومهم جداً أن نعرف استراتيجيات تنظيمات العنف والإرهاب... فعندما انتقل «القاعدة» من أفغانستان إلى العراق كان أقل حدة في التعامل مع الأمر السياسي، وعندما انتقل لسوريا حدث المشهد نفسه، وهذا سبب انتقال عناصر من «القاعدة» إلى «داعش».
ويؤكد المراقبون أن الوسائل التي يعتمد عليها تنظيم «الظواهري» في المناطق التي يتمدد فيها تتمثل في «عمليات اختطاف وتبادل الرهائن الأجانب، وتجارة المخدرات، وبيع السلاح، وغسل الأموال، والسرقة والنهب، وتهريب المهاجرين، والتبرعات، وتحويل الأموال، من الجمعيات غير الشرعية».
هيكلة جديدة
في غضون ذلك، أعدت دار الإفتاء المصرية دراسة عن تنظيم «القاعدة»، وكشفت عن أن التنظيم لم يخف خلال السنوات السبع الماضية سعيه الحثيث للحضور ضمن دائرة التأثير في شمال وغرب أفريقيا، وجدّد خلال تلك المدة شبكاته وهياكله وتطوير خطابه الإعلامي.
وأوضح معدو الدراسة، أن التنظيم سعى إلى الامتثال لتعليمات «الظواهري» بضرورة عمل تحالف واندماج الجماعات «المتطرفة» في محاولة لمعالجة التشتت والتخبط التنظيمي، الذي عانى منه التنظيم خلال السنوات الماضية؛ وهو ما أضعفه. لذا؛ عملت خمسة أفرع تابعة للتنظيم في المنطقة على تبني نهج التحالف والاندماج تحت اسم «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهو يعد التنظيم الأخطر في المنطقة منذ تأسيسه في 2017 لجهة عدد العمليات في مالي. ويشار إلى أن لتنظيم القاعدة 5 أفرع، هي «جبهة النصرة في سوريا، والقاعدة في شبه الجزيرة العربية باليمن، والقاعدة في شبه القارة الهندية بجنوب آسيا، والشباب في الصومال، والقاعدة في المغرب الإسلامي بشمال أفريقيا»، وهناك روابط مع مجموعات أخرى في سوريا، وأفغانستان، وباكستان، وغرب أفريقيا.
الذئاب المنفردة
في هذا الصدد، لفت عمرو عبد المنعم إلى أنه لا بد من أن نفرق بين التنظيمات التي تواجه أنظمة عربية أو غربية، والتي تولد من رحم هذه التنظيمات، والتي تبدأ من الصفر، فالتنظيمات الكبيرة مثل «القاعدة» ولها تاريخ، إذا لم تتلاشَ فسوف تتحول إلى تنظيمات أخرى؛ لذلك سوف يتوسع تنظيم القاعدة في مناطق أخرى «فضاء ورخوة»، مثل، الصحراء الغربية في ليبيا، ومناطق بالسودان، والصومال، وإريتريا، وبعض المناطق في اليمن، وسوريا، والعراق، وفي آسيا، وفي عدد من العواصم الكبيرة الضخمة التي بها عناصر لها مظلوميات داخل دولها مثل «الصين، وفرنسا، وألمانيا»، مضيفاً: ينشط القاعدة في هذه الأماكن عن طريق «الذئاب المنفردة» أو ما يعرف باسم «العملية الواحدة»، وفيها عنصر واحد يساعده آخر، الأول يتم توقيفه من قبل سلطات الدول أو يقتل في عملية انتحارية، والآخر يذهب للتنظيم بالعملية ليعلنها للجميع... لذا؛ سوف نجد نشاطاً أكبر لـ«القاعدة» وهذا مكمن الخطر. ويرى المراقبون أيضاً، أن كثيراً من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تلقت تدريبات على يد عناصر «القاعدة» انفصلت عن التنظيم خلال السنوات الماضية وانضمت إلى تنظيمات أخرى مثل «داعش». ويسعى «القاعدة» إلى ضم هؤلاء «الدواعش» الآن. وذكرت دراسة دار الإفتاء، أنها اعتمدت على شواهد كثيرة تدل على تنامي «القاعدة» منذ عام 2017 بعد أن تمكن التنظيم من إعادة بناء قدراته بهدوء خلال السنوات الماضية، في ظل توقعات بأن يكون التنظيم أكثر نشاطاً وخطورة على الأمن القومي لعدد من المناطق الإقليمية ودول بعينها في شمال وغرب أفريقيا. وأكدت الدراسة وجود علاقة قوية بين المراجعات التي أعدها قيادات من التنظيم بهدف إعادة إحيائه وتجديد نشاطه، وبين ممارسات التنظيم خلال السنوات الماضية؛ وهو ما يؤشر إلى أهمية تلك المراجعات في فهم ورصد أهم الاستراتيجيات التي سينطلق منها التنظيم لتنفيذ عملياته، كما أنها تساعد على رصد الأهداف التي يمكن للتنظيم استهدافها في عمليات تمدده. كذلك، تعطي صورة أوضح لفهم خطاب التنظيم الإعلامي.

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,081,809

عدد الزوار: 6,934,020

المتواجدون الآن: 85