رئيس غينيا الاستوائية..هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟..

تاريخ الإضافة السبت 24 أيلول 2022 - 4:25 ص    عدد الزيارات 881    التعليقات 0

        

هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟....

رئيس غينيا الاستوائية يسعى لتحسين صورته عالمياً قبل «توريث» السلطة

الشرق الاوسط... القاهرة: محمد عبده حسنين...

يبدو أن تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، رئيس غينيا الاستوائية، صاحب «الرقم القياسي» العالمي لأطول ولاية رئاسية في دولة يحكمها نظام جمهوري، يدرك أن عليه وضع ترتيبات نهاية عهده، الذي امتد 43 سنة وما زال مستمراً. فرغم عدم إفصاحه علناً عن موقفه من الترشح مجدداً للمنصب، في انتخابات قام بتقديم موعدها، فإنه اتخذ مؤخراً عدة إجراءات تستهدف إلى تحسين صورته العالمية، فيما لا تزال غينيا الاستوائية تملك أحد أسوأ سجلات حقوق الإنسان في العالم، وربما تُمهد لتمرير مشروعه لتوريث كرسي الحكم إلى «نجله المدلل»، بحسب معارضيه، الذين يرون في حكمه «نظاماً ديكتاتورياً»، يحكم البلاد بـ«قبضة من حديد». وتعتبر غينيا الاستوائية، القابعة في وسط القارة الأفريقية، من أكثر دول العالم انغلاقاً وفقراً، رغم ثروتها النفطية، في ظل اتهامات بتفشي الفساد.

تزداد أهمية غينيا الاستوائية، الدولة الأفريقية الوحيدة الناطقة بالإسبانية، في ظل تداعيات الأزمات الدولية الراهنة وسياق التنافس الأميركي - الصيني في قارة أفريقيا، وفقاً للدكتور محمد عبد الكريم أحمد، الباحث في الشؤون الأفريقية في معهد «الدراسات المستقبلية» في بيروت، إذ برز اسم غينيا الاستوائية على قائمة الدول الأفريقية المرشحة لاستضافة أول قاعدة بحرية صينية في المحيط الأطلسي، الأمر الذي نبه إلى خطورته القائد السابق للقوات الأميركية في أفريقيا، ستيفن تاونسند، في أواخر عام 2021. ويرى عبد الكريم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه رغم بلوغ الرئيس أوبيانغ الـ80 عاماً، واستمراره في السلطة منذ عام 1979، من المرجح أن يعمد إلى ترتيب الأوضاع الهادفة لاستمرار توليه المنصب، على الأقل في العامين المقبلين، ريثما يتيسر التوصل لاتفاق فعلي مع الصين بخصوص إنشاء قاعدة بحرية، مع توقعات اقتصاديين بنفاد موارد الطاقة في غينيا الاستوائية، حسب معدلات الاستخراج الحالية، بحلول عام 2035، ما يتطلب البحث عن بدائل اقتصادية لتعويض النقص في الدخل الوطني. ولا يستبعد الخبير في الشأن الأفريقي، سيناريو التوريث لنجله ونائبه تيودورين، الذي حُكم عليه غيابياً في فرنسا في عام 2020 بتهمة الاحتيال، بالتوازي مع عزم الرئيس الحالي على تولي فترة رئاسة جديدة يكمل خلالها كثيرا من الملفات العالقة (مثل العلاقات مع فرنسا) والمثيرة للجدل، لتهيئة المجال أمام رئاسة مستقرة لابنه.

- تجميل الصورة دولياً

وفي محاولة لتحسين سجل بلاده الحقوقي، والذي يواجه انتقادات دولية عدة، أقدم الرئيس أوبيانغ نغويما مباسوغو، الأسبوع الماضي، على قرار إلغاء عقوبة الإعدام، مع العلم أنه عادة ما تصف منظمات حقوقية دولية النظام الحاكم في غينيا الاستوائية، بـ«الاستبدادي»، وتتهمه بـ«الوقوف خلف عمليات اختفاء قسري واعتقال تعسفي وتعذيب للمعارضين». وكان آخر حكم بالإعدام نُفّذ رسمياً في غينيا الاستوائية في 2014، بحسب منظمة العفو الدولية. وفي تغريدة على تويتر، قال تيودورين، نائب الرئيس: «أكتبها بالخط العريض لتكريس هذه اللحظة الفريدة: غينيا الاستوائية ألغت عقوبة الإعدام». وهذا القانون الذي سبق أن أقرّه البرلمان، سيدخل حيّز التنفيذ «خلال 90 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية». وفي هذا السياق، وفي أحدث تقرير لها حول مكافحة العصابات في غينيا الاستوائية، أدانت منظمة العفو الدولية سياسة الحكومة لمحاربة هذه العصابات، معتبرة أنها «تقوّض حقوق الإنسان» عبر ممارستها اعتقالات تعسفية وأعمال تعذيب وإخفاء قسريا. لكن نائب الرئيس رد معتبراً أن التقارير التي تتهم بلاده بانتهاكات لحقوق الإنسان ««تفتقر إلى الأساس والمصداقية». مع هذا، عبّر تقرير للمفوّض الساميّ لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، عام 2018، عن «قلق عميق حيال توقيف المعارضين، دون إجراء تحقيقات شفّافة وشاملة، واحترام ضمانات الإجراءات القانونيّة الواجبة».

- تقديم موعد الانتخابات

بموازاة إلغاء الإعدام، أعلن مرسوم رئاسي الأسبوع الماضي، إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ما يعني تقديم موعد الرئاسيات 5 أشهر، إذ كان مقرراً إجراؤها في البداية في الربع الأول من عام 2023 المقبل.

وبرر الرئيس الغيني توحيد موعد إجراء الانتخابات بكلفتها المالية «في ظل أزمة اقتصادية بسبب الحرب في أوكرانيا، وجائحة كوفيد-19 على وجه الخصوص». وقال الرئيس إن «قرار إجراء جميع الانتخابات في الوقت نفسه مدفوع بالرغبة في مساعدة الحكومة على الوفاء بالالتزامات العديدة الملقاة على عاتقها، في وقت تضرب فيه الأزمة الاقتصادية العالم بشكل عام، وبلدنا بشكل خاص». وتابع أن «تمويل عدة انتخابات سيكون له تأثير على الوضع الاقتصادي للبلاد». في الواقع، ليس من الواضح في الوقت الحالي ما إذا كان الرئيس سيكون مرشحاً لفترة ولاية جديدة مدتها سبع سنوات، أم أنه سيفسح المجال لابنه، خصوصاً وأن الحزب الحاكم لم يعلن عن اسم مرشحه خلال مؤتمره الأخير الذي عقد نهاية عام 2021. ويرى الدكتور عبد الكريم أحمد أن تحركات الرئيس الأخيرة، مثل إلغاء عقوبة الإعدام لتحسين سجل بلاده في ملف حقوق الإنسان، والتبكير بالانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في العام المقبل لتعقد نهاية العام الحالي، لا تعني بالضرورة بدء إجراءات توريث الحكم، ولكن في المقابل فإن «التبكير بوقت الانتخابات لتكون في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل يجعلها عملياً مترافقة مع تصعيد دولي مرتقب، لا سيما على ساحة الأزمة الروسية الأوكرانية... ومن ثم يزيد من هامشية الاهتمام الدولي بهذه الانتخابات ومخرجاتها، سواءً لجهة تجديد فترة رئاسة الرئيس الحالي أم اختيار نائبه». وهنا تجدر الإشارة إلى أن «الحزب الديمقراطي في غينيا الاستوائية» (PDGE) يهيمن تقريباً على كل سلطات الحكم في الدولة، بينما يمنح الدستور، الذي صدر عام 1982، الرئيس سلطات غير محدودة، بما في ذلك سن القوانين بأمر مباشر. ومن بين صلاحيات أوبيانغ، تعيين وإقصاء أعضاء البرلمان، وسن القوانين بالأمر المباشر، وحل البرلمان والمطالبة بانتخابات تشريعية.

- بطاقة هوية... ونشأة عسكرية

نشأ تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، الذي ولد في بلدة أكواكان الصغيرة أقصى شرق البلاد، في 5 يونيو (حزيران) 1942، وتلقى نشأة عسكرية صارمة. فقد انضم إلى المؤسسة العسكرية خلال فترة الاستعمار الإسباني للبلاد، ما أهله لدخول الأكاديمية العسكرية في مدينة سرقسطة في شمال إسبانيا. وبعد التخرج من الأكاديمية العسكرية، شغل أوبيانغ العديد من المناصب في عهد رئاسة عمه فرانسيسكو ماسياس نغويما، بما في ذلك منصب مدير سجن «بلاك بيتش» سيئ السمعة، وهذا قبل أن يطيح بعمه في انقلاب دموي وقع يوم 3 أغسطس (آب) 1979. وأحكم أوبيانغ قبضته على السلطة، وأصدر الأمر بإعدام سلفه رمياً بالرصاص على يد فرقة عسكرية، وفرض سيطرته رئيسا للبلاد، ورئيسا للمجلس العسكري الأعلى، قبل أن يعلن «عودة اسمية» إلى الحكم المدني في عام 1982. وبعد صدور دستور 1982، تم انتخاب أوبيانغ رئيساً لمدة سبع سنوات، وكان المرشح الوحيد. ثم أعيد انتخابه في عام 1989، مرة أخرى باعتباره المرشح الوحيد. وبعدما سُمح اسمياً لأحزاب أخرى بالتنظيم في عام 1992، أُعيد انتخابه في عامي 1996 و2002 بنسب تتخطى الـ95 في المائة من الأصوات. وتكرر الأمر في عام 2009، بحصوله على أكثر من 95 في المائة من الأصوات، ثم في 2016، ولكن هذه المرة بنسبة 93.7 في المائة. وأسس الرئيس أوبيانغ «الحزب الديمقراطي لغينيا الاستوائية» (PDGE) عام 1987، الذي ظل الحزب القانوني الوحيد في البلاد حتى عام 1992. ومع استفادة عهده من تحوّل غينيا الاستوائية إلى منتج مهم للنفط، بدءاً من التسعينيات، تولى أوبيانغ رئاسة الاتحاد الأفريقي من 31 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى 29 يناير 2012. خصوم الرئيس يتهمونه بأنه يحكم البلاد بيد من حديد، وأنه عمل على امتداد سنوات حكمه على تكديس ثروة هائلة، في حين بقيت أجزاء واسعة من غينيا الاستوائية عالقة في براثن الفقر، ولم تنجح في أن توفر لأبنائها إمكانية الحصول على التعليم أو الرعاية الصحية اللائقين. ومع أن البلاد أصبحت ثالث أكبر دول أفريقيا جنوب الصحراء في إنتاج النفط خلال السنوات الأخيرة، فإن الثروة لم توزع على أبناء البلاد بصورة عادلة. ويقول البنك الدولي إن 77 في المائة من سكان غينيا الاستوائية البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة يعيشون في فقر.

- اتهامات بالفساد

من جهة ثانية، يواجه الرئيس أوبيانغ اتهامات على نطاق واسع بالرشوة وإساءة استخدام السلطة، طوال فترة حكمه، من قبل معارضيه ومنظمات دولية (حكومية وغير حكومية). فقبل 12 سنة، وتحديداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، علقت «اليونسكو» منح جائزة في علوم الحياة تحمل اسم «تيودورو أوبيانغ»، بعدما اتهمت منظمات من المجتمع المدني الأمم المتحدة بالسماح للرئيس أوبيانغ بتلميع سمعته من خلال تمويل هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها 3 ملايين دولار، بدلاً من استخدامها لتحسين مستويات معيشة شعبه الذي يقبع تحت براثن الفقر. وتتسع دائرة الفساد حول الرئيس لتشمل عائلته، وعلى رأسها نجله تيودورين أوبيانغ الذي يتبوأ حالياً منصب نائب الرئيس. تيودورين يُعرَف في أوروبا بـ«الابن المدلل». وقد شغل قبل عام 2012 منصب وزير الزراعة والغابات في حكومة والده، ثم عُيّن في مايو (أيار) 2012 نائباً ثانياً للرئيس (والده)، وكان مسؤولاً عن الدفاع والأمن في غينيا الاستوائية. وفي يونيو (حزيران) 2016 رُقّي إلى منصب النائب الأول للرئيس. وتشير حسابات تيودورين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نمط حياة مترفة، حيث ينشر فيها رحلاته وممتلكاته ولقاءاته مع المشاهير، الأمر الذي ضاعف شبهات الفساد حوله، لتمويل صفقاته الشرائية للمنتجات الفارهة، بدءاً بالطائرات الخاصة النفاثة، وصولاً إلى مقتنيات مغني البوب العالمي الراحل مايكل جاكسون. بل إن الأمر تخطى الاتهامات ليبلغ الملاحقات القانونية. ففي عام 2016، صادرت سويسرا مجموعة من سياراته الفاخرة بعد تحقيق فساد، ووصل حصاد مبيعات تلك السيارات إلى ملايين الدولارات عندما باعتها السلطات في مزاد علني عام 2019. ووفق مدعين سويسريين فإنهم «حفظوا تحقيقاً مع تيودورين بشأن غسل أموال واختلاس مال عام، بترتيب يقضي ببيع السيارات لتمويل برامج اجتماعية». وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، حكم القضاء الفرنسي على تيودورين (غيابياً) بالسجن 3 سنوات مع وقف التنفيذ، وبغرامة قيمتها 30 مليون يورو، في إطار قضية تتعلق بحيازة ممتلكات بطريقة غير مشروعة. وأمرت المحكمة أيضاً بمصادرة كل الممتلكات التي حجزتها. وتتضمن الاتهامات تبييض أموال عبر استغلال مساعدات اجتماعية، وغسل أموال عامة مختلسة، واستغلال الثقة وتبييض أموال من طريق الفساد. وبينما انتقد نائب الرئيس محاكمته في فرنسا، أوضحت المحكمة أنها تتمتع بصلاحية محاكمة تيودورين أوبيانغ، لأن قرارها يتعلق «بمخالفة تبييض أموال في فرنسا» من قبل نائب الرئيس لاستخدامه «الشخصي»، وليس «لوقائع ارتكبت في غينيا الاستوائية خلال أدائه مهامه». أيضاً، عام 2018 صادرت الشرطة البرازيلية ملايين الدولارات نقداً، بما في ذلك مجموعة من الساعات الفاخرة من وفد رافق تيودورين في السفر، بعد فحص طائرتهم الخاصة في ساو باولو. وفي يوليو (تموز) 2021، فرضت بريطانيا عقوبات على تيودورين بتهمة اختلاس أكثر من 425 مليون يورو (500 مليون دولار)، أنفقها على قصور فاخرة وطائرات خاصة وأشياء أخرى. ووجهت إليه بريطانيا تهمة المشاركة في «ترتيبات تعاقدية فاسدة وطلب رشاوى لتمويل أسلوب حياة فَخْم لا يتوافق مع راتبه الرسمي كوزير في الحكومة». وبالإضافة إلى كل ذلك، أرغمت السلطات الأميركية تيودورين في أكتوبرعام 2014 على إعادة ما يزيد على 30 مليون دولار من الأموال المكتسبة بطرق غير شرعية، وممتلكات منها فيلا في ماليبو (كاليفورنيا) وسيارة من طراز فيراري وبعض المخلفات التذكارية لمايكل جاكسون.

- أزمة مستمرة مع الغرب

على صعيد آخر، في العادة يعتمد طول بقاء الرئيس في الدول الأفريقية في الحكم على علاقات خارجية قوية تتغاضى عن مخالفاته. لكن العكس صحيح مع تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو. فهو صاحب تاريخ واسع من العلاقات المتأزمة، خاصة مع الدول الغربية، بسبب الحملات والعقوبات الدولية ضد نجله تيودورين. بل إن الدول الأوروبية أغلقت سفاراتها في البلاد، واحدة تلو الأخرى، لتكون فرنسا وإسبانيا فقط الدولتين الأوروبيتين الوحيدتين اللتين أبقيتا على تمثيلهما في مدينة مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية. وردّت السلطات في غينيا الاستوائية على بريطانيا بإعلان إغلاق سفارتها في لندن، احتجاجاً على العقوبات التي فرضتها بريطانيا على تيودورين، الذي جُمِّدت أصوله في لندن وحُظِرَ من دخول بريطانيا. كما ردت على إدانة تيودورين في فرنسا باحتجاز هليكوبتر عسكرية فرنسية، منتصف العام الماضي، ادعت سلطات مالابو أنها «هبطت من دون تصريح»، كما ذكرت السلطات أنها «لا تَستبعد أن تكون هذه الحادثة العسكرية عملية تجسُّس واستفزاز مِن قِبَل باريس». لكن الجيش الفرنسي نفى اتهامات غينيا الاستوائية بتقويض أمن البلاد ومحاولات التجسس، وأوضح الناطق باسم رئيس أركان الجيوش الفرنسية أن هبوط الهليكوبتر «يعني ببساطة نفاد الوقود أثناء مهمة للجنود الفرنسيين بين الكاميرون وليبرفيل في الغابون، لا سيما أن الطائرة ما كانت مُسلَّحة، وكذلك الجنود».

«فوبيا الانقلابات»... أرق دائم لرئيس تجاوز حكمه 4 عقود

القاهرة: «الشرق الأوسط»... يعيش رئيس غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، حالة تصفها قوى المعارضة بـ«فوبيا الانقلابات»، خشية الانقلاب على حكمه بالطريقة نفسها التي صعد بها، رغم نجاحه في تأمين منصبه طوال 43 سنة. وبالفعل، على مدار سنوات حكمه، أعلنت السلطات الأمنية عن إحباطها أكثر من محاولة للانقلاب على الحكم، لكن بعض المراقبين السياسيين والأمنيين يرون أن تلك الإعلانات «أداة محتملة لتطهير الأجهزة العسكرية وغيرها من العناصر غير المرغوب فيها»، فضلاً عن تنظيم حملة اعتقالات بشكل تعسفي لمعارضين. ففي عام 2004، قالت السلطات الأمنية إن «مرتزقة سعوا إلى إسقاط أوبيانغ في انقلاب يُعتقد أنه مموّل من دولة أوروبية». وتكرر الأمر أيضاً في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتفيد الرواية الرسمية بأن «نحو 31 مرتزقاً اعتقلوا في جنوب الكاميرون عندما حاولوا دخول البلاد للمساعدة في تنفيذ الإطاحة بالرئيس». وقال التلفزيون الحكومي إن القوات الحكومية قتلت بالرصاص «مرتزقاً» و«استخدمت إطلاق النار لتفريق آخرين في الغابات على طول الحدود». واقع الأمر، أن المخاوف الانقلابية لدى السلطة الحالية تأتي بسبب التاريخ الدموي لانتقال الحكم في غينيا الاستوائية. فبعد أن منحت إسبانيا الاستقلال للبلاد التي عرفت سابقاً بـ«غينيا الإسبانية» عام 1968، تولّى فرانسيسكو ماسياس نغويما السلطة، بعد صراع بينه وبين أتاناسيو ندونغو مييون. وحاول ندونغو الانقلاب في العام التالي، لكنه فشل، فاعتقل وأعدم. وعزز ماسياس لاحقاً السلطة السياسية الوطنية، واتسم عهده باستخدامه المكثف للعنف ضد خصومه السياسيين والأقليات العرقية. وفي صيف عام 1979، أمر ماسياس بقتل العديد من أفراد عائلته، ما أدى إلى خوف تيودورو أوبيانغ (ابن شقيق ماسياس) والعديد من الأعضاء الآخرين من الدائرة الداخلية للرئيس، من أن ماسياس لم يعد يتصرف بعقلانية، وكان شقيقا لأوبيانغ أحد ضحايا العم. على الأثر، أطاح أوبيانغ، الذي شغل أيضاً منصب نائب وزير الدفاع، بعمه في 3 أغسطس (آب) 1979. وكان الانقلاب مدعوماً من قبل الجيش الوطني وحرس قصر ماسياس الكوبي. كذلك، كان العديد من السفارات الأجنبية، بما في ذلك سفارات إسبانيا والولايات المتحدة، على علم بالمؤامرة مسبقاً، وقدّمت مساعدات إنسانية مالية في أعقابها. وبعد الانقلاب، فرّ ماسياس وحارسه الشخصي إلى قرية كان يسكنها ماسياس، وأقاما في مخبأ محصن يحميه الموالون العسكريون. وأدى الصراع الذي أعقب ذلك بين قوات أوبيانغ وماسياس إلى مقتل 400 شخص، وانتهى عندما أحرق ماسياس خزنته الشخصية وهرب باتجاه حدود الكاميرون. لكن قوة بقيادة القائد البحري فلورنسيو مايي اعتقلت ماسياس في 18 أغسطس، وجرى إعدامه هو وستة من حلفائه رمياً بالرصاص في 29 سبتمبر (أيلول) 1979.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,712,545

عدد الزوار: 6,909,890

المتواجدون الآن: 112