ملف الأزمة الاقتصادية في تونس..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 27 أيلول 2022 - 8:00 م    عدد الزيارات 1068    التعليقات 0

        

الأزمة الاقتصادية في تونس.. احتجاجات خجولة تثير المخاوف من "انفجار الأوضاع"..

الحرة... وائل الغول – دبي... تكافح تونس لإنعاش ماليتها العامة مع تزايد الاستياء من التضخم الذي بلغ 8.6 بالمئة، ونقص العديد من المواد الغذائية في المتاجر، مع عدم قدرة البلد على تحمل تكاليف ما يكفي من بعض الواردات الحيوية، ما أثار مخاوف من اتساع نطاق التوتر السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلد الذي يعاني أزمات حادة.

احتجاجات وصدامات

واندلعت تظاهرات ليلية، الاثنين، في منطقة مرناق (جنوب شرق تونس)، احتجاجا على إطلاق السلطات التونسية، سراح رئيس بلدية بعد توقيفه إثر إقدام بائع متجول على الانتحار بعد مصادرة السلطات المحلية معدات عمله، وفقا لـ"فرانس برس". وأقدم البائع المتجول، السبت، على الانتحار شنقا في منزله بمحافظة بنعروس التي تبعد حوالي 15 كلم عن العاصمة، وقال أفراد من عائلته إنه "شنق نفسه بعد أن ضايقته شرطة البلدية عندما كان يبيع الفواكه على الرصيف في الشارع"، وفقا لـ"رويترز". من جانبها فتحت السلطات تحقيقا في "الموت المستراب في أسبابه (أي أسبابه غير واضحة)"، وفقا لـ"وزارة الداخلية التونسية". وخلصت الأبحاث الأولية إلى أن المتوفي واسمه محمد أمين الدريدي كان يعمل بائع خضار وغلال و"يعيش خلافات عائلية حادة"، وفقا للوزارة. وأعاد الانتحار للأذهان، حادثة محمد البوعزيزي الذي أقدم عام 2011 على الانتحار حرقا بعد أن صادرت الشرطة بضاعته ما أثار موجة احتجاجات واسعة في البلاد، اندلعت على إثرها "ثورة" انتهت بهروب الرئيس السابق، زين العابدين بن علي. وعلى إثر الاحتجاجات الليلية الاثنين، اندلعت مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يرفعون مطالب اجتماعية وينددون "بغلاء المعيشة"، حسب "فرانس برس". وأطلقت قوات مكافحة الشغب قنابل الغاز لتفريق المحتجين، الذين رفعوا شعارات ضد الشرطة ورشقوها بالحجارة، حسب "رويترز". وشهد حي دوار هيشر الشعبي الفقير في العاصمة تونس، ليل الأحد، احتجاجات ليلية ومواجهات بين قوات الأمن وسكان المنطقة الذين رددوا شعارات منها "شغل حرية كرامة وطنية". وتعاني تونس من "نقص في المواد الغذائية الأساسية"، مع وجود رفوف فارغة في محلات السوبر ماركت والمخابز مما يزيد من السخط الشعبي من ارتفاع الأسعار لدى العديد من التونسيين الذين يقضون ساعات في البحث عن السكر والحليب والزبدة والأرز والزيت. وأظهرت مقاطع متداولة على موقع "فيسبوك"، العشرات يتدافعون للفوز بكيلوغرام واحد من السكر في متاجر عبر البلاد. يتحدث رئيس تحرير صحيفة الأنوار التونسية، نجم الدين العكاري، عن "أزمة اقتصادية وهيكلية شاملة في تونس منذ فترة"، ما تسبب في " نقص بعض المواد الأساسية المستوردة من الخارج"، ما أسفر عن "ندرة تلك المنتجات وارتفاع أسعارها". وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يؤكد أن تلك المعطيات "تسبب في ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد"، ما أدى لخروج "تظاهرات واحتجاجات في بعض المناطق الشعبية الفقيرة". ويتحدث المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، رياض الشعيبي، عن "أزمة اقتصادية واجتماعية تشتد يوما تلو الآخر" بسبب "تفاقم ندرة المواد الأساسية وزيادة نسب التضخم وغلاء الأسعار". وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يشير إلى "غياب الحلول الحكومية العاجلة"، ما تسبب في "ظهور احتجاجات اجتماعية في الشارع التونسي قد تتحول إلى انفجار شامل يهز أركان الاستقرار الاجتماعي في البلاد". من جانبه، لا ينفي الكاتب والمحلل السياسي التونسي، باسل الترجمان، "غياب بعض السلع غير الأساسية من الأسواق"، ولكنه يعتبر أن هناك "توجيه إعلامي ممنهج لتسليط الضوء على نقص تلك السلع". ويشير في تصريحات لموقع "الحرة"، إلى أن "تونس تعاني من أزمة اقتصادية منذ 10 سنوات، بسبب ممارسات غير مسؤولة للحكومات السابقة التي دمرت الاقتصاد التونسي". ونتيجة تلك الممارسات تراكمت الديون على تونس والتي وصلت إلى 120 مليار دينار تونسي، وتسعى "الحكومة لإيجاد حلول لتلك الأزمة الآن"، وفقا لحديث الترجمان. ويتحدث الترجمان عن "أزمة اقتصادية عالمية وغياب وندرة السلع الأساسية وارتفاع الأسعار وزيادة نسب التضخم وانهيار العملات في العديد من دول العالم"، مضيفا "الأزمة التي تعيشها تونس ليست حدثا استثنائيا".

أزمة اقتصادية وسياسية

منذ 25 يوليو 2021، تواجه تونس أزمة اقتصادية وسياسية حادة، وتعيش البلاد على وقع تغييرات كبيرة منذ قرر الرئيس التونسي، قيس سعيد، احتكار السلطات في البلاد وتجميد أعمال البرلمان ثم حله واقرار دستور جديد في البلاد إثر استفتاء. وتعتبر منظمات حقوقية والمعارضة السياسية وفي مقدمتها حزب النهضة ذي المرجعية الاسلامية ما حدث "انقلابا على الثورة"، بينما قال سعيد إنها "خطوة قانونية لإنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري". أما اقتصاديا، فقد واصلت معدلات التضخم ارتفاعها لتصل إلى 8,6 في المئة، ووصلت نسب البطالة إلى 15,3 في المئة، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 12 مليون نسمة. ورفعت الحكومة هذا الشهر سعر أسطوانات غاز الطهي 14 في المئة لأول مرة منذ 12 عاما، ورفعت أسعار الوقود للمرة الرابعة هذا العام كجزء من خطة لخفض دعم الطاقة وهو اصلاح رئيسي يطالب به صندوق النقد الدولي، وفقا لـ"رويترز". وتسعى تونس، التي تواجه أسوأ أزمة مالية لها، للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لإنقاذ المالية العامة من الانهيار، فهل تستطيع البلاد تجاوز أزمتها السياسية والاقتصادية؟ ...

يتحدث الترجمان عن تغطية تونس لوارداتها من العملة الصعبة لقرابة 113 يوما، نافيا أن تكون هناك "أزمة اقتصادية متصاعدة في البلاد". ولا يوجد "غضب شعبي في البلاد"، لكن بعض "العاطلين عن العمل يقومون بمسيرات مساء كل أحد في أحد ضواحي تونس"، وفقا لحديث الترجمان. من جانبه، يؤكد العكاري أن "السلطات التونسية تسعى لتوفير المواد الأساسية للمواطنين ودعم القطاعات المحتاجة وتوفير المواد الناقصة ودعم أسعارها لتهدئة الاحتجاجات في الشارع". ويشير العكاري إلى "إصلاحات تقوم بها الدولة لتحسين المداخيل وتكثيف البحث عن النفط والغاز والاستفادة من قطاع الزراعة"، فضلا عن المناقشات مع "صندوق النقد الدولي"، لمواجهة الأزمة المالية المتصاعدة. لكن على جانب أخر، يشير رياض الشعيبي إلى "تعطل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وغياب الاستثمارات الخارجية بصفة عامة ما يعقد المشهد الاقتصادي في البلاد".

هل يتسع الغضب الشعبي؟

يتحدث الشعيبي عن "أزمة شاملة متعددة الأوجه"، وتشمل "البعد السياسي والاجتماعي والاقتصادي"، ما تسبب في حالة غضب شعبي من سياسات الرئيس والحكومة. وفي ظل "مخاطر متصاعدة"، قد يتسع الغضب الشعبي في الشارع، ويتحول ذلك إلى "مطالب بتغير النظام السياسي الحالي"، وفقا لحديث الشعيبي. لكن الترجمان يرد على ذلك الطرح، متسائلا:" أين هذا السخط الشعبي والتوتر الاجتماعي؟"، معتبرا أن "هناك أطراف سياسية فشلت سابقا وتحاول ركوب موجة الأحداث لافتعال أزمات في البلاد". ويعتبر أن تلك الأطراف "فقدت مصداقيتها وقدرتها على الحشد في الشارع" وبالتالي يحاولون "التجارة بالأزمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، على حد تعبيره. ومن جانبه يشير العكاري إلى أن تونس مقبلة على "ديسمبر" الذي يعد شهر الاحتجاجات الكبرى والخروج للشارع في البلاد، ولذلك على "الحكومة حل الأزمات التي تعاني منها تونس قبل ذلك". ويستبعد العكاري "تطور الغضب الشعبي واتساعه وتحوله إلى احتجاجات واسعة"، واصفا الاحتجاجات الحالية في تونس بـ"الظرفية". ويحذر العكاري من"ارتفاع نسب الجريمة في الشارع بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الفئات الفقيرة"، لكنه يؤكد أن "التونسيين لن يرفعوا شعارات تطالب بإسقاط النظام على غرار ما حدث سابقا في 2011". من جانبه يؤكد الشعيبي أن لدى السلطة التونسية "فرصة أخيرة" لتحقيق توافق سياسي لتجاوز الأزمة الشاملة في البلاد واحتواء "الحراك الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "الحكومة ورئيس الدولة لا يذهبان في ذلك الاتجاه ما قد يساهم في انفجار الأوضاع في البلاد"، على حد تعبيره.

مشاجرات على أكياس السكر.. الأزمة الاقتصادية تشعل أسعار المواد الغذائية في تونس

الحرة / خاص – دبي... التونسيون يواجهون نقصا في مجموعة من السلع الأساسية

رفوفٌ شبه فارغة وتدافعٌ بين تونسيين من أجل الحصول على أكياس سكر، مشاهدٌ وثّقتها مقاطع فيديو منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بمحلات التسوق، تعكسُ مدى النقص في المواد الغذائية بأسواق تونس. ومنذ بداية الشهر الجاري، خلت المحلات التجارية من سلع غذائية أساسية في مطابخ التونسيين، خاصة السّكر ومختلف المواد الغذائية المرتبطة به، مثل الحلوى محلية الصنع والمشروبات الغازية، إضافة إلى الأرز وزيت الطهي والحليب والزبدة والمياه المعدنية؛ مما أدى إلى تضاعف أسعارها وارتفاع الأصوات المطالبة بتدخل الحكومة لحماية الأمن الغذائي للتونسيين. وانقسم التفاعل مع الفيديوهات المتداولة حديثاً، بين المتأسفين لما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بتونس، وبين من ربطوا المقاطع المتداولة بمحاولات تشويه وإلحاق الضرر بالحكومة، لافتين إلى أن السكر وباقي المواد متوفرة بالأسواق، وبأن حوادث التدافع معزولة. في هذا السياق، يقول أحد المعلقّين على تويتر: "قبل التفاعل مع الفيديو بتعليقات لا معنى لها، يجب أن نفهم ما يحدث"، مضيفاً أن "مجموعات من النظام القديم تمنع التزود بالمواد الغذائية الأساسية، على وجه التحديد، لإلحاق الضرر بالحكومة الحالية التي تزعجهم." ويقول معلّق آخر: " لم نر أي شيء بعد. النقص المتكرر، التضخم المتسارع، الأزمة السياسية الزاحفة، ارتفاع المهاجرين. سيكون شتاء 2022 قاسياً".

أزمة مالية خانقة

تعيش تونس منذ سنوات على وقع أزمات اقتصادية متلاحقة، غير أن الأزمة الحالية تعدّ من ضمن الأقوى، مع عدم قدرة الاقتصاد على تحمل التكاليف الضرورية لشراء الواردات الضرورية خاصة الغذائية، ما أفقد البلاد الكثير من احتياطاتها النقدية الأجنبية. وتمتلك المالية التونسية 8 مليارات دولار فقط من الاحتياطيات الأجنبية، ما يعني أربعة أشهر من الواردات، فيما تدين بـ35 مليار دولار معظمها لدائنين أجانب، كما عرفت نسبة التضخم ارتفاعاً لتصل إلى 8.6 بالمئة. وفي مواجهة الأزمة الحالية، تسعى تونس إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لإنقاذ المالية العامة من الانهيار. في هذا الإطار، يقول رضا شنكدالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، إنّ الحكومة "تغيب عنها رؤية اقتصادية واضحة، خاصة في تدبيرها لملف الحصول الدعم المالي مع صندوق النقد الدولي"، مشيراً إلى أن الإصلاحات المطلوبة بسيطة لكن الحكومة عاجزة أمامها عن إيجاد الحلول. وأكّد الخبير الاقتصادي لموقع الحرة، أن موازنة الدولة تعرف اختناقاً مالياً، واختلالاً في الميزان التجاري، مشيراً إلى أن عدم إتمام برنامج صندوق النقد الدولي يعني تعقيد الوضع الاقتصادي مما سيتسبب في تراجع الدينار التونسي وبالتالي زيادة التضخّم المالي. وأبرز شنكدالي بأنّ الحكومة بصدد إعداد قانون المالية، غير أنه يقوم على فرضيات خاطئة وتجاوزها الزمن ومن شأنها تعميق الوضعية الاقتصادية للبلاد، من هلال تعميق الفجوة المالية بنصف الميزانية. وبخصوص الخصاص الحاصل في المنتوجات الغذائية بالأسواق التونسية، أوضح المتحدّث بأنها يرتبط بالوضعية الاقتصادية المتدهورة، وتراجع خزينة الدولة وعدم قدرة البنك المركزي على نيل ثقة المزوّدين. وشدّد الخبير التونسي، على صعوبة الظروف الاجتماعية بتونس رغم الزيادات الأخيرة في الأجور، موضحاً بأنها مرشّحة لمزيد من الاحتقان، بسبب الأوضاع الاقتصادية وضبابية العملية السياسية.

"أين السكر؟"

وفي الوقت الذي تواجه فيه تونس كل هذه المشاكل الاقتصادية، خرج مساء أمس الأحد، متظاهرون إلى الشارع في حي "دوار هيشر" بالعاصمة تونس، للاحتجاج على الفقر وارتفاع الأسعار والتنديد باختفاء سلع غذائية من المتاجر في تصعيد للضغط على السلطات. ورفع المحتجون في حي دوار هيشر الفقير بالعاصمة الخبز، مرددين شعارات: "شغل حرية وكرامة وطنية" و"عار الأسعار شعلت نار"، فيما هتف آخرون "أين السكر ؟"، كما قام شبان غاضبون بحرق إطارات سيارات، حسب ما نقلته وكالة "رويترز". وشهدت مدينة مرناق (20 كم جنوبي العاصمة تونس) الأحد، مناوشات بين عناصر من قوّات الأمن ومجموعة من الشباب المحتجين وسط المدينة التي عرفت إنزالاً أمنياً واسعاً. ونقل الموقع الإخباري التونسي "موزاييك إف إم" المحلي، بأنّ الوحدات الامنية المتواجدة بالمكان "استعملت الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض المحتجين المتواجدين على امتداد الشارع الرئيسي، الذّي قاموا بقطع الطريق وإشعال العجلات المطاطية." وتأتي الاحتجاجات بهذه المدينة، على إثر حادثة انتحار شاب يعمل بائعا للغلال، أول أمس السبت، بعد تعرضه لمضايقات متكررة من طرف أعوان الشرطة، وفق ما نقله الموقع الإخباري التونسي المذكور عن روايات شهود. من جانبها، قالت وزارة الداخلية، أول أمس السبت، إن الأبحاث لا تزال متواصلة للكشف عن أطوار وملابسات حادثة "إقدام شخص على الانتحار شنقا بمنزله، وذلك بالتنسيق الكامل مع النيابة العمومية. وأبرزت الوزارة أن الأبحاث الأولية من خلال إفادات الشهود "بينت أن المتوفى كان يعيش خلافات عائلية حادّة، خلافا لما تم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي حول الظروف المحيطة بإقدام المعني على الانتحار وأسبابه". وتواجه تونس أزمة سياسية حادة منذ سيطرة الرئيس قيس سعيد على السلطتين التنفيذية والتشريعية العام الماضي بإقالته رئيس الحكومة وحله البرلمان في خطوة يعتبرها خصومه "انقلاباً"، فيما يعتبرها سعيد "إصلاحات في مواجهة الفساد".

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,065,232

عدد الزوار: 6,750,987

المتواجدون الآن: 100