الحوثيون وكواليس الصراع الغامض في صعدة

تاريخ الإضافة السبت 15 آب 2009 - 5:44 ص    عدد الزيارات 1589    التعليقات 0

        

صنعاء ـ صادق عبدو

بانسلاخ ثلاثة عشر عضوا عن حزب الحق، أصغر الأحزاب الإسلامية في اليمن، وفي مقدمهم حسين بدر الدين الحوثي في صيف العام 1997، بدأت إرهاصات تغير دراماتيكي تطرأ على معادلة مراكز القوى الدينية والقبلية المؤثرة في صعدة المدينة الحدودية التي تخلت لاحقاً وتحديدا منذ صيف العام 2004 عن لقبها الذي طالما عرفت به لعقود باعتبارها "مدينة للسلام"، لتواجه صعدة، ومع حلول منتصف العام 2009، مخاوفها الكامنة في التحول إلى مدينة مغلقة على أتباع تيار مذهبي ظهر كنواة لتنظيم ديني ناشئ يسمى "تنظيم الشباب المؤمن"، الذي تأسس نهاية العام 1997على خلفية انشقاق حزبي تزعمه الشيخ حسين الحوثي قبل أن يتحول "الشباب المؤمن" إلى مقاتلين في ميلشيات مسلحة "مشبوهة التمويل".
وخاضت هذه الميليشيات ومنذ 18 تموز (يوليو) 2004 خمس جولات ماراتونية من الحروب في مواجهة القوات الحكومية اليمنية، التي لم تتمكن خلالها ولأسباب لا تزال مبهمة، من تحقيق الحسم العسكري، فيما بدا الحوثيون، وفي مستهل إرهاصات حرب سادسة، أكثر قدرة وتصميما على تجاوز مناطق نفوذهم المنحصرة في مناطق حيدان وجبال الرزامات وآل الصيفي، والزحف باتجاه المناطق المجاورة، في نزعة توسعية تتجه يوما فآخر إلى تحويل صعدة بمديرياتها الـ 18 إلى "منطقة منزوعة السيادة" تهيمن على مقدراتها مجاميع مسلحة تمتلك العتاد والعدة، والقدرة على إجراء "المناورات العسكرية"، كما حدث خلال الأسبوع الفائت.

بداية التحول

أنفرد الشيخ حسين الحوثي بدءاً من العام 2000 بإدارة ما بات يعرف مذاك وعلى نطاق واسع داخل مدينة صعدة بـ"تنظيم الشباب المؤمن"، حيث نجح في توسيع قاعدته التنظيمية باستقطاب الكثير من الشباب للانخراط في عضويته إلى حد الدفع بالسلطات الرسمية إلى تقديم دعم مالي منتظم يقدر بـ400 ألف ريال يمني شهريا في محاولة لاحتوائه ولاعتبارات أخرى تتعلق بالخشية من استغلال التنظيم الناشئ من قبل أطراف خارجية، وهو ما كشف عنه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ذاته في إحدى خطاباته غداة اندلاع أحداث صعدة الأولى في 18 تموز (يوليو) 2004 حيث برر تقديم الدعم الحكومي لتنظيم الشباب المؤمن بحرص الدولة على الحيلولة دون استغلاله من قبل قوى خارجية للقيام بأعمال تخريبية داخل البلاد.
لكن الدعم المالي الحكومي للحوثي وتنظيمه الناشئ لم يحل دون انتهاج الأخير توجهات فكرية سرعان ما تقاطعت مع حرص الحكومة اليمنية على توطيد علاقات اليمن بالولايات المتحدة التي تصدرت حملة تحريض واسعة شنها زعيم تنظيم الشباب المؤمن من على منابر مساجد صعدة وبعض المدن المجاورة رافقها الترويج لشعارات معادية للأميركيين واليهود، من أبرزها شعار يتضمن عبارات "الله اكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل"، قبل أن ينتقل ترديد الشعار إلى المسجد الكبير في صنعاء، ما دفع السلطات إلى بدء المواجهة المؤجلة مع الشيخ الحوثي وتنظيمه الناشئ، بشن حملة اعتقالات واسعة طالت عناصر في التنظيم في مدينة صعدة.
وعلى الرغم من تواضع مطالبهم في بداية الأمر، إلا أن مراقبين يرون أن التعامل الفج مع مطالبهم البسيطة في بداية الأمر هو ما قوى شوكتهم فيما بعد، وخصوصا بعد أن سال الدم في أكثر من بقعة في منطقة مران وحيدان، وهي المناطق التي شهدت مقتل زعيم الحركة حسين الحوثي .
وقال المستشار السياسي للرئيس علي عبدالله صالح عبد الكريم الإرياني، إن مطالبهم الرئيسة قبل الحرب الأولى كانت تتمثل بالسماح لهم بإنشاء مدارس تدرس المذهب الزيدي، وخصوصا أنهم كانوا يظهرون ضيقا بالتيار السلفي الذي يكفرهم، ومركزه الرئيسي معهد "دماج" المعروف بصعدة، إضافة إلى مجيء آخرين من خارج محافظة صعدة.
واشار إلى أنه "كان يمكن تنفيذ هذه المطالب أن تبعدهم عن الارتباط خارجيا، وأن لا يتوسعوا في طموحاتهم، إلا أنهم عندما بدأوا يرددون الشعارات التي تتردد في جامع الإمام الخميني كل جمعة أثاروا شكوكا كبيرة حول توجهاتهم".
واضاف أن "الحوثيين لو تمسكوا بمطالبهم الأولى قبل ان يذهب حسين الحوثي إلى طهران وقم كانوا أفادوا أنفسهم وحموا الناس من الأضرار التي تبعت تصرفاتهم، والضحية في النهاية هو المواطن في صعدة، سواء كان من هنا أو هناك، ولا شك أن هناك عدداً كبيراً من منتسبي القوات المسلحة الذين قتلوا في المواجهات مع الحوثيين، وهم من جميع أنحاء اليمن".

شرارة الصراع

شهدت منطقة مران، شرق محافظة صعدة المتاخمة لمسقط رأس حسين الحوثي، في 18 تموز ( يوليو) 2004 اندلاع أول مواجهة مسلحة بين أتباع الحوثي والقوات الحكومية على خلفية اتهامات وجهتها السلطات للحوثي وأتباعه بشن هجوم مباغت على مقر مديرية امن منطقة حيدان، ما أسفر عن مقتل ثلاثة عسكريين.
وحدا هذا الأمر بالسلطات إلى توجيه قوات إضافية إلى المنطقة لاستئصال شأفة زعيم تنظيم "الشباب المؤمن" الذي نجح بدوره في تكوين تحالف مضاد مع بعض زعماء القبائل المتاخمة، لا سيما الشيخ عبد الله عيظة الرزامي لتتسع دائرة المواجهات المسلحة وتستمر الاشتباكات بين الجانبين ما يزيد عن ستة أشهر سقط خلالها ما يزيد عن 700 من العسكريين وأضعاف هذا العدد من أتباع الحوثي، إلى جانب تضرر ما يزيد على 532 منزلا، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من إحكام الحصار على الشيخ حسين الحوثي وأتباعه الذين تمترسوا في جبال مران ومن ثم قتله في ملابسات لا تزال حتى اليوم غامضة، إلا أن مقتله لم يكن يعني بأي حال نهاية الحركة، وهو ما أثبتته معطيات السنوات اللاحقة والأحداث الراهنة على جبهة ذات المواجهات نهاية الصراع الذي امتد وبشكل أكثر ضراوة.

صعدة تحت النار

في نهاية كانون الثاني (يناير) 2005 وعلى خلفية واقعة طرد قسري تعرضت له الطائفة اليهودية في صعدة من قبل مجاميع مسلحة من أتباع الحوثي، اندلعت شرارة حرب صعدة الثانية بعد فترة توقف طارئ لم تدم أكثر من ستة أشهر لتبرز على السطح تداعيات حادة وغير مسبوقة وصلت إلى حد تهديد السلطات الحكومية اليمنية بشن حملة عسكرية واسعة النطاق تستهدف معاقل من وصفتهم بـ"المتمردين من أتباع الحوثي" وتوجيه أصابع الاتهام لقوى إقليمية ودولية بالوقوف وراء الأحداث الأخيرة التي شهدتها صعدة ولغايات بررها الخطاب الرسمي بـ"الرغبة في تصفية حسابات إقليمية على الأرض اليمنية على غرار ما يحدث في بلاد الرافدين ومن قبل ذات الأطراف، التي يعتقد وعلى نطاق واسع، أنها تدير لعبة الصراع الطائفي في العراق".
وتمثل التصعيد الأخطر في اتهامات صريحة وجهتها الحكومة اليمنية في تصريحات محافظ محافظة صعدة اللواء يحيى الشامي لقوى إقليمية كإيران وليبيا بتقديم دعم مادي للحوثيين، وبالوقوف وراء انبعاث ما وصفه بـ"التمرد المسلح " شمال اليمن.
في حلول 25 ايلول (سبتمبر) 2005 شهدت جبهات الصراع في صعدة حالة غير مسبوقة من الهدوء النسبي إثر مبادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إعلان العفو العام عن كافة المتورطين في أحداث صعدة الأولى والثانية ، وهو ما ترافق مع إطلاق سراح كافة المحتجزين من أتباع الحوثي وتدشين صرف تعويضات مادية وعينية شملت إعادة إعمار المناطق والقرى المتضررة.
لكن الأوضاع سرعان ما بدأت في التصاعد لتندلع شرارة حرب ثالثة في 28 آذار (مارس) 2006 اتسمت بتغير لافت في نمط تعاطي الجانبين مع حيثيات تجدد الصراع والمواجهات، حيث اتجها إلى إقحام قوى إقليمية كطرف ثالث في الصراع الممتد بينهما منذ ثلاث سنوات، في حين اتهمت الحكومة اليمنية صراحة وضمنا قوى إقليمية كإيران وليبيا بدعم تمرد الحوثيين بصعدة.
وبررت صنعاء لجوءها إلى استخدام العنف والقوة العسكرية لمواجهة ما دأبت على وصفه بـ"التمرد المسلح المدعوم من الخارج" كخيار وحيد لاجتثاث جذور الفتنة الطائفية قبل استشرائها ، بخاصة بعد تعثر مساعي تسوية سلمية قامت بها لجنة الوساطة المشكلة من علماء ووجاهات قبلية وقيادات حزبية والتي كلفت بالتفاوض مع عبدالملك الحوثي ، الشقيق الأصغر لزعيم الحوثيين الراحل حسين الحوثي لإنهاء التمرد المسلح وتسليم نفسه وأتباعه وأسلحتهم.
ولاحقاً وجه الحوثي اتهامات غير مسبوقة للسلطات بافتعال المواجهات المسلحة عبر شن حملة عسكرية واسعة ومباغتة على بعض المناطق بمدينة صعدة التي يتواجد بها أتباع شقيقه الراحل للحيلولة دون احتفاء الحوثيين بحلول ذكرى يوم "الغدير".
ولم يتردد الحوثي عن توجيه اتهامات صريحة للولايات المتحدة بالوقوف وراء تجدد الأحداث في صعدة ولعب دور تحريضي في المواجهات المحتدمة، فيما تضمنت رسالة خطية سطرها شقيقه الأكبر يحيى الحوثي، النائب في البرلمان اليمني، ونشرت نصها عدد من الصحف والمواقع الإخبارية اليمنية في شباط (فبراير) من ذات العام، اتهامات حادة للسلطات الحكومية بالقول إن من يقاتلون في صعدة إلى جانب القوات الحكومية هم عصابات أجنبية متمثلة في الهاربين من الإخوان المسلمين من مصر والأردن وسوريا والصومال والبعثيين العراقيين.

نهاية حرب وبداية أخرى

شهد العامان الأخيران نهاية حرب رابعة بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية وبداية حرب خامسة كانت الأكثر ضراوة من نوعها، ومثل اندلاعها نتاجا لانهيار مساعي وساطة إقليمية بادرت بها دولة قطر التي أوفدت لجنة وساطة رسمية برئاسة رئيس الديوان الأميري إلى كل من العاصمة صنعاء وصعدة.
كما تعهدت الدوحة بتخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء المواجهات المحتدمة لتتمخض مساعي الوساطة القطرية عن توقيع الحكومة اليمنية والحوثيين في الدوحة اتفاقية أحيطت تفاصيل بنودها بتكتم شديد، وحظيت مراسيم توقيعها برعاية ولي العهد القطري، ما دفع بالأوضاع في صعدة صوب الهدوء النسبي وأتاح مناخات نسبية من التوافق لبدء تطبيق بنود الاتفاقية الموقعة، خصوصا ما يتعلق بتنفيذ ما تضمنه البند الأول من التزام الحوثيين بإخلاء نحو 52 موقعا كانوا يتمركزون فيها وتسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة للجنة الرئاسية المكلفة بالإشراف على تطبيع الأوضاع في صعدة، مقابل إعادة انتشار عسكري لوحدات الجيش اليمني وإنهاء المظاهر المسلحة والإطلاق المتبادل للأسرى.
إلا أن الأجواء سرعان ما تلبدت بغيوم الشك وعدم الثقة لتعثر مساعي الوساطة القطرية بخلافات أفرزتها ثلاث من جلسات التفاوض التي عقدت بين الجانبين في مقر البرلمان بصنعاء نتيجة تشبث كل طرف برؤيته لأولويات الإجراءات التي يجب ان تتخذ لبدء عملية تطبيع الأوضاع والتسوية النهائية للصراع، الأمر الذي دفع بالأوضاع مجددا في صعدة للتصعيد الذي بلغ ذروته عقب تعرض ممثل الحوثي في اللجنة الرئاسية المكلفة بالإشراف على تنفيذ اتفاقية الدوحة، لعملية اغتيال مباغتة نفذها مجهولون، قبل أن يوجه القائد الميداني للحوثيين عبدالملك الحوثي اتهامات صريحة للجانب الحكومي بالوقوف وراء التدبير لعملية الاغتيال بهدف تعطيل تنفيذ اتفاقية الدوحة.
ولم تمر سوى أيام فقط حتى شهدت صعدة مجددا مصرع أحد أبرز قياديي حزب المؤتمر الشعبي العام في المدينة برصاصة اخترقت رأسه أثناء وصوله ونجله وأحد مرافقيه على متن سيارته إلى مشارف صعدة، وهو ما مثل مناسبة لتوجيه الجانب الحكومي في اللجنة الرئاسية اتهامات مماثلة للحوثي وأتباعه بالوقوف وراء مصرع القيادي المؤتمري.
وتوّج مشهدَ التصعيد لاحقا باندلاع حرب خامسة، انفجارُ عبوة ناسفة عند مدخل مسجد كان يؤمه عشرات المصلين من بينهم قيادات عسكرية، ما أسفر عن مصرع 19 شخصا وإصابة 50 آخرين بجراح متفاوتة، ما مثل عمليا انهيار لمساعي التسوية وإيذانا ببدء جولة جديدة من الاحتراب، تسببت في تدمير ما يزيد عن تسعة آلاف منشأة وعشرات المساجد والمدارس والممتلكات الشخصية والعامة قبيل أن تتوقف لعلعات الرصاص ودوي المدافع بشكل مباغت ومثير عقب اتصال هاتفي أجراه الرئيس علي عبدالله صالح مع القائد الميداني للحوثيين عبدالملك الحوثي، وهو ما علّق عليه دبلوماسي أوروبي بصنعاء بالقول: "لم أعرف حربا مماثلة تنتهي باتصال هاتفي".

غموض مثير للريبة

استمرار التصاعد المضطرد لجولات المواجهات بين القوات الحكومية اليمنية وأتباع الحوثي لما يزيد عن خمس سنوات فرض تساؤلات ملحة حول حيثيات تأخر الحسم العسكري من قبل قوات نظامية ضد مجاميع مسلحة من المتمردين، ومعرفة مصادر تمويل هذه المجاميع التي نفذت مطلع آب (أغسطس) الجاري مناورات عسكرية استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ومتفجرات مصنعة بخامات محلية.
وفيما بررت الحكومة اليمنية أسباب تعثر الحسم العسكري لتمرد الحوثيين في صعدة بانتهاج الحوثيين لأسلوب حرب العصابات ولجوئهم للتمركز في مناطق جبلية مأهولة بالسكان، وهو ما يجعل القوات النظامية مضطرة إلى اتباع نهج ضبط النفس للحيلولة دون اتساع نطاق الدمار والضحايا المدنيين، تكشفت في وقت لاحق تفاصيل أكثر إثارة تضمنتها شهادات أدلى بها وجاهات قبلية وجنود شاركوا في المواجهات ضد الحوثيين حمّلت في مجملها القيادة العسكرية للعمليات الميدانية ضد المتمردين مسؤولية تأخر الحسم العسكري لاعتبارات لخصها رئيس أركان قوات الأمن المركزي العميد يحيى محمد عبدالله صالح في تصريحات أثارت جدلا واسعا، بالقول إنه كلما اقتربت القوات الحكومية من الحسم العسكري تفاجأ بأوامر عليا تصدر تقضي بالتوقف.
ويقرأ عبدالكريم الإريان ، المستشار السياسي للرئيس صالح، أزمة النظام مع الحوثيين من زاويته، فيشير إلى أن "هناك أزمة مع الحوثيين"، وبرأيه فإن الحوثيين "يحاولون يوما بعد يوم توسيع رقعة وجودهم، ولاشك أنهم يتلقون دعما غير محدود، وهناك أحاديث عن دعم خارجي، لكن الذين يقولون إنهم في طريقهم إلى حكم اليمن حكما إمامياً فأنا لست معهم، ليس دفاعا عنهم ولا حبا فيهم، ولكن لأنهم أعجز من ان يعيدوا التاريخ إلى الوراء".
ويشير الإرياني إلى أن "كان للحوثيين في البداية مطالب لو بحثت لأمكن العثور على حلول لها، أما الآن، فقد أصبحت لهم، مع الأسف، طموحات أوسع بكثير من مطالبهم عندما بدأت الحركة الحوثية قبل عدة سنوات".
ولا ينكر الإرياني أن يختفي المذهب الزيدي ويحل عنه المذهب الإثنا عشري، وهو خوف مبرر لدى صنعاء، ويقول الإرياني بهذا الشأن: " أخشى أن يختفي المذهب الزيدي ويصبح اثني عشريا"، ويشير في ذلك إلى أنه إذا ما حصل هذا الأمر فإن " هذه أكبر مؤامرة على تاريخ اليمن منذ ألف ومئة سنة تقريباً".
ويضيف الإرياني: "على مدى تاريخ اليمن لم تتمكن قوى التدخل الخارجي من تحويل المذهب الزيدي إلى مذهب إمامي اثني عشري يؤمن بولاية الفقيه، هذا لم يحدث في تاريخ اليمن، وفقهاء الزيدية وعلماؤها الأفاضل عبر التاريخ كان لهم خلافات حادة، ولا أريد ان استخدم بعض تعابيرهم حول عصمة الأئمة والإمام الغائب الذي يجب التعجيل بعودته، ومثل هذا الكلام الذي يتنافي مع أيديولوجية وتاريخ اليمن، وأخشى أن في ذلك خطرا غير محدود على اليمن".
ويقول: "إن الذي يقاتل في صعدة مع الحوثي هو يقاتل دفاعا عن المذهب الزيدي وليس عن إمام جامع طهران، يعني دماء اليمنيين تسيل دون قضية، إذا لم يكن الحوثيون واضحين وضوح الشمس فهذا أمر مؤسف".
لكن الإرياني لا يخفي انزعاجه من تصرفات بعض الجماعات السنية، ويقول: "ما يزعجنا هو محاولات سلفية لإلغاء المذهب الزيدي، وهذه المحاولات قد تؤدي إلى اختفاء المذهب الزيدي من اليمن".

مؤسس الحركة الحوثية في سطور

[ ولد حسين بدر الدين الحوثي عام 1956 في قرية آل الصيفي في منطقة حيدان التابعة لمحافظ صعدة شمال شرق اليمن ، أي قبل نحو 6 سنوات من اندلاع الثورة اليمنية في 26 ايلول (سبتمبر) عام 1962 التي قضت على الحكم الإمامي، الذي حكم اليمن امتدادا للدولة الزيدية لأكثر من 11 قرنا ، والتي تأسست في جبال صعدة، وانطلقت منها على يد مؤسسي المذهب الزيدي " الهادوي"، وهو أقرب مذاهب الشيعة إلى السنة وأكثرها انفتاحا على المذاهب الإسلامية، الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم، الذي جاء من الحجاز عام 284 هـ (القرن التاسع الميلادي)، وينتهي نسب الهادي الى الحسين بن علي بن أبي طالب، كما ينتهي نسب حسين بدر الدين الحوثي لأسرة هاشمية. ويعتبر والده العلامة بدر الدين الحوثي أحد أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن.
[ إلتحق حسين بدرالدين الحوثي بمدارس التعليم السنية في محافظة صعدة "المعاهد العلمية " التي كانت حركة الإخوان المسلمين تديرها قبل أن تتحول إلى حزب سياسي عام 1990 هو التجمع اليمني للإصلاح ، كما تلقى العلم على يد والده وعلماء المذهب الزيدي.
[ بعد إكماله الدراسة القانونية، التحق حسين بدر الدين الحوثي بكلية الشريعة في جامعة صنعاء وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون ، وفي عام 1992 قرر الانخراط في العمل السياسي كمؤسس لحزب الحق المعارض الذي جرى تأسيسه من قبل علماء ومثقفين ورجال قبائل ينتمون للمذهب الزيدي.
تعمق الشيخ حسين الحوثي في دراسة أصول المذهب الزيدي وعلومه الشرعية وتاريخه السياسي في اليمن، كما حصل على درجة الماجستير من إحدى الجامعات السودانية، وقد ذاع صيته بسعة العلم والأفق وقدرته على التحدث بلباقة وعلى الإقناع وربما تكون هذه السمات الشخصية وراء قدرته على جذب الشباب للانخراط في عضوية تنظيم الشباب المؤمن.
[ لقي حسين الحوثي مصرعه في العاشر من سبتمبر ( أيلول ) من العام 2004 في ملابسات لاتزال غامضة، حيث يشكك أنصاره في الرواية الرسمية التي تشير إلى أنه لقي مصرعه متأثرا بشظايا أصيب بها أثناء مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية، بالقول إن زعيم تنظيم الشباب المؤمن أعدم رميا بالرصاص بعد استسلامه للقوات العسكرية، وقد وجهت له العديد من التهم، من أبرزها قيادة تمرد مسلح بهدف قلب نظام الحكم الجمهوري في البلاد وتنصيب نفسه إماما وتشكيل ميليشيا مسلحة وكذا " الاستعانة بالخارج للإستقواء على الداخل " عبر تلقي الدعم المادي واللوجستي من إيران لتقوية النفوذ الشيعي في اليمن.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,064,143

عدد الزوار: 6,750,913

المتواجدون الآن: 112