استغلال عامل الخوف لمنع الحوار والتفاهم...

تاريخ الإضافة الأحد 12 أيار 2019 - 2:29 م    عدد الزيارات 1128    التعليقات 0

        

استغلال عامل الخوف لمنع الحوار والتفاهم...

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..

كلمة لمنتدى التكامل الاقليمي...

اثارة الخوف والقلق من الاخرين سلوك ونهج مقصود ومدروس لعزل مجتمع معين او بيئة معينة عن محيطها، ورفع جدران القلق بين المكونات المختلفة والعمل على عدم التواصل فيما بينها، انما يهدف الى ابعادها عن بعضها البعض وزيادة حدة الخلاف والاختلاف فيما بينها وجعلها اسيرة مواقف وسياسات قادة هذه البيئة وهذا المجتمع.. سواء كانت دينية او عرقية... لذلك فإن الخوف والقلق وعدم الثقة عنوان يحكم واقع منطقتنا العربية والاقليمية التي تعاني منذ سنوات من حالة تردي وتراجع، إذ لا زالت تعيش المنطقة العربية والمشرق عموماً حالة من الانقسام والصراعات الدامية التي تزيد من عمق الخلافات بين مكونات المنطقة العرقية والدينية والثقافية..فما انطلق منذ سنوات من ثورات واعتبر انه بمثابة انتفاضة الربيع العربي كما اتفق على تسميته لتغيير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الى جانب اطلاق الحريات السياسة والاعلامية في دول الشرق .. تحول الى صراعات عميقة بين مكونات المنطقة المختلفة والمتعددة..وما بدأ على انه مواجهة شعبية لانظمة سياسية حاكمة.. انتقل الى ان ياخذ شكل الصراع بين مكونات الوطن والكيان..والمنطقة برمتها ايضاً، وتناسى الجميع المطالب المشروعة والمحقة لابناء هذا الوطن او ذاك..

فالصراع كما نعيشه اليوم قد اصبح مذهبياً ودينياً وعرقياً..بين مكونات المنطقة المختلفة.. لم يتحول الصراع الى هذه الوجهة بشكلٍ عفوي، بل بتوجيه وادارة وتخطيطٍ ومتابعة..فقد استفاد المتربصون من تاريخٍ طويلٍ وحافل من الاضطهاد والتراجع والتخلف، من هذا الواقع لاحياء النعرات وايقاظ الغرائز وتعزيز الرغبات والطموحات..

إذ كيف يمكن اضعاف التماسك الداخلي وبث الفرقة والقلق والخوف من الآخر، ومنع التفاهم وزرع الانقسام، وتعميق الهوة بين ابناء الوطن الواحد والامة الواحدة... دون إحياء احداث تاريخية، واعادة انتاج مشاهدها وتداعياتها وما تركته من اثر على النفوس والعقول.. مع اضافة الكثير من الملابسات والاحداث غير الواقعية بهدف احياء الرغبة في الانتقام وتحقيق السيطرة والهيمنة على من تعتبرهم خصوم واعداء تاريخيين..وبالتالي يتم استبدال نظام فاسد بآخر اكثر فساداً وظلماً وقهراً.. ولكن تحت شعارت مختلفة..قد يجدها البعض مبررة بل ومطلوبة وضرورية..

الصراعات العرقية والدينية التي تم زرعها ورعايتها وتطويرها وتعميقها وتغطيتها اعلامياً على نطاقٍ واسع اوجدت المبرر المناسب لكافة التدخلات الاقليمية والدولية في المنطقة وتحت ذرائع مختلفة.. كما ان البعض قد اعتبر ان الفرصة سانحة لاستنهاض ساحته ومجموعته، بالتالي اصبح بالنسبة لها ان من الضرورة بمكان مباشرة البحث عن راعي اقليمي او دولي يخدم طموحاتها، كما يمكن الاشارة الى انه وبعد ان كان الحديث عن تعاون او تحالف مع قوى اجنبية امراً معيباً ومخجلاً... اصبح مدعاة فخر واعتزاز بل وامر تتم المطالبة به من اعلى المرجعيات...بناءً على كل هذا فقد تم التدخل الاقليمي والدولي في المنطقة تحت اسباب وذرائع مختلفة، اهمها:

حماية الاقليات في المنطقة العربية

مواجهة التطرف والارهاب

حماية ثروات المنطقة من ان يستغلها مجموعات متطرفة او انظمة معادية

منع العبث بتقسيمات اتفاقية سايكس – بيكو التي رسمت جغرافية وديموغرافية المنطقة قبل قرنٍ من الزمن..

عدم السماح باقامة كانتونات عرقية او دينية..

إعادة رسم صورة المشهد السياسي المقبل في المنطقة على ضوء مصلحة الدول الكبرى وبما يخدم مصلحة استقرار وديمومة الكيان الصهيوني في المنطقة

إن هذا الشرق الذي يحفل بتاريخ حضاري عريق وبتنوع ديني وثقافي وعرقي متعدد.. امامه خيارين:

الابقاء على حالة الخوف والقلق من الاخر، والانغماس اكثر في لعبة الصراعات الدموية التي لن تؤدي الا الى مزيد من سفك الدماء والانقسام والاقتتال، وبالتالي الى التراجع والتخلف والتقهقر..وحتى الى التعرض للاستعمار المقنع الذي يمسك بالمنطقة وثرواتها ومقدراتها ويرسم مستقبلها بشكلٍ مقنع ومستتر مستفيداً من تحالفات محلية تغطي حضوره ودوره وتوجيهاته...!!

أو الانتقال الى مرحلة الحوار والتفاهم والالتفات الى كل ما هو مشترك بين المكونات التي تمثل تاريخ وحضارة هذه المنطقة لايجاد القاسم المشترك فيما بينها للبناء عليه ورسم مستقبل مشرق يستفيد من ثروات المنطقة البشرية والمادية ونبذ كل اسباب الفرقة والانقسام وازالة كل الحواجز الوهمية التي تم زرعها بين ابناء هذا الشرق..

كيف يمكن تجاوز ازمة الثقة بين المكونات المختلفة في منطقتنا المتنوعة الانتماء...؟

بناء واقامة دولة المواطنة التي تتعامل مع مواطنيها بعدالة وبتساوي دون تمييز ديني او عرقي

بناء الدولة المدنية التي ترى في العامل الديني ثروة اجتماعية وثقافية وليس نموذج للسلطة الحاكمة.

احترام ثقافة وحضارة وتاريخ كل المكونات والمجموعات التي تعيش في هذه المنطقة..

تعزيز الروح والمفاهيم الديمقراطية بين ابناء الوطن والكيان الواحد واعتبار ان تداول السلطة فيه مصلحة سياسية واقتصادية...

تحقيق العدالة الاجتماعية التي تؤسس لتكامل بين كافة المكونات دون تمييز وتمنع استغلال البعض للبيئات التي تعاني الفقر والحرمان او الاضطهاد والتمييز..

للخروج من هذا الواقع لا بد من كسر حواجز الخوف النفسي والمادي واطلاق عجلة الحوار التي تشكل البديل الموضوعي لحالة الانعزال والانغلاق وهذه مسؤولية قوى الفكر والتغيير والمثقفين في كافة المجتمعات والبيئات لحماية منطقتنا وشعوبنا من الانزلاق اكثر نحو الفتنة والصراع والاقتتال..

 

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,062,392

عدد الزوار: 6,750,795

المتواجدون الآن: 108