أخبار لبنان..قلق دولي وعربي من الانحدار الطائفي في لبنان..طي صفحة «الساعة».. وميقاتي أمام خيار الاعتكاف..باريس تستعجل "أي حلّ" لبناني..وماكرون يعتزم زيارة الرياض..الحكومة كسرت "فرمان" برّي: دولة الباطل "ساعة"!..ميقاتي يتراجع عن «فتنة التوقيت»..ميقاتي بعد مجلس الوزراء الاستثنائي: لم أتصوّر الردود الطائفية البغيضة..بوصعب لـ «الشرق الأوسط» : باسيل أخطأ في رد فعله..تفاقم التضخم يزيد مخاطر الأمن الغذائي في لبنان..البخاري يُطمئِن «حلفاءه» وليف تحذّر: عقوبات على المعرقلين..صفقة المطار: القرار عند ديوان المحاسبة | جدل قانوني..وأسئلة عن المالك والوسطاء..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 آذار 2023 - 3:25 ص    عدد الزيارات 619    التعليقات 0    القسم محلية

        


طي صفحة «الساعة».. وميقاتي أمام خيار الاعتكاف..

قلق دولي وعربي من الانحدار الطائفي في لبنان.. والقضاء يستدعي عون إلى التحقيق..

اللواء....نجحت الجهود التي بذلت في عطلة نهاية الاسبوع، ليس فقط في نزع فتيل ما عُرف «بالتوقيت» الشتائي او الصيفي لا فرق في النتائج، فعادت الامور لتنتظم وقتياً، بل لجهة ثني الرئيس نجيب ميقاتي، الذي فوجئ بحجم الحملة التي استهدفته، واعادت البلاد الى اجواء الانقسام المقيت، لا سيما بعد العام 1988، عن العزوف عن متابعة ادارة الدولة، او الاعتكاف، وما يترتب على هذه الخطوة من نتائج بالغة الخطورة، لجهة انعكاساتها المباشرة على تسيير الحد الادنى من مصالح البلاد والعباد. فتح لقاء رؤساء الحكومات: الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام مع الرئيس ميقاتي الطريق مجدداً امام جلسة لمجلس الوزراء عقدت ظهر امس ببند وحيد اعادة العمل بالتوقيت الصيفي، بدءاً من ليل الاربعاء - الخميس بعد اجراء الترتيبات المطلوبة، بعد انقضاء 48 ساعة على بدء العمل باستمرار التوقيت الشتوي. ولكن مسألة ما بعد العاصفة لم تهدأ، فقد لوّح الرئيس ميقاتي أن الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، وان تلقى المسؤولية على الحكومة ورئيسها فقط، داعياً الجميع لتحمل المسؤولية وانتخاب الرئيس، رابطاً نزاعاً واضحاً لجهة رهن خياره بالاعتكاف بوقت، شدد حسب مصادره على انه لا يجوز ان يطول. اعاد الرئيس ميقاتي الكرة الى القادة الروحيين والسياسيين المسيحيين، معتبراً ان المشكلة «ليست في ساعة شتوية او صيفية ثم بتمديد العمل بها لأقل من شهر، انما المشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية». وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان قرار مجلس الوزراء بشأن التوقيت الصيفي اخرج الملف من دائرة السجالات الطائفية ووضعه في اطاره اللازم بعدما أحدث بلبلة بين اللبنانيين وانعكس على مجمل القطاعات ولا سيما التربوية منها. وأكدت هذه المصادر أن الزيارة الأخيرة لوفد صندوق النقد الدولي وما خرج عنها من انطباعات تستوجب التوقف عندها لاسيما في الإشارة إلى خطورة الوضع في لبنان ملاحظة ان أي تحرك رسمي حيال تحذير الصندوق لم يتظهر. اما في الملف الرئاسي فإن المصادر نفسها تفيد بأنه لم يتقدم قيد انملة وليس مرشحا لأن يدخل في إطار النقاش الجدي في الوقت الراهن، لافتة إلى أن الأنظار تتجه إلى الخلوة الروحية في حريصا والتي يجمع فيها البطريرك الراعي النواب المسيحيين في إطار التلاقي كمرحلة أولى. وتتابع الاوساط النيابية ما يجري على جبهة الاتصالات الفرنسية - السعودية، على هذا الصعيد، في ضوء الاتصال الذي اجراه الرئيس ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، لمتابعة التنسيق الحاصل في ما خص الوضع في لبنان، وحسب بيان الاليزيه، فالجانبان الفرنسي والسعودي اعربا عن قلقهما ازاء عدم انتخاب رئيس للجمهورية والوضع السائد في لبنان، مؤكدين ان بلديهما تعملان على المساعدة في اخراج البلد من الازمة العميقة التي تعاني منها، وسط معلومات عن توجه ماكرون لزيارة الرياض. إذاً، انتهى الخلاف السجالي حول تأخير العمل بالتوقيت الصيفي بالتراجع عن القرار خلال جلسة سريعة وقصيرة لمجلس الوزراء غاب عنها سبعة وزراء من المقاطعين ووزير الزراعة عباس الحاج حسن الموجود في سوريا، واقتصرت على هذا البند فقط، على ان يُعمل بالتوقيت الصيفي بدءاً من منتصف الاربعاء الخميس المقبل، وردّ الرئيس ميقاتي بعد الجلسة سبب اتخاذ القرار الى إراحة الصائم خلال شهر رمضان فقط ساعة من الزمن من دون اي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر، علما ان هذا القرار سبق وتم اتخاذه في السابق. وقال: ان استمرار العمل بالتوقيت الشتوي الذي تشاورت به مع الرئيس نبيه بري سبقته اجتماعات على مدى اشهر بمشاركة وزراء معنيين. واكد انه لم يتخذ القرار بأي منطلق مذهبي او طائفي. وقال: ما كان قرار كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة. وكرر القول: ان المشكلة ليست في ساعة صيفية او ساعة شتوية بل في الفراغ الرئاسي، مضيفاً: ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل مسؤولية هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الاولى الكتل النيابية كافة التي فضّت النصاب 11مرة خلال جلسات انتخاب الرئيس. وحسب المعلومات عن الجلسة، كان النقاش هادئاً وادلى كل وزير برأيه ولكن كان اجماع على استنكار الاستنفار والانقسام الطائفي ولا سيما من وزراء ثنائي امل وحزب الله، لكن بعض الوزراء عاتب ميقاتي لانه لم يستشر الوزراء في مثل هذا القرار، فيما ايد الوزير امين سلام اعتماد التوقيت الصيفي. وجاء المخرج بعدم التصويت على القرار حتى لا يحصل انقسام بين الوزراء وصدر القرار بالاجماع بالعودة عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي. وعلمت «اللواء» ان المسعى الذي قام به عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن بتكليف من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمعالجة «ازمة» التوقيت الصيفي، اسفر عن مخرج تم التوافق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي «بالعودة الى الاصول الدستورية، لأن مذكرة عن الامانة العامة لمجلس الوزراء لا تُعدّل ولا تلغي قراراً صادراً عن مجلس الوزراء، والتعديل يجب ان يكون عبر جلسة لمجلس الوزراء مهما كان القرار». وتم اقناع ميقاتي بالعودة عن القرار نظرا لإنعكاساته لا سيما على القطاع التربوي، لكن ميقاتي اصر على موقفه فصدر قرار وزير التربية باعتماد التوقيت الشتوي قبل ان تفلح الاتصالات في التراجع عن القرار. كما دخل اكثرمن طرف سياسي على خط حل الازمة لا سيما حزب الله، واقترح ان تتم دعوة الحكومة الى جلسة يصدر عنها قرار رسمي بالاجماع. وهذا ما حصل. واوضح النائب ابو الحسن لـ«اللواء»: انه منذ نهار امس الاول وحتى منتصف الليل استمرت الاتصالات، وشملت جنبلاط الموجود في باريس، وصدر في هذه الاثناء قرار وزير التربية بخصوص دوام المدارس، والذي ساهم في دفع الامور نحو الحل في مجلس الوزراء، والذي يجب ان يكون مُلزماً لكل اللبنانيين. اضاف: ومنذ الصباح (امس) كل الطرح في الاتصالات كان يقوم على العودة الى مجلس الوزراء لإصدار القرار المناسب بعد النقاش الوافي للموضوع من كل جوانبه. وكان وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي قد تبلغ من الرئيس ميقاتي، أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث حصراً في موضوع التوقيت الصيفي، وبناء على ذلك ونظراً للإرباك الحاصل في القطاع التربوي الرسمي والخاص، يترك الوزير الحلبي للمسؤولين عن المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة، حرية اختيار وقت فتح مدارسهم ومؤسساتهم امس الاثنين، والعمل بالقرار الذي سوف يصدر عن مجلس الوزراء. وبعد قرار مجلس الوزراء ابدى البطريرك الماروني بشارة الراعي ارتياحه للقرار في اتصال اجراه مع ميقاتي، مؤكداً ان لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة الى مزيد من القرارات التي توحد اللبنانيين وكل اشكال الانقسام بينهم. كما اعلنت شركة «طيران الشرق الاوسط» في بيان، عن إعادة جدولة جميع الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي وفق التوقيت الصيفي إبتداءً من منتصف ليل 29-30 آذار 2023. وقدّر الحزب التقدمي الإشتراكي في بيان له، «الموقف المسؤول لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اللذين بادرا إلى التلقف الإيجابي لمساعي رئيس الحزب وليد جنبلاط، ومعهما وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي وجميع المسؤولين المعنيين، وقد أثمر كل ذلك إنهاء الاشكالية التي حصلت حول تعديل التوقيت وما تلاها من تأجيج خطير للخطاب الطائفي». وقال: وإزاء ذلك يجدد الحزب دعوته الى ضرورة الابتعاد عن كل شحن طائفي استفزازي وعن ردات الفعل المتوترة، التي من شأنها الدفع بالبلاد أكثر الى أتون الخطر في ظل الأزمات الكبيرة الراهنة التي تستوجب المعالجات السريعة والحكيمة. وكان رئيس الحكومة والرئيسان السابقان فؤاد السنيورة وتمام سلام قد عقدوا اجتماعا مساء امس الاول، تم خلاله البحث في اخر المستجدات، «وتحديدا استعار الأجواء الطائفية في هذه اللحظة الوطنية المصيرية والخطيرة التي يعيشها لبنان والشعب اللبناني على مختلف المستويات». وقد تمنى الرئيسان السنيورة وسلام على رئيس الحكومة «متابعة تصريف الاعمال الحكومية، ودعوة مجلس الوزراء في اقرب فرصة ممكنة لاتخاذ القرار المناسب في موضوع التوقيت ومعالجة الامور بما يراه مناسبا انطلاقا من مداولات مجلس الوزراء». وعلّق ميقاتي، على ردود الفعل حول قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى انتهاء شهر رمضان، بالقول: أن الأمور وصلت إلى حد الاشمئزاز وليتحمل الجميع المسؤولية. وأعرب ميقاتي عن «أسفه للمنحى الطائفي الذي تتّخذه مسألة تأخير التوقيت الصيفي، والذي لا علاقة له بالموضوع». مضيفاً: يحز في نفسي أن يتخذ الامر هذا المنحى، ولكن ما إتُّخذ قد إتُّخِذ. وتساءل: هل المطلوب هذه التعبئة الطائفية بدل الحرص الضروري على العيش الواحد، فيما كان يتوجّب تفعيل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبّر عنها صندوق النقد الدولي؟. وكانت معلومات قد أفادت أن ميقاتي اجرى اتصالاً بالبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، لشرح ملابسات مذكرة تأخير تقديم الساعة، لكن الراعي أصرّ على موقفه. وفي السياق، اعلن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في بيان، ان ما تتداوله بعض وسائل الاعلام عن لسانه هو غير دقيق، والصحيح ان وزير الثقافة اجاب على سؤال تم توجيهه اليه عما اذا كان مجلس الوزراء ورئيسه قد توقفا عن اداء مهامهم، فكان جوابه بأن رئيس مجلس الوزراء ممتعض عن حق من ردّات الفعل على قراره بشان تأخير العمل بالتوقيت الصيفي، ويعتبر بأن هناك من يريد ان يشطر البلد طائفيا.

رئاسيات

وحول الاستحقاق الرئاسي، اجتمع ميقاتي مع السفيرة الفرنسية آن غريو، التي قالت بعد اللقاء: بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا بأن هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة. اصافت: أن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا بأن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء. وفي جديد المواقف من الاستحقاق الرئاسي، التقى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، في بيت الكتائب المركزي السّفير السعودي في لبنان وليد البخاري، يرافقه الملحق العسكري في السفارة فواز بن مساعد المطيري، وأفاد المكتب الإعلامي في الكتائب أن «اللقاء المطول تناول آخر المستجدات في المنطقة ولبنان، لا سيما الملف الرئاسي، حيث جرى تشديد على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن على أن يكون قادراً على مواكبة المرحلة التي يمر فيها لبنان وينكب على معالجة كل الملفات لإخراج البلد من أزماته وفك عزلته عن العالم. وأعرب البخاري عن ثقته في «تطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أن لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها». وكان البخاري قد شدد على أهميّة انتخاب رئيسٍ للجمهورية «يكون سيادياً وإنقاذياً وبعيداً عن الفساد السياسي والمالي». وفي تصريحٍ له، مساء الأحد، خلال افطار اقامه النائب فؤاد مخزومي حضره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشخصيات، رأى البخاري «أنه من الضروري أن يحمل الرئيس العتيد برنامجاً إنقاذياً واضحاً، وقال: يجب أيضاً تكليف رئيس حكومة يمتلك المواصفات التي يجب أن تكون في رئيس الجمهورية، وذلك من أجل تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وإنتشال البلد من أزماته».

جنبلاط في فرنسا

الى ذلك، باشر رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط لقاءاته في العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة البحث بملف رئاسة الجمهوريّة. ويزور جنبلاط باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، ومن المقرر أن يعقد لقاءٍ مع مدير المخابرات الخارجية في فرنسا برنارد إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل. وأشارت المعلومات إلى أنّ الوفد متسمكٌّ بموقفه الداعي لإنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، لا يُشكل تحدياً لأحد وينفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة.

معالجات مؤجلة

معيشيا، وفي وقت ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس، لبحث اوضاع موظفي القطاعين العام والخاص، وتردد ان الرئيس ميقاتي سيزور المملكة السعودية لغداء فريضة العمرة وقد تكون لقاءات مع بعض المسؤولين السعوديين، ويعود خلال يومين اوثلاثة ليدعو الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء بدل الجلسة التي كانت مقررة امس. ونفذ موظفو هيئة «أوجيرو» اعتصاما في منطقة بئر حسن مؤكدين استمرارهم في الاضراب. وكان المجلس التنفيذي للنقابة أعلن الجمعة الماضي، تمسّكه بمطلبه الأساس وهو «تحسين الرواتب وربطها بالدولار، وبتأمين الأموال اللازمة للقيام بأعمال الصيانة والتشغيل، لتعود هيئة «أوجيرو» إلى ما كانت عليه في خدمة الوطن والمواطن». ووسط حالة الفراغ هذه والعجز عن المعالجات، بات لبنان مهدداً باتصالاته مع العالم الخارجي وفي الداخل، فقد اعتصم عمال وموظفو هيئة «أوجيرو» أمام مبنى الهيئة في منطقة بئر حسن، للمطالبة بتعديل رواتبهم ودولرتها، على وقع إضراب مفتوح بدأ قبل أيام. كما قطع الموظفون طريق أوتوستراد المدينة الرياضية قبالة مبنى الهيئة، أي عند الطريق المؤدية من الكولا إلى المطار. وأكد موظفو هيئة «أوجيرو»، انهم مستمرون في الاضراب. وبرزت مخاوف من ان يؤدي الاضراب الى عزل لبنان عن العالم، علماً أن خدمة الإنترت في لبنان سجّلت تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع كلفة تشغيل الشبكة وإصلاح الأعطال وتحديث الآلات. الاضراب أدّى إلى خروج سنترالات عدة عن الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء ما تغذّى بالتيار الكهربائي الرسمي. هذا التوقّف يعني خروج 100 ألف مشترك بين أفراد ومؤسسات عن الشبكة، وعدم تمكّنهم من إجراء الاتصالات الهاتفيّة أو الاتصال عبر الإنترنت، فضلاً عن زيادة الضغوط على سنترالات أخرى. وما يزيد الوضع كارثيّة أن هذه المراكز ليست محصورة بعمل «أوجيرو». قضائياً، استدعى «المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة إستجواب بعد غد الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ مقدمة من الرئيس ميقاتي».

باريس تستعجل "أي حلّ" لبناني..وماكرون يعتزم زيارة الرياض

الحكومة كسرت "فرمان" برّي: دولة الباطل "ساعة"!

نداء الوطن...بعد طول بحث وتمحيص في سبل إخراج نفسه من الورطة التي أوقعه بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإثر الاستعانة برئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وبمعية مساعي رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، تلقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "تخريجة" مجلس الوزراء لحفظ ماء الوجه في شطب قراره الإبقاء على "التوقيت الشتوي" حتى نهاية نيسان المقبل، فأقرّ المجلس إعادة ضبط الساعة اللبنانية على التوقيت الصيفي العالمي... ولو بعد حين! فبمزيد من الأسى والتحسّر، وبكثير من التلعثم والتأتأة، خرج ميقاتي من جلسة مجلس الوزراء ليؤكد بلسانه كسر "الفرمان" الموثّق بالصوت والصورة الذي كان بري قد أصدره وكلّفه تنفيذه، معلناً إقرار المجلس انطلاق التوقيت الصيفي الجديد ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء- الخميس المقبل، على أساس الحاجة إلى فترة 48 ساعة إضافية "لمعالجة بعض الأمور التقنية" التي جرى تفعيلها بموجب المذكرة السابقة. ورغم أنّ تداعيات ما حصل من تجاذب المكونات الوطنية عقارب الساعة اللبنانية أتت في سياق استكمال الصراع المرير والمتواصل بين المؤيدين لقيام ساعة "دولة الحق" والمستأثرين بساعة "دولة الباطل" وعقاربها المستحكمة والمتحكمة بمسار البلد ومصير أبنائه، غير أنّ ميقاتي أبى إلا أن يُلبس الموضوع لبوساً طائفياً ليداري خلفه الأبعاد السلطوية التسلطية الحقيقية خلف حقيقة النهج السائد في الحكم والقائم على سياسة "إيقاف الزمن" اللبناني ومنعه من التقدّم أي خطوة باتجاه استنهاض الدولة وإصلاح هيكلياتها البنيوية، فاعتبر أنّ "المشكلة ليست ساعة شتوية أو صيفية، إنما المشكلة هي الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر". تزامناً، لوحظ خلال الساعات الماضية إعادة تفعيل باريس قنوات اتصالها المباشر مع القيادة السعودية لاستعجال "أي حل" لبناني، بحسب تعبير أوساط متابعة للحراك الفرنسي، سيما في ضوء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والاتفاق معه على "العمل معاً" للمساعدة في إخراج لبنان من أزمته العميقة، مشيرةً إلى أنّ ماكرون يعتزم زيارة الرياض في وقت قريب لمحاولة التوصل مع القيادة السعودية إلى أرضية مشتركة حيال التصور المرتقب للحل اللبناني، خصوصاً في ضوء إعادة فتح قنوات التواصل المباشرة بين المملكة العربية السعودية وإيران. وفي بيروت، لفت تحرك السفيرة الفرنسية آن غريو باتجاه المسؤولين للدفع باتجاه إقامة طاولة حوار تفضي إلى "انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة"، حسبما أعلنت من السراي الحكومي بعد لقائها ميقاتي، باعتبار أنّ "الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء". أما على مستوى الموقف السعودي، فقد أكدت جولات السفير وليد البخاري على القيادات اللبنانية إثر عودته من اجتماع باريس التشاوري على عدم وجود أي تبدّل في توجهات المملكة العربية السعودية ونظرتها للحل اللبناني على أسسس "سيادية إصلاحية خارجة عن أي اصطفافات حزبية وفئوية"، وهذا ما جدد البخاري التشديد عليه سواءً بقوله من معراب أنّ "موقف المملكة ثابتٌ تجاه لبنان ولن يتغيّر، ودورها في اللجنة الخماسية يصبُّ في مصلحة لبنان وسيادته"، أو بتأكيده من الصيفي أمس على ثقة السعودية "بتطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أنّ لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها".

لبنان: ميقاتي يتراجع عن «فتنة التوقيت»

الجريدة...منير الربيع ....تراجعت الحكومة اللبنانية عن قرار تأخير اعتماد التوقيت الصيفي إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان المبارك. وعليه سيعود لبنان خلال 48 ساعة إلى توحيد التوقيت، من خلال العودة إلى تقديم الساعة ساعة واحدة. ويمثّل التراجع تخفيفاً للاحتقان المذهبي والطائفي الذي طغى على الساحة اللبنانية وتقدّم على ما عداه بفعل ردة الفعل العنيفة التي اتخذتها جهات متعددة، ولا سيما القوى المسيحية السياسية والروحية، رفضاً لتأخير تقديم الساعة الذي اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، التراجع عن القرار، بناء على مبادرة قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيسي الحكومة السابقَين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وكان الإخراج بعقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار التراجع. وأعاد ميقاتي الأزمة الى الفراغ الرئاسي والنزعات الطائفية التي تطغى على الاستحقاقات الدستورية وعلى كل المقاربات في البلاد، وشدد على أنه «منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وأنا أجاهد مع ثلّة من الوزراء والجيش والقوى الأمنية كافة والجنود المجهولين من الموظفين في الإدارات العامة للحفاظ على هيكل الدولة اللبنانية التي إذا ما انهارت سيصبح صعبًا جدًا إعادة تكوينها». وقال ميقاتي: «تحملت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات وصمدت وعانيت بصمت، غير أنّي اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم»، لافتا الى أن «كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحملها جميعاً وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ المشينة بحق بعضنا البعض». الجمرة الحارقة التي يتحدث عنها ميقاتي، وفق ما تشير مصادر متابعة، هي المخاطر التي ستكون محدقة بلبنان في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد التقرير الذي صدر عن صندوق النقد الدولي إزاء الأزمة اللبنانية، معتبراً أنها لن تنتهي في ظل عدم إقدام السلطات على تنفيذ خطة الإصلاح. وفي هذا السياق، تتخوف مصادر اقتصادية لبنانية من تصنيف لبنان في المنطقة الرمادية بتقييم المنظمات المالية العالمية، وفي حال تم وضعه في هذه الخانة، فهذا يعني تهديد التعامل مع المصارف اللبنانية من قبل المصارف العالمية، مما يعني أن البلاد ستدخل في عزلة مالية عن النظام العالمي، وهذا ستكون له تداعيات كارثية على الواقعين المالي والاقتصادي، وسيصبح لبنان سوقاً مفتوحاً لتبييض الأموال من خلال الارتكاز على التبادل النقدي للعملة. سياسياً، وكما أشارت «الجريدة»، في تقرير سابق حول محاولات فرنسية ومن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً للتواصل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للبحث معه في الملف اللبناني، كما في ملفات أخرى، فقد جرت محاولة من ماكرون للطلب من بن سلمان شخصياً مسألة التعاون في انتخاب رئيس للجمهورية، لا سيما أن باريس تريد إنجاز الاستحقاق بأسرع وقت، ولو كان ذلك يقضي بانتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وبحسب المعلومات، فإن الاتصال شهد بحثاً في الملف اللبناني، كما تم البحث في ملفات أخرى تهمّ البلدين، على وقع التحضير لزيارة سيجريها في المرحلة المقبلة ماكرون إلى الرياض. وبنهاية الاتصال صدر بيان عن «الإليزيه» أشار إلى ضرورة التعاون الفرنسي - السعودي في مساعدة لبنان، وتشير المعلومات إلى أن الموقف السعودي لا يزال على حاله بشأن الاستحقاق الرئاسي، وهو مقاربة المواصفات لا الأسماء.

لبنان: «عاصفة الساعة» مرّت بعد تداعيات هوجاء والتوقيت الصيفي... عاد

الراي.... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- ميقاتي بعد مجلس الوزراء الاستثنائي: لم أتصوّر الردود الطائفية البغيضة

- ليلة طويلة من الاتصالات أفضت إلى سحب «فتيل الساعة»

- المجتمع الدولي قلَب «الساعة الرملية» للبنان رئاسياً وإصلاحياً: الوقت نَفَد

على طريقةِ «الزوبعة في فنجان»، مرّتْ «عاصفةُ الساعة» في لبنان الذي عاد إلى اعتمادِ التوقيت الصيفي ابتداء من منتصف ليل الأربعاء - الخميس بعد مَخْرَجٍ تمت حياكته سياسياً في «ليلة القبض على الساعة الشتوية» التي وفّرتْ «هبوطاً آمِناً لرئيسِ الحكومة نجيب ميقاتي و(جسرَ عودة)عن قرارِ تأجيل تقديم الساعة حتى نهاية شهر رمضان المبارك». ورغم تراجُع الرئيس ميقاتي عن القرار الذي اتخذه«من جانب واحد»خلافاً لتثبيت مجلس الوزراء في 7 الجاري تقديم الساعة ساعة منتصف ليل 25 - 26 الجاري التزاماً بالقرار الحكومي الصادر في أغسطس 1998 والذي ينص على بدء التوقيت الصيفي في ليل آخِر سبت - أحد من مارس، فإن «الندوبَ» التي تَرَكَتْها «حرب الساعة»جاءت لتؤكد المؤكد لجهة هشاشة الواقع اللبناني وقابليّته الخطيرة للعودة إلى «التخندق» الذي استعيد بأكثر تجلياته نفوراً من بوابةِ إجراءٍ إداري ارتجاليّ تَشارك الدفعَ في اتجاهه وإعطاء إشارة السير به رئيس الحكومة ورئيس البرلمان نبيه بري وسرعان ما حُمِّل كل عناصر الصراع المزمن في لبنان بأبعاده السياسية والطائفية لتوغل «العقارب» في العودة إلى الوراء، إلى الزمن القاتم في تاريخ الوطن الصغير الذي اكتملت مع «لعنة الساعة» سلسلة اللعنات التي لم تنفكّ تحلّ عليه. ومنذ أن فتحتْ بيروت جفنيْها أمس الاثنين على يوم ثانٍ من «الانشطار» بين مناطق زمنية بعضها اعتمد ما اصطُلح على تسميته «توقيت ميقاتي - بري»وبعضها الآخر (غالبية المناطق المسيحية ومؤسساتها الكنسية والتربوية والتجارية) ما اختير له عنوان«التوقيت العالمي»، كانت كل المؤشرات تدلّ على أن الفوضى العارمة التي شهدتها البلاد منذ صدور مذكرة إرجاء العمل بالتوقيت الصيفي وانفجرت بالكامل منتصف ليل السبت - الأحد لن تدوم أكثر بفعل اتصالات على أعلى المستويات حضّت على إطفاء «الحريق الطائفي» سريعاً وتفادي ترْك لبنان ينزلق «في ساعة» وبالتوقيت الخاطئ إلى «ملعب نار» قد لا يبقي ولا يذر فيما الانهيار المالي يأكل الأخضر واليابس. وبينما كان وسط بيروت، الذي انطبع بعد الحرب الأهلية وكأحد أبرز مؤشرات «لبنان التعايش» بمشهد الجامع والكنيسة «يتعانقان»، يعبّر عن «الانقسامِ الزمني»بأبهى صوره مع لقطةٍ لساعة السرايا الحكومية على التوقيت الشتوي وساعة الكنيسة الانجيلية على التوقيت الصيفي، عَبَرَ ميقاتي عبْر مجلس الوزراء بالبلاد من «منطقة الخطر» التي زُج معها وبغفلةٍ من كل نكباته المالية والمعيشية في أتون سياسي - طائفي سهُل معه الاصطياد في«الساعة العكرة»، فانعقدت حكومة تصريف الأعمال في جلسة استثنائية خلصت إلى تقديم «الزمن اللبناني» كما كان يُفترض أن يحصل منتصف ليل السبت - الأحد. وبهذه الخطوة تم تعطيل «صاعق» كان موْصولاً بـ «برميل البارود»الجاهز للتفجير بفتيل أو بآخَر، وذلك بعدما كان ارتسم مساران متداخلان:

* الأول ظَهَرَ معه قرارُ ميقاتي وكأنه لم يكن، سواء في عالم الانترنت والالكترونيات الذي بدا معه التوقيت الصيفي هو «المعترف به دولياً» (وهو شعار رفعته وسائل إعلام لبنانية رفضتْ مذكّرة ميقاتي)، أو في حركة العصيان السياسية - الدينية التي قوبلت بها خطوة رئيس الحكومة التي تسببت بارباكات كبرى لشركات الطيران ومصرف لبنان وغالبية القطاعات التي تشكل جزءاً من عولمةٍ ترتكز على العالم الرقمي والانترنت، كما للقطاع التربوي بعد «انفصال» المدارس المسيحية عن التوقيت الشتوي وسيرها بالساعة الجديدة وهو ما أوجد «منطقتين زمنيتين» داخل العائلة الواحدة (حيث بقيت دوامات غالبية الأهل على التوقيت القديم) ناهيك عن مشهدية مؤسسات تربوية في البقعة نفسها وكل منها «يغنّي على ساعته».

* والثاني أملاه بداية تشقُّق حكومة تصريف الأعمال التي بالكاد يتوافر النصاب لعقد جلساتها المخصصة لمعالجة قضايا معيشية ملحة، حيث لاحت «انتفاضة» وزارية على قرار ميقاتي بدأها وزير التربية عباس حلبي (من حصة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) الذي أعلن بعد ظهر الأحد اعتماد التوقيت الصيفي في القطاع التربوي برمّته، معتبراً أن قرار تأجيل تقديم الساعة يحتاج إلى مجلس وزراء. وسرعان ما ظهر أن خطوة الحلبي، التي عاد وتراجع عنها ليلاً تاركاً الحرية لمؤسسات التربية لاختيار توقيتها، كانت في سياق«رفع السقف»بالتوازي مع مبادرة أطلقها جنبلاط لمحاولة إنهاء «أزمة الساعة»، في اتجاه كل من ميقاتي وبري، واستمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الأحد في محاولة لجعل رئيس الحكومة يدعو مجلس الوزراء لعقد جلسة الاثنين يتم فيها العودة لتقديم الساعة، ووفق صيغة لا يبدو فيها رئيسا الحكومة والبرلمان وكأنهما خسرا بل أن «البلد ربح» بتقديرهما حراجة اللحظة. وسبقت دعوة ميقاتي منتصف الليل مجلس الوزراء الى الاجتماع، دخول رئيسيْ الحكومة السابقيْن فؤاد السنيورة وتمام سلام على خط احتواء الوضع وتوفير إطار لميقاتي لـ «توسيع كوع» التراجع البنّاء عبر مجلس الوزراء وتالياً الحدّ من الأضرار التي تطايرت تشظياتها في كل الاتجاهات وبعضها أصاب موقع رئاسة الحكومة نفسهوبدا واضحاً من البيان الذي صدر عن اللقاء الثلاثي أن ميقاتي كان في وارد الاعتكاف عن تصريف الأعمال، إذ أكد«ان الرئيسين السنيورة وسلام تمنيا على رئيس الحكومة متابعة تصريف الأعمال الحكومية، ودعوة مجلس الوزراء في أقرب فرصة لاتخاذ القرار المناسب في موضوع التوقيت ومعالجة الأمور بما يراه مناسباً انطلاقاً من مداولات مجلس الوزراء»، موضحا «أن الاجتماع تمَّ خلاله البحث في آخر المستجدات، وتحديداً استعار الأجواء الطائفية في هذه اللحظة الوطنية المصيرية والخطيرة التي يعيشها لبنان والشعب اللبناني على مختلف المستويات». وعكست كلمة ميقاتي بعد جلسة الحكومة أمس المنحى الخطير الذي اتخذه إجراء إداري قوبل بـ«ضخّ طائفي»، وهو أكد «لم أكن يوماً من هواة التحدي والتعدي على مقامات ومرجعيات دينية أو زمنية والتطاول عليها»، معلناً أن قرار تأجيل التوقيت الصيفي«كان هدفه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن دون أن يسبب ذلك أي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر وفجأة ومن خارج السياق الطبيعي والإداري البحت، اعتبر البعض الأمر تحدياً له وأعطاه بُعداً لم أتصوره يوماً ولكنني قطعاً لم أتخذ قراراً ذات بُعد طائفي أو مذهبي، وما كان قراراً كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة والتي دفعتني لأتساءل عن جدوى الاستمرار بتحمل المسؤولية عمن عجز عن تحمّلها بنفسه وأقصد النخبة السياسية التي اتفقت على كل رفْض وسلبية لهذا المرشح او ذاك لرئاسة الجمهورية وعجزت حتى عن وضع قائمة بأسماء مرشحين للبدء بالعملية الانتخابية». وتابع «ان المشكلة الأساسية هي الفراغ في الرئاسة، ومن موقعي كرئيس حكومة لا أتحمل أي مسؤولية عن هذا الفراغ، بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية (...) وأضع الجميع أمام مسؤوليتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني (...) وكرة النار أصبحت جمرة حارقة فإما نتحملها جميعاً وإما نتوقّف عن رمي الاتهامات والألفاظ المشينة بحق بعضنا». وإذ أوحى بأنه لن يعتكف، أكد «أنني أمثل مكوّناً وطنياً أساسياً في الحكم وأعتز بذلك، وكونوا على يقين أن الطائفة السنية ما كانت يوماً إلا وطنية وحافظت عبر التاريخ على وحدة البلد والمؤسسات وعملت عبر نخبها وقياداتها على صوغ مشاريع وطنية لا طائفية منذ الاستقلال وتحمّلت اغتيال مفتيها ورؤساء حكوماتها ورجال دينها وسياسييها لأسباب وطنية بحت وثمن ولائهم للبنان الواحد الموحّد، ورغم ذلك لم تخرج عن ثوابتها في العيش الواحد، ولا تزال وستبقى أم الصبي». ومع طيّ «صفحة الساعة»، عاد لبنان إلى «توقيت أزماته» المتشابكة التي أطلت برأسها على هامش اجتماع «البند الوحيد» للحكومة مع استمرار موظفي «هيئة اوجيرو» بإضرابهم المفتوح الذي يُنْذر بقطع «بلاد الأرز» عن العالم، فيما كان موظفو القطاع العام والمتقاعدون يراهنون على الجلسة بصيغتها الأصلية التي كان ميقاتي أعلن إلغاءها على وهج «إعصار» التوقيت الصيفي - الشتوي لإقرار زياداتٍ على رواتبهم، وسط مخاوف من استعادة الشارع غضبته الفوضوية والصِدامية وفق ما عبّر عنه حِراك في وسط بيروت الأسبوع الماضي. وفي موازاة ذلك، انشغل لبنان بالاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأحد، ولا سيما ما أعلنه الإليزيه من أن الرجلين «عبّرا عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معاً للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها». وسيسود تَرَقُّب جديد لمآل التواصل الفرنسي - السعودي على أعلى مستوى وتداعياته على الانتخابات الرئاسية المستعصية على حلّ منذ أكثر من 5 أشهر، وسط تَزايُد المؤشراتِ إلى خطأ الرهان على«حلول خارجية جاهزة»تهبط على لبنان وفق الخطوط المفتوحة، الجديدة أو القديمة، بين عواصم دولية وإقليمية، وإلى وجوب الالتفات إلى أبعاد ما بدا «ساعةً رملية» قلَبها الخارج ولا سيما واشنطن وصندوق النقد الدولي لـ «بلاد الأرز» على قاعدة «أن الوقت نَفَد» وأن الحاجة هي لانتخاب رئيسٍ «الأمس قبل اليوم و... فوات الأوان». وكان السفير السعودي في بيروت وليد بخاري أكد خلال لقاء في دارة النائب فؤاد مخزومي ضم مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وممثلاً عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعدداً من القادة الروحيين على «أهمية انتخاب رئيس للجمهورية سيادي إنقاذي بعيد من الفساد السياسي والمالي ويحمل برنامجاً إنقاذياً واضحاً، وتكليف رئيس حكومة يمتلك المواصفات ذاتها لتشكيل حكومة فاعلة قادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وانتشال البلد من أزماته».

بوصعب لـ «الشرق الأوسط» : باسيل أخطأ في رد فعله

بيروت: «الشرق الأوسط»... أبدى نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب استياءه البالغ من «التداعيات التي نجمت عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي (غير المدروس) لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي». وقال بوصعب: «الرئيس ميقاتي يتحمل مسؤولية القرار بشكل أساسي، فرئيس المجلس النيابي (نبيه بري) له حق أن يطلب من رئيس الحكومة ما يشاء، وهذا لا يعني أني أوافقه الرأي بالطريقة التي تمت أو بمضمون الطلب كما يحق لغيره أن يطلب أمراً معاكساً». وانتقد بوصعب الذي ينتمي لكتلة «لبنان القوي» التي يرأسها النائب جبران باسيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشدة «الإثارة الطائفية التي صاحبت القرار والتي أتت من أكثر من جهة وأدت إلى ما أدت إليه من مخاطر جمة على لبنان». ورداً على سؤال حول كلام رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالأمس، أجاب بوصعب بأنه «يحق لباسيل أيضاً أن يعترض على قرار ميقاتي لكني أرى أن باسيل أخطأ باستعمال بعض المفردات خلال انتقاده للقرار، لأنه لا يجوز أن نرد على قرار إداري خاطئ بخطاب أثار الغرائز الطائفية، ولو أنني أعلم أن باسيل لم يكن يقصد ذلك». وأعلن بوصعب رفضه المشاركة في الاجتماع المسيحي الذي دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي «لأن لبنان بحاجة للقاءات وطنية جامعة ولأننا بحاجة أن نجتمع معاً كنواب مسيحيين ومسلمين للخروج من هذه الأزمة وانتخاب رئيس للجمهورية». من جهته، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار (المحسوب على التيار الوطني الحر) «أن النقاش القائم حول موضوع التوقيت الصيفي ما هو إلا لإلهاء الرأي العام عن أمور أساسيّة وافتعال انقسامات نحن بغنى عنها وليس فيها أي منفعة للصائمين وغير الصائمين». وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «أصبح لبنان ينتج يومياً أعداداً كبيرة من الفقراء الجدد الذين يعيشون في بلدٍ لا حماية اجتماعيّة فيه لكل شرائح المجتمع. فنحن أمام تحديات خطيرة غفل المعنيون عنها، وأهمّها رواتب موظّفي القطاع العام وتقرير صندوق النقد الدولي الأخير». وكذلك عبّر «لقاء سيدة الجبل» عن رفضه للقرار الحكومي بتمديد التوقيت الشتوي، لكنه انتقد في الوقت عينه ردة الفعل الطائفية عليه. وتوقف في بيان له إثر الاجتماع الدوري عند ما قال إنها ثلاثة أنواع من الاعتراض. وقال: «الأول مبدئي رفضاً للطريقة الارتجالية في إدارة الدولة من خارج المنطق الدستوري والوطني والحسّ السليم، وهو ما أظهره بالصوت والصورة اجتماع رئيسي الحكومة والبرلمان نجيب ميقاتي ونبيه بري». والثاني اعتراض «عملي» «متعلّق بارتباط دورات العمل المحلية بالمواقيت العربية والدولية، وبالأخص محطات التلفزة والمطار، لا سيما أنّ القرار صدر قبل 48 ساعة من الموعد المحدد ما خلق اختلالاً في هذه المصالح». أما الاعتراض الثالث الذي تحدث عنه اللقاء، «فمثّلته قيادات سياسية ودينية مأزومة ركبت موجة الانقسام الطائفي حول القرار وصبّت الزيت على النار واستغلت الأمر لشدّ عصب جمهورها»، مضيفاً: «إنّ لقاء سيدة الجبل يدين بشدّة التحريض الطائفي الحاصل، ويؤكد أن ما جرى ليس خلافاً على تقديم الساعة من عدمه، بل يدلّ على عجز القيادات السياسية عن تقديم حلول للأزمات السياسية والاقتصادية الكبرى التي يتخبط بها لبنان وبالأخص أزمة رئاسة الجمهورية، ولذلك فهي تستغلّ أي حادثة من هذا النوع للهروب إلى الأمام والتنصّل من مسؤولياتها عن الأزمة». من هنا اعتبر أنه «أمام هذا الوضع الداخلي المتفجّر والخطير وأمام تتالي التطوّرات السياسية والعسكرية في المنطقة ما يجعلها تنام على شيء وتفيق على شيء آخر، فإنّ المطلوب أن يتمسكّ اللبنانيون بالدستور وقرارات الشرعية الدولية والعربية وأن يتوحدوا بجميع طوائفهم وفئاتهم حول مطلب وحيد هو رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان». وشدد: «إمّا يكون الزمن اللبناني جزءاً من الزمن العربي والدولي، وإمّا يكون جزءاً من الزمن الإيراني الذي تدور عقارب ساعته بخلاف ساعة العالم». ووجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى «البطريرك الماروني بشارة الراعي والإخوة المسيحيين»، مؤكداً فيه أن القضية أكبر من ساعتين ووقتين وشغور مركز رئاسي. وقال: «ليس من مصلحة المسيحيين والمسلمين منع التسوية الرئاسية وهدم مشروع الدولة ونحر الشراكة الوطنية ومقاطعة مجلس النواب وتعطيل مجلس الوزراء والتعامل مع انتخاب رئيس الجمهورية بنزعة (غالب ومغلوب)، فيما الخطورة بالغة ولبنان على جمر، والفتنة تتجوَل، وفتيل المذبحة الوطنية يتغذَى بالنار الطائفية والخرائط الدولية». وتوجه إلى الراعي والمسيحيين قائلاً: «يا غبطة البطريرك وأيها الإخوة المسيحيون، لبنان ينتظركم، وإخراج البلد من كارثة التعطيل السياسي وسرطان القطيعة ينتظركم، والتسوية الرئاسية المقبولة وطنياً تنتظركم، والقطيعة قطع للبنان، والتقسيم تفجير، والطائفية تدمير، والرؤوس الحامية أسوأ خطر على لبنان وشراكته الوطنية». وأكد أن «لبنان يقوم بوحدته الإسلامية المسيحية وشراكته الوطنية وإلا اشتعلت نار المذابح»، مشدداً على أنه «لا ينجينا من هذه الفتنة الصماء العمياء إلا تسوية رئاسية وطنية وتضامن وطني واسع بحجم إنقاذ لبنان».

تفاقم التضخم يزيد مخاطر الأمن الغذائي في لبنان

الشرق الاوسط...بيروت: علي زين الدين... تحقّق واقعياً صعود الحصيلة التراكمية لمؤشر الغلاء في لبنان إلى عتبة 3 آلاف في المائة، مؤكداً الترقبات القاتمة للقفزات غير المسبوقة التي سيسجّلها تضخم أسعار الاستهلاك بنهاية الفصل الأول من العام الحالي، تبعاً للانحدارات المتسارعة في سعر صرف الليرة، والمثبتة رقمياً بالارتفاع الحاد للمؤشر المجمّع إلى نحو 2800 في المائة حتى نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي. ومن شأن هذه المعطيات المستجدة أن تتكفل بتزخيم المخاطر التي تضرب بحدة منظومة الأمن الغذائي، حيث تظهر الاستطلاعات السابقة للموجة الجديدة انعدام الأمن الغذائي لدى 37 في المائة من المقيمين سكان البلد، بعدما زادت أسعار المواد الغذائيّة بنسبة ألفين في المائة خلال الفترة الممتدّة من اندلاع الأزمات في خريف عام 2019 وحتى نهاية العام الماضي. كما يندرج ضمن التداعيات المتوقعة التوسع التلقائي لحجم الفجوة الكبيرة بين المداخيل المترهلة والكلفة المرتفعة لأبسط مقومات العيش. وهو ما رصده استطلاع دوري صدر حديثاً عن منظّمة «هيومن رايتس ووتش»، استنتج أنّ ذوي الدخل المحدود هم الأكثر تأثّراً بالأزمة، في حين أنّ شبكة الأمان الاجتماعي تعاني قصوراً في التمويل. ولفت إلى أن 80 في المائة من السكّان يعيشون أصلاً تحت خطّ الفقر، بينما يواجه 70 في المائة من السكان صعوبات في التأقلم مع النفقات المتزايدة. ومع مصادفة حلول شهر رمضان في الثلث الأخير من الشهر الحالي، ظهر جانب لافت من النتائج المعيشية المتردية، بعدما تخطّت قيمة الإفطار اليومي للفرد مبلغ 1.2 مليون ليرة (الدولار الواحد يبلغ نحو 108 آلاف ليرة في السوق السوداء). وهي تشكل -حسب تقرير مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت- نحو ضعف قيمة الإفطار اليومي قبل عام بالتحديد. وذلك بسبب استمرار الارتفاع في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية بوتيرة أكبر من الارتفاع في سعر الصرف، وحيث إن التجار يعتمدون هامشاً مضافاً إلى سعر الصرف في السوق الموازية، لضمان قدرتهم على توفير السيولة اللازمة لإعادة تكوين مخزونهم من البضائع دون تكبد خسائر مالية، جراء الارتفاع المستمر في قيمة الدولار. ولفت التقرير إلى أن كثيراً من الناس باتوا يستغنون عن مكونات كثيرة في طعامهم وموائدهم، إلا أنه يصعب الاستغناء عن الخضراوات والفواكه الأساسية. ومع عودة ارتفاع حصة كلفة الطعام من مجمل مدفوعات الأسرة، يمكن تصور التراجع الكبير في نوعية الحياة لكثير من الأسر، وخصوصاً تلك التي ما زالت رواتبها ومعاشاتها التقاعدية مقوّمة بالليرة. ويؤكد باحثو المرصد خطورة آليات التأقلم السلبية التي يتبعها السكان، لناحية اللجوء إلى مواد غذائية ذات جودة ونوعية متردية، أو الاستغناء عن بعض المنتجات المفيدة للصحة، ما سيسبب أزمات صحية كثيرة في السنوات المقبلة، وستكون تبعاتها على القدرة المعيشية وعلى إنتاجية الأفراد وكذلك على فاتورة الصحة العامة كبيرة وخطيرة جداً. وبعد تسجيل ارتفاع مؤشر الغلاء بنسبة 8.5 في المائة خلال الشهر الأول من العام الحالي، تظهر الإحصاءات المحدثة الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي ارتفاعاً شهريّاً بنسبة 25.52 في المائة في مؤشِّر أسعار الاستهلاك خلال شهر فبراير الماضي، وبالاستناد إلى متوسط سعر 85 ألف ليرة للدولار الواحد. وهو ما يدفع إلى ترقب ارتفاعات أعلى للشهر الحالي ولحصيلة الفصل الأول، بعدما بلغ الدولار أعلى مستوياته القياسية عند 145 ألف ليرة، قبل أن يعود منتصف الأسبوع الماضي، إلى متوسط 110 آلاف ليرة، بفعل التدخل الأحدث للبنك المركزي عارضاً بيع العملة الخضراء بسعر 90 ألف ليرة. وبالقياس الرقمي السنوي، اقترب مؤشر تضخُّم الأسعار من عتبة 200 في المائة، بعدما سجل رقم 190 في المائة بنهاية الشهر الماضي. وذلك بالتوازي مع شمول الارتفاعات الحادة كل أبواب الإنفاق المدرجة في المؤشر وفق نسب تثقيل تراعي الأولويات الحياتية، وبعد انضمام أكلاف الخدمات العامة من اتصالات وكهرباء ومياه ورسوم وسواها إلى التسعير بدولار صيرفة. كذلك ارتفاع تسعيرة الدولار الجمركي من 15 إلى 45 ألف ليرة. وفي الرصد المنجز لمكونات المؤشر، ارتفعت أسعار المواد الغذائيّة والمشروبات غير الروحيّة ذات التثقيل الأعلى في المؤشر (20 في المائة) بنسبة 260 في المائة، على أساس سنوي حتى نهاية الشهر الماضي. وارتفعت أسعار النقل (تثقيل 13.1 في المائة) بنسبة 197 في المائة، فيما زادت كلفة السكن التي تشمل في مكوناتها تطور أسعار الماء والغاز والكهرباء والمحروقات الأخرى (تثقيل 11.8 في المائة) بنسبة 207 في المائة. وفي أوزان التثقيل الأدنى، برزت الارتفاعات غير المسبوقة في أبواب الإنفاق التي كانت مدعومة جزئياً أو كلياً بسعر الصرف من قبل الحكومة. فارتفعت كلفة الصحّة (تثقيل 7.7 في المائة) بنسبة 315 في المائة، وزادت متوسطات كلفة التعليم (تثقيل 6.6 في المائة) بنسبة 192 في المائة. وارتفعت أسعار الاتصالات (تثقيل 4.5 في المائة) بنسبة 380 في المائة. وقد تضرّر القطاع الصحّي بشكل كبير جرّاء الأزمة، بحيث يعاني نقصاً في الأدوية، وانقطاعاً في التيّار الكهربائي، وهجرة جماعيّة للطواقم الطبيّة، ما أنتج ضغطاً إضافياً على العاملين في القطاع. والأمر عينه بالنسبة للقطاع التعليمي ومعاناته هجرة العاملين والانقطاع في التيّار الكهربائي وخدمة الإنترنت، مع الإشارة إلى أنّ المدارس الحكوميّة قد أغلقت لفترات طويلة من الوقت.

البخاري يُطمئِن «حلفاءه» وليف تحذّر: عقوبات على المعرقلين

الاخبار....«ستكون هناك عقوبات أميركية - أوروبية - عربية على المعرقلين». كانت هذه الرسالة المباشرة الوحيدة التي أبلغتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقتهم خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت. باستثناء الحديث عن العقوبات، لم تعط المسؤولة الأميركية موقفاً واضحاً من الملف الرئاسي، ولم تدخل في أسماء محددة، مركزة على «الواقع المخيف الذي تعيشه البلاد في ظل مؤشرات على قرب الانهيار الكبير»، معبّرة عن استيائها من «حالة الإنكار الذي تعيشها الطبقة السياسية وعدم تعاملها مع الأزمة إن لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أو القيام بالإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة». وقال مطلعون على الاجتماعات إن المسؤولة الأميركية «تمثل بلادها في خلية الأزمة الإقليمية - الدولية للملف اللبناني وحضرت الاجتماعات الخماسية التي عُقدت في باريس، لكنها لم تدخل في تفاصيل لها علاقة بأسماء مرشحين رئاسيين، بل اكتفت بالقول إن بلادها ستتعامل مع أي رئيس مُنتخب»، وكشفت عن «تبايُن في الموقف بين الإدارة الأميركية وبقية الدول الشريكة في مناقشة الأزمة اللبنانية، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية». وإلى جانب الرسالة التي نقلتها ليف في ما خصّ العقوبات، ثمّة رسالة ضمنية أخرى حملتها تمثّلت في عدم تضمن جدول زياراتها أي لقاء مع القوى المسيحية، علماً أن «رئاسة الجمهورية كانت أحد البنود التي تناولتها». واعتبرت أوساط سياسية أن «تعمّد ليف تغييب المسؤولين المسيحيين عن جدول زيارتها، بما في ذلك تجاهل البطريرك بشارة الراعي، حمل إهانة كبيرة للمكوّن المسيحي وفيه تهميش كبير، ومن المستغرب أن هذا التهميش لم يستفز أحداً من القوى المسيحية التي لم تعلّق على الأمر أو تدينه وكانت مشغولة بمعركة الساعة». وفسّرت الأوساط هذا الأمر على «أنه تحميل مسؤولية للقوى المسيحية للشغور الرئاسي وكأنهم هم الذين يعرقلون وحدهم هذا الاستحقاق»، متسائلة ما إذا كانت العقوبات التي لوّحت بها «ستطاول شخصيات مسيحية وحسب». يوم الجمعة الماضي، استقبلت ليف في مقر السفارة الأميركية في عوكر النواب وضاح الصادق وإبراهيم منيمنة وعبد الرحمن البزري وبلال الحشيمي وفؤاد مخزومي. وقالت مصادر مشاركة إن اللقاء يعكس «إقرار ليف بالتنوّع السني وعدم اعتبار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممثلاً لهم، خصوصاً أن الاجتماع ضم نواباً يتبنّون أفكاراً وتوجهاتٍ مختلفة». ولم يخرج اللقاء عن الصورة العامة لسائر اللقاءات التي عقدتها ليف مع المسؤولين اللبنانيين، إذ تحدّثت مع النواب الخمسة عن ثلاثة خطوطٍ عريضة: أولها الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، من دون أن تدخل في لعبة الأسماء إنما حصراً في المواصفات. وثانيها ضرورة عودة الانتظام إلى المؤسسات العامة، وثالثها إشارة إلى تقرير صندوق النقد الدولي الأخير والمخاوف التي أثارها حول وضع لبنان في حال الاستمرار بتأخّر تطبيق الإصلاحات. وطُلِبَ من النواب إعطاء آرائهم، فتناوبوا على الكلام، وكان هناك إجماع على أن «أحداً غير مرتاح لمشروع الصندوق في ظل حكومة غير شفافة في إظهار طبيعة حواراتها مع الصندوق»، وأن «الإصلاح غير ممكن قبل الإصلاح السياسي».

فُسر تجاهل ليف للقوى المسيحية تحميلاً لها مسؤولية الشغور الرئاسي

وبينما بلغَ التحريض الطائفي ذروته نهاية الأسبوع خلال «حرب الساعة»، تواصلَت حركة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي أوكِل مهمة «تطمين الحلفاء بأن الاتفاق الإيراني - السعودي لن يكون على حسابهم، وأن موقف الرياض لا يزال على حاله، وأنها لن تدخل في أي تسويات تفرض رئيساً على غير رغبة اللبنانيين، وتصر على رئيس سيادي إنقاذي بعيد من الفساد ولديه برنامج إنقاذي واضح». هذا الكلام العام كانَ فحوى حديث البخاري مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، كما مع المسؤولين الروحيين الذي اجتمع بهم في منزل النائب فؤاد مخزومي. وفي سياق آخر، عادَ أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من باريس برفقة النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور. وعلمت «الأخبار» أن الهدف من الزيارة كانَ عقد لقاءٍ مع مدير الاستخبارات الخارجية في فرنسا برنار إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الزيارة جرى الاتفاق عليها بين جنبلاط وإيميه، لأن الأخير لم يكن موجوداً في باريس خلال زيارة جنبلاط الماضية.

صفقة المطار: القرار عند ديوان المحاسبة | جدل قانوني... وأسئلة عن المالك والوسطاء

الاخبار..محمد وهبة ...إلى جانب النقاش القانوني الذي أثارته صفقة تلزيم إنشاء المبنى الشرقي لمطار بيروت وتجهيزه وتشغيله، تكمن المشكلة الأساسية في الجدوى المالية والاقتصادية. ففي وقت يعاني فيه لبنان من تناقص موجوداته بالعملات الأجنبية وندرة الإيرادات الحكومية بالعملة الأجنبية، يتم الاستغناء عن قسم كبير من هذا الدخل الذي يتحقّق الآن، والمتوقع في السنوات الـ 25 اللاحقة، لتنفيذ استثمار سيكون القسم الأكبر من رأس ماله مخصصاً لتمويل شراء مواد أولية وتجهيزات من الخارج، ما يعني خروج الدولارات الطازجة من جديد.... لا شكّ في أن إنشاء مبنى ركاب للرحلات العارضة والسياحية في مطار بيروت الدولي يندرج في إطار الحاجات الأساسية اللازمة لتطوير البنية التحتية بعد هريان طالها لعقود، وخصوصاً في ظل اكتظاظ المطار خارج أوقات الذروة، وسيطرة شركة «ميدل إيست» على سوق الرحلات الجوية من لبنان ما يسمح لها بفرض أسعار مرتفعة، إلى جانب إقصاء منافسيها العاملين في الرحلات العارضة. لكن الهدف «النظيف» لا يبرّر الوصول إليه عبر آليات غير مشروعة أو غير مدروسة أو تشوبها شبهة مخالفة للقوانين العامة. وهذا ما ينطبق على صفقة تلزيم إنشاء مبنى الركاب الشرقي. ومع كل التفسيرات التي قُدّمت في سياق عملية التلزيم سنداً إلى قانون رسوم المطارات، إلا أنها أثارت الكثير من التساؤلات حول مشروعية هذا السند القانوني ومدى انطباقه اليوم، في ظل وجود قانون الشراء العام. ورغم الأهمية الاقتصادية لتطوير القدرة الاستيعابية للمطار، إلا أن الجدوى المالية المتعلقة بمردود الاستثمار على الخزينة فيه ثغرات واسعة، والجدوى الاقتصادية ليست واضحة على المدى المتوسط إذا استعاد مطار دمشق الدولي نشاطه السابق واسترجع المسافرين الذين يستعملون اليوم مطار بيروت بدلاً منه.

أي جدوى؟

تدفع غالبية شركات الطيران العاملة في مطار بيروت الدولي اليوم رسوماً على استعمال مساحات في المطار، بمعزل عما إذا كانت تشغل مساحات مكشوفة أو لا. وليس بإمكان هذه الشركات منافسة شركة طيران الشرق الأوسط في سوق بيع تذاكر السفر، لأن للشركة نفوذها في المطار، وهي تسيطر عليه بدرجة كبيرة، ويكاد يكون العاملون في المطار، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، تابعين لشركة «ميدل إيست»، وهذا الأمر أصبح واضحاً للعيان في فترة ما بعد الانهيار، عندما باشرت الشركة بقرار من رئيسها محمد الحوت، توزيع مساعدات مالية شهرية على العناصر المدنية والعسكرية العاملة في حرم المطار، وذلك من باب ضمان التزامهم الحضور الى العمل خشية تعطل مرافق المطار الأرضية. لذا، كانت هذه الشركات تعاني من تعديل في فترة الطيران وفي الخدمات التي تحصل عليها من المطار بسبب النفوذ الاحتكاري المحصّن بقرار من مجلس الوزراء لشركة «ميدل إيست». لكن انتقال هذه الشركات إلى أحضان مبنى جديد للركاب لا يعني بالضرورة أنها ستدفع رسوماً أكثر. اما الإيرادات الإضافية التي ستحصل عليها الخزينة اللبنانية، فستتأتّى من الإيراد المتوقّع من أعداد المسافرين الإضافيين عبر المطار، أي النموّ السنوي لعدد المسافرين. وهذا أمر لا يمكن توقّعه من دون دراسة جدوى اقتصادية تأخذ في الحسبان سيناريوات متعدّدة. وعلى سبيل المثال، فإن نسبة مهمّة من المسافرين سببها أن مطار بيروت يعمل منذ أكثر من عشر سنوات كمطار بديل من مطار دمشق. وإذا استعادت سوريا الأمن، فقد تكون الحدود البرية ممرّاً لكثير من الرحلات السياحية ذات الطابع الديني إلى العراق مثلاً، وربما إلى السعودية أيضاً، لأنها ستكون أرخص. سيناريوات كهذه، يمكن أن تضاف إليها كلفة الطيران المتوقّعة في المستقبل ربطاً بأسعار النفط ارتفاعاً أو انخفاضاً، وبلبنان كمقصد سياحي غاب عنه سياح الخليج الأكثر إنفاقاً. عدد المسافرين في مطار بيروت الدولي يتعلق أيضاً بالمغتربين، وبقدراتهم المادية في الخارج وسط أزمة اقتصادية هائلة حول العالم. المهم، أن ما تتوقعه الدراسة التي أنجزتها شركة «دار الهندسة - شاعر ومشاركوه» تشير إلى أن معدل الإيراد المتوقع من كل مسافر إضافي يبلغ 21.3 دولاراً يتوزّع بنسبة 55.9% أو 11.9 دولاراً للدولة اللبنانية، وبنسبة 44.1% أو 9.4 دولارات كإيراد غير صاف لمشغّلي المبنى. لكن أرقام الدراسة تعني أن المشغّل سيحصل على 873 مليون دولار خلال فترة 30 سنة، أي أنه سيستردّ كلفة الاستثمار خلال فترة لا تتجاوز 5 سنوات ونصف سنة. أما باقي الإيرادات، فستكون مخصصة لتغطية كلفة التشغيل والأرباح. ما قام به الوزير علي حمية هو أنه خفض فترة الاستثمار إلى 25 سنة، ما يعني أن أرباح المشغّل مضمونة لفترة 20 سنة. وبحسب الأرقام الواردة في دراسة المشروع، فإن كلفة التشغيل والصيانة خلال فترة التلزيم تقدّر بنحو 31% من مجمل الإيرادات. هذا يعني أن الشركة المشغّلة، وهي شركة سعودية (ليست وطنية كما ينص قانون رسوم المطارات)، ستتمكن من استرداد كلفة الاستثمار المقدر بـ 148 مليون دولار والتي يرجح متخصصون أنها «منفوخة جداً»، وستدفع كلفة التشغيل والصيانة التي تعدّ أيضاً «منفوخة جداً» (تتراوح بين 9.5 ملايين دولار سنوياً و12.4 مليون دولار) على كامل فترة التلزيم، وستبقى لها أرباح صافية بقيمة تتجاوز 400 مليون دولار بمعدل يتجاوز 17 مليون دولار سنوياً، أي أنه في المجمل، ستتجاوز أرباحها 287% من كلفة الاستثمار. السؤال المطروح بعد كل هذه الحسابات: هل من الأجدى خصخصة مبنى الركاب في المطار، وإعادة توزيع أرباحه المتوقعة عبر قنوات مختلفة بدلاً من البحث عن طريقة أخرى للتمويل لا تتضمن إعادة توزيع الأرباح عبر الخصخصة، مهما كان اسمها وشكلها، سواء قانون رسوم المطار، أو قانون الشراكة مع القطاع الخاص أو غيرهما، والتي تمنح المستثمر نحو 44% من الإيرادات المستقبلية التي تمتدّ لنحو 25 سنة؟

ضعف السند القانوني

الركيزة القانونية التي استند إليها حمية لتلزيم إنشاء المبنى الشرقي تقوم على قانون رسوم المطارات. هذا القانون منح وزارة الأشغال العامة صلاحية الإجازة لشركات الخدمات الأرضية الوطنية بإشغال مساحات مكشوفة لقاء دفع رسم سنوي على كل متر مربع، وإقامة منشآت ومبان على نفقة الشركات، وتحديد مدّة هذا الاستثمار وقيمته ونوعه. واستندت الوزارة إلى عقود مماثلة أنجزت سابقاً، ومن أبرزها:

- عقد مع شركة طيران الشرق الأوسط بتاريخ 28/1/2011 بهدف بناء هنغار للشحن. هذا الاستثمار يستند إلى قانون رسوم المطارات ويمتدّ على 15 سنة بكلفة 1 دولار سنوياً.

- عقد مع شركات النقل السريع «أكسال» لإشغال مساحة يقام عليها مبنى الشحن السريع وتتشغيله وإدارته واستثماره.

لكن، هل يمكن اعتبار قانون رسوم المطارات بمثابة سند قانوني صالح لهذه الصفقات، ومن ضمنها إنشاء المبنى الشرقي للركاب؟

ديوان المحاسبة أمام اختبار حماية القانون والماليّة العامة أو الخضوع للنفوذ السياسي

في الواقع، الرأي القانوني الذي استند إليه وزير الأشغال يشير إلى أن بعض الصفقات المماثلة التي عقدت سابقاً قبل إقرار قانون الشراء العام، لم تثر أي ضجّة رغم أنه كان يمكن توجيه الاتهامات لوزارة الأشغال العامة في حينه، لأنها لم تطبّق قانون المحاسبة العمومية الذي حلّ محلّه اليوم قانون الشراء العام. إضافة إلى ذلك، هناك خصوصية للصفقة المطروحة الآن، متّصلة بأن قانون الشراء العام دخل حيّز التنفيذ بعدما أُنجز دفتر الشروط ودراسة الملف بكامله، بينما وافق مجلس الوزراء على إنجازها بناءً على استدراج عروض. لكن الذي حصل عملياً أن الصفقة حصلت ضمن فترة الفراغ القانوني. رغم قوّة هذا التبرير قانونياً، إلا أن صفقة كهذه يمكن أن تنتظر لإنجازها وفق ركائز قانونية أوضح. فهل هي تخضع لقانون الشراء العام؟ أم أن قانون رسوم المطارات يكفي لتغطيتها قانوناً؟..... وجوب هذا السؤال يتعلق بردّ فعل وزير الأشغال العامة ورئيس الحكومة. فقد سارع الوزير حمية إلى الطلب من الرئيس ميقاتي إبداء الرأي بهذه الصفقة وبكل الصفقات المماثلة والمشابهة التي نفذت سابقاً على ديوان المحاسبة. وقد وافق ميقاتي على الأمر، ما يعني أن ديوان المحاسبة سيكون أمام مهمّة شائكة؛ فمن جهة، عليه أن يعطي رأياً قانونياً ومالياً في هذه الصفقة وسابقاتها من جهة، كما عليه أن يصمّ أذنيه عما تطلبه القوى السياسية وسماسرتها من جهة ثانية. إذ إن الصفقات السابقة تعدّ خرقاً فاضحاً لقانون المحاسبة العمومية، ولا سيما تلك الصفقة مع «ميدل إيست» التي لا تدفع سوى دولار واحد سنوياً لقاء إشغال مساحات عليها هنغار ضخم في المطار. وربما يكون ملف «أكسال» وغيرها مشابهاً أيضاً. وهذا يعني أن العين مفتوحة على ديوان المحاسبة وانتظار قراره بتغطية الصفقة الحالية والصفقات السابقة أو رفضها. وسبب الترقّب هو السيرة غير المهنية للديوان خلال العقود الأخيرة.

علي مهنا... رجل الظل الدائم!

في كل المناقشات الجانبية التي رافقت صفقة المبنى الجديد للمطار، ورد اسم علي مهنا، يقدمه البعض كرجل أعمال يتعاطى أعمالاً تتصل بالمطارات والخدمات الأرضية فيه، ويقدمه آخرون كوسيط (سمسار) مع شركات لبنانية وعالمية يفترض توفيرها عند التقدم بأي عرض للعمل في المطار. لكنه يقول عن نفسه إنه خبير لديه شركة استشارات تتعاطى المساهمة في إعداد دفاتر الشروط الخاصة بهذا القطاع، وإن لديه علاقات واسعة في هذا المجال بما فيها الشركات العالمية والمساهمون فيها. برز اسم مهنا عام 2017، عند عودة البحث في تجديد عقد استثمار السوق الحرة في مطار بيروت الدولي. وتبين يومها أن مهنا قدم نفسه لمعنيين بالملف على أنه صاحب مكتب خدمات استشارية، بما في ذلك مساعدة وزارة الأشغال في إعداد دفتر الشروط، لكن تبيّن لاحقاً أنه معني أيضاً باستدراج عروض لشركات عالمية من سويسرا وإيرلندا. وظهرت إلى العلن وثائق حول اتفاقيات بين شركات أجنبية وشركاء لبنانيين بينهم الناشط في السوق العقارية وسام عاشور. وبعد اللغط الذي حصل يومها، تبين أن مهنا كان يساعد مكتب وزير الأشغال السابق غازي زعيتر، الذي قال لاحقاً إن الرئيس نبيه بري طلب منه إبعاد مهنا لأن هناك من يتهمه بعمليات ضغط وابتزاز. قصة «الابتزاز» هذه برزت في ما نشره مشغّل السوق الحرة محمد زيدان لاحقاً، وأشار إلى مهنا باسم «ميم». وقال زيدان في أوراقه إن مهنا زاره أكثر من مرة، وعرض عليه محاصصة في استثمار السوق الحرة، وإن زيدان لم يوافق على عروضه. في ملف المطار الحالي، يبرز مهنا من جديد، ولكن بصفة المتحدث باسم شركة «لات» التي يملكها رجل الأعمال السعودي تركي بن عبد العزيز الذي شغل والده مقرن بن عبد العزيز منصب رئيس الاستخبارات السعودية ثم ولاية العهد قبل أن يتنازل لمصلحة محمد بن سلمان. ولمقرن وأولاده علاقات واسعة في لبنان، وهم من المتحمسين للاستثمار فيه رغم ارتفاع نسبة المخاطر. وقد رافق مهنا أعضاء مجلس إدارة الشركة في المفاوضات التي جرت مع وزارة الأشغال قبل أن يتم الاتفاق معها على إدارة الاستثمار في المبنى الجديد للمطار. ومهنا، يملك نفوذاً كبيراً في مطار بيروت، ولديه علاقات قوية مع مختلف الجهات والشركات العاملة في المطار، كما مع الموظفين الرئيسين في الإدارة. وهو أصلاً يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة «أجنحة بيروت» التي تملك معهداً لتدريب الطيارين (معهد تدريب الطيران)، وللشركة أساساً علاقة بشركة «لات». من جهة أخرى، تظهر المعطيات أن مهنا تمكن في مرحلة متأخرة من الدخول إلى سوق تزويد الطائرات بالوقود عام 1996، من خلال شركة جديدة أضيفت إلى 7 شركات تعمل في هذا المجال، رغم أن العاملين في هذا الحقل يؤكدون أن ليس لشركة مهنا أي تاريخ في العمل في هذا المجال، وأنه لجأ عام 2018 إلى بيع حصته لشركة لبنانية أخرى، وقد طُلب إلى التفتيش المركزي التحقيق في الملف من دون معرفة النتائج.

أسئلة وشبهات حول الصفقة والسماسرة: لماذا لم تكن هناك مناقصة... ولماذا السرية؟

الخطأ الأساس في ما قام به وزير الأشغال علي حمية في ملف المبنى الشرقي للركاب في مطار بيروت هو أنه وافق على إنجاز تسوية بالتراضي، ولم يفتح باب المنافسة بين عدة شركات للاستثمار في المشروع. ويؤخذ على حمية ليس استعجاله في بت القرار فحسب، بل في طريقة الإخراج. إذ لم يفهم أحد سبب عدم فتح باب المنافسة بين الشركات المهتمة، إضافة إلى سبب العمل بسرية تامة وصلت حد أن الصحافيين الذين توجهوا إلى السراي الكبير يوم الإعلان، لم يكونوا على علم بسبب الدعوة العاجلة التي وجهت إليهم. على أن الجانب الأكثر إثارة للشبهات، يتعلق بأن بعض الأسماء التي ظهرت في هذه الصفقة، سبق أن برزت في مراحل سابقة كانت تحصل فيها مناقصات ومزايدات على إشغال مرافق في المطار، من شركات تزويد الطائرات بالوقود، إلى السوق الحرة والمطاعم، كذلك المواقف الخاصة بالمطار، والتي جرى فسخ العقد فيها أخيراً بناء على طلب المديرية العام للطيران المدني، ويجري العمل على استدراج عروض جديدة لإدارتها، وسط انطباع بأن من سيفوز معروف الهوية مسبقاً. من جهة أخرى، تبيّن أن الأسباب الموجبة غير المدرجة في المشروع تشتمل على أهداف يحققها المشروع، أبرزها فتح باب التنافس بين شركات الطيران. وكسر احتكار شركة ميدل إيست. فمن جهة، يفتح المبنى الجديد المجال أمام الطائرات العارضة، أي تلك التي تقدم خدمة نقل بأسعار مخفضة، وهو أمر معمول به في كل العالم، كما توفر تغطية للرحلات التجارية والسياحية التي تقوم بها وكالات السفر وتستأجر طائرات لتنظيم رحلات جماعية، سواء إلى مقصد سياحي عادي أو لأداء المناسك الخاصة، من رحلات الحج والعمرة إلى السعودية مروراً بزيارة المراقد المقدسة عند الشيعة في العراق وإيران، أو حتى رحلات خاصة بطلاب وفرق ومجموعات تعمل على مشاريع سفر محددة. عملياً، يفترض بالخدمة الجديدة أن تفتح الباب أمام شركات طيران من نوع جديد. وهي تقدم رحلات بمواعيد نهارية ومنسقة، ولكن بأسعار تنافسية مع الشركات العاملة في ظل الميدل إيست. وتخفف من زحمة المبنى الأول الذي صار يعاني من ضغط لأنه جهز لعدد أقل من الركاب. وقد اعتبر البعض أن رئيس مجلس إدارة ميدل إيست محمد الحوت هو المتضرر الأول، وأنه معني بالنقاش الدائر وأن لديه ملاحظاته على المشروع من أساسه. كما أشير إلى أنه قد يتاح للمبنى الجديد فرص استثمار إضافية لجهة سوق حرة جديدة وخدمات أرضية جديدة، وهو ما يشكل منافسة لما هو موجود حالياً في المبنى الأساسي. علماً أن معدي المشروع يعتقدون بأن هناك مبالغات في هذا الأمر، كون نوعية الركاب الذين يستهدفهم المبنى الجديد هم من طبقة لا تؤثر فعلياً على الطبقة التي تستخدم المطار الحالي، مع الإشارة إلى أنه مع إعلان بدء العمل في المبنى الجديد بعد أربع سنوات، يكون عقد السوق الحرة في المبنى الحالي قد انتهى، وبالتالي سيكون هناك أكثر من مناقصة في ذلك التاريخ، وستظهر الأرقام الدقيقة الخاصة بعدد المسافرين، وسط توقعات بأن يتم استئناف العمل في مطارات سورية من قبل شركات إقليمية وعالمية، ما يخفف من عدد السوريين الذين يستخدمون مطار بيروت حالياً.



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..غضب إسلامي ضد حرق المصحف الشريف في الدنمارك..كيسنجر: أخطر من الأولى الحرب الباردة الثانية..«الأغذية العالمي»: نحتاج 23 مليار دولار لمواجهة أكبر أزمة أمن غذائي..خلافات حادة تخيم على القمة الأيبيرية ـ الأميركية..ترمب يتهم القضاء الأميركي بـ«الفساد»..تجدد الجدل في بريطانيا حول قبول النواب وظائف مربحة..تنديد دولي بخطط بوتين نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا..تركيا تعلن دعمها للمبادرة الصينية لحل الأزمة الأوكرانية..كييف تتهم موسكو باستهداف مبان سكنية في دونيتسك..الرئيس الروسي ينفي تشكيل «تحالف عسكري» مع الصين..فرنسا: خشية من «فوضى» قبل يوم التعبئة العاشر ضد إصلاح التقاعد..

التالي

أخبار سوريا..تأكيد انعقاد اجتماع رباعي في إطار التطبيع بين أنقرة ودمشق..تعزيزات لـ«ميليشيات إيران» شرق سوريا..المقاومة تعلن عن نفسها: حتى زوال الاحتلال الأميركي..عودة سوريا إلى "الحضن العربي".. خطوات فردية أم جماعية؟..

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,788,402

عدد الزوار: 6,915,022

المتواجدون الآن: 121