ملف الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية إلى طريق مسدود

تاريخ الإضافة الثلاثاء 3 تشرين الثاني 2009 - 9:30 ص    عدد الزيارات 4169    التعليقات 0    القسم عربية

        


 عمان ـ خليل رضوان

وصلت المفاوضات بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية حول ملف الأسرى الأردنيين إلى طريق مسدود اثر رفض الأخيرة التجاوب مع مطالب الاردن بالإفراج عن مواطنيه، مما دفع بوزارة الخارجية الأردنية الطلب من الولايات المتحدة التدخل "لحلحلة" الملف بعد يأسها من الوعود الإسرائيلية التي وصفها مصدر في الخارجية الاردنية "ذر للرماد في العيون".
تضارب الرسمي والشعبي
وللمرة الأولى منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967 والتي كانت تحت إدارة الملك الراحل الحسين، يعترف الأردن الرسمي بأعداد أسراه في سجون الاحتلال على لسان وزير خارجيته ناصر جودة والذين "بلغ عددهم 17 أسيرا سياسيا ".
وجاء الاعتراف الرسمي مناقضا لإحصائيات اللجنة الوطنية للأسرى التي تفيد "بوجود 27 أسيرا أردنيا يقبعون حاليا في سجون إسرائيل، يعود اعتقال بعضهم إلى ما قبل توقيع اتفاقية السلام في تشرين أول (اكتوبر) 1994".
وتبرر الحكومة عدم نشرها في وقت سابق لأعداد المعتقلين، والتضارب مع الأرقام الشعبية، بمواجهة سفارتها في تل أبيب "تعقيدات كبيرة في الاتصال مع الأجهزة الإسرائيلية المختلفة، إذ تتوه بين وزارة الداخلية، ووزارة الأمن الداخلي، قيادة الشرطة، إدارة السجون" في اسرائيل.
ومن الصعوبات التي تعذرت بها الحكومة الاردنية، قرار فك الارتباط الإداري والقانوني بالضفة الغربية في تموز (يوليو) من العام 1988، والذي تسبب في خلط إسرائيلي بين الأردني والفلسطيني، بين معتقلين يعتبرهم الأردن فلسطينيين، فيما تعتبرهم سلطات الاحتلال أردنيين لحملهم جواز السفر الأردني لمدة عامين، والذي يمنح أصلا لتسهيل التنقل بين الضفة والأردن.
وقال مسؤول أردني رفيع المستوى لـ"المستقبل" أن "سلطات الاحتلال تقوم في حالات كثيرة، باعتقال بعض الأشخاص من حملة الجنسية الأردنية لعدم استيفائهم الشروط القانونية للإقامة ( ...) وبعض هؤلاء (من أصل فلسطيني) يرفض الحصول على تصاريح الإقامة باعتبارهم يقيمون على ترابهم الوطني".
وأضاف أن "أبرز ما يواجه وزارة الخارجية الأردنية بهذا الملف هو المعيقات الأمنية، خصوصاً ما يتعلق بالمعتقلين لأسباب سياسية، فالأرقام قد تتغير ما بين معتقلين جدد ومفرج عنهم من دون إبلاغ الجانب الأردني".
تصميم على الحق
ولم تتوقف الجهود الشعبية، ولم ييأس ذوو الأسرى من مطالبة الحكومة بالتدخل للإفراج عن أبنائهم، بل ازدادوا إصراراً على المطالبة في غير اعتصام "بالإفراج عن أبنائهم ومحاكمة قادة إسرائيل كمجرمي حرب يخترقون معاهدة جنيف المتعلقة بمعاملة الأسرى".
وقبل أسبوعين أعلن في اعتصام كبير في عمان عن تشكيل "اللجنة الوطنية العليا للأسرى والمفقودين الأردنيين في السجون الإسرائيلية"، فأتسعت دائرة المؤازرين للأسرى لتضم أحزابا ونقابات مهنية وأسرى محررين من السجون الإسرائيلية وأهالي الأسرى وعددا من منظمات حقوق الإنسان.
ويشار الى ان اللجنة السابقة ليست الوحيدة، إذ سترفد أللجنة العليا دور لجنة أهالي الأسرى والمفقودين الأردنيين في إسرائيل المشكلة منذ عام 1996، وكان أول عمل قامت به اللجنة المذكورة، توجيه رسائل إلى رؤساء الكتل النيابية في مجلس النواب، دعتهم فيها إلى "ربط منح الثقة للحكومة بتعهدها بالسعي الجاد في متابعة هذه القضية وإغلاق الملف بشكل نهائي عبر إطلاق سراح جميع الأسرى وكشف مصير المفقودين".
فرص ضائعة
ولم تسلم الحكومات الأردنية من توجيه سهام النقد الداخلي، إذ اتهم رئيس لجنة أهالي الأسرى والمفقودين صالح العجلوني الحكومات المتعاقبة "بتضييع فرص ثمينة للضغط على إسرائيل للإفراج عن الأسرى وإغلاق الملف". ويقول "كانت أولاها عند توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل وانعدام تفعيل معاهدتي جنيف الثالثة والرابعة، اللتين تلزمان الدول المتحاربة بأ طلاق سراح الأسرى بعد انتهاء الأعمال العسكرية".
وفي عام 2004، رفضت الحكومة في تصريحات رسمية غير مرة "شمول الأسرى الأردنيين في صفقة تبادل الأسرى بين "حزب الله" وسلطات الاحتلال" واعتبرت "ملف الأسرى شأنا أردنيا خالصا".
وتعهّد رئيس الوزراء السابق معروف البخيت في حينه بان "حكومته ستبذل قصارى جهدها لإطلاق سراح الأسرى الأردنيين في إسرائيل"، مؤكدا إن هؤلاء الأسرى "أبناء هذا الوطن بغض النظر عن الظروف التي أدت إلى اعتقالهم".
لكن حكومته غادرت في نهاية عام 2007 متمكنة فقط الإفراج عن أربعة أسرى أشهرهم سلطان العجلوني الذي اعتقل عام 1990 واستكمل مدة محكوميته لعام ونصف في سجن أردني إلى جانب رفاقه المفرج عنهم.
ويرى العجلوني أيضا أن "بلاده أضاعت فرصة إجبار إسرائيل على تبادل عميلي الموساد الإسرائيلي، اللذين القي القبض عليهما بعد فشل محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في عمان 1996 بالإفراج عن الأسرى الأردنيين خصوصا من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدة".
اعتراف بالفشل
ولم تكن القدس بعيدة عن ملف الأسرى، إذ تردت العلاقة الأردنية ـ الإسرائيلية على نحو غير مسبوق اثر تهويد المدينة المقدسة، فتبع السلام البارد بين الجانبين غضب أردني رسمي أبلغه الملك عبد الله الثاني الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا له إن "مسألة القدس بالنسبة للأردن خط أحمر غير قابل للتجاوز"، واصفاً الحفريات الإسرائيلية قرب المسجد الأقصى بأنها "استفزازية". وأضاف "إن الأردن يسهر على حماية الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين، وعلينا أن ندافع عنها إزاء اغتصاب الممتلكات الذي تقوم به البلدية والحكومة الإسرائيليتين".
وشمل التردي كل العلاقات بما أثر أيضا على قضية الأسرى، إذ يؤكد المسؤول الأردني أن "السلطات الإسرائيلية تراجعت عن وعودها بالتعاون مع الحكومة الأردنية" ما اضطر الجانب الأردني إلى مخاطبة الجانب الأميركي بهذا الخصوص، ليتلقى وعودا بالمساعدة لم تسفر حتى اللحظة عن شيء".
وكشف المصدر بأن الاتصالات التي تمت مع الجانب الإسرائيلي للإفراج عمن اعتقلوا قبل معاهدة وادي عربة، كانت تنتهي بوعود من مختلف دوائر القرار السياسي الإسرائيلي بدراسة هذا الملف، إلا أن كل ذلك "كان ذرا للرماد في العيون".
وكشف المصدر عن وجود معتقلين منذ العدوان الإسرائيلي في العام 1967، قائلا "أن إخلاء سبيل هؤلاء يتطلب إصدار عفو من رئيس الكيان العبري، على اعتبار أن هذا الرئيس مخول، بموجب قانون الكيان الأساسي، بإصدار عفو خاص أو تخفيف الحكم، إلا أن ذلك ينطبق في الغالب على الأحكام الجنائية، في ما يتطلب الإفراج عن سجين سياسي موافقة رئيس هيئة أركان جيش الكيان، نظرا لأن المحاكم المختصة التي أصدرت الأحكام في مثل هذه القضايا هي محاكم عسكرية، والتهم التي توجهها للمتهمين هي تهم "أمنية" حسب التوصيف الإسرائيلي.
مشعل يدخل على الخط
ودخل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، خلال زيارته الأخيرة الى الأردن للمشاركة بتشييع والده قبل ثلاثة شهور تقريبا،على خط ملف الأسرى، اذ تسلم من القائمين على الملف في النقابات المهنية الأردنية، قوائم بأسماء الأسرى الأردنيين في سجون الاحتلال، مطالبين اياه بأن تشمل صفقة إطلاق الجندي شاليط أسرى أردنيين، وقد تقبل مشعل هذه المطالبة، ووعد بتحقيق ما أمكن، جنبا إلى جنب مع الأسرى الفلسطينيين من مختلف الفصائل.
الملف شائك بين عمان وتل ابيب، ولكن ذوي الأسرى لا يحفلون بماهية الجهة التي تعمل على إطلاق سراح أبنائهم، بقدر ما يتوقون لاحتضان أبناء غيبتهم سجون الاحتلال لسنين طوال.
 


المصدر: جريدة المستقبل

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,060,009

عدد الزوار: 6,750,645

المتواجدون الآن: 105