الشرق الأوسط من منظار الاتحاد الأوروبي: لا موقف سياسياً موحداً

"لبنان قلب عدم الاستقرار في المنطقة... ونقاط مشتركة مع "حزب الله"

تاريخ الإضافة السبت 6 آذار 2010 - 4:43 ص    عدد الزيارات 3550    التعليقات 0    القسم دولية

        


بروكسيل – من منال شعيا:
جملة مشاريع اقتصادية ولا موقف سياسياً موحداً في المسائل المصيرية. تلك هي المعادلة التي تتحكم بالسياسة الاوروبية لدول الجوار.
لا يحتاج هنا  الاستنتاج الى كثيرمن التحليل، بل هو ترجم على لسان اكثر من مسؤول في مركز السياسة الأوروبية  إلى حد قول احدهم ان لا موقف سياسياً موحداً للاتحاد الاوروبي بالنسبة الى الشرق الاوسط.
ولبنان ليس ببعيد عن هذه النظرة الاوروبية، اذ لم تجد المسؤولة في مركز السياسة الاوروبية والمتخصصة في تحليل واقع السياسة الاوروبية لدول الجوار في شمال افريقيا ولبنان روزا بالفور حرجا في القول امام وفد صحافي  لبناني يزور بروكسل ضمن " شبكة اتحاد صحافيي دول الجوار"، القول: "بالنسبة الى الشرق الاوسط هناك تعدد في النظرة داخل الاتحاد الاوروبي وهذا ما يتجلى بوضوح في ما يتعلق بالصراع العربي –الاسرائيلي وفي
كيفية التوصل الى حل نهائي، ولهذا التعدد اسبابه التاريخية مما يمنع التوصل الى سياسة او موقف موحد". ثم ذهبت بعيدا الى القول "ان لبنان هو قلب عدم الاستقرار في المنطقة".
وبالفور التي تدير النشاطات الدولية المتعلقة بتوسيع السياسة الاوروبية في اتجاه الجوار في الشرق والجنوب، غاصت في عرض سياسة الاتحاد الاوروبي والمراحل التي قطعها. وشددت في كل مرة على مقاربة واحدة هي التوازن بين السياسات  وحددت ابرز محاور عمل الاتحاد في ميادين ثلاثة مهمة هي تعزيز الطاقة ومكافحة الفساد والحفاظ على الاستقرار، قائلة: " نحن مهتمون بعدم توسع الصراع في الدول".
هي لم تخف ان تاريخ اوروبا مع شعوب دول البحرالابيض المتوسط تأثر بتغيرات، علماً ان التعاون الوثيق بدأ في 1995 بعد قمة برشلونة التي وضعت اسسا جديدة للعلاقة الاوروبية مع دول الجوار، وخصوصا في ما يتعلق بتحقيق السلام والاستقرار والنمو في هذه الدول.
ولان لبنان في نظرها، "قلب عدم الاستقرار في المنطقة"، تقول: "لبنان هو من  البلدان التي تشهد بطئاً على مستوى التقدم او التغير السياسي. صحيح انه من ابرز دول الجوار الا ان التطور قليل جدا. ان الاتحاد يطلب اصلاحات سياسية وادارة اقتصادية شفافة وضمانات تتعلق بالامن والاستقرار".
هذا التشريح للواقع اللبناني مرده وفق بالفور الى ان السياسة الاوروبية مع لبنان تتخطى سياسة دول الجوار، وهي تالياً مركبة ومعقدة لكونها ترتبط اساسا بدول اخرى كسوريا وايران، لذلك يؤدي العامل الجيو –الاستراتيجي تأثيره الكبيرفي اي تقدم او تغير".

 

"حزب الله": مشكلة ونقطة مشتركة

اذا كانت بالفور ترى في هذا العامل الجيو – الاستراتيجي مشكلة اولى في لبنان، فانها تعلن صراحة ان المشكلة الثانية هي في وجود "حزب الله"، "لاسيما بعدما وضعته الولايات المتحدة على لائحة الارهاب. انها مسألة جدلية بالنسبة الى اوروبا مع وجود قوة "اليونيفيل" على الاراضي اللبنانية، ذلك ان مختلف الدول التي تشارك في هذه القوة لا تريد ان تعرض جنودها لاي خطر او تقحمهم في دائرة الصراع".
الا ان المسؤولة الاوروبية لا تهمل  ان "حزب الله" عضو في الحكومة اللبنانية، وتشير الى انه "خلال الحوار وبعض النقاشات مع حزب الله لمسنا ان ثمة نقطة مشتركة بينه وبين الاتحاد الاوروبي وهي مكافحة الفساد. وهذا له  تأثير طيب".
هكذا عرفت بالفور كيف توازن، بالنسبة اليها " تستطيع المفوضية ان تؤدي دورا سلميا في السياسة المتوسطية وهدفنا تخطي الانقسامات داخل الاتحاد الاوروبي".
ثلاث ملاحظات تسجلها بالفور. الاولى تتعلق بالشرق الاوسط وتقول ان " منطق التعددية داخل الاتحاد الاوروبي واضح في ما يتعلق باسرائيل وفي كيفية التوصل الى حل نهائي وذلك مرده الى اسباب تاريخية، مما يمنع التوصل الى موقف موحد.
الثانية: سياسة الاتحاد تصر على الدفع في اتجاه الاصلاح  وانما في الوقت نفسه تسعى الى الحفاظ على الاستقرار. وهذه المسألة قد تبدو احيانا كثيرة متناقضة، لان الاصلاح قد يتطلب تغييرا او ثورة في ما يتصل بالانطمة الاقتصادية او ببعض المعتقدات.
الثالثة: التركيز على مكافحة الارهاب".
اذاً لا موقف للاتحاد الاوروبي، والسؤال ماذا سيكون موقفه في حال تم الاعتداء على لبنان؟ تجيب: "لقد شهدنا هذا الواقع عام 2006 وتدخلت الدول الاوروبية وانما ليس الاتحاد الاوروبي. انه خيار تكتيكي. اليوم، اعتقد ان الاتحاد قد يتدخل للحفاظ على الاستقرار، واتفاق لشبونة يساعد عبر اكثر من الية".
وفيما لم تشرح كيفية التدخل اقرت بأن "ثمة صراعا سياسيا داخل الاتحاد الاوروبي في ما يتعلق بالجهاز الخارجي، في وقت لم تجد بعد المنسقة الاعلى للسياسة الخارجية كاترين اشتون الالية المشتركة او ان الفرصة لم تتح لها بعد لايجادها".
هذا التفتيش عن الدور السياسي الخارجي، كان محور المؤتمر الذي عقد في العاصمة البلجيكية بعنوان "السياسة الاوروبية لدول الجوار"، في حضور صحافيين من لبنان والمغرب وتونس والجزائر، ودفع اكثرمن محلل الى القول ان السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي هي في حالة "روداج"، فهي تسعى الى الانطلاق في اتجاهات جديدة  وتطوير الديبلوماسية الأوروبية، لا سيما مع التقارب المستحدث مع سوريا، بعد قطيعة طويلة. وهذا "التبدل" لا بد ان يكون له مردود على الصعيد اللبناني، الا ان هذا المردود ليس واضحا بعد في المعايير السياسية.
ولعلها بالفعل مفارقة ان تنشط المفوضية الاوروبية على اكثرمن صعيد، وتغرق في عمل ميداني واسع يكاد لا يختصر بالشؤون الاجتماعية وتعزيز حقوق الانسان فحسب، بل يتصل ايضا بالطاقة والنقل فيما تعجز عن اتخاذ موقف سياسي موحد لأكثر من  مسألة مصيرية. وربما قد تكون هذه المعادلة مقصودة، اذ تسعى المفوضية الى تثبيت مكانتها الاقتصادية كأكبر قوة في العالم، في موازاة القوة السياسية لاميركا.

 

بين اوروبا والعرب

انه "تقاسم الادوار"، من هنا، يبرز كلام المدير المساعد لـ "الوكالة الاوروبية للتنمية" ريشار ويبر امام الوفد الصحافي نفسه، فهو  غاص في "تفنيد" الاستثمارات الاوروبية التي تنشط في دول المنطقة، ومنها لبنان والمتعلقة تحديدا بالبنى التحتية والمشاريع الاجتماعية والتربوية، ويعدد المشاريع التي ستنشط في لبنان وهي تتوزع بين ميادين عدة، البنى التحتية والطاقة والنقل والبيئة والاصلاح الاداري والمالي والمتعلق بالموازنة وعصرنة التشريع، وقد رصد مبلغ 50 مليون اورو سنويا، بعدما كان النصف اي 25 مليوناً.
ويعطي ويبر اهمية قصوى لهذا النشاط التنموي الى حد قوله: "من دوننا، لا وجود لفلسطين"، ثم يتدارك: "نحن نمول الشعب الفلسطيني وليس السلطة السياسية".
هذا الفرز الواضح بين الشعب والسلطة، وتالياً بين ما هو تنموي واجتماعي وما هو سياسي وطني، يحدد اطر تحرك المفوضية في الوقت الحاضر. ويوضح : "ان اكبر برنامج مساعدات يقدمه الاتحاد هو لفلسطين، بحيث يصل المبلغ الى مليار اورو سنويا مقابل صفرمساعدات لاسرائيل".
لكن هذا "الكرم" الاقتصادي ألا يقابله فشل سياسي او تواطؤ على حساب الشعوب العربية؟
يجيب ويبر: "عليكم ان تلوموا انظمتكم الاخوية العربية اولا".
ومن الواضح ان المبلغ الذي خصصه الاتحاد للمرحلة الفاصلة بين 2007 - 2013 والذي يصل الى حدود 12 مليار اورو، وتفيد منه بلدان عدة، منها الجزائر ومصر والاردن ولبنان وليبيا والمغرب وسوريا بهدف تعميق العلاقات مع دول الجوار وتفعيل التعاون الاقتصادي والمساعدات في مجال الاصلاح والعصرنة والادارة الجيدة، هو احد الوجوه التي يحرص الاتحاد الاوروبي على الظهور عبره.
المقاربة محددة: "لا يتدخل الاتحاد الاوروبي عسكريا في حال احتدم الصراع في الشرق الاوسط، فهذا الامر متروك لاميركا"، كما تقول بالفور، انما الاتحاد ينشط على خط برامج الانماء، لا سيما ان الاطراف اللاعبين داخل الاتحاد كثر، مما يعدد بوصلة الاتجاهات احيانا كثيرة.
ومعلوم ان المساعدات هي الوجه الاخر للسياسة، فهل "اوروبا جارتنا" تكتفي بذلك ام ان تكريس موقعها الاقتصادي في قلب منطقتنا يشكل مدخلا لمسار سياسي جديد، بحيث تكون هذه الفترة المفتاح لتعزيز الديبلوماسية الاوروبية؟ هذا ما حاول المؤتمر تحليله مدى اسبوع، ليخلص المشاركون الى النتيجة الآتية: "اوروبا بين منزلتين: القوة الاقتصادية والمحاذيرالسياسية".   
 


المصدر: جريدة النهار

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,814,704

عدد الزوار: 7,080,641

المتواجدون الآن: 107