أخبار العراق.....عشرات الصواريخ على «التاجي» في ثاني قصف خلال يومين... الجيش العراقي عد استهداف فصائل مسلحة القاعدة «عدواناً سافراً»....البنتاغون: مصابان في هجوم التاجي بحالة خطرة..خلافات القوى الشيعية تفاقم أزمة رئاسة وزراء العراق عشية انتهاء مهلة اختيار مرشح جديد غداً....بدء تنفيذ قرار عزل المحافظات العراقية لمنع انتشار الوباء..«كورونا» ضيف بغداد الثقيل....

تاريخ الإضافة الأحد 15 آذار 2020 - 4:11 ص    عدد الزيارات 1908    التعليقات 0    القسم عربية

        


عشرات الصواريخ على «التاجي» في ثاني قصف خلال يومين... الجيش العراقي عد استهداف فصائل مسلحة القاعدة «عدواناً سافراً»..

بغداد: «الشرق الأوسط».... عدّ الجيش العراقي القصف الذي تعرض له الجانب العراقي في معسكر التاجي شمال بغداد، أمس، بعشرات الصواريخ، من قبل فصائل مسلحة لم تعلن عن نفسها، «عدواناً سافراً». وقالت القيادة العامة للقوات المشتركة، في بيان، «تعرض معسكر التاجي إلى عدوان سافر آخر بعد سقوط 33 صاروخاً نوع (كاتيوشا) على وحدات الدفاع الجوي العراقي وقرب بعثة التحالف الدولي، وقد عثرت قواتنا على سبع منصات تم إطلاق الصواريخ منها في منطقة أبو عظام قرب التاجي شمال العاصمة بغداد، ووجدت فيها 24 صاروخاً جاهزاً للإطلاق، حيث عملت على إبطال مفعولها». وأضافت القيادة أن «هذا العدوان الغاشم تسبب بجرح عدد من منتسبي الدفاع الجوي وهم بحالة حرجة جداً». وأكدت أنها «ستتخذ كل الإجراءات لملاحقة من قام بهذا العمل العدواني، وإلقاء القبض عليهم»، موضحة أنه «لا يمكن العبث بأمن العراق بهذا الشكل، وأن أي إرادة تحاول أن تكون بديلاً للدولة وسياستها وسيادتها، وتفرض لها وجوداً، مصيرها الفشل، ومستقرها خلف القضبان بقوة القانون والقضاء العراقيين». وجاء في البيان، أيضاً، أن «من يقوم بهذا العمل عليه أن يعلن عن نفسه ليتحمل مسؤولياته القانونية والشرعية، وسنعتبر أي طرف يعبأ لهذه الأعمال ويشرعنها بالدعم والتسهيلات شريكاً محتملاً فيها». من ناحية ثانية، قالت القيادة، في بيانها، «نرفض أن تقوم القوات الأميركية أو غيرها بأي عمل دون موافقة الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، كما فعلت صباح 3 - 13 - 2020، فهي بذلك لا تحد من هذه الأعمال، بل تغذيها، وتضعف قدرة الدولة العراقية، وتُوقع المزيد من الخسائر بالعراقيين وغيرهم، مما يستوجب المسارعة بتطبيق قرار مجلس النواب الخاص بموضوع الانسحاب». وأردف البيان أن «القيادة تهيب أيضاً بأبناء شعبنا كافة، بألا يترددوا في الإبلاغ وتقديم المعلومات للجهات الاستخبارية عن هذه العناصر الخارجة عن القانون، فالشعب العراقي وقواته الأمنية بكل تشكيلاتها، من جيش وشرطة و(حشد شعبي) وعشائري و(بيشمركة) ستفرض في النهاية هيبة وإرادة الدولة، وتحقق الأمن والسلام». بدوره، قال التحالف الدولي، في تغريدة على «تويتر»، إن هجوم أمس أسفر عن إصابة «ثلاثة من قوات التحالف وثلاثة من القوات العراقية». من جهته، غرّد المتحدث باسم التحالف الدولي، مايلز كاجينز، أن «ما لا يقل عن 25 صاروخاً عيار 107 ملم قد أصابت قاعدة معسكر التاجي»، مضيفاً أن «التقييم والتحقيق مستمران». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على القاعدة العسكرية، لكنّ واشنطن عادة ما تتّهم الفصائل الشيعية الموالية لإيران بشنّ هجمات مماثلة. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تؤكد القوات العراقية، التي تستند إلى دعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في محاربة فلول «داعش» على أراضيها، أنها لم تتمكن أبداً من كشف هوية المهاجمين، رغم إعلانها في كل مرة عن ضبط منصة الصواريخ. لكن قيادة عمليات بغداد أكدت في بيانها، أمس، أنها ألقت القبض على جميع منتسبي نقطة التفتيش القريبة من مكان إطلاق الصواريخ أمس في إطار التحقيقات. ورحبت «كتائب حزب الله»، للمرة الأولى، الخميس، من دون تبنٍ، بإطلاق 18 صاروخاً على قاعدة التاجي، ما أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومجندة بريطانية، منددة بـ«قوات الاحتلال الأميركي». وليل الخميس الجمعة، شنت واشنطن غارات ثأرية استهدفت، حسب بيان وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، مقرات لـ«كتائب حزب الله»، وأسفرت عن مقتل 6 من الشرطة والجيش ومدني واحد. ومن النادر جداً أن تشنّ هجمات صاروخية مماثلة على قواعد عسكرية في وضح النهار. وأكد مصدر عسكري أميركي أن السماء الملبدة بالغيوم، أمس، منعت طائرات الاستطلاع الأميركية من التحليق. وسبق لهجمات مماثلة استهدفت جنوداً ودبلوماسيين أميركيين ومنشآت أميركية في العراق أن أسفرت عن مقتل متعاقد أميركي وجندي عراقي. وبعد يومين من مقتل أميركي في استهداف قاعدة عسكرية عراقية في كركوك بـ30 صاروخاً في نهاية 2019، نفّذت القوات الأميركية غارات على خمس قواعد، في العراق وسوريا، تتبع لـ«كتائب حزب الله». وتعتبر قاعدة التاجي حالياً مركزاً رئيسياً لإيواء القوات الأميركية وقوات التحالف، بعد سحبهم من القواعد الأخرى في أعقاب التوتر الإيراني - الأميركي، وعمليات الثأر لاغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، في ضربة أميركية في بغداد.

البنتاغون: مصابان في هجوم التاجي بحالة خطرة

المصدر: دبي- العربية.نت.... أفادت وزارة الدفاع الأميركية بأن اثنين من الجنود الأميركيين الثلاثة الذين أصيبوا في استهداف قاعدة التاجي السبت حالتهما خطيرة ويخضعان للعلاج في مستشفى عسكري ببغداد. وقال جوناثان هوفمان المتحدث باسم البنتاغون في بيان إن قوات الأمن العراقية قامت باعتقالات مبدئية، وإن الولايات المتحدة تساعد في التحقيق في الهجوم وهو الثاني في أقل من أسبوع على قاعدة التاجي شمالي بغداد. وأصيب أيضا عدد من الجنود العراقيين في الهجوم . وتعرض معسكر التاجي شمال بغداد مرة أخرى لهجوم صاروخي بأكثر من ثلاثين قذيفة كاتيوشا، وأفادت وزارة الدفاع العراقية بوقوع إصابات وسط جنودها بعضها حرجة. واستهدفت الصواريخ مواقع تشغلها قوات من التحالف الدولي وأخرى أصابت مدرجا للطائرات تستخدمه قوات عراقية، وقال الجيش العراقي إنها أطلقت من منطقة الراشدية القريبة بواسطة منصات متحركة داخل مرآب ألقي القبض على مالكه. وحذر الجيش العراقي قوات التحالف الدولي من استخدام الهجوم ذريعة لرد عسكري مطالبا بانسحاب القوات الأجنبية من البلاد وفقا لقرار البرلمان العراقي. ورغم عدم تبني أي جهة للهجوم على معسكر التاجي إلا أن أصابع الاتهام وجهت لفصائل موالية لإيران أبرزها عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقية التي هددت باستهداف كل من يتعامل مع القوات الأميركية واعتبار مواقعها أهدافا عسكرية.

خلافات القوى الشيعية تفاقم أزمة رئاسة وزراء العراق عشية انتهاء مهلة اختيار مرشح جديد غداً

الشرق الاوسط...بغداد: حمزة مصطفى.... تنتهي غداً المهلة الدستورية الثانية لاختيار مرشح لرئاسة الوزراء في العراق. الزعامات الشيعية الرئيسية شكلت الأسبوع الماضي لجنة سباعية تضم كل الكتل البرلمانية الشيعية الممثلة في البرلمان، لمناقشة سيَر أكثر من 31 مرشحاً للمنصب، على أن يتم الاتفاق على مرشح واحد منهم، يقدم إلى رئيس الجمهورية برهم صالح لغرض تكليفه. وكان صالح الذي سبق له أن رفض تكليف محافظ البصرة أسعد العيداني بسبب عدم توافق كامل عليه من قبل القوى الشيعية، وعدم وضوح الكتلة الأكبر، قد كلف محمد توفيق علاوي الذي اعتذر في آخر يوم من الأيام التي يمنحها الدستور له، بسبب شعوره بأن كابينته التي اختارها دون توافق بين الكتل لن تمر داخل البرلمان. وبينما يمنح الدستور رئيس الجمهورية مهلة أمدها 15 يوماً لتكليف مرشح بديل، فإن هذه المهلة التي تنتهي غداً سوف تدخل البلاد بعدها في خرق دستوري، ما لم يتم الاتفاق على مرشح. وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن «رئيس الجمهورية ليس بوسعه التمديد؛ لأن الدستور لا يسمح له بذلك أصلاً، ولأنه لا يريد أن يكون طرفاً في معادلة تتحكم بها القوى السياسية المعنية بترشيح رئيس للوزراء». وأضاف المصدر المطلع الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «رئيس الجمهورية قد لا يلجأ إلى تكليف أي مرشح يراه هو مناسباً لهذه المهلة؛ لأنه يراعي التوازن وكذلك حجوم الكتل في البرلمان، وعدم إمكانية مرور شخص بالتصويت داخل قبة البرلمان ما لم يكن مرضياً عنه من غالبية الكتل؛ لكنه قد يخرج بموقف واضح حتى لا يتحمل الشراكة في الوقوع في الخرق الدستوري». إلى ذلك، انتهت اللجنة السباعية التي شكلتها القوى الشيعية الرئيسية لمناقشة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء، إلى اختيار 3 أسماء لم يتم الإفصاح عنهم، بانتظار عرضهم على الزعامات للاتفاق إما على اختيار واحد منهم وإما الذهاب إلى الخيار الآخر الذي تدافع عنه بعض هذه الزعامات، وهو اختيار شخصية أكاديمية، وبالذات رئيس جامعة وليس مرشحاً من داخل العملية السياسية. وبينما لا تريد القوى السنية المشاركة في اختيار المرشح لرئاسة الحكومة، فإنها تتمنى أن يكون قادراً على إنقاذ البلاد من الأزمات التي تعانيها؛ لا سيما في ظل التداعيات المحتملة لانهيار أسعار النفط. ففي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال النائب عن تحالف «القوى العراقية» في البرلمان العراقي، عبد الله الخربيط، إن «أهم ما يجب أن يميز رئيس الوزراء القادم هو أن يكون قوياً وقادراً على مواجهة التحديات التي تواجه البلاد؛ سواء في الجانب السياسي؛ لا سيما إعادة هيبة الدولة وضبط السلاح تحت سيطرتها بشكل كامل، أو الأزمة الاقتصادية التي لم يكن أحد يتوقع حصولها بالطريقة التي تبدو عليها اليوم وفي الأيام القادمة». وأوضح الخربيط أن «تحالف (القوى العراقية) ليس بوسعه الاعتراض على ما يرشحه الشيعة للمنصب؛ لكن من حقنا طبقاً لتمثيلنا البرلماني أن نصوت أو لا نصوت؛ طبقاً للبرنامج الحكومي لهذا المرشح، وكذلك الكابينة الحكومية التي يأتي بها للتصويت». من جهته، يرى السياسي المستقل وعضو البرلمان السابق حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد أي مؤشرات واضحة حتى الآن على أن القوى الشيعية، سواء على مستوى زعامات الخط الأول أو اللجنة السباعية التي تم تشكيلها، قد توصلت إلى أسماء محددة لغرض تقديمها إلى رئيس الجمهورية الاثنين». وأضاف: «من الواضح عدم وجود جدية في التعامل مع هذه القضية، بسبب عمق الخلافات بين الأطراف الشيعية نفسها». وأوضح الملا أن «الأمر قد يصل إلى نوع من إسقاط الفرض على صعيد عملية الترشيح لأغراض كسب الوقت، وذلك من خلال تكليف شخصية دون حصول توافق عليها، فلا تستطيع المرور داخل قبة البرلمان أو تعتذر». وحول ما إذا كان بالإمكان إبقاء رئيس الوزراء الحالي (المستقيل) عادل عبد المهدي، يقول الملا إن «من الصعب استمرار حكومة تصريف الأعمال؛ نظراً للتحديات التي تواجه البلاد والتي تحتاج إلى حكومة كاملة الصلاحيات إلا في حالة واحدة، وهي إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي».....

بدء تنفيذ قرار عزل المحافظات العراقية لمنع انتشار الوباء

الشرق الاوسط....بغداد: فاضل النشمي.... يدخل قرار خلية الأزمة العراقية القاضي بعزل المحافظات العراقية بعضها عن بعض لمنع انتشار فيروس «كورونا» حيّز التنفيذ، اليوم (الأحد). وبات من غير الممكن بالنسبة إلى المواطنين العاديين التنقل بين المحافظات حتى 25 مارس (آذار) الحالي. لكنّ القرار الذي اتخذته خلية الأزمة، أول من أمس، استثنى من حرية التنقل «الحالات الطارئة والتبادل التجاري وتنقل الموظفين». وإلى جانب ذلك، أكدت الخلية منع الزيارات الدينية والتجمعات بجميع أشكالها بما في ذلك مجالس العزاء وحفلات الزواج، لكنها سمحت بإعادة افتتاح المطاعم لخدمة التوصيل المنزلي فقط. وتعدى سقف الإصابات بفيروس «كورونا» حاجز الـ95 إصابة ضمنها 9 حالات وفاة، بعد الإعلان أمس عن تسجيل إصابتين في بغداد، في وقت سارعت غالبية المحافظات العراقية، أمس، إلى إعلان التزامها بغلق حدودها الإدارية أمام حركة التنقل مع المحافظات الأخرى، وقررت خلية الأزمة في محافظة الديوانية (جنوب) التي لم تسجَّل فيها حتى الآن إصابات بالفيروس، إغلاق مداخل ومخارج المحافظة اليوم (الأحد)، والاستمرار بالدوام الجزئي للموظفين. كما أعلنت محافظة كركوك (شمال) موقفاً مماثلاً، وفرضت خلية الأزمة في محافظة نينوى التي لم تسجل فيها أي إصابة حتى الآن إجراءات مشددة للحد من انتشار فيروس «كورونا» ومنع انتقاله إلى المحافظة، وضمنها فرض حظر للتجوال لمدة يومين وتعطيل الدوام الرسمي في الدوائر الحكومية. وأعلنت محافظتا ديالى والأنبار، أمس، عن تماثل أربع حالات إصابة بالفيروس للشفاء في كلتا المحافظتين. وحسب مصادر كردية، خَلَت شوارع محافظات إقليم كردستان من السكان، أمس، بعد إعلان السلطات هناك حظراً للتجوال على خلفية اكتشاف حالات إصابة جديدة، بحيث وصل إجمالي عدد الإصابات إلى 28 حالة بينها حالة وفاة واحدة. بدورها، أعلنت وزارة الاتصالات العراقية، أمس، مصادقتها على القرارات الخاصة بزيادة سعات الإنترنت وتخفيضها لمدة شهر اعتباراً من أمس (السبت)، ليتسنى للمواطنين أداء أعمالهم عبر وسائل وتطبيقات الإنترنت من المنزل تفادياً للإصابة بفيروس «كورونا». كانت وزارة التربية قد دعت في وقت سابق وزارة الاتصالات إلى تقوية خدمة الإنترنت وتوفيرها مجاناً للاستفادة منها في حملة التعليم عن بُعد الذي بات بديلاً عن انقطاع الدوام في المدارس تجنباً لفيروس «كورونا». وعادت التربية أمس، وأعلنت عزمها عن إطلاق منصة «نيوتن» للتعليم الإلكتروني بدءاً من اليوم (الأحد)، مهمتها تقديم دروس تفاعلية بشكل مجاني لجميع الطلبة.

«كورونا» ضيف بغداد الثقيل

الشرق الاوسط...عارف الساعدي.... لم أكن أتوقع وأنا أقرأ في مراهقتي روايتي غابريل غارسيا ماركيز عن العزلة التي بلغت «مائة عام من العزلة»، أو عن «الحب في زمن الكوليرا»، وهو يتحدث عن قرى نائية، وعن جنرالات متقاعدين، وعن عمال تلغراف يعشقون صبايا جميلات وثريات، لم أكن أتوقع أنْ يُعاد إنتاج هذه العزلة يوماً ما، في بغداد. بغداد تلك المدينة الجارحة الحانية في الوقت نفسه، تلك التي تشعرك بالألفة والغربة معاً، سارقة كحل الصبايا وقلوب الشباب، بغداد تلك التي من تحت جسرها تخفق القلوب وتتغنَّى الأرواح:

فالعاشقات وألف جيدٍ ينثني والعاشقون وألف قلبٍ يخفقُ

بغداد عاصمة العباسيين، وقطعة الحلوى التي تُغري بتذوقها كلَّ الألسن، وبغداد ذلك الكتاب الذي «لا وغد في التاريخ إلا تصفحه»، كما يقول أجود مجبل، ها هي الآن نتصفح شوارعها الفارغة إلا من سيارات إسعافها البطيئة، ومقاهيها المكتظة بالمجانين تُغلق أبوابها بوجه الشعراء والعشاق والصعاليك، فأي طعمٍ لهذه المدينة الخالية من جدل المثقفين، وتصورهم الأبدي أنَّ العالم بيدهم، وأنَّ مقالاتهم تغيِّر وجه العالم. أسير في شوارع الكرادة، وهي مكاني الأثير، وقلب بغداد الحاضن للجميع، فلا أرى أحداً من أصدقائي، ها هم أصدقائي للمرة الأولى يعشقون بيوتهم، وسمعت أنَّ زوجاتهم يشكرن فيروس «كورونا» لأنهن يحظين الآن بأطول فترة ممكنة من جلوس أزواجهن في البيوت، أو بالحبس كما يحب بعض الأصدقاء تسمية فترة إقامته الإجبارية في بيته. ها هم ينسلَّون من شوارع بغداد، تلك التي لم تُدر وجهها يوماً بوجه أحد، حتى لو كان غازياً. فالحروب، والميليشيات، والتفجيرات الإرهابية، والمظاهرات، والاعتصامات، والمفخخات، والخطف والقتل، والدبابات الأميركية، وحظر التجوال، كل ذلك لم يستطع أنْ يمنع عاشقاً من موعد مع حبيبته، أو يمنع شاعراً من الصعلكة بين شارع المتنبي، ومقهى الشابندر، و«كهوة وكتاب»، ورضا علوان، أو مقهى أبو زهراء الشعبي. كل تلك الحياة الصعبة التي أُغلق فيها عددٌ كبيرٌ من الشوارع لم تستطع أنْ تقيّد أقدام عشَّاق بغداد من السير في أزقتها، والتنقل في مطاعمها الشعبية، إلَّا هذه اللحظات، حيث يحلُّ «فيروس كورونا» ضيفاً ثقيلاً على بغداد، بغداد التي فتحت كل شوارعها، حتى المنطقة الخضراء، ولكن ما الفائدة؟ الشوارع مفتوحة، إلا أن الأقدام مغلقة، والمقاهي مطفأة، والمطاعم نائمة، وعشاق السهر ذابلين يترقبون ضيفهم الثقيل متى يرحل عنهم. إذن، كلُّ الحروب لم تستطع أنْ تكبّل بغداد، لكن فيروس «كورونا» الذي لم تره العين بعد، ها هم جنوده غير المرئيين يُغلقون قلب المدينة، حيث يقفون بين شرايينها، وجسورها، وحدائقها، وزورائها. للأسف، بغداد التي لم تُعلَّقْ نشاطاتها الثقافية يوماً ما، رغم كل فيروسات التطرف التي هيمنت عليها، لكنها بقيت فاعلة ونشطة، وفي كل يومٍ يكاد يكون هناك نشاطٌ، بين جلسة شعرية ومعرض تشكيلي، وأمسية موسيقية، أو ندوة فكرية، متنوعة بين الاتحادات، والمنظمات الأهلية، والمؤسسات الحكومية، إلا أن «كورونا» وحده من أوقف هذه النشاطات، فالجامعات مغلقة أبوابها، واتحاد الأدباء ونقابة الفنانين علَّقا نشاطاتهما في بغداد، وفي كل المحافظات، والنشاطات التي كنَّا ننتظرها في هذا الشهر كلها أُلغيت، خصوصاً أنَّ شهر مارس (آذار) نعدُّه موسم حج الشعراء والمثقفين، حيث يخضرُّ الجو، وتخضرُّ البساتين، وتخضرُّ الأرواح، ففيه «يوم الشعر العالمي» الذي يرافق يوم ولادة نزار قباني، وفيه يوم ولادة محمود درويش الذي مر سريعاً علينا، واحتفلنا به في مواقع التواصل الاجتماعي فقط. وأيام شهر مارس (آذار) هي الأقرب للروح، حيث تتخفف الروح من تعبها الشتوي، كما نتخفف من ملابسنا الثقيلة. ولكن «كورونا» بالمرصاد لكل هذه الحركة التي توقفت تماماً، وحتى تلك المظاهرات العظيمة التي أدمن الشباب الحضور فيها يومياً، ولم تمنعهم كل أسباب القوة والبطش والدخانيات من الوجود كل يوم في ساحات التظاهر، ولم تمنعهم كلُّ توسلات الساسة، أو جرَّات الأذن التي حاول بعض القيادات العراقية ممارستها عليهم. لكن «كورونا» وكأنَّها عميلٌ لدى الطبقة السياسية يغزو تلك الساحات مهدداً أرواح الشباب، فتذبل تلك الصيحات، وتقلُّ خيم المعتصمين، وتتصاعد صيحات الناشطين بالانسحاب من الساحات، حفاظاً على أرواح من تبقى من الشباب، فأي فيروس هذا الذي كسر عزيمة الواثبين والصامدين، وكأنَّه جندي من جنود الفساد لا يرى ولا يناقش ولا يسمع أحداً. كلنا عشاق بغداد نشبه «فلورينتينو» الشاب الذي كان يعمل في التلغراف، والذي عشق فتاة ثرية تدعى «فيرمينا»، كانت ثرية جميلة في الوقت نفسه، ولكنها تركته وتزوجت طبيباً ثرياً، غير أنه أصرَّ على أنْ يكون لها في يوم من الأيام، فانتظرها خمسين عاماً، لتكون له فيما بعد، تلك كانت من أيام «الحب في زمن الكوليرا»، وها نحن ننتظر بغداد أنْ تتعافى كاملة، من فيروساتها الأشد فتكاً بكل شيء، من الفساد إلى العمالة، إلى المؤامرات، إلى التطرف، إلى الإرهاب، وحتى لحظة تعافيها، فإننا بانتظارها دائماً، وسنبحر معها حتى لو بعد خمسين عاما لأنَّها تستحق الانتظار.

 



السابق

أخبار سوريا.....معركة إدلب... لم تنتهِ بعد... الدوريات التركية - الروسية المشتركة تبدأ اليوم......الدفاع الروسية تعلن عن نتائج المفاوضات العسكرية مع تركيا حول إدلب....سوريا تدشن السنة العاشرة بـ«تعايش المتحاربين»....تعايش اللاعبين في «المسرح السوري» بانتظار صدام عسكري.... نصف مليون قتيل ومغيّب و400 مليار دولار و11 مليون نازح.....أنقرة هددت موسكو بالسيطرة على حلب....معارضون يحتجون قرب أريحا على فتح طريق حلب ـ اللاذقية...

التالي

أخبار اليمن ودول الخليج العربي......غارات للتحالف تستهدف الانقلابيين في الجوف ومقتل 25 حوثياً بالضالع وصرواح....الحوثيون يهاجمون المنظمات الدولية ويتهمونها بـ«الفساد» و«الابتزاز»....انقلابيو اليمن يعززون جرائمهم...تعليق الرحلات الجوية من وإلى المطارات اليمنية لأسبوعين.....السعودية والإمارات تخصصان 40 مليار دولار لمواجهة آثار «كورونا»...كورونا.. إصابات جديدة في قطر والكويت....وزراء الصحة الخليجيون يناقشون مستجدات «كورونا» في اجتماع «مرئي»....الإمارات توقف إصدار التأشيرات «مؤقتاً» بسبب كورونا.....السعودية: إصابات «كورونا» تتخطى الـ100....السعودية: برنامج بـ50 مليار ريال لدعم القطاع الخاص بمواجهة كورونا.....الإمارات تعلن شفاء ثلاث حالات جديدة من «كورونا»...قطر تعلن شفاء 4 حالات من كورونا..الأردن يعلق الرحلات الجوية ويوقف الدراسة والصلاة بالمساجد بسبب كورونا...


أخبار متعلّقة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,313,897

عدد الزوار: 6,986,842

المتواجدون الآن: 68