واشنطن: كل الخيارات مطروحة على الطاولة إذا كانت سوريا سلمت "سكود" إلى "حزب الله"

تاريخ الإضافة الخميس 22 نيسان 2010 - 5:56 ص    عدد الزيارات 3184    التعليقات 0    القسم دولية

        


واشنطن - من هشام ملحم:
شددت الولايات المتحدة أمس انتقاداتها القاسية والقوية لسوريا بسبب التقارير عن تزويدها "حزب الله" صواريخ باليستية يمكن ان تكون بينها صواريخ من طراز "سكود" وغيرها من الاسلحة المتطورة، وتحدثت للمرة الاولى عن عواقب وخيمة يمكن ان تلحق بدمشق اذا واصلت سياستها بتسليح الحزب بمثل هذه الاسلحة، مؤكدة ان "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" لارغامها على التراجع عن هذه الخطوات اذا تبين فعلاً انها زودت الحزب اياها.
ومع ذلك، أبرزت واشنطن ضرورة ارسال السفير الاميركي المعين روبرت فورد الى دمشق، كي يوضح للقيادة السورية وعلى أعلى المستويات المواقف الاميركية، لان على الرئيس السوري بشار الاسد "ان يستمع الينا، وألا يستمع فقط الى (الرئيس الايراني) محمود احمدي نجاد و(الامين العام لـ"حزب الله") حسن نصرالله".
جاء هذا الموقف الاميركي على لسان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط السفير جيفري فيلتمان خلال جلسة استماع نظمتها اللجنة الفرعية للشرق الاوسط التابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، واتسمت احيانا بسجال حاد بين فيلتمان وبعض اعضاء اللجنة ومنهم النائب الديموقراطي أليون اينغل، أحد مهندسي قانون محاسبة سوريا، الذي كان يقاطع فيلتمان ويحاول تفنيد سياسة ادارة الرئيس باراك اوباما بالتحاور مع دمشق، وكان مع غيره لا يرى جدوى التحاور وحتى جدوى ايفاد السفير فورد الى دمشق.
وكان فيلتمان قبل مثوله امام اللجنة بساعات قد اجرى اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية السوري وليد المعلم وشرح له الموقف الاميركي والخطورة التي تعلقها واشنطن على تسليح سوريا "حزب الله" صواريخ متطورة. وقال ان المعلم كرر نفي بلاده "القاطع" لهذه التقارير والتهم. كما علمت "النهار" ان فيلتمان اتصل ايضا هاتفيا بالمستشار السياسي لرئيس الوزارء اللبناني محمد شطح وناقش معه الوضع وموقف واشنطن وقلقها من خطورة مثل هذا التسليح على أمن لبنان، وأعرب عن تحفظه وانزعاجه من تصريحات رئيس الوزراء سعد الحريري التي قارن فيها التقارير عن صواريخ "سكود" في لبنان بالتقارير الخاطئة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق.
وامتنع فيلتمان في اجوبته عن اسئلة النواب عن التحدث تفصيلاً او بوضوح قاطع عن صحة التقارير عن وصول صواريخ "سكود" من سوريا الى "حزب الله"، وتحدث عن "صواريخ باليستية" ولم يذكر "سكود" بالتحديد، وأبدى استعداده لمناقشة الامر بصراحة أكثر ولكن في جلسة مغلقة. وفي هذا السياق قال رئيس اللجنة النائب غاري ايكرمان انه سيطلب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وفيلتمان المثول امام اعضاء اللجنة في جلسة مغلقة.
لكن فيلتمان قال ان حكومته قلقة منذ فترة من التقارير التي تحدثت عن زيادة تسليح سوريا لـ"حزب الله"، واغتنم هذه الفرصة لتوجيه انتقاد قاس الى السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى الذي كان قد ادعى علنا ان وزارة الخارجية الاميركية لم تثر هذه المسألة معه. واوضح انه استدعى مصطفى الى مكتبه للمرة الاولى في 26 شباط الماضي لاثارة مسألة تسليح بلاده لـ"حزب الله"، كما ان مجلس الامن القومي اوصل الى مصطفى رسالة مماثلة، وتبع ذلك اتصال آخر في الأول من آذار، وكانت رابع رسالة اميركية الى السفارة السورية في هذا الشأن في 10 آذار الماضي، (خلال اجتماع عقده وكيل وزارة الخارجية وليم بيرنز والسفير مصطفى). وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد استدعت الاثنين الماضي الديبلوماسي السوري زهير جبور نائب السفير مصطفى، وأصدرت بعدها بياناً قاسياً عن تسليح سوريا "حزب الله".
واضاف فيلتمان باستياء واضح ان السفير مصطفى كان ينفي ذلك علنا، وقال: "اما انه لا يسمع، واما انه لا ينقل الرسالة الى حكومته". وبرر في هذا السياق، أهمية ايفاد سفير اميركي جديد الى دمشق وجدواه بان يصل الى اعلى المستويات في دمشق "للتعبير عن قلقنا".
وخلال السجال الحاد بينه وبين اينغل قال فيلتمان ان التقارير التي تحدثت عن نقل الصواريخ الى سوريا مقلقة و"اذا كانت هذه التقارير صحيحة، فعلينا مراجعة كل طيف الخيارات المتوافرة لدينا من اجل ارغام سوريا على التراجع عما يمكن اعتباره عملا استفزازيا ومهيجا. واعتقد ان الولايات المتحدة اظهرت في السابق انها قادرة على التحرك لمواجهة اجراءات كهذه، وأتوقع ان تكون كل الخيارات مطروحة على الطاولة عندما ندرس هذه المسألة".
واضاف فيلتمان الذي كان يتحدث بقوة وحيوية، لاحظها رئيس اللجنة مبتسماً: "هذا اتهام خطير اذا تبين انه صحيح. وانا اقول ان سوريا قد اخطأت. وسوريا ارتكبت الاخطاء في الماضي ودفعت ثمنا لهذه الاخطاء في الماضي. المشكلة ان سوريا ليست وحدها التي تدفع ثمن اخطاء سوريا عندما نتحدث عن حزب الله"، وذلك في اشارة ضمنية الى الثمن الذي يدفعه لبنان ايضا. وعاد مجدداً الى الحديث عن أهمية وجود سفير اميركي في دمشق، مؤكدا لاينغل الذي رفض هذا الطرح، ان ارسال سفير جديد الى سوريا ليس مكافأة للحكومة السورية بل لخدمة الاهداف الاميركية، "ولاننا نريد ان نوصل رسائلنا اليه بشكل واضح وعال".
ووصف الاجتماع الثلاثي في دمشق قبل اشهر بين الاسد واحمدي نجاد ونصرالله بأنه "شنيع" عندما يتخذ الرئيس الاسد قرارات تؤثر على فرص الحرب والسلم في المنطقة "وعليه ان يدرك ان هناك مضاعفات وخطوطا حمراً". ولاحظ انه كلما زار مسؤول اميركي او فرنسي او سعودي دمشق، تسرع ايران الى ايفاد مسؤوليها الى دمشق، في اشارة ضمنية الى قلق ايران من امكان حصول تغيير في مواقف سوريا.
وتحدث اكثر من مرة خلال شهادته وخلال ردوده على النواب عن ان سوريا ليست ايران، قائلاً: "لا نقبل ان التحالف السوري - الايراني هو أمر ثابت في الشرق الاوسط"، مشيرا الى ان هناك فوارق كثيرة بين البلدين، فسوريا تريد ان تتوصل الى تسوية مع اسرائيل بينما ترفض ايران ذلك، كما ان ايران دولة دينية وسوريا علمانية. واضاف: "سياسة الحكومة الاميركية لا تنطلق من اعتبار ان هذين البلدين يشكلان كتلة دائمة".
وفي شهادته الخطية، عرض فيلتمان تاريخ ومحطات سياسة التحاور التي اعتمدها اوباما حيال سوريا والاجتماعات التسعة الرفيعة المستوى التي عقدها الطرفان منذ بدء هذه السياسة التي كشفت ان "الهوة لا تزال واسعة" بين البلدين في قضايا عدة، ومع ذلك فهناك ايضا بعض نقاط الالتقاء وخصوصا التعاون في مجال الامن في العراق مشيرا الى ان سوريا ساهمت فعلا في اتخاذ اجراءات ساهمت في خفض عدد المقاتلين الاجانب الذين كانوا يعبرون حدودها الى العراق، كما تحدث بايجابية عما قامت به الحكومة السورية لمساعدة اللاجئين العراقيين في سوريا.
بيد أنه انتقد بقوة الدعم السوري لـ"حزب الله" وقارن على نحو لافت بين الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي كان يتعامل مع "حزب الله" أداة يمكن ان يستخدمها ضد اسرائيل، ونجله الرئيس بشار الاسد الذي "أقام علاقة مقلقة لا سابقة لها عسكريا وسياسيا مع هذا التنظيم". ورأى ان الانسحاب السوري العسكري من لبنان في 2005 وحرب 2006 قد عزز "الاعتماد الاستراتيجي المتبادل بين الدولة السورية وحزب الله". واتهم حزب الله بانتهاك القرار 1701، وقال ان سلوكه يتناقض مع المؤسسات والعمليات الدستورية في لبنان، كما اتهم الحزب بتأجيج "التوترات الطائفية والتهديد بتجديد النزاع في المنطقة". وشملت انتقادات فيلتمان لسوريا تأييدها لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" وتشجيع هذه الحركة على رفض الخطة المصرية لتحقيق الوفاق بين الحركة والسلطة الفلسطينية، كما كرر اتهام سوريا بايواء عناصر بعثية في سوريا من المطلوبين لدى الانتربول. وانتقد ايضا رفض سوريا التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واعطاء مفتشيها حرية الوصول الى المنشآت السورية النووية. كذلك انتقد سجل سوريا في مجال حقوق الانسان، كمواصلة سجن المدافعين عن حقوق الانسان مثل المحامي هيثم المالح، وأبدى قلق حكومته من سوء معاملة الاقلية الكردية في سوريا.
 وبعدما عرض التطورات التي جرت منذ انسحاب القوات السورية من لبنان، وعودة دول مثل فرنسا والمملكة العربية السعودية للتحاور مع دمشق، الى تركيا، رأى ان مواصلة السياسة الاميركية خلال عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بعزل دمشق لم تعد مجدية، ورأى ان اعتماد مثل هذه السياسة الان، "سوف يعرقل ولن يساعد قدراتنا على خدمة مصالحنا"... ووجود سفير هناك قادر على شرح أهدافنا الخارجية ليس بالتأكيد مكافأة لسوريا". ومع انه دافع بقوة عن سياسة الحوار مع سوريا، الا أنه اعترف ايضا بالعقبات التي تعترضها قائلا: "اليوم، احتمالات نجاح الحوار مع سوريا تواجه تحديات جدية" أبرزها علاقات سوريا بـ"حزب الله" والتنظيمات الفلسطينية التي وصفها بـ"الارهابية".
وعن العقوبات على سوريا قال: "لم نتخل عن العقوبات، فالاوامر التنفيذية لا تزال سارية المفعول والعقوبات المفروضة في قانون محاسبة سوريا لا تزال سارية المفعول... السوريون لا تعجبهم العقوبات ويريدون التخلص منها، لكن الكرة هي في الملعب السوري".
وخلال شهادته كرر تأكيد دعم حكومته للبنان، قائلا: "سياستنا حازمة. السيادة اللبنانية هي للبنانيين. هذه هي رسالتنا الى الجميع في المنطقة وعلى سوريا ان تحترم القرار 1701". وأضاف: "لدي مشاعر عميقة حيال لبنان وحيال شعبه الشجاع وتكوينه التعددي ثقافيا. وهذا، ويا للأسف، ما يستغله الآخرون في المنطقة لخدمة مصالحهم على حساب لبنان. وحده حل المشاكل في المنطقة (عملية السلام) يمكن ان يساعد لبنان وهذا ما نحاول ان نحققه".
 ورأى فيلتمان ان تحقيق سلام شامل في المنطقة سيكون مفتاح التغيير التاريخي، وقال: "عملية السلام مهمة. هذه هي اللعبة الكبيرة التي ستبين للسوريين التقدم الممكن الناتج من التعاون، وهي التي ستؤثر على حماس وحزب الله. هذه هي اللعبة الكبيرة".
 


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,144,226

عدد الزوار: 6,756,879

المتواجدون الآن: 119