قمة الأسد - سليمان: الحفاظ على الهدوء والسعي لحلول ناجعة تضمن استقرار لبنان
الخميس 18 تشرين الثاني 2010 - 5:03 ص 3376 0 محلية |
وفيما ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» ان الرئيسين الأسد وسليمان تبادلا التهاني بعيد الأضحى المبارك وأن محادثاتهما تناولت خلال اللقاء «آخر التطورات على الساحة اللبنانية وأهمية الحفاظ على الهدوء والسعي لإيجاد حلول ناجعة لكل المشكلات التي تواجه لبنان، بما يضمن تعزيز وحدته الوطنية والحفاظ على أمنه واستقراره. كما جرى بحث العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين ومستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية»، علمت «الحياة» ان اتصال الحريري بالأسد دام ثلث ساعة تناولا خلاله التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. كما علمت «الحياة» ان الاتصال الذي جرى بين الحريري ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان استغرق 25 دقيقة بُحثت خلاله تطورات لبنان والمنطقة.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» ان الحريري الذي أنهى امس زيارته الى موسكو تلقى تأكيداً من الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بدعم بلاده للحكومة اللبنانية والمؤسسات في لبنان واستقراره وسيادته واستقلاله ورفضه التدخل في شؤونه وأعاد مدفيديف التشديد على دعم روسيا للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان «التي أُنشئت من اجل ان تتابع عملها الى ان يتم كشف المجرمين، خصوصاً انه يجب تنفيذ القرار الدولي الذي أنشأها».
وأضافت ان الحريري أجرى من موسكو اتصالات عدة بعدد من القادة العرب لتهنئتهم بعيد الأضحى المبارك شملت خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس الأسد، مشيرة الى ان اتصاله بالأخير هو الثاني بينهما خلال الأسابيع الثلاثة الماضية وهو ما دفع الحريري الى القول في حديث صحافي قبل ايام انه على تواصل مع القيادة السورية وإن علاقته معها «ممتازة».
وتكتمت المصادر نفسها عما دار في اتصال أول من امس، وقالت ان اتصالاً جرى بين الحريري وسليمان قبل توجه الأخير الى دمشق، لكنها لاحظت بأن ما يتردد في بيروت من حين لآخر بأن حالة من الفتور تسيطر على علاقة الرئيس اللبناني بنظيره السوري ليس في محله، والأمر نفسه ينسحب على علاقة الحريري بالرئيس السوري.
وفي هذا السياق، قالت مصادر لبنانية في بيروت لـ «الحياة» بأنه لا يمكن التعامل مع اتصال الحريري بالأسد على انه أنهى القطيعة القائمة بينهما، باعتبار انها لم تكن موجودة في الأساس، اضافة الى ان مسؤولين سوريين حرصوا في الآونة الأخيرة على توجيه رسائل بواسطة أصدقاء مشتركين الى اعضاء في الفريق السياسي لرئيس الحكومة، تضمنت «كلاماً جيداً»، وتخلل هذه الرسائل ايضاً اتصال جرى الخميس الماضي بين المسؤول السوري اللواء رستم غزالة ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن.
وكان الحريري اختتم بعد ظهر امس زيارته الى موسكو بلقاء مع الرئيس مدفيديف استمر ساعة ونصف الساعة تخللته خلوة مدة نصف ساعة وتوجه بعدها الى المملكة العربية السعودية في زيارة خاصة.
كما أجرى أول من امس محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس تخللها توقيع اتفاقين ثقافي وقضائي ولقاءات تناولت التعاون الاقتصادي والمالي والعسكري حيث تبلغ الجانب اللبناني موافقة الحكومة الروسية على منح الجيش اللبناني هبة عسكرية وصفها نائب رئيس الحكومة اللبنانية وزير الدفاع الياس المر بأنها «غير مسبوقة».
وعلمت «الحياة» ان مدفيديف أبلغ الحريري استعداد روسيا لتقديم المساعدات المطلوبة للجيش اللبناني من اجل تقويته. وتناولت العراقيل التي تواجهها عملية السلام في المنطقة والتعثر الحاصل فيها حيث جدد الحريري دعوته روسيا والمجتمع الدولي الى الضغط على اسرائيل لوقف تعنتها نظراً الى مخاطر ذلك على الاستقرار في المنطقة وتسببه في نمو مزيد من التطرف فيها.
ووجه الحريري دعوة الى بوتين لزيارة لبنان، وعد الأخير بتلبيتها. وقالت مصادر الوفد الوزاري الموسع الذي رافق الحريري خلال الزيارة ان روسيا تريد شراكة سياسية واقتصادية وعسكرية مع لبنان وأنها تسعى الى التواجد بقوة في لبنان والمنطقة.
وينتظر ان يزور وفد عسكري لبناني موسع موسكو قريباً لإعداد اتفاقات تقنية ولوجستية حول تسلم لبنان هبة المروحيات الست والدبابات الـ31 والمدافع والقذائف والذخائر على أنواعها التي تلقاها لبنان من الجانب الروسي، بعد ان وقع الوزير المر أمس تعديلاً على الاتفاق العسكري السابق لأن إضافات طرأت عليه بعد الهبة التي أبلغها بوتين الى الوفد اللبناني. وقالت مصادر وزارية ان الأسلحة والذخائر ستسلم الى لبنان في مهلة قريبة تناهز الشهرين وسترافق التسليم بعثة عسكرية روسية الى لبنان لتدريب الضباط اللبنانيين على هذه الأسلحة. وأبدى الجانب الروسي استعداده لبيع مزيد من الدبابات للبنان بأسعار مخفضة اضافة الى الهبة.
وقابل الحريري الرئيس الروسي في مقر اقامته في منطقة غوركي، وعقدت على الفور محادثات حضرها عن الجانب اللبناني مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمستشارون محمد شطح وهاني حمود وجورج شعبان، وعن الجانب الروسي مساعد الرئيس الروسي سيرغي بريخودكو وسفير روسيا الجديد في لبنان ألكسندر زاسبكين ومدير الخدمة الفيديرالية للتعاون العسكري الفني ميخائيل ديميترييف ونائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف.
وفي مستهل اللقاء، رحب مدفيديف بضيفه وهنّأه وعَبْرَه «جميع المسلمين في لبنان بعيد الاضحى».
وقال: «التقينا معكم منذ سنة تقريباً في قمة كوبنهاغن، ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات بين بلدينا. وإنني مسرور جداً ان اراكم، خصوصاً بعد زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية الى روسيا. هناك مشاريع اقتصادية مشتركة، وهناك ايضاً مجال للتعاون الثنائي على الصعيد الانساني، وكذلك علينا ان نبحث الوضع في منطقة الشرق الاوسط، وانا اجري اتصالات دورية وأشارك زملائي الرأي حول الوضع الاقليمي».
واكد انه سيعمل «لمزيد من تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا ولبنان».
وشكر الحريري الرئيس الروسي على «حفاوة الاستقبال»، وقال: «اليوم أدّيْتُ صلاة عيد الأضحى في مسجد موسكو، ان العلاقات بين روسيا ولبنان علاقات مميزة وممتازة سياسياً، ونود ان نطور العلاقات الاقتصادية والتجارية لترقى الى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين».
ونوه بوقوف روسيا «معنا في مراحل صعبة، ومنها تلك التي شهد فيها لبنان اغتيالات، وإبان حرب تموز عام 2006، وكانت مواقف روسيا دائماً الى جانب لبنان، ورفضَتْ الحرب التي شُنت عليه والاغتيالات التي حصلت فيه». وقال: «ان الوضع في الشرق الاوسط معقد جداً وسنبحث فيه مع فخامتكم بالتفصيل خلال محادثاتنا».
ثم عقدت محادثات مغلقة، واستغرق اللقاء مع الرئيس الروسي ساعة ونصف ساعة.
وبعد انتهاء المحادثات توجه الحريري الى المطار، حيث اقيمت له مراسم الوداع الرسمية.
وكان الحريري التقى في مقر اقامته السفراء العرب المعتمدين لدى العاصمة الروسية برئاسة عميد السلك الديبلوماسي العربي بالنيابة سفير تونس ميِّس الجيناوي، في حضور الوفد اللبناني الذي يضم الوزراء: علي الشامي وعدنان القصار وابراهيم نجار وسليم وردة وريا الحسن والمستشارون محمد شطح وجورج شعبان وهاني حمود، وجرى عرض للتطورات على الساحتين العربية والاقليمية.
وعلمت «الحياة» ان الحريري ركز خلال اللقاء على عملية السلام والتعنت الاسرائيلي الذي يؤدي الى تعثر هذه العملية، والذي يسبب التطرف في المنطقة.
واوضحت مصادر ديبلوماسية ان الحريري قال امام السفراء العرب ان الولايات المتحدة لا تمارس الدور المطلوب بالضغط على اسرائيل لتعديل موقفها لمصلحة السلام.
وعن العلاقات العربية - الروسية، شدد الحريري على اهمية محادثاته في موسكو، والرغبة الروسية بالشراكة السياسية والاقتصادية والعسكرية مع لبنان، وشرح لهم نتائج هذه المساعدات، لا سيما العسكرية المجانية التي وافق الجانب الروسي على منحها للبنان بنتيجة هذه الزيارة.
واشارت المصادر الى ان الحريري حض الدول العربية على ان تُقْبِل على تنمية العلاقات مع روسيا في اتجاه هذه الشراكة، للإفادة من الموقف الروسي في دعم الموقف العربي، خصوصاً ان موسكو تساند تاريخياً، وحتى الآن ايضاً، قضايا العرب الاساسية، وخصوصاً القضية الفلسطينية.
وزار الحريري ضريح الجندي المجهول، حيث وضع اكليلاً من الزهر، يرافقه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر وبقية الوفد اللبناني، وأدت له التحية ثلة من حرس الشرف.
اتفاق وبرنامج تعاون
وبموازاة اللقاءات، وقّع وزير العدل ابراهيم نجار مع مدعي عام موسكو يوري تشايكا اتفاق تعاون وتبادل خبرات ومعلومات وتنظيم تبادل المعلومات القانونية والقضائية بين البلدين، في مقرّ المدعي العام الروسي.
والتقى الوزير وردة نظيره الروسي ألكسندر افيدييف في مقر الوزارة وبحث معه المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وجرى توقيع برنامج تعاون ثقافي للاعوام 2010 و2012 بين وزارتي الثقافة في البلدين.
واوضح وردة ان «اللقاء كان مناسبة للبحث في سبل تطوير التبادل الثقافي واتفق على إرسال فرقــة فنية روسية الى لبنان واقامة اسبوع ثـــــقافي روسي ومهرجان للسينما الروسية في بيروت، في خلال شهر نيسان من العام المقبل، واسبوع ثقافي لبناني في روسيا».
وزارت الوزيرة الحسن وزير المال الروسي الكسي كودرين وعقدت معه اجتماعاً، وجرى بحث سبل توسيع التعاون بين البلدين على الصعيدين المالي والاقتصادي، واتفق على استمرار التواصل وتبادل الزيارات.
وكان الجانب الروسي وافق على منح لبنان من ضمن المساعدة العسكرية ذخائر مختلفة بقيمة خمسة ملايين دولار.
المصدر: جريدة الحياة