محاولات في لبنان لتعديل قوانين الإعلام تؤمن حماية أكبر للصحافيين

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 كانون الثاني 2011 - 8:59 ص    عدد الزيارات 3026    التعليقات 0    القسم محلية

        


محاولات في لبنان لتعديل قوانين الإعلام تؤمن حماية أكبر للصحافيين

يدخل تعديلات جذرية تطال الوسائل الإعلامية وملكيتها ويحدد المسؤوليات وأصول المحاكمات

 
جهود لإجراء تعديلات جذرية تطال الوسائل الإعلامية اللبنانية بما يوفر الحماية للعاملين فيها («الشرق الأوسط»)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بيروت: ليال أبو رحال
عندما بُلغت زينة، المتخرجة حديثا في كلية الإعلام، قرار فصلها هي ومجموعة من الزملاء من إحدى وسائل الإعلام في لبنان، لم تجد سبيلا قانونيا يضمن لها الحصول على حقوقها كاملة، باعتبار أن فصلها لم يكن ناتجا عن إهمالها لعملها أو لامبالاتها في واجباتها الوظيفية.

وعندما استفسرت عن إمكانية اللجوء إلى قضاء مختص لتحصيل حقوقها، نصحها الكثير بالتفتيش عن فرصة عمل جديدة عوضا عن إضاعة وقتها. فسألت عن إمكانية أن تتجه إلى نقابة المحررين، فأجابوها: عن أي نقابة تتحدثين؟ فأنت لست منتسبة إليها، وأقصى ما يمكنك الحصول عليه وعد بمتابعة قضيتك.. وعلى «الوعد يا كمون».

كثر من الزملاء الإعلاميين اختبروا ما مرت به زينة، حاولوا القيام بتحرك ما، من دون أن يتمكنوا من الوصول إلى نتيجة فعلية، فالخلل القائم في قطاع الإعلام لا يقتصر على غياب تنظيم المهنة والعمل النقابي وصون الحقوق الإعلامية والاجتماعية، بل يتعداه إلى النصوص القانونية المبعثرة في قوانين ومراسيم صادرة تباعا لا تأخذ في عين الاعتبار مواكبة التطور الحاصل في التقنيات والممارسات المهنية واحتراما أوسع لحرية الرأي والتعبير.

والفراغ التشريعي لا يقتصر على مسألة تنظيم المهن الإعلامية، التي تضم اليوم مهنا متنوعة، منها: الإعلام الإلكتروني، ووكالات الأنباء والبث المرمز والتقاط المحطات الفضائية بواسطة الكابل، بل يتعداه إلى إشكاليات أخرى، منها الترخيص المسبق لوسائل الإعلام المكتوبة وغياب أي تنظيم قانوني للإعلام الإلكتروني، فضلا عن جرائم المطبوعات والتعابير القانونية المطاطة فيما يتعلق بتعريف المحظورات كـ«إثارة النعرات الطائفية»، و«القدح والذم».

كان وزير الإعلام طارق متري قد أطلق منذ شهور سلسلة مشاورات هادفة إلى إعداد مشروع قانون شامل وحديث للإعلام، مخصصا عنوانا إلكترونيا لإرسال الأفكار والاقتراحات إليه. وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده إلى «أننا نحتاج إلى قانون جامع مانع يضم المتفرقات ويؤمن الانسجام ويحدث ما يتطلب تحديثا ويملأ الفراغات التشريعية، ويتألف مما يمكن تسميته (الجذع المشترك) وفصول خاصة بكل قطاع من قطاعات الإعلان». واعتبر أنه «من البديهي التذكير أن إعداد قانون كالذي نحن بصدده لا يتم من فوق رؤوس الإعلاميين أو من وراء ظهورهم، ومن المفيد أن يكون العمل على صياغة مشروع قانون مناسبة لنقاش عام في أوضاع الإعلام في لبنان ومشكلاته البنيوية والظرفية وأحوال الإعلاميين».

في هذا الإطار، عقدت جمعية «مهارات» والنائب غسان مخيبر، نهاية الشهر الفائت، في بيروت، مؤتمرا صحافيا لإطلاق اقتراح «قانون الإعلام»، تزامن مع تسجيل النائب مخيبر هذا الاقتراح في المجلس النيابي. ويشكل اقتراح القانون هذا جذعا مشتركا يدخل تعديلات جذرية تطال الوسائل الإعلامية المختلفة وملكيتها، لا سيما المطبوعات والإعلام الإلكتروني، كما يحدد المسؤوليات المدنية والجزائية وأصول المحاكمات.

ويعتبر هذا الاقتراح من أكثر الاقتراحات شمولية ومواءمة بين متطلبات التنظيم من جهة والتطور الحاصل في كل قطاعات الإعلام وحقوق الإعلاميين من جهة ثانية، خصوصا أن جمعية «مهارات» بدأت العمل بمسار تشاركي في «مشروع نحو قوانين جديدة للإعلام في لبنان» منذ عام 2007. ولم يقتصر النقاش الذي أطلقته «مهارات» خلال ورش عمل متلاحقة نظمتها على الخبراء القانونيين فحسب، بل شارك فيه إعلاميون وحقوقيون ومؤسسات المجتمع المدني بهدف تحديد النواحي السلبية في القوانين الحالية وصولا إلى وضع مسودة قانون إعلام بديل يعكس رؤية وتطلعات الجسم الإعلامي والمجتمع المدني في إطار المصلحة العامة.

ويعتبر النائب مخيبر أن اقتراح القانون الذي سجله في مجلس النواب هو بمثابة «المرحلة الأولى من خطة إصلاح أشمل لقوانين الإعلام، بحيث يشكل جذعا أول ومشتركا يؤسس لقوانين لاحقة في خطة تشريعية متدرجة يؤمل منها الوصول إلى نصوص جديدة متكاملة ومتناسقة، وتكون أشبه ما يكون بالقانون الواحد أو الـ(Code)».

يأتي تسجيل النائب مخيبر لاقتراحه في وقت تناقش فيه لجنة الإعلام والاتصالات النيابية اقتراحا محالا من لجنة تحديث القوانين عبر رئيسها النائب روبير غانم. إلا أن مخيبر يحمل على هذا الاقتراح لناحية «تضمنه أحكاما سيئة تعيد قوانين الإعلام إلى الوراء عوضا عن التقدم إلى الأمام». واللافت في اقتراح غانم تشديده العقوبات في جرائم المطبوعات وزيادة الغرامات والسماح لأي شخص يتمتع بحصانة قضائية أن يكون مديرا مسؤولا في الصحف، فضلا عن إلزامه الإعلام الإلكتروني بالحصول على ترخيص مسبق. في هذا السياق، يوضح مخيبر أن «المنهجية المتبعة في تنظيم الإعلام الإلكتروني تأخذ بعين الاعتبار أفضل الممارسات المقارنة بشكل يضمن ويحسن من أداء هذا التشريع»، لافتا إلى أن «الاقتراح يحمي الإعلام الإلكتروني من جهة ولم يخضعه لنظام الترخيص المسبق السيئ».

وفيما يتعلق بأبرز الأحكام التي يتضمنها اقتراح القانون، يصنفها مخيبر في 3 أبواب، الأول يتعلق بمالكي وسائل الإعلام، وينص على تحرير وتوسيع ملكية وسائل الإعلام مع الإبقاء على ضوابط ضرورية: إجازة تملك وسائل الإعلام من قبل أي شخص طبيعي مقيم في لبنان أو شخص معنوي يمارس نشاطه ومسجل أصول فيه، مع التشدد في «منع أي شخص يحمل جنسية دولة عدوة أن يمتلك كليا أو جزئيا أو يصدر أو يشغل أي وسيلة إعلامية». كذلك يحظر المنافع غير المشروعة أو الاستحصال على أي منفعة أخرى بهدف خدمة مصالح أية هيئة أو دولة أجنبية بما يتعارض مع المصلحة العامة ومقتضيات النظام العام، ويستحدث موجبات للشفافية في الملكية والتمويل.

وبالنسبة لتنظيم وسائل الإعلام، يلغي الاقتراح تصنيف المطبوعات الدورية السياسية وغير السياسية، ويطلق حرية تأسيس المطبوعات الدورية دون قيود في عددها، مستبدلا نظام الترخيص بنظام الإعلام أو «العلم والخبر» الشبيه بذلك المعمول به بالنسبة إلى الجمعيات. كذلك، يتضمن أحكاما تفصيلية بشأن المدير المسؤول، لا سيما الشروط الواجب توافرها فيه ليتمكن من تأدية مهامه بمهنية وجدية، وهو يلغي الرقابة المسبقة على المطبوعات الأجنبية بشكل يبقيها خاضعة للرقابة اللاحقة على مضمونها أسوة بأي مطبوعة غير دورية لبنانية.

وينظم القانون الإعلام الإلكتروني ويطلق حرية إنشاء المواقع الإلكترونية من دون أي موافقة مسبقة مع إدخال ضوابط ضرورية بالنسبة إلى ممتهني بث المواد الإعلامية عبر الشبكة، الذين أخضعهم إلى موجبات القانون في الشفافية وفي تسمية مدير مسؤول.

أما الباب الثالث فيتعلق ببعض المواد الإعلامية؛ حيث يجيز اقتراح مخيبر استحداث أحكام جديدة مرتبطة بنشر استطلاعات الرأي التي تبقى حرة، شرط أن يترافق معها توضيح مجموعة من المعلومات التي تسمح للقارئ بمعرفة مدى جديتها ومصداقيتها.

ويفرد بابا كاملا يرعى حق الرد، ويضمن آليات جديدة تؤمن لصاحب حق الرد المتضرر فعالية في نشر رده، إن من حيث السرعة أو المضمون وشكل النشر.

في انتظار معرفة مصير كل الاقتراحات التي يجمعها وزير الإعلام من جهة، والتي تقدم إلى المجلس النيابي من جهة ثانية، تعتبر جمعية «مهارات» الاقتراح الذي قدمه النائب مخيبر منطلقا لورشة تشريعية لاحقة تنوي استكمالها، تضم تنظيم وسائل الإعلام، وتنظيم الهيئات المشرفة عليها، وتنظيم المهن الإعلامية ونقاباتها، إضافة إلى شرعة الآداب والأخلاق المهنية.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,198,290

عدد الزوار: 6,940,108

المتواجدون الآن: 125