غياب التمثيل السني <الوازن> وتوفر الغطاء الشيعي يمهدان لحكومة <عرجاء>

حكومة اللون الواحد متعثرة ومعضلة عون على حالها
غياب التمثيل السني <الوازن> وتوفر الغطاء الشيعي يمهدان لحكومة <عرجاء>
<عدم مشاركة 14 آذار في الحكومة وضع الرئيسين سليمان وميقاتي في موقف حرج>
يبدو ان عامل الوقت بدأ يضغط بقوة على الأكثرية الجديدة في ما خص تشكيل الحكومة، وقد بدأ هذا الموضوع يشكل عبئاً ثقيلاً على الرئيس المكلف الذي يجد نفسه محاصراً بجملة من المطالب المتعلقة بحقائب ومستوزرين·

اعتذار وهّاب لم يخفف ردود الفعل ضدّه: استنكارات واعتصامات ومطالبة بمحاكمته قضائيا   يافطات رفعت في عكار تؤيد الحجاب رداً على وهّاب لم يكف الإعتذار الذي قدّمه رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهّاب بعد تعرّضه للمرأة المحجبة، ليخفف من روع الغضب ضده، ولهذه الغاية نفّذ عدد من طلاب المدارس في طرابلس اعتصاما في ساحة النور في المدينة احتجاجا على تصريح وهّاب المتعلّق بحجاب المرأة· وفي عكّار ارتفعت اليافطات في عموم البلدات والطرقات والشوارع الرئيسية والفرعية منددة وشاجبة بكلام وهّاب، كما تم توزيع البيانات المطالبة الجهات المعنية بمحاسبة كل من يتعرّض للرموز الدينية لأي فئة في المجتمع اللبناني، كما طالبت بتحويل وهّاب إلى القضاء المختص لما قام به من انتهاك للقيم والأعراف· وللغاية ذاتها عقد اللقاء الاسلامي الوحدوي في صيدا والجوار اجتماعا بدعوة من الجماعة الاسلامية في مركزها في مدينة صيدا، وانتقد <تطاول الوزير وهاب على حجاب المرأة المسلمة، وما يعنيه هذا من تطاول على الأمة الاسلامية برمّتها في دينها ومعتقداتها وأخلاقها وأعراضها>، مشيرا إلى أنّ <هذا الكلام غير المسؤول يستهدف زرع الفتنة في المجتمع اللبناني وبين سائر مكوناته>، وطالب المشاركون <القضاء اللبناني والأجهزة المعنية بالتحرك سريعا لمعالجة هذا السلوك الذي يهدد السلم الأهلي والعيش المشترك وإحالة وهّاب على القضاء المختص لاتخاذ ما يلزم>· وابدى رئيس إتحاد العائلات البيروتية محمد سنّو أسفه للتهكّم على المحجبات في المملكة العربية السعودية، واعتبر أنّ <النيل من المحجبات هو أمر مخالف للحرية الشخصية للمراة المسلمة بطريقة مباشرة والإساءة إلى الحجاب هو إساءة لجميع المسلمين وانتهاكا فاضحا للحرية الشخصية>· واستنكرت الهيئة الروحية العليا لطائفة الموحدين الدروز <التعرّض لأي طائفة خصوصا ما يسيء للنساء المحجبات>، ولفتت إلى أنها <تتطلّع دائما إلى حكمة من يملكون اليوم الحكمة التي توصل الانسانية إلى الإخاء الوطني والأمن والاستقرار والعيش الواحد>·

أمام هذا الواقع شهدت الساعات الماضية حركة غير اعتيادية قام بها موفدين من حزب الله وحركة <امل> والتيار الوطني الحر بإتجاه فردان بغية ايجاد الصيغ الملائمة لحلحلة العقبات التي ما تزال تعترض ولادة الحكومة <الميقاتية> التي يبدو ان ولدت ستكون ولادتها عسيرة، فبعد مرور اكثر من شهرين على تكليف الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة، وبعد تحريره من قوى 14 آذار بعدما اعلنوا انهم باتوا خارج حكومته حيث لم يستجب لشروطهم، لم يظهر في الأفق رغم الجهود المبذولة ما يشير الى ان ولادة الحكومة باتت قريبة·

فالجهود التي بذلها كل من ممثل حركة <امل>

علي حسن خليل وممثل حزب الله حسين خليل مع العماد عون لم تشر لغاية الآن عن <تزحزح> عون عن شروطه القاضية بحصوله على وزارة الداخلية (زيارة الوزير زياد بارود الى الرابية ولقائه ميشال عون اول امس يبدو انها لم تغير المعطيات لدى عون الذي يرى ان بارود لم ينجح في الداخلية كما انه ما زال على قناعته بعدم وضع الداخلية في حصة رئيس الجمهورية>·

وتفيد المعلومات ان عون ما زال يرى ان حصته في حكومة ميقاتي يجب ان تكون كامل الوزراء المسيحيين، وان رئيس الجمهورية لا يوجد في الدستور ما يشير الى حصة وزارية له·

ويلاحظ ان الرئيس نبيه بري الذي يرى ان افضل رد على المهرجان الشعبي لقوى 14 آذار الذي نظم يوم الاحد الماضي هو الاسراع بتشكيل الحكومة، احجم عن تحديد المواعيد بعدما حدد اكثر من موعد ومن ثم رأى ان شركاءه في الحكومة هم من يعطل التشكيل·

و رأى مصدر سياسي ان اعلان قوى 14 آذار عزوفهم عن المشاركة في الحكومة وضع كلا من الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي في موقف حرج، فصحيح ان الثنائي الشيعي حزب الله وبري وعون كانوا سعداء باستبعاد قوى 14 آذار، ولكن هذه الصورة لم تكن كذلك في أوساط بعبدا ولا في أوساط فردان (ميقاتي)·

ويتابع المصدر قوله الثلاثي حزب الله وبري وعون كانوا سعداء لكون مساحة انعدام الثقة تزداد كل يوم بينهم وبين اطراف قوى 14 آذار، فساد اعتقاد لديهم ان عزوف هذا الفريق عن المشاركة في السلطة فرصة يجب استغلالها واستثمارها فأسرعوا لوضع اليد على الوزارات الحساسة، فكان ان وضعوا عقبة كبيرة امام ولادة ميسرة للحكومة·

اما الرئيس ميشال سليمان صحيح انه لم يكن سعيداً بتشكيل حكومة من لون واحد في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان وفي ظل ما يحصل من تطورات بالغة الحساسية والدقة في المنطقة العربية، فهو وان يكن في النهاية سيوقع مراسيم تشكيل حكومة من لون واحد <مضطراً>، ولكنه كان يفضّل وجود حكومة وحدة وطنية جامعة تستطيع أن تتغلب على الاستحقاقات التي تواجه البلد، فتداعيات المحكمة الدولية، وتنفيذ القرارات الدولية، والمشكلة الاقتصادية المتفاقمة (هناك العديد من المؤسسات الاقتصادية والبنكية والإعلامية على طريق الإفلاس والاقفال، والكثير منها بدأ خفض مرتبات الموظفين إلى حدود 50 بالمائة··)، وحماية إنجازات المقاومة وسلاحها··· كلّه يتطلب جهودا جامعة وموحدة من أجل حفظ الاستقرار في البلد، ورئيس البلاد لم يكن ولن يكون سعيداً بإقفال مؤسسات في عهده بسبب تزايد الأزمة الاقتصادية، وهو ليس سعيداً بتفاقم هذا الانقسام السياسي الحاد حول أهم وأخطر العناوين كما هو حاصل اليوم حول سلاح حزب الله·

من جهته، الرئيس ميقاتي وُضع في موقف حرج وصعب خاصة بعد مقاطعة 14 آذار، ومن ثم تأكيد ان الشارع الإسلامي السني ليس معه، وهذا ما ظهر في مهرجان الأحد الماضي، فالتمثيل السني <الوازن> في حكومته مفقود وغائب، وما زاد <الطين بلة> أن حكومته منزوع عنها الغطاء السني داخلياً وعربياً خاصة بعدما كشف النائب وليد جنبلاط (هناك من يقول أن جنبلاط تعمد كشف حقيقة الموقف السعودي) انه بعدما صوت لصالح تكليف ميقاتي اتصل رئيس المخابرات السعودية الامير مقرن بن عبد العزيز وهو جالس بجانب الملك عبد الله بن عبد العزيز بالوزير غازي العريضي قائلاً له <أبلغ وليد جنبلاط أن علاقته بالملك عبد الله قد انقطعت>·

وفي هذا الإطار، فان الرئيس سعد الحريري لم يقصّر، فقد زاد نشاطه، فبعد حضور مئات الآلاف من اللبنانيين إلى ساحة الشهداء يوم 13 شباط، ها هو ينشط منذ ثلاثة أيام في الشمال، وتحديداً في طرابلس، ومن ثم سينتقل إلى بقية المناطق حيث الاغلبية السنية، كل ذلك من أجل <تعرية> ميقاتي وحكومته من الغطاء السني، وصولاً الى حكومة ميقاتية عرجاء·

فالرئيس سليمان لديه معضلة التمثيل المسيحي، وكذلك التمثيل السني، والرئيس ميقاتي لديه معضلة التمثيل السني وكذلك التمثيل المسيحي حيث يسرح ويمرح ميشال عون بفرض شروطه بهدف حصوله على الثلث المعطل في الحكومة·

لا معطيات إيجابية تُشير إلى حلحلة قريبة للعقد التي تحول دون تظهير التشكيلة الحكومية، فالحكومة الميقاتية ما زالت تنتظر الترياق الدمشقي الذي لم يصل بعد·

حسن شلحة