تحليل سياسي

"العناق القاتل"

تاريخ الإضافة الجمعة 20 أيار 2011 - 6:19 ص    عدد الزيارات 4713    التعليقات 0    القسم دولية

        


"العناق القاتل"

 الاوصاف تختلف لكن المضمون واحد: "العناق القاتل"، "الصديق العدو" او "أغرب علاقات في العالم". هكذا يصف الاميركيون العلاقات المضطربة والغريبة بين الولايات المتحدة وباكستان. انه العناق القاتل بين دولة ديموقراطية ترى ان أمنها القومي ونجاحها في حربها على تنظيم "القاعدة" وحلفائه يحتاجان الى تعاون ومساعدة من دولة يرى كثيرون انها في طريقها الى ان تصير "دولة فاشلة" تحكمها مؤسسة عسكرية - استخبارية ينخرها الفساد وتعيش على ابتزاز واشنطن والعواصم الغربية، لانها تعتقد ان اميركا ستبقى رهينتها ما بقيت تعيش هاجس مكافحة ارهاب "القاعدة".
ليس من المبالغة القول ان باكستان هي أخطر دولة في العالم. فهذه الدولة ذات الجذور الضحلة والمحشورة بين أمتين لهما تاريخ عريق : الهند في الشرق وايران في الغرب تتصرف كأنها دولة حدودية لا تعرف شيئا اسمه سلطة مركزية. باكستان التي وُجدت دولة في اللحظة التي وُجدت فيها الهند دولة حديثة مبنية على حضارة قديمة تناوب على حكمها العسكر والاقطاع السياسي، خسرت كل حروبها مع الهند، وبعد كل هزيمة كان جنرال باكستاني يركب دبابة ويتوجه الى القصر الرئاسي. باكستان التي يبلغ عدد سكانها 180 مليون نسمة، تملك أكثر من مئة رأس حربي نووي، ولا تسيطر على مساحات واسعة من أراضيها، لها هاجس وطني واحد وعدو لدود اسمه الهند. وأكثر ما يكرهه الباكستانيون هو العيش في ظل هذا العملاق العسكري والبشري والاقتصادي. وهذا يفسر سياسة باكستان في ايجاد التنظيمات الاسلامية المتطرفة (العسكر طيبة، جيش محمد وغيرها) وتشجيعها، كي تستخدمها ضد الهند، وكذلك دورها الرئيسي في إيجاد حركة "طالبان" ودعمها في افغانستان، لان أكثر ما تخشاه هو نظام في كابول يكون حليفا للهند ويضع باكستان في كماشة استراتيجية.
بعد قتل أسامة بن لادن، في منزل قرب اهم كلية عسكرية باكستانية، ازدادت شكوك الاميركيين، من الرئيس باراك أوباما الى قيادات الكونغرس في ضلوع عناصر استخبارية وعسكرية في حماية بن لادن. ومرة اخرى ارتفعت الاصوات التي تدعو الى قطع المساعدات الاميركية لباكستان والبالغة 4,5 مليارات دولار. في 1979 وفي  1990 قطعت واشنطن مساعداتها العسكرية لباكستان، بسبب برامجها النووية. لكنها تورطت في العناق القاتل بعد هجمات 11 ايلول 2001. وأظهرت التحقيقات ان قسما كبيرا من هذه المساعدات اما يُستخدم لمواجهة الهند، وإما لدعم التنظيمات المتطرفة... إن لم تنته في جيوب الضباط الكبار، الذين يشرفون على مشاريع اقتصادية كبيرة.
بعض الاصوات في واشنطن التي تدعو الى "تحرير" اميركا من هذا العناق القاتل، يدعو الى معاملة باكستان بالمثل وتركها تحت "رحمة" الهند.

هشام ملحم     


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,162,540

عدد الزوار: 6,758,148

المتواجدون الآن: 122