تقارير ...اليأس من تحسن الأوضاع يبعد شباب العراق عن السياسة..المخدرات والدعارة تتسلل إلى المراهقين

ماذا يجري في جبل العرب الدرزي؟....النموذج البوسني لا اليمني لسوريا.....الفساد والابتزاز يهددان برامج التشغيل في تونس..إعلان الدولة فزاعة أكراد العراق لتخويف الخصوم وتحقيق مصالح

تاريخ الإضافة الأحد 12 شباط 2012 - 6:52 ص    عدد الزيارات 2310    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

ماذا يجري في جبل العرب الدرزي؟
إستحوذ السجال السياسيّ بين القيادات الدرزية على خلفية الموقف من دروز سوريا باهتمام واضح لدى كافة الشرائح والقيادات الدرزية اللبنانية والسورية.
جريدة الجمهورية... فادي عيد...وهذا السجال بقي في إطاره الهادئ، خصوصاً على مستوى رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، ورئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ثمّة ارتباطاً عائلياً ودينياً بين دروز لبنان وسوريا وفلسطين، وبالتالي الزيارات المتبادلة على المستويين العائلي والروحي بين دروز لبنان وسوريا هي على مدار الأسبوع في سياق اللقاءات الدينية، إضافة إلى مشاركة الطرفين في الأفراح والأتراح، ناهيك عن أن صور الزعيم كمال جنبلاط ونجله رئيس "جبهة النضال الوطني" كانت خلال فترة السبعينات والثمانينات، ولا سيّما في مرحلة الاجتياح الإسرائيلي وحرب الجبل، موجودة في معظم بيوت جبل العرب. من هنا السؤال، لماذا دعا حنبلاط دروز سوريا إلى التمرّد على النظام، وعدم المشاركة في القتال وأعمال القمع التي يقوم بها ضدّ الثوار؟
تقرأ أوساط عليمة بالموقف الجنبلاطي، أنه أراد من ذلك حماية الدروز في جبل العرب الذين هم على تخوم درعا من الصدام، وربما أكثر من ذلك، إلى تقديمه أوراق اعتماد إلى دول خليجية وفي طليعتها السعودية وقطر، في ظل استمرار الرياض في مقاطعتها له بعد انقلابه على الأكثرية السابقة. لكن هذا الأمر بحسب ما يقال، حشَرَ الدروز في جبل العرب، إذ اعتبرت مرجعياتهم ومشايخهم وعائلاتهم، أن ذلك قد يكون تحريضاً على قتلهم في حال تغيّرت الأوضاع، وليس حمايتهم، بمعنى أن جنبلاط ارتكب خطأ كبيراً في اعتبار أنه يدرك خصوصيتهم وأوضاعهم كونهم جزءاً من النسيج السوري، وعليه فإنّ دعوته جاءت متأخرة ومفاجئة في رأيهم، في اعتبار أنّ الوزير غازي العريضي كان في الأمس القريب يزور دمشق ويلتقي اللواء محمد ناصيف قبل أن تنقطع العلاقة الجنبلاطية مع النظام السوري.
أمّا عن تداعيات الموقف الجنبلاطي على الساحة الدرزية اللبنانية، فالبداية كانت رسالة من النظام السوري إثر زيارة النائب طلال إرسلان مع وفد من المشايخ لدمشق، وردّ إرسلان بزيارة قرى وبلدات الدروز في سوريا. إنما الأمر الأكثر وضوحاً تمثّل بلقاء الوزير السابق وئام وهاب بالرئيس بشار الأسد لثلاث ساعات من دون أن يتناول وهاب النائب جنبلاط في أي إشارة، على رغم إطلالاته الإعلامية المتتالية في الأيام القليلة الماضية، لكن الرسالة الأبرز التي يمكن قراءتها كانت جولة وهاب على الهيئة الروحية الدرزية والمشايخ الكبار، ومنهم كبير الهيئة الروحية الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين، المرجع الأبرز عند الدروز اليوم، والذي تمنّى الهدوء في جبل العرب وعدم التعرّض للدروز وتفهّم أوضاعهم وعلاقتهم المتينة مع الجهات والقيادات السياسية السورية. وهنا بدا الغضب الجنبلاطي، إذ ثمة من يرى أن هذا الكلام لم يصدر عن الشيخ ولي الدين لأنّ من يزوره يتضح له أنه غير راض عن دعوة الدروز إلى التمرّد على النظام، وفي الحد الأدنى عدم التدخل في شؤونهم كونهم مواطنين سوريين. ومن هذا المنطلق، فإنّ موقف الهيئة الروحية والمشايخ قد يكون "حشَرَ" جنبلاط في هذه المرحلة الدقيقة، وبالتالي فإنّ هذا الأخير ومنذ عودته من موسكو يعبّر عن مخاوف كبيرة، لا بل أنه يردّد خشيته من حرب أهلية في سوريا، وإن كلامه الأخير عن ذهاب "شبيحة" من جبل لبنان لمساندة النظام السوري، أدخله في حرب سياسية مع دمشق وحلفائها في لبنان.
من هنا، يبدو أنّ هذه الأزمة التي تتفاقم حول موقف الدروز من جبل العرب، آخذة في التفاعل إذ حصل في الأيام الماضية بعض الإشكالات في مدينة السويداء وفي شهباء، ما ترك علامات إستفهام حول وضعية القيادات الدرزية الحليفة لدمشق، إذ يقال إنّ جنبلاط على تواصل مع البعض في جبل العرب، وخصوصاً مع السيدة منتهى الأطرش حفيدة سلطان باشا الأطرش، وتأتيه معلومات يومية عن وضعهم وعن الثورة السورية عموماً، فيما يبقى وهاب هادئاً إزاء المختارة ودعوته إلى الإستقرار في الجبل عامل اطمئنان من دون أن يلغي ذلك المخاوف التي تبرز على إيقاع التطورات السورية، ما يطرح السؤال حول المدى الذي ستصل إليه الأوضاع في مدينة السويداء وجبل العرب عموماً بعد التحرّكات الأخيرة، فهل هي فردية، أم ستصل إلى مستوى التحرك الشامل والدراماتيكي؟..
 
لماذا «فبركة» اعتقال 49 ضابطاً تركيّاً في سوريا؟
يستطيع المراقب أخيراً أن يلاحظ تصاعد وتيرة البروباغندا السوداء التي تستخدمها بعض الأطراف الإقليميّة في شكل مكثّف، وقد ظهر ذلك جليّاً خلال الأسبوع الماضي الذي شهد ثلاث حالات على الأقلّ أثارت ضجّة واستدعت ردود أفعال سريعة وعاجلة للحدّ من تأثيراتها السلبية وتعطيل الهدف الذي فُبركت من أجله.
جريدة الجمهورية.. أنقرة علي حسين باكير...أولى هذه الحالات ما نُشر عن قيام مندوب روسيا في مجلس الأمن بتهديد رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم قائلاً له: "إذا عدت لتتكلّم معي بهذه النبرة مرّة أخرى، فلن يكون هناك شيء اسمه قطر بعد اليوم".
وقد انتشر هذا الخبر على نطاق واسع وسريع في الصحافة عموماً، وفي الإنترنت خصوصاً. وعلى رغم أنّ الخبر قد نُسب إلى "تسجيل بثّته القناة الفرنسية-2"، إلّا أنّ العودة إلى مصدر الخبر الحقيقي تُظهِر أنّ وسائل الإعلام السوريّة التابعة للنظام وتلك التابعة لجهات موالية له كانت تقف وراءه. ونظراً إلى حالة اللغط التي سببها هذا الخبر، في وقت يتزايد فيه الشعور المعادي لموسكو في العالم العربي، خصّص مندوب روسيا في مجلس الأمن مؤتمراً صحافيّا عاجلاً للردّ عليه، مُستنكرا مضمونه جملة وتفصيلاً واصفاً إيّاه "بالأكاذيب الرخيصة".
وسرعان ما تبع هذه الإشاعة، إشاعة أخرى تتحدّث عن نبأ "اعتقال السلطات السوريّة لمؤسس "الجيش الحر" العقيد رياض الأسعد في محافظة إدلب في بلدة كفر تخاريم"، زاعمة أنّ ذلك "تمّ أثناء قيام القوّات المسلّحة السوريّة بتنفيذ عملية عسكرية أمنية نوعية بالقرب من الحدود التركية". وقد نشر الخبر مواقع إلكترونية محسوبة على النظام السوري، وتداولته أخرى ضمن هذا الإطار أيضاً، ما اضطرّ العقيد إلى بثّ تسجيل يكذّب فيه هذه الأخبار.
أحدث هذه الإشاعات ما زعم قبل أيّام قليلة عن اعتقال سوريا 49 ضابط استخبارات تركيّاً ينشطون على الأراضي السوريّة، وتناقلت هذا الخبر وسائل إعلام سوريّة مقرّبة من النظام، وأكّده عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود على شاشة قناة "المنار" اللبنانية التابعة لحزب الله. ثمّ ما لبثت أن بثّت إذاعة (شام أف أم) السوريّة خبراً يفيد بأنّ هناك مفاوضات تجري بين أنقرة ودمشق لإطلاق سراح ضبّاط الاستخبارات الأتراك، وأنّ النظام السوري وضع ثلاثة شروط على أنقرة لإطلاق سراحهم تتضمّن: تسليم عدد من ضبّاط الجيش السوري الحر، طرد المنخرطين في هذا الجيش من الأراضي التركيّة، والتوقّف عن تدريب المعارضين السوريّين عسكريّا.
كما ذكرت الإذاعة أنّ سوريا اشترطت أن تكون إيران شاهدة على الاتّفاق، وهو ما تمّ ربطه فيما بعد بالجهود التركية التي أدّت إلى إطلاق سراح عدد من العناصر الإيرانية اعتقلهم معارضون للنظام السوريّ أثناء توجُّههم الى دمشق.
وفي تعليق على هذه المعلومات، قال مصدر أمنيّ تركيّ لـ"الجمهورية": "يبدو أنّ النظام السوري في حالة من اليأس، وينشط أخيراً في الترويج لبروباغندا سوداء بهدف خلق حالة من البلبلة والشكوك لدى الرأي العام، معتقداً أنّ ذلك من شأنه أن يؤثر في الموقف التركي".
أضاف: "تركيا ليس لديها هذا النوع من العمليّات خارج حدودها، كما أنّ ذلك لا يندرج ضمن سياساتها"، معلّقا بطريقة ساخرة: "حتى لو أردنا مجاراة هذه المعلومات، هل كان ضبّاط الاستخبارات الأتراك يتوجّهون بحافلات إلى سوريا ليتمّ القبض على 49 عنصراً دفعة واحدة"!
وكان وزير الخارجيّة أحمد داوود أوغلو قد فنّد أمس الادّعاءات عن وجود تفاوض مع النظام السوري حول عدد من ضبّاط الاستخبارات المعتقلين في سوريا، وردّ أمس على هذا الخبر خلال مؤتمر صحافيّ قائلاً: "النظام السوري يقوم بحرب نفسيّة يحاول استغلالها ضدّ تركيا".
وفي سياق تحرّي "الجمهورية" لصحّة الخبر، تبيّن أنّ مصدره الأساسي صحيفة "أيدينليك" الاشتراكية الكمالية (مؤيّدة لنهج اتاتورك)، التي كانت نشرت معلومات في شهر كانون الاوّل عن اعتقال النظام السوري عدداً من ضبّاط الاستخبارات الاتراك في سوريا.
وعلمت "الجمهورية" أنّ أحد صحافيّي الجريدة التركية كان قد حصل على هذه المعلومات أثناء زيارته لسوريا ممّن وصفه "مصدراً سوريّاً رفيع المستوى مقرّباً من الرئيس بشّار الأسد"، وهو ما يعيدنا الى موضوع البروباغندا السوداء من جديد.
يُذكَر أنّ البروباغندا السوداء تُعَدُّ نوعاً من أنواع الحرب النفسية، وتعتمد على مصدر مجهول في بثّها، ويتمّ استغلالها في ظرف ما لنشر الفبركات الإعلاميّة والأخبار الكاذبة والمضلّلة، وهي تعتمد على مدى استعداد الجمهور المستهدف بها على تصديقها، وتقوم بزرع مجموعة من الشكوك، بما يساعد على التشويش على القناعات المتعلقة بحالة من الحالات أو موقف من المواقف.
 
النموذج البوسني لا اليمني لسوريا...
قد تكون الأيّام القليلة المقبلة حاسمة في إظهار شكل التحرّكات السياسيّة والدبلوماسية التي سيتّخذها المجتمع الدولي من الأزمة السوريّة. لكن ما يمكن الجزم به أنّ الوقت للحلول السياسيّة قد فات بعدما قطع النظام السوريّ، أو على الأصحّ، حرق كلّ الأوراق السياسيّة التي كان يمكن الرهان عليها لتوفير هكذا حلول.
جريدة الجمهورية..واشنطن جاد يوسف ..لم يكن النظام السوري يحتاج إلى "فيتو" في مجلس الأمن ليعتبره ضوءاً أخضر لتعميق خياره الأمني. فهو منذ انطلاقة حركة الاحتجاجات، قبل نحو أحد عشر شهراً، تصرّف على هذا الأساس. لكنّه راهن ولا يزال على أنّ خصوصيّة موقع سوريا وتشابك ملفّاتها مع أزمات المنطقة وألغامها، كفيلة في جعل الآخرين يعدّون حتى الألف قبل حسم خياراتهم معه.
وقد يكون في رهانه هذا بعض الصحّة، بدليل أنّ ما يجري التحذير منه هذه الأيّام، هو معرفة الانعكاسات السلبيّة والخطيرة جداً على الوضع الإقليمي برُمّته، وللمآل الذي قد تصل إليه المواجهة الدائرة الآن في سوريا على الوضع الإقليمي في أكثر من ملف.
البيان الثلاثي الذي صدر عن أعضاء في الكونغرس الأميركي، وعلى رأسهم جون ماكين أحد القادة الأقوياء في الحزب الجمهوري، والذي أعلنوا فيه أنّ الوقت قد حان للبحث في كلّ الخيارات لإقصاء الرئيس السوري بشّار الأسد عن السلطة، يمثّل أحد أبرز المواقف السياسيّة الواضحة والصريحة عمّا يفكّر به الأميركيّون في هذه الفترة.
صحيح أنّه بيان غير ملزم للإدارة الأميركيّة، لكن لا يمكن أن ننسى أنّ ماكين كان أوّل من زار مدينة بنغازي الليبية خلال الحرب مع القذافي.
يعتقد مراقبون هنا في واشنطن أنّه صار بالإمكان بعد ما جرى في مجلس الأمن الإعداد لأجندة سياسيّة ميدانية مختلفة عمّا كان يجري في السابق. بمعنى آخر، فإنّ الفيتو الروسيّ الصيني المزدوج في مجلس الأمن، أعفى غالبية الدول، وخصوصا الغربية والعربية ومن يمكن وصفها بالدول الصديقة للشعب السوري، من الظهور بمظهر من كان يبحث عن المبرّرات للتدخّل في سوريا، فيما الوضع الميداني والمجازر التي يرتكبها النظام هي المسؤولة عن استجلاب هذا التدخّل في ظلّ تواطؤ روسيّ - صينيّ مع نظام الأسد.
ويقول هؤلاء المراقبون إنّ التعنّت الروسي ومحاولة موسكو الظهور بمظهر الدولة العظمى التي يجب الأخذ بموافقتها في الأزمات الكبرى، قدّم خدمة مجانية للطرف الآخر، على رغم المعرفة أنّ الكلفة التي ستترتّب عن ذلك، سيدفعها الشعب السوريّ وليس غيره.
ويعتقد هؤلاء أنّ لقاءات وزير الخارجيّة التركي أحمد داود أوغلو في واشنطن ستبحث مباشرة في أمر العمليّات السياسي والميداني الذي سيجري البدء بتنفيذه على الفور. وصار من شبه المؤكّد أنّ ما تمّ اعتماده خلال حرب "البوسنة" في تسعينات القرن الماضي قد يكون هو النموذج الذي سيجري اعتماده وبالتدرّج بالنسبة إلى سوريا. وما قيل عن محاولة استنساخ "نموذج سوري" من "النموذج اليمني" لم يعد ملائما.
قال كبير المحلّلين في مركز دراسات الشرق الأدنى في واشنطن سونر كاغابتاي أمس الأوّل، إنّ ما يجري في سوريا اليوم شبيه بما جرى في يوغوسلافيا بعد انهيارها وقيام الجيش الصربي باجتياح البوسنة. وحين بدأت قوّات المقاومة المدنية لمسلمي البوسنة بالتصدّي لجيش سلوبودان ميلوسوفيتش، فهي انطلقت من مناطق صغيرة، بعضها كان معزولاً وضعيف التسليح. لكن مع بدء صدور القرارات الدولية التي بدأت أوّلاً بتوفير "ممرّات إنسانيّة" ومن ثمّ تمكّن تلك القوّات من الاحتفاظ بمواقع محرّرة، تطوّرت لاحقاً إلى تجمّعات كبرى كالعاصمة سراييفو وزيبا وغروزاد وسربينيتشا... صار بالإمكان الحديث عن قاعدة حقيقيّة يمكن بالارتكاز إليها، الحديث عن حلول سياسية، انتهت إلى ما انتهى إليه نظام ميلوسوفيتش برُمّته.
بالطبع لا يمكن استنساخ التجارب حرفيّاً، لكن على الأقلّ يمكن القول إنّ ما تشهده مناطق حمص وريفها وإدلب وريفها والزبداني والمناطق المحيطة بها وصولاً إلى ما يعرف بريف دمشق، قد يكون هو المثال عمّا حصل في البوسنة.
ويعتقد مراقبون أنّ ما طرأ من تبدُّل في الموقف التركي بعد "موقعة" مجلس الأمن يمكن اعتباره المؤشّر الرئيسي لما قد يجري في المقبل من الأيّام. ويرى هؤلاء أنّه لم يعد من مفرّ إعلان موقف داعم وصريح للمعارضة السوريّة ولتشكيلها العسكري الرئيسي المتمثّل بالجيش السوري الحر، إذ لا يبدو في الأفق أنّ طريقاً آخر يمكن سلوكه لإجبار نظام الأسد على القبول بمسار سياسي مختلف.
ويرى هؤلاء أنّ روسيا شعرت أخيراً أنّ الأمور قد تكون آخذة في التحوّل بشكل دراماتيكي بعيداً عمّا تشتهيه. وصنّفت اتّصال رئيسها ديميتري ميدفيديف برئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان وحديثه عن استمرار إيمانه بالحلول السياسية، بما فيها عبر مجلس الامن، في خانة هذا التحسُّس لما قد يجري بعيداً عنها. غير أنّ ما لفت الانتباه أيضاً هو كلام رئيس الوزراء فلاديمير بوتين عن أنّ تجربة ليبيا وسوريا لن تتكرّر في بلاده نفسها، ورفضه التدخّل الخارجي في الشؤون الروسيّة. ما قاله بوتين يعبّر عن مفارقة عجيبة، إذ إنّه كان يتحدّث قبل أيّام عن أنّ روسيا دولة عظمى ولا يمكن تجاوزها، فيما هو اليوم يخشى التدخّل في شؤونه.
هل هذا يعني أنّ الأزمة السوريّة متّجهة إلى حلول سريعة؟ بالطبع لا، هذا ما يؤكّده المراقبون هنا في واشنطن، لأنّ نظام الأسد وضع ظهره للحائط ولم يترك حيّزاً كبيراً للمناورة أو للحلول السهلة. وتعتقد مصادر قريبة من وزارة الدفاع الأميركيّة أنّ الأمر قد يحتاج زمناً ليس بالقصير من أجل رؤية انهيارات وتداعيات سريعة سواء على البنية السياسية أو الأمنية والعسكرية لنظام الأسد.
صحيح أنّ هناك معلومات مؤكّدة عن تحرّكات حثيثة يقوم بها ضبّاط كبار ومسؤولون سياسيّون من النظام للانشقاق عليه، لكن الأمر يحتاج الى تبلور "مناطق آمنة" ليتسنّى من خلالها الحديث عن تحرّكات مؤثّرة على الأرض.
وهذا ما يجري العمل عليه، حيث يُتوقّع أن تتولّى تركيا تأمين الغطاء الميداني واللوجستي، بعد توفير الغطاء العربي والإقليمي، وهو ما يُتوقّع من اجتماعات وزراء خارجيّة مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية نهاية الاسبوع.
لكن ماذا عن موقف الأطراف الأخرى من هذا الصراع الإقليمي، وتحديداً موقف إيران؟ يقول مراقبون إنّ موقفها لا تُحسَد عليه خلافاً لكلّ التهويل وعرض العضلات الأخير الذي جاء على لسان سفيرها في موسكو تحديداً، عن قدرتها على ضرب واستهداف القوّات الأميركيّة في أيّ مكان في العالم إذا ما تعرّضت لهجوم أميركي!
عندما قال الرئيس الأميركي قبل أيّام إنه لا يوجد دليل على نيّة إيران أو على قدرتها على مهاجمة بلاده سواء داخل حدودها أو في الخارج، فإنّه لم يكن يحاول فقط تهدئة التوتّر معها، بل هو يدرك أيضا حقيقة قدرات إيران وحراجة موقفها.
وماذا عن دفاعها عن نظام الأسد؟ يقول هؤلاء إنّ حدود القوّة تعرفها طهران في تعاملها مع الأزمة السوريّة، وتعلم أن لا عودة إلى الوراء. لكنّهم يشيرون أيضا إلى أنّ الخوف الذي يعتري الأطرافَ الإقليمية من تداعيات ما يجري في سوريا على الأوضاع في دولهم، تشعره طهران أيضا وتتخوّف منه.
فمَن قال إنّ إيران ستكون في معزل عن انفلات الصراع في المنطقة وتحوّله إلى مواجهة بين السنّة والشيعة وبين الأطراف الإثنية في الوقت ذاته؟ ومن يضمن بالتالي وحدتها السياسيّة والقوميّة والإثنية، وهي لديها ما لديها في هذا المجال.
تبقى الإشارة الى هذا المناخ الحارّ الذي يشير إليه هؤلاء المراقبون هنا في واشنطن عن تنامي الحديث عن عمل عسكريّ ما، قد تقوم به إسرائيل ضدّ مواقع ايران النوويّة، بالتكافل والتضامن مع أميركا، على رغم النفي المتكرّر والمُلحّ على استبعاده، على الأقلّ هذا العام.
 
 
يهددون بها كلما ضاقت بهم السبل رغم إدراكهم ببعد المنال
إعلان الدولة فزاعة أكراد العراق لتخويف الخصوم وتحقيق مصالح
موقع إيلاف,..عبدالجبار العتابي
يرى محللون سياسيون أن تهديد الأكراد في إقليم كردستان العراق بإقامة دولة مستقلة ليس سوى تهديد من أجل ممارسة ضغوطات على الحكومة في بغداد لتحقيق مصالحهم، مشيرين في الآن ذاته أن هذا الأمر حلم صعب المنال.
أربيل عاصمة أقليم كردستان العراق
بغداد: استبعد محللون سياسيون عراقيون أن يقدم الأكراد على إقامة دولة لهم في إقليم كردستان العراق على الرغم من التصريحات التي تطلق من بعضهم بين الآونة والأخرى. مؤكدين أن الحلم الكردي بإقامة دولة مستقلة عن العراق ما زال قائماً، ولكن تنفيذه مستحيلاً، وهو أمر يدركه السياسيون الأكراد الذين يحاولون مغازلة الشارع لأسباب انتخابية أولا ومن ثم ممارسة نوع من الضغط على الحكومة المركزية في بغداد لتحقيق مصالحهم. ومؤخرا قال كوسرت رسول، النائب الأول للامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني في تصريحات لصحيفة كردية: "لقد حان الوقت لإعلان الدولة الكردية .. يجب على الأكراد أن يتحدوا لهدف إنشاء وإعلان الدولة الكردية .. وأن لا ننتظر أي أحد ليساعدنا، لأن إعلان الدولة هو الحق الشرعي للشعب الكردي .. وهذا القول جاء بعد (شائعات) أطلقت مؤخرا مفادها أن الأكراد سيعلنون دولتهم في أعياد نوروز الكردية، أي في 21 آذار/ مارس المقبل، وان ما يطلقه الأكراد بين حين وأخر هو لتأكيد مشروعية هذا الحلم واعتبار تحقيق قريباً على الرغم من أن الواقع العالمي لا يسمح بذلك.
لا مؤشرات للانفصال
ويقول النائب عن التحالف الوطني، عبد المهدي الخفاجي: "إن الأكراد يرغبون في البقاء في العراق الواحد الفيدرالي، ولا توجد هناك أي مؤشرات لانفصالهم عن العراق، ولو كانت هناك رغبة لدى الأكراد في الانفصال سنعلن عنها، لكننا لم نلاحظ أي مؤشرات لانفصال الأكراد".
 من جانبه قال جمال كريم، مدير وكالة الأنباء الكردستانية (اكانيوز): "الكلام عار عن الصحة تماما لان الكرد كما أتابع في تاريخهم القديم والحديث، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن العشرين، الكرد اختاروا الانضمام إلى العراق، كانوا معروضا عليهم الانضمام إلى تركيا لكنهم رفضوا ذلك وانضموا إلى العراق، وحتى بعد هذا التحول السياسي الذي حصل في العراق عام 2003، في كل المحافل والمواقع يؤكدون أنهم جزء من العراق.. واختاروا العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي، بل اذهب أكثر من ذلك أن الكثير من السياسيين والمثقفين الكرد يقولون نحن والشعب العربي توأم، توأم في التاريخ والاقتصاد والدين وفي الحياة، لكن الكرد لهم لغة خاصة، كعرق، ولهم تراث كردي خاص".
وأضاف: "هذا ليس تهديداً، فمن حق الشعوب تقرير مصيرها، وهذا الحق كفله الدستور العراق أيضاً، لكن الكرد الآن لا يفكرون بالانفصال مطلقاً.
 التحولت تعزز الحلم
أما الدكتور سعيد عبد الهادي، المحلل السياسي وأستاذ التاريخ في جامعة بغداد، فيقول: "اعتقد أن الحلم الكردي الأساسي منذ تأسيس الدولة العراقية على الأقل فيما يخص أكراد العراق هو تأسيس دولة كردية، وهذا لم يكن خفيا على الساسة العراقيين في العهد الملكي أو في العهود الأخرى التي تلت العهد الملكي وربما ما شاهدناه من اقتتال داخلي في العراق منذ لحظات تشكل الدولة العراقية إلى يومنا هذا يعزز هذا الرأي، لكن ما جعل الكرد في العراق يتوانون عن هذا الحلم هو الضغوط العالمية الدولية التي شاءت أن يتوزع الأكراد بين ما يقرب من خمس دول متجاورة".
ويضيف: "ومن ثم التحولات في الشارع العربي على الأقل والعراق وسورية أتاحت للكرد في البلدين الحلم في تأسيس دولة كردية، وهذه شعارات مطروحة وحتى في الحملة الانتخابية الأخيرة في الإقليم وانتخابات تشكيل البرلمان العراقي كانت قضية الدولة الكردية مطروحة كشعار انتخابي للقوائم الكردية الرئيسية لأنها تعرف أنها من خلال هذا الشعار ستكسب صوت الكردي القومي، حيث الهاجس القومي مسيطر على الأغلبية العظمى من الكرد في مناطقهم".
ويقول عبد الهادي: "وهذا لا يختلف فيه الكرد القومي عن الكردي الإسلامي الذي هو الآخر يحلم بتأسيس دولة كردية، إذاً .. على مستوى الحلم هذه القضية مطروحة منذ تأسيس الدولة العراقية، أما على مستوى الواقع فان المعادلات الدولية هي التي منعت تأسيس دولة كردية، ومن ثم نحن كعرب عراقيين ليست لدينا مشكلة مع تأسيس دولة كردية، ولكن المشكلة لدى الكرد أنفسهم، أي أن العراق لن يخسر كثيراً بتأسيس دولة كردية مجاورة له طالما أن هذا التأسيس يأتي استجابة لرغبات ومشاعر أبناء الشارع الكردي، وهي بالتالي رغبات ومشاعر محترمة مثلما لنا الحق في الدفاع عن حقوقنا بتأسيس دولة على أساس قومي، فللكرد حقهم وهو حق مشروع".
ويتابع: "ولكن هل يستطيع الكرد تأسيس هذه الدولة؟ وهذا هو السؤال المركزي، هل يستطيع الكرد إقناع العالم بضرورة أن تكون لهم دولة قومية تنطلق في كردستان؟، لقد تشكلت كما نعلم كردية وكانت عاصمتها في إيران، ولكن سرعان ما تلاشت هذه الدولة الكردية تحت تأثير المجريات العالمية وليس بسبب الطرفين العراقي والإيراني، الآن المعادلة أصعب بكثير، ثمة مصالح لروسيا وتركيا فضلاً عن إيران في عدم إقامة كيان كردي في هذه المنطقة".
وأضاف: "الكرد ومنذ سقوط نظام صدام حسين هم الطرف الأكثر قوة والأكثر إفادة من الوضع العراقي الحالي، ومن ثم أن بقاؤهم في الدولة العراقية هو بقاء جزء منه لإفادة كردستان، وقد استفاد الكرد وعوضوا كثيرا من خسائرهم التي تسبب بها النظام السابق وكانت فائدتهم في أحيان كثيرة على حساب القوميات الأخرى، إن كانوا التركمان أو العرب، فبقاؤهم في الدولة العراقية مفيد لهم الآن، لكن الزعماء السياسيين يلعبون، وهي لعبة مشروعة، بورقة الدولة الكردية لإرضاء الشارع الكردي".
 ومضى: "ولا أتوقع أن الزعماء السياسيين الكرد غير مدركين للعبة التوازنات التي تمنع من تشكيل هذه الدولة الكردية، العراق الآن اضعف من ان يضغط باتجاه تشكيل او عدم تشكيل الدولة الكردية، إنما القرار يعود للزعماء الكرد أنفسهم واعتقد أنهم يدركون أن العالم المجاور على المستوى الإقليمي والعالم الأوسع يرفض تأسيس كيان كردي في هذه المرحلة/ وربما في أزمنة أخرى يستطيع الكرد الوصول إلى هذا الحلم الذي أستطيع أن أقول إنه حلم فيه الكثير من السذاجة".
بالونات الإستقلال
ومن جهته، قال الدكتور كاظم المقدادي، الصحافي وأستاذ الإعلام الدولي في جامعة بغداد: "أنا أتذكر أن السيد فؤاد معصوم قال ذات مرة (إن هذا حلم)، أن يكون هناك استقلال وان يكون هناك إقليم كردي مستقل أو وطن للأكراد، هذا حلم، وهذا الحلم ربما هكذا يفهمه الأخوة في (الاتحاد الوطني) لكن ربما في (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذي يرأسه مسعود البارازاني، غير ذلك، فهم يفكرون أن هذا الحلم ربما يتحقق في يوم من الأيام، أنا اعتقد أن هناك من يطلق بالونات الاستقلال، على أساس أن يوم عيد نوروز (21 اذار/ مارس) سيكون إعلانا للاستقلال كما سمعنا في الأخبار وربما هي شائعات يطلقونها متعمدين".
واسهب المقدادي: "اعتقد أنها نوع من الضغوط السياسية على الدولة الاتحادية كي تتساهل في موضوعات كثيرة خاصة بما يتعلق بموضوع النفط وحرية تصديره، لاني اعتقد الآن انه ليس من السهولة جدا أن تعلن دولة كردية في هذا الوضع المتأزم في سورية وتركيا وإيران وفي العراق أيضا، الدولة عندما تعلن، لابد أن تعلن في مناخ صحي ومناخ طبيعي ومناخ مستقر، وهذه العوامل غير موجودة، فكيف تولد دولة بهذا المناخ المتأزم، اعتقد أن هذا ليس حلما وإنما هو الآن يبدو لي كارثة إذا ما أعلنت هذه الدولة، كارثة على الأكراد قبل ان تكون على العراق وعلى المنطقة".
واضاف: "اعتقد أن شائعات الانفصال هي نوع من الضغوط السياسية على الحكومة الاتحادية كي تذعن لبعض المطالب الكردية خاصة فيما يتعلق بموضوع المادة (140) وقضية كركوك والمناطق المختلف عليها، وهم يقولون المتنازع عليها، وكأن دولة تنازع دولة، وهذا خطأ طبعا، اعتقد هي نوع من الضغوط، والأخوة الأكراد دائما يمارسون على الحكومة ضغوطا على الدولة الاتحادية كي ينعموا بما كانوا ينعمون به في زمن النظام السابق، حيث إنهم منذ عام 1991 إلى عام 2003 كانوا بعيدين عن السلطة، هم يريدون الآن أن يكونوا بعيدين أيضا أو أحيانا يريدون ان يستفيدوا من هذه الدولة المركزية، وفي الوقت نفسه يريدون الانعتاق منها".
عملية ضغط وخارطة كبيرة
أما الكاتب والمحلل السياسي عبد الامير المجر فقد قال: "لاشك أن حلم الدولة الكردية موجود عند الأكراد منذ بعيد، منذ تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في مهاباد عام 1946 عندما كانت الخارطة الكردية القومية موجودة والعلم موجود الذي هو نفسه ألان، ولكن في اعتقادي أنا كقارئ سياسي أن ما يقوم به الأكراد هو عملية ضغط وطرح خارطة كبيرة كي يحصلوا على الخارطة الممكنة، أي أن الخارطة الحالية هي وسيلة ضغط لخارطة ممكنة باستخدام مختلف أدوات الضغط، لأنه طالما الولايات المتحدة الأميركية خرجت من العراق دون أن تعطيهم (كركوك) فأعتقد أن من الصعب بل من المستحيل أن تكون كركوك ضمن كردستان، لاسيما أن عملية التوازن الدولي والموقف التركي والموقف الإيراني، بالإضافة إلى الموقف العراقي، لذلك لا اعتقد ان الامر قابل للتنفيذ".
وأضاف: "الأكراد يقولون نحن ما لم نكن شركاء، وفق طريقتهم طبعا وهم لديهم تطلعات بالانفصال ، ولبكن الواقع الدولي لايسمح لهم، والتهديد نوع من أنواع الضغط، لكن الحكومة العراقية والقادة السياسيين العراقيين يدركون جيدا أن التهديدات الكردية غير واقعية، لأن معطيات الواقع السياسي للمنطقة لا يسمح بتنفيذ هذه التهديدات".
 
نسبة البطالة ارتفعت بعد الثورة
الفساد والابتزاز يهددان برامج التشغيل في تونس
عبدالاله مجيد
عندما ثار شباب بلدة كاسرين التي يطل عليها جبل الشمبي الفاصل بين تونس والجزائر على نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل عام ، نالوا سمعة بطولية بتحديهم رصاص الشرطة. وقُتل منهم 20. وكان في مقدمة مطالب المحتجين توفير فرص العمل. ولكن مسؤولين في البلدة يتحدثون الآن عن اختراق عصابات لبرامج تشغيل الأيدي العاملة في البلدة.
موقع إيلاف...إعداد عبدالإله مجيد: نقلت صحيفة الغارديان عن المحامي ماهر بوعزيزي (38 عاما) الذي تولى رئاسة مجلس كاسرين منذ ايار/مايو ان هذه العصابات "ليست مافيا صغيرة بل مافيا كبيرة". وأوضح بوعزيزي انه خلال التحقيق في حجم هذه التجارة بفرص العمل تلقى تهديدات وان اشخاصا جاءوا اليه من احد الأحياء الفقيرة ليقولوا له انهم مكلفون بتحذيره من ان "آخرين" قد يحرقون سيارته. وتلقى مسؤولو الحكومة المحلية للبلدة تهديدات أخطر ، كما أكد بوعزيزي مشيرا الى ان "الوزراء في تونس أنفسهم يعرفون انهم حين يتحركون لاستئصال هذه المافيا سيتعين عليهم ان يتحركوا بحذر".
وكانت الحكومة الانتقالية التي تسلمت مقاليد السلطة بعد الثورة بادرت الى توسيع برامج التشغيل الممولة من ميزانية الدولة في محاولة للاستجابة الى مطلب توفير فرص العمل. ولكن مستوى جديدا من الفساد تفشى بالارتباط مع هذه البرامج التشغيلية لا سيما في بلدة كاسرين حيث لا تبسط الحكومة المركزية إلا سيطرة مهزوزة ، على حد وصف صحيفة الغارديان. كما ان الذين يرتبطون بهذه البرامج يشترون نفوذا بين صغار الموظفين في مكتب الحاكم الاقليمي ، بحسب رئيس مجلس كاسرين المحامي بوعزيزي ومصادر أخرى في البلدة.
وهناك مؤشرات الى ان الحكومة على علم بالمشكلة. وانتقد وزير المالية في الحكومة الجديدة حسين الديماسي الاجراءات الترقيعية للتخفيف من وطأة البطالة قائلا انها كلفت حتى الآن 767 مليون دينار تونسي أو 509 ملايين دولار ولم يتحقق شيء غير "الدوران حول المشكلة دون استهدافها". وندد الديماسي بهدر المال في وقت تفتقر تونس الى الموارد لمواجهة "انفجار الحاجات". وكانت برامج التشغيل العام بدأت في زمن بن علي. ومع تزايد الهجرة من الريف الى الأحياء الفقيرة في المدن استخدم حزب التجمع الديمقراطي الدستوري بزعامته هذه البرامج لنزع فتيل التوتر الاجتماعي وبناء شبكات محسوبية.
وكشفت الثورة في الأرياف عن وجود أزمة مريعة في السكن والنقل والخدمات الصحية والماء والتغذية. وما زالت العائلات الكبيرة عادة تكافح في احيان كثيرة لسد رمقها بالأجور الزهيدة التي يكسبها واحد أو اثنان من افرادها العديدين. وما زالت شبكة الأمان الاجتماعي المهلهلة للنظام السابق هي المعتمدة ولكن سكان المناطق المحرومة لن يتحملوا طول الانتظار بعد اليوم.
وفي بلدة كاسرين على سبيل المثال كانت نسبة البطالة قبل الثورة تزيد على 36 في المئة بين الخريجين، وارتفعت بعد الثورة. ويُرسل المحظوظون الذين تشملهم برامج التشغيل الحكومية للعمل منظفين أو القيام بأعمال يدوية أخرى لا تتطلب مهارة في الدوائر الرسمية أو المستشفيات أو المدارس أو مشاريع الغابات.
ويُقدر ان حوالي 18 الف شخص مسجلون الآن في برنامج التشغيل في منطقة كاسرين كلها. ويتقاضى كل منهم راتبا شهريا من الدولة قدره 250 دينارا تونسيا أو 166 دولارا. ويقتطع مراقبو العمل المرتشون من هذا الراتب ما يصل الى 50 دينارا من كل شخص ، كما يؤكد تونسيون من أهل المنطقة. وإذا بقي العامل في البيت فان مراقب العمل قد يقتطع 100 دينار من الراتب. كما انه يدس اسماء وهمية في سجل العمال الأجراء. ومن بين الوجهاء المحليين الذين يتحدثون ضد هذا الفساد اعضاء سابقون في حزب بن علي ، التجمع الديمقراطي الدستوري ، يطالبون الآن باجتثاث شبكة متداخلة مع عناصر مرتشية محلية كانت تحميها ليلى طرابلسي زوجة بن علي. واشد ما يبعث على القلق ان المسؤولين يعتقدون ان بعض الأموال المرصودة لبرامج التشغيل تُستخدم الآن في تهريب الحشيش والبترول الجزائري والسلاح الى ليبيا. ونقلت صحيفة الغارديان عن الدكتور محجوب احمد قاهري الذي يعمل رئيس قسم في المستشفى المحلي ومراسل صحيفة الشروق التونسية ان مراقب العمل المرتشي في برامج التشغيل هذه يمكن "بسهولة" ان يكسب 60 الف دينار تونسي أو 39 الف دولار شهريا من اقتطاع حصة من رواتب مئات المسجلين في هذه البرامج. ولكن أي حاكم محلي يتحرك ضد هذه العصابات ترد عليه بتعبئة شبكات محاسيبها واتباعها في موجة من اعمال النهب والاعتداءات على المباني العامة ، كما حدث حين عُزل حاكم سابق في تموز/يوليو. وقال قاهري ان الخطر يتمثل في ان كاسرين ستحترق مرة أخرى عندما تتحرك السلطات ضد هذه العصابات.
ولم يتسن الاتصال بمسؤول من وزارة الداخلية في كاسرين للتعليق على هذه الأنشطة الاسبوع الماضي ولكن رئيس مجلس البلدة بوعزيزي استبشر بالنبأ الذي سمعه يوم الخميس عن فتح تحقيق قضائي في اتهامات بالاختلاس ضد واحد من كبار مراقبي العمل في برامج التشغيل. وقال بوعزيزي ان هذه اول مرة يحدث فيها ذلك في كاسرين وهو أمر بالغ الأهمية.
المخدرات والدعارة تتسلل إلى المراهقين
اليأس من تحسن الأوضاع يبعد شباب العراق عن السياسة
موقع إيلاف...وسيم باسم من بغداد
تتفشى في المجتمع العراقي، لا سيما بين الشباب، العديد من الظواهر المقلقة، حيث أدى الإحباط من الواقع الى اللجوء لخيارات اخرى، تبدأ بالتشبه بالغرب في الشكل والسلوك، ولا تنتهي بالدعارة والحبوب المخدرة، في وقت تدنت نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي الى 21 في المائة فقط.
بغداد: ابتعد اهتمام العراقيين لاسيما الشباب والمراهقين، عن متابعة أخبار السياسة والتطورات الأمنية، بل انه لم يعد حتى يتابع وسائل الإعلام السياسي، صابا جل اهتمامه على متابعة المسلسلات التلفزيونية والأحداث الرياضية.
واعتبر الشاب باسم هادي (18) ان اغلب أصدقائه وزملائه يجدون في الندوات التلفزيونية حول الواقع السياسي في العراق "قصصا متشابهة ومملة، وأحاديث يجترها المحللون والسياسيون والنواب، من دون فائدة. ويتابع: "ما أن تظهر حوارات أطراف الكتل السياسية في العراق فان تحويل التلفزيون نحو قناة أخرى أمر لابد منه".
ودعا الى "عدم السخرية من دور الشباب والمراهقين في المجتمع لاسيما وانهم الذين فجروا الثورات في تونس ومصر وليبيا"، مضيفاً "اذا تابعت اخبار مصر فان المحرك الاول للأحداث هم فتيان بين الخامسة عشر سنة والعشرين" . وبحسب بيان برنامج الأمم المتحدة الانمائي عام 2011 فان العراق يعد واحداً من اكبر دول العالم من حيث فئة الشباب فيه، اذ يبلغ عدد السكان دون سن التاسعة عشرة حوالي نصف مجموع سكانه البالغ عددهم 30 مليوناً، وتصل نسبة البطالة بين الشباب العراقيين الى 30 في المئة.
بعيدا عن السياسة
ومن جهته الناشط في قضايا الشباب سعد فياض، أكد ان هناك "بالفعل استياء جمعي من مسار السياسة في العراق، لكن الحديث عن الشباب والمراهقين في العراق، يجعلنا نخوض في اهتماماتهم التي تسبب في ابتعادهم عن قضايا بلادهم" .
ورأى ان "اجترار المشهد السياسي في العراق وعقم العملة السياسية برمتها - وهو امر متفق عليه بين الصغار والكبار – ليس سببا في اللا مبالاة التي يبديها المراهقون لقضايا بلادهم، بل أن هناك اسبابا اقتصادية واجتماعية وسياسية لها دور في ذلك .
وتابع: "بشكل عام فان المراهقين في العراق من كلا الجنسين شانهم شان المراهقين في البلدان الأخرى يسعون الى تأكيد ذواتهم عبر الكثير من الممارسات والفعاليات ، في سعي إلى لفت الأنظار، عبر تأكيد الاستقلالية في ممارسات مثل التدخين وترك مقاعد الدراسة بغية العمل في مهنة معينة ، لتوفير مصدر رزق معين ، إضافة إلى إتباع موضات مستوردة مثل رسم الوشم "التاتو"، و ارتداء الملابس الملفتة للانتباه". ويقصد بالمراهق في علم النفس الفئة العمرية التي تقع بين 15 – 17 عاما .
ويقول الباحث الاجتماعي أمين العاملي ان الشاب العراقي معرض اليوم أكثر من أي وقت مضى الى الضغوط الاجتماعية والنفسية، بسبب الانفتاح الاقتصادي والإعلامي والاجتماعي على العالم . ويعترف العاملي أن بعض الأسر تعجز عن السيطرة على توجهات أبناءها بسبب ذلك، وفي نفي الوقت فانها لا تستطيع تلبية كل متطلباتهم .
وعلى يد المراهقين العراقيين ، تجد "موضات" غريبة طريقها إلى المجتمع، حيث تشغل لمياء صالح (20 سنة) نفسها بعدما تركت مقاعد الدراسة في تقليد ما ترتديه الممثلات في المسلسلات التي أدمنت عليها الى درجة أثارت حنق أهلها.
وعلى رغم ارتداء الحجاب بين الفتيات المراهقات الا ان ذلك، بحسب الناشطة الشبابية هيفاء حسن، "أسلوب لمظهر معين وليس نتاج التزام ديني ، بل ان مراهقات بدأن يتفنن في ارتداء حجاب عصري يستجيب للموضة أكثر من استجابته لمتطلبات الشرع والدين".
مؤشرات تدعو للقلق
وأشار تقرير تحليلي أعدته جامعتا بغداد والرافدين بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان العام 2011 الى ان مؤشرات تنمية الشباب تدعو للقلق حيث تصل نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي 21 في المائة فقط ومعدلات الأمية والبطالة بينهم مرتفعة حيث تجاوزت نسبة البطالة بين الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما نحو ستين في المائة.
وفي سعيها لتسخير طاقات الشباب والاستفادة من اوقات الفراغ لديهم، تخطط وزارة الشباب والرياضة العراقية لافتتاح نحو خمسين من المنتديات لتنمية المهارات والإمكانات الذاتية للشباب .
ومن جهة أخرى، يرى الشاب بكر هاشم (19 سنة ) ان التدخين بالنسبة له امر يتعلق بشخصيته، لانه دليل على استقلاليته واعتماده على النفس. ويتابع : "لا يمكن وصف التدخين ضمن العادات السيئة لان والدي يدخن، واذا حاول منعي فانه عليه ان يتوقف عن التدخين اول"ا. ويسرح هاشم شعره وفق ستايل غربي بطريقة "سبايكي"، محاولا لفت الأنظار الى أسلوبه في الحياة. وفي منحى أكثر خطورة، يتناول سعد حسن (17 سنة) الحبوب المخدرة حتى في أوقات الدوام المدرسي، وفي ذات الوقت فان بعض أصدقائه يقبلون على المشروبات الكحولية بين الفينة والأخرى بعيدا عن أعين الناس .
ولازال التحصيل الدراسي والمصاريف الشخصية موضع خلاف دائم بين حسن ووالده، الذي لا يسمح له بتجاوز الخطوط الصارمة التي وضعها له . وبين سعي المراهق الى اقتناء التقنيات الحديثة مثل الموبايل الحديثة الطراز، والملابس التي تتماشي مع الموضة، اضافة الى متطلبات أخرى، فان بعض الأسر تجد في ذلك نوعا من الترف الزائد، وتسعى الى اضطهاد الابن للكف عن متطلباته الكثيرة هذه ، وفي ذات الوقت تسعى الى الضغط عليه لإجباره على العمل آو الدراسة .
الدعارة
ورصد الباحث الاجتماعي سليم حسن أكثر الظواهر خطورة بين المراهقين وهي الدعارة . وأوضح انه على الرغم من انها ظاهرة محدودة وتجري في نطاق ضيق وبسرية كبيرة لكنها مرشحة للانتشار بسبب وسائل الإعلام، والانفتاح الاجتماعي.، مستلاً بانتشار الدعارة بين فتيات مراهقات في بيوت الدعارة والملاهي والنوادي الليلية .
ولفت إلى ان الظاهرة برزت كثيرا في سوريا حيث تعمل الكثير من المراهقات العراقيات في هذا المجال الا انها تزدهر اليوم بسرعة في العراق عبر فعاليات جنسية سرية . وتتحدث الفتاة هناء حنا ( 22 سنة ) عن رحلة اهلها الى سوريا منذ خمس سنوات حيث اضطرها الظروف المادية الصعبة الى جانب صديقات عراقيات حيث اضطرت للعمل في ملهى ليلي . لكن اضطراب الأوضاع في سوريا اضطرها الى العودة الى العراق حيث تأمل في إكمال دراستها الثانوية.
وتقول هناء وهي تضع السيكارة في فمها ان الوقت يمضي سريعا بالنسبة لها بعدما قضت سنينا في عمل تصفه بالشائن . وتسعى هناء الى ترك مهنتها السابقة والعودة مجددا لممارسة حياة طبيعية بعيدة عن سهرات الليل . لكن هناء تعترف ان الضغوط الاقتصادية عامل حاسم في تحديد قدرتها على الصمود بوجه الإغراءات التي تقدم لها من قبل أصحاب النوادي الليلة ومتعهدي الحفلات.
وفي سياق متصل، يعد العراق اقل الدول المجاورة له في أعداد حمل المراهقات، لكن المعدل ازداد بشكل طفيف منذ العام 2003 و وصل إلى ذروته في العام 2005 لكن انخفض في السنتين الأخيرتين ، بحسب الطبيب سعيد كامل الذي له بحوث ميدانية في هذا الشأن .
لكن حالات الإجهاض في العراق استمرت على ذات الوتيرة منذ التسعينيات بين المراهقات، وهي مازالت حالات قليلة مقارنة بأعدادها في دول العالم.
أصحاب سوابق
وبسبب ترك بعض المراهقين العراقيين للدراسة فانهم يلجئون الى الشارع كمكان رئيسي لقضاء يومهم اما عبر ممارسة اعمال معينة تجلب لهم قدرا من المال او عبر مرافقتهم لأصدقاء السوء .
وبسبب ذلك تحول الكثير من المراهقين والشباب الى أصحاب سوابق، ويروى سعد لفتة (18 سنة) كيف ان سبل العيش ضاقت به فاضطر الى سرقة بيت أودع على أثرها السجن، وفي ذات الوقت يتحدث سعد عن أصدقاء له لم يتجاوزوا العشرين من العمر يمتلكون مئات الالاف من الدولارات . ويرى الأخصائي في علم النفس كريم حسين ان اغلب الآباء في العراق يتصرفون مع أبنائهم المراهقين بصورة متعالية ، ولا يجيدون تبادل الحوار معهم . وأشار الى ان البعض منهم لا يطيق الجلوس للحظات للاستماع الى مشاكل وأفكار الأبناء المراهقين. وتابع: "اسأل بعض الآباء ممن يعانون منذ شذوذ أبنائهم المراهقين فيما اذا كانوا قد نظموا جلسات حوار معهم ، لكن النتيجة دائما سلبية".
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,703,195

عدد الزوار: 6,962,036

المتواجدون الآن: 69