تقارير ...اضربوهم ولكن ... ليس أمام الكاميرات....الأخوة ـ الأعداء في السودان: انزلاق إلى حرب... أم تمهيد لتسوية؟...هل من واقعية لتحالف تركي ـ كردي؟

جهاديون أردنيون قتلوا في سورية ووثيقة للمقدسي تنبذ العنف في المملكة

تاريخ الإضافة السبت 28 نيسان 2012 - 7:38 ص    عدد الزيارات 2301    التعليقات 0    القسم عربية

        


جهاديون أردنيون قتلوا في سورية ووثيقة للمقدسي تنبذ العنف في المملكة
الحياة...عمان - تامر الصمادي
 

في حي الزواهرة المطل على سجن بيرين وتلال العاصمة الأردنية عمان كان اللقاء مع واحد من قياديي التيار الجهادي يدعى منيف سمارة، وهو طبيب عام يمتلك في المدينة ذاتها مركزاً طبياً يعالج فيه مجاناً أفواجاً من الفقراء واللاجئين السوريين، الذين يقصدون المدن الأردنية هرباً من أعمال العنف التي تشهدها بلادهم منذ أكثر من عام.

لقاؤنا الطبيب سمارة لم يكن عابراً أو كغيره من اللقاءات التي جمعتنا بقيادات وعناصر التيار المراقَبين من جهاز المخابرات العامة، فالرجل الذي ارتدى الثوب الأفغاني - وهو عبارة عن قميص طويل وسروال قصير - وأرخى لحيته إلى حد يستطيع أن يقبض عليها بيده تطبيقاً لسنّة الإســـلام كما يقول؛ كشف للمرة الأولى في تاريخ التـــيار عن وثـــيقة يتـــخلى الجهاديون بموجبها عن العمل المسلح في الأردن. قال إنها صيغت بخط يد المرشد الروحي للجهاديين عصام البرقاوي الملقب بـ «أبو محمد المقدسي» والمعتقل حالياً في السجون الأردنية بتهم تتعلق بالإرهاب.

ساعات طويلة قضيناها برفقة سمارة الملقب بـ «أبو خالد» متنقلين في سيارته السوداء الأميركية بين مركزه الطبي ومنزله الفاره المطل على منطقة بيرين، وبين مسجده القريب من المنزل الذي يحرص على أن يؤدي فيه كل الصلوات. وفي ذلك اليوم المشمس تحدث الرجل كثيراً عن قضايا تتعلق بمراجعات المقدسي وموقف الجهاديين مما يجري في سورية.

على مائدة الطعام التي أعدّتها زوجته الفرنسية التي مثُلت مراراً أمام قسم مكافحة الإرهاب في المخابرات الأردنية، بتهم ترجمتها مؤلفات المقدسي إلى اللغة الفرنسية، تحدث سمارة عن إدانة الأخير لأعمال العنف في الأردن، وقال إن أعداداً من الجهاديين قرروا الهجرة إلى «الأراضي الشامية»، ليقاتلوا إلى جانب «إخوانهم من أهل السنّة والجماعة».

ويبدو أن التغيرات التي طرأت على المقدسي، جاءت تؤكدها الوثيقة التي حصلت «الحياة» على نسخة منها، بعدما أكد صحتها الكثير من قيادات التيار. صفحات الوثيــقة تحدثت عن رفض المقدسي لما سمّاه «الأعمال المادية العشوائية ضد النظام الأردني»، وهو ما اعتبره خبراء في شؤون التيارات الجهادية تحولاً جذرياً لدى قيادة التيار، التي طالما تبنت في السابق أعمالاً تفجيرية على الأراضي الأردنية.

نقاط عدة تضمنتها الوثيقة، أهمها قول المقدسي إن «ساحة الأردن حساسة، وهي على قرب من ساحات كثيرة مشتعلة، وهي أرض رباط وإسناد لصمود إخواننا في فلسطين، لذلك يجب التأكيد أن ليس من إستراتيجية دعوتنا في هذا البلد؛ الأعمال المادية العشوائية ضد النظام».

كما تضمنت رفض المقدسي «استهداف مؤسسات النظام أو ضباطه أو نحو ذلك من الأعمال المادية، والتجارب التي زجت بكثير من الشباب في السجون من دون أي فائدة للإسلام والمسلمين، بل إنها كلفتهم زهرة شبابهم، وخسائر لا تعد ولا تحصى».

وسطاء

الوثيقة التي عنونها المقدسي بعبارات «ميثاق أو منــهاج أو توجيـــهات وإرشادات» أشارت إلى وجوب تضمنها خطوطاً عريضة «لضبط الدعوة والشباب، وتجنيبهم العشوائية والفوضى والأعمال المادية».

وقد حذرت الوثيقة من «الفتوى بلا علم، والخوض في مسائل التكفير لما يبنى عليها من استحلال الدماء والأموال».

مصادر مقربة من مطبخ صنع القرار الأردني، كشفت لـ «الحياة» أن المقدسي أرسل نسخاً من الوثيقة المذكورة عبر وسطاء إلى الديوان الملكي والحكومة اللذين رحبا بها، في حين أعلن جهاز المخابرات العامة تحفظه على الكثير من البنود التي تضمنتها الوثيقة، وطالب مُصدرها بالمزيد من التراجعات.

التحفظ الأمني المذكور كشفت عنه وثائق أخرى مطبوعة حصلت «الحياة» على نسخ منها، تضمنت شروحات موسعة من جانب المقدسي للوثيقة الأولى المكتوبة بخط يده. وقد ظهرت على الوثائق ذاتها توصيات أمنية كتبت بخط اليد، تضمنت شطباً وتعديلاً وإضافة على البنود.

وأظهرت إحدى الصفحات اعتراض المؤسسة الأمنية على بند قال فيه المقدسي بضرورة «التعريف بنعم الله على التيار الجهادي في الأردن»، وهو ما اعتبر أمنياً إصراراً من المقدسي على «عدم الاعتراف بأخطاء التيار».

وعندما «حذرت» الوثيقة من استهداف مؤسسات النظام، ظهرت توصية أمنية أخرى تدعو المقدسي للانتقال من مربع التحذير إلى إصدار فتوى «تحرم الاعتداء على مؤسسات الدولة».

كما دعا المقدسي إلى إضافة عبارات تؤكد أن أفراد الأجهزة الأمنية من «أبناء جلدتنا» وأن ما يتضمنه الميثاق بعد إجراء التعديـــلات الأمنـــية المطلوبة سيكون ملزماً للتيارات الجهادية في الدول الأخرى، الأمر الذي رفضه المقدسي، وفقاً لمقربين منه.

محمد أبو رمان أعد دراسة مطولة عن تحولات التيار السلفي الجهادي في الأردن، وهو أحد الوسطاء الذين زودوا الجهات الرسمية بوثيقة المقدسي. يقول إن «جهات في الدولة رفضت التعاطي مع الوثيقة التي تبنت سلمية الدعوة». وبرأيه، فإن قضية السلفيين في الأردن «ليست حقوقية، وإنما قضية سياسية يعاقب عليها التيار بسبب توجهه إلى العمل السلمي».

ويشرح أبو رمان أن ثمة في السلفية الجهادية «جيلاً قيادياً جديداً يؤمن بسلمية الدعوة».

ويرى القيادي الشاب وسام العموش وهو أحد أبرز الجهاديين الذين اعتقلوا لسنوات في سجن غوانتانامو، أن أجهزة الأمن ترفض توجه التيار السلفي الجهادي نحو السلمية باعتباره «بئر النفط الكبير الذي يجلب لها الأموال من الخارج، لمكافحة ما يسمى الإرهاب».

السلفي الجهادي الدكتور صلاح العناني يؤيد سلفاً وثيقة المقدسي، ويقول إن تياره «يرفض أي أعمال عنف على الأرض الأردنية».

ويقرر العناني أن «حلبة الجهاد مقتصرة على قتال الصهاينة والاحتلال في أفغانستان والعراق، وغيرهما من دول الإسلام التي يتعرض فيها المسلمون للقتل والتعذيب».

وعلى رغم وجود تيار عريض في السلفية الجهادية يتبنى الخيار السلمي في الأردن تمثله القيادات الجهادية المعروفة (تيار أبو محمد المقدسي)؛ فإن هناك تياراً آخر يغلب عليه العنصر الشبابي يدعو إلى التمسك بالعمل المسلح (تيار أبو مصعب الزرقاوي).

قيادات هذا التيار ترفض بشدة التحدث إلى وسائل الإعلام خوفاً من الكلفة الأمنية الباهظة التي قد يدفعونها، مؤكدين كفر (الطوائف والأعيان) في إشارة إلى مؤسسات الجيش والأمن والعاملين فيها. وهم يرون استناداً إلى أدبياتهم؛ جواز استهداف مؤسسات النظام الحساسة، وعلى رأسها مقرات الأمن والمخابرات.

خيانة وتآمر

وأخيراً ظهرت على مواقعهم ومنتدياتهم الإلكترونية، انتقادات شديدة لتيار المقدسي الذي اتهموه بالخيانة والتآمر على «الجهاد»، تحت أسماء مرّكبة عرف منها «أبو قدامة الأردني» و «أبو الجراح الفلسطيني» و «المهند الياسر».

ويقول أحد هؤلاء الذين التقتهم «الحياة» إن «الجهاديين في الأردن لن يقايضوا على مواقفهم، وإن الدعوة بالسنان ستبقى من أهم وسائلنا لتطبيق الشريعة».

ووسط احتدام الجدل بين تياري السلفية الجهادية؛ فإن ملفاً كالشأن السوري بدأ يعتبره الجهاديون عامل تجميع ووحدة لجميع المنخرطين في التيار. وهنا يتحدث القيادي سمارة بوصفه في الدائرة الأقرب الى المقدسي وحافظ أسراره، عن مقتل اثنين من أعضاء التيار الأردني في سورية خلال الأسبوع الفائت، هما عبدالله عزام الخلايلة من مدينة الزرقاء، وحمزة المعاني من مدينة معان الجنوبية. ولا يتردد سمارة في القول بأنهما «قضيا شهيدين» بعدما شاركا في قتال الجيش السوري النظامي. ولا يستبعد أيضاً سقوط قتلى آخرين من التيار الأردني.

معلومات أكيدة حصلت عليها «الحياة» من قيادات التنظــــيم السلفي، تحدثت عن اعتــقال الأمن الأردني أخيراً خبير المتفجرات الأول في التيار الجهــادي عبدالله قباعة و8 آخــــرين من السلفيــين، بالقرب من الشريط الحدودي بين الأردن وسورية، أثناء محاولتهم التسلل إلى الجارة الشمالية، للقتال ضد النظام السوري.

ويتحدر قباعة الذي أنهى عقده الثالث من مدينة معان، وقد تنقل بين أفغانستان والعراق. وتفيد المعلومات بأنه شارك في القتال إلى جانب أبو مصعب الزرقاي، الذي قضى في بغداد عام 2006.

في شمال المملكة حيث مدينة إربد التي تبعد عن درعا السورية بضعة كيلومترات، نفى القيادي الجهادي عبد الشحادة المعروف بـ «أبو محمد الطحاوي» علمه بالموضوع، وقال بضرورة المشاركة في ما سمّاه (جهاد الدفع) في أي دولة كانت عن تحقق المقدرة. ويتحقق جهاد الدفع وفق الطحاوي حينما «يصول الحاكم على دماء المسلمين وأعراضهم، وعندما لا يطبق الشريعة».

 

 

اضربوهم ولكن ... ليس أمام الكاميرات
الحياة..القدس المحتلة - امال شحادة
 

ربما كان مشهد المقدم في الجيش الإسرائيلي شالوم إيزنر، وهو يضرب بعقب بندقيته متظاهر السلام الدنماركي ويوقعه أرضاً ثم يعتدي على خمسة آخرين من نشطاء السلام الأجانب والفلسطينيين في المكان نفسه، ربما كان مفاجئاً لمن شاهده في الدنمارك أو في مختلف دول العالم، لكنه لمن شاهده من فلسطينيين وإسرائيليين، كان مجرد استمرار لعنف متصاعد يمارسه الجنود الإسرائيليون بحق الفلسطينيين ومن يشاركهم من أجانب في تظاهراتهم ونشاطاتهم الاحتجاجية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.

في إسرائيل، خرج سياسيون وعسكريون، بتصريحات يرفضون فيها هذا العنف ويستنكرونه. وفور ظهور صور ذلك المقدم رددوا ما سمعناه سابقاً: «هذه ليست من أخلاقيات الجيش الإسرائيلي». لكن الحقيقة، وكما رآها العديدون، أن السياسة الإسرائيلية في التعامل مع ملفات عنف سابقة وشكاوى مقدمة ضد جنود وضباط، التي لم تضع الخطوط الحمر أمام شالوم ايزنر وغيره من الضباط والجنود، لم تكن رادعاً لهذا الضابط أو غيره يمنعه من استخدام العنف، الذي وصل في حالات غير قليلة إلى حد القتل، وليس فقط للفلسطينيين، إذ أن راشيل خوري، الأميركية، قتلت على مرأى من الكاميرات قبل بضع سنوات. ومن اعتبر حادثة الاعتداء على المتظاهر الدنماركي حادثة فردية إنما أخطأ أو تجاهل حقيقة أن الضباط والجنود الذين تواجدوا في المنطقة نفسها لم يحركوا ساكناً بل وقفوا متفرجين على أعمال ايزنر. ومن تابع مشاهدة المقاطع المصورة بكاميرات فلسطينية، يكتشف كيف شارك آخرون من الجنود في تعنيف النشطاء الأجانب ومن رافقهم من فلسطينيين. فقد تصرفوا على نحو هستيري واستخدموا مختلف أساليب العنف، وظهر بعضهم وهم يدفعون بالنشطاء جانباً ويحملون الدراجات الهوائية التي تنقل بها النشطاء الأجانب ورموها بعيداً.

والحقيقة الأخطر كشفها ايزنر بذاته عندما أطلق أول رد له قائلاً: «ربما كان من الخطأ المهني استعمال السلاح أمام عدسات التصوير». تعقيب ايزنر هذا يشي بأن كل ما قيل في أعقاب الحادثة صحيح. إن الضجة التي أعقبت الاعتداء على الدنماركي جاءت لأن الصور كشفت الاعتداء ولأن المعتدى عليه كان دنماركياً. وهو نقطة في بحر من الاعتداءات التي يمارسها الجنود والضباط بحق الفلسطينيين... بعيداً عن عدسات الكاميرا.

حديث ايزنر عن خطأ استخدام الأسلحة أمام الكاميرا يؤكد من جديد أن الاعتداءات على الفلسطينيين تحظى بدعم غير مباشر من خلال تعامل المسؤولين والمؤسسات العسكرية والقضائية مع مرتكبي جرائم العنف هذه والتساهل معهم. والمعطيات المتوافرة لدى جمعيات حقوق إنسان وأخرى قضائية تشير إلى أن الغالبية العظمى من الملفات التي فتحت ضد الضباط والجنود أغلقت من دون أي عقاب، حتى في ملفات قتل فيها فلسطينيون. ومن هنا تتكثف الجهود لدى جمعيات ومؤسسات لكشف هذه الحقيقة والمطالبة بتغيير السياسة الإسرائيلية تجاه جرائم العنف ضد الفلسطينيين.

رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، استبق ردود الفعل على عنف جنوده بالترويج لسياسة جديدة في التعامل مع الضباط والجنود الذين ينفذون أعمال عنف كهذه. وحسم في قرار إبعاد ايزنر ومنعه من الحصول على ترقيات لمدة سنتين وأمر بفتح ملف تحقيق بالقضية. وفي محاولة منه لتحسين صورة جيشه أمام المجتمع الدولي، في أعقاب ما ألحقته مشاهد الاعتداء من إساءة لإسرائيل، أسرع غانتس إلى إعداد رسالة إلى كل جندي يحدد فيها ما يجوز وما لا يجوز من ممارسات في أثناء نشاطه العسكري في الأراضي الفلسطينية أو تجاه فعاليات ونشاطات يشارك فيها أجانب.

ومن أبرز ما تضمنته الرسالة حديث غانتس صراحة عن خطوات تخفف من الأضرار التي ألحقتها صور الاعتداء على الناشط الدنماركي بإسرائيل في مختلف أنحاء العالم.

وجاءت الرسالة بعد ما ارتفعت الأصوات الإسرائيلية التي تنتقد سياسة القيادتين السياسية والعسكرية في تعاملها في هذه القضايا. وهناك من تطوع لأن يقدم النصائح للجيش في كيفية التعامل. ايتان هابر، الذي شغل في السابق منصب مدير مكتب الرئيس الأسبق للحكومة الإسرائيلية، اسحق رابين، وصف المقدم ايزنر بـ «الغبي». وهابر لم يدافع عن المتظاهرين ومن شارك في حملة «أهلاً بكم في فلسطين» الذين اعتبر نشاطهم عملاً استفزازياً لإسرائيل وجيشها، بل حرص على تقديم نصائح تهدف بالأساس إلى الحفاظ على سمعة الجيش الإسرائيلي في العالم. ورأى أن أول خطوة يتوجب تنفيذها، هي إرسال ايزنر فوراً إلى البيت بسبب غبائه.

وقال هابر: «في وضع كهذا يتربص فيه الكثيرون للجيش الإسرائيلي وتشق كل صورة طريقها إلى استوديوات التلفزيون في العالم، من أقصاه إلى أقصاه، ينبغي أن تتوافر نسبة ذكاء متوسطة وما فوق لدى المرء كي يفهم بأن كل عمل شاذ من جانب ضابط من الجيش الإسرائيلي سيحظى بآلاف الأصداء. والضرر الذي سيلحق بسمعة وصورة دولة إسرائيل جسيم للغاية». ومن وجهة نظر هابر فان كل العالم «يتربص» بدولة إسرائيل ولا أحد يقدم لها التنازلات عبر ما اسماه «محكمة وسائل الإعلام».

وهابر كغيره من الكثيرين في إسرائيل اعتبروا السياسة التي اتبعتها إسرائيل في مواجهة حملة «أهلاً بكم في فلسطين»، ليس فقط شجعت ايزنر وأمثاله على الاعتداء إنما ساهمت في شكل كبير في الإساءة إلى صورة إسرائيل في العالم. ورأى هابر أن متخذي القرار بالغوا في التعامل مع منظمي الحملة وكان أفضل رد هو تجاهلهم. ويقول: «عن كم تظاهرة سمعنا أو قرأنا في السنة الأخيرة؟ تقريباً ليس عن أي منها. وذلك لأنه لا ولم يحصل أي شيء. المتظاهرون يبحثون بالذات عن العناوين الرئيسة»، ويضيف: «حتى لو كان صحيحاً الخبر عن أن المتظاهرين اعتزموا خرق النظام في المطار، ما كان هناك أي سبب يدعو إلى الصخب المسبق الذي أبدته قوات الأمن».

200 ملف تحقيق و6 لوائح اتهام

الاعتداء على الناشط الدنماركي فتح من جديد ملف الفلسطينيين ضحايا اعتداءات الجيش الإسرائيلي وتعامل المؤسسة العسكرية الذي يشجع هذه الاعتداءات. وبحسب معطيات «بتسيلم»، فقد فتح حتى نهاية العام الماضي 200 ملف تحقيق يتعلق باستخدام الجنود العنف والتنكيل بالفلسطينيين. ومن هذه الملفات لم تقدم سوى ست لوائح اتهام وأغلق 134 ملفاً فيما التحقيق مستمر في بقية الملفات.

وبحسب التدابير العسكرية في الجيش فإن الشرطة العسكرية تبدأ التحقيق في الشكوى المقدمة ثم تقدم الاستنتاجات لتنظر فيها النيابة العامة العسكرية وبعد ذلك فقط يتم اتخاذ قرار إما بإجراء محاكمة جنائية في المحاكم العسكرية أو يقفل الملف أو يرفض. وبحسب توقعات المطلعين على الملفات فإن حادثة المقدم ايزنر ستنتهي كغالبية الملفات بالاكتفاء بحكم تأديبي.

وتعكس تقارير جمعيات حقوق الإنسان وما تشمله من معطيات حول حوادث اعتداء على الفلسطينيين سياسة تعامل الشرطة العسكرية في شكاوى ضد ضباط وجنود استخدموا العنف والتساهل معهم، على عكس ما حاول إظهاره قياديون في الجيش في أعقاب الاعتداء على الناشط الدنماركي. وأبرز هذه الحالات:

- قائد كتيبة في سلاح المدرعات يدعى دافيد كيمحي، التقطته عدسة الكاميرا وهو يضرب بخوذته متظاهراً فلسطينياً على بطنه وعلى رأسه. وقد بدأت الشرطة العسكرية التحقيق ولكن تقرر عدم تقديم لائحة اتهام ضده. وقدم إلى محاكمة تأديبية قررت تأخير ترقيته سنتين. وبعد مرور السنتين ترقى في وظيفته وهو اليوم رئيس قسم النظرية القتالية في شعبة العمليات.

- إطلاق النار على رجلي ناشط يساري في أثناء تظاهرة تم خلالها قطع أجزاء من جدار الفصل. بعد سنة من الحادثة فقط ومع انتهاء تحقيق الشرطة العسكرية، قررت النيابة العامة العسكرية عدم محاكمة الجنود والقادة الذين شاركوا في إطلاق النار، في محاكم جنائية. وقد حوكم فقط قائد السرية آنذاك شاي كالبر محاكمة تأديبية، لكن تم ترفيع رتبته بعد ذلك ويعمل اليوم قائد كتيبة في لواء غولاني.

- إطلاق قنبلة غاز، من مدى قصير، على بسام أبو رحمة خلال تظاهرة في بلعين احتجاجاً على إقامة جدار الفصل العنصري. الضحية توفي متأثراً بجروحه وهو في طريقه إلى المستشفى. بعد أكثر من سنة قررت النيابة العامة العسكرية التحقيق في الحادثة... وما زال التحقيق جارياً.

- خلال الشهر الماضي هاجم كلب من وحدة «عوكتس» متظاهراً قرب القرية الفلسطينية كدوم. وما يزال التحقيق جاريا ، ولم يُفتح له حتى الآن ملف في الشرطة العسكرية. وقد اعتبر قائد الفرقة حجاي مردخاي، ما حدث «خطأ».

- شكوى أخرى ضد قائد سرية احتياط يدعى ينير عميحا. التقطته عدسة الكاميرا وهو يعتدي على متظاهرين عند حاجز الظاهرية. وأظهرت الصور اعتداءه الوحشي على أحد المتظاهرين حيث راح يركله ويضربه بسلاحه في مختلف أنحاء جسمه. بعد الحادثة بدأ تحقيق الشرطة العسكرية لكن النيابة العامة العسكرية قررت عدم محاكمته جنائياً بل تأديبياً.

 

 

 

الأخوة ـ الأعداء في السودان: انزلاق إلى حرب... أم تمهيد لتسوية؟
جريدة السفير...هيفاء زعيتر
يصعب الحكم بما ستؤول إليه الأزمة بين «الإخوة - الأعداء» في شمالي السودان وجنوبه، وسط تضارب الروايات بين طرفي النزاع. كل طرف يُحمّل الآخر مسؤولية ما وصلت إليه الأمور. الشمال كما الجنوب، يعتبر هجليج – الثروة (النفطية) حقاً له من دون منازع.
ظروف التهدئة التي سادت بعد «انسحاب» جيش جنوبي السودان من هجليج لم تتضح بعد. ما بات واضحاً هو أن لا مكان للتفاؤل كثيراً، فكلا الطرفين على أتم الاستعداد لأي تصعيد محتمل.
بالأمس، خرج مسؤولون عسكريون من جنوب السودان ليؤكدوا أن طائرات سودانية قصفت مجددا مناطق عند الحدود مع السودان. لم يردّ الشمال على الاتهام، لكنه واجه باتهام آخر مفاده أن «الجنوب» قد «أساء معاملة» 13 جندياً شمالياً اعتقلوا أثناء المعارك الدائرة في هجليج قبل أسبوعين، عبر تعريضهم للضرب والإهانة. يُذكر أن جنوب السودان سلّم الأسرى أمس لمسؤولين مصريين قاموا بنقلهم إلى القاهرة ومن هناك إلى الخرطوم.
ما يحصل اليوم أشبه بـ«لعبة بوكر تدور بالاتجاه الخاطئ».. توصيف شخّصت به مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية الوضع بين الطرفين. «منذ استقلال الجنوب في تموز العام الماضي، والطرفان يتصارعان حول مجموعة من القضايا الخلافية أهمها: ترسيم الحدود وسبل توزيع الثروة النفطية».
وبعدما كانت المفاوضات السابقة قد وصلت إلى نقطة ميتة، يصبح سؤال المجلة الفرنسية «مشروعاً»: هل يكون الجنوب قد اتخذ من هجليج سلاحاً للعودة إلى طاولة المفاوضات باقتراحات أكثر ملاءمة؟ وكذلك تعليق مدير المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي مارك لافيرن الذي قال إن «الشمال استفاد من الأمر لتوجيه تحذير جدّي إلى الجنوب».
يستطرد لافيرن في شرح «حيثيات لعبة البوكر الأخوية في السودان»، ليقول إن «احباطات الانفصال تتراكم في الشمال»، في وقت يعتدّ الجنوب بـ«النعمة المزدوجة» التي يغرق بها: الثروة الطبيعية والدعم الدولي (أميركا وإسرائيل بشكل أساسي).
قد يعدّ أبرز المؤشرات على احتمال الذهاب إلى العنف ما قاله تقرير لـ«مجموعة الأزمات الدولية» عن أن «كل طرف ينتظر الآخر ليكون الأول في الاعتراف بخسارته، وهو ما يمكن أن يجرّ إلى نتائج كارثية تفتح أبواب العنف على مصراعيها في المرحلة المقبلة».. وبمعنى آخر، يقول الباحث في علم الاثنيات كريستيان ديلميت، لقد «اعتاد السودان على التفاوض في خضّم العنف».
في الواقع، يحظى النزاع الدائر في البلاد بالاهتمام لأسباب عدة قد يكون على رأسها مصالح الدول الكبرى التي تتضرّر جراء أي انزلاق إلى الحرب.
وقبل الدخول في مصالح هذه الدول، وإمكانية أن يكون لها دور محتمل في تهدئة الأوضاع، لا بدّ من الإشارة إلى بعض الأسباب التي تثير الاهتمام في ما يجري هناك. صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية فندت هذه الأسباب أولاً بـ«سعر النفط» وما يمكن أن تجرّه هذه الأزمة من تداعيات على صعيد سعر النفط داخل البلاد كما في الدول المجاورة، لا سيما أنها تتزامن مع «الربيع العربي» الذي كانت له تداعياته أيضاً. من هذه التداعيات كذلك إمكانية توسع الصراع ليصبح إقليمياً، بين حلفاء الطرفين لا سيما أن الرئيس السوداني قد وصف الحرب على الجنوب بـ«الجهاد» وهو ما قد «يستنهض» المجاهدين من الدول المجاورة.
في المقابل، هناك من يستبعد انزلاق الإخوة - الأعداء إلى حرب شاملة، حيث الخسارة ستكون من نصيب الطرفين. فضلاً عن أن شبح الحرب الأهلية ومقتل اكثر من مليونين يطاردان العقول. في الشمال كما الجنوب، النظامان هشان تهددهما مجموعة من المتمردين. ويذكر في هذا الإطار ما أعلنه أمس مصدر سوداني في جوبا بأن عدم استكمال رئيس «دولة جنوب السودان» سالفا كير زيارته إلى الصين كان بسبب أنباء وردته عن إحباط محاولة انقلابية للإطاحة به.
أما السبب الرئيسي في ترجيح سيناريو التهدئة فهو المساعي الصينية والأميركية في هذا الإطار. فبكين حليفة للشمال، لكن لديها مصالح نفطية في كلتا الجهتين.
 
هل من واقعية لتحالف تركي ـ كردي؟
جريدة السفير...محمد نور الدين
يتكرر الحديث في تركيا عن احتمال إقامة تحالف بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان العراق. وجاءت زيارة «رئيس» الإقليم مسعود البرزاني إلى العاصمة التركية واجتماعه بالمسؤولين الأتراك على خلفية الصراع بين البرزاني وحكومة نوري المالكي لتعزز هذه الاحتمالات.
مع ذلك، فإن الحديث عن شراكة بين تركيا وشمال العراق لا يتضمن عناصر واقعية تفضي إلى حتمية نجاحه. ذلك أن ولادة إقليم شمال العراق لم تحظ منذ البداية بمباركة أنقرة، التي كانت تعارض أية صيغة فدرالية للعراق، وتعتبرها مقدمة لإقامة دولة كردية مستقلة. وكانت معارضة أنقرة للفدرالية العراقية من أسباب عدم مشاركتها في غزو الأميركيين للعراق في العام 2003.
وتعرف أنقرة انه كلما صلبت الأرض تحت أقدام الأكراد في العراق، ونجحوا في تجسيد هويتهم السياسية والثقافية، كلما شكل ذلك عامل جذب للأكراد الآخرين في المنطقة، ولا سيما الأكراد في جنوب شرق تركيا.
وتعرف أنقرة جيداً أن توجهات البرزاني الحالية تجاه بغداد وغيرها ليست ثابتة، وأنها مجرد مناورات سياسية. فالأكراد العراقيون يعرفون أن شريكهم في المعادلة العراقية، والذي أتاح لهم تجسيد تطلعاتهم السياسية هي الكتلة السياسية التي ينتمي إليها المالكي، وبالتالي فإن الخلاف الحالي بين البرزاني والمالكي لا يمكن أن يستمر وصولاً إلى خيارات حادة، فالفريقان محتوم عليهما لحماية مصالحهما استمرار التعاون. أما الخلافات فلا مفر منها من وقت إلى آخر، ولكنها لن تمس الثوابت الإستراتيجية.
لكن تهديد البرزاني بإعلان استقلال الدولة الكردية في شمال العراق يعني تحولا جذريا في خريطة المنطقة، وتترتب عليه تداعيات خطيرة. وإذا كان البعض يرى أن الفرصة متاحة لتمرير الاستقلال في لحظة فوضى إقليمية، فإن ذلك قد يكون صحيحا للأكراد، لكنه ليس كذلك بالنسبة لكل الدول الأخرى. وتركيا تحديدا ستجد نفسها أكثر المتأذين من لعبة «الدومينو» هذه، لا سيما أن المنطقة الأكثر ملاءمة لأن تكون الثانية على دور الاستقلال، ولو بعد حين، هي المنطقة الكردية في تركيا حيث الاحتقان والتوتر والصدام المسلح والدم المراق منذ ثمانين عاما. كما أن نشوء كيان كردي في شمال سوريا سيوسع إطار الطوق الكردي حول تركيا، ويفصلها عن الجغرافيا العربية.
وتعرف تركيا جيداً انه في ظل عدم الوصول إلى حل للمشكلة الكردية في داخلها، فإنها لن تحظى بتأييد ولا بثقة أي كردي عراقي أو سوري. وقد بدا واضحا، وبضغط تركي، ارتباك «المجلس الوطني السوري» في موقفه من القضية الكردية في سوريا في حال وصوله إلى السلطة.
والأكراد تعودوا على مراوغة الدول التي هم فيها في التعاطي معهم. وتمتاز تركيا عن باقي الدول بأنها الأقدم في إنكار الهوية الكردية والعمل على طمسها منذ أيام مصطفى كمال أتاتورك مرورا بكل الحكومات المتعاقبة، وصولا إلى حزب العدالة والتنمية، الذي لم يختلف موقفه ولا طريقة تعاطيه مع المسألة الكردية عن أي رئيس حكومة سابق مثل طانسو تشيللر أو سليمان ديميريل أو مسعود يلماز، باعتبارها مشكلة أمنية وليست قضية حقوق وهوية تمس أكثر من 12 مليونا من أصل مجموع السكان البالغ 73 مليون نسمة.
ولم يفت بعض الكتّاب الأتراك التهكم على «التحالف» الافتراضي الجديد بين اردوغان والبرزاني بالقول انه بعدما خسرت أنقرة علاقاتها الإستراتيجية مع جيرانها المباشرين لم يعد لتركيا شريك سوى مسعود البرزاني، الذي هو في النهاية حاكم على منطقة هي جزء لا يتجزأ من سيادة دولة أخرى، هي العراق. وما لا يليق بدولة كبيرة إقليميا وتتطلع إلى دور عالمي هي أن تكون شريكا لمجموعة لا صفة دولية لها، بدلا من أن تمعن النظر في العمق في أسباب انهيار سياسة «تصفير المشكلات» مع كل من سوريا والعراق وإيران وروسيا إلى حد ما.
يقول قدري غورسيل في صحيفة «ميللييت» إن «الرابح الأكبر من سياسة تركيا التحالف مع البرزاني هو البرزاني نفسه والأكراد، ويجب ألا يقلل احد من دهاء الزعيم الكردي العراقي. لكن سياسة تركيا الخارجية تستحق أي تسمية ما عدا أنها صفر مشكلات».
كذلك يتهكم سامي كوهين في الصحيفة ذاتها، عندما ينهي مقالته حول مشكلات تركيا مع جيرانها ولا سيما العراق، قائلا «في المناسبة أين هي سياسة تصفير المشكلات؟ إن واحدة من الحقائق التي تظهرها الأزمة مع العراق، بمعزل عن أسبابها، هي أن سياسة تصفير المشكلات مع الجيران في الشرق الأوسط، قد سقطت في حالة النزاعات التي لم يكن احد يريدها».

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 156,030,520

عدد الزوار: 7,012,447

المتواجدون الآن: 71