تقارير ...الحرب الأهلية آخر أوراق النظام السوري...«مدوّن» الفساد العراقي والأميركي يبدأ رحلة جديدة إلى دهاليز بغداد
بن لادن اعترف بوقوع «كارثة بعد كارثة»....عام على مقتل بن لادن .. والغرب يسأل: «القاعـدة» أقـوى بفضـل «الربيع العربي»؟
الثلاثاء 1 أيار 2012 - 9:55 ص 1868 0 دولية |
أكد جون برينان المستشار الأعلى للرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون مكافحة الارهاب، أن تنظيم «القاعدة» يعاني مشاكل «في استبدال قياداته... وايجاد مناطق للتدريب والتطوع»، واعتبر أن فرع التنظيم في اليمن هو «الأنشط» اليوم وينتظر «فرصة لضرب الأراضي الأميركية».
وقال برينان، في خطاب أمس لمناسبة الذكرى السنوية الاولى لتصفية أسامة بن لادن أن التنظيم «يعاني من مشاكل في استبدال قياداته» وهو ما اتضح من وثائق ضبطها الجيش الأميركي بعد العملية، وحذر بن لادن في أحدها من «صعود قياديين ذات مستوى منخفض ليس لديهم الخبرة... الأمر الذي سيؤدي الى اعادة ارتكاب أخطاء».
ولحظ المسؤول الأميركي معاناة التنظيم «من نقص في المناطق التدريبية في باكستان وفي اجتذاب متطوعين جدد». وتحدث عن معلومات استخباراتية اشارت الى «استسلام بعض العناصر وعودتهم الى بلدانهم».
وقال برينان «بالمختصر يخسر التنظيم كثيرا...وبن لادن أدرك ذلك» وأفاد أن بن لادن «اعترف بالوثائق التي حصلنا عليها» بوقوع «كارثة بعد الكارثة» كما أنه حض القيادات «للهرب من المناطق القبلية للذهاب بعيداً عن صور الطائرات والغارات».
ولفت برينان الى أن «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» (فرع اليمن) هو «الأنشط اليوم» على رغم أنه يستمر «بالتأثر بعواقب موت أنور العولقي العام الماضي». واعتبر برينان أن فرع اليمن هو «الأنشط ويستمر بالسعي للبحث عن فرصة لضرب موطننا (الولايات المتحدة)». وعبر عن دعم الولايات المتحدة لحكومة اليمن وفي جهودها ضد التنظيم الذي يبدو مجبراً اليوم «على القتال للسيطرة على مواقع جغرافية هو بحاجة اليها للتخطيط لاعتداءات خارج اليمن».
كما حذر برينان من فرع «القاعدة في المغرب الاسلامي « الذي يعمل في شمال افريقيا وغربها ورأى أنه يستمر بالسعي لزعزعة استقرار الحكومات وللانخراط بعمليات خطف رهائن غربيين مقابل فدية لتمويل أجندته الارهابية».
وقال أن واشنطن تراقب عن كثب ظهور مجموعة «بوكو حرام» في نيجيريا التي تسعى لربط نفسها مع «القاعدة». ونبه من «قيام حركة الشباب بالاندماج مع القاعدة، ومن وجود مقاتلين أجانب في صفوفها وبعضهم يحمل جوازات سفر أميركية».
وفي دكار عرض «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي»، في بيان نشرته مواقع اسلامية، اطلاق مخطوف بريطاني لديه يدعى ستيفن مالكولم كان احتجز في مالي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، في مقابل سماح بريطانيا للإمام الاردني المتطرف «ابو قتادة» باختيار البلد الذي ستسلمه اليه.
وجاء في البيان: «نطرح مبادرة للحكومة البريطانية بأن نطلق مواطنها الأسير لدينا، اذا سمحت بترحيل الشيخ ابو قتادة الى احدى دول الربيع العربي أو بلد آخر يختاره ويضمن له حريته وحقوقه وكرامته».
وحذر البيان من «تحميل بريطانيا مسؤولية تسليم الشيخ ابو قتادة، الى الاردن في حال رفضت عرضنا الايجابي، إذ سيفتح ذلك باب شرّ هي في غنى عنه في الداخل والخارج»، معتبراً ان «ابو قتادة يعيش منذ سنوات مأساة في سجون بريطانيا».
وفي بيان منفصل، حذر «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» لندن من تسليم «ابو قتادة» الى الاردن، واصفاً الخطوة بأنها «جريمة، ستتحول الى همّ عليها وعلى رعاياها ومصالحها حول العالم».
وتحاول بريطانيا منذ العام 2005 ترحيل «ابو قتادة» الذي سجنته لست سنوات بتهم الارهاب، قبل ان تطلقه في 13 شباط (فبراير) بعد رفض المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ترحيله الى الاردن بسبب مخاوف من استخدام ادلة ضده «انتزعت منه تحت التعذيب» في قضية ادانته بالتورط بهجمات ارهابية.
واوقف «ابو قتادة» مجدداً في 17 نيسان (ابريل). واكدت لندن انها سترحّله بعدما حصلت على تطمينات من الاردن بعدم اساءة معاملته، لكن محاميه نجحوا في تقديم استئناف للقرار الى المحكمة الاوروبية، ما عرقل عملية نقله.
وكان «تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي» اعدم في حزيران (يونيو) 2009، رهينة بريطانياً هو ادوين داير بعد رفض لندن اطلاق «ابو قتادة»، بحجة تمسكها بعدم الخضوع لمطالب ارهابيين أو دفع فدية.
ويحتجز التنظيم ذاته تسع رهائن غربية بينها ستة فرنسيين، هم اربعة متعاونين مع مجموعة «اريفا» خطفوا في النيجر خريف 2010، وعالما جيولوجيا احتجزا في مالي خلال تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، اضافة الى سويدي وهولندي اوقفا مع البريطاني مالكولم في تمبكتو شمال مالي. وقتل التنظيم المانياً مخطوفاً لدى محاولته الفرار.
الحرب الأهلية آخر أوراق النظام السوري
ليس في حساب التيار المؤثر في النظام السوري، ولا في نيته، تطبيق خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان، حيث يضمر هذا التيار، من خلال سلوكه الانتظاري وإتباعه إستراتيجية ترحيل المشاكل، رهاناً جلياً على متغيرات تقدر أوساطه أوان حدوثها، وان من شأنها التأثير في بنية الحدث الداخلية وبيئته الخارجية.
وربما لا يحتاج الأمر كثيراً لإدراك حقيقة أن موافقة النظام على الإنخراط في العملية الأممية هي ذات طابع تكتيكي، على أهمية الضغوط التي تمارسها بعض الدول الغربية في هذا المجال، ذلك أن الهامش الزمني الذي تتيحه هذه العملية، والذي يمتد لأكثر من ثلاثة أشهر، يشكل في اعتقاد أركان مطبخ الأزمة «مواجهة الثورة» فرصة كافية لهضم البيئة الدولية للمتغيرات الآتية وإدراجها بوصفها حيثيات أمر واقع في سياق الحدث السوري (الانتخابات الفرنسية والأميركية وما ترتبه من انشغالات داخلية للإدارتين)، وبالتزامن مع ذلك تجري إعادة هندسة مسرح الحدث الداخلي عبر مزيد من القتل والاعتقال لناشطي الثورة ومحركيها، واستمرار عمل آلة التهجير، بخاصة أن تجربة تهجير سكان حمص تشير إلى نجاح أولي في إخراج هذه المدينة الثائرة من خانة قوى الثورة، وكل ذلك بحسب تقديرات أركان النظام.
واستتباعاً لذلك، تبين الوقائع التالية أن موافقة النظام على الدخول في العملية الأممية تمت بناءً على تقدير روسي للموقف الدولي من الحالة السورية، وبخاصة عبر حراك ما يسمى بأصدقاء سورية والذي بدا لصانع القرار في الكرملين أن سياق العمل فيه يأخذ طابعاً جدياً وفاعلاً، وبخاصة بعد مؤتمر إسطنبول والتوجه للبحث عن خيارات بديلة للتعامل مع الأزمة، وكذلك قيامه بتشكيل آليات للعمل، كمجموعة متابعة الأزمة المكونة من أربعة عشر بلداً مؤثراً، وقد كان لتحرك هذه المجموعة صدى في الكرملين أكثر منه في دمشق.
من الواضح أن الإستراتيجية الروسية هنا تقوم على قاعدة تبريد مواقف هذه الدول وتخفيف درجة الحماسة لديها، وصولاً إلى مرحلة يتفكك فيها هذا التحالف القائم على واقع الأزمة الإنسانية الضاغطة في سورية من غير أن يتضمن أي بعد إستراتيجي، كما تسعى موسكو إلى إدخال العالم في جدال يبدأ من وجود إرهاب منظم في سورية تقوده «العصابات المسلحة» وهي قضية تستوجب من السلطة صاحبة السيادة مواجهته، وقد نجحت روسيا بالفعل في توزيع المسؤولية بين طرفي الأزمة، وعملت على توضيح طرف ثان وإيجاده عنوة وقد قبل العالم بهذا التوزيع وأقره، في حين أن الطرف الثاني ليس سوى الشعب مقابل السلطة، حتى وإن انطوى على مكون عسكري هو في حقيقته صدى للحراك الشعبي وليس حالة منفصلة وخاصة.
ولعل الأمر الموكل للنظام فعله ضمن الإستراتيجية الروسية، وفي إطار الهامش الزمني الذي تتيحه خطة أنان، العمل على وقف حركة الاحتجاجات عبر رفع وتيرة أعمال الاعتقال والقتل المكثف للناشطين، وكذلك وقف حركة الانشقاقات داخل الجيش النظامي والتي باتت خطورتها تكمن في عدم معرفة النظام لإمكانية تطورها والأشكال التي من الممكن أن تتبدى بها.
وبناءً على ما سبق، ليس في حسابات النظام تطبيق مبادرة أنان أوالتعامل مع البند المخفي فيها وهو الانتقال السلمي للسلطة، حيث يعتقد النظام أن التسويات الدولية قد تجاوزت هذه القضية، في حين أن الأمر في إدراك الشارع السوري وتصميمه أصبح غير قابل للتسوية ولا حتى على الطريقة اليمنية، فهذه الإمكانية خرجت من حقل التسويات والممكنات بعد كل هذا الدم والدمار الذي وقع في سورية. وعلى ضوء ذلك، فإن خيارات النظام باتت تنحصر إما في إسكات الثورة وبالتالي البحث مستقبلاً عن سبل لإعادة تأهيل النظام دولياً وإقليمياً، وإما إدخال البلاد في حرب أهلية يتم فيها تجهيل الفاعل والمسؤول عن كل ما سبق من آثام عبر إحالتها إلى الحرب الأهلية التي يشترك في مسؤوليتها كل الأطراف.
* كاتب سوري
بدأ المفتش العام الاميركي ستيوارت بوين مهمة جديدة بوصوله قبل ايام الى بغداد، وتتعلق هذه المرة بالتحقيق في أوجه صرف اموال تبلغ نحو 17 بليون دولار من «صندوق تنمية العراق» كانت الحكومة الاميركية مفوضة التصرف به، ويعتقد المسؤولون في العراق ان مصيرها غير معلوم.
مهمة بوين الذي صار «مدوناً» لفصول من الفساد العراقي والاميركي تحت عنوان «اعادة الإعمار»، بدأت بلقاء جمعه الى نائب رئيس الوزراء العراقي روز نوري شاويس، بحث عدداً من الجوانب المتعلقة بتحقيقات وعدت واشنطن بإجرائها بعد الكشف عن «غموض» يتعلق بمصير بلايين الدولارات المصروفة من «صندوق تنمية العراق».
الفصل هذا من فصول حكاية الفساد الطويلة في العراق، بدأ الصيف الماضي حين طالب رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي خلال لقاء في واشنطن جمعه مع نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن بإجراء تحقيق حول مصير أصول مالية عراقية تقدر بأكثر من سبعة عشر بليون دولار صرفت من صندوق تنمية العراق عقب الغزو من دون توثيق.
بعد اشارة النجيفي، اكدت واشنطن ان «حكومتي الولايات المتحدة والعراق تلتزمان الشفافية والمسؤولية في ما يتعلق بتاريخ صندوق التنمية في العراق، وأنهما تعملان معاً، وبمرافقة مفتشنا العام لإعادة إعمار العراق (ستيوارت بوين) لتدقيق كل الاموال من أجل حماية مصالح العراقيين».
بعد اشهر وتحديداً في تشرين الاول (اكتوبر)، الماضي جاءت مهمة نائبة المفتش العام الاميركي الخاص لبرنامج اعادة إعمار العراق، جينجر كروز في بغداد، اقرب الى من «يبحث عن إبرة في كوم من القش»، والإبرة هنا ستكون «الحقيقة»، فيما القش هو «كوم الفساد الاميركي ونظيره العراقي» الذي يعتبر اكبر عملية سرقة للمال العام في التاريخ المعاصر.
كروز بدأت في بغداد سلسلة من التحقيقات عن الاموال العراقية التي صرفت في عهد الحاكم الاميركي بول بريمر، عبر سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين عراقيين للتحقيق بالأموال «الضائعة»، لافتة الى حاجتها الى تعاون أكبر من البنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية. لكنها بالتأكيد لم تكشف عما ستتبينه من «العجب العجاب من أكوام الفساد الاميركية والعراقية التي نتجت من صرف أموال العراق في زمن الحاكم الاميركي بول بريمر والبالغة 20 مليار دولار».
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش أرسلت قرابة الـ6.6 مليار دولار بعد غزو العراق في 2003، لإعادة إعمار البلاد ولإنشاء مشاريع للعراقيين، غير أن المراقبين الحكوميين لا يعلمون أين هذه الأموال ويزعمون أنها «سرقت».
وأكد مسؤولون فى وزارة الدفاع الاميركية «بنتاغون» أن طائرة من طراز س 130 تستطيع حمل 2.4 مليار دولار من فئة المئة دولار، وأنهم أرسلوا واحدة مملوءة بالأموال، أعقبتها 20 طائرة أخرى بحلول شهر أيار (مايو) من عام 2004، لتكون بذلك أكبر عملية نقل أموال جواً.
وعلى رغم إجراء التحقيقات والفحص على مدار أعوام، لا يستطيع المسؤولون فى وزارة الدفاع الأميركية الجزم بما حدث للمبلغ، ويعتقد مراقبو الحسابات الفيدراليون أن بعض أو كل هذا المبلغ كان قد سُرق، وأن الأمر لم يكن خطأ حسابياً. وقال ستيوارت بوين، المفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق – وهو مكتب أنشأه الكونغرس - إن مبلغ الـ6.6 مليار دولار المفقود يعد «أكبر سرقة أموال في تاريخ أميركا الوطني».
مهمة كروز كانت شائكة، مثلما هي على الاغلب مهمة رئيسها، بوين، أكانت تحقيقاتهما في بغداد ام في واشنطن، ذلك ان شبكة الفساد العراقية والاميركية متضامنة وقوية وتتصل بمن هم في دوائر السلطة، وما ستصل اليه هو حقائق مفزعة تتكون ضمن تقرير جديد تضاف الى تقارير مفزعة اخرى (خذ مثلاً تقريره الموسع والمثير: «دروس قاسية... تجربة اعادة الإعمار في العراق» الذي جاء بنحو 500 صفحة ووزع على نطاق واسع ككتاب يكشف قصة الفساد في العراق) كان السيد بوين قدمها من دون ان يهتز لها فاسد عراقي او اميركي.
وكان تقريران حكوميان أميركيان، احدهما للمفتش العام لإعادة إعمار العراق (بوين)، كشفا اواخر العام الماضي، عن ان هناك عدداً من الأشخاص المتهمين والمدانين من الولايات المتحدة بتهمة ارتكاب الرشوة والسرقة وغيرهما من الجرائم المتعلقة بإعادة الإعمار في العراق وأفغانستان.
غسيل الأموال
وقال جون نوفاك، مساعد المفتش العام للتحقيقات ان «عدداً كبيراً من الناس وشوا بشركائهم»، موضحاً «أن هناك من ساعد في غسيل الأموال بعد سرقتها ويعتبر متواطئاً في الجرم، وآخرون كانوا على علم بذلك، أو هم متورطون في هذه الجرائم».
وتشمل معظم الجرائم التي كشف عنها المحققون الأميركيون في العراق وأفغانستان الرشوة والابتزاز والسرقة، ويعزو تقرير، بعض تلك الجرائم إلى «موروث عميق وواسع للفساد في البلدين».
هناك أيضاً عدد من موظفي الحكومة الأميركية، الذين تلقوا رشاوى من أجل توجيه عقود لمتواطئين محليين، ووفروا معلومات لأناس كانوا يتنافسون للحصول على عقود.
كما تم شحن الأموال المسروقة من مشاريع إعادة الإعمار الى الولايات المتحدة من طريق الرسائل والستر العسكرية ذات الحشوة. ومرة عُثر على عشرات الآلاف من الدولارات في حشوة دمية على شكل بابا نويل.
استرجع المدعون العامون بعض تلك الأموال. وقال مكتب ستيوارت بوين، المفتش العام الخاص بإعادة إعمار العراق، انه سيتم إرجاع أكثر من 83 مليون دولار، وسيصل مجموع ما استرد خلال السنوات السبع الماضية إلى ما يقرب من 155 مليون دولار.
ولكن يعتقد بأن المبلغ المسترد لا يشكل سوى جزء صغير مما سُرق في العراق وأفغانستان، ومن المرجح أن رقم تلك السرقات لن يكون معروفاً على وجه الدقة. ويعتقد أن أموالاً أكثر بكثير من الأرقام المعلنة قد فقدت من خلال الهدر والخروق التي نجمت عن سوء تسيير إستراتيجية واشنطن في إعادة بناء الدول التي لا تزال في حالة حرب.
وسبق للجنة أميركية مستقلة في شأن التعاقدات الحربية أن قدرت في آب (اغسطس) الماضي أن ما لا يقل عن 31 بليون دولار فقدت جراء الهدر والفساد في العراق وأفغانستان، مشيرة إلى أن إجمالي الهدر قد يصل إلى 60 مليار دولار. ولم تكتف اللجنة بتدقيق الأموال المخصصة لإعادة الإعمار.
وكان بوين، وجّه انتقادات لاذعة الى وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين حول عقود تتصل بتدريب أجهزة الشرطة العراقية، مع شركة «داين غروب انترناشونال» المتعاقدة مع «البنتاغون» لتدريب الشرطة العراقية في إطار عقد قيمته 2.5 بليون دولار.
وعلى نحو ما اوردته صحيفة «واشنطن بوست»، فإن «المفتش العام» وجّه انتقادات أخرى الى وزارة الخارجية «لفشلها المستمر في الإشراف في شكل سليم على العقد الذي تبلغ مدته خمسة أعوام».
ونقلت الصحيفة عن التقرير الذى تقدم به المفتش لوزارة العدل الأميركية «أن أكثر من 2.5 مليار دولار من الأموال الأميركية عرضة للضياع والاحتيال»، مشيرة الى ان «التقرير تناول التمويل فقط ولم يتطرق إلى ما إذا كانت جهود التدريب ناجحة أم فاشلة».
الخارجية الاميركية ردت على ما اورده تقرير بوين، بالقول إن «الاتهام لا اساس له».
دراسات موثقة
اربع مؤسسات اميركية كبرى شهدت في السنوات الماضية، دراسات موثقة عن الفساد في العراق، وهي: الكونغرس، وزارة الخارجية، دائرة المفتش العام ومكتب المحاسبة الاميركي. وتجمع وثائق تلك المؤسسات على ثلاثة مؤشرات:
- الفساد في العراق منظم ومتنام.
- الدور الاميركي ناشط في المراقبة لكنه ضعيف في الحد من الفساد.
اتجاهان في اميركا حول تسمية الفساد في العراق وطرق الحد منه، وعلى رغم اتفاق الادارة والكونغرس على ان الفساد الرسمي في العراق «حقيقي ومتوطن وخبيث»، ويشكل تحدياً كبيراً لبناء دولة عراقية ديموقراطية فاعلة، الا انهما يختلفان في طريقة التعامل مع القضية، فالادارة وفق الكونغرس تعمل على «إخفاء حجم المشكلة».
وحول هذه القضية كان المفتش العام لعملية إعمار العراق ستيوارت بوين اعرب عن قلقه ازاء قدرة حكومة العراق على محاربة آفة الفساد الإداري. وقال ان «رئيس الوزراء العراقي منع لجنة النزاهة العـامة من مقاضاة وزراء حاليين او سابقين وأن قانون الجنايات العراقي يجيز للوزراء إعفاء أي موظف من المقاضاة».
فيما كانت وثائق للكونغرس حولت الى وزارة الخارجية (تحت ادارة بوش) مذيلة بأسئلة الى الوزيرة كوندوليزا رايس، تطالب بـ «اجوبة صادقة» عن عمليات الفساد في العراق والتي يرى فيها المشرعون «وسيلة لإنضاج التمرد وتعريض القوات الاميركية فى العراق الى الخطر».
المشرعون طلبوا ايضاً من وزارة الخارجية ما لديها من وثائق حول «فساد الحكومة العراقية» لعرضها في جلسة نقاش مع مسؤولين في الخارجية، وهو ما رفضته الوزيرة رايس متذرعة بأن «الوثائق سرية ولا يمكن عرضها للنقاش العام»، فيما تولى نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى لورانس بتلر رفض اتهام الحكومة العراقية بالفساد، مؤكداً امام لجنة خاصة للكونغرس ان «المالكي يعمل جاهداً على تحسين عمل حكومته في مجال الحد من حالة الفساد».
وإذا كان هذا السجال بين الادارة والكونغرس، لم يقدم ممراً واضحاً يمكن من خلاله كشف فصول الفساد في العراق، يوم كان البيت الابيض معنياً بالعراق، فكيف يبدو الامر الآن، لا سيما مع اصرار ادارة الرئيس اوباما على طي صفحة العراق تماماً؟
بوين اليوم في بغداد وقبله بشهور كانت هناك نائبته جنجر كروز، بكثير من النيات الصادقة، وكثير من التحقيقات الجدية، لكن مع القليل القليل من الإجراءات الرادعة بحق المتورطين وهم كثر في رحلة فساد تبدأ من بغداد وتنتهي في واشنطن.
المصدر: مصادر مختلفة