تقارير ...لمن تذهب أصوات الأقباط في انتخابات الرئاسة المصرية؟...مرسي لـ «الحياة»: متمسك بتقليص صلاحيات الرئيس... وسأحاسب كل من تورط بقتل مصريين

تركيا: نجم القوى الصاعدة العام 2030...هل تعاني إيران عقدة تفوق الحضارة العربية؟...إسرائيل تتحد.. ويدها على الزناد...حمدان: تحالف نتنياهو – موفاز نذير حرب...رياض قهوجي: إذا هاجمت إسرائيل إيران سيكون لبنان في خطر...سامي نادر: الحرب الإسرائيلية ضد لبنان مرتفعة جداً

تاريخ الإضافة الأحد 13 أيار 2012 - 6:47 ص    عدد الزيارات 2033    التعليقات 0    القسم دولية

        


هل تعاني إيران عقدة تفوق الحضارة العربية؟
الحياة..جمال محمد اسماعيل
 

كتبت المستشرقة الألمانية الراحلة أنّا - ماري شيمّل في تسعينات القرن الماضي مقالاً في جريدة «فرانكفورتر ألغماينه» تناولت فيه الخلفيات النفسية التي ما زالت تتحكم بتصرفات الأوروبيين وسعيهم الدائم لإظهار تفوقهم العلمي والتكنولوجي تجاه العرب في عصرنا الحديث. وكان المقال بعنوان: كابوسنا العربي Unser arabisches Trauma.

وعلى رغم كل الحملات ضد العرب والحضارة العربية في الغرب، حافظ بعض الباحثين والكتاب الغربيين على موضوعيتهم العلمية في دراساتهم عن تاريخ الحضارة والشعوب العربية. فالغرب لا ينكر أن الأبجدية هي من ابتكار العقل الفينيقي العربي، وانتقلت إليه عبر اليونان. وقد وجد الباحثان الألمانيان غارينغ ونيماير أن جميع الأبجديات من أوروبا غرباً إلى حدود الصين شرقاً مشتقة من الأبجدية الفينيقية الكنعانية التي تم اختراعها في الساحل اللبناني - السوري.

لقد انتقلت الكتابة إلى الفرس بدايةً عن طريق الآراميين الذين نشروا الحرف باتجاه الشرق وصولاً إلى الهند. وتشير الباحثة الإيرانية ليلى برات زادة إلى أن الإيرانيين القدماء أخذوا الأحرف الآرامية وأضافوا إليها حروف العلة (الحركات)، وأصبحت الأبجدية التي يستعملونها تُعرف بالحرف الفهلوي.

على صعيد نشأة العلوم (الرياضيات، والعلوم الطبيعية وغيرها) يرى الباحث الفرنسي أندريه بيشو في كتابه «ولادة العلوم» أن مهد العلوم وتطورها هو بلاد ما بين النهرين، وخصوصاً في ظل الحضارة البابلية التي كانت قد بدأت حوالى 3700 ق م. فقد اهتم نبوخذ نصر الثاني الذي دام حكمه من 605 إلى 562 قبل الميلاد، بالعمران والبناء والعلوم على اختلاف أنواعها وإقامة دولة العدل استناداً إلى شريعة حمورابي التي سبقت عصره بحوالى ألف سنة. وازدهرت بابل العاصمة، وامتدت الامبراطورية الكلدانية من الهند شرقاً وحتى مصر غرباً، وشملت المنطقة المحيطة بالخليج العربي الذي سمي في ذلك الوقت بالبحر الكلداني. وخلف نبوخذ نصر بعد وفاته ملوك ضعفاء فتمكّن كورش الإخميني الفارسي من القضاء على الدولة البابلية الثانية سنة 539 ق م حينما احتل مدينة بابل واتخذها عاصمة لمملكته. وهنا يطرح السؤال نفسه، لماذا اتخذ كورش مدينة بابل عاصمةً له، بدل المدن الفارسية؟ لقد كانت بابل تتفوق على سائر المدن بالعلوم والعمران، وبالحضارة عموماً، في ذلك الزمن.

وبعد الاستيلاء على بابل عمل كورش، وهو مؤسس الإمبراطورية الفارسية، على إعادة اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلي على يد نبوخذ نصر. وقد وصف الرئيس أحمدي نجاد الملك كورش بـ «ملك ملوك العالم»، وذلك في عام 2010 أثناء احتفال إعادة كتابة «وصايا» كورش!

وانتهت الامبراطورية الاخمينية بانتصار الاسكندر المقدوني عليها عام 331 ق م، ومرت على الشرق عهود وعصور فعاد الفرس الساسانيون وسيطروا على العراق من القرن الثالث الميلادي حتى مجيء الإسلام.

وبعد انتصار العرب على الفرس في معركة القادسية (ثم معركة نهاوند) ودخول الفرس في الإسلام، «أخذ الإيرانيون المسلمون عن العرب الخط العربي والتذهيب بعد استجابتهم للحضارة العظيمة التي أنشأها العباسيون في بغداد». لقد استطاع العرب المسلمون الانتصار على القوتين العظميين في ذلك الزمن، الفرس والبيزنطيين، وذلك في أقل من 50 سنة وحكموا نصف الكرة الأرضية تقريباً من حدود الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، وأنتجوا العلم والمعرفة في بغداد والمشرق وفي إسبانيا والمغرب. ومن اللافت أن الشعوب التي كانت ترتبط بالعرب ثقافياً - لغوياً وقومياً، أي ما يُعرف بالشعوب السامية، كالبابليين والكنعانيين والآراميين وغيرهم، اندمجت بسرعة بالحضارة العربية، وصارت تحمل مشعلها.

لقد انتشرت العلوم العربية في أوروبا وبقي البعض منها يحمل الاسم العربي، مثل الجبر والكيمياء وغيرها. وانتشرت اللغة العربية أيضاً في الجامعات الأوروبية من القرن السادس عشر وحتى نهايات القرن التاسع عشر. وأصبحت اللغة العربية فخراً وامتيازاً في أوروبا في ذلك الحين.

وقد أتاحت الحضارة العربية المجال لأفراد من غير العرب أن يعملوا ويُبدعوا في العلم والثقافة، والأمر لم يكن متوافراً لهم في حضاراتهم وثقافاتهم الأصلية. ونبغ البعض منهم وأصبحوا علماء عرباً كباراً. ومن أشهر هؤلاء العلماء الطبيب ابن سينا الذي ولد بالقرب من بخارى في أوزبكستان الحالية. والجدير ذكره أن الحضارات الكبرى عموماً تحتضن أيضاً علماء من أصول أخرى. فالحضارة اليونانية مثلاً كان فيها فلاسفة وعلماء كبار من أصول غير يونانية وأشهرهم زينون، مؤسس الفلسفة الرواقية.

أسطوانة كورش

ولما استولى كورش على بابل تهيّب منها، إذ قال (بحسب «الأسطوانة» المنسوبة إليه): «الآن، وبعد أن وضعت على رأسي تاج مملكة إيران، بابل والشعوب من أربع أقطاب الأرض...»، أي أنه ذكر بابل إلى جانب بلده إيران، مما يؤشر إلى أنه تهيّب من اعتبار بابل جزءاً من امبراطورية إيران، كما أن من المحتمل أنه كان يفتخر أيضاً بتسلم عرشها، فاختارها لتكون عاصمة مملكته. ثم يرد في «أسطوانة كورش» المذكورة: «فإنني أصرّح بهذا بأنني سوف أحترم تقاليد، عادات وأديان كل الشعوب في إمبراطوريتي وبأنني لن أسمح للمحافظين والعاملين بإمرتي بالتكبّر والتّرفع عليهم أو المساس بكرامتهم طالما كنت على قيد الحياة». وهنا نلاحظ تطابقاً مع منهج نبوخذ نصر في احترام الشعوب الأخرى وصون حريتها الدينية، وكذلك مع مضمون مقولته الشهيرة «الكبرياء الزائدة تدمر النفس».

ومما يُنسب إلى كورش في «الأسطوانة» أيضاً: «لن أفرض سلطاني على أي شعب. كل الشعوب حرّة بأن تقبل سلطاني أو ترفضه. لن أعتمد الحرب وسيلةً من أجل السيطرة... لن أسمح لأحد بأن يقمع الآخرين وإذا حصل هذا، سأحرم القامع حقوقه وأعاقبه... طالما كنت أنا الحاكم لن أسمح لأحد بالسيطرة على ممتلكات وأراضي الآخرين بالقوة ودون تعويض. طالما كنت حياًّ، سوف أمنع العمل بإكراه دون دفع أجور... أمنع العبودية كما أن على المحافظين والعاملين تحت إمرتي منع الاتجار بالعبيد في نطاق حكمهم... لا بد من القضاء على مثل هذه المواريث في جميع العالم».

إن هذا الكلام فيه الكثير من الاستخفاف بعقول الآخرين، وخصوصاً من قبل الذين اعتبروا هذه «الأسطوانة» بمثابة «أقدم ميثاق لحقوق الإنسان». هذا الكلام يعني أولاً أن جميع الشعوب التي حكمها كورش قد جاءته بملء إراداتها و «طيبة خاطر» وطلبت منه أن يقبل خضوعها له، ويتقبل منها دفع الجزية وما إلى ذلك. وهذا أمر لا يمكن لعاقل أن يقتنع به. ثم أن من المسلّم به تاريخياً أن كورش قاد حروباً ضارية من أجل السيطرة على بابل والبلاد التابعة لها. كما أن كثيرين من الباحثين اليهود يعتبرون أن كورش ساعد اليهود على العودة إلى يهوذا على تخوم مصر لأنه كان يريدهم أن يكونوا سنداً له حين يزحف بجيشه لمحاربة المصريين بهدف ضم أرضهم إلى امبراطوريته». أما في ما خص حقوق الملكية وأجر العمال، فإن ما ورد وطبق في الدولة البابلية من حمورابي إلى نبوخذ نصر أشمل وأكثر بكثير من ذلك. وفي ما خص «منع العبودية والاتجار بالعبيد» فإن الأمر يحتاج إلى إثبات بأن ذلك قد تم فعلاً في امبراطورية كورش، مع انه كان عليه أن يبقى داخل حدود بلاده الفارسية الأصلية وألاّ يهجم على بلاد الآخرين لو كان فعلاً يؤمن بحرية الشعوب وتقرير مصيرها بنفسها. وتجدر الإشارة هنا إلى مسألة الحق والعدل الإلهي التي ترد في الآية التوراتية على لسان نبوخذ نصر والتي هي مفهوم شامل لحقوق الإنسان.

لا نريد هنا أن نخفف من قيمة الملك كورش، فمما لا شك فيه انه كان يمتلك الكثير من الدهاء والصفات القيادية مما مكّنه من جمع القبائل الفارسية الضعيفة الخاضعة للأماديين الذين كان يخضعون بدورهم للبابليين، ويحررهم، ثم يؤسس امبراطورية كبرى ترث بابل. إلاّ أننا نعي تماماً أن كورش قد لقي تضخيماً كبيراً لدوره ومكانته في التاريخ. فمما يقال في العلماء الباحثين في التاريخ هو انهم نوعان: نوع يبحث بتجرد وموضوعية علمية كشفاً للحقائق التاريخية، ونوع آخر يكون لديه آراء مسبقة وأهداف يبحث في التاريخ من أجل تأكيدها وتحقيق أهدافه.

كثيرين من الباحثين الغربيين في تاريخ الشرق القديم كانت لديهم آراء وأهداف مسبقة. فتضخيم دور كورش من شأنه إلقاء الضوء على وجود دولة يهوذا على أرض فلسطين، وبالتالي تأكيد حق اليهود بها. إضافة إلى ذلك، إن تضخيم الحضارة الفارسية من شأنه إيهام الفرس بعظمة حضارتهم وإثارة حسهم القومي ضد العرب باعتبارهم قضوا عليها.

وأياً كانت الأسباب والخلفيات، فقد قامت بين الغرب وإيران منذ بدايات القرن العشرين علاقات وطيدة جعلت الغرب يدعم إيران في تعدياتها على العرب وحقوقهم في منطقة الخليج العربي في مراحل مختلفة. فبعد الحرب العالمية الأولى اتفقت إنكلترا مع إيران على أن تقوم إيران الشاهيّة باحتلال منطقة الأحواز العربية الواقعة على الضفة الشمالية الشرقية للخليج العربي. وهذا ما حصل في نيسان (أبريل) 1925 حيث تم القضاء على الدولة العربية الأحوازية التي كانت قائمة لأكثر من 350 سنة. وبعد بروز الولايات المتحدة الأميركية كقوة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية، وقيام دولة إسرائيل عام 1948 كانت إيران على صلة وطيدة معهما. وقد تبنى الغرب التسمية التي أرادتها إيران للخليج العربي. إن تشبث إيران بتسمية الخليج بالهوية الفارسية هو أيضاً محاولة منها لتبرير احتلالها للجزر الإماراتية العربية عام 1971 بعد جلاء بريطانيا عنها. وتدعي إيران أن هذه الجزر إيرانية.

إن الكلام الحاد الذي أطلقه نجاد عن العرب والحضارة العربية هو ليس كلاماً فردياً عابراً، بل يعبّر عما يفكر به القوميون الفرس الذين يعتقدون أن العرب قضوا على حضارتهم الساسانية الكبرى. ولكن، عندما يراجع المرء تاريخ العلوم والحضارة، يجد أن الفرس لم يستطيعوا إنتاج حضارة عظمى تساهم بشكل فاعل بالحضارة الإنسانية. فالامبراطورية الاخمينية التي حكمت الشرق حوالى مئتي سنة بعد سيطرة كورش على بابل، لم تكمل مسيرة بابل في الثقافة والحضارة والعلوم. وكذلك لم تنتج الامبراطورية الساسانية التي استمرت أكثر من 400 سنة في الفترة التي سبقت مجيء الإسلام مباشرةً، أي علوم أو علماء من أمثال ابن سينا والفارابي والبيروني والغزالي وغيرهم. وإذا ما أردنا المقارنة بين الامبراطوريات والحضارات القديمة في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط يمكننا القول إن الفرس والرومان يتشابهون بإقامة امبراطوريات واسعة تقوم على القوة العسكرية ولكنها من دون حضارة علمية وثقافية، بينما نجد الفينيقيين وأبجديتهم التي نشروها في العالم، ونجد البابليين، وكذلك الإغريق في ما بعد، قد بنوا امبراطوريات تقوم على الشرائع والعلوم والفلسفة.

ولما جاء الإسلام انطلق العرب شمالاً وشرقاً وغرباً، وأطلقوا النهضة العلمية العالمية الهائلة في ظل الحضارة العباسية العظيمة التي استمرت حوالى 500 سنة، وكذلك في ظل الحضارة الأموية الباهرة التي استمرت إلى أواخر القرن الخامس عشر في بلاد الأندلس. ثم تابع الأوروبيون النهضة العلمية في القرن السادس عشر حتى بلغ العالم ما بلغه من العلم والتكنولوجيا في هذه الأيام.

الخليج العربي إلى أين؟

إن الإجراءات الصارمة التي تتخذها إيران للدفاع عن التسمية الفارسية للخليج العربي، تحتم على العرب عموماً، وعلى دول الخليج العربي خصوصاً، اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للدفاع عن الحقوق العربية في منطقة الخليج. فمن هذه الإجراءات مثلاً:

1- تغيير تسمية «مجلس التعاون الخليجي» إلى مجلس تعاون دول الخليج العربي» أو «مجلس الخليج العربي». إن تسمية كهذه تشمل نظرياً دول حوض الخليج العربي جميعها، ولكنها تقتصر عملياً على الدول العربية. إن استخدام اسم «الخليج العربي» في تسمية مجلس التعاون يحتم على الإعلام العالمي والدول والمؤسسات الدولية استخدام هذا الاسم. وتساعد قدرات العرب الاقتصادية والسياسية في تحقيق ذلك.

2- إن المجال الجوي للعالم العربي، وكذلك عدد المطارات، وعدد السكان ومستخدمي الإنترنت والمعلوماتية أكبر بكثير مما عند الإيرانيين. وهذا ما يساعد العرب أيضاً على تثبيت حقهم في خليجهم، ونشر ذلك في إعلان وإعلام الشركات العالمية.

3- الطلب إلى الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الجغرافية العالمية اعتماد معايير علمية ثابتة لتسمية الخليج الذي يقطن العرب ضفافه الثلاث. ويجب التفاهم مع المؤسسات الدولية على عدم تبني التسمية الإيرانية للخليج العربي.

إن الربيع العربي يجب أن يعني يقظة ونهضة عربية شاملة وعامة في مختلف الميادين.

إيران وعقدتها تجاه العرب

كلام أحمدي نجاد أثناء زيارته جزيرة أبو موسى العربية ذكّرني بجدال قصير جرى بيني وبين زملاء فرس في ثمانينات القرن الماضي عندما كنت أدرس في إحدى الجامعات الألمانية. وقد كانوا قوميين فرساً ومناهضين لثورة الخميني في إيران، يحقدون على العرب المسلمين ويتحدثون عن العرب بعدائية ويعتبرونهم قضوا على الحضارة الفارسية. وكانوا يتشبثون بالعلماء العرب من أصول فارسية وتركمانية مثل ابن سينا وغيره، الذين كانوا غالباً من آسيا الوسطى، وينسبونهم إلى الفرس، وكأنهم بذلك يحاولون تعزية أنفسهم ومحاولة إظهار قوة حضارتهم تجاه العرب بطريقة توحي بأنهم يعانون من عقدة نقص دفينة تجاه الحضارة العربية العظيمة التي أنجزها آلاف العلماء والمفكرين من أبنائها العرب، والتي وفّرت المناخ لبعض النابغين من شعوب أخرى كي يبدعوا ويصبحوا علماء في إطارها.

لقد بلغ نجاد في قوله أن «مزوِّري اسم الخليج لا يمتلكون ثقافة»، تطرفاً حاداً أعمى بصيرته عن الحقائق التاريخية، وأنه هو نفسه يكتب ويقرأ بأحرف الأبجدية التي اخترعها الفينيقيون الذين تعود أصولهم إلى شبه الجزيرة العربية وإلى الساحل الجنوبي للخليج العربي تحديداً. وقد نقل البابليون، وكانوا من الأموريين العرب، الحضارة والثقافة إلى الشعوب التي حكموها ومن بينها القبائل الفارسية التي لم تكن تعرف الكتابة قبل أن تتعرف إلى الحرف الآرامي العربي.

ومما قاله نجاد أثناء زيارته الجزيرة الإماراتية المحتلة، إنه «في العصور القديمة لم يكن هناك وجود لأي حكومة كبيرة في المنطقة مثل حكومة إيران، وكانت جميع الثقافات تحت سلطة حاكمية إيران». هذا الكلام يدل على أن نجاد يرى أن التاريخ قد بدأ مع الملك الأخميني الفارسي كورش الذي جمع الفرس الضعفاء فوحدهم وقادهم إلى حروب وانتصارات. وبما انه لم يكن للفرس من قبل حضارة وثقافة تُذكر، فليس من المستغرب أن يبدأ التاريخ عند القوميين الفرس مع ملكهم كورش.

بعد موت الملك القائد نبوخذ نصر الثاني وتسلم ملوك ضعفاء من بعده شؤون بابل، تمكّن كورش من التغلّب أيضاً على البابليين والقضاء على الامبراطورية الكلدانية في عام 539 ق م، ومع سقوط بابل بسط الفرس سلطتهم على الامبراطورية البابلية بمعظمها من الهند شرقاً حتى مصر غرباً. ويتضح مما يرد في تاريخ تلك الحقبة أن كورش كان شديد التأثر بنبوخذ نصر، إلى درجة أن ملك الفرس عمل على استنساخ الملك البابلي في أفكاره وسياسته وإدارة ملكه. فقد كان نبوخذ نصر يستخدم الحكمة وذكاءه ودهاءه –بدل القوة والبطش- للاستفادة من شعوب البلدان التي يحتلها. وامتاز بتسامحه الديني وحرية الفكر وكان يسمح للشعوب المحتلة بأن تعبد آلهتها ويشاركها طقوسها الدينية ويحترم آلهتها. تعرف إلى الإله الواحد يوم احتل دولة يهوذا في جنوب فلسطين، وكان يعتقد أن الله يباركه ويقوده من انتصار إلى أعظم، وقد اشتهر نبوخذ نصر بلقب مقيم المدن فقد كان فاتحاً للمدن لا غازياً لها، وساهم في نشر ديانة التوحيد، ولكنه اغتر كثيراً وأصيب بنوبة من جنون العظمة، ثم عاد إلى رشده وقال مقولته المشهورة «الكبرياء الزائدة مدمرة للنفس». وعاد إلى توحيد الله فكانت الآية التوراتية بحقه «فالآن أنا نبوخذ نصر، أسبح وأمجد وأحمد ملك السماء الذي جميع أعماله حق، وطرقه عادلة، وقادر على إذلال كل من يسلك بالكبرياء» (دانيال 4:37). وكان النبي دانيال قريباً من نبوخذ نصر يدعوه للتوحيد بالله. لقد كانت عظمة بابل تدفع نبوخذ نصر للافتخار بها والأخذ من عظمتها إذ كان يقول: «أنا نبوخذ نصر ملك بابل».

 

 

مرسي لـ «الحياة»: متمسك بتقليص صلاحيات الرئيس... وسأحاسب كل من تورط بقتل مصريين
الحياة..القاهرة – أحمد مصطفى
 

لا يرفض المرشح لرئاسة مصر الدكتور محمد مرسي وصفه بـ «المرشح الإسلامي»، ويعتبر نفسه المرشح الوحيد «صاحب مشروع إسلامي»، كما أنه يتفاخر بانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، بل ويتحفظ حين تصفه بمرشح حزب «الحرية والعدالة» ليقاطع حديثك قائلاً: «ومرشح جماعة الإخوان... أما زلتم خائفين؟». لكن الرجل يسعى إلى درء صفة «التشدد» عن الإسلاميين، ويسعى إلى تقديم نفسه كرجل دولة وليس شيخاً. تلحظ هذا عندما تفاجأ وأنت جالس في انتظار بدء الحوار، بأن الرجل يؤم المصلين فيما أعضاء حملته يتجولون في الطرق، فيؤكد لك «أن لا أكراه في الدين». كما أنه لا يتحفظ عن مصافحة النساء، بل ويشيد بدور المرأة في العمل الوطني... يتحدث بلهجة الواثق من اقتناص «المقعد الرئاسي»، لكنه يتمسك بـ «تقليص صلاحيات الرئيس المقبل»، ويتحدث كثيراً عن «تكامل بين مؤسسات الدولة»، والتزام «الدستور والقانون».

ولمرسي مآخذ على إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية، كما أنه يرفض وضعاً مميزاً للجيش في الدستور الجديد، ويؤكد أن تعيين وزير الدفاع من مسؤوليات الرئيس، إلا أنه يؤكد أنه «سيدعم القوات المسلحة بكل أنواع الدعم»؟

وفي حديث الى «الحياة» رفض مرسي وصفه بـ «المرشح الاحتياطي»، معتبراً أن هذا دليل على حيوية جماعة الإخوان وأنها صاحبة مشروع ولا تقف عند أشخاص. كما أنه لا يتحفظ عن إعلان بعض التيارات السلفية دعمها لمنافسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ولا يرى في هذا «تأثيراً في فرص نجاحه». ويؤكد حق الأقباط في إقامة شعائرهم وبناء الكنائس، متوقعاً حصوله على أصوات المسيحيين في مصر. أما في الشأن الخارجي فيبدي انفتاحاً حيال الجميع، ويؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية «لا تمانع وصولي إلى المقعد الرئاسي»، لكنه يشدد على أن علاقات بلاده بدول العالم يجب أن تبنى على أساس «الاحترام المتبادل والتعاون»، ويشدد على أن عصر وصول الأوامر والتكليفات إلى الرئيس من الخارج «قد انتهى». ولا يمانع مرسي لقاء مسؤولين إسرائيليين، «فبين مصر وإسرائيل اتفاق سلام وعلاقات ديبلوماسية وسياسية، ونحنا نحترم الاتفاقات الدولية».

وهنا نص الحديث:

> كيف ترى المواجهات التي وقعت في العباسية بين الجيش والمتظاهرين؟

- بلا شك أنها أحداث مؤلمة جداً ونحن نشعر بقلق شديد حيال القتل الذي يتكرر في مصر. ونحن نقول إن هناك نوعاً من الترتيبات الشيطانية التي تتم بشكل ينتقل من ماسبيرو إلى محمد محمود إلى شارع مجلس الشعب إلى مجلس الوزراء وثم كانت مذبحة بورسعيد. وهو ما يشي بترتيبات تقوم بها جهة أو جهات. وفي كل الأحوال نحمّل الحكومة القائمة والمجلس العسكري المسؤولية. وفي الوقت نفسه لن نسمح على الإطلاق بتأجيل انتخابات الرئاسة لأننا نلحظ أن هناك من يعبث بأمن البلد بهدف تعطيل مسيرة نقل السلطة إلى سلطة مدنية. نحن مصرون على المسيرة الديموقراطية، مصرون على إجراء الانتخابات في موعدها، مصرون على نقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة.

> وهل أنتم مع الاعتصام أمام وزارة الدفاع؟

- إذا كان المتظاهرون ولسنا نحن (جماعة الإخوان) اختاروا أن يعتصموا أو يتظاهروا في مكان ما والتظاهرة سلمية ولا تعطل المرور فما الضرر؟!

> وماذا عن سقوط قتلى في مواجهات متكررة؟

- يجب محاسبة كل من تسبب بإراقة الدماء سواء كان قبل رحيل النظام السابق أو الآن.

> حتى لو كانوا عسكريين؟

- الكل يجب أن يخضع لسلطة القانون من عسكريين أو مدنيين... وإذا توليت سدة الحكم سأفتح تحقيقات موسعة يقوم بها قضاة حياديون حول ما حصل من إراقة دماء خلال المرحلة الانتقالية بدءاً من أحداث ماسبيرو، مروراً بأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وصولاً إلى العباسية. يجب أن يخضع الجميع لسلطة القضاء والقانون من دون مواربات.

> ماذا عن احتمالات وصولك إلى الرئاسة؟

- نحن لسنا ضد أحد. عندما اتخذنا القرار من الهيئة العليا للحزب ومجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين درسنا الوضع القائم وكل الظروف المحيطة والمستجدات على الساحة المصرية والمرشحين وتصورنا لرئيس الجمهورية ومهماته والمسؤولية الكبيرة التي تقع عليه. وكما تعلم لم نجد من المرشحين الذين كانوا موجودين في حينها من يمكن أن ندعمه أو يحمل المشروع الذي نريده. ونحن سعينا إلى ثلاثة من الأشخاص الذين تصورنا أنهم يمكن أن يحملوا هذه المسؤولية لكنهم رفضوا لأسباب خاصة بهم نقدرها ونحترمها. وبالتالي بعد الدراسة والتحليل والمعلومات والمناخ الجديد والمشروع الكبير لمصر والرغبة في أن نساهم في ذلك تحركنا لتحمّل المسؤولية وأصبح لدينا مرشح. وليس ذلك ضد إرادة أحد. نعرض المشروع الذي نملكه والشعب يختار بحرية كاملة والشعب المصري واع ويستطيع أن يحدد ويختار.

> من هو منافسك الرئيسي؟

- ترشحنا ليس ضد أحد إنما أحساس بمسؤولية، لدينا مشروع كبير للنهضة ونحن لا نبحث عن مناصب لأنفسنا وإنما نبحث عن حقوق الشعب المصري.

> وماذا عن تفتيت أصوات الإسلاميين بينكم وبين عبد المنعم أبو الفتوح؟

- لا أحب هذه التقسيمات. الكل لديه الحرية في دعمي أو دعم غيري من المرشحين. هذا حقهم ولا أستطيع أن أحجر على أحد. الناس أحرار في أن يختاروا كيفما يشاؤون ويساندون من يشاؤون... لدينا رصيد كبير في الشارع ونحن نعتمد على وعي المصريين.

> ألا ترى تأثيراً لتفتيت الأصوات في فرص وصول مرشح إسلامي إلى سدة الحكم؟

- لا يوجد تفتيت أصوات والأمور تسير في طريقها ولا مجال للمقارنة مع أحد. كما أننا لم نر مرشحاً يقدم مشروعاً إسلامياً، نحن وحدنا قدمنا مشروعاً إسلامياً لتولي الرئاسة، لذلك ليس هناك تفتيت ولا مجال للتفتيت.

> وماذا عن وصفك بالمرشح الثاني أو «الاحتياط» بعد المهندس خيرت الشاطر؟

- بالنسبة إلينا ليس هناك أول وثان. قرارنا أن يكون هناك مرشحان، الأول هو المهندس خيرت الشاطر. وكان المجلس والهيئة العليا يتوقعان بعض المعوقات القانونية لذا تقرر اختيار اثنين، وهذا دليل على أن جماعة الإخوان جماعة مؤسسية وحيوية ولديها كُثر يستطيعون تولي المسؤولية، وأنها لا تتوقف عند الأشخاص وأن ما يهمها هو البرنامج.

النظام البرلماني

> لكن قرار الدفع بمرشح رئاسي تسبب بانشقاقات داخلية.

- هذا كلام غير صحيح على الإطلاق. الإخوان المسلمون لديهم مرشح في الانتخابات، وكل أعضاء حزب الحرية والعدالة وكل صف الإخوان يتحركون مع مرشح الإخوان والحزب... وكل ما يقال عدا ذلك مجرد كلام لا أساس له من الصحة على الإطلاق. انظر إلى المؤتمرات الجماهيرية التي تقام والآلاف الذين يحضرونها. كل رموز الجماعة وقادتها وأعضاؤها صف واحد ولا اعتراضات على الإطلاق.

> قبل أن تتقدم جماعة الإخوان بمرشح رئاسي كانت تقف مع النظام المختلط للدولة. ما موقفكم الآن؟

- برنامج الحزب نص على أننا نريد نظاماً برلمانياً خالصاً ونرى أنه الأنسب. لكن في أثناء التحول الديموقراطي وجدنا أن المراحل الانتقالية تستوجب سياسات خاصة، لذلك رأينا أن الوصول إلى النظام البرلماني يقتضي المرور بنظام شبه برلماني أو مختلط.

> لكن في هذه الحال سيؤخَذ من صلاحيات الرئيس، فكيف يمكن أن تتنازل عن صلاحياتك؟

- لا نتحدث عن أشخاص بالقدر الذي نتحدث فيه عن العمل المؤسسي. المسألة ليست أشخاصاً. عندما نقدم رؤية للنظام السياسي نتحدث عن المؤسسة لا عن الشخص. الرئيس لديه صلاحيات والحكومة لديها صلاحيات ويحدث تكامل بينهما. الرئيس القائد، الأوحد، انتهى وعودته هي نيل من إرادة الشعب. علينا أن نجذّر مفهوم تداول السلطة. وبعد المرحلة الانتقالية يكون النظام البرلماني هو الأَولى. وهذا سيأتي بعد نقاش بيننا وبين القوى السياسية.

> ماذا إذاً عن علاقتك بجماعة الإخوان ومرشدها الأعلى؟

- المرشد حلني من البيعة أمام الجماهير خلال مؤتمر انتخابي عقد في دلتا النيل قبل أسبوع. رئيس مصر المنتخب يجب أن يكون لجميع المصريين ويقف على مسافة واحدة من الجميع. يحرص على الدستور والقانون وعلى المؤسسية في العمل. ولا مجال لأن استمر في حزب «الحرية والعدالة» وسأستقيل من منصبي في الحزب، لكن برنامجي الذي أقدمه للناس هو برنامج الحزب.

> لماذا دفعت الجماعة في اتجاه استصدار قانون العزل السياسي لرجال النظام السابق؟

- الشعب المصري كله لديه رغبة في أن لا يسمح أبداً لمن كان جزءاً من نظام مبارك بأن يعود ويأخذ فرصة جديدة... هذا ليس بدعة ففي العالم كله يتبع الثورات والتغييرات السياسية حرمان من كان يمارس فساداً ضد الوطن وضد الشعب من ممارسة العمل السياسي لمدة.

> لماذا لا يترك الأمر لكلمة الشارع والناخب؟

- رغبة الشارع هي أن يكون لدينا قانون للعزل.

الدولة المدنية

> كان لك دور كبير في كتابة النسخة الأولى لبرنامج الحزب والتي كانت تنص على رفض تولي المرأة والقبطي للرئاسة، ما أثار مخاوف على المواطنة ومدنية الدولة.

- هذه المادة أسيء فهمها، وعندما حصل اختلاف عليها قررنا عدم إدراجها في برنامج الحزب الذي تقدمنا به، ونحن نؤكد أن مفهوم الدولة المدنية المستقر لدينا هو الدولة الوطنية الديموقراطية الدستورية الحديثة.

> لكن كلمة «مدنية الدولة» تثير جدالاً لدى التيار الإسلامي؟

- ليس لدينا مشكلة في «مدنية الدولة»، لكن يجب أن نعرّف هذا المفهوم. نحن نعرّف «مدنية دولة» بالدولة الوطنية الديموقراطية الدستورية الحديثة مع كون الأمة مصدر السلطة. كذلك يجب ترسيخ تداول السلطة وضمان الحريات العامة، والمساواة في الحقوق والواجبات، وهذا مكتوب في وثيقة الأزهر التي وقّعتها غالبية القوى السياسية وفي وثيقة التحالف الديموقراطي.

> وماذا عن المادة الثانية من الدستور، فالتيارات السلفية تطالب بتعديل كلمة «مبادئ» الشريعة الإسلامية إلى «أحكام» الشريعة؟

- نحن مع إبقاء المادة الثانية التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، مع إضافة جملة: «ولغير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الحق في الاحتكام إلى شرائعهم في أحوالهم الشخصية»، لطمأنة الأخوة المسيحيين.

> ماذا عن حقوق الأقباط؟

- ليس هناك مشكلة أبداً مع حقوق المسحيين في مصر. الأقباط مثلهم مثل المسلمين اضطهدوا في العهد السابق الذي كان يصدّر لنا الفتنة الطائفية لتقسيم النسيج المصري.

> ماذا عن بناء الكنائس؟ القانون الحالي يستلزم موافقة الرئيس على ترميم أو بناء كنيسة.

- هذا كلام خطأ، نحن نريد أن يكون بناء الكنائس كبناء المساجد، وأن يخضع الأمر للقانون وليس لإرادة الرئيس ولا غيره. يجب أن يحدد القانون المسافة بين الكنيسة والمسجد، وبحسب الكثافة السكانية، وعلينا أن نؤمن بناء دور العبادة لغير المسلمين وحراستها. هذا أمر ليس فيه نقاش.

> هل تتوقع الحصول على أصوات الأقباط؟

- مؤكد سأحصل على أصوات من جميع المصريين.

> كيف ترى شكل العلاقة بين جنرالات الجيش والرئيس المقبل، وهل ترى أن المجلس العسكري يقبل التعاون مع رئيس إخواني؟

- لدينا في مصر دستور وقانون، والمجلس العسكري جزء من نسيج المجتمع المصري، وهو ليس بعيداً عن منظومة الحكم. وأتصور أن الدستور الجديد سينص أيضاً على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس المجلس العسكري، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة.

> وماذا عن وضع الجيش في الدستور الجديد؟

- الجيش مؤسسة داخل الدولة، ويجب ألا يكون لها تميز عن غيرها، لكن في الوقت نفسه في كل دول العالم للجيش خصوصية، نظراً إلى حساسية وضعه، فموازنة الجيش مثلاً لا تطرح على العامة، وإنما سيكون هناك مجلس للأمن القومي يناقش كل ما يتعلق بالجيش. كما أن لجنة الأمن القومي ستناقش بنود الموازنة تفصيلاً، وأنا لديّ رغبة كبيرة جداً في دعم القوات المسلحة بكل أنواع الدعم.

> وماذا عن دور المشير حسين طنطاوي؟

- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الجهة الاستشارية في اختيار وزير الدفاع.

> هذا يعني أنك ستترك الأمر للمجلس العسكري؟

- المجلس العسكري هو جهة «استشارية» فقط، لكن رئيس الجمهورية هو الذي يقرر طبقاً للدستور تشكيلة مجلس الوزراء والحقائب الوزارية، فالرئيس يستشير الجهات المعنية، فيستشير مثلاً ضباط الداخلية في اختيار وزير الداخلية، كذلك يستشير المجلس العسكري في ما له علاقة بالقوات المسلحة ووزير الدفاع، وهكذا.

> ماذا عن مستقبل علاقات مصر الخارجية؟

- نسعى إلى أن تكون هناك توازنات في علاقات مصر بدول العالم، على أن تقوم على أساس تبادل المصالح والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من جانب أي من الأطراف. لم يعد هناك مجال لأن يأتي قرار من الخارج إلى مصر، والجميع يدركون هذا... الكل يدرك أن مصر الجديدة ليست مصر القديمة (مبارك)، نحن الآن نتحدث عن مصر دولة المؤسسة، هذه المؤسسة لها اتفاقات سابقة مع دول العالم ومنها أميركا. نحن نحترم الاتفاقات ولا نلغيها، ولكن على جميع الأطراف أن يحترموا الاتفاقات، والآن الحكومة الأميركية تعلن بوضوح أنها تحترم إرادة الشعب المصري.

> أميركا لا تمانع تولي إخواني رئاسة مصر؟

- الإدارة الأميركية أبلغتنا بكل وضوح أنها تحترم نتيجة الانتخابات وإرادة الشعب المصري ولن تقف ضد الثورة، ونحن حريصون على علاقات متميزة مع كل دول العالم. فأميركا دولة كبيرة لا يستطيع أحد أن يغض الطرف عن وجودها، ويجب أن تقوم العلاقات في المستقبل على الاحترام المتبادل، وعلى أساس التوازن، وعلى عدم تدخل طرف في شأن طرف آخر. هذا الكلام واضح جداً.

> واتفاق السلام بين مصر وإسرائيل؟

- بين مصر وبين إسرائيل اتفاق للسلام، وعلاقات ديبلوماسية وسياسية، وعلى مستوى السفارات. ونحن أعلنا في السابق ونؤكد الآن أننا نحترم الاتفاقات الدولية، لكنّ الإسرائيليين لا يحترمون الاتفاقات، ونحن نقول الآن للإسرائيليين لا بد أن تدركوا أن مصر الجديدة مختلفة عن ذي قبل. والولايات المتحدة أيضاً مسؤولة، فإذا كان الاتفاق ينص على السلام الشامل والعادل لكل شعوب المنطقة، نسأل أين السلام العادل لكل شعوب المنطقة؟ لا يوجد.

الاتفاق فيه حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم، فأين هذا الحق بعد مرور 30 عاماً أو أكثر؟ ما الذي يفعله الإسرائيليون مع مصر عندما يتم العدوان على الحدود المصرية أو قتل بعض الجنود المصريين أو إثارة زوابع في بعض الأماكن؟ نحن نذكر أن أرييل شارون (رئيس وزراء إسرائيل السابق) هدد مصر وقال: مصر تحتاج إلى ضربة وقد نضرب السد العالي بسلاح نووي. هذا كلام لا يُقبل ولا يمكن أن يقبل على الإطلاق، وإذا كانوا يريدون احتراماً لاتفاق السلام يجب أن يكون احتراماً متبادلاً.

وألفت أيضاً إلى محاولات البعض التدخل في شؤون حوض النيل أو التأثير في مياه النيل من الجنوب. هذا أيضاً تهديد للأمن القومي المصري ويدخل في إطار التأثير في اتفاق السلام. يجب أن يدرك الجميع هذا، نحن أتينا برسالة سلام ولسنا دعاة حرب، ولكن إذا كان هناك اتفاقات دولية فيجب احترام الاتفاقات بالنسبة إلى مصر والمصريين وبالنسبة إلى فلسطين والفلسطينيين. هذا كلام واضح.

> هل يمكن أن تلتقي مسؤولاً إسرائيلياً في حالة توليك الرئاسة؟

- نحن نتكلم عن اتفاق سلام، واتفاق السلام يستوجب أن يكون هناك علاقات متبادلة. نحن سنحترم اتفاق السلام.

> ماذا اللقاءات المتبادلة ما بين الجانبين؟

- ليس لدينا لقاءات متبادلة في هذه الفترة.

> أخيراً هل لديك الثقة بأنك رئيس مصر المقبل؟

- نعم إن شاء الله.

 

 

لمن تذهب أصوات الأقباط في انتخابات الرئاسة المصرية؟
الحياة...كرم سعيد أبو شعبان *
 

لا يتوقف الحديث عن توجهات التصويت القبطي في الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستنطلق يوم 17 الجاري بالنسبة الى المصريين المقيمين خارج مصر و24 الجاري للداخل، خصوصاً أن الأقباط يشكلون نحو 10 في المئة من تعداد المصريين البالغ نحو 90 مليون نسمة.

ورغم إعلان الكنيسة أنها تقف على مسافة متساوية من المرشحين جميعاً، ولن تدعم مرشحاً على حساب آخر، فإن ثمة شكوكاً تجاه التيار الإسلامي ومرشحيه، خوفاً من شبح دولة ثيوقراطية تقف على الأعتاب.

والأرجح أن الانتخابات الرئاسية المنتظرة تتزامن مع إمساك الإسلاميين (المعتدلين والراديكاليين) ببعض العصب الحساس في مفاصل الدولة المصرية (النقابات، غرفتا البرلمان، الاتحادات الطلابية، الجمعية التأسيسية)، وهو ما أوجد تربة ملائمة لبذور مشكلة تهميش الآخر، وساعد على ذلك ضعف التمثيل القبطي في لجنة المئة المنوط بها إعداد الدستور.

وعلى صعيــــد متصل، فإن أداء برلمان الثورة فــي ما يخــص القضايا القبطية تحول إلى طقس احتفــــالي يخفي أكثر مما يُظهر، ودلل على ذلك التلكؤ في إصـــــدار قانون دور العبادة الموحد وإعادة تقنينـــها، على رغم سلسلة الاعتداءات المتوالية على المنشآت القبطية، والاتساع الواضح لرقعة العنف الطائفي جغرافياً عقب ثورة 25 يناير، فعلى مدار الأشهر الفائتة شهدت مصر ستة حوادث طائفية منوعة الأنماط، بدءاً بالاعتداء على دور العبادة ومـــــــروراً بتهجير قسري لأسر قبطية، وانتهاءً بهجرة أكثر من 100 ألف قبطي من البلاد، وكل ذلك من دون أن تحرك قوى الإسلام السياسي ساكناً إزاء المشكلة التي باتت هماً قبطياً في الليل ومَذَلّة في النهار. والواقع أن الإصرار على تصدير الشريعة من جانب الإسلاميين في هذه الأجواء الملبدة، إضافة إلى سلسلة التوتر بين مكونات المجتمع المصري (مسلمين وأقباطاً)، سيجعلان الأقباط كالبنيان المرصوص في الانتخابات الرئاسية، وإن بدت قاعدتهم الانتخابية متنوعة ومتباينة في خلفياتها، فعــــلى رغـــــم أن أبناء الطائفة القبطية ينقسمون اليوم ما بيــــن مؤيد لفكرة الاندماج في الأحزاب الليبرالية، وبيـــــن مطالب بإنشاء أحزاب ذات مرجعية قبطــــية على غرار أحزاب «الحرية والعدالة» و «النور» و «الأصــــالة» وغيرها، والتي تسعى اليوم جاهدة إلى خلـــــع أرديـــة المدنية والعلمانية القصيرة والكاشفة من وجهتها وارتداء العمامة والعباءة الواسعة، فإنهـــم يصطفون اليوم بانتظام ودقة وعناية في ما يتعلق بآليات التصويت للمرشحين المتنافسين على المقعد الرئاسي.

دور حقيقي؟

ولذلك يخطئ من ينظر إلى الأقباط باعتبارهم مجــــرد أقلية مفتتة لا وزن لها، أو أنهم بحر مغلق على أنفسهم ركدت ميـــــاهه مقارنــــة بالأنـــواء العالية والأمواج التي تلاطـــمت وما زالت في بحر السياسية المـصرية.

على جانب آخر، فإن ثمة حرصاً قبطياً على الاقتراع بكثافة في الانتخابات الرئاسية، حتى يكون للأقباط دور حقيقي في الحياة السياسية المقبلة، وهو ما قد يشكل عنصراً مهماً في تغذية الاحتشاد القبطي نحو تأمين انتخاب رئيس مدني للبلاد يمكنه أن يُحدث التوازن مع الغالبية البرلمانية الإسلامية. والأرجح أن تذهب أصوات الجماعة القبطية، أو على الأقل معظمها، إلى ممثلي التيار المدني العلماني، لا سيما وأن العلمانية وفقاً للرؤية القبطية هي تيار ثقافي يعتمد العقل والتفكير العلمي في تسيير أمور الدنيا ويُعلي قيم المساواة والإخاء التي هي جوهر الأديان.

حظوظ

وتأسيساً على ما سبق، فإن حظوظ كل من عمرو موسى وخالد علي ومِن خلفهما عبدالمنعم أبو الفتوح، تبقى هي الأوفر في حصد أصوات الأقباط، فالأول حريص على الإعلان عن نفسه ليبرالياً، يدعو إلى ضرورة ترسيخ البرامج والأفكار من خلال ممارسة قائمة على تطوير الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة وإعادة التوازن في مجال الحقوق الأساسية للأفراد، سواء كانوا متدينين أو علمانيين، بدلاً من الدخول في جدل عقيم حول الهوية، أما الثاني فهو مرشح وناشط ليبرالي يؤكد ضرورة توفير العدالة الاجتماعية للجميع.

في المقابل، فإن التصويت القبطي لأبو الفتوح قد يكون من وراء ستار، فرغم حرص الرجل على النأي بنفسه عن التشدد الديني وطمأنته للمصريين العلمانيين والمسيحيين، تبقى مرجعيته الإسلامية وخلفيته الإخوانية شبحاً يحوم حول الأقباط، لكنه في نهاية المطاف يظل وجهاً مقبولاً إذا ما قورن بسليم العوَّا المنبوذ قبطياً. وقد لا يحصل مرشح «الإخوان» محمد مرسي إلا على القليل جداً منها لأنه يعبر عن الاتجاهات الأكثر ابتعاداً عن تطلعات الأقباط، ناهيك بدعمه من الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح باعتباره الوحيد القادر على تطبيق الشريعة الإسلامية وتحقيق حلم الخلافة، بل إنهم اعتبروا دعمه ليس اختياراً منهم بقدر ما هو اختيار من الله، وهو ما قد يثر حفيظة الأقباط ويعمق مخاوفهم. ولم يختلف الحال أيضا للفريق أحمد شفيق المحسوب على حسني مبارك، لاسيما أن الأقباط يرفضون إعادة إنتاج النظام السابق.

خلاصة القــــول أن غالبية أصوات الأقباط ستذهب إلى عمــــرو موسى في المقام الأول ثم خالد علي وربما عبد المنعم أبو الفتوح حسب المعطيات المتوافرة.

* كاتب مصري

 

إسرائيل تتحد.. ويدها على الزناد

الجمهورية شدا عمر..
فرض الإئتلاف الحكومي في إسرائيل نفسه على صدارة الأحداث البارزة، كونه أتى في لحظة سياسية حساسة تشهدها المنطقة، والى جانب العوامل الداخلية الإسرائيلية المتمثلة بمجموعة إرباكات غرق فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكادت تفرض عليه إنتخابات مبكرة، يتسم التحالف بين حزبي "الليكود" و"كاديما"، بمجموعة رسائل للمحيط المتوتر والحافل بالمتغيرات، فهل تصدق تقديرات غالبية المحللين بأن قرارات إستراتيجية على مستوى المنطقة ستخرج من هذا الإئتلاف الإسرائيلي الواسع؟ وهل بدأت تل أبيب فعلاً تُعِدّ العُدّة للمنازلة العسكرية "المحتومة"؟ وعلى أي جبهة قد تبدأ مع وصول المفاوضات بين واشنطن - أوباما وطهران - خامنئي الى لحظة الحقيقة؟
ما هي التداعيات المرتقبة لتحالف نتنياهو - موفاز على لبنان الغارق أصلاً في مجموعة أزمات بعضها داخلي - عضوي، وبعضها ناتج من تأثيرات النار السورية والمواجهة المفتوحة بين معسكري إيران والرياض ومن خلفها واشنطن؟
هل ستضع الموانع العملانية، تل أبيب، أمام خيار إستحالة خوض المنازلة - الأم مع إيران وتدفعها للضرب في الجبهات المتاخمة المتوزعة بين غزة ولبنان؟
وما هي تداعيات الإرتفاع المتصاعد في منسوب التوتر والجهوزية لدى الأفرقاء كافة، في ظل إنسداد الأفق السياسي، بدءاً بعمليات السلام المتعثرة ووصولاً إلى حيوية "إستعادة القدرة على الردع، بعد ألإخفاقات غير المسبوقة في حرب تموز ٢٠٠٦ وحرب غزة ٢٠٠٩؟ وبأي كلفة؟"
للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها حاورت شدا عمر في هذا العدد من "حدث الجمهورية" المسؤول عن حركة "حماس" في لبنان أُسامة حمدان، والمحلل الأمني والعسكري رياض قهوجي، والمحلل السياسي الدكتور سامي نادر.
 
 
حمدان: تحالف نتنياهو – موفاز نذير حرب
الجمهورية.. شدا عمر..
أكد ممثل حركة «حماس» في لبنان أُسامة حمدان «أن الإئتلاف الحكومي في إسرائيل يُنبىء بقرارات مصيرية وإستراتيجية قد يكون الخيار العسكري على رأسها». وفي حين إستبعد إقدام تل أبيب على مهاجمة طهران قبل الإنتخابات الأميركية، لم يستبعد «عدواناً إسرائيلياً على غزة أو لبنان». وأشار الى «أن عوامل إندلاع إنتفاضة ثالثة لن تتوافر الّا بالتجانس الوطني بين حركتي «فتح» و»حماس» وتشكيل الحكومة الموعودة». وهنا نص الحوار:
• ما الذي فرض في رأيكم حكومة الإئتلاف الأسرائيلية الجديدة؟ تعقيدات الداخل الإسرائيلي، أم حشد أكبر عدد من المؤيدين تمهيداً لحرب ضد ايران؟
ـ لا شك أنه يمكن الحديث طويلاً عن أسباب هذا التحالف، لكن يجب الإشارة الى أنه يعيد بصورة أو بأخرى في الدرجة الأولى توحد حزب الليكود بشقيه، الليكود الذي بقي ليكوداً، وحزب كاديما الذي حاول أن يكون يمينياً في الوسط، ويملك الحزبان 56 مقعداً في الكنيست، في وزن لم يبلغه تاريخياً أي حزب من قبل، لأن حزب العمل في أزهى أيامه كان يملك 44 مقعداً، ولهذا نحن نتحدث عن تملك وزن داخل الكنيست، يمكن من خلاله تمرير كثير من القرارات المصيرية، في النظر الى أن قاعدة الحكومة تشكل 94 نائباً من أصل 120. العوامل التي أشرتي اليها، هي عوامل محقة، تعقيدات الداخل في ظل بيئة متقلبة في المنطقة، والجميع يعرف أنه قبل أيام كان هناك حديث عن إنتخابات مبكرة، والكنيست أقر قانون الإنتخابات المبكرة بالقراءة الأولى، وبات واضحاً أن إجراء الإنتخابات وما يعنيه من تقلبات في البيئة السياسية الإسرائيلية، في ظل منطقة غير مستقرة، قد تكون له إنعكاسات سلبية على الكيان، فلجأ نتنياهو الى هذه المناورة، على الأقل ليمنح إسرائيل مزيداً من الوقت، حتى تشرين الأول من السنة المقبلة. هذا ينبىء أن نتنياهو يخطط لقرارات ذات طابع إستراتيجي على مستقبل الكيان الصهيوني، والجميع يعرف أنه في محطات كثيرة، كانت حكومات ما يسمى الوحدة الوطنية، هي حكومات حرب، وقرارات إستراتيجية، إذن من المتوقع أن تتخذ هذه الحكومة قرارات إستراتيجية، السلام ليس بينها، وانما الخيار هو غالباً الحرب بما يؤدي الى إعادة ترتيب بعض الأوراق في المنطقة، ويفضي الى إستقرار إضافي للكيان الصهيوني، الذي يعيش قلقاً إضافياً في ظل حال عدم الإستقرار في المنطقة.
• هل تعتبرون من موقعكم في "حماس" أن أي هجوم إسرائيلي ضد إيران سيؤدي بالضرورة الى دخول غزة وربما لبنان هذه الحرب؟ أي هل تعتبرون أنفسكم معنيين مباشرةً عسكرياً بالتدخل وضرب إسرائيل بالصواريخ رداً على أي إستهداف لإيران؟
ـ انا بخلاف كثيرين، إعتقد أن الحرب الإسرائيلية لن تكون في إتجاه إيران، هناك إتفاق عقد بين نتنياهو وأوباما في خلال الزيارة الأخيرة لواشنطن، بأن لا حرب واسعة في الإقليم قبل الإنتخابات الأميركية، لذلك قد يحاول الإسرائيلي تهيئة البيئة الإقليمية لحربه الواسعة، من خلال عدوان قد يقع في إتجاه غزة أو لبنان
• قبل الإنتخابات ؟
ـ نعم، ربما قبل الإنتخابات الأميركية.
• ما هو السبب والأهداف من وراء ذلك؟
ـ انا عتقد أن الإسرائيلي يدرك تماماً أن البيئة الإقليمية بتقلباتها الراهنة، لا توفر حالة ضامنة لوقوع حرب إقليمية واسعة، ربما بعض الضربات الإستباقية قد تشكل حالة من الإحباط في المنطقة، تفضي الى حال من عدم الإندفاع الى ردة فعل كبيرة على حرب قد تكون واسعة.
• وهذا يمكن أن يحظى بضوء أخضر أميركي؟
ـ لا يمكن الحكومة الإسرائيلية أن تشن حرباً من دون أن يكون هناك بالحد الأدنى علم، أو صمت أميركي، اذا لم يكن ضوء أخضر، وهنا أعتقد أن الإدارة الأميركية قد تتردد في إعطاء ضوء أخضر لإسرائيل، لأن نتائج ما جرى في حربي 2006 و 2008 كانت تمثل خيبة أمل في تاريخ المعارك الإسرائيلية مع المنطقة، وأيضاً تاريخ الأداء السياسي الأميركي في المنطقة.
• ما هي المكاسب التي قد تحققها إسرائيل من هذه الضربات الإستباقية إن حصلت، أليس هناك من إحتمال بأن تتوسع لتؤدي الى حرب إقليمية؟
ـ في النظر الى ظروف المنطقة الراهنة، يقدر الإسرائيلي أن من المستبعد أن تتوسع الأمور الى حرب إقليمية واسعة، لكني أعتقد أن الإسرائيلي يخطىء الحساب في أن الأمور ستكون نزهة سهلة، إن كان تجاه غزة أو لبنان، لأن حال التغيير الجارية في المنطقة، كسرت كثيراً من القيود السياسية السابقة، التي دفعت حكومات الى التردد في إتخاذ قرارات إستراتيجية ومصيرية، ربما في هذه الأجواء ستكون قدرة ضغط الشعوب في إتجاه ضغط أكبر على إسرائيل.
• كيف تضررت مصالح إسرائيل بفعل تداعيات الربيع العربي؟ وهل هي في أزمة حقيقية نتيجة تحول محيطها أكثر عدائية ولا سيما مصر؟
ـ بداية يجب أن نتفقعلى أن سبب تحول المحيط الى العداء هو السلوك والسياسات الإسرائيلية، إسرائيل وقعت إتفاقات سلام لكنها لم تكن تنوي السلام، ولم تفعل شيئاً لهذا السلام، بل بقيت حالة عدوانية، ومارست اعمالاً عدوانية، حتى مع الدول التي وقعت إتفاقات سلام معها، بما يكشف طبيعة هذا الكيان، الذي قلنا مبكراً، أنه ليس كياناً طبيعياً، بل كياناً مصطنعاً قائماً على الإغتصاب والعدوان، ولا يمكن أن يقيم سلاماً في المنطقة.
لا شك في أن حال العجز في النظام الرسمي العربي في العقود الماضية، مكنت إسرائيل من القيام بكثير من خطواتها العدوانية والإستطيانية والإستيلاء على الحقوق العربية والفلسطينية خصوصاً، دونما ردة فعل تضع حداً لهذا السلوك الإسرائيلي. اليوم أعتقد أن المنطقة أصبحت تمتلك كثيراً من المرونة في إتجاه القيام بخطوات من هذا النوع، حال عدم الإستقرار قد تفضي الى ما لا يمكن السيطرة عليه من تحركات على مستوى شعوب المنطقة، فضلاً عن تحرك حكومات المنطقة وسياسييها.
• في ضوء النزاع المتمادي بين إيران ودمشق وحزب الله من جهة ودول الخليج وعلى رأسها السعودية وقطر من جهة ثانية، أين تقفون في هذا النزاع، وكيف تأثرت علاقاتكم ومواردكم بسببه؟
ـ حركة "حماس" إعتمدت سياسة مبكرة قائمة على اساسين في علاقاتها السياسية:
أولاً، "حماس" تستند في علاقاتها على القضية الفلسطينية وضرورة دعمها ودعم الشعب الفلسطيني.
ثانياً، لا يمكن "حماس" ان تكون طرفاً في محور ضد آخر، لأن القضية أكبر من أن تكون جزءاً من نزاعات إقليمية، أو ثنائية بين دول أو محاور.
لذلك إعتمدت حركة "حماس هذه السياسة منذ ربع قرن، وهي ما زالت قائمة، نحن لازالت لنا علاقات مع الجميع، ونحاول أن تبقى متوازنة مع الجميع، ليس على قاعدة المصلحة المؤقتة، ولكن على قاعدة المصلحة الإستراتيجية للقضية الفلسطينية.
• ماذا عن تضرر العلاقات مع دمشق، ومغادرة قادة "حماس" العاصمة السورية ؟
ـ دعيني أقولها بكل وضوح، نحن لا نجد أنفسنا ضد أحد في المنطقة سوى ضد العدو الصهيوني، وأعتقد أن المنطق الصحيح، هو أن يكون الموقف في الأقليم، بغض النظر عن تناقضاته، هو موقف داعم للقضية الفلسطينية، والمقاومة في فلسطين، لأن التجربة في عملية التسوية على مدى عقدين من الزمن، تشير الى عدم وجود أفق سياسي، وهنا أذكر أن الحكومة الإسرائيلية، التي يتشارك فيها موفاز ونتنياهو، هي حكومة للحرب والقتال بإمتياز، وليس في تاريخ أي من الأثنين، ما يدفع الى الإعتقاد بأنه يرغب في السلام في المنطقة.
• لفت المراقبون الى دور التهدئة الذي قامت به "حماس" في خلال المنازلة الأخيرة في غزة بحيث لم تشارك في الرد على الداخل الإسرائيلي على رغم من عمليات القصف والإغتيال التي دامت لأيام؟ لماذا؟ وما هي حساباتكم في هذا الإطار؟
ـ لا شك في أن "حماس" كان لها تقدير للموقف يستند على أمرين، الاول أن الإسرائيلي أراد فرض معادلة ردع نارية على غزة عملنا على إسقاطها، كنا معنيين بمنع تحقيقها. الأمر الثاني وضع غزة في شكل دائم تحت وطأة النار وهذا لم يكن مقبولاً، ومن خلال هذه الرؤية تقدمت "حماس" في إتجاهين متوازيين: أولاً، تغطية الموقف المقاوم للفصائل بأسرها في الرد على العدوان، بل توفير ما يفيد من معلومات في هذا الإتجاه، وثانياً عملت "حماس" على تثبيت التهدئة وفق القواعد التي كانت قائمة قبل العدوان، لأننا ما زلنا نعتقد أنه ما تزال هناك فرصة لمزيد من الإعداد في مواجهة عدوان إسرائيلي مقبل، نحن ندرك أنه سيحصل، في وقت من الأوقات، ولعل تشكيل هذه الحكومة، يطلق إشارة البدء للإعداد لهذا العدوان.
• أين أصبحت المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"؟ وهل من إمكانية لتكريسها على الأرض ومواجهة حكومة الوحدة الإسرائيلية وتحدياتها المرتقبة؟
ـ أرجو أن يكون في هذا الحدث الإسرائيلي رسالة تدفع في إتجاه تشكيل الحكومة الفلسطينية، نحن الآن توقفنا عند عقدة تشكيل الحكومة الفلسطينية، وقد تم الإتفاق على أن الأخ أبو مازن هو من يترأس هذا الحكومة، وتم تكليفه بذلك، مع الأسف لم يبدأ حتى هذه اللحظة المشاورات لاسباب لا أريد الخوض فيها. على الأقل نحن ما زلنا ندفع في إتجاه ذلك، ولهذا الغرض كانت زيارة الأخ خالد مشعل للقاهرة وبحث تفصيلياً مع الأخوة المصريين في هذا الشأن، نحن سنستقبل في غزة وفداً من "فتح" برئاسة الدكتور نبيل شعث، وآمل في أن تساهم هذه الزيارة فعلاً في دفع الأمور قدماً إلى الأمام.
• هناك من يتوقع إندلاع إنتفاضة ثالثة تشمل كل المناطق الفلسطينية، هل هذا وارد في رأيكم؟
ـ أظن أن عوامل إندلاع هذه الإنتفاضة تتزايد يوماً بعد يوم، وبلا شك المظهر الإسرائيلي الجديد سيشكل حالة ضغط على الواقع الفلسطيني، وقد يتجاوز في ضغوطه هذه حتى أجهزة السلطة، ما قد يؤدي الى إندلاع الإنتفاضة، لكن دعيني أقول وبكل صراحة، إندلاع الإنتفاضة يقتضي شروطاً عدة من أهمها حال من التجانس الوطني، إن لم يكن الوحدة الوطنية، لعل هذه الحال حتي الآن ليست محققة في ظل الإنقسام القائم.
• هل تعوّلون على زيارة وفد حركة "فتح" لغزة للتقدم في هذا الإتجاه؟
ـ نعم، نحن ما زلنا نعوّل على ذك، ونعتقد أن المصالحة يمكن تحقيقها، بل من الواجب فعل ذلك، وأن أي تناقض في هذه المرحلة يجب أن يؤجل لأننا قادمون الى مواجهة قد لا تقل خطورة عما حصل عام 2002 مع الإسرائيلي، وأعتقد أن المسألة هذه المرة لن تكون مجرد عدوان على غزة، بل قد يتطور هذا العدوان ليتحول مواجهة واسعة تفرض حقائق ووقائع على الأرض تفضي الى مزيد من التنازلات الفلسطينية.
• إذا حدثت ضربة إسرائيلية مفاجئة ضد إيران، هل ستتدخل "حماس"؟
ـ اعتقد من السابق لأوانه الحديث عن هذه القضية والإجابة على هذا السؤال لا ينبغي أن تقدم الآن، في ظل حديث عن إحتمالات للحرب، وربما قد من الأولى أن يرى الإسرائيلي الإجابة عملانياً على الأرض، بدلاً من أن تكون هناك إجابات قد يُختلف أو يُتفق عليها وعلى اسرائيل ان لا تتوقع ان تسير الامور وفقاً ما تخطط هي له.
 

سامي نادر: الحرب الإسرائيلية ضد لبنان مرتفعة جداً

الجمهورية.. شدا عمر
اعتبر المحلل السياسي الدكتور سامي نادر أن حكومة الإئتلاف الإسرائيلية الجديدة، بمثابة «ورقة تفاوضية مهمة جداً في زمن الصفقة الكبرى» بين واشنطن وطهران، محذراً من إحتمالات شن حرب إسرائيلية ضد لبنان، ومستبعداً إجراء الإنتخابات النيابية اللبنانية في موعدها في حال بقي الوضع السوري على حاله، مشيراً الى «أن المنطقة دخلت نزاعاً سنياً ـ شيعياً،لا يمكن معالجته قبل خمسين عاماً». وهنا نص الحوار:
• ما الذي فرض برأيكم حكومة الإئتلاف الأسرائيلية الجديدة؟ هل هي التعقيدات الداخلية الإسرائيلية، أم لحشد عدد كبير من المؤيدين تمهيداً لحرب ضد ايران؟
ـ أنا اعتقد أن هذه الحكومة تخدم الداخل الإسرائيلي، وهي هدية كبرى لنتنياهو، وورقة تفاوضية مهمة جداً في هذه المرحلة التي دخل فيها الاميركيون زمن ما يُسمى "الصفقة الكبرى" مع إيران، في حال لم تتوصل هذه المفاوضات الى حل يُرضي الإسرائيليين كما أشار نتنياهو عندما قال "نحن نريد تسويةً من جرائها لا يمكن إيران أن تخصّب اليورانيوم في الداخل بأكثر من خمسة في المئة". إذاً بالعنوان الأول هي نجاح سياسي كبير لنتياهو- وهو المعروف عنه أصلاً - على رغم أنه يمثّل اليمين المتشدد - لا يتخذ أي خطوة فيها مخاطر، فهذه الخطوة أراحته بدليل إلغاء الانتخابات المبرمجة في أيلول، على رغم من أن استطلاعات الرأي كانت تعطيه أرجحية للفوز، لكن حجم اليمين ونسبة نجاحه لم تكن مضمونة. ونتنياهو أراح نفسه لثمانية عشر شهراً، من خلال إدخال حزب كاديما برئاسة موفاز في هذه الحكومة، بهدف احتواء اليمين الإسرائيلي ـ لأن هذا الإحتواء لم يكن مضموناً في الانتخابات المبكرة. هذه الخطوة تفتح المجال اليوم أيضاً لمعاودة المفاوضات مع الفلسطينيين - وهي مصلحة إسرائيلية الآن - في هذا الوقت الذي يغرق فيه العالم العربي في ثوراته وربيعه، والطرف الفلسطيني سيكون ضعيفاً، لا بل وحيداً في هذه المفاوضات.
وبالنسبة الى الملف النووي الإيراني، يُخيّل للمرء من الوهلة الأولى أن حكومة الوحدة الوطنية إلإسرائيلية في هذا الوقت بالذات انها حكومة عسكرية في إسرائيل، ولكن علينا الانتباه الى أن الوزير الجديد موفاز مشابه لبيريز وصاحب النظرية التي تقول "أنه من المبكر جداً الذهاب الى الخيار العسكري". هناك على الأقل سنتين أمام هذا الإستحقاق الداهم، لكن هذا لا يعني أن ليس هناك قراءة واحدة لدى الإسرائيليين عن التهديد الإستراتيجي الذي يشكلّه التهديد النووي الإيراني على رغم الإختلاف على التوقيت. أنا أعتبر أنه في هذه اللحظة تحديداً، والتي دخل فيها الأميركيون على خط المفاوضات الكبيرة والجدّية مع الإيرانيين، وقد شهدنا ذلك في مؤتمر اسطنبول، وسنعود ونراه في مؤتمر العراق، هناك نقلة نوعية، والكلام الآن عن تسوية يوقِف بموجبها الايرانيون تخصيب اليورانيوم فوق الخمسة بالمئة، ليتم استيراده من الخارج، ومن الروس تحديداً، في المقابل تستفيد إيران من التخفيض في العقوبات الاقتصادية. ولكننا نرى أن هذه التسوية لم تتم حتى الآن وهناك مزيد من الضغط على النظام الإيراني، إذ تم إقرار مزيد من العقوبات، وتشديد الخناق على النظام السوري الحليف الأساسي لإيران.
إذاً تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في إسرائيل، يرفع حظوظ الحرب في وجه ايران، وهذه إشارة للإيرانيين، بأن هناك استعداداً للخيار العسكري، ودعوة غير مباشِرة الى قبول هذه التسوية، فسقف التفاوض وضعه نتنياهو بنحو واضح!
•إذاً هذه الحكومة الاسرائيلية ورقة تفاوضية بيد الولايات لمتحدة في الوقت الحالي، ما يعني أن الضربة العسكرية مؤجلة اليوم، الى حين ظهور نتائج المفاوضات مع إيران؟
-لا أرى ضربة إسرائيلية لإيران للأسباب التي أشرتُ إليها آنفاً، فليست هناك نظرة واحدة الى هذا الموضوع في الداخل الإسرائيلي، فباراك تحديداً، إعتبر في مؤتمر هرتزيليا في شباط الماضي، أن إيران دخلت مرحلة الخطر لإنشاء القنبلة، وغداً هو وقت متأخر وقد أيده وزير الدفاع الاميركي بانيتا في ذلك، وأعطى خيار الضربة العسكرية مهلة ثلاثة أشهر تنتهي في حزيران المقبل، وهناك وجهة نظر أخرى يتبناها الاميركيون ويوافق عليها موفاز وخبراء عسكريون إسرائيليون آخرون تقول أنه طالما أن إيران لم تمتلك حتى الآن القدرة على صنع الرؤوس النووية لحمل هذه المواد في الصواريخ الطويلة المدى، فإن هناك مزيداً من الوقت. الآن، هل يناور الإسرائيليون؟ هذا ممكن، فالضربة يمكن أن لا تكون لإيران، بل للبنان، أي ضربة لمصالح إيرانية خارج اراضي ايران، لزيادة الضغوط على طهران وتحجيم دورها. المفاوضات الآن لا تتناول النووي الإيراني وحسب، بل دور إيران في المنطقة، في اللحظة نفسها التي تتم فيها إعادة صياغة خريطة المنطقة وحدودها، فاليمن أصبحت ست يمنات، والعراق ثلاث عراقات، والنزاع في سوريا تحول من نزاع على النظام الى نزاع على الكيان، وهناك لبنان الذي أصبحت فيه طاولة الحوار طاولة الطوائف، وانهارت القواعد الدستورية، الى تقسيم السودان، ومصر.. والمشكلة القبطية التي تُطرح بنحو لم نره من قبل، وصولاً الى ليبيا التي يُحكى عن تقسيمها الآن..وسط كل ذلك، تريد إسرائيل الدخول الى طاولة من يقرر ومن يُعيد صوغ هذا الشرق الأوسط. وأنا في رأيي أن حرباً صغيرة محدودة ومضمونة نتائجها من الممكن أن تحقق أكثر من هدف، أهمها إضعاف إيران، ودخول إسرائيل المفاوضات لاعباً أساسياً.
 • تُرجِح هذه الضربة في لبنان؟ وهل يمكن أن تجري قبل موعد الإنتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل؟
ـ من الممكن ، لذا دعيني أقول أن الإحتمالات مرتفعة جداً.
• كيف تضررت مصالح إسرائيل بفعل تداعيات الربيع العربي؟ وهل هي في أزمة حقيقية نتيجة تحول محيطها أكثر عدائية، لا سيما مصر؟
ـ إسرائيل خسرت أنظمة كانت دخلت الى حدٍ معين في تسوية معها، وتحديداً النظامين المصري والسوري، فمع النظام السوري - وعلى رغم كل ما يُقال - كان هناك نوع من الإستقرار الأمني على الحدود. أما بالنسبة الى مصر، فهناك معاهدة سلام - صحيح انها باردة - ولكن إسرائيل كانت تعلم أن هذا السلام القائم لم يكن صلباً، لأن دعائمه لم تكن صلبة. ماذا خسرت إسرائيل؟ في رأيي أن صعود الحركات الإسلامية لا يُعد خسارة لإسرائيل، لأن اسرائيل تعلم أن هذه التيارات تتسم بالبراغماتية، وهي مستعدة في أي لحظة للتفاوض مكان الأنظمة السابقة. أظن أن اسرائيل تضررت من بروز قوى جديدة مثل تركيا، فالمبارزة الحقيقية الآن هي بين ثلاثة أنظمة: إيران، إسرائيل، تركيا. ودخول تركيا بهذه القوة على مسرح الشرق الأوسط وبراعة ليبيا في ركوب موجة الربيع العربي بعد الإرتباك الذي شهدناه فيها، وتزعم تركيا للحالة السنية، يشكل اليوم عامل منافسة ونزاع نفوذ مع إسرائيل بالدرجة الاولى. فعندما نتحدث عن نزاع على الكيان في سوريا، يعني أن تركيا سيكون لها دورها الاساسي فيها، والأزمة لم تُحسم حتى الآن، لأن لا أحد راض بهذا الدور المستقبلي لتركيا بدءً من الروس ثم السعوديين… لذلك تتم اليوم إعادة تشكيل الأنظمة في الشرق الأوسط واسرائيل بعيداً عما يجري..لذلك فان الدولة العبرية في حاجة الى عامل ما تجلس من خلاله على الطاولة كمقرّر أساسي، فهي لا تستطيع الدخول في إتفاق سلام الآن، ولكنها تستطيع استحضار حرب ومن خلالها الدخول الى هذه الطاولة.
• تتحدث عن إمكانية حرب في لبنان، هل من الممكن أن تشكّل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عامل ضغط داخلي في لبنان في ضوء الجدل الدائر حول وجوب بقاء سلاح حزب الله للدفاع عن لبنان أو في اتجاه العودة الى الحوار لتحصين الجبهة الداخلية في حال حصول عدوان إسرائيلي؟
ـ هذا يتوقف على الموقف الإيراني، فموقف حزب الله سيخدم الأجندة الإيرانية بالدرجة الأولى، وإيران تريد الدور الأكبر في المنطقة، والنزاع اليوم حول أين يقف حدود نفوذها في العراق. فالمؤرخ الإيراني الأميركي تريتا بارسي الذي كتب "ماذا يعلمنا التاريخ حول العلاقة الثلاثية بين أميركا إيران وإسرائيل؟" يعتبر أنه كلما كانت التسوية تقترب بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل خارجها، تقوم تل أبيب بحرب حتى تجهضها. وكل تسوية إسرائيل فيها وسيطاً كانت تنجح، كإيران - غيت مثلاً، لذا فإن تشكيل الحكومة الإسرائيلية والصفقة الأميركية ـ الإيرانية الكبرى التي دخل فيها اوباما مع الايرانيين، تحصل بتوافق اسرائيلي. فاما أن يقبل الإيرانيون بالعرض كما هو، أو أن الأمور متجهة الى مواجهة عسكرية، ليس على أرض إيرانية قبل الإنتخابات الأميركية، بل على أرض أقرب من ذلك، ومن الممكن أن تكون غزة أو لبنان.. اما المواجهة الكبيرة مع ايران - اذا حصلت- فلن تكون قبل سنة، أو سنة ونصف، على حد يقول الخبراء في الاستراتيجيات الاسرائيلية.
• لبنانياً، هل موعد الإنتخابات النيابية مقدس؟ وما هي العوامل التي تؤثر على إجرائها؟
ـ إذا بقي النظام السوري قائماً كما هو، أظن أنه لن تكون هناك انتخابات، فلا إمكانية للإطاحة بهذه الحكومة التي لن تكون هناك حكومة غيرها صديقة للنظام السوري كما هي هذه الحكومة الحالية، حتى ولو حاول رئيسها نجيب ميقاتي إعتماد سياسة النأي بالنفس، والحفاظ على حد أدنى من التوازنات، إلا أن حلفاء النظام السوري موجودون فيها وبقوة. فاذا لم يسقط النظام، في رأيي أنه سيتم تأجيل الانتخابات تحت مئة وعنوان وعنوان، ومن الممكن أن يكون قانون الانتخاب مثلاً او غيره. أما إذا سقط النظام فستذهب الأمور، إما في اتجاه العقلانية والإحتواء - ما بعد هذا السقوط - وهنا تتم الانتخابات وتنفتح صفحة جديدة من التلاقي والاستقرار، أو من الممكن أن تكون هناك لحظة "جنون" تمتد الى الكيان اللبناني.
• ما هي مصلحة إسرائيل مما يجري في سوريا الآن؟
- تكمن مصلحة إسرائيل في فتح جبهة موازية على إيران التي ضعفت في أمكنة عدة، وقد إنقلب السحر على الساحر، فانسحاب الإميركيين من العراق كان ضربة لها، لأن العراق كان يشكل حرب استنزاف للولايات المتحدة، والآن انقلبت المعادلة، أصبح المالكي معزولاً لدى السنة والأكراد - حلفاء الأميركيين بالدرجة الأولى- ودخلت تركيا لاعباً أساسياً في العراق عبر طارق الهاشمي والأكراد، فمن كان يتوقع ذلك؟ لقد تغيرت موازين وتوزيع القوى العراقية، ففي الداخل تُضرب المصالح الإيرانية، وهناك جبهة استنزاف أخرى في سوريا، فضلاً عن حقيقة لا يذكرها أحد وهي أن إسرائيل حليفة قوية للأكراد منذ الخمسينيات من القرن الماضي. اذاً اسرائيل تستفيد من جبهات تستنزف إيران في ثلاثة أماكن من بينها لبنان حيث الإرباك الحاصل، وعدم إستقرار الحكم في يد حزب الله . إسرائيل اذاً مستفيدة بحجم هائل من الربيع العربي الذي تحوّل في أماكن متعددة حرباً سنية ـ شيعية، وانتقل النزاع من الداخل الإسرائيلي من فلسطيني ـ اسرائيلي، ومن إسلامي يهودي، حول قدسية القدس الى نزاع إلهي خارج إسرائيل وحدودها، لقد أصبح نزاعاً سنياً ـ شيعياً لا يمكن معالجته قبل خمسين عاماً..

 

 

رياض قهوجي: إذا هاجمت إسرائيل إيران سيكون لبنان في خطر

الجمهورية ... شدا عمر..
أكد المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما) رياض قهوجي أن لبنان «سيكون في دائرة الخطر في حال قررت إسرائيل شن عمل عسكري ضد إيران»، وقال «أن بعض المراقبين شبه التحالف الإسرائيلي الحالي بذلك الذي تشكل عشية إندلاع حرب العام 1967»، وأشار الى أنه «في حال فشلت المفاوضات والعقوبات ضد إيران فإن الخيار العسكري يصبح مرجحاً»، مشدداً على «أن واشنطن على رغم النكسات، تبقى قوة عظمى وتمتلك المبادرة للحفاظ على مصالحها». وهنا نص الحوار:
• ما الذي فرض حكومة الإئتلاف الأسرائيلية الجديدة؟ تعقيدات الداخل الإسرائيلي أم حشد أكبر عدد من المؤيدين تمهيداً لحرب محتملة ضد ايران؟ وكيف قد يتأثر لبنان في ضوء النيات الإسرائيلية؟
ـ المصلحة المشتركة بين نتنياهو وموفاز أدت الى ولادة هذه الحكومة التي تملك اليوم قاعدة واسعة جدا. فمن جهة موفاز يحتاج الى وقت لاعادة بناء القاعدة الشعبية لحزب كاديما، في حين أن نتنياهو يحتاج لأن يتحرر من إبتزاز اليمين المتطرف وهيمنته على سياسة حكومته التي بدأت تتضارب مع المصالح الأميركية والغربية. خطورة الوضع الاقليمي أيضا، خصوصاً في ضوء ما يجري مع ايران، والربيع العربي، تستوجب حكومة ائتلاف تعطي لرئيس الحكومة حصانة في إتخاذ القرارات الأمنية الكبيرة، خصوصاً قرارات الحرب. بعض المراقبين شبّه التحالف الاسرائيلي الحالي بذلك الذي حصل بين اليمين واليسار في اسرائيل عشية اندلاع حرب 1967. اذا قررت اسرائيل شن عمل عسكري ضد ايران فسيكون لبنان في دائرة الخطر، اذ قد يؤدي رد الفعل الايراني الى اندلاع حرب اقليمية لن يكون لبنان في منأى عنها. حزب الله هو جزء أساسي من تحالف المحور الايراني في المنطقة، وقد يُجرّ اليها. من جهة أُخرى قد تستغل اسرائيل تفاقم الوضع في سوريا واحتمال سقوط النظام هناك لشن حرب انتقامية ضد حزب الله.
• هل تضررت مصالح إسرائيل بفعل تداعيات الربيع العربي؟ وهل هي في أزمة حقيقية نتيجة تحول محيطها أكثر عدائية، لا سيما مصر؟
ـ لقد أوجد الربيع العربي واقعاً جديداً سيهدد عملية السلام برمتها، خصوصاً اذا ما أبقت اسرائيل على سياستها الحالية في بناء المستوطنات وتهويد القدس. فالحكومات في الدول المحيطة بإسرائيل ستصبح في غالبيتها من أحزاب اسلامية، وستكون أكثر ديموقراطية مما يجعلها أكثر خضوعا للرأي العام. وعليه، فإن رد فعل السياسات الاسرائيلية سيكون أنها ستزداد تشدداً، وقد تؤدي مع الوقت الى انهيار اتفاقات السلام وارتفاع احتمالات اندلاع حروب عربية - اسرائيلية في المستقبل، تشمل دولاً مثل مصر والأُردن. كما أن دخول العامل الايراني وما يرافقه من تنافس شيعي - سني في المنطقة سيتحول مع الوقت ضد اسرائيل، اذ سيتنافس كل منهما على من سيكون أكثر تشدداً ضد اسرائيل وسياستها ضد الفلسطينيين وفي القدس. اسرائيل حاولت وستحاول استغلال انشغال العالم العربي بالثورات الداخلية والصراع السني - الشيعي لايجاد واقع جديد في الأراضي المحتلة. إلاّ أن هذه الحال قد لا تدوم طويلا، وستجد اسرائيل نفسها عاجلا أم آجلا مضطرة الى مواجهة واقع سياسي جديد في محيطها.
• ما هي السياسات الإسرائيلية الفعلية تجاه ما يجري في سوريا؟ وهل تخشى تل ابيب الفوضى على حدودها؟
ـ اسرائيل دعمت على مدى العقود الماضية حزب البعث نتيجة التفاهم الذي تم بينهما في ما يخص ابقاء حال الاستقرار في مرتفعات الجولان. لكن هذا الوضع بات من الصعب الاستمرار عليه نتيجة ما تعتبره الادارة الاسرائيلية وصول النفوذ الايراني في سوريا الى مستوى كبير يهدد أمنها، خصوصاً في ما يخص حجم تسليح حزب الله وتجهيزه، وتقدم برنامج ايران النووي. كما أن مستوى العنف في سوريا بلغ مستوى كبيراً جداً تدرك على أثره اسرائيل أنه بات من الصعب توقع استمرار النظام السوري بعد أن فقد شرعيته الداخلية والخارجية.
• هناك تباين في المواقف في شأن تسليح المعارضة السورية، فأين هي حقيقة ما يجري الأرض؟ هل التسليح جارٍ؟ من يقوم به؟ وهل قد يُغير في موازين القوى؟
ـ تباين تسليح المعارضة في سوريا أسبابه انقسام المجتمع الدولي حول طريقة ادارة المواجهة مع انظام الحالي وضبابية ما سيجري في سوريا بعض سقوط النظام. كما أن هناك رفض أميركي - غربي لتكرار التجربة الليبية في سوريا بحيث تتحول فرق الثوار ميليشيات تهدد أمن اسرائيل في الجولان. شروط تسليح الثوار من وجهة نظر الغرب يجب أن تكون خاضعة لسيطرة كبيرة ويكون الثوار تحت قيادة عسكرية واضحة تضم قيادات عسكرية موثوقة ضمن صفوف "الجيش الحر". لكن الغرب يدرك أنه لن يستطيع أن يبقى على الحياد مما سيترك الطريق مفتوحاً، والسماح لقوى اسلامية بملء الفراغ عبر تزويد المعارضة السلاح. وعليه فإن هناك جهودا خفية تبذلها جهات عربية وغربية لتنظيم صفوف الثوار وتزويدهم السلاح بحجم محدود وبطيئ، بما يكفي لصمودهم ضد جيش النظام حتى تبلور الظروف الدولية المناسبة التي ستسمح بتدخل عسكري حاسم يأتي، إما عبر قرار للأمم المتحدة، أو عبر تحالف دولي يقوده حلف "الناتو" ويشمل دولاً عربية. كما أن هناك جهداً فردياً تقوم به بعض القوى المعارضة لتزويد الثوار السلاح.
• لفت قبل أسبوعين نشر الولايات المحدة طائرات هجومية متطورة في دولة الإمارات، ونشرت تقارير عن مناورات مشتركة خليجية ـ غربية، هل تعتبرون أن هناك تحضيرات لشن حرباً ضد إيران وبرنامجها النووي في حال فشل مفاوضات بغداد؟ أم أن ذلك هو فقط للضغط على طهران لإنجاح هذه المفاوضات؟
ـ احتمالات شن أميركا ضربات جوية ضد ايران في حال فشل المفاوضات والعقوبات أمر قائم ووارد بشدة. ويأتي نشر الطائرات الأميركية بعد خطوة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الاستفزازية بزيارته أحد الجزر الثلاث المتنازع عليها بين الامارات وايران. الخطوة الايرانية وما تبعها من تهديدات دفع أبو ظبي الى إتخاذ خطوة السماح لواشنطن بنشر جناح من أحدث طائراتها الشبح الهجومية طراز اف - 22 والتي تستطيع بلوغ الأراضي الايرانية من أبو ظبي في أقل من خمس دقائق ما يمكنها من ضرب أهداف ايرانية بسهول كبيرة، ومن دون أن يكون للدفاعات الجوية الايرانية الوقت الكافي للتصدي لها. وعليه فإن نشر هذه الطائرات يشكل عامل ردع ضد ايران من جانب الامارات، ومن جانب آخر تشكل عامل ضغط نفسي كبير على طهران.
• كيف تتابعون تطور الموقف الأميركي من ملف إيران النووي؟ وهل الفترة الفاصلة عن الإنتخابات الرئاسية الأميركية هي الفرصة الأفضل لطهران لنيل ما تسعى إليه؟ أم أن كل الخيارات تبقى مفتوحة بغض النظر عن السباق على البيت الأبيض؟
ـ لا تزال واشنطن تتوقع أن تؤدي العقوبات الاقتصادية والمالية الجديدة على ايران الى ثنيها عن سياستها في ما يخص البرنامج النووي. لكن حجم ضغوط اللوبي الاسرائيلي واليمين الأميركي وضع الادارة الأميركية أمام خيار صعب قد يحتّم عليها اللجوء الى الخيار العسكري في وقت أقرب مما تبغي. تحديد تاريخ أي هجوم أميركي على ايران غير مرتبط بتوقيت الانتخابات الأميركية بمقدار ما هو مرتبط بتقوييم الادارة الأميركية واسرائيل لمدى تقدم برنامج ايران النووي وقربها من القدرة على تصنيع سلاح نووي.
• تبدو الساحة اللبنانية متوترة بفعل قانون الإنتخاب والسياسة المالية، وتضغط عليها الأزمة السورية في شدة، فهل سيدخل العامل الإسرائيلي مجدداً ليخلط الأوراق من خلال حرب ضد حزب الله؟ وما هي حسابات الربح والخسارة في حرب كهذه، وكيف تتوقعون السيناريوهات إن وقعت لا سمح الله؟
ـ دخول العامل الاسرائيلي على الساحة اللبنانية يأتي إما عبر قرار اسرائيلي أو ايراني. القرار الاسرائيلي قد يأتي نتيجة تطور الاوضاع في سوريا، خصوصا مع سقوط النظام وانهيار المحادثات مع ايران حول ملفها النووي. هدف العملية الاسرائيلية سيكون تدمير قدرات حزب الله العسكرية واضعافه وحلفائه السياسيين في لبنان، واخراج لبنان من دائرة النفوذ الايراني. وقد يأتي بمبادرة ايران- حزب الله في حال وجدت طهران نفسها وسط حرب اقليمية تهدد بقاءها، وسيكون هدفها في هذه االحال استدراج الدعم العربي وتقسيمه بين مؤيد ومعارض للحرب على ايران. وجود حكومة ائتلاف سيمكن اسرائيل من اطلاق يد الجيش ضد لبنان وسيشمل حسب تقديرات كثير من المحللين في الغرب واسرائيل عملية اجتياح جزء من الأراضي اللبنانية يترافق مع قصف استراتيجي عنيف، يعاقب الفئات اللبنانية بأسرها، وخصوصا الشيعية، لدعمها حزب الله. وستشترط اسرائيل لوقف اطلاق النار تجريد حزب الله من سلاحه ونشر قوات دولية على معظم الأراضي اللبنانية، خصوصا المعابر الحدودية كافة والمطار والمرافئ. حزب الله سيكون جاهزا كالعادة لكل الاحتمالات، لكنه يدرك أن العوامل على الأرض ستكون قد تغيرت، خصوصا انقطاع خطوط الامداد عبر سوريا. كلفة الحرب على اسرائيل، خصوصاً معاناة جبهتها الداخلية ستكون كبيرة، ولذلك فإن حكومة الإئتلاف ستساعد اسرائيل على مواجهة عواقبها داخليا. هذا في حين تشهد الساحة اللبنانية انقساماً افقياً حاداً ستزيد الحرب من اتساعه.
• في ضوء ترابط الأزمات في المنطقة وتشابكها، وبين تركيا وإسرائيل ودول الخليج بمصالحها المتضاربة أحياناً، أي طريق قد تسلك واشنطن، وبأي وسائل، للحفاظ على مصالحها الحيوية؟ وهل خسرت أميركا فعلاً القدرة على المبادرة في المنطقة نتيجة عوامل متعددة قد تبدأ بأزمتها المالية ولا تنتهي بالإرباكات التي واجهتها في العراق وأفغانستان؟
ـ عانت أميركا نكسات عدة في المنطقة، ولكنها لم تخسر قدرتها على المبادرة. فهي لا تزال القوة العظمى الأقوى في العالم وتملك قوات عسكرية تمكنها من التدخل في أي مكان في العالم. لكن أميركا وبسبب الانتخابات والأزمة المالية العالمية تؤثر اليوم استخدام القوة الناعمة المتمثلة بالعقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية للضغط على خصومها وحماية مصالحها. لكنها لن تتوانى عن استخدام القوة والقيادة من الخلف، مثلما فعلت في ليبيا. كما أن أميركا لم تسحب قواتها من العراق وتعيدها الى بلادها، إنما أعادت نشرها في المنطقة تحسباً لإستخدامها في المنطقة (ايران وسوريا) اذا ما دعت الحاجة. أميركا ما زالت قوة عظمى لن تتراجع عن إتخاذ أي خطوات لحماية مصالحها.

 

 

تركيا: نجم القوى الصاعدة العام 2030

الجمهورية.. علي حسين باكير..
ستؤدي تركيا دورا مؤثرا على الصعيد العالمي مع حلول العام 2030، لكن الشكوك حول مسألة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بشكل تام ستبقى قائمة. خلاصة تقرير الاتجاهات العالمية 2030 الصادر عن مشروع تمّ العمل عليه لمدة سنتين من قبل معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية وبتمويل من لجنة الاتحاد الأوروبي.
يتناول التقرير الذي يتألف من 180 صفحة توزيع القوى العالمية خلال العقدين القادمين، ويرصد الاتجاهات والتحولات التي ستطرأ على موقع ودور بعض القوى العالمية على الساحة الدولية. ويشير التقرير إلى أنّ العالم سيشهد تعددا للأقطاب العام 2030، ولن يكون بمقدور أي دولة من القوى الكبرى أن تدير العالم لوحدها، علماً أنّ الولايات المتحدة والصين ستكونان الدولتان الأكثر تأثيرا ونفوذا على المستوى الدولي في مقابل اكتساب الهند مزيدا من القوة وسقوط كل من روسيا واليابان عن مرتبة قوة عالمية.
وفيما يتعلق بالقوى الصاعدة المتوسطة القوة، يلفت التقرير إلى أنّها ستكون أكثر فعالية، وستضمّ لائحتها كلاً من اندونيسيا وتركيا وجنوب أفريقيا، وكلها دوَل من مجموعة الـ20 الكبرى حاليا. ويعزو التقرير هذا التوقع إلى أنّ هذه الدول تتمتع بالمؤهلات اللازمة لتطوير قدراتها الاجتماعية والاقتصادية، كما للقوة البشرية.
وفيما يخصّ تركيا، يقول التقرير إنها ظلت خلال الفترة العظمى من القرنين الأخيرين قوة متوسطة، في الوقت الذي من الممكن رصد الثقة لدى النخبة والشعب بأنّ بلادهم سيكون لها موقع ودور متقدم بلا شك على الصعيد العالمي والإقليمي.
وتعطي المؤشرات الحالية دلالة على أن أنقرة ستحافظ على تقدّمها في المجالات الاقتصادية والديموغرافية والعسكرية والإقليمية، وهو ما يرجّح أنّ تصبح تركيا قوة مركزية محورية حاسمة في المنطقة. خصوصا مع توسيع نطاق ديموقراطيتها وتحديث قطاعها الاقتصادي وبنيتها الاجتماعية وتفعيل قوته الناعمة السياسية والثقافية.
لكن التقرير يؤكد على أنّ دور تركيا في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم موازنته بالحديث أيضا عن دور تركيا في الفضاءات الأخرى كالبلقان والبحر الأسود وروسيا والقوقاز وآسيا الوسطى والمتوسط والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبعلاقاتها الحديثة المتصاعدة مع كل من شرق آسيا وأفريقيا والأميركيتين.
وبخصوص تركيا والاتحاد الأوروبي، يشير التقرير إلى أنّ تركيا ستواصل تعميق العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي، وستحتل المرتبة 12 في قائمة أكبر الاقتصاديات العالمية قياسا بالقوة الشرائية، الّا انه من غير الواضح ما إذا ما كان بالإمكان التنبؤ بنجاح تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، بما أن هناك عوامل تقرّبها وأخرى تبعّدها عن الانضمام، لكن الأكيد أنّ تركيا قد تدفع باتجاه التعامل مع عدد من الدول لتضمن مصالحها في شرق أوسط يتغير بشكل سريع.
وعلى رغم أنّ هذا التقرير حظي بتغطية واسعة في تركيا، إلا أنّ التركيز كان على ما ذكره التقرير من مؤشرات للصعود التركي الإقليمي والدولي من دون إعطاء القسم الآخر ما ذكره التقرير حول المعوقات التي تعرقل من عملية الصعود التركي والتحديات التي سيكون على تركيا مواجهتها، وهو أمر في غاية الأهمية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المشكل الذي يتعرض له الدور التركي إقليمياً منذ اندلاع الثورة السورية.
وفي هذا السياق، يشير تقرير الاتجاهات العالمية 2030، إلى أنّ على تركيا أن تنتبه إلى نقاط ضعفها، ومن بينها مواضيع وملفات لم يتم حلّها الى الآن على حد وصفه، كموضوع الأقليات، وموضوع الاعتماد في موارد الطاقة على الآخرين، والنموذج البيئي غير المستدام في تركيا وسوء إدارة الموارد الطبيعية، وبعض أوجه القصور في عملية التنمية البشرية، وإمكانية تعرّضها الدائم لهزّات مدمّرة.
كما يتناول التقرير موضوع الانقسام في قبرص، مشدداً على ان التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي قد يساعد بالتأكيد على تحسين الأوضاع في الجزيرة، لكن التحديات التي قد تواجه انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي قد تعرقل من ذلك الجهد، وقد تؤدي بالعكس الى ان تسوء الأوضاع بشكل أكبر بحلول العام 2010. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمصالحة التركية-الأرمينية التي يرى التقرير أنّ التوصّل اليها سيفكك الكثير من المصاعب والتحديات المرتبطة بهذا الخلاف، على رغم إشارته إلى انّ مثل هذه المصالحة قد يكون من الصعب تحقيقها خلال العقد القادم.

المصدر: مصادر مختلفة

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,539,217

عدد الزوار: 6,954,020

المتواجدون الآن: 61