تقارير...شبح حرب أهلية يلوح في أفغانستان بعد صمود "طالبان"...لا لقانون انتخاب يُحكم قبضته على رقاب اللبنانيين

«الاتحــاد الأوراســي»: روســيا وحلــم الأمجــاد الســوفياتية....إفلاس السياسة التركية في سوريا: «مذكرة حرب» مؤجلة!

تاريخ الإضافة السبت 6 تشرين الأول 2012 - 6:21 ص    عدد الزيارات 2003    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

«الاتحــاد الأوراســي»: روســيا وحلــم الأمجــاد الســوفياتية
جريدة السفير..ريما ميتا
قبل عام تماماً، وتحديداً في الرابع من تشرين الأول العام 2011، أعلن رئيس الوزراء الروسي يومها فلاديمير بوتين عن نيته الترشّح لولاية رئاسية ثالثة.
أتبع بوتين إعلانه هذا بمقال نشرته صحيفة «ايزفيستيا»، وخصص جزءاً كبيراً منه للحديث عن عزمه إنشاء «اتحاد أوراسي» ينطلق من أسس الاتحاد الجمركي والفضاء الاقتصادي الموحد، ليحوّله إلى «أحد أكثر الأقطاب عصرية وتطوراً في العالم».
وفي حين يتحدث بوتين عن بناء إمبراطورية أوراسية ضخمة خلال ولايته الثالثة ـ ويسانده في ذلك رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف ـ بهدف استعادة روسيا دورها على الحلبة الدولية وحماية مصالحها، يبدو الأمر أشبه بتحدٍّ برز حجمه عند الاصطدام بواقع هذا الاتحاد وتأرجح بعض الدول المعنية فيه في أحضان قوى أخرى أبرزها الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
ما يسمح لبوتين أو لميدفيديف بتعليق الآمال على إمكانية خلق قوة تضاهي بحجميها السياسي والاقتصادي الاتحاد الأوروبي ـ في ما قد يبدو أكثر من مجرد هلوسة ـ هو ارتباط الكتلة السوفياتية السابقة الممتدة من أوروبا إلى الشرق الأقصى مروراً بآسيا الوسطى، بشبكة علاقات حرصت روسيا على إعلان جوانبها الرسمية عن طريق اتحادات وروابط، فالفضاء السوفياتي السابق لا يزال جزء كبير منه مجتمعاً في «رابطة الدول المستقلة»، والجزء الآخر في «الاتحاد الجمركي» الذي يضم ثلاثة بلدان هي روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان.
ولدت فكرة الاتحاد الجمركي في إطار قمة للمجموعة الاقتصادية الأوراسية، التي نهضت بعد أكثر من عقد من انهيار الاتحاد السوفيتي، وتحديداً في العام 2006. وضمن إطار هذه القمة، اتخذ قرار العمل على تشكيل اتحاد جمركي على أسس المجموعة الاقتصادية الأوراسية، آخذين في الاعتبار مشروع فضاء اقتصادي موحد.
إلا أن فكرة الاتحاد الجمركي لم تنل ترحيباً كبيراً، إذ لم تنضم إليه سوى ثلاث دول هي روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، فيما تطلّب تشكيل الاتحاد الجمركي سنوات ليتخذ شكلاً واضحاً تتفق عليه الأطراف كافة.
وفي تشرين الأول العام 2006، أُعدت خطة لإنشاء الاتحاد الجمركي، وهي توضح تفاصيل العمل على مدى ثلاث سنوات. كما اتخذ قرار بإنشاء لجنة لهذا الاتحاد وهي هيئة بين الحكومات الثلاث تشغل روسيا فيها 57 في المئة، وكل من كازاخستان وبيلاروسيا 21,5 في المئة.
وبعد فترة من التجارب والاتفاقيات والالتزامات والاختبارات أعربت طاجكستان مؤخراً عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الجمركي ما سيسهّل عليها استيراد العديد من المنتجات الضرورية لها.
وقد يكون انضمام طاجكتسان مهماً بالنسبة إلى الثلاثي المتحد، فهذه الخطوة تصب خصوصاً في مصلحة روسيا التي تسوق للاتحاد من دون توقف لإثبات وزنها السياسي في المنطقة، ما يضيف إلى رصيدها نجاحاً سياسياً واقتصادياً، فكلما ارتفع عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الجمركي، تعزز الثقل السياسي والاقتصادي الروسي اقليمياً ودولياً.
وبالنظر إلى طاجكستان، فبالرغم من الوضع الداخلي الذي تعاني منه البلاد، نتيجة لغياب الاستقرار، يبقى السوق الطاجيكي ذا حجم اقتصادي كبير ما لم تستخدمه روسيا فستسبقها إليه إما الصين وإما الولايات المتحدة.
من حيث الفكرة، يبدو نجاح الاتحاد الجمركي واقعاً يُرضي الرأسمالي الراغب في تسهيل أعماله تحت جناح الكرملين من جهة، وأملاً للحالم السوفياتي في إحياء اتحاد تلاشى من دون أن يلغي ملامح العودة.
وبين التاجر والحالم يبقى الشعب هو الضحية، فعلى سبيل المثال يطرح انضمام طاجكستان إلى الاتحاد تساؤلات عدة، ويواجه مشاكل مختلفة، من بينها غياب أي حدود مشتركة حتى الآن مع أي من دول الاتحاد الجمركي، وثانيها هو التخوف من خلق حالة تضخم في البلاد بسبب التزامها في إطار الاتحاد برفع الرسوم الجمركية على السلع الواردة من الدول غير الأعضاء.
وإلى جانب طاجكستان، أعربت مولدافيا بدورها عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الجمركي، وسارعت روسيا إلى التأكيد على أنها ستنظر في هذا الطلب، وهذه نقطة جديدة في خانة روسيا.
لكن المفاجأة الأكبر تمثلت في إعلان الرئيس الفيتنامي رغبة بلاده إنشاء منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الجمركي.
وفي هذا الصدد قالت المحللة الاقتصادية داريا بيتشوغينا من مركز «الدراسات الاقتصادية المستقلة»، في حديث إلى «السفير»، إن الاتحاد الجمركي «في البدء مشروع تسعى روسيا من خلاله توثيق التعاون بين الشركات التي راحت تنمو في أنحاء الاتحاد السوفياتي السابق من دون أن تكون منبراً أو حتى تلميحاً لبناء اتحاد سوفياتي جديد».
وأشارت بيتشوغينا إلى أن قناعتها تنبع من «ثقة بعدم تمكن روسيا استعادة الروابط الصناعية أو التجارية أو الزراعية التي كانت أيام الاتحاد السوفياتي، وإذا ما رغبت بذلك فإن بضع سنوات ليست كافية لتحقيق هذا الهدف».
وحول مسألة تعارض مصالح روسيا، بين انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية وبين نشاطها في إطار اتحاداتها الإقليمية، أكدت بيتشوغينا أن العكس هو الصحيح، موضحة أن «انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية ومتابعة الخطط المرسومة لمستقبل المنطقة على الجبهة الاقتصادية يزيد من هيبة روسيا عالمياً، ويثبت مكانتها في مجال الاستيراد والتصدير، ما سيرفع اقتصادها عالمياً وإقليمياً إلى مستوى أعلى بكثير مما كان عليه في السابق».
واختتمت بيتشوغينا الحديث قائلة إن «ما يعيشه الاتحاد الجمركي والدول التي انضمّت إليه اليوم أمر إيجابي، إلا أن التكهنات بشأن مستقبل هذا الاتحاد غير ممكنة أبداً. فروسيا تسعى إلى كسب الهيمنة الاقتصادية التي كانت تملكها خلال الاتحاد السوفياتي، إلا أنها ترفض العودة في الوقت عينه إلى عناصر هذه الحقبة. ربما ستنجح روسيا في تطوير الاتحاد الجمركي إلى اتحاد أوراسي عملاق، وربما ستنطفئ هذه الحماسة إذا ما اصطدم بمصالحها على صعيد آخر».
حتى اللحظة يكتفي الاتحاد الجمركي في مرحلته الحالية بتنظيم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، ومنذ الانطلاقة الفعلية للاتحاد تمّ وضع قانون جمركي موحّد يحدد آليات احتساب وتوزيع الرسوم الجمركية، كما تمّ تقديم مشروع قانون حول عملة موحدة للاتحاد الجمركي.
وفي هذا الشأن، أعرب المحلل الاقتصادي غينادي تشوفرين لـ«السفير» عن قناعته بأن دول الاتحاد السوفياتي السابق تعيش حاجة ملحة لتعزيز الروابط الاقتصادية بينها، ليس فقط في هيكليات ثنائية الجانب إنما متعدّدة الأطراف.
ولكن يمكن التساؤل، من المستفيد الأكبر من هذه الخطوة؟ أهي دول الاتحاد السوفيتي السابق أم روسيا؟ وبرغم ما يدعو إليه من تكامل، يبدو الاتحاد الجمركي غير متوازن، حيث يبقى نشاطه تحت جناح الكرملين الذي يلمّح بشكل أو بآخر للدول التي لم تنضمّ بعد إلى حاجتها لهذا الغطاء الروسي.
لا يمكن حتى اليوم تقييم نجاحات أو فشل الاتحاد الجمركي، علماً بأنه ليس خالياً من الخلافات بين أعضائه، إذ يذكر الجميع التباين بين بيلاروسيا وروسيا خلال السنوات الأخيرة حول تحديد الرسوم الجمركية على الطاقة والمحروقات.
الحديث عن الاتحاد الجمركي بمعزل عن لحظات ولادته ومستقبله، أو بحسب ما يراه سادة الكرملين، يبدو ناقصاً أو غير منطقي، ففي الحقيقة لا يبدو هذا الاتحاد حتى الآن منبراً يمكن للكرملين وحلفائه في الفضاء السوفياتي السابق استخدامه لإطلاق مفاجأة أكبر من أي تصور أوروبي أو أميركي أو عالمي: مشروع بوتين لـ« الاتحاد الأوراسي».
 
إفلاس السياسة التركية في سوريا: «مذكرة حرب» مؤجلة!
السفير.....محمد نور الدين
لا يعتبر الحادث الذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص أتراك داخل الأراضي التركية بقذيفة سورية، خطيرا من أي زاوية نُظر إليه. فسقوط قذائف سورية داخل تركيا ليس بالأمر الجديد وهو يتكرر دائما، وغالبا ما لا يعلن عنه.
والحادث أكثر من طبيعي في سياق المعارك بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة. وهو شبيه جدا بما يحدث على الحدود السورية ـ اللبنانية، وأحيانا مع الأردن. لكن أحدا لا يمكنه اعتبار الحادثة سببا لتوتر شديد وربما للحرب. فهذا يحدث في كل حالات النزاعات العسكرية.
لكن المشكلة باتت معروفة، وهي أن القلوب ملآنة في الجانب التركي، وحكومة حزب العدالة والتنمية تشعر بخطورة استمرار المأزق الذي أوقعت نفسها فيه من جراء تورطها في الصراع الداخلي في سوريا، وتريد الخروج منه بالمزيد من التوتير وصولا إلى الحرب. لكن هل تنجح في ذلك؟
1 ـ ليس واضحا مصدر القذيفة، هل من الجيش النظامي أم «السوري الحر». ولو افترضنا أنها من الجيش النظامي، فهذا لا يجعل الحادثة خطيرة في سياق المعارك الدائرة. بل إن رئيس حزب السلام والديموقراطية الكردي صلاح الدين ديميرطاش كانت لديه الجرأة ليقول إن الحادثة كانت عبارة عن مجزرة مدبرة لتمرير المذكرة في البرلمان، ولأن أردوغان من اجل أنانياته الشخصية ليكون رئيسا للجمهورية مستعد لفعل أي شيء هو الذي ادخل تركيا في مناخ حرب فعلية حتى قبل استصدار المذكرة بأشهر.
2 ـ إن تركيا تحصد نتائج تورطها العسكري في الشأن السوري. إذ ما دام «الجيش السوري الحر» يتحرك بحرية من داخل تركيا إلى سوريا وبالعكس، فمن طبيعة الأمور أن تنشأ مثل هذه الحوادث. ولو أن تركيا لم تسمح وتشجع نشوء هذا الوضع على حدودها، لما كانت تسمع طلقة رصاص واحدة ولا وجود لاجئ واحد، ولا خسارة ليرة واحدة اقتصاديا.
3 ـ من المستهجن والمستغرب أن تبادر حكومة حزب العدالة والتنمية إلى أن تطلب من البرلمان التركي السماح للحكومة أن تستخدم القوة العسكرية في الأراضي السورية، على غرار المذكرة التي أجازها لها البرلمان بالنسبة للتوغل داخل الأراضي العراقية. إذ أن سوريا لم تعتدِ على الأراضي التركية ولا على الجيش التركي، وسقوط قذيفة عرضية لا يستدعي هذا التدبير.
إن إجازة البرلمان التركي، امس، استخدام القوة داخل سوريا هو تصعيد خطير، ليس الآن بل عندما ترى أنقرة أن الظروف مناسبة لاستخدام هذه الورقة. وأعتقد أن مثل هذه المذكرة التي تعارضها المعارضة التركية هي بمثابة إعلان حرب على سوريا، بل عدوان، لأن القوات السورية لم تهدد يوما السيادة التركية. وماذا لو فعل البرلمان السوري الأمر نفسه، واتخذ قرارا يعتبر أن من حق القوات السورية ملاحقة المسلحين الذين يهددون أمنها داخل الأراضي التركية؟ أوليس دعم تركيا للمعارضة السورية المسلحة واستخدام هؤلاء للأراضي التركية يبرر مثل هذا القرار عن البرلمان السوري؟.
4 ـ حبذا لو أن رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، الذي استشهد بالسلطان محمد الفاتح والسلطان ألب ارسلان، تمثل بسيرتهم (ولا سيما ألب ارسلان الذي أعلن استعداده للشهادة بوجه الروم البيزنطيين عام 1071 ميلادية)، وأعلن النفير العام دفاعا عن الأتراك التسعة الذين سقطوا على يد الجنود الإسرائيليين في حادثة «أسطول الحرية» في نهاية أيار العام 2010. حينها لم يقطع اردوغان علاقاته الديبلوماسية مع إسرائيل، بل ازدادت تجارة تركيا معها كل سنة بنسبة 35 في المئة. ولم يدفع البرلمان التركي لاستصدار مذكرة تجيز للحكومة استخدام القوة تجاه أي تهديد إسرائيلي. وفي ذلك تطبق حكومة اردوغان سياسة «رحماء على الأعداء وأشداء على الأقرباء».
5 ـ لقد قلنا سابقا إن بضع رصاصات أو قذائف كانت كافية لكي تستنجد تركيا بحلف شمال الأطلسي، وهو النموذج الذي جعلنا نعترض على تنصيب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل تركيا الأطلسية زعيمة للعالم الإسلامي. فيما كان الأحرى بأردوغان أن يستنجد بالأطلسي ليرد عدوان إسرائيل على سفينة «مرمرة».
لكن القاصي والداني بات يعرف أن تركيا تتبع سياسة حافة الهاوية، أملا في استدراج الغرب والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى الموقف التركي والعدوان على سوريا. تركيا وحدها لن تتجرأ على الهجوم على سوريا بمفردها، حيث أن من 60 إلى 90 في المئة من الرأي العام التركي هم ضد التدخل العسكري في سوريا.
لكن الحركة التركية في تضخيم حادثة القذيفة في اكجاكالي لن تلقى آذانا صاغية لا في واشنطن ولا في بروكسل (مقر الأطلسي). فقد اعلن الحلف أكثر من مرة انه لن يتدخل في سوريا، وواشنطن ليست في وارد التدخل ايضا، لا قبل الانتخابات الرئاسية ولا بعدها، لأن هناك عامل روسيا وايران في الوضع السوري. لذلك تبدو الحركة التركية التضخيمية لما جرى في غير محلها ولن تصل الى أية نتيجة.
6 ـ وإذا كان من وظيفة لمذكرة الحرب التي أقرها البرلمان التركي بغالبية عارضها حزب الشعب الجمهوري وحزب السلام والديموقراطية، ولم يحضرها العديد من نواب حزب العدالة والتنمية، فهي وظيفة آنية تتصل بظروف المعركة على حلب، ولا سيما أن استصدار المذكرة جاء بعد ظهور أنباء أن النظام في سوريا سيرسل 30 ألف جندي إلى حلب مع دبابات ومدافع، وهو ما قد يحسم معركة حلب نهائيا لصالح النظام وما يستتبعه من تمدد قوات النظام إلى الحدود التركية، ما يعتبر فشلا ذريعا لـ«الجيش السوري الحر» ويفقده تركيا كقاعدة إمداد، كما يفقد تركيا اية ركائز مادية على الأرض لتحويل مناطق من شمال سوريا الى مناطق عازلة او الى بنغازي جديدة. من هنا فإن استصدار هذه المذكرة هو لتشتيت تركيز الجيش السوري على معركة حلب ومحاولة انقاذ «الجيش الحر» من خسارة حلب نهائيا ومن بعدها كل الأراضي المحاذية للحدود التركية وجعل الجيش السوري ينشغل بالتهديدات التركية ويشتت تركيزه على أكثر من جبهة.
سيجد المسؤولون الأتراك انفسهم بعد أيام، وليس أسابيع، انهم لا يزالون غارقين في حفرة المأزق ذاتها، وأن الخروج منها يحتاج الى مراجعة جذرية لكل سياساتهم السورية والشرق اوسطية والابتعاد عن أوهام هيمنة العثمنة والسلجقة، والاعتراف بأن الماضي بات من الماضي وبأن شعوب الإمبراطورية لم تعد رعايا بل مستقلة وحرة. وكل ما تفعله تركيا الآن انها تراكم ما تعتبره ملفا أمنيا وعسكريا لاتخاذه ذريعة للتدخل العسكري اذا اختمرت ظروف هذا التدخل، وهو ما يعتبر «إعلان سوء نوايا» مستقبلية تجاه سوريا، فيما مذكرة البرلمان هي «اعلان حرب» مؤجلة.
 
شبح حرب أهلية يلوح في أفغانستان بعد صمود "طالبان"
المستقبل..(أ ف ب)                       
مع انسحاب كامل التعزيزات الأميركية التي أرسلت الى أفغانستان تكون حركة "طالبان" قد صمدت بوجه أكبر عملية عسكرية تشنها قوات الغرب على مقاتليها، فيما يخيم على البلاد شبح اندلاع حرب أهلية جديدة بعد رحيل كل القوات الأجنبية منها في غضون عامين.
وفي أيلول الماضي أتمت تعزيزات قوامها 33 ألف جندي أميركي، أمر الرئيس باراك أوباما بنشرهم قبل ثلاث سنوات، انسحابها على أن تليها باقي قوة حلف شمال الأطلسي البالغ عديدها 112 ألف جندي بنهاية 2014.
ورغم احتمال بقاء كتيبة صغيرة من القوات الأجنبية للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب، يؤكد سياسيون غربيون أن ما وصفه أوباما في وقت ما "بالحرب الجيدة" سوف "تنتهي" في 2014.
غير أنه رغم أن هذه الحرب، التي فقدت شعبيتها ستنتهي بالنسبة للأطلسي، فإن بعض المحللين يتوقع انهيار حكومة كابول المدعومة من الغرب وتفجر حرب أهلية أسوأ من تلك التي شهدتها أفغانستان في التسعينات عندما انسحبت القوات السوفياتية بعد احتلال دام عشر سنوات.
ويقول كانداس روندو من مجموعة الأزمات الدولية "أعتقد أن انهيار الحكومة ليس سوى مسألة وقت. هذا مؤكد"، مضيفاً "من سيحكم كابول في 2014 و2015 هما الفوضى والعنف".
ويشدد المحلل على أن "الانهيار الذي شهدناه في التسعينات سيكون أسوأ هذه المرة نظراً لوجود المزيد من الأسلحة في البلد وقدر أكبر من الدوافع للقيام بفظائع أكثر مما شاهدنا من قبل".
ويتوقع الخبير في شؤون أفغانستان جيل دورونسورو من مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" اندلاع حرب أهلية جديدة في أفغانستان، مؤكداً أن "طالبان ستنتصر في نهايتها وستعود الى السلطة".
وكتب أخيراً في تحليل "بعد 2014 سيكون مستوى الدعم الأميركي للنظام الأفغاني محدوداً وبعد مرحلة جديدة في الحرب الأهلية من المرجح أن يلي ذلك انتصار لطالبان".
ويتضارب هذا السيناريو مع توقعات قوات حلف شمال الأطلسي والحكومات الغربية في أن القوات الأفغانية ستكون قادرة على الدفاع عن البلد بعد 2014.
ويقول روندو إن "هذه المزاعم غير واقعية على الأطلاق"، ملمحاً الى أن الجنود الذين غالباً ما هم أميون ومن دون مستوى جيد من التدريب يفتقرون الى الدعم الجوي والقدرات اللوجستية والتماسك الحقيقي".
وأثبتت حركة "طالبان" مهارتها في التكتيك، فهي وإن خسرت مناطق في الجنوب فقد عمدت الى اغتيال مسؤولين كبار وشن هجمات على أهداف مهمة أذلت أعداءها ومكنتها من اختراق قوات الأمن الأفغانية.
فالشهر الماضي، على سبيل المثال، هاجم عناصر "طالبان" إحدى أكبر قواعد حلف شمال الأطلسي في أفغانستان ودمروا ست طائرات مقاتلة في أكبر خسارة مادية يتكبدها سلاح الجو الأميركي في هجوم واحد منذ حرب فيتنام.
وأحد أهداف إرسال تعزيزات أميركية كان ممارسة ضغط كبير على "طالبان" يدفعها الى الجلوس الى طاولة المفاوضات. لكن المتمردين أوقفوا اتصالات مبكرة في آذار الماضي واتهموا الولايات المتحدة بتغيير موقفها باستمرار.
وذكرت "نيويورك تايمز" هذا الأسبوع أن "مسؤولين أميركيين عسكريين ومدنيين لم يستبعدوا نهائياً احتمال التوصل الى اتفاق سلام مع طالبان".
لكن تبرز في اسلام اباد مخاوف من أن الانسحاب الأميركي سيتسبب في امتداد العنف الى باكستان، بحسب المحلل السياسي حسن عسكري، الذي قال إن "طالبان قد لا تنجح كلياً في الإطاحة بالحكومة في كابول لكن يمكنها أن تجعل الحياة بائسة. وفي بعض الحالات، يكون للحكومة الأفغانية نفوذ محدود".
ورغم أن باكستان كانت من الداعمين المتحمسين لنظام "طالبان" في الفترة 1996-2001، إلا أن علاقاتها بالحركة المتشددة منذ ذلك الحين لم تكن في أفضل حالاتها.
 
لا لقانون انتخاب يُحكم قبضته على رقاب اللبنانيين
المستقبل..د. نقولا زيدان
يقترب موعد الانتخابات النيابية واللبنانيون في حيرة ولغط شديدين بشأن قضايا عدة كلها تتعلق بالانتخابات. فثمة اعتقاد سائد لدى جانب واسع من اللبنانيين ان هذه الانتخابات لن تحدث في موعدها على الأقل. ذلك أن الوضع الأمني السائب المتفلت المتروك هائماً على عواهنه والذي تلقى وما زال ضربات موجعة من اعتداءات وقحة ومتمادية من جيش النظام الاسدي في مناطق ذات الولاء الكاسح لـ14 آذار كعكار وعرسال، لا يبشر ابدا بأي خير يفسح في المجال لاجراء انتخابات تشريعية. فالمناخ الأمني العام ليس مناخ انتخابات قط.
والحكومة التي فرضها تحالف النظام السوري مع حزب الله المدجج بالسلاح منهكة إلى أبعد الحدود مستسلمة لمنطق السلاح ولغة القوة والإكراه والترهيب غائبة عن الوعي أمام التحديات الهائلة المطروحة. فالسياسة الخارجية للبنان هي دون الصفر. والأمن الداخلي مفقود تماماً، والدليل على ذلك ما لا حصر له من سيطرة منطق لغة الغوغاء وقطع الطرق وخطف المواطنين والأجانب على السواء والاعتداءات الوقحة على وسائل الاعلام وازدهار مخيف للعشائرية والعائلية المسلحة. هذا وسط افلاس شركة كهرباء لبنان وهيمنة مافيات المولدات وانعدام المياه وغلاء جنوني لا يصدق يضرب الفئات الشعبية والمتوسطة وأصحاب الدخل المحدود. إن الجوع الحقيقي والمقنّع أصبح هو السائد الآن. إن الجريمة والسلب بقوة السلاح والخطف مقابل فدية هو امر عادي في بلادنا الآن. ويرافق ذلك انتشار لا سابق له لتجارة المخدرات والبغاء والانحراف الأخلاقي تفاقمه حالة مريعة من البطالة وانعدام فرص العمل والتوظيف. لقد جرى تفريغ البلاد من قواها الحية وماء الحياة، وما زالوا يطلبون المزيد، فلم يبق للبنانيين شيء.. والآن يريدون اكتساح البرلمان.
ان الطروحات الداعية لاعتماد القانون النسبي للانتخابات ليست في حقيقتها سوى لعبة ذكية جداً تحاول تمريرها الأكثرية المفتعلة التي وصلت الى السلطة بفعل الانقلاب الذي حاكه حزب الله وحلفاؤه مما هب ودب من فلول النظام الأمني السوري للسيطرة النهائية على المجلس النيابي. فالذين خذلهم الشعب وصندوق الاقتراع يحلمون عبثاً بالوصول إلى سدة البرلمان علّ هذا القانون على اهميته الموضوعية يحقق لهم هذا الحلم الموهوم. إنها لعبة لا تنطلي على أحد.
ان كل ما يستهوي فريق حزب الله وحلفائه في قانون النسبية هو فقط تمثيل الأقليات في الدوائر الانتخابية وهذا الشق يحتل مكاناً بارزاً في القانون. وهذا دون ريب إيجابي وديموقراطي وأكثر عدالة وصدقاً في التمثيل.. لكن المعطى اللبناني بطوائفه ومذاهبه وأقلياته الاثنية (أرمن، أكراد، سريان..) بسبب خصوصية لبنان في تكوينه وتركيبته الخاصة، وعجز الهيئة الاجتماعية عن تخطي وتجاوز المشاريع المذهبية ذات الأبعاد الاقليمية والتي تخدم أجندات خارجية كالمشروع الفارسي الرامي إلى بسط هيمنته ونفوذه على المنطقة العربية والذي يتخذ من معاداة إسرائيل ذريعة ليسقط من خلالها آخر ملامح التطلعات القومية العربية، وتستنفر في سبيل ذلك أهلنا الشيعة على طول امتداد المسطح العربي هو أحد الأسباب الأكثر خطورة لتعطيل تطبيق هذا القانون. أما ذرائع الجنرال بالحرص على المسيحيين اللبنانيين وحسن تمثيلهم فهي حجة ساقطة لا تنطلي على المسيحيين أنفسهم، فهي مغمسة بدمائهم في حرب التحرير (1988 1989) وحرب الإلغاء (1989 1990) حيث دفع المسيحيون كما سواهم من أرواحهم أثماناً باهظة على مذبح هذه المشاريع المغامرة والتي قدمت خدمات جلى للوصاية السورية على لبنان. والمخزي ان الجنرال ما لبث بعد أن أتاحت له الفرصة انتفاضة 14 آذار الباسلة وبصفقة كان بطلاها الوسيطين اميل اميل لحود وكريم بقرادوني في باريس، ما لبث أن ارتمى بأحضان حزب الله (ورقة التفاهم في 6 شباط 2006) بل بأحضان النظام الأسدي نفسه الذي خلع عليه تدليساً ونفاقاً لقب بطريرك العرب. أما الأرمن فلم ينعموا بأي تمثيل انتخابي فعلي على حدة خاص بهم في دوائر انتخابية لهم بل جرى التلاعب بهم كورقة ضغط وازنة في دوائر المتن وسواها في الوقت الذي قدمت لهم قوى 14 آذار كل التسهيلات في بيروت لينتخبوا ممثليهم. أما الأكراد والسريان فقد وقع عليهم غبن كبير في الوقت الذي تمثل العلويون بنائبين في طرابلس وعكار، ثم بنائب واحد في قانون الانتخابات الأخير.
وحدها الدولة المدنية التي تفصل الدين عن الدولة هي المدخل الجدّي للتخلص من التمثيل الطائفي، وما دام الأساس المادي للقوى العلمانية لم ينشأ بعد فإنّ اعتمادها في البرلمان والوظائف مهمة مستحيلة، لا بل بفضل سيطرة حزب الله وضغوط النظام الأسدي ارتمى بعض الشيوعيين والقوميين الاجتماعيين في أحضان الحزب ومشاريعه تحت ذريعة "المقاومة" مغفلين ومتناسين السؤال الكبير: أي برنامج سياسي تخدم عملياً مقاومة من هذا القبيل؟
ان نظام القانوني النسبي والأكثري في وقت واحد وآن معاً في بلد ما يتطلب بالضرورة تربية انتخابية وثقافة انتخابة لدى الناخبين وهذا الشرط ليس متوفراً قط حتى اللحظة لدى الهيئة الناخبة في لبنان. فالدول التي اعتمدت هذا القانون قد وصلت على امتداد أجيال تاريخية الى مستوى متقدم راقٍ من النضج الانتخابي. لقد تطلب ذلك أن تمر بمراحل عديدة وأن تسهر حكوماتها ومؤسساتها على تربية وتثقيف واعداد وتدريب الناخبين. إن وعياً متقدماً وثقافة انتخابية بل نضجاً انتخابياً هي شروط لا بد منها ولا غنى عنها لاعتماد قانون كهذا. وهذا ما لم نشهده قط في الوطن الصغير حتى اللحظة، فلم يزل الوعي والثقافة الانتخابية عندنا متخلفاً أو جنينياً لنصل الى مستوى من النضج الاقتراعي لنعتمد قانوناً مركّباً كهذا. فعلامَ هذا الاندفاع المحموم وهذا الترويج والضجيج الذي لا يتوقف لهذا القانون الانتخابي من قبل حزب الله وشريكه الجنرال عون وبعض الرموز الهامشية ممن نعموا بالمقعد النيابي بفضل القبضة الأسدية أيام الوصاية السورية السيئة الذكر ثم ما لبثوا أن تلاشوا أثراً بعد عين بعد ربيع 14 آذار الأغر. أليس هذا القانون الانتخابي السابق لأوانه؟.
إذا كان حزب الله ومعه الجنرال وما ملكت ايمان النظام الأسدي من بقايا عهد مضى ونظام يحتضر الآن تحت ضربات الثورة السورية، يظنون انهم باستطاعتهم تحرير قانون انتخاب كهذا من أجل احكام قبضتهم نهائياً على رقاب اللبنانيين، فإن ذلك هو ضرب من الأوهام. فلن يكون بوسع أحد أياً كان ومهما كدس من سلاح ذاق مرارته اللبنانيون في شوارع بيروت وصيدا والشمال، فإذا به قد أعد لهم واستدار الى صدورهم، أن يصادر حرية اللبنانيين ويزوّر إرادتهم. ان هذا القانون في توقيته الان ليس سوى مشروع استيلاء على ما تبقى من لبنان، مشروع ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. فلتكن الانتخابات النيابية، ولنحتكم الى صناديق الاقتراع، دون تلاعب أو تزوير أو ارهاب، فكنا وما زلنا عشاق الحرية والديموقراطية، فهما بالنسة الينا قدسُ الأقداس.

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,995,287

عدد الزوار: 7,011,410

المتواجدون الآن: 76