تقارير..لبنان يستقبل الـ2013 بـ«مفرقعات سياسية» وعيْنه على «كرة النار» السورية....الصواريخ الفلسطينية مقابل القذائف الإسرائيلية في حرب غزة الثانية.....أفغانستان 2012: تطبيع عسير مع «طالبان» لمنع سيطرتها عسكرياً بعد انسحاب «الناتو»

السهل الفسيح يضيق بنازحي الزمن السوري الصعب، «الراي» زارت مركز استقبالهم في البقاع والتقت عائلة من مخيم اليرموك

تاريخ الإضافة الجمعة 28 كانون الأول 2012 - 5:58 ص    عدد الزيارات 1857    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

«الراي» زارت مركز استقبالهم في البقاع والتقت عائلة من مخيم اليرموك
السهل الفسيح يضيق بنازحي الزمن السوري الصعب
بيروت ـ من وسام أبو حرفوش
لم يعد السهل الفسيح يتّسع للعيون الهاربة من الجحيم، والارض التي قيل يوماً انها «اهراءات روما» تتوسل ما يسدّ رمق الآتين من الخوف، والامطار الهائلة التي لم تسترحِ كأنها تنافس الدموع على كل هذا الدم المسفوك على الطريق الى الحرية.
لم تكن زيارتنا للبقاع اللبناني هذه المرة لمعاينة اثار عدوان اسرائيلي كما جرت العادة على مدى عقود... مهمتنا كانت استطلاع حال الفارين من «ملعب النار» في الجوار السوري بعدما جار عليهم من يصفونه بـ «نيرون» من زمن آخر، فهربوا من كابوس الى... كابوس.
اكثر من 50 الف نازح غالبيتهم من السوريين وبعضهم من فلسطينيي مخيم اليرموك هبطوا على السهل في الزمن الصعب، فروا من حمص وحلب ودمشق، تركوا بيوتاتهم المهشمة وأحلامهم المكسورة، ولجأوا الى العراء، جلهم من النساء والاطفال والعجزة...
في الايام الاخيرة اشتدّ تدفق الفلسطينيين الى البقاع بعدما دكت الـ «ميغ» مخيم اليرموك الدمشقي «عاصمة» اللجوء الفلسطيني في سورية. ما يزيد على ثلاثة الاف «يرموكي» توزعوا على قرى البقاع وبلداته، بحسب تقرير لـ «الاونروا» التي لم تحص غير المسجلين في دفاترها.
هؤلاء الذين نزحوا يوماً من فلسطين ونزحوا مراراً وتكراراً من امكنة اخرى في دول الشتات، نزحوا من جديد بعدما تحول نصف مخيم اليرموك مجرد «اطلال» تروي فواجع ما ارتكبته طائرات «الميغ» وراجمات الصواريخ بالحجر والبشر...
عندما يحدثك الاطفال عن مجزرة الـ 300 قتيل في الجامع داخل المخيم تدهم كبارهم صور مجاز صبرا وشاتيلا ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان العام 1982، وعندما يرسمون بهلع مشاهد الدمار في اليرموك يسترجعون ما حل بمخيم جنين على ايدي جنود الاحتلال وترسانتهم.
في عز النزوح والبرد كانت السيارات ذات اللوحات السورية «تتكدس» امام بوابة المصنع اللبنانية على الحدود. الوافدون الجدد ينتظرون انجاز معاملات الدخول، وفي بيروت تقرع الحكومة ناقوس واقع كارثي ينجم عن تدفقات بوتيرة متسارعة لالآف العائلات الفلسطينية والسورية.
لم يقتصر «الهلع» الرسمي من نزوح اعداد غير متوقعة لا سيما من الفلسطينيين على مناشدة المؤسسات الدولية الاستجابة على عجل لما يحتاجه لبنان لايواء اكثر من 160 الف نازح، بل كانت المفاجأة مطالبة وزراء بقفل الحدود في وجه الفارين من الموت في بلادهم، بحجة انهم سيتحولون «قنبلة موقوتة».
على «المصنع»، كما على البوابات البرية الاخرى التي يعبرها نحو 1500 نازح يومياً، بحسب احصائيات «الاونروا» تمتزج مشاعر هؤلاء بفرح النجاة وكآبة اللجوء، وهم غالباً ما يتجنبون الكاميرات وفضول الصحافيين... فالقمع المعشعش في قلوبهم اقوى من فضيلة البوح.
من المصنع يتوزعون على طول لبنان وعرضه بحسب الانتماءات وروابط القربى، وغالباً ما يكون البقاع محطتهم الاولى في ضيافة «أزهر لبنان» او البلديات او المخيمات او
اولاد الحلال او ربما يكون مصيرهم الخيم والكاراجات والبيوت المهجورة او تلك قيد الانشاء.
في بلدة المرج استحدثت بلديتها ما اسمته «المركز الموقت لاستقبال النازحين»، بمبادرة من هيئة الاغاثة السعودية، وهو عبارة عن تجمع لخيم تكاد ان تكون نواة مخيم من النوع الذي تحظر اقامته في لبنان لاسباب سياسية مردها الى رغبةٍ بعدم استفزاز النظام السوري.
رئيس بلدية المرج عماد الشموري، الذي حرص على نزع صفة المخيم عن المركز قال لـ «الراي» انه يضم 41 خيمة على ارض للبلدية، كل واحدة منها مجهزة بمدفأة على المازوت، ويصار الى تأمين المحروقات الكافية لحماية «سكانها» من الصقيع، اضافة الى وجود مطبخ مشترك قيد الانجاز.
ولفت شموري الى ان المركز يتولى استقبال النازحين الآتين للتو قبل ان يصار الى تأمين امكنة لايوائهم، مشيراً الى ان مساعدات تقدمها الامم المتحدة والمجلس الدانمركي وهيئة الاغاثة السعودية، نافياً اي دور لمؤسسات الدولة اللبنانية على اختلافها.
في المخيم الذي استُحدث حديثاً 17 عائلة، ثلاث منها نزحت من مخيم اليرموك، لكن احداً منهم لم يبد اي استعداد للكلام... انهم يرغبون بالعودة من حيث اتوا، ويخشون تالياً من الحديث ويفضّلون العض على الجرح.
لم يسعفنا الطقس الماطر في القيام بجولة واسعة على الامكنة التي تستضيف اولئك الذين جاؤوا حديثاً من مخيم اليرموك، الذي كانت الانباء تتحدث عن اتفاق بين الفصائل الفلسطينية على اخلائه من المسلحين لحمايته من التدمير الكلي ولحفظ حياة من لم يغادره، وهو الذي يضم نحو 150 الف نسمة.
ثمة من ارشدنا الى وجود عائلة وصلت قبل يومين من «اليرموك»، وتقيم في المركز الثقافي الفلسطيني في بلدة بر الياس البقاعية، التابع للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين (بزعامة نايف حواتمة)، فقصدنا المكان وكان الليل بدأ بالهبوط تحت جنح صقيع يضاعف من معاناة النازحين والمصاعب التي تواجههم.
سلم حديد اوصلنا الى المركز الثقافي في الطبقة الثانية من المبنى... الغرفة التي تأخذ شكل مكتب صارت سكنية، تتوسطها مدفأة تبث شيئاً من الحرارة التي تقاوم البرد، وفي زواياها فرش تستعمل للجلوس والنوم والاكل والهموم... وما اكثرها.
عائلة من تسعة اشخاص، والدان واولاد من ذكور واناث اكبرهم في العشرينات من العمر جاؤوا الى هنا على عجل بعدما دُمر منزلهم في مخيم اليرموك بثلاث قذائف، بعدما كانوا رمموه من اصابة في مرة سابقة... شاهدوا الموت باعينهم فقرروا النجاة بانفسهم تاركين جنى العمر.
تذكر الجلسة في هذا المركز - البيت بأيام «جمهورية الكاكي» في حي الجامعة العربية ومتفرعاته في بيروت قبل الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وخروج منظمة التحرير... بوسترات تمجدّ ذكرى انطلاقة الجبهة الديموقراطية، صور لنايف حواتمة الماركسي الذي يتقن فن المطولات من الخطب، واعداد من مجلة «الحرية» التي افل نجمها بعدما سطعت طويلاً في سماء اليسار اللبناني والفلسطيني.
الوضع في مخيم اليرموك سيء جداً، قال رب العائلة الذي يعمل في مجال «التبليط»: «القذائف كانت تنهمر علينا من كل حدب وصوب. وبعدما دُمر البيت تركنا المخيم ولجأنا الى منطقة السبع بحرات في سورية لثلاثة ايام قبل ان ننتقل الى هنا».
شاب في مقتبل العمر روى كيف كانت الـ «ميغ» تقصف المخيم: «في الجامع، مقابل المدرسة، وقعت مجزرة قتل فيها نحو 300 شخص»، مشيراً الى ان «التحرش بالمخيم الذي بدأ في شهر رمضان الماضي اشتد اخيراً وعلى مدى عشرة ايام، فدمر نصفه على الاقل وشرد معظم سكانه».
وفي اعتقاد الوالد، الذي لم يشأ الكشف عن اسمه الحقيقي، «ان المخيم يشكل معبراً استراتيجياً للمسلحين («الجيش الحر») في اتجاه العاصمة، فهو يربط دمشق بريفها ما جعله بين جبهتين من المناطق الساخنة، حيث شهد عمليات كر وفر بين الجيش الحر وجيش النظام».
بعض افراد العائلة اوحى بان جماعة «القيادة العامة» التي يتزعمها احمد جبريل قامت بجر المخيم الى المواجهة: «75 مسلحاً ينتمون الى القيادة العامة ملتصقون بالنظام (السوري) افتعلوا المشاكل، رغم ان الفصائل الاخرى كانت تنأى عن الصراع الدائر في سورية».
هنا تدخّل عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية عبد الله كامل، الذي كان حاضراً في هذه الجلسة، مشيراً الى «اتفاق تم اخيراً بين الفصائل الفلسطينية لتحييد اليرموك عن المواجهة العسكرية، يقضي بانسحاب المسلحين منه، واعادة النازحين اليه، على ان تكون الفصائل مسؤولة عن امنه، الامر الذي يسهم في تحييده عن الصراع العسكري»، وهو الاتفاق الذي لم يصمد طويلاً.
واوضح كامل «اننا بذلنا جهداً كي لا نكون طرفاً في الحراك السوري، مستفيدين من تجربتنا في لبنان».
لم تذهب الصغيرة السمراء بنت العشرة اعوام سوى 30 يوماً من هذا العام الدراسي الى المدرسة... غالباً ما كان القصف يفاجئ الاهالي الذين يهرعون الى المدارس للعودة بابنائهم خشية على ارواحهم.
وبحسرة تتحدث الوالدة عن ان الحصول على الخبز كان يحتاج للانتظار لثلاث ساعات او اكثر امام الفرن، فـ «الحياة في المخيم صارت جحيماً في المدة الاخيرة، ولم يكن في الامكان البقاء هناك بعدما حصد الموت المئات (...)».
الفلسطينيون النازحون يشكون سوء المعاملة في لبنان والتمييز بين نازح سوري ونازح فلسطيني ومن شح المساعدات وغياب مؤسسات الدولة اللبنانية، ومن سوء الحال، ومن هذا النزوح المتمادي واللا متناهي منذ العام 1948».
حكايا كـ «الفواجع» عن «بابا عمرو» آخر في المخيم الدمشقي
بيروت ـ من عفيف دياب:
يختلف اسم المخيّم من سنة الى أخرى... ولا يختلف طعم الموت. تقول الناشطة اللبنانية ايناس القادري في معرض تعليقها على ما يجري في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق: انها «مقتلة» شعبٍ وُلد من رحم «نكبات» العرب.
لم ترحم صواريخ طائرات «الميغ» سلمى وهي تحاول الهرب من قنّاص في شارع فلسطين داخل مخيم اليرموك في دمشق قبل ايام. وتحكي «ام سلمى« قصص الموت في يرموك الشام، وقصة وحيدتها. تحبس الحاجة الثمانينية دموعها وتروي بصوت متهدج «مقتل» ابنتها في مخيمٍ أصبح نكبتها الفلسطينية الجديدة.
لم تتعب ابنة مدينة صفد من النكبات والنكسات، ولا من «طعن» الخناجر. في العام 1948 هربت «ام سلمى» من صفد الى لبنان. وبعد مقتل زوجها في مخيم تل الزعتر قرب بيروت العام 1975 هربت مع وحيدتها الى مخيم اليرموك. هناك عاشت اجمل ايامها قبل ان تتلقى خبر استشهاد زوج ابنتها سلمى في مواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي في حصار بيروت 1982. خبرٌ أحزن الاسرة قبل ان تسمع خبر استشهاد وحيد سلمى في ما عُرف بحرب تصفية «الزمر العرفاتية» في مخيم صبرا في بيروت العام 1986 والتي كانت تخوضها حركة «امل» اللبنانية نيابة عن النظام السوري.
تعتصم «ام سلمى» اليوم بالصمت... أنهكتها حكايتها وحكايا فلسطين الباكية ابداً والحزينة دائماً. بالامس تركت سلمى جثة هامدة في مخيم اليرموك، وها هي اليوم لا تدري إن كانت ستعود الى «يرموكها»، ولكنها لم تقطع الامل بالعودة الى فلسطين.
اكثر من 10 ساعات امضتها أم سلمى حتى وصلت من دمشق الى الحدود اللبنانية. عند نقطة عبور المصنع في سهل البقاع اللبناني، عانت من ذوي القربى و«ولاد الحلال كتار... ساعدوني حتى وصلت الى مخيم الجليل (بعلبك)».
اكثر من 1200 عائلة فلسطينية وصلت الى سهل البقاع اللبناني هاربةً من الموت في المخيم الدمشقي. يحكي اللاجئون عن «يوم القيامة» في مخيمٍ نصفه مدمّر بالقصف المدفعي والصواريخ، ونيران الحرائق تلتهم نصفه الاخر.
وتقول السيدة ام خالد ع. الهاربة مع اولادها الاربعة انهم خرجوا تحت القصف و«انتقلنا من حارة الى حارة حتى وصلنا الى ساحة السبع بحرات في دمشق». وتضيف: «المخيم مدمر. لا أعرف اذا اشقائي احياء ام اموات». وتقول جارتها ام حسين خ. ان شارع فلسطين في المخيم دمر بالكامل و«يا محلا بابا عمرو». وتتابع انهم اجبروا على اخلاء مخيم اليرموك و«انتظرنا 7 ساعات امام مقر الهجرة والجوازات في دمشق حتى يُسمح لنا بالمغادرة الى لبنان». وتؤكد انها اضطرت الى دفع رشى مالية حتى تتمكّن من الخروج من دمشق الى البقاع اللبناني.
تحكي الفلسطينية ام خالد كيف نزحت من حي التضامن في دمشق الى داخل مخيم اليرموك قبل عدة اشهر و«هلق هربنا الى لبنان». وتضيف: «كل المخيم صار خرابا. لا ماء ولا كهرباء ولا مازوت للتدفئة. اللي صار معانا مؤامرة على الفلسطيني».
وتلفت ام خالد الى ان القصف استهدف كل حي شارع فلسطين ومسشفى الباسل وشارع لوبيا في مخيم اليرموك، موضحة ان القصف المدفعي العنيف «اضطرنا للمغادرة، وكانت اللجان الشعبية قد طلبت منا المغادرة».
«النكبة» الفلسطينية الجديدة على ارض دمشق هذه المرة، وضعت القوى واللجان الشعبية الفلسطينية والهيئات الدولية امام امتحان كبير في لبنان. ففي سهل البقاع وصل عدد الهاربين من الموت في مخيم اليرموك الدمشقي الى 1200 عائلة «هبطت» فجاة على أقرباء لاجئين في مخيم الجليل قرب مدينة بعلبك وفي مختلف قرى البقاع الاوسط.
ويقول عبدالله كامل من اللجان الشعبية الفلسطينية ان المعاناة الكبرى هي في توفير المأوى للنازحين من مخيم اليرموك، موضحاً لـ «الراي» ان اللاجئين الفلسطينيين في سهل البقاع اللبناني استطاعوا جمع مساعدات غذائية وملابس وأغطية للوافدين الجدد من اهلهم، لافتاً الى ان السلطات اللبنانية لم تحرك ساكناً، وان الهيئات الدولية ساهمت في شكل خجول في تأمين بعض الاحتياجات الضرورية.
في مخيم الجليل، تبرز معاناة الوافدين من مخيم اليرموك. فالمخيم الصغير لا يمكنه استيعاب اللاجئين الجدد. اكثر من 550 عائلة وصلت خلال 36 ساعة الى الجليل. ويقول امين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في البقاع خالد عثمان ان التحدي الاكبر هو ايواء هذا العدد المرشح للارتفاع، موضحاً ان لا منازل خالية او غرف متوافرة للايواء، مناشداً المجتمعين العربي والدولي مدّ يد المساعدة، وخصوصاً ان الواقع العسكري في دمشق سيؤدي الى تدفق المزيد من النازحين الفلسطينيين....

 

 

       

أول جلسة للجنة قانون الانتخاب في 8 يناير و«14 آذار» لن تشارك بـ «حوار القصر»
لبنان يستقبل الـ2013 بـ«مفرقعات سياسية» وعيْنه على «كرة النار» السورية
الرأي...بيروت - من ليندا عازار
... قانون الانتخاب، نسبية او قانون الستين او الدوائر الصغرى، انتخابات نيابية في موعدها او لا انتخابات، النازحون من سورية، تغيير الحكومة، حوار القصر الجمهوري... هذه «المفرْقعات» السياسية التي تستقبل بها بيروت الـ 2013 وسط مخاوف من «ألعاب نارية» على المستوى الامني لحسابات تتصل بمآل الأزمة السوريّة والتوقّعات المتصاعدة بإمكان ان تحمل السنة الطالعة نهاية لها يُخشى ان تكون «البداية» لشيءٍ ما «مخيف» في لبنان.
كل شيء في لبنان بات «مربط الخيل» فيه بسورية منذ ان خرج «حصان» الثورة من الحظيرة ولم يعد هناك ايّ إمكان لإعادته، فصارت حسابات كل اللاعبين المحليين بامتداداتهم الخارجية مرتبطة بهذا الملف، «المصيري» على المستوى الاستراتيجي للمكوّن الاساسي في فريق 8 آذار اي «حزب الله» ومن ورائه ايران، والمحدِّد لمسار جديد في الوضع الداخلي اللبناني بالنسبة الى قوى 14 آذار التي ترى ان تلقي «محور الممانعة» ضربةً بانهيار نظام الرئيس بشار الاسد يعني تلقائيا تعزيز مكانة «محور الاعتدال» في المنطقة والذي يقف فيه «تيار المستقبل» على «نقطة تقاطُع» بالغة الأهمية تتيح إحداث نوع من «التوازن» في الواقع المحلي وتوازناته الطائفية والمذهبية.
وبانتظار اتضاح الأفق في الملف السوري، «حُجزت» الأيام اللبنانية الفاصلة عن2013 كما الاسبوع الاول منه لمجموعة من المحطات هي تباعاً:
• الجلسة الوداعية للـ 2012 التي يعقدها مجلس الوزراء اللبناني اليوم حيث من المتوقع إطلاق المرحلة الأولى من المناقصات من أجل استخراج النفط، كما ستحضر قضية النازحين السوريين والفلسطينيين من سورية وسط اتجاه لإقرار الخطة المتكاملة لاستيعاب النازحين بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة والدول المانحة، وفي ظل اعتراض من افرقاء سياسيين في 8 آذار على الامر داعين الى قفل الحدود والكف عن مدّ «تكفيريين» بالمساعدات.
* ابلاغ دوائر البرلمان اعضاء اللجنة الفرعية لبحث قانون الانتخاب موعد انعقاد اللجنة نهار الثلاثاء في 8 يناير المقبل في مقرّ البرلمان، وسط اتجاه لان يوافق نواب 14 آذار على الحضور الى «ساحة النجمة» من «الفندق - الحصن» الملاصق للبرلمان (سينزلون فيه لأسباب أمنية)، وذلك ترجمةً لسياسة «سحب الذرائع» التي تعتمدها المعارضة من قوى «8 آذار» التي تتهم «14 آذار» بأنها تتعمّد شمول مقاطعتها للحكومة اعمال اللجنة المكلفة التفاهم على التقسيمات الانتخابية بهدف الابقاء على القانون الحالي المعروف بقانون الستين والذي يكرر فريق الثامن من آذار ان «لا انتخابات في ظلّه».
• اتجاه فريق «14 آذار» مجدداً الى رفض المشاركة في هيئة الحوار الوطني التي دعا رئيس الجمهوري ميشال سليمان الى استئناف جلستها في 7 يناير المقبل لاقتناعهم بان لا جدوى من الحوار في ظل فريق متمسك بسلاحه (اي حزب الله) ويرفض بحثه جدياً على الطاولة واستمرار «آلة القتل»، ما يعني بالنسبة الى هذا الفريق تأمين نوع من «الغطاء للقتَلة».
ورغم الخلفيات «المبدئية» لـ «14 آذار» لرفض العودة الى الحوار، فانها تحاذر ان يَظهر الامر في اي شكل على انه مقاطعة لرئاسة الجمهورية ولا سيما في ظل المواقف المتقدّمة للرئيس سليمان من ملفات داخلية عدة واخرى ذات صلة بالازمة السورية والتي تثير استياء دمشق وحلفائها في لبنان، علماً ان سليمان كان اعلن اول من امس موقفاً ذات دلالات بالنسبة الى الانتخابات النيابية تصدّى فيها بوضوح لـ«معادلة» قوى «8 آذار» بان «قانوناً جديداً للانتخاب او لا انتخابات نيابية» (اواخر الربيع المقبل) اذ اعلن «ان تداول السلطة وفق أي قانون أفضل من عدم إجرائها، وهذا يعني أن نحفظ الموعد ونبذل جهدنا لإنجاز القانون المناسب وإذا لم نتمكن نذهب الى الانتخابات».
وتبعاً لذلك، تدعو «14 آذار» الى «بديل» مما باتت تعتبره «حوار الطرشان» مع «8 آذار» ويقوم على الحوار مع رئيس الجمهورية «بشكل منفرد وليس مع الفريق الاخر»، مطالبة بـ«تفعيل دور المؤسسات الدستورية».
وفي موازاة ذلك، وفي حين عُلم في بيروت ان نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد ومعاون وزير الخارجية السوري احمد فاروق عرموس غادرا فجر امس عبر مطار رفيق الحريري الدولي في طريقهما الى موسكو، تسلّم وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور من السفير الايراني في بيروت غضنفر ركن أبادي نسخة من مبادرة إيران في شأن الازمة في سورية «والتي تبنى على وقف العنف وإعادة الهدوء الى سورية بعدما وصلت الاشتباكات العسكرية الى طريق مسدود واصبح الجميع مقتنعا بعدم جدواها وبوجوب ان يكون الحل سياسيا».
وقال ابادي: «يشكل الحوار الجوهر الاساسي لهذه المبادرة، بمشاركة كل الاطراف من المعارضة والموالاة وممثلي الحكومة، وبالتنسيق مع ممثل الامين العام للامم المتحدة الاخضر الابراهيمي في كل المراحل سواء في الحوار والذي يعقبه تأليف لجنة مصالحة وطنية وتمهيد الارض لأجل إجراء انتخابات برلمانية، على ان يقوم البرلمان الجديد بتأليف الحكومة الانتقالية التي من وظائفها الاساسية المساعدة على إدارة البلد وتمهيد الارض من اجل تعديل الدستور الجديد او صوغه والتحضير للانتخابات الرئاسية في موعدها سنة 2014».
اضاف: «من اهم بنود المبادرة إيصال المساعدات الانسانية الى كل الشعب السوري من دون تمييز، وإطلاق المسجونين السياسيين وتأليف لجنة تقويم الخسائر والتنسيق بين الدول المانحة لإعمار سورية، والتركيز على الموضوع الاعلامي نظرا الى التضليل الاعلامي الكبير حيال ما يجري داخل سورية».
وردا على سؤال أوضح أنه «سيكون من الطبيعي ان تتصل ايران بقوى المعارضة السورية، وهي سبق لها ان اتصلت بالمعارضة السورية في أول اجتماع للحوار الوطني الذي عقد في طهران بمشاركة المعارضة والموالاة. واللقاء الثاني سيعقد في دمشق قريبا بمشاركة اوسع من المعارضة والموالاة بالارتباط مع الابراهيمي.
استقبله في باريس ودعا «لكشف وملاحقة كل مَن يثبت تورطه فيها».. الحريري دان التهديدات للشيخ الشعار
بيروت ـ «الراي»
دان الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري «التهديدات التي استهدفت اخيراً مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار» واستدعت بقاءه خارج لبنان، مؤكداً «التضامن الكامل» معه، وداعياً السلطات المختصة «من أمنية وقضائية، للقيام بمسؤولياتها لكشف وملاحقة كل من يثبت تورطه فيها».
وجاء كلام الحريري خلال استقباله في دارته في باريس الشيخ الشعار في لقاء حضر جانباً منه نائب رئيس البرلمان اللبناني فريد مكاري، وشدد خلاله زعيم «المستقبل» على «الدور الوطني الذي يلعبه مفتي طرابلس في ترسيخ صيغة العيش المشترك وعلاقاته الجيدة مع مختلف مكونات مدينة طرابلس، باعتباره ضمانة وطنية لن نقبل تحت أي ظرف من الظروف الإساءة إليها أو التعرض لها بأي شكل من الأشكال».
وبحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي للحريري، فقد بحث مع الشعار «في تطوّرات الأوضاع اللبنانية وفي مدينة طرابلس خصوصاً في ضوء المساعي التي بذلت أخيراً وأسفرت عن معالجة الوضع الأمني المتردي وإعادة الهدوء إلى عاصمة الشمال التي تشكل ركيزة أساسية من ركائز العيش المشترك في لبنان».
ومعلوم ان مدير العلاقات العامة والاعلام في دار افتاء سورية سابقاً الشيخ عبد الجليل السعيد كان فجّر قبل ايام «قنبلة» حين اتّهم رئيس المفرزة الخاصة بأمن الافتاء في سورية النقيب محرز ابرهيم حمد بالتخطيط مع آخرين لاغتيال الشعار، وانه كان يحضر الى بيروت للقاء مَن ينسّق معهم، مشيراً الى ان هذه القضية مرتبطة بملف الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة واللواء السوري علي المملوك، ومؤكداً انه سيضع شهادته امام المدعي العام في لبنان لدى حصوله على الوثائق الدقيقة والموثقة التي يجري العمل لاخراجها من سورية...

 

 

 

أفغانستان 2012: تطبيع عسير مع «طالبان» لمنع سيطرتها عسكرياً بعد انسحاب «الناتو»
الحياة...إسلام آباد – جمال اسماعيل
فتح الانسحاب المبكر للقوات الفرنسية المقاتلة من أفغانستان قبل نهاية العام 2012، الباب أمام عدد من الدول الأخرى المشاركة في قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لسحب قواتها قبل الموعد المقرر لانسحاب جماعي للقوات «الاطلسية» نهاية العام 2014، وهو موعد حدد في قمم «الناتو» المتعاقبة من لشبونة إلى شيكاغو.
وأثارت تلك الخطوة تساؤلات حول مستقبل أفغانستان والحكومة الحالية في كابول وما إذا كان الانسحاب الدولي سيقود إلى حال استقرار أو عودة للحرب الأهلية هناك. وعلى رغم عدم وضوح الموقف الأميركي من عملية الانسحاب النهائي نهاية العام 2014، فإن المؤشرات من الإدارة الأميركية توحي باتجاه إلى سحب قوات الأميركية من أفغانستان في ذلك الموعد، وهو ما تبدي الحكومة الأفغانية موافقة علنية عليه، لكنها تطلب في المقابل بتوقيع اتفاق مع» طالبان» برعاية دولية قبل الانسحاب النهائي للقوات الأجنبية من أفغانستان، إضافة إلى مواصلة الدعم المالي وتوفير المدربين الأجانب للمساعدة في تحضير القوات الأفغانية لمواجهة المرحلة القادمة.
وشهد العام 2012 تطورات في اتجاه خروج «طالبان» من عزلتها، بفتحها أول مكتب لها في العاصمة القطرية الدوحة، وحظيت الخطوة بمباركة حكومة الرئيس حميد كارزاي.
وشهد المكتب نشاطاً غير معهود منذ فتحه في شباط (فبراير) الماضي، إذ استغلت الحركة وجود المكتب لتنطلق منه للتواصل مع العديد من الدول الأوروبية وذات العلاقة بالشأن الأفغاني، مثل روسيا والصين واليابان والدول العربية.
لكن واشنطن، التي أوحت للحكومة القطرية باستضافة مكتب «طالبان» ليكون همزة الوصل مع الحركة بعيداً من النفوذ الباكستاني، وفق تعبير المسؤولين الاميركيين، بدت أكثر الخاسرين من هذه الخطوة، فبعد أقل من شهرين على فتح المكتب تقريباً، أوقفت الحركة الحوار مع ممثلي الإدارة الأميركية، متهمة واشنطن بعدم الجدية ومحاولة استغلال الوقت والسعي الى شق صفوف الحركة.
واستغلت «طالبان» المنتديات التي دعت إليها العديد من الدول الفصائل الأفغانية للتعريف بمواقفها ووجهات نظرها، ولتقيم سلسلة من العلاقات مع هذه الدول وتجعل التواصل معها مباشراً من دون أي وسيط، غير أن كل هذه الاتصالات لم يؤد إلى تخلي «طالبان» عن رفضها التحاور مع حكومة كارزاي بوصف الأخيرة بأنها «دمية» أتى بها الاحتلال الأجنبي لأفغانستان. وخير دليل على ذلك، تأكيد شهاب الدين ديلاور رئيس وفد «طالبان» الى منتدى باريس قبل ايام، عدم اعتراف الحركة بالدستور الحالي، مشدداً على ضرورة التحاور بين الأطراف الأفغانية المختلفة من دون تدخل خارجي.
غير أن التطور المثير في موقف الحركة، هو ما أعلنه وشدد عليه زعيم الحركة الملا محمد عمر في رسالتيه في عيدي الفطر والأضحى، من أن «طالبان» لن تستأثر بالحكم بعد الانسحاب الأجنبي، وتحترم حق جميع الأفغان في المشاركة السياسية وإعادة بناء البلاد، يضاف إلى ذلك ما أعلنه ديلاور في باريس، أن «طالبان» ستضمن حق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية والعمل والتعليم وحقوق جميع الفئات والأقليات الأفغانية، وهي محاولة من الحركة لتجنيب البلاد ويلات حرب أهلية قد تقع بعد الانسحاب الدولي.
وكشفت أطراف في المعارضة الأفغانية، أن «طالبان» تمكنت من إيجاد أرضية للتفاهم مع القوى السياسية في كابول، مثل يونس قانوني زعيم الجبهة الوطنية الأفغانية وتيار كبير من «الجمعية الإٍسلامية» التي قادها الرئيس السابق برهان الدين رباني، كما أن الحركة التقت مع العديد من ممثلي الشيعة في أفغانستان وأعطتهم مؤشرات تطمئنهم إلى مستقبل أفغانستان وعدم تعرضهم لأي محاولة استئصال.
 باكستان: شكوك في قدرة الحكومة
بعد فترة من الهدوء وانحسار التفجيرات والعمليات الانتحارية في المدن الباكستانية، عاد العنف في باكستان أواخر عام 2012 ليضفي المزيد من المخاوف حول المواجهات التي خاضها الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة ضد الجماعات المسلحة، اذ تمكنت حركة «طالبان باكستان» من قتل بشير أحمد بيلاور كبير وزراء حكومة بيشاور بعد أيام من هجومها الكبير على مطار مدينة بيشاور، وشنها عدداً من الهجمات الانتحارية في الإقليم المحاذي لمناطق القبائل الباكستانية.
وبعد أشهر من اعلان الجيش الباكستاني نجاحه في إجلاء مسلحي الحركة من إقليم سوات شمال بيشاور، عاد المسلحون ليضربوا بقوة لا تخلو من وحشية، اذ استهدفوا الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زي التي ادعوا ان الحكومة الباكستانية وجهات غربية استخدمتها في الدعاية ضدهم. وأثار التعرض للفتاة التي لا يتجاوز عمرها الـ15 سنة، حملة قوية لدفع الجيش للقيام بعملية واسعة النطاق ضد الجماعات المسلحة شمال وزيرستان، كما كانت واشنطن تطالب. لكن وبعد تلميحات من المؤسسة العسكرية حول تدارس الأمر وإمكان اللجوء إلى مثل هذه العملية، عاد الجيش ليقول إنه ليس في وارد القيام بمثل هذا الهجوم لما قد يثيره من مخاوف أمنية في طول البلاد وعرضها ولما تكلفه العملية من أموال عجزت الحكومة المدنية والدول المانحة لباكستان عن توفيرها حتى الآن.
ويرفض الجيش القيام بعملية شمال وزيرستان لأن الجماعات المسلحة فيها لم تقم بأي عمل عسكري ضده في المناطق القبلية وإنما قصرت عملها على دعم جهود «طالبان» الافغانية في القتال ضد قوات حلف شمال الاطلسي (الناتو) هناك. ويخشى الجيش من أن عملية عسكرية ضد هذه الجماعات قد تفسد ما توصل إليه من اتفاقات هدنة مع «طالبان باكستان»، كما تفقد إسلام آباد آخر حلفائها في افغانستان أي «طالبان» الافغانية، في وقت بدأت فيه قوات «الناتو» حزم أمتعتها للخروج النهائي من الأراضي الأفغانية.
وزاد الفساد المستشري في الاجهزة الحكومية والغلاء وارتفاع الأسعار والفشل في وقف التدهور الاقتصادي في البلاد ليزيد من أزمة الحكومة في التعامل مع الجماعات المتشددة التي أصبحت أكثر قوة على رغم كل ما شنّه الجيش من غارات جوية وعمليات حربية ضدها في العديد من المناطق .
كما أن صراع الحكومة المدنية مع المؤسسة القضائية وظهور الحكومة أمام الإعلام والشارع الباكستاني بموقف الرافض أو المتردد في تطبيق قرارات المحكمة العليا، حدا من قدرة الحكومة على الدخول في مواجهة مع الجماعات المسلحة، وأفقدها الكثير من الدعم المالي الذي كانت تنتظره من واشنطن او صندوق النقد الدولي.
ولم يقتصر عمل الجماعات المسلحة على منطقة القبائل ومواجهة الجيش هناك، بل شهد العام 2012 تزايداً في العنف الطائفي في باكستان، إضافة إلى تزايد عمليات المسلحين الانفصاليين في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان .
ومع اقتراب الحكومة الحالية وبرلمانها من نهاية ولايتهما فإن الحكومة تجد نفسها وسط هذه المعضلات، تحارب على أكثر من جبهة، اذ ارتفعت أسهم عمران خان زعيم «حركة الإنصاف» الباكستانية الذي بات حسب وسائل الإعلام الباكستانية القوة السياسية الثالثة، كما ان حزب الرابطة بزعامة رئيس الوزراء السابق نواز شريف تمكن من نسج العديد من التحالفات السياسية لإسقاط حكومة حزب الشعب الحالية في الانتخابات المنتظرة في الربيع المقبل، وهو ما تشعر معه الإدارة الأميركية بعدم الرضا نظراً الى التباين الكبير في وجهات النظر بينها وبين نواز شريف، ما دفع الكونغرس الأمريكي الى تأجيل صرف قسط من المساعدات الأميركية المقررة سابقا الى باكستان ويصل إلى 650 مليون دولار تقريباً.
 
 

دروس لسوريا من البوسنة والهرسك
النهار...بقلم سلام الكواكبي

وصلتُ إلى سراييفو متحفزا لرؤية ستالينغراد البلقان والتي عانت ما عانته من حصار (1992 - 1995) وفقر وتجويع وقصف إبان الحرب الصربية على الجمهورية البوسنية الوليدة والتي أسفرت عن مقتل 12 ألف إنسان في هذه المدينة التي تحتضنها جبال غطتها الثلوج وتركت الحرائق آثارها على غاباتها الكثيفة.
ما حصل في البوسنة هو اعتداء دولة صربيا على دولة البوسنة والهرسك الحديثة النشوء. أما ما يحصل في سوريا فهو ثورة، ولكن المقارنة الإنسانية تصح وكذلك التعامل الدولي مع مأساة شعب أراد الحرية تشجّع على الاستفادة من التجربة البوسنية. وبالتالي، من المهم محاولة فهم ما جرى وخلفياته وكيفية إدارة النزاع ودور القوى الإقليمية وما يسمى المجتمع الدولي في إنهاء القتال ووقف أنهر الدماء. في هذه الحرب، برزت مواقف إنسانية عظيمة المعنى تتعلق بتضامن الأهالي وتضافر جهودهم بعيدا عن الاستفادة الآنية والأنانيات.
من أهم الدروس عملية التغطية الإعلامية وقصورها على بعض المناطق دون سواها. إضافة إلى أن الإعلام الخارجي لعب دورا رئيسيا في بناء الوعي الصحيح أو المغلوط عما يجري في البلاد وكان التواصل معه من قبل القوى البوسنية هو الأساس في تصحيح دفته وإبعاده عن المبالغات أحيانا أو التحليلات المتسرعة أحيانا أخرى. في المقابل، يبدو واضحا بأن تصريحات القادة الصرب هي التي أدخلت عبارة "الحرب الأهلية" إلى القاموس الإعلامي الغربي في الحديث عن انقضاض دولة صربية على دولة بوسنية معترف بها من قبل غالبية دول العالم. أهل البوسنة والهرسك وصلوا إلى الاستقلال وإيجاد حكومة وطنية تمثل كل المكونات قبل اندلاع الحرب، ولكن القوى الخارجية فضلت أن تتعامل معهم وتأتي بهم إلى المفاوضات لإنهاء الحرب وكأنهم يمثلون مصالح فئوية تتعلق بالمكون المسلم من مجتمعهم المركّب.
من جهة أخرى، يفاجأ المرء حين يعلم بأن التدخل الخارجي، والذي تأخر ثلاث سنوات، جاء في مرحلة كانت فيها القوات البوسنية قد عززت تحركاتها في اتجاه استعادة المناطق المحتلة. حيث إن انتصار البوسنيين توقف عبر التدخل الدولي. وهذا دليل على رغبة خارجية في السيطرة على مسألة التحول في اتجاه النظام الجديد بعيدا عن المغامرة في انتظار ما ستؤول إليه العمليات السياسية المحلية.
وجاء اتفاق دايتون المفروض على كل الأطراف ليؤسس لنظام سياسي معقد وهيكلية وزارية وإدارية متضخمة. مما نجم عنه أن الوضع السياسي والاقتصادي مشلول منذ سنوات بسبب هذا الحل التوافقي الذي أوقف الدماء ولم يؤسس لدولة ناجحة.
ربما يلام الغرب على فرض الحل الذي تمخّض عنه دستور يمنع من تطور الحياة السياسية في هذا البلد الصغير، ولكن الملام الأكبر هم القادة الذين ذهبوا إلى التفاوض من دون أن تكون لديهم أية رؤية سياسية واضحة لما يريدون أن تكون عليه بلادهم، فهل يستفيد السوريون؟

 

 

 

الصواريخ الفلسطينية مقابل القذائف الإسرائيلية في حرب غزة الثانية
معهد واشنطن....عوزي روبين
"في 18 كانون الأول/ديسمبر 2012، خاطب عوزي روبين منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسيد روبين هو رئيس شركة الاستشارات الدفاعية "روبينكون ليميتد" وخدم سابقاً كمدير مؤسس لـ "منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاته."
كانت حرب غزة في تشرين الثاني/نوفمبر حدثاً فاصلاً لكل من إسرائيل والفلسطينيين. فقد أظهر المسلحون في غزة تكنولوجيا صواريخ متطورة، وإن لم تكن دقيقة التوجيه، وهيكل قيادة وتحكم أكثر قوة، في حين استخدمت إسرائيل دفاعات صاروخية نشطة لأول مرة بشكل واسع النطاق.
وقد تميزت العمليات الفلسطينية باستعمال أعداد أكبر من الصواريخ الأكثر تطوراً القادرة على ضرب مراكز سكانية ومحاور اقتصادية على نطاقات أكبر من ذي قبل، بما في ذلك عدد قليل من الصواريخ التي وصلت إلى مشارف تل أبيب والقدس. وشملت الصواريخ قصيرة المدى تلك من نوع "قسام" محلية الصنع التي يستخدمها الفلسطينيون منذ أوائل العقد الماضي، والصاروخ الإيراني الأشد فتكاً وأكثر دقة من عيار 107 مليمتر، وهو سلاح محمول يبلغ مداه حوالي عشرة كيلومترات.
كما تم إطلاق صواريخ "غراد" طويلة المدى، تم الحصول عليها في حوالي عام 2009، ويبلغ مداها أكثر من أربعين كيلومتراً، وتطلق من منصات إطلاق تحت الأرض يتم رفعها وخفضها إلكترونياً، مثل تلك التي استخدمها «حزب الله» في حرب لبنان عام 2006. وغالباً ما يتم وضع منصات إطلاق كهذه في المناطق السكنية من أجل استخدام المدنيين كدروع بشرية.
وتشمل الصواريخ متوسطة المدى التي حصل عليها الفلسطينيون في عام 2011، الصاروخ الإيراني "فجر-5" الذي يبلغ مداه 75 كيلومتراً، و "75-M" وهو على الأرجح تصميم إيراني مصنوع محلياً -- على الأقل جزئياً. ويُعتقد أن صاروخاً واحداً من طراز " 75-M" قد ضرب منطقة خالية جنوب القدس، لكن الفوهة التي نتجت عن سقوطه كانت صغيرة جداً من أن تكون نتيجة رأس صاروخ يزن 80 كغم كما تم الإدعاء عن ذلك السلاح.
وقد اتسمت الهجمات الصاروخية الفلسطينية بإطلاق نيران كثيفة ومركزة، وقدرة على تحويل نقاط الهدف والوصول إلى الأهداف السطحية. فعلى مدى ثمانية أيام تم إطلاق أكثر من 1500 صاروخ على إسرائيل. ولم يصل 152 صاروخاً منها إلى إسرائيل بينما ضرب 875 صاروخاً آخر مناطق خالية في حين أن معظم الصواريخ الصواريخ المتبقية والبالغ عددها 479 - أو حوالي 32 بالمائة من إجمالي الصواريخ التي تم إطلاقها - كانت ستضرب مناطق سكنية لولا أن تم اعتراضها.
وقد أظهرت الهجمات اتجاهاً لوحظ في الحملات الصاروخية السابقة: أي معدل مرتفع من النيران التي تُطلق في مستهل الاشتباكات، يعقبها هبوط مع مرور الوقت ثم تصاعد في النهاية لخلق صورة النصر. وقد أظهر استنفار عمليات الإطلاق في الدقيقة الأخيرة قابلية الفلسطينيين على الحفاظ على قدراتهم في القيادة والتحكم حتى في وجه عمليات الهجوم الإسرائيلية المكثفة. كما تميز الصراع باستهداف القدس وهي عملية لم تعهد من قبل، على الرغم من خطر إلحاق ضرر بالأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين. وبالإضافة إلى ذلك، استهدف الفلسطينيون تجمعات القوات الإسرائيلية لكي يُظهروا أن باستطاعتهم النيل من أهداف سطحية.
وقد شمل الرد الإسرائيلي ضربات جوية ودفاعات سلبية فعالة، وللمرة الأولى دفاعات إيجابية في صورة نظام "القبة الحديدية". وتكونت العمليات الهجومية من ضربات استباقية ضد مخزون صواريخ متوسطة المدى ومواقع إطلاق، ومضايقة فرق إطلاق الصواريخ ومراكز القيادة، ونيران مضادة لمنصات الإطلاق المكشوفة. وقد كانت الهجمات الاستباقية أكثر فعالية، كما يتضح من الاستخدام المحدود نسبياً لصواريخ متوسطة المدى في أعقاب شن تلك الضربات. وقد كانت الهجمات على مواقع الإطلاق أقل فعالية نوعاً ما، ربما بسبب رغبة إسرائيل في تقليل الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار الجانبية في المناطق السكنية التي يوجد فيها العديد من منصات الإطلاق.
وقد شملت الدفاعات السلبية الإسرائيلية نظام الإنذار المبكر الذي كان فعالاً للغاية في إعطاء المدنيين الوقت الكافي لإيجاد المأوى. وفي الواقع، فمن المشكوك فيه أن يكون هناك صاروخ واحد قد سقط في إسرائيل من دون إنذار مبكر. وحتى مع ذلك، فقد ظهرت عدة مشاكل ستحتاج إلى معالجة قبل الحرب القادمة مثل السيطرة على حشود المتفرجين في المناطق المتضررة وقرب بطاريات "القبة الحديدية". بإمكان هذا السلوك الخطير أن يُؤدي إلى وقوع إصابات خلال الهجمات المستقبلية.
 لقد كانت إحدى السمات المميزة للصراع هي الاستخدام الواسع لـ "القبة الحديدية"، التي طُورت خلال زمن قياسي أمده أربع سنوات فقط، وذلك بعد حرب لبنان عام 2006. وقد تم تشغيل أول بطارية عملياتية في نيسان/أبريل 2011، وكانت إسرائيل قد دفعت تكاليف تطوير وانتاج البطاريتين الأوليتين، بينما مولت الولايات المتحدة الإنتاج اللاحق.
وقد أثبتت "القبة الحديدية" أنها خيار فعال يتسم بالكفاءة وذو أسعار معقولة للدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية. وكانت أربع بطاريات قد تم نصبها قبل بدء القتال، بينما أُضيفت بطارية خامسة خلال مجرى الصراع للدفاع عن تل أبيب. وقد دَمَّرت هذه البطاريات الخمس 421 صاروخاً (أو 84 بالمائة من التهديدات الفعلية) باستخدام 500 قذيفة معترضة فقط، بواقع 1.2 قذيفة معترضة فعالة جداً لكل صاروخ (مقارنة بـ 2.2 قذيفة معترضة خلال اشتباكات آذار/مارس 2012). بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لـ "منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية"، فإن جميع التكتيكات الفلسطينية المضادة - بما في ذلك المسارات المنخفضة، والنار المركزة، والهجمات المتكررة بسرعة - كانت غير فعالة. كما كانت "القبة الحديدية" قادرة على التخلص من جميع القذائف في وقت واحد، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لاختيار هذا النظام وتفضيله على الأنظمة الأخرى التي بإمكانها مجابهة صاروخ واحد فقط في وقت واحد.
وفي حرب لبنان عام 2006 تحملت إسرائيل حالة وفاة واحدة مع كل إطلاق لخمسة وسبعين صاروخاً. ومع ذلك، فخلال صراع غزة ساعدت "القبة الحديدية" على تخفيض هذا العدد إلى حالة وفاة واحدة لكل 300 صاروخ أُطلقِت [باتجاه إسرائيل]. وعلاوة على ذلك، كانت تكلفة 500 قذيفة اعتراضية مستهلكة هي 25 مليون دولار، وكانت قادرة على الدفاع ضد1,500 صاروخ، مما يثبت أن الدفاعات الصاروخية النشطة ميسورة التكلفة للغاية.
ومن المنظور الاستراتيجي كان الصراع في غالبه "حرباً تم خوضها بضغطة زر"، حيث سمح لإسرائيل بالدفاع عن أراضيها ضد الصواريخ، وتحقيق أهدافها المعلنة في تقليل الخسائر والأضرار، في الوقت الذي وفرت أيضاً المساحة اللازمة للمناورة لتجنب القيام بعمليات أرضية. وكانت جميع الجوانب الثلاثة من الرد الإسرائيلي - الهجوم والدفاع النشط والدفاع السلبي - حاسمة في حماية الداخل. وفي الواقع فإن المحصلة قد أسست دفاعاً نشطاً كركيزة أساسية لقدرة إسرائيل على الانتصار في الصراعات المستقبلية.
وربما كان قتال غزة نذيراً للحروب المقبلة. فالعقيدة العسكرية لـ «حماس»، بتركيزها على الصواريخ والقذائف، هي انعكاس للعقيدة العسكرية الإيرانية، وبالتالي فإن أية حرب مستقبلية في الخليج ستتكشف على الأرجح على طول خطوط مشابهة. ولذا ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في دفاعاتها النشطة من أجل حماية المراكز السكانية والبنية التحتية الوطنية والمنشآت العسكرية في جميع أنحاء العالم.
وأخيراً، وعلى الرغم من كون صراع غزة حرباًغير دموية نسبياً، فقد يثبت حقاً أنه حدثاً فاصلاً في تاريخ إسرائيل العسكري. فالتفاني القوي والابتكار داخل المجمع الدفاعي في البلاد، حتى في ظل وجود معارضة عنيدة من قبل صناع القرار، قد أوجد رداً منضبطاً في توقيته وفعالاً ضد التهديدات الصاروخية الغير متناظرة من غزة. ورغم أنه كانت لدى إسرائيل الموارد المالية للإنتاج الكامل لبطاريات "القبة الحديدية" إلا أنها افتقرت إلى الوقت [الكافي] لمناقشة تلك الاعتمادات، لذلك فإن الدعم المالي الأمريكي لم يكن يقدر بثمن لضمان استعداد إسرائيل لمواجهة ذلك التهديد. والإسرائيليون مدينون إلى الرئيس أوباما والكونغرس الأمريكي لدعمهم الحازم والسخي للدفاعات الصاروخية التي أنقذت حياة العديد من المدنيين الأبرياء.
أعدت هذا الملخص المقررة ربيكا إيدلستون.

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,701,765

عدد الزوار: 7,039,548

المتواجدون الآن: 97