تقارير..النظام الإيراني يدفع باتجاه حرب سنية - شيعية في المنطقة....كردستان أو الثورة النظيفة!...الحل في سورية قرار أممي وقوة مسلحة تجمع الأطراف...العلاقات الفرنسية ـ التونسية في دائرة التوتر.. مجددا.... هل تصل الأمم المتحدة الى نشر قبعاتها الزرق في مالي؟....«حرب الإلغاء» مستمرة بين قانون 1960 و«الأرثوذكسي»: يحسمها «المختلط» أو يدخل الجميع في حلقة مفرغة

مصادر لبنانية لإسرائيل: "حركة أمل" اللبنانية تسعى مستقبلاً لعلاقة جيدة مع اسرائيل.....حرب الظل بين اسرائيل وإيران تستعر على جبهة بلغاريا....اخطبوط السلفيين يلتف على ارض الربيع العربي.....الاقلية المسيحية في ليبيا تخشى تنامي التشدد الاسلامي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 12 شباط 2013 - 5:28 ص    عدد الزيارات 2156    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حرب الظل بين اسرائيل وإيران تستعر على جبهة بلغاريا
موقع إيلاف...لميس فرحات  
مع اقتراب الذكرى الخامسة لمقتل العقل المدبر للجناح العسكري لحزب الله، تخشى إسرائيل من وقوع عمليات انتقامية ينفذها حزب الله وإيران في المدن الاسيوية أو العاصمة البلغارية صوفيا التي أصبحت مسرحاً للعمليات المتبادلة بين الطرفين.
ليس خفياً على العالم، ما يدور من حرب سرية بين إيران وإسرائيل رحاها مدن وعواصم العالم، وضحاياها دبلوماسيين وعلماء وحتى سياح، بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تستهدف البنى التحتية والمصالح لكلا البلدين.
الحلقة الأحدث في مسلسل العمليات المتبادلة بين ايران وإسرائيل هي العملية التي وقعت في مدينة برجاس البلغارية في يوليو/ـتموز الماضي، عندما فجرت حافلة تقل سياح اسرائيليين مما أدى إلى مقتل خمسة اسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري ومنفذ العملية.
وأعلن التحقيق الذي أجرته السلطات بلغاريا يوم الثلاثاء أن منفذ العملية واثنين من المتواطئين الهاربين تابعين لحزب الله اللبناني الذي أشارت صحيفة الـ "تايم" إلى أنه يعمل في كثير من الأحيان مع الحكومة الإيرانية.
اتهامات متبادلة
يشار إلى أن التحقيقات البلغارية أجريت بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات الجنائية "يوروبول" التابعة للاتحاد الأوروبي، بمشاركة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أنه، ومنذ وقوع العملية في تموز الماضي، لم يفوت أي مسؤول اسرائيلي الفرصة إلا واتهم ايران وحزب الله بالضلوع في العملية، كما أن إسرائيل، ومنذ اللحظات الاولى بعد العملية اتهمت ايران مباشرة بالوقوف وراء التفجير.
واسرائيل عموماً لا تفوت مناسبة من دون أن تتهم ايران بالتخطيط لعمليات ضد الاهداف الاسرائيلية على الكرة الأرضية، وهو ما تنفيه ايران دائماً. ويتكرر هذا السيناريو بشكل مستمر كلما وقعت عمليات ضد أهداف اسرائيلية مثل تايلاند واذربيجان وشرق افريقيا وغيرها من البلدان.
ايران في المقابل اتهمت إسرائيل بالوقوف وراء اغتيال العلماء النوويين الايرانيين الأربعة في شوارع طهران بين يناير/كانون الثاني 2010 و 2012، فيما نجا خامس.
الانتقام الموجع
وفي كل مرة تقع فيها عملية ضد ايران تتعهد طهران وحزب الله بالانتقام. فقد اتهم حزب الله وايران الموساد الإسرائيلي باغتيال عماد مغنية، العقل المدبر للجناح العسكري لحزب الله في شباط/ فبراير 2008 وتعهد الحزب بالانتقام لمقتله، وقال أمين عام حزب الله حسن نصرالله بشكل علني حينها: "اردتموها حرباً مفتوحة، فلتكن".
وتعهدت إيران وحزب الله بالرد على غارة جوية اسرائيلية على قافلة تحمل صواريخ مضادة للطائرات من سوريا. وقال عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "ربما ليس في الجبهة الشمالية، ولكن في بلغاريا او تايلاند او الهند، لقد حاولوا بالفعل، ونجحوا في بعض الأحيان".
قنابل الدراجات
هناك الكثير من المحاولات والعمليات التي نفذت ضد مصالح اسرائيلية في الخارج، منها استهداف القنصل العام الاسرائيلي في تركيا في 26 أيار/مايو 2011 بالطريقة ذاتها التي استهدف بها عالم الفيزياء الايراني مسعود المحمدي الذي قتل عبر قنبلة مثبتة في دراجة نارية متوقفة خارج منزله في العام السابق لمحاولة استهداف القنصل الإسرائيلي في تركيا.
ووقعت عملية أخرى في اذربيجان في كانون الثاني/ يناير 2012 استهدفت السفير الاسرائيلي. وبينما تقترب الذكرى الخامسة لمقتل عماد مغنية في الثالث عشر من شباط/ فبراير، تخشى اسرائيل من وقوع عملية اخرى فى نيودلهي أو تبليسي في جورجيا أو غيرها من المدن الاسيوية أو العاصمة البلغارية صوفيا التي أصبحت مسرحاً للعمليات المتبادلة بين الطرفين.
العملية الأصعب
ورغم المحاولات الايرانية الكثيرة في آسيا وأوروبا وغيرها من البلدان لاستهداف مصالح إسرائيلية إلا أن عملية بلغاريا كانت الأصعب والأكثر قوة لأنها أوقعت قتلى، وقبلها عملية المعبد اليهودي في الأرجنتين مما يعني بنظر الكثير من المراقبين أن خلايا حزب الله نشطة في بلغاريا.
 
مصادر لبنانية لإسرائيل: "حركة أمل" اللبنانية تسعى مستقبلاً لعلاقة جيدة مع اسرائيل
الحياة...القدس المحتلة - آمال شحادة
كشف موقع "واللا" الاسرائيلي الاخباري نقلاً عن مصادر اسرائيلية رسمية، ان "شخصيات مسؤولة ورفيعة المستوى من قوى الرابع عشر من آذار في لبنان نقلت رسائل الى اسرائيل اكدت فيها رغبتها في منع اي تصعيد بين البلدين".
من جهتها نقلت الاذاعة الاسرائيلية بأن الشخصيات اللبنانية اكدت في رسائلها اهتمامها بتحسين العلاقات مستقبلاً. كما ادعت ان حركة امل الشيعية هي الاخرى نقلت الى اسرائيل رسائل مماثلة، الامر الذي اعتبرته اسرائيل مفاجاة كبيرة نظراً لتحالف الحركة مع حزب الله.
ويأتي هذا الحديث في وقت كان قائد وحدة "ناحل" في الجيش الاسرائيلي، يهودا فوكس، قد اعلن في اوصل تصريح علني لمسؤول عسكري بأن هناك ضرورة لحرب ثالثة على لبنان لنزع خطر صواريخ حزب الله".
وبرر فوكس هذا العدوان بالقول "إن اسرائيل لا تريد ولا تخطط حربا على لبنان أو احتلالا للجنوب اللبناني، ولكن حزب الله يستعد طوال الوقت للهجوم على اسرائيل وتهديد أمن سكانه. والطريقة الأفضل لنزع هذا الخطر هو في اجتياح المناطق التي يسيطر عليها وتدمير البنى التحتية لقوته العسكرية الصاروخية وتدمير أكبر قدر من بطاريات الصواريخ التي يقيمها وبذلك ضمان الهدوء في الجبهة الشمالية لفترة طويلة.
وقال فوكس ان بلاده تتابع بقلق كيف يعمل حزب الله على تعزيز ترسانته العسكرية وكيف يبذل جهودا خارقة للحصول على الصواريخ الروسية الحديثة والمتطورة، خصوصا الصواريخ أرض أرض البعيدة المدى والصواريخ المضادة للطائرات. فهو ليس بحاجة إلى هذه الصواريخ ليحمي نفسه أو ليدافع عن لبنان، بل يريد الحصول عليها فقط لهدف واحد هو تهديد اسرائيل ومهاجمة مواطنيها.
يشار الى ان خطة الجيش الاسرائيلي، في الموضوع الايراني تعتمد على ما يسميه "ضرب الثالوث الموالي لايران في المنطقة". فالاسرائيليون يرون أن الموقف الايراني المتعنت في مسألة تطوير السلاح النووي، نابع من القناعة بأن حزب الله وسورية وحماس والتنظيمات المسلحة في غزة ستنضم إلى الحرب. وأن ايران تستخدم هذه الأذرع في تهديداتها لاسرائيل. وقد سقطت سورية من هذا الحساب، بسبب انشغالها في الحرب الأهلية. وسقطت التنظيمات الفلسطينية في القطاع، بعد أن توصلت إلى اتفاق تهدئة مع اسرائيل بوساطة مصرية. وبقي حزب الله قوة تهدد اسرائيل، بفضل صواريخه المتطورة التي يبلغ عددها حوالي 50 ألف صاروخ، حسب التقارير الاسرائيلية. في اسرائيل هناك من يرى أن هذا هو الوقت المناسب لضرب حزب الله، حتى يبقى الايرانيون لوحدهم في المعركة،وعندها فاما يتراجعوا عن تطوير السلاح النووي وإما يدخلون في حرب لا يكون لهم أي سند فيها من دول الجوار مع إسرائيل..
 
اخطبوط السلفيين يلتف على ارض الربيع العربي
موقع إيلاف...لميس فرحات   
سنحت الظروف التي نتجت عن الربيع العربي للسلفيين بالظهور للعلن، بل أنه باتت لهم كلمتهم في الكثير من الدول التي طالما سيطرت عليها انظمة ديكتاتورية لم تسمح لهذه الجماعات بالعمل.
الصراع على السلطة الذي استعر في دول الربيع العربي فى مرحلة ما بعد الثورات، وسقوط الأنظمة الديكتاتورية، ترك فراغاً في السلطة وجدت فيه الجماعات السلفية المتطرفة فرصة سانحة للصعود السياسي في الوقت الذي تحظى فيه بالقوة والأنصار، حتى بدأ هذا المد يهدد مستقبل هذه الدول ونتائج انتصار ثوراتها.
الرئيس التونسي منصف المرزوقي، قال في تصريحات سابقة عن الهجوم الذي تعرضت له السفارة الأميركية بتونس: "لم نكن ندرك مدى خطورة وعنف هذه الجماعات السلفية، ولا مدى الخطورة التي ستمثلها في المستقبل، فهم أقلية ضئيلة داخل أقليات أصغر، وهم جماعات لا تمثل المجتمع أو الدولة، وكنا نعتقد أنها لا يمكن أن تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع أو الحكومة. لكنها أثبتت أنها يمكن أن تكون مؤذية للغاية".
اغتيال بلعيد
قوة الجماعات السلفية المتطرفة ظهرت على حقيقتها من خلال عملية اغتيال زعيم المعارضة التونسية شكري بلعيد، التي أغرقت البلاد في أكبر أزمة تواجهها منذ اندلاع ثورة الياسمين 2011، إذ تتهم قوى اليسار التونسي هذه الجماعات، بما فيها حزب النهضة الإسلامي الحاكم، بأنها المسؤولة عن اغتيال بلعيد، وأن الحزب فشل في القضاء على العنف.
القلق من تصاعد مد الحركات السلفية المتطرفة لن يقتصر على تونس فقط، وإنما سوف يمتد إلى مصر وليبيا وسوريا، حيث يتزايد القلق من ظهور جماعات متطرفة عنيفة سيكون لها تأثيرها النسبي وسيشعر الجميع بقوتها، وهو ما عكسته الفتوى التي أصدرها رجل الدين المصري المتشدد محمود شعبان، والتي أباح فيها قتل كل من الدكتور محمد البرادعي، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.
ونقلت صحيفة الـ "غارديان" البريطانية عن شادي حامد، مدير الأبحاث فى مركز بروكنغز، قوله: "لقد بدأنا بالفعل نرى تهديدات حقيقية، وهناك العديد من الحالات في مصر حيث استخدم السلفيون لغة التحريض ضد المعارضين".
الجهاد في وجه المتظاهرين
وفي العام الماضي، دعا رجل الدين السلفي المصري، وجدى غنيم، إلى الجهاد في وجه المتظاهرين الذين يهتفون ضد الرئيس محمد مرسي، وهو مطلب تكرر هذا الشهر على لسان الشيخ ياسر برهامي الذي بدوره أصدر فتوى بمنع سائقي سيارات الأجرة المسلمين من أن ينقلوا المسيحيين إلى الكنائس.
وأشار المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ياسر شرم الشيمي، إلى الفوضى والخطورة التي وصلت إليها هذه الفتاوي حتى أن "كل ما يتطلبه الأمر هو أن يأخذ، ولو شخص واحد، على عاتقه تنفيذ أي من تلك الفتاوى حتى نجد مصر في وضع أخطر وأكبر مما حدث في تونس، لا سيما وأن السلفيين في مصر اتجهوا بعمق إلى الانخراط في العملية السياسية بمجرد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك".
لكن من يبحث عن بصيص أمل في ألا تنحدر مصر نحو المزيد من أعمال العنف المتطرفة، قد يجد في تصريحات بعض السياسيين المصريين ما يطمئنه، إذ يقول هؤلاء إن رجال الدين الذين يصدرون هذه لفتاوى ليس لديهم قاعدة شعبية واسعة في البلاد ولا يتمتعون بمصداقية في هذا المجال.
تونس ليست مصر
وقال نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور إن ما يحدث في تونس لا يمكن أن ينتقل إلى مصر، والسبب هو أن "السلفيين في تونس غير منظمين بشكل جيد وليس لديهم العلماء الذين يمكنهم إرشادهم إلى الطريقة السلمية في التعامل مع القضايا التي لا تعجبهم في بلادهم. وهذا يعني ان ما رأيناه في تونس لن يتكرر في مصر".
وأضاف ان شعبان، رجل الدين الذي أصدر فتوى ضد البرادعي وصباحي، لا يتمتع بالكثير من التأييد في الأوساط السلفية المصرية.
واعتبرت الصحيفة أن الأحزاب السياسية الرئيسية السلفية في مصر، والتي تحظى بتمثيل قوي في البرلمان، لديها الكثير لتخسره في التحول الديمقراطي مقارنة بتونس وليبيا.
التشابه بين السلفيين
في ليبيا، جاءت أعمال العنف الاسلامية في بعض الحالات مستوحاة من السلفية، وبمسارها الخاص. فبعد أكثر من عام من أعمال العنف التي اندلعت على خلفية المنافسة بين الجماعات التي قاتلت ضد الديكتاتور السابق معمر القذافي من أجل السلطة والنفوذ، اتخذت الأحداث الأخيرة تحولاً جهادياً بعد أن هاجمت الجماعات السلفية الأضرحة الصوفية وطالب بأن ترتدي جميع النساء الليبيات أغطية الرأس وغيرها من المبادئ التي تنص عليها الشريعة الإسلامية.
وعلى الرغم من وجود اختلافات بين فروع التطرف السلفي في بلدان شمال أفريقيا، إلا أن هناك بعض أوجه التشابه المذهلة.
ووفقاً لما كتبته آن وولف في تحقيق نشر في يناير/ كانون الثاني عن مشكلة السلفية الناشئة في تونس لمركز "ويست بوينت" لمكافحة الإرهاب، فإن هناك "بعض الأقاليم التي تعتبر تقليدياً أكثر تمرداً ومحافظة دينياً مقارنة بغيرها من المناطق الداخليةن وتحديداً جنوب تونس".
وأضافت وولف: "لقد وجدت هذه الأقاليم صعوبة في التعامل مع سياسات التحديث التي أطلقتها الحكومات الاستعمارية والأخرى في مرحلة ما بعد الاستقلال، والتي أتى قادتها من المناطق الأكثر حظاً وغير المحرومة".
وعلى الرغم من أن العنف - والتهديد بالعنف – الذي يأتي من قبل "أقلية الأقلية" من السلفيين لديه القدرة على تعطيل حكومات ما بعد ثورات الربيع العربي، إلا انها تطرح مشاكل سياسية كبيرة للحكومات الاسلامية الجديدة والتي قد تؤدي إلى تداعيات سلبية وربما خطيرة.
500 مسجد في قبضة السلفيين بتونس
في تونس، تقدر الحكومة بأن رجال الدين المتشددين يسيطرون على 100 حتى 500 من المساجد في البلاد. وعلى الرغم من التزام غالبية السلفيين بمبدأ نبذ العنف، إلا أن هذا لا يمنع أن تضم صفوفهم تيارات جهادية لا تلتزم بهذا المبدأ.
هذا الحال تسبب ببروز مشاكل كثيرة يعاني منها حزب النهضة، الذي يتهمه الكثير من المعارضين العلمانيين بالتخطيط سراً مع السلفيين من أجل "إعادة أسلمة" تونس، وليس أقله بسبب عدم رغبة الحكومة أو عدم قدرتها على التحرك ضد الجماعات السلفية الأكثر تطرفاً.
في الواقع، عندما تم تفكيك خلية تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في تونس العام الماضي، وجدت الشرطة أن جميع أعضائها لديهم دور نشط في تجمعات سلفية أخرة، مثل جماعة أنصار الشريعة، التي أسسها ابو إياد.
وقالت سلمى مبروك، الطبيبة التي استقالت من حزب التكاتل الوسطي التونسي، احتجاجاً على موقفه من الدستور وتقاسم السلطة إن "المشكلة هي الموجة العنيفة من السلفية، وليس الفكر السلفي، لأن حرية التعبير تكفل للجميع حقهم في التعبير عن وجهات نظرهم إنما بطريقة سلمية".
 
الاقلية المسيحية في ليبيا تخشى تنامي التشدد الاسلامي
موقع إيلاف...أ. ف. ب.       
تخشى الأقلية المسيحية في ليبيا تنامي التشدد الإسلامي في ليبيا، وهو ما تتضح معالمه بوضوح من خلال الاعتداءات والتخريب المتكرر الذي تتعرض له المراكز الدينية والمقابر المسيحية في البلاد.
طرابلس: "لا يمر يوم بدون ان تتعرض المدافن للتخريب" هذا ما يؤكده باسى دلماسو برونو حارس المقبرة الايطالية في طرابلس ليكشف بذلك عن تزايد مخاوف المسيحيين في ليبيا امام زحف التشدد الاسلامي.
وقال هذا الحارس "اخرجت بقايا عظام بشرية من القبور وبعثرت في المقبرة" الواقعة بوسط طرابلس.
واضاف "ان السلطات الليبية جاءت لتلتقط صورا ووعدت باجراءات. لكن لم يحدث اي شيء".
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 تعبر الاقلية المسيحية في ليبيا عن مخاوفها ازاء تنامي التطرف الاسلامي وعلى الاخص بعد هجوم استهدف اواخر كانون الاول/ديسمبر كنيسة قرب مصراتة الواقعة على بعد مئتي كيلومتر الى شرق طرابلس، وادى الى سقوط قتيلين من الاقباط المصريين.
لكن بالرغم من هذه المخاوف يتوافد عشرات الاشخاص معظمهم من الفيليبينيين والهنود والافارقة، كل اسبوع لحضور القداس الذي يقام في كنيسة القديس فرنسوا الكاثوليكية القريبة من وسط طرابلس حيث يصلون من اجل "ان تستعيد ليبيا امنها واستقرارها".
وقال الاب دومينيك ريزو "انظروا لا يوجد اي تدبير امني خارج الكنيسة والمؤمنون يتنقلون بحرية".
واضاف "لكنها ليست هي الحال في برقة (شرق) حيث تمارس ضغوط على المسيحيين خصوصا الراهبات اللواتي ارغمن على ترك رهبانيتهن (...) في شرق البلاد".
واكد ان رهبانية العائلة المقدسة الموجودة في درنة شرق بنغازي منذ حوالى مئة عام اضطرت الى مغادرة المدينة، مضيفا ان كاهنا بولنديا تعرض لسوء المعاملة هناك من طرف اصوليين.
واسف الكاهن لانه "بعد ان كانت البلاد تعد مئة الف مسيحي قبل الثورة (في 2011 التي اطاحت نظام القذافي) لم يبق منهم سوى بضعة الاف".
لكن السفير البابوي المونسنيور جوفاني اينوسنزو مارتينيلي اكد مع ذلك ان الكنيسة "ما زالت مفتوحة" في بنغازي مهد الثورة والتي تشهد اضطرابا في شرق ليبيا بالرغم من "مناخ شديد التوتر" و"وضع حرج" يؤثر على المسيحيين.
وحذر ممثل الكرسي الرسولي مؤخرا من المد الاصولي الاسلامي الذي "يؤثر على القرارات" بصورة غير مباشرة، ما يضعف الوجود المسيحي في البلاد.
وكان المسيحيون بكل طوائفهم يشكلون اقل من 3% من سكان ليبيا البالغ عددهم 6,3 ملايين في هذا البلد المسلم. وجميعهم تقريبا من الاجانب الذي جاء قسم كبير منهم من مصر حيث يعتبر الاقباط اكبر اقلية دينية.
وبعد القداس تجري نقاشات بين المؤمنين وسط ضوضاء وخليط من اللغات فيما تعرض نيجيريات يرتدين لباسهن التقليدي على طاولات خشبية منتجات غريبة وتقليدية.
وعبر احد المصلين ويدعى انطوني امسترونغ عن اسفه ل"العنف وانعدام الامن". واسف لان "كل التضحيات والثمن الذي دفعه الليبيون لم يوفرا الاستقرار لهذا البلد".
وقال فتسينغ جيسكار (30 عاما) وهو مواطن كاميروني مقيم في ليبيا منذ ثلاث سنوات "ان مشكلة انعدام الامن تشمل الجميع".
واضاف "ان الافارقة يواجهون مزيدا من المشاكل لانهم افارقة في وضع غير قانوني وبعضهم لا يحمل اوراقا ثبوتية".
واكد هذا العامل الكهربائي "ان الليبيين يتهمونهم بانهم مرتزقة وبانهم حاربوا الى جانب قوات القذافي، لذلك يجري توقيفهم بشكل منتظم".
 
 
«حرب الإلغاء» مستمرة بين قانون 1960 و«الأرثوذكسي»: يحسمها «المختلط» أو يدخل الجميع في حلقة مفرغة
الحياة...بيروت - محمد شقير
تنقضي بعد غد الأربعاء المهلة المحددة للجنة التواصل النيابية المكلفة التوافق على قواسم مشتركة حول قانون انتخاب جديد، فيما تستبعد مصادر نيابية احتمال تصاعد الدخان الأبيض من قاعة الاجتماعات في البرلمان، على رغم أن البعض لا يزال يصر على تفاؤله ويراهن على الوصول إلى نتيجة في لقاءاتها التي تستأنف اليوم وتستمر ثلاثة أيام، في مقابل اعتقاد البعض الآخر بأنها ستغرق في دوامة جديدة من المراوحة طالما أن الاتصالات من خارجها لم تحقق أي تقدم، وهذا ما يدفع إلى احتمال تأجيل إجراء الانتخابات في موعدها في التاسع من حزيران (يونيو) المقبل إلى أيلول (سبتمبر) أو تشرين الأول (أكتوبر) المقبلين، مع ان تعليقها لأشهر قد يؤدي إلى تأخيرها لفترة زمنية أطول.
وتؤكد المصادر النيابية لـ «الحياة»، أن تأجيل إجراء الانتخابات بات بحكم المؤكد، وتقول إن التأجيل لشهور عدة يمكن أن يدفع في اتجاه تأخيرها دهراً، وهذا ما يطرح منذ الآن البحث عن صيغة لتبرير التأجيل، على أن تأتي في إطار اقتراح قانون يرمي إلى التمديد للمجلس النيابي الحالي، باعتبار أن الكرة الآن في مرمى البرلمان بعدما استحصلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على براءة ذمة، بذريعة أنها أحالت مشروع قانون للانتخابات إلى البرلمان قائماً على اعتماد النظام النسبي.
 حرب إلغاء
وترى المصادر نفسها أن الخلاصة الوحيدة التي توصلت إليها لجنة التواصل النيابية قبل أن تنهي اجتماعاتها غداً، تكمن في أن المداولات بين أعضائها أفسحت المجال أمام اندلاع «حرب إلغاء»، بالمعنى السياسي للكلمة، بين اعتماد قانون عام 1960 الذي أدخلت عليه تعديلات في جلسات الحوار الوطني في الدوحة في أيار (مايو) 2008، وبين تظهير مشروع اللقاء الأرثوذكسي وكأنه الوحيد القابل للتطبيق.
وتضيف أن حرب الإلغاء بين هذين المشروعين جاءت لمصلحة البحث في قانون انتخاب مختلط يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، مع ان «التيار الوطني الحر» لا يوافق على معادلة «الإلغاء»، ويراهن على أن التمديد للجنة التواصل من قبل اللجان النيابية المشتركة سيؤدي، في ظل عدم الاتفاق على قواسم مشتركة، إلى التصويت مع معاودة اللجان اجتماعاتها في 18 الجاري على تعويم مشروع اللقاء الأرثوذكسي.
 مشروع «القوات اللبنانية»
وتستبعد المصادر أن يؤدي استعداد ممثل حزب «القوات اللبنانية» في لجنة التواصل النائب جورج عدوان، لطرح مشروعه الخاص غداً، إلى تحقيق تقدم في اجتماعاتها، مع أنه يأخذ بعين الاعتبار اعتماد القانون المختلط كبديل من مشروع اللقاء الأرثوذكسي، وتعزو السبب إلى أن العناوين الرئيسة لمشروع «القوات»، وإن كان يبدو الأقرب إلى المشروع الذي طرحه ممثل كتلة «التنمية والتحرير» في اللجنة النائب علي بزي، مع اختلاف في تحديد نسبة النسبية في القانون المختلط وفي تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية عليها، فإنه في المقابل ينطلق من الدوائر الصغرى.
وفي هذا السياق، تسأل مصادر نيابية عن مدى التفاهم بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري و «القوات»، حتى ولو في حدوده الدنيا، وعن الأفكار المشتركة بينهما من خلال «الممر الأمان» الذي يؤمن التواصل بين بري وعدوان بالنيابة عن قائد «القوات» سمير جعجع؟
كما تسأل المصادر عينها عن صحة ما يتردد في أوساط النواب المستقلين المنتمين إلى «قوى 14 آذار»، من أن انفتاح جعجع على بري يهدف إلى تحقيق حد أدنى من التوازن الراهن بينهما حتى لو لم يصر إلى تطويره، في مقابل تفاهم الحد الأدنى القائم بين رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط وبين زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في ظل ما يقال في الغرف الضيقة من أن الأخير من خلال المبادرة التي طرحها، ومن ضمنها قانون الانتخاب، بات أقرب إلى جنبلاط من حلفائه؟
 أين الحلفاء من مبادرة الحريري؟
وتسأل المصادر أيضاً عن موقف حلفاء الحريري من المبادرة السياسية التي أطلقها والتي يتجاوز فيها قانون الانتخاب إلى طرح تصوره المرحلي لإخراج النظام من أزمته السياسة الخانقة، وأيضاً عن صحة ما يقال عن أن رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس أمين الجميل كان الأقرب إلى تفهم أبعادها ومضامينها والتعاطي معها على أنها تشكل المدخل للخروج من التأزم، من خلال التفاهم على سلة شاملة لتوفير الحلول لها؟
وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية بأن جعجع لم يعترض عليها، واعتبرها قابلة للنقاش بهدوء وبموضوعية، لكنه رأى أن قانون الانتخاب هو الأكثر إلحاحاً في الوقت الحاضر، إضافة إلى أنه لم يسحب مشروع اللقاء الأرثوذكسي من التداول إلا تحت شرط الاتفاق على القانون البديل.
 موقف جنبلاط
ولفتت المصادر إلى أن الحريري في مبادرته السياسية يلتقي مع جنبلاط حول ضرورة الإسراع في وضع آلية لتشكيل مجلس شيوخ يُعهد اليه النظر في القضايا المصيرية، لكن الأخير لا يؤيد اعتماد الدوائر الصغرى في المطلق، مع أن تفكيره في مكان آخر، أي في التطورات التي تشهدها الأزمة السورية وتداعياتها، في ضوء مخاوفه من محاصرة الدروز في سورية بين فكي كماشة، مع أنه دعاهم للوقوف إلى جانب الأطراف المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكدت أن جنبلاط أبدى ملاحظات عدة على المشروع الانتخابي لتيار «المستقبل»، أبرزها رفضه تقسيم الشوف إلى دائرتين انتخابيتين، وعزل هذه الطائفة عن تلك، لما يترتب عليها من إحداث فرز مذهبي وطائفي هو بغنى عنه، خصوصاً أنه لم يفرغ حتى الآن من إتمام المصالحات في بعض مناطق الجبل. ولفتت إلى أنه يؤيد نقل المقعد الدرزي في بيروت إلى عاليه.
 بري الأبرع في المناورة
وتعترف المصادر بقدرة بري على المناورة بغية استيعاب التأزم النيابي المترتب على الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب، وتقول إنه نجح في حصر اجتماعات اللجنة الفرعية بعد التمديد لها، في البحث عن قانون مختلط يقوم على المناصفة بين النظامين الأكثري والنسبي، إضافة إلى المناصفة في انتخاب النواب وفق هذين النظامين، مؤكدة أن ممثل «حزب الله» في اللجنة النائب علي فياض، دعا إلى التعامل معه على أنه القانون المثالي، مشدداً على اعتماد المعايير المؤدية إلى تبديد الهواجس والمخاوف لدى المسيحيين، بإشعارهم أن القانون يؤمن لهم صحة التمثيل.
ومع أن فياض لا يتدخل إلا نادراً في النقاش، ويتخذ لنفسه، كما تقول المصادر النيابية، موقع المراقب مع تأكيده على مراعاة حليفه «التيار الوطني»، فإن ممثل الأخير في اللجنة النائب ألان عون، لم يشارك حتى الساعة في النقاش حول القانون المختلط، وكأنه يراهن على تبني اللجان النيابية في اجتماعها المقبل مشروع اللقاء الأرثوذكسي، بعدما ربط نواب «تكتل التغيير والإصلاح» موافقتهم على التمديد للّجنة بطرح «الأرثوذكسي» على اللجان كبند أول للتصويت عليه.
أين «حزب الله»؟
لكن المصادر النيابية تسأل عن موقف «حزب الله» من مشروع بري الذي طرحه بزي؟ وهل يكتفي باعتباره القانون المثالي، كما قال نائبه في اللجنة علي فياض؟ وهل يعقل أن رئيس المجلس لم ينسق مع قيادة الحزب التي تضطر إلى عدم التدخل مراعاة لحليفها العماد ميشال عون؟
وتضيف المصادر أن بري لم يقترح مشروعه الخاص بالقانون المختلط لإحراج حليفه «حزب الله» أو للتخلي عن حليفه الآخر جنبلاط في منتصف الطريق، إضافة إلى أن اعتماد مثل هذا القانون في حال تم التفاهم على توزيع النسب بين النظامين، وبالتالي تقسيم الدوائر الانتخابية، لن يلقى اعتراضاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لأنه ينطلق من النسبية.
وتؤكد هذه المصادر أن معظم المشاريع المطروحة على أساس القانون المختلط، تأخذ بعين الاعتبار، من وجهة نظر أصحابها، الحصولَ على أكبر عدد من المقاعد النيابية، وتلغي مبدأ الغموض البناء الذي يشدد عليه ممثل «جبهة النضال» في اللجنة النائب أكرم شهيب، والذي يمنع أي فريق من إلغاء الآخر وبقوة القانون قبل إجراء الانتخابات.
وتتوقف المصادر أمام موقف ممثل «الكتائب» في اللجنة النائب سامي الجميل، وتقول إنه من أكثر النواب شفافية، ولا يتحدث بلسانين ويصارح من لا يتفق معه بحقيقة موقفه، ويعارض الآخر شارحاً له أسباب معارضته.
وتقول إن الجميل يطرح تصوره الأولي من المختلط انطلاقاً من مشروع الوزير السابق فؤاد بطرس، ومن تشديده على اعتماد الدوائر الصغرى، كونَها تؤمن صحة التمثيل طائفياً ومناطقياً. وهو يلتقي مع طرح «القوات» بوجوب الحفاظ على التوازنات من خلال التعاطي مع أي منطقة من زاوية تأمين صحة التمثيل.
ولم تستبعد المصادر أن يكون هناك ارتباطاً بين طرح شهيب لنظام مختلط يتوزع منه 70 في المئة على الأكثري في مقابل 30 في المئة على النسبي، وبين المفاوضات الجارية ببطء بين الأطراف الرئيسيين من خارج اللجنة الفرعية، خصوصاً أنه يقوم على الغموض البناء الذي يترك لصناديق الاقتراع تحديد النتائج.
 «المستقبل» يراقب
أما في شأن موقف «المستقبل» من المختلط، فقالت المصادر إن ممثله في اللجنة النائب أحمد فتفت يبدي انفتاحاً على التقسيمات الانتخابية على أساس النظامين النسبي والأكثري، من دون أن يحدد موقفه النهائي، على رغم أن الكتلة التي ينتمي اليها تبدي مرونة لجهة إعادة النظر في تقسيم الدوائر الواردة في المشروع الذي طرحه الحريري من ضمن مبادرته السياسية.
وتضيف أن الحريري لم يطرح تقسيم الدوائر الانتخابية على أساس وضع الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما، إما قبولها أو رفضها، مؤكدة أن التقسيمات خاضعة للنقاش مع أن معظم الأطراف لم يتعاملوا مع المبادرة إلا من خلال قانون الانتخاب.
وتؤكد أن القانون المختلط، وان كان يشكل نقطة تلاق في داخل اللجنة الفرعية، باستثناء «التيار الوطني»، فإنه أيضاً سرعان ما يتحول إلى نقطة اختلاف بسبب التباين حول تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد النيابية عليها.
وترى أن «المستقبل» وإن كان لا يبدي رأيه حتى الساعة في المختلط ولا يلتزم أياً من هذه المشاريع، إلا أنه يتمسك بالدوائر الصغرى مع مراعاة بعض الخصوصيات. ولفتت المصادر إلى أن ما يواجه المختلط إصرار بعض الكتل على إخضاع دوائر صغرى من مقعدين إلى تقسيم بين أكثري ونسبي، لأن مثل هذا التقسيم لا يراد منه النسبية بمقدار ما أنه يهدف إلى تزوير الأكثري.
ويبقى السؤال: هل تنجح اللجنة الفرعية مع اقتراب إنهاء مهماتها، في تدوير الزوايا والوصول إلى قانون مختلط يعيد الروح إلى إمكان إجراء الانتخابات بعد تأجيلها لسبب تقني، في ضوء تأكيد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، أنه في حاجة إلى مزيد من الوقت لإعداد اللوائح على أساس المختلط؟ وماذا سيكون موقف الأكثرية في الحكومة مع فحوى المراجعة التي صدرت أخيراً عن هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل، وفيها إصرار على تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات قبل ثلاثة أشهر من موعد إنجازها، أي أن تكون متلازمة مع توجيه الدعوات للهيئات الناخبة للاشتراك فيها؟
وبطبيعة الحال، فإن تشكيل هيئة الإشراف، سيدرج مجدداً على جدول «أعمال مجلس الوزراء في جلسته بعد غد برئاسة رئيس الجمهورية، الذي كان أصر على طرحها في جلسة سابقة عقدت في بعبدا ولقيت اعتراضاً من الوزراء المنتمين إلى قوى 8 آذار بالتضامن مع وزراء تكتل «التغيير».
فهل يغيب الدخان الأسود والرمادي عن اجتماعات اللجنة الفرعية لمصلحة تصاعد الدخان الأبيض ولو تدريجياً، ليتحول «المختلط» إلى نقطة تلاق في اللجان المشتركة؟
 

 

العلاقات الفرنسية ـ التونسية في دائرة التوتر.. مجددا.... باريس تعبر عن «القلق العميق» من التطورات في تونس وتسعى لعلاقات «ثقة» من دون «مزايدات»!


جريدة الشرق الاوسط.... باريس: ميشال أبو نجم ... دخلت العلاقات الفرنسية - التونسية مجددا في دوامة التوتر على خلفية تصريحات وزير الداخلية مانويل فالس وردة فعل تونس العنيفة تجاه شريكها الأوروبي الأول. ومرة أخرى تتلبد سماء العلاقات بين البلدين، وتتكاثر المؤشرات التي تدل على «الحساسية البالغة» المهيمنة على الأجواء بين تونس وباريس، ما يذكر بما حصل قبل، أثناء ومباشرة بعد «ثورة الياسمين» التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، ووصول حكومة النهضة إلى السلطة في تونس.
تقول مصادر فرنسية إن «الأزمة» التي تسببت بها تصريحات فالس عن «الفاشية الإسلامية المتصاعدة» في عدد من بلدان الربيع العربي، التي ذكر منها مصر وتونس، ليست سوى «المظهر الأخير للقلق العميق» الذي يسيطر على المسؤولين الفرنسيين في تعاطيهم مع الملف التونسي، حيث يرون أن الأمور تأخذ «منحى خطرا». وتريد باريس تحاشي «تكرار الأخطاء» التي ارتكبت خلال عهد ساركوزي. لكنها تلمس مجددا الصعوبة القائمة بين الحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتونس وتحاشي قيام أزمة مفتوحة من جهة، و«واجب التعبير عن موقف» يعكس القيم التي تدافع عنها فرنسا من جهة أخرى. لذا، يبدو العثور على «الطريق الوسطي» صعبا للغاية، خصوصا بعد تطور خطير؛ كاغتيال المحامي شكري بلعيد، أحد رموز المجتمع المدني ومناهضة التيار الإسلامي.
وما يجري اليوم في فضاء العلاقات الفرنسية - التونسية سبق أن حصل مثله إبان «ثورة الياسمين»، حيث «تأخرت» باريس في الوقوف إلى جانبها حتى هروب الرئيس بن علي وسقوط نظامه. وكانت التصريحات التي أدلت بها ميشيل أليو ماري، وزيرة الداخلية وقتها، حيث عرضت «الخبرة الفرنسية» على الحكومة التونسية في الحفاظ على الأمن، موضع استهجان. واعترف المسؤولون الفرنسيون لاحقا بأنهم «لم يفهموا» ما يجري في تونس، وأنهم «فضلوا» الاستقرار على مطلب الحرية.
أليو ماري أجبرت على الاستقالة بعد ذيوع علاقة لها مع أحد المقربين من بن علي، وأعطيت وزارة الخارجية لرئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه، الذي اعتبر الأقدر على التعاطي مع «الربيع العربي»، وقيادة الدبلوماسية الفرنسية في مرحلة دقيقة.
وسعت باريس بعد ذلك إلى التعويض عن الزمن الضائع، فقام الرئيس ساركوزي باستدعاء السفير الفرنسي لدى تونس واستبدل بوريس بوالون به، السفير الشاب الذي سحبه من العراق وأرسله إلى تونس مع مهمة محددة هي «قلب صفحة بن على وفتح صفحة جديدة بين البلدين»، فضلا عن ذلك، عمدت الحكومة إلى إقرار «خطة عمل من أجل تونس» لمواكبة الثورة التونسية ودعم المرحلة الانتقالية. ثم دفع ساركوزي شركاءه في قمة الثمانية في منتجع دوفيل (شمال غربي فرنسا) يومي 26 و27 مايو (أيار) عام 2011 إلى تبني ما سمي «شراكة دوفيل»، أي التزام الثمانية بمساعدة بلدان الربيع العربي (تونس ومصر وقتها) ماليا واقتصاديا وسياسيا، بل إن ساركوزي دعا القائد باجي السبسي، رئيس الحكومة المؤقتة، إلى حضور القمة وعرض حاجات بلاده. وكانت الدعوة بمثابة جرعة دعم للنظام الآخذ بالتكون بعد مرحلة بن علي.
وخلال العامين المنقضيين، أكدت باريس باستمرار وقوفها ودعمها للتحولات في تونس، مذكرة بين وقت وآخر بـ«تيقظها» لما يحصل، وبتمسكها بقبول الأطراف للعبة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والمرأة وحرية الرأي.. ومن المؤشرات على رغبتها بتوثيق العلاقات مع محميتها السابقة، زيارة رئيس الوزراء حمادي الجبالي إلى باريس في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، ثم زيارة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الرسمية أوساط يوليو (تموز)، حيث حظي باستقبال حار، بل أعطي شرف إلقاء خطاب أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، وهو بذلك يكون الرئيس الأجنبي الـ17 الذي يحظى بهذا التكريم.
ويذكر أن المرزوقي أمضى ثلث حياته، حتى الآن، في فرنسا لاجئا إليها من بطش بن علي، ولم يعد إلى تونس إلا بعد سقوط الأخير.
تقول المصادر الفرنسية إن باريس أرادت أن تكون تونس «واجهة التحول الديمقراطي السلمي في العالم العربي»، وأن تكون «النموذج» النير والجذاب له، بعكس ما حصل في ليبيا، وما هو حاصل اليوم في سوريا.
لكن رغم إرادة الجانبين، كانت تظهر بين الحين والآخر بعض مظاهر التوتر، فالسفير بوالون أثار حفيظة التونسيين بعد أسابيع قليلة من وصوله بسبب الطريقة «الاستعلائية» التي تعامل بها مع إحدى الصحافيات التونسيات. والسفير الحالي فرنسوا غوييت الذي عينته حكومة الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند مكان بوالون أثار بدوره «نصف أزمة»؛ بسبب الزيارة التي قام بها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لنقابة الصحافيين المضربين.
وجاء على موقع السفارة على الإنترنت أن غوييت قام بهذه الزيارة «للتعبير عن تمسك فرنسا بحرية التعبير وحرية الصحافيين التي تعد من القيم العالمية التي تقوم عليها سياسة فرنسا في تونس». غير أن الحكومة التونسية رأت فيها دعما للمضربين. وقال وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام إن ثمة «خطا أحمر لا تقبل تونس بتجاوزه، وهو التدخل بشؤونها الداخلية».
وتأخذ تونس على الوزير فالس ثلاثة أمور؛ الأول: إشارته إلى «الفاشية الإسلامية المتصاعدة»، ومنها في تونس، والثاني: تعبيره عن «أمل» بلاده بانتصار القوى الديمقراطية والعلمانية في الانتخابات المقبلة التي «يتعين على فرنسا دعمها»؛ لأنها «تحمل قيم ثورة الياسمين»، ولأن هذا «لا يعني التونسيين فقط، بل كل الحوض المتوسطي، ومنه فرنسا»، والثالث: تأكيده أن باريس «لا يمكنها أبدا أن تتعاون مع نظام قمعي».. ما فهم في تونس بأنه تنديد بالنظام القائم. ومجددا، ردت تونس باستدعاء السفير غوييت لإبلاغه بأن تصريحات فالس «تسيء إلى العلاقات الثنائية»، ما ترجم في اليوم التالي شعارات تدعو باريس إلى «الرحيل» عن تونس خلال مظاهرات يوم السبت الداعمة للحكومة.
وفي اليومين الأخيرين، امتنعت باريس الرسمية عن التعليق على التطورات في تونس، بما فيها الشعارات المعادية لها، الأمر الذي يعكس رغبة في «التهدئة»، وفق ما تقوله مصادر دبلوماسية عربية في فرنسا. وترى هذه المصادر أن مصلحة الطرفين تكمن في «علاقات هادئة وطبيعية» بالنظر لما يربطهما من وشائج إنسانية واقتصادية وثقافية؛ ففي فرنسا تعيش جالية تونسية تقدر بـ600 ألف شخص، كما أن باريس تعد الشريك التجاري الأول لتونس (7.6 مليار يورو لعام 2011)، والمستثمر الأجنبي الأول في اقتصادها (خارج قطاع النفط والغاز) الذي يقتطع حصة تصل إلى 25 في المائة.
وأقرت الوكالة الفرنسية للتنمية خطة دعم لتونس قيمتها 425 مليون يورو للعامين 2011 - 2012، صرف منها 185 مليون يورو.
أما الشركات الفرنسية العاملة في تونس فهي الأكبر؛ إذ يبلغ عددها 1500 شركة تشغل نحو 110 آلاف تونسي. ولذا، فمصلحة الطرفين، كما تقول المصادر الفرنسية، تكمن في علاقات وثيقة تتحلى بالثقة والندية وتبتعد عن المزايدات والمهاترات.
 
هل تصل الأمم المتحدة الى نشر قبعاتها الزرق في مالي؟
الحياة..
بعد حوالى شهر من شنّ العملية العسكرية الفرنسية في مالي، لاقتلاع الجماعات الإسلامية المتطرفة من المناطق الصحرواية شمال البلاد، أعلنت فرنسا التفكير في سحب قواتها من البلد الأفريقي بعد أن طلبت من الأمم المتحدة إعداد قوة حفظ سلام لتتسلم المهمة منها، وقال ديبلوماسيوها في نيويورك إنه لا توجد اعتراضات على ذلك داخل مجلس الأمن الدولي المخول تفويض مثل هذه القوات. ولكن، وكما يُفهم من المعنى الحرفي للتسمية، لا بد أن يكون هناك سلام قبل أن يتسنى نشر قوة أممية لحفظه، وبالتالي فإن الأنظار تنصب على تطورات الأحداث على الأرض قبل أن تتمكن الدول الأعضاء في مجلس الأمن ثم الدول المساهمة بالجنود من الاتفاق على نشر هذه القوة.
لم تمضِ أيام على بدء العملية العسكرية الفرنسية في مالي، بتفويض من مجلس الأمن الدولي، وبالتعاون مع دول أفريقية وغربية، حتى كان بعض أكبر مسؤولي الأمم المتحدة إما موجودين في الميدان أو منهمكين في غرف التخطيط لنشر قوة عسكرية أممية محتملة لحفظ السلام وتسهيل العمليات الجارية والمقبلة وتفعيلها للإغاثة وتقديم المساعدات الغذائية والإنسانية وحماية السكان والأقليات والثروة التراثية النادرة التي تعرضت للاعتداء والتدمير هناك.
وأعلن المسؤول الأول في الأمم المتحدة عن عمليات حفظ السلام إرفي لادسو أن كل المؤشرات تدل في شكل متسارع على التوجه نحو إرسال قوة حفظ سلام أممية إلى مالي، وقال إن المنظمة تستعد لهذا الاحتمال وسيكون القرار لمجلس الأمن الدولي ما إن تتقدم حكومة مالي بطلب رسمي لنشر هذه القوة، حيث يُشترط ذلك قبل إرسال ذوي القبعات الزرق إلى أي مسرح عمليات. وكان المجلس أقر نشر بعثة دعم دولية بقيادة أفريقية تحت اسم «أفيسما» لدعم جهود سلطات مالي لاستعادة الشمال من الجماعات الإسلامية التي استولت عليه العام الماضي.
 اجتماع بروكسيل
وفي اجتماع خاص في شأن مسألة مالي عُقد في العاصمة البلجيكية بروكسيل في 5 شباط (فبراير)، أكدت الأمم المتحدة ضرورة اتباع نهج ثنائي المسار يدمج بالتزامن الجهود العسكرية بالسياسية، مع الحرص على مشاركة المنظمات الإقليمية المعنية، مثل الاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وذلك من أجل مساعدة شعب مالي على الخروج من أزمته الراهنة ومساعدة منطقة الساحل على النطاق الأوسع في التصدي للخطر الذي تتعرض له مالي والمنطقة نتيجة أنشطة ومخططات الجماعات الإسلامية المتطرفة والمرتبطة بتنظيم القاعدة.
وبالنظر إلى التحدي المتمثل غالباً في صعوبة تأمين التبرعات والمساهمات المالية الدولية وتحصيلها التي يتم التعهد بها لمثل هذه العمليات الدولية المشتركة، وكان عدد من الدول الأعضاء تعهد دفع 455 مليون دولار في مؤتمر عقد خصيصاً لهذا الغرض في أديس أبابا الشهر الماضي، أعادت الأمم المتحدة في اجتماع بروكسيل التذكير بضرورة التسديد الفوري والسريع لهذه المساهمات المالية إذا أراد المجتمع الـدولي لهذا الجهد الجماعي أن يتبلور وأن ينجح، ومن أجل تثبيـت المكاسـب العـسـكرية الفرنـسية المحققة حتى الآن. وأعـلنت الأمـم المـتحـدة إنشاء صندوقين يمكن من خلالهما الدول الأعضاء تقديم دعمها ومساهماتها المالية، واحد لبعثة الدعم الدولية تحت القيادة الأفريقية (أفيسما)، والآخر لدعم قوات الدفاع الحكومية في مالي.
وكالمعتاد في مثل حالات الصراع هذه، حضّت الأمم المتحدة المجتمع الدولي على التعجيل في الاستعدادات لمرحلة ما بعد الصراع، أي المصالحة وبناء السلام وبناء الدولة ومؤسساتها، إلى آخر كل ما تمرست الأمم المتحدة في ترتيبه والإشراف عليه في عمليات وبرامج ما بعد الصراع.
وكان القتال في شمال مالي اندلع في كانون الثاني (يناير) 2012 بين القوات الحكومية وثوار الطوارق وأفضى إلى احتلال الشمال بعد أن اغتنم الإسلاميون الفرصة وتحالفوا مع الطوارق من أجل إقامة دولة إسلامية على النمط الطالباني، فأدى القتال إلى تشريد الآلاف من السكان، ما اضطر الحكومة إلى طلب التدخل من فرنسا لوقف تقدم تلك الجماعات. وبعد التدخل واستعادة المدن الشمالية، رحبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بهذا الإنجاز وبإقرار المجلس الوطني في مالي خريطة طريق من أجل مرحلة انتقالية، معتبرة ذلك منطلقاً لحوار شامل لجميع الأطراف من أجل الوحدة والمصالحة الوطنيتين، وحضّت السلطات في مالي على التقدم نحو الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة في أقرب وقت ممكن.
 قلق أممي
ولكن، بعد نجاح التدخل العسكري الفرنسي ودخول القوات الحكومية إلى الشمال، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من تقارير تزعم ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في المناطق الشمالية المحررة على أيدي قوات الجيش والأمن الحكومية وطالبت بإنهائها الفوري والامتناع التام عنها وإجراء تحقيقات جادة فيها وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وعلى صعيد الإغاثة والعمل الإنساني، استأنف البرنامج العالمي للغذاء التابع للأمم المتحدة، عمله في مالي وبدأ تقديم مئات الأطنان من السلع الغذائية والحبوب المطلوبة بشدة وفي شكل عاجل في منطقة تمبكتو، وهي عملية تستهدف غوث 35 ألفاً من المتضررين، يمثل الأطفال تحت سن الخامسة قرابة الـ10 في المئة منهم، بينما يتم تجهيز حوالى ألفي طن أخرى لشحنها إلى تلك المنطقة، على رغم استمرار عرقلة النقل البري وتعطيله على بعض الطرق.
وما زالت الأمم المتحدة تحذر من أنه على رغم تحسن القدرة على إيصال المساعدات الإنسانية بعد تحرير مدن الشمال إلا أن قرابة 10 ملايين نسمة في منطقة الساحل يمكن أن يواجهوا خطر المجاعة هذا العام، حيث إن أزمة شمال مالي، كما قال مسؤول أممي أخيراً، جاءت لتراكم على أزمة كانت قائمة من قبل وعلى نطاق واسع وفي شكل مزمن في كل أنحاء منطقة الساحل ويطارد فيها شبح انعدام الأمن الغذائي ملايين البشر. وهناك بالفعل نصف مليون نسمة بلا أمن غذائي في مالي وأكثر من 4.3 مليون آخرين يحتاجون معونة إنسانية منذ اندلاع القتال في الشمال في كانون الثاني 2012. وللتوضيح فإن الإقليم الجغرافي المعروف باسم الساحل في غرب أفريقيا يضم تسع دول هي مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر والسنغال وغامبيا والكاميرون ونيجيريا.
وعلى صعيد حماية المدنيين في مالي، أعربت الأمم المتحدة مراراً عن قلقها من ضعف هذه الحماية وكررت انزعاجها من تقارير وادعاءات حول ارتكاب انتهاكات جسيمة في شمال مالي. وحذر مستشار الأمم المتحدة الخاص لمنع الإبادة الجماعية أداما دينغ من خطر وقوع اعتداءات انتقامية ضد المدنيين الطوارق والعرب في الشمال وحضّ قوات الجيش الحكومية على حماية جميع الموطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية وطالب باحترام القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان. وكانت تقارير أفادت بارتكاب قوات الجيش عمليات إعدام ميدانية من دون محاكمات، وتورطها في حالات اختفاء قسري في عدد من مدن الشمال علاوة على ارتكاب مجموعات من السكان عمليات قتل علني مماثلة لعرب وطوارق ونهب لممتلكاتهم بعد اتهام المحليين لهم بدعم الجماعات المسلحة. وفتحت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تحقيقاً حول جرائم مزعومة ارتكبت في مالي وشملت القتل والتعذيب والاغتصاب. وتجدر هنا الإشارة إلى قضية العنصرية التي تشكل أحد جذور الصراع في مالي، حيث يقع البلد على الخط الفاصل بين شمال أفريقيا وأفريقيا الواقعة جنوب الصحراء ويضم أقلية من الطوارق والعرب يشكلون حوالى 10 في المئة من السكان، وهم من ذوي البشرة الفاتحة وبالتالي كانت هناك دائماً توترات عرقية تاريخية بينهم وبين بقية سكان مالي ذوي البشرة السمراء.
بالعودة إلى عمل الأمم المتحدة في مالي، اهتمت المنظمة الدولية أيضاً بقضية الألغام الأرضية والعبوات الناسفة الارتجالية التي أدت إلى إغلاق الطرق الرئيسة لشاحنات النقل الضرورية لعمليات الإغاثة، علاوة على إغلاق الحدود الجزائرية التي كان يأتي عبرها الكثير من البضائع المستوردة. كل هذه تحديات تواجهها الأمم المتحدة في عملها في مالي، وهي الآن تعمل أيضاً على الإعداد لمساعدة آلاف النازحين المحتملة رغبتهم في العودة إلى ديارهم على رغم حالات النقص الحادة.
ومن خسائر الصراع التي أشعلت غضباً دولياً لافتاً، كما كانت الحال في أفغانستان طالبان قبل سنوات عدة، الآثار والثروات التراثية التي اعتدت عليها ودمرتها الجماعات الإسلامية. وهنا، استنفرت منظمة اليونيسكو المعنية بالتراث العالمي والتي أعلنت أخيراً أنها ستعيد بناء تراث مالي الثقافي وحمايته. على سبيل المثل، أضرم الإسلاميون المتطرفون النار في مكتبة في مدينة تمبكتو تضم آلاف المخطوطات التاريخية التي يعود بعضها إلى الفترة ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر وتشمل دراسات حول الأديان والرياضيات والطب والفلك والموسيقى والأدب والشعر والعمارة وحقوق النساء والأطفال وغير ذلك. كما قاموا بحرق ثلاثة أضرحة تاريخية شهيرة. لهذا السبب، كانت مديرة اليونيسكو إرينا بوكوفا من بين من رافقوا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولوند في زيارته أخيراً إلى مالي بعد تحرير الشمال. وطالبت بوكوفا زعماء الدول المجاورة لمالي والمؤسسات المتعاونة مثل منظمة الشرطة الدولية الإنتربول وكل العاملين في الأسواق الدولية للأعمال الفنية بالاحتشاد ضد كل المحاولات لتهريب المخطوطات الثمينة أو أية مقتنيات تراثية أخرى خارج مالي.
 * مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت
 
 
كردستان أو الثورة النظيفة!
المستقبل..عبدالحسين شعبان()
غالباً ما نتحدّث عن العنف بضدّه، " اللاعنف" وقديماً قال الشاعر " والضدّ يظهر حُسنه الضدِّا "، والضدّ له دلالة، ولهذه الأخيرة معنى، والمعنى دائماً يأتي بعد أسئلة، تلك التي تظلّ مفتوحة على إجابات، والجواب حاضر أم غائب، يحتاج إلى تفكير وتفكّر.
لقد شَغَلنا أمر العنف لسنوات طويلة، فقد عانينا منه، مثلما حاولنا "أدلجته"، سواءً سمّي عنفاً " ثورياً" أو " عادلاً" أو "تحريرياً" أو "طبقياً" أو "قومياً" أو " دفاعياً" أو "جهادياً" أو لم يُسمَّ، وإنْ ظلّ بعضهم يبدي انبهاراً به حتى اليوم، بل ويعتبره الوسيلة المثلى لتحقيق الأهداف، لدرجة أنه يستخف بأية دعوة للاعنف، التي يقاربها بالاستسلام أو الضعف أو الخنوع. ومثلما يُنسب للعنف الفضائل الكبرى مثل الشجاعة والجرأة والشرف والبطولة، يُنسب إلى اللاعنف كل الرذائل، مثل الجبن والخوف والخيانة والتخاذل وغيرها.
وإذا كان لدى كل إنسان قدرة على العنف، فإن لديه القدرة على اللاعنف، والسبيل القويم لتحريره من العنف هو استفزاز قدراته اللاعنفية، لتكون سائدة وموجِّهة لحياته وسلوكه وعلاقة مع الآخرين، أي تقليص مساحة العنف في داخل كل منّا، تمهيداً لإحداث القطيعة، بينه وبين العنف، سواءً إزاء نفسه أو ضد الآخرين.
قد يبدو الأمر غريباً حين تتحدث عن اللاعنف في مجتمع بيئته تشجع على العنف، فسيكون الانطباع الأول وكأن المسألة أقرب إلى المثالية إذا كان التقدير بحسن نيّة، أو غير الواقعية، في عالم يتنفس بالعنف، وعانى من القسوة والوعورة اللاانسانية، فماذا يحتاج الإنسان لكي يكون لاعنفياً؟
بلا أدنى شك إنه يحتاج إلى القوة، ولا بدّ له أن يكون قويّاً للانتصار على ذاته أولاً، ثم لكي يواجه العنف باللاعنف، عبر مقاومة واعية لوضع حد لهذه الظاهرة من حياتنا التي تدمّر الجميع، سواءً من يتعرّض للعنف من الآخر أو من يقوم بممارسته، حيث يتم تدمير الإنسان في داخله. إن وظيفة نشر ثقافة اللاعنف ستكون مهمة تغييرية إضافة إلى وظيفتها الأكاديمية. أي أنها مهمة جليلة أولى لانتشال بشر من براثن العنف، فكيف السبيل لتحقيق اللاعنف في مجتمعات لا تزال ثقافة العنف سائدة ومهيمنة فيها؟
قد تكون أبسط وسيلة للرد على العنف بالعنف، لكن تلك الوسيلة ستمنح دعاة العنف فرصة أخرى أشدّ وأقسى لممارسة العنف، بل تسدي له خدمة كبيرة، فقد يكون العنفي "الظالم" هو من يستدرجنا لممارسة العنف ضدّه، على أرضية هو اختارها ومنهج هو من يدعو إليه، أما المدافع عن الحقوق، فلا شكّ أن العنف لن يستطيع تحقيق أهدافه تلك التي لا يمكن تأمينها الاّ باللاعنف والتسامح والاعتراف بالآخر، مهما كانت عادلة وأخلاقية، لأن هذه الأخيرة تتطلب وسائل عادلة وأخلاقية. فالظالم " يبرر" استخدام العنف، لا سيما إذا كان متنفذاً، فكيف إذا استخدمت الضحية العنف، فإنه سيستخدمه ضدها أضعافاً مضاعفة، فالعنف عنصر فعّال في خدمة الظلم والتجاوز على الحقوق. ولهذا حسبما يقول غاندي " إن العنف فخٌ ينصبه الظالم ويقع فيه المظلوم".
وقد أظهرت الكثير من التجارب أن العنف يلوّث القضايا الإنسانية العادلة، وربما أكثر من غيره، لأنه يشوّه محتواها الإنساني، ولا يمكن تبرير الغاية الإنسانية بوسائل لاإنسانية. لا بدّ للوسيلة أن تشبه الغاية، ولا يمكن لغاية شريفة أن تستخدم أساليب خسيسة أو بالعكس، ولعل ذلك ما انزلقت إليه الكثير من الممارسات والتجارب الحكومية والرسمية وغيرها من التجارب السياسية، بل وروّجت إليه الدعاوى الآيديولوجية ذات الذرائع الشمولية.
وعلى ذكر الأهداف فلا يمكن الاّ أن تقرن بوسائل تحقيقها، فمهما كان الهدف شريفاً ونبيلاً، فلا بدّ من وسيلة شريفة ونبيلة لتحقيقه، لأن الغاية لا يمكن فصلها عن الوسيلة، ومثل هذا التلازم ضروري لأي عمل أخلاقي وهدف شريف، إذْ كيف يمكن الوصول إلى هدف إنساني بوسائل قد تؤدي إلى قهر الإنسان أو إذلاله أو ممارسة العنف ضدّه، باعتباره قاعدة في حين أن اللاعنف هو استثناء.
إن مناسبة الحديث هذا هو جزء من حوار وورشة عمل ومحاضرات تم تقديمها في دورة تدريب مهنية عالية المستوى نظمتها جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان في العالم العربي، شارك فيها نساء ورجال، مختصون وباحثون بقضايا الحقوق والحريات وإنفاذ القانون والعنف بشكل عام والأسري بشكل خاص، وذلك في إربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
ولعلّ واحدة من المفارقات أن الدورة المتخصصة نظمتها وزارة الداخلية لمنتسبيها من الجنسين في أجواء حساسة إزاء العنف، بسبب ما عانته كردستان من عنف مزمن ومعتق لعقود من السنوات، كان أبرزها قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي وحملة الأنفال التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين العام 1988 وتدمير نحو 4 آلاف قرية وقصبة كردية، وتهجير السكان الكرد ولاسيما من الفيلية في الثمانينات، دون نسيان ما حصل من قسوة وعنف بين الكرد أنفسهم بين أعوام 1994-1998 وراح ضحيته ما يزيد عن ثلاثة آلاف إنسان، وهو الأمر الذي ينبغي أن يوضع حدّ له إذا ما أريد استقرار كردستان ونجاح التجربة الفتية وتخليصها من النواقص والثغرات التي علقت بها خلال السنوات العشرين ونيّف الماضية، وذلك ديدن كل تطور ورغبة في التجديد.
هناك تراث لا عنفي، إلى جانب العنف، لدى كل شعب وفي تاريخ كل أمّة، وهذا التراث اللاعنفي هو الذي يمكن استنهاضه وتنميته والبناء عليه بوسائل تربوية حديثة، خصوصاً المقاومة باللاعنف، ومواجهة العنف، بالقوة اللاعنفية.
كان الزعيم الكردي الملاّ مصطفى البارزاني ثائراً، لكن ميله للسلم والتسامح كان كبيراً، على الرغم مما تعرّض له من عنف وهو في عمر الثالثة حين اعتقل مع أمه في سجن بالموصل، وبعدها أعدم أخوه عبد السلام، وفي وقت لاحق تم اعتقاله في العام 1936، حيث تم إجلاؤه وعائلته من منطقة كردستان، وفي العام 1943 حكم عليه بالاعدام غيابياً في كل من العراق وإيران، ثم اضطر إلى الهجرة إلى الاتحاد السوفييتي بعد فشل تجربة جمهورية ماهاباد وإعدام القاضي محمد العام 1947، لكن شعاره ظلّ "العفو عند المقدرة"، الذي حمل خياراً جنينياً لاعنفياً استلهمه من حياته وقيمه الاجتماعية، وهو ما طبّقه في ظروف حساسة، فبعد بيان 11 آذار (مارس) 1970 بين الثورة الكردية بقيادته وبين الحكومة العراقية برئاسة أحمد حسن البكر، عفا عن الكرد الذين كانوا قد انضموا إلى الحكومة لمقاتلة أبناء جلدتهم الكرد، وكان ذلك السلوك والتصرّف الإنساني يقوم على تفهّم لرجل سياسي يشعر بالمسؤولية إزاء شعبه، وتلك سمات رجل الدولة والواقعية السياسية، بدلاً من الانتقام والثأر والكيدية.
وحصل الأمر على مستوى سياسي أيضاً بينه وبين المختلفين معه بعد بيان 11 آذار (مارس)، وكان موقفه متفهماً وإيجابياًَ معهم على الرغم من بعض الخسائر والمرارات، وذلك بهدف قطع الطريق على قيادة السلطة الحاكمة آنذاك لاستغلال هذا الانقسام لصالحها.
وفي واقعة ثالثة رفض الرد على الارهاب الحكومي بارهاب مضاد، وهو ما رواه لي مسعود البارزاني، فقد كان أن حدثت محاولة لاغتيال الملاّ مصطفى البارزاني في أيلول (سبتمبر) 1971 بتدبير من مدير الأمن العام ناظم كزار، حيث تم إرسال رجال دين لمقابلته، وتم تفخيخ هؤلاء لتفجيرهم عند لقائهم به وقُتل هؤلاء جميعا في الحادث ونجا البارزاني بأعجوبة بعد أن سقط ضحايا كثيرون. بعد ذلك توفّرت معلومات بإمكانية الرد بالمثل، وكانت الخطة ستنجح، وتم إطلاع البارزاني عليها وعلى المعلومات المتوفرة، فتجهّم وجهه ولم يردّ بشيء بادئ الأمر، ثم قام وتوضأ وصلّى وبعدها قال لنا (كما يقول نجله مسعود البارزاني): نحن لا نردّ على الجرائم بجرائم مماثلة، لأن ذلك سيعرّض الأطفال والشيوخ والنساء والأبرياء للأذى... وأردف بالقول أحذّركم بشدّة من القيام بذلك، وأرجو منكم الإقلاع عن التفكير بمثل هذه الأمور، وثورتنا دفاع عن النفس وعليها أن تنأى بنفسها عن الإرهاب.
واعتبر البارزاني تلك العمليات جبناً وليست مقاومة أو كفاحاً أو حتى دفاعاً عن النفس، ولعلّ ذلك كان ماثلاً أمام مستشار النمسا كرايسكي حين وصف الثورة الكردية بالثورة النظيفة، لأنها لم تقم بتفجير مدارس أو مرافق حيوية أو تدمير مؤسسات أو مبان عامة أو قتل أبرياء أو أسرى مدنيين.
يظلّ اللاعنف مرتجى، وإنْ كانت أمامه تحدّيات كثيرة لكن الوعي بأهميته وبإعادة لحمة المجتمع يمكن أن تهتدي إليه، وهذا هو ما دفع بالجبهة الكردستانية إلى إصدار عفو عام عن الأفواج الخاصة" و"المجموعات المتعاونة مع السلطة" وغيرهم الذين شاركوا في القتال ضد الثورة الكردية. وبعد إجراء أول انتخابات لبرلمان كردستان في أيار(مايو) 1992 اعتبر البرلمان الكردستاني كل قرارات الجبهة الكردستانية نافذة، لا سيما قرار العفو العام، وهو ما حصل وتكرر بعد العام 2003 عند احتلال العراق أيضاً.
وكم كان ممكناً التعامل وفقاً لهذا المنطق الإيجابي في القسم العربي من العراق، بحصر المساءلة بعدد محدود جداً والتمهيد لإجراء مصالحة وطنية وفقاً لمبادئ العدالة الانتقالية، الأمر الذي كان سيجنّب البلاد الكثير من الويلات والكوارث والعنف!
() كاتب وحقوقي عراقي
 
 
           
الحل في سورية قرار أممي وقوة مسلحة تجمع الأطراف
توماس فريد مان*
جريدة الرأي.. تعريب عبدالعليم الحجار
هل يتوجب على الولايات المتحدة أن تتدخل كي توقف نزيف الدماء في سورية؟ الواقع أنني أجد نفسي ممزقاً بين أربعة آراء مختلفة في هذا الصدد - وهي الآراء التي استمعت اليها في كل من نيودلهي وبغداد وتل أبيب والأمم المتحدة.
ففي الأسبوع الفائت التقيت مع مجموعة من الخبراء الاستراتيجيين الهنود في معهد دراسات وتحاليل الدفاع في نيودلهي كي أتناقش معهم حول الكيفية التي يتعين على الولايات المتحدة أن تنسحب بها من أفغانستان بحيث تبحر بين مصالح كل من الهند وباكستان وإيران. وعند نقطة معينة من النقاش طرحت فكرة معينة فرد أحد المحللين الهنود عليها قائلا: «لقد تم تجريب تلك الفكرة في السابق... في القرن الحادي عشر»، مشيرا إلى أنها لم تنجح آنذاك على النحو المرجو. ولهذا السبب فإنني أحب أن أزور مدينة دلهي كي أتناقش حول شؤون المنطقة. فالمسؤولون الهنود يميلون إلى التفكير والتحليل على مدى قرون وليس أشهر، ولهذا فإنهم ينظرون إلى خارطة منطقة الشرق الأوسط دون اعتبار لوجود أي من الحدود السياسية التي رسمها الاستعمار البريطاني وعوضا عن ذلك فإنهم لا يرون في منطقة الشرق الأوسط سوى الحضارات القديمة (الفارسية والتركية والمصرية)، والديانات القديمة (الشيعة والسنة والهندوس)، والشعوب القديمة (البشتون والطاجيك واليهود والعرب) - وكل ذلك يتفاعل في إطار أنماط سلوكية موغلة في القِدم.
وقال لي الصحافي الكاتب الهندي المسلم المخضرم «م. ج. أكبر» موضحا: «إذا أردت أن تفهم هذه المنطقة، فما عليك سوى أن تنظر إلى خريطة للمنطقة الممتدة بين نهر الغانغز ونهر النيل ثم تزيل الحدود البريطانية من عليها. فهذا الأمر سيأخذك إلى أعماق التاريخ الحقيقية التي كانت ولاتزال تحكم مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط، كما سيأخذك إلى المصالح التي حددتها الشعوب والقبائل وليس الحكومات فقط».
وعندما تنظر إلى منطقة الشرق الأوسط بهذه الطريقة، فماذا عساك أن ترى؟ أولا، ترى أنه ليس هناك من سبيل للولايات المتحدة كي تبقي أفغانستان مستقرة بعد أن تنسحب القوات الأميركية منها...إلا إذا تعاونت مع إيران. فبسبب العلاقات القديمة التي تربط بين الشيعة الإيرانيين وبين الشيعة الأفغان الناطقين بالفارسية في هيرات، التي تعد ثالث أكبر مدينة في أفغانستان، كانت إيران وستبقى دائما طرفا فاعلا رئيسيا في السياسة الأفغانية. كما أن إيران الشيعية لم تكن على مودة مطلقا مع حركة «طالبان». وقال «أكبر» معلقا على ذلك : «إيران هي بمثابة الثقل الموازن الطبيعي المقابل للتطرف السني». وأضاف قائلا إنه من مصلحة إيران «القضاء على حركة طالبان» ولهذا السبب كانت الولايات المتحدة وإيران حليفتين غير معلنتين في عملية الإطاحة بنظام حكم حركة «طالبان»، كما أنهما ستكونان حليفتين غير معلنتين في سبيل الحؤول دون عودة «طالبان» إلى سدة الحكم.
لهذا فإنه من وجهة النظر الهندية يبدو الصراع في سورية كأنه فصل جديد من فصول الحرب الأهلية طويلة الأمد التي كانت ولا تزال رحاها دائرة بين السنة والشيعة. والحالة السورية الراهنة هي عبارة عن حرب بالوكالة بين السنة بقيادة قطر والسعودية اللتين تدعمان «الديموقراطيين» السوريين (ومعظمهم من السنة) وبين إيران الشيعية والنظام السوري الشيعي العلوي على الجانب الآخر. والواقع أنها حرب لا تنتهي مطلقا، وكل ما يمكن فعله هو كبح جماحها فقط.
ولهذا السبب فإن بعض الجنرالات الإسرائيليين بدأوا الآن يدركون أنه إذا كانت الحالة السورية هي قتال حتى النهاية، فإنها قد تشكل تهديدا استراتيجيا عظيما على دولة اسرائيل بنفس الدرجة التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني. فإذا تحولت سورية إلى أفغانستان أخرى - على الحدود الاسرائيلية - فإنها ستكون أرضا غير قابلة للترويض، إذ سيكون فيها مجال لحرية حركة الجهاديين والأسلحة الكيماوية وصواريخ أرض جو.
فهل من الممكن تفادي مثل ذلك الانهيار؟ من واشنطن، عبر البعض لي عن أملهم في أنه من خلال الإسراع بإسقاط نظام بشار الأسد سيصبح بإمكان الغرب والسنّة أن يحولوا سورية من المدار الإيراني السوفياتي (الروسي) إلى المدار السني السعودي-الأميركي. لكنني متشكك إزاء ذلك. فأنا أشك في أنه من الممكن تحويل سورية برمتها كقطعة واحدة، بل إنها ستنقسم خلال عملية التحول إلى منطقتين إحداهما سنية والأخرى علوية. ثم أنه إذا حاولنا تحويل سورية على ذلك النحو فإن إيران ستسعى إلى تحويل العراق والبحرين ذات الأغلبية الشيعية إلى معسكرها.
لكن بعض الديبلوماسيين العرب لدى الأمم المتحدة يقولون إن هنالك ثمة طريقاً وسيطة بين هذا وذاك، لكنها ستتطلب من الولايات المتحدة أن تتولى زمام القيادة. وتمثل تلك الطريق في: أولا، حشد مجلس الأمن في اتجاه تمرير قرار يدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية «ذات سلطات كاملة» في سورية بحيث تشتمل على تمثيل متساو للثوار السنة والعلويين. وإذا تسنى اقناع الروس بدعم وتأييد مثل ذلك القرار (وهو أمر ليس بالسهل)، فإنه قد يؤدي إلى إنهاء المأزق الحالي في داخل سورية، إذ ان كثيرين من الموالين لنظام بشار الأسد سيدركون أن نهايته قد باتت محتومة وسينفضون من حول الأسد. وسيكون عنصر الترهيب («العصا») متمثلا في إخبار الروس بأنهم إذا لم يدعموا هكذا قرار فإن الولايات المتحدة ستبدأ في إرسال الأسلحة والعتاد إلى الثوار السوريين العلمانيين المعتدلين.
فهل من الممكن حقا أن تكون هنالك سياسة ما بين النهج الانخراطي الشمولي الذي تبناه جورج بوش الابن في سبيل تحويل العراق وبين نهج «ابعد عن الشر وغنّيله» الذي ينتهجه الرئيس أوباما حاليا إزاء سورية؟ ينبغي على المرء هنا أن يدرس الحالة العراقية. فالدرس المستقى من العراق هو أن التيارات التاريخية العميقة كانت متصارعة هناك - بين السنة والشيعة، وبين الأكراد والعرب. لكن انتخابات ديسمبر 2010 كشفت في الوقت ذاته عن أن الحكم الديموقراطي والأحزاب متعددة الطوائف هي أمور ممكنة التحقق في العراق، بل كانت في واقع الأمر الاختيار الأول لمعظم العراقيين. لكن سيتعين على الولايات المتحدة أن تبقي بعضا من قواتها هناك لمدة عشر سنوات أخرى للتأكد من أن التحول من الطائفية إلى التعددية الطائفية قد أصبح مستداما ويمكن المحافظة عليه من بُعد. وبما أن سورية هي توأم العراق، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق التعددية الطائفية هناك هي من خلال قرار من مجلس الأمن تدعمه روسيا كما يدعمه طرف ثالث جيد التسليح على الأرض كي يتولى حث وتجميع وتحفيز الأطراف كي تتعاون.
وخلاصة القول هي أنه إذا طمحت إلى غاية فإنه من الأحرى بك أن تجيد اختيار الوسيلة. ويعبر «أكبر» عن ذلك قائلا إنه لن يكون باستطاعة الولايات المتحدة أن تغير السياسات (في سورية والعراق وغيرهما) إلا إذا بقيت هناك لمدة مئة سنة. لكن لم تعد هناك أي قوة الآن ترغب في لعب دور الامبراطورية. ويرى «أكبر» أنه في ظل هكذا حالة فإن الخيار الأمثل هو عدم البقاء طويلا في اي من دول منطقة الشرق الأوسط - بمعنى أن تبقى لمدة خمسة أشهر فقط مثلا وليس خمس سنوات. ويضيف «أكبر» قائلا إن فترة خمس سنوات هي فترة طويلة بما يكفي كي يكرهك الناس لا أن يخشوك أو يحترموك، ناهيك عن أن يغيروا أساليبهم وسياساتهم التي اتبعوها لسنوات طويلة.
* كاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية

 

 

 

من خلال دعم الأسد في سورية والمالكي في العراق استناداً إلى رؤية مذهبية .. النظام الإيراني يدفع باتجاه حرب سنية - شيعية في المنطقة
 طهران تعتبر الخطر السني أكبر من الخطر الإسرائيلي وتواجه معارضة من مرجعيات النجف
  مساع لإحياء التحالف الشيعي - الكردي في العراق لتأمين الإمدادات العسكرية لنظام الأسد
  إقليم كردستان رفض سياسة الترهيب والترغيب الإيرانية وتمسك بتأييده الثورة السورية
 السياسة...بغداد - باسل محمد:
 كشف مصدر كردي رفيع في "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" برئاسة الرئيس جلال طالباني لـ "السياسة" ان مسؤولين ايرانيين وسوريين وآخرين من تحالف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ناقشوا مرات عدة سيناريوهات الحرب الطائفية في المنطقة, في ضوء استمرار الأزمة السورية.
وقال المصدر الكردي, وهو من الأكراد الفيليين (الشيعة), أن أخطر هذه السيناريوهات هو ما طرحته دوائر "الحرس الثوري" الايراني التي تحدثت عن صعوبات ستواجه الحرب الطائفية في سورية في حال انهيار نظام الاسد, لأن هذا الاخير سيضطر الى الانكفاء في مناطق جغرافية معزولة على الساحل بعيدة عن اي دعم ايراني وعراقي, كما ان الممرات الرئيسية لهذا الدعم عبر العراق يمر من خلال محافظتي نينوى والانبار السنيتين, ولذلك يفكر الايرانيون بنشر قوات كبيرة من "الحرس الثوري" والميليشيات الشيعية العراقية وقوات الاسد لتأمين الطريق الدولية من العراق باتجاه منطقة التنف الحدودية السورية نحو العاصمة دمشق مروراً بالطريق الرابطة بين العاصمة السورية ومدن طرطوس واللاذقية, بهدف ضمان النصر في اي حرب طائفية وشيكة, غير أن اندلاع الاحتجاجات السنية في محافظتي نينوى والأنبار قضت تماماً على آمال هذا السيناريو.
واضاف ان هذا السيناريو يبدو اصعب وأخطر السيناريوهات لأن القوات الايرانية وقوات المالكي والأسد ستكون مجبرة على خوض حرب طائفية في مناطق جغرافية واسعة ومتقطعة ومكشوفة أمام أي هجمات ستشنها الجماعات المسلحة السنية وبالتالي احتمال الانتصار في هذا السيناريو امر شبه مستحيل, ولذلك طرح المقربون من المرشد الاعلى علي خامنئي السيناريو الآخر لخوض الحرب الطائفية والانتصار بها, ويتعلق الأمر بإحياء التحالف الشيعي - الكردي ما يسمح بوصول الإمدادات العسكرية الايرانية عبر معبر فيشخابور على حدود اقليم كردستان باتجاه مدينة الرقة السورية الكردية والطريق الممتدة الى اللاذقية, ولهذا السبب تحرك المالكي للضغط على الزعيم الكردي مسعود بارازاني في الفترة الاخيرة بالتزامن مع تزايد الضغوط على طالباني وشركائه في محافظة السليمانية لقبول تحالف شيعي - كردي هذه المرة في سورية وليس العراق مقابل وعود بقيام حكم ذاتي واسع لأكراد سورية, بينها اقامة دولة كردية مستقلة تضم اقليم كردستان العراقي وما يسمى منطقة غرب كردستان التي تضم مدينتي القامشلي والرقة ومناطق اخرى داخل الاراضي السورية, غير ان القيادة الكردية رفضت هذا السيناريو الطائفي بقوة وأيدت الثورة السورية, كما ان الحكومة التركية علمت بحيثيات هذا السيناريو الإيراني لشن حرب طائفية طويلة الامد في سورية وبالتالي تحركت لإجهاض هذا المسعى.
واشار المصدر الكردي إلى ان ايران ليست قلقة على اندلاع الحرب الطائفية في العراق لأسباب ترتبط بأن معظم قوات الامن العراقية هم من الشيعة, كما ان ايران قادرة على تقديم كل المساعدات العسكرية واللوجستية للميليشيات العراقية التي ستخوض الحرب الطائفية كما فعلت في الاعوام السابقة واسهم ذلك في اجبار القوات الاميركية على الانسحاب الكامل وفرض هيمنة تحالف المالكي على السلطة.
وحسب المصدر, فإن خامنئي يعتبر الخطر السني أشد فتكاً من الخطر الاسرائيلي, ولذلك هو يؤيد حكم الاغلبية الشيعية في العراق وحكم الاقلية العلوية في سورية رغم تناقض الحالتين, ويكمن تفسير هذه الازدواجية في ان القيادة الايرانية تتعامل مع التشيع السياسي بمعنى التشيع الذي يخدم مصالحها ونفوذها السياسي في العالمين العربي والاسلامي, وبالتالي لا تنظر الى التشيع على انه مذهب ديني فقهي في المقاوم الاول كبقية المذاهب الموجودة في الدين الاسلامي.
وقال المصدر ان القيادة الايرانية لا تستبعد نشوب حرب طائفية داخل إيران وقيام ثورة سنية ضد حكم رجال الدين الشيعة, حيث أفاد الكثير من التقارير والمستندات ان الهاجس السياسي الذي يسيطر على فكر خامنئي هو خوض هذه الحرب الطائفية مع السنة, والتي قد تأخذ شكل الصراع على السلطة والمناصب السيادية وسلطة القرار الامني والعسكري كما يجري في العراق وحرب عسكرية بأدوات قتالية متعددة كما يحدث راهناً في سورية للدفاع عن نظام الاسد.
وبحسب المصدر, فإن المعلومات التي تأتي من الدوائر الايرانية الحاكمة تعتبر ان الحرب الطائفية التي يخوضها الاسد والمالكي والتي تحرض عليها ايران وتساندها بكل الوسائل والامكانات هي حرب مقدسة, وفق قناعة خامنئي وبقية رجال الدين الايرانيين.
ويمثل سر الانقسام بين المرجعيات الدينية في مدينة النجف العراقية وبين خامنئي ان هذا الاخير يؤيد في قناعاته الحرب مع السنة في حين تحرم مرجعيات النجف هذه الحرب وتدعم التعايش والشراكة مع السنة, وبالتالي لا يتعلق الخلاف بين طهران والنجف بولاية الفقيه, بحسب المصدر الكردي الشيعي.

المصدر: مصادر مختلفة

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,849,785

عدد الزوار: 7,082,325

المتواجدون الآن: 132