هل عاد الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران إلى الطاولة؟.

تاريخ الإضافة الخميس 23 تموز 2009 - 11:07 ص    عدد الزيارات 4157    التعليقات 0    القسم دولية

        


ناصيف حتي

ثمة ثلاثة عناصر يتحدث عنها أصحاب مدرسة عودة هذا الخيار لدعم وجهة نظرهم:
أولا، حكومة إسرائيلية متشددة، لا بل من أكثر الحكومات تشددا في إسرائيل، ترى في الخطر الإيراني، وهذه شبه نقطة توافق في المؤسسة الإستراتيجية السياسية والإسرائيلية، خطرا وجوديا على اسرائيل يجب إزالته من جهة، كما تريد، من جهة أخرى، الهروب من الاستحقاق الفلسطيني والإلحاح الأميركي بشأن وقف الاستيطان ضمن سياسة قلب الطاولة وتغيير الأولويات ووضع الجميع أمام واقع جديد.
ثانيا، تصريح جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، حول أن قرار إسرائيل شن حرب على إيران هو قرار سيادي يعود لإسرائيل. وقد رأى البعض أن هذا التصريح بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل للمضي في سيناريو الهجوم على إيران، ورأى الأكثر تحفظا أنه بمثابة ضوء أصفر أو عدم ممانعة وتفهم، ذلك على الرغم من تصريحات الرئيس باراك أوباما المتكررة والقاطعة بأن واشنطن لم تعط ضوءا أخضر لإسرائيل بهذا الشأن.
ثالثا، عودة أحمدي نجاد إلى رئاسة إيران مع ما يمثله انتصاره، على الرغم مما أثاره من تداعيات داخلية، من ضوء أخضر للاستمرار في سياسة التشدد الخارجي والداخلي، وبالتالي عدم فتح كوة في جدار الملف النووي مقبولة حسب هذه المدرسة، خصوصا الذين يشيرون أيضا إلى أن نافذة الفرصة لمنع إيران من الحصول على قدرة نووية عسكرية قد ضاقت لتصبح بحدود سنة واحدة.
مقابل مدرسة عودة الخيار العسكري، يعدد أصحاب مدرسة استمرار الخيار الديبلوماسي ثلاثة أسباب أساسية لتأكيد رأيهم:
أولا، التزام أميركي متكرر في عهد أوباما بالاستمرار في سياسة الانخراط مع إيران، وتأكيد هذا الموقف على الرغم من ازدياد الانتقادات للإدارة الأميركية لعدم اتخاذ موقف صلب وواضح من التطورات الداخلية في إيران، باعتبار أن الأولوية تبقى لهذا الانخراط على حساب تسجيل نقاط في الملعب الإيراني تحت عنوان دعم الديموقراطية أو غيره.
ثانيا، أن الانسحاب التدريجي الأميركي من العراق من جهة، واشتعال المسألة الأفغانية مجددا من جهة أخرى، عنصران يدفعان واشنطن للتعاون والتوصل إلى تفاهمات مع إيران باعتبار أن هناك تقاطعا في المصالح حينا وتكاملا أحيانا بشأن هذين الملفين مما يشجع على الانخراط. ثالثا، أن خطاب إدارة أوباما ونيتها الانخراط مع إيران ورفع لواء الديبلوماسية بديلا من المواجهة، عناصر تعزز الموقف الأميركي وتساهم في زيادة الضغوط ضد إيران فيما لو احتاجت واشنطن لذلك في سياسة الانخراط القادمة في أيلول (سبتمبر) كما يتفق أكثر المراقبين.
هذا الحوار حول إيران يقود إلى جملة من الملاحظات:
أولا، يرى البعض أن استمرار الوضع على ما هو عليه مريح لإيران، فلا حرب ضدها باعتبار أن التهديد الإسرائيلي نوع من الحرب النفسية وأن إسرائيل غير قادرة على تحقيق أهدافها من حرب على إيران بـ"تشليحها" كليا الورقة النووية، وأن أكثر ما يمكن أن تحققه هو تأخير مادي للخيار النووي العسكري ولكن تكلفة ذلك ستكون قرارا إيرانيا بالإسراع في الحصول على النووي العسكري مع مساعدة من الخارج للاستفادة من الورقة الإيرانية، والأهم في التكلفة هو أن الفوضى الكاملة واللاستقرار سيعمان الشرق الأوسط معرضين مصالح الجميع، ما عدا إسرائيل، لمخاطر جمة، وهو ما قد يمنع إسرائيل من اللجوء إلى هذا الخيار مع الاستمرار بالتلويح به عبر تصريحات ومناورات عسكرية.
ثانيا، أن ثمة قوى دولية، مثل روسيا الاتحادية والصين الشعبية، ترتاح لاستمرار الإدارة المتوترة للأزمة باعتبار أنها تساهم، بالنسبة لروسيا، برفع سعر النفط بشكل عام وتتيح للقوتين الكبيرتين تعزيز ورقتهما الإيرانية، وهي ورقة أساسية في المنطقة مقابل واشنطن، في حين أن توافقا أميركياًـ إيرانيا يعزز موقع واشنطن في المنطقة بشكل كبير جدا ويشلح موسكو وبكين ورقة أساسية في يدهما.
ثالثا، أن التشدد الإيراني لا يعني بالضرورة عدم الاستعداد للحوار مع واشنطن، لا بل أن هذا الحوار قد يساهم في إراحة السلطة الإيرانية بعد تداعيات ما بعد الانتخابات الرئاسية، طالما أن هذا الحوار سيتناول الملفات الخلافية كافة، ولن يركز، كما حاولت واشنطن أن تفعل دائما من قبل، على الملف النووي كملف شبه وحيد أو كبوابة الدخول إلى الملفات الأخرى.
رابعا، أن طبيعة وتعقيدات النظام الإيراني والإرث الثقيل للعلاقات بالولايات المتحدة وتشابك القضايا في المنطقة عناصر تبطئ من دون شك تفعيل سياسة الانخراط الأميركي مع طهران كما ستبطئ دون شك الحوار الأميركي ـ الإيراني متى بدأ، ولا يمكن بأي حال انتظار نتائج تغييرية بشكل سريع ولكن بشكل تدرجي مع احتمالات توقف وتراجع أحيانا.
خامسا، كيفية طمأنة إيران على حقها في النووي المدني من جهة، وطمأنة المتخوفين من اجتياز إيران الخط الفاصل بين المدني والعسكري من جهة أخرى، سمتان أساسيتان في أي مفاوضات تحضيرية أو مباشرة ثنائية أو ضمن صيغة 6 +1، لكن ذلك كله مع الوقت يؤدي إلى ثلاثة احتمالات: أولا، ما يعرف بـ"الخيار الياباني"، وهو امتلاك قدرة الحصول على السلاح النووي بشكل سريع من دون تطويره، وثانيا "الخيار الاسرائيلي" وهو الحصول على النووي العسكري من دون الاعتراف بذلك، وهو ما يعرف بالردع بواسطة الغموض، وثالثا "الخيار الباكستاني ـ الكوري الشمالي" وقوامه تفجير نووي كإعلان عن الدخول إلى النادي النووي والحصول على المكانة التي تعطيها عضوية هذا النادي والدور الإقليمي الذي يأتي مع المكانة.
ويرى أكثر من مراقب أن الخيار الأكثر واقعية، فيما لو تم الانتقال من سيناريو إدارة التوتر إلى سيناريو التفاوض المباشر، هو "الخيار الياباني" الذي يضمن عدم تحوله إلى أحد الخيارين الآخرين وجود بيئة سياسية مختلفة مؤاتية لهذا الانخراط مطمئنة للمعنيين بهذا الخيار.


المصدر: جريدة المستقبل- العدد 3371

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,151,305

عدد الزوار: 6,757,337

المتواجدون الآن: 128