تقارير....النظام الخاص أو التنظيم السرّي الجهادي..2000 مقاتل في دمشق و3500 على الحدود..."حزب الله" بدأ بتصفية المنشقين عن الاسد

تنظيم «القاعدة» يعلن إقامة دولة إسلامية في سوريا....السودان وإيران: رحلة التقارب والمشهد العربيّ الراهن.....حكومة المعارضة ومعركة الشرعية على تمثيل الشعب السوريّ

تاريخ الإضافة الجمعة 12 نيسان 2013 - 7:25 ص    عدد الزيارات 1894    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

تنظيم «القاعدة» يعلن إقامة دولة إسلامية في سوريا
معهد واشنطن..هارون ي. زيلين
في وقت مبكر من صباح الثلاثاء التاسع من نيسان/أبريل، نشر الشيخ أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي -- زعيم "دولة العراق الإسلامية"، وهي فرع من تنظيم «القاعدة» -- رسالة صوتية أعلن فيها مدّ نطاق "دولة العراق الإسلامية" إلى بلاد الشام، مما يعني فعلياً ضم الجماعة الثورية الجهادية السورية "جبهة النُصرة" إلى أحضان منظمته. ويأتي ذلك في أعقاب الرسالة المصورة التي نشرها زعيم القيادة المركزية لـ تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري قبل يومين يدعو فيها إلى توحيد الجهاد في سوريا. ولم يكن هذا من باب المصادفة -- وإنما يبرز الأهمية المستمرة للقيادة المركزية لـ «القاعدة». ورغم أن إعلان بغداد يؤكد ما اعتقده كثيرون بالفعل وما ذكرته الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر في تسميتها لـ "جبهة النُصرة" كجماعة إرهابية، إلا أن كلماته توفر تفسيرات هامة عديدة.
فرسالة بغداد المصورة توضح أن تنظيم «القاعدة» لم يعلن من قبل عن صلته بـ "جبهة النُصرة" لسببين: المخاوف الأمنية، والرغبة في أن يتعرف السوريون على "جبهة النُصرة" وفق شروطهم هم دون أن تحول بينهم "التأويلات الإعلامية الخاطئة" في وقت مبكر، بسبب السمعة السيئة الناجمة عن الارتباط بـ تنظيم «القاعدة». ويتماشى ذلك مع التكتيك الشامل الذي استخدمته «القاعدة» في أماكن مختلفة في حقبة ما بعد الانتفاضة العربية. وفي اليمن، على سبيل المثال، أوضح مسؤول الشريعة الراحل في تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» أبو الزبير عادل بن عبد الله العباب في نيسان/أبريل 2011 سبب إقدام الجماعة على إعادة تصنيف نفسها تحت مسمى "أنصار الشريعة في اليمن"، بقوله: "هذا ما نستخدمه لتقديم أنفسنا في المناطق التي نعمل فيها لتعريف الناس عن أعمالنا وأهدافنا". وبالمثل، شهدت تونس وليبيا إقامة مجموعات من "أنصار الشريعة" تعمل محلياً ولكنها تؤمن -- على الأقل على مستوى القيادة -- بالأيديولوجية العالمية لـ تنظيم «القاعدة».
والأهم من ذلك، توضح رسالة بغداد أن القيادة المركزية لـ تنظيم «القاعدة» في باكستان لا تزال تمثل أهمية للجهاد العالمي الذي دعت إليه في البداية عام 1998. وعلى الرغم من عدم الإعلان رسمياً عن إقامة "جبهة النُصرة" حتى أواخر كانون الثاني/يناير 2012، تشير الأدلة إلى أنها أُقيمت أصلاً في صيف 2011. وفي كانون الثاني/يناير 2013، أوضح أحد كبار قادة "جبهة النصرة" في حلب يُدعى أبو لقمان لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" بأنه انضم إلى الجماعة في مراحلها الأولى قبل ستة أشهر من نشرها لأول فيديو عام. ويبين ذلك أن "جبهة النصرة" تأسست في أواخر تموز/يوليو 2001 -- وهو إطار زمني دعمته مقابلات أجريت مع مقاتلين آخرين ينتمون لـ "الجبهة" كانوا قد أجروا حوارات مع وسائل إعلام غربية وعربية.
ويتزامن التاريخ الذي ذكره أبو لقمان أيضاً مع الفيديو الأول الذي نشره أيمن الظواهري المتعلق بالانتفاضة السورية، والذي تم بثه في 27 تموز/يوليو 2011. ففيه قال إنه يؤيد "المسلمين في بلاد الشام، أرض الرباط والجهاد والمجد والعروبة والشهامة." وفي سياق إعلانه الأخير حول سوريا، يشير ذلك إلى أن القيادة المركزية لـ تنظيم «القاعدة» كانت على علم بإقامة "جبهة النُصرة" قبل عامين -- وربما أمرت بإقامتها أيضاً.
ومن غير المحتمل، على المدى القصير، أن يكون لإقامة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تأثير كبير على الانتفاضة السورية. فـ "جبهة النُصرة" تقوم بالفعل بلعب دور أساسي في ساحة المعركة، والأهم من ذلك، تنخرط في أعمال الإدارة المحلية للقرى وأجزاء من المدن في شمال وشرق سوريا، بالتعاون مع الفصائل السلفية الأخرى مثل "حركة أحرار الشام الإسلامية". إن قدرة الجماعة على توفير الأمن والاحتياجات الأساسية (الخبز والوقود) لمدنيين سوريين، فضلاً عن إعادة فتح المحلات التجارية وإعادة تشغيل خدمات الحافلات، قد أتاحت لها مساحة للمناورة حتى لو لم يتوافق الناس بصورة طبيعية مع أيديولوجيتها. وعلى أية حال، لا يكاد يكون أمام السكان المحليين بديل آخر عند هذا المنعطف -- فالسبب وراء صعود "جبهة النُصرة" في المقام الأول هو فشل الثوار المنتمون إلى "الجيش السوري الحر" في توفير هذه الخدمات الأساسية. وبدلاً من ذلك، قامت بعض الفصائل بنهب وابتزاز المدنيين وفرض ضرائب عليهم تتجاوز طاقاتهم. وفي المقابل، باعت "جبهة النُصرة" سلعاً بأقل من تكلفة السوق ووفرت مستوى من الكفاءة والفعالية من خلال التخطيط الممنهج والمنظم للمدن.
ومع ذلك، فإن الإعلان عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قد يؤتي بنتائج عكسية على المدى المتوسط إلى الطويل. وفي حين نالت مساعدات "جبهة النُصرة" في أعمال الإدارة المحلية تقدير المدنيين، إلا أن المزيد من الناس أصبحوا يظهرون علامات الامتعاض والاستياء بسبب فرص الجماعة للمعتقدات الإسلامية الصارمة. فقد انتقد السكان في عدد من المدن "جبهة النُصرة" بسبب حظرها الكحول، وإجبارها النساء على ارتداء النقاب، وجلدها الرجال الذين يسيرون مع النساء في الشوارع. وعقب إعلان بغداد، قد يكون هؤلاء الناس أكثر ميلاً للنظر إلى هذه التدابير على أنها فرض خارجي للإمبريالية الجهادية. وبعد بيان ما سبق، يرجح أن تتوطد قوة أعضاء "جبهة النُصرة" ونفوذهم بطريقة تحول دون أي رد فعل معاكس واسع النطاق على المدى القصير، طالما يُنظر إليهم كـ وسطاء عادلين عندما يتعلق الأمر بأعمال الإدارة المحلية.
ويُظهر ذلك الحاجة إلى قيادة أمريكية في الصراع السوري -- وخاصة فيما يتعلق بمساعدة الثوار غير المنحازين لـ تنظيم «القاعدة» -- على احتواء نمو "جبهة النُصرة" وجماعات مماثلة. يجب على واشنطن أن تحاول أيضاً الاستفادة من الانقسامات في صفوف الثوار والسكان المدنيين، لأن "جبهة النُصرة" هي خارج التيار الرئيسي ومعنية أكثر بتأسيس خلافة عابرة للحدود من الحفاظ على الدولة السورية.
هارون ي. زيلين هو زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن
 
 
السودان وإيران: رحلة التقارب والمشهد العربيّ الراهن
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات... النور حمد       
تناقش هذه الدراسة علاقات السودان بإيران، على خلفيّة الهجمات الجويّة الإسرائيليّة العديدة على السودان، وتتساءل إذا ما كان النظام الحاكم في السودان يرجّح في معالجة همومه السياسيّة والأمنيّة الكفّة الإيرانيّة على الكفّة العربيّة، أم أنّه لا يرى تناقضًا أو مشكلةً في اللّعب على الحبلين. تنظر الدراسة أيضًا، في أحلام الرّيادة والزعامة الإسلاميّة ونزعة التثوير العابرة للأقطار لدى حسن الترابي، وتأثير تلك النزعة في تلامذته في نظرتهم وارتباطهم بإيران. كما تأخذ الدراسة الدّعم الإيرانيّ للإسلاميّين في غزّة عبر السودان كنموذجٍ للتعاون، تنظر من خلاله إلى تقاطعات التكتيكي على المدى القصير، مع الإستراتيجي على المدى الطويل. وتناقش الدراسة أيضًا وصول الإسلاميّين إلى السلطة نتيجةً للثورات العربيّة، واحتمال انبعاث نزعة التثوير العابرة للأقطار المتضمّنة في أصل أدبيات الإخوان المسلمين، وانعكاس ذلك الانبعاث على علاقة الدول العربيّة ببعضها بعضًا، وعلاقتها مجتمعةً أو منفردةً بإيران.
مدخل
اندلعت الثورة الإيرانيّة عند أصيل حقبة الحرب الباردة، فحرّك اندلاعها أحلام الكتلة الثالثة الراقدة في أفئدة الإسلاميّين العرب. يقول عزمي بشارة عن حركة الجهاد: "لقد تأثّرت حركة الجهاد، منذ البداية، بمبادئ الثورة الإسلاميّة على غرار حركاتٍ سنّيةٍ كثيرة ألهبت هذه الثورة خيالها، بما في ذلك الإخوان المسلمون"[1]. ويمكن القول أيضًا إنّ الإسلاميّين العرب مالوا إلى الثورة الإيرانيّة بجامع التّوق لدى الفريقين في خلق كتلةٍ إسلاميّةٍ فاعلةٍ مغايرةٍ للنموذج الغربيّ، ومنفلتةٍ من قبضة الهيمنة الغربيّة[2]. يرى حيدر إبراهيم أنَّ ميل الإسلاميّين السودانيّين للثورة الإيرانيّة، في بدايات حكمهم للسودان، قد جسَّده تقاربهم معها ومحاولة الاستفادة من خبراتها، بوصفها النموذج الأمثل واقعيًّا، إذ إنّها مثّلت بالنسبة إليهم الدولة الإسلاميّة الوحيدة[3].
أجد من الضروري جدًّا الإشارة في هذا المدخل، إلى ما يعدهّ بعض الباحثين قصورًا في الانتباه وسط القيادات الإسلاميّة العربيّة التي تميل نحو إيران، إلى المكوِّن القوميّ والجيوستراتيجي والمذهبيّ في الدولة الإيرانيّة، والانحصار في النظرة إليها من منظور "الأخوّة الإسلاميّة" الجامعة، دون أخذ المكوِّنات الأخرى بعين الاعتبار. فالتاريخ الإيرانيّ، والعقيدة الإيرانيّة، والرؤية الإيرانيّة الجيوستراتيجية، تشير مجتمعةً إلى أنَّ إيران تتحرّك صوب محيطها الإقليميّ، من بؤرةِ طردٍ مركزيّةٍ مركّبة. وربّما يعضد هذا المنحى ما أورده طلال عتريسي حين أكَّد على أنَّ الهُويّة الإيرانيّة الجديدة تدمج في وقتٍ واحدٍ، وبطريقةٍ شديدة التعقيد، الأمّة والإسلام والعالم[4]. ويؤكّد أوليفييه روا أنّ إخفاق إيران في اختراق العالم السنّي قد جعلها تتصرّف كقوّة إقليميّة، وفق محاور شديدة الشبه بتلك التي كان يعتمدها الشاه[5] الشاهد أنّ القوميّ والدينيّ والمذهبيّ والعرقيّ والمصلحيّ، تختلط اختلاطًا مُربِكًا في الطبيعة الإيرانيّة المركّبة. فإيران، كما ينبّه عزمي بشارة، تستثمر داخليًّا في هُويّة إيرانية شاملة، لكنها لا تغضّ الطرف تمامًا عن الاستثمار في ماضيها الإمبراطوريّ الفارسيّ[6]. والماضي الإمبراطوريّ اتّسم في معظم منعطفاته بنزعة المدّ والتوسّع. ويرى محجوب الزويري أنّ تاريخ القرن العشرين أثبت أنَّ عاملَي الدين والهُويّة يبقيان حاضرين وبقوّة في الحالة الإيرانيّة، فوجود مَلَكيّة علمانيّة، كما كانت الحال في فترة حكم الشاه، لم يطمس تمامًا الهُويّة الدينيّة الشيعيّة ببعدها القوميّ الفارسي[7].
وفي السّياق نفسه، يشير وجيه كوثراني إلى أنَّ العلاقة بين العرب وإيران لها صورٌ متعدّدةٌ لدى الطرفين؛ فصورةٌ منها تعكسها مرآة الإسلام، وصورةٌ ثانية تعكسها مرآة القوميّة، وثالثةٌ تعكسها مرآة المذاهب، ورابعةٌ تعكسها مرآة الجغرافيا السياسيّة والاقتصاديّة والبشريّة. ويضيف كوثراني أنّه ليس من بين هذه المرايا، مرآةٌ صافيةٌ بحدِّ ذاتها. فاللون الغالب واللون الرئيس في الفهم المتبادل بين العرب والإيرانيّين، لونٌ متحوِّلٌ يأخذ أطيافًا عدّة، يصفه كوثراني بأنّه:
قد يكون إسلاميًّا مشتملًا ومحتويًا المضمون القوميّ، وقد يكون قوميًّا مرتكزًا على الإسلام، أو قد يكون قوميًّا عنصريًّا نافيًا الإسلام، أو قد يكون نفعيًّا خالصًا جاعلًا من مصالح الدولة وجغرافيّتها الاقتصاديّة نطاقًا لـ"أمنها القوميّ" مع استخدامٍ وظيفيٍّ للإسلام والقوميّة معًا. وقد تكون الصورة أحيانًا مزيجًا معقّدًا من هذه العناصر جميعها[8].
تنظر بعض الحركات الإسلاميّة في العالم العربيّ إلى إيران كحليفٍ إسلاميٍّ مهمٍّ يشكّل بالضرورة، قوّةً داعمةً وسندًا يُعَوَّل عليه في المعركة ضدّ الهيمنة الغربيّة. ولا يحتاج المرء في هذا المنحى إلى أكثر من الإشارة إلى حزب الله في لبنان، وحركة حماس في غزّة، وحكومة الإسلاميّين في السودان.
* هذه الدراسة منشورة في العدد الأول من دورية "سياسات عربيّة" (آذار / مارس 2013، الصفحات 58-71)، وهي دورية محكّمة تعنى بالعلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة والسياسات العامّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.
[1] عزمي بشارة، "العرب وإيران- ملاحظات عامّة"، في: مجموعة من الكتاب، العرب وإيران: مراجعة في التاريخ والسياسة (الدوحة/بيروت: المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص 24.
[2] أوليفييه روا، تجربة الإسلام السياسي، ترجمة نصير مروه، ط2 (بيروت: دار الساقي، 1996)، ص 118.
[3] حيدر إبراهيم، سقوط المشروع الحضاريّ (الخرطوم: مركز الدراسات السودانيّة، 2004)، ص 35.
[4] طلال عتريسي، الجمهوريّة الصعبة: إيران في تحولاتها الداخليّة وسياساتها الإقليميّة (بيروت: دار الساقي، 2006)، ص24.
[5] أوليفييه روا، ص 176.
[6] عزمي بشارة، ص 10.
[7] محجوب الزويري، "إيران والعرب في ظلال الدين والسياسة عبر التاريخ"، في: مجموعة من الكتاب، العرب وإيران: مراجعة في التاريخ والسياسة (الدوحة/بيروت: المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص 70.
[8] وجيه كوثراني، الإدراك" المتبادل بين العرب والإيرانيّين"، في: العلاقات العربيّة الإيرانيّة - الاتجاهات الراهنة وآفاق المستقبل: بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظّمها مركز دراسات الوحدة العربيّة بالتعاون مع جامعة قطر (مجموعة مؤلفين)، ط 2 (مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2001)، ص 166.
 
حكومة المعارضة ومعركة الشرعية على تمثيل الشعب السوريّ
 المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات...  وحدة تحليل السياسات في المركز          
نجح "الائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة" في اجتماعٍ عقده في إسطنبول يومي 18 و19 آذار / مارس 2013 في اختيار غسّان هيتو عضو المجلس الوطني - أحد المكونات الأساسيّة للائتلاف - رئيسًا للحكومة المؤقّتة. وعلى الرغم من أنّ أحدَ أهمّ أهداف إنشاء الائتلاف في الدوحة في شهر تشرين الثاني / نوفمبر من عام 2012 كان تشكيل حكومةٍ تُدير المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام وتمنع حدوث فراغِ سلطةٍ يؤدي إلى فوضى، إلا أنّ تحقيق ذلك لم يكن بالأمر الهيّن، إذ حالت الخلافات داخل الائتلاف وتضارب مواقف الدول الدّاعمة للثورة السوريّة دون تحقيق هذا الهدف منذ تشكيل الائتلاف.
خلافات المعارضة
جاء اجتماع إسطنبول بعد تأجيل اجتماعاتٍ عديدة سابقة لاختيار رئيس الحكومة المؤقّتة، كان آخرها مقررًا في 12 آذار / مارس 2013، بسبب فشل المعارضة في الاتفاق على فكرة الحكومة المؤقّتة، إذ ساد في الائتلاف تيّاران:
التّيار الأول: يقوده رئيس الائتلاف معاذ الخطيب وتدعمه شخصياتٌ ليبراليّة ومستقلة. وكان هذا التيار يتحفّظ على فكرة الحكومة المؤقّتة، ويدعو في المقابل إلى إنشاء "هيئةٍ تنفيذيّةٍ" تحت إشراف القيادة السياسيّة للائتلاف، تتولى إدارة المناطقِ "المحرّرة"؛ على أن يكون ذلك بعد توسيع الائتلاف وزيادة تمثيل بعض الفئات (المرأة، والشباب، والحراك الثوري، والأقليات)، وكذلك منح تمثيلٍ أكبرَ لقادة الكتائب العسكريّة، بما في ذلك هيئة أركان الجيش الحر التي يرأسُها اللواء سليم إدريس. وفضَّل هذا التيار التريّث في تشكيل الحكومة المؤقّتة، وانتظار ما سوف تُفضي إليه المفاوضات الروسيّة الأميركيّة بشأن التطبيق الفعليّ لاتفاق جنيف. وقد وجَّه معاذ الخطيب رسالةً بهذا المعنى إلى قيادة الائتلاف يوم 10 آذار/مارس 2013، دعاها فيها إلى التّريث في تشكيل الحكومة المؤقّتة، مشدّدًا على أنّ أيّ "سلطةٍ تنفيذيّةٍ أو وطنيّة" يجب أن يكون هدفها منع الفوضى في "المناطق المحرّرة" والابتعاد عن "المحظورات، وأخطرها تقسيم سورية". ورأى الخطيب أنّ الدفع باتجاه تشكيل الحكومة من أجل نيل مقعد سورية في الجامعة العربيّة هو مكسب سياسيّ لكنه ليس هدفًا، وبالإمكان تأجيله. ويبدو واضحًا أنّ هذا التيار لم يكن يرفض - من حيث المبدأ - وجود جسمٍ تنفيذيٍّ لإدارة المناطق المحرّرة، إلّا أنّه يتحفّظ على شكل هذا الجسم، ومسمّاه، وطريقة انتخابه، وتوقيت إنشائه.
التّيار الثاني: تدعمه كتلة المجلس الوطنيّ، وخصوصًا مكوّن "الإخوان المسلمين" فيها، بالتحالف مع مصطفى الصّباغ ممثّل نادي رجال الأعمال الذي يتولّى منصب الأمين العامّ للائتلاف. ويدعو هذا التّيار إلى الإسراع في تشكيل الحكومة المؤقّتة تنفيذًا لقرار مجلس وزراء الخارجيّة العرب (6 آذار/مارس 2013)، من أجل نيلِ مقعد سوريّة في الجامعة العربيّة، وتمثيل سوريّة في قمّة الدوحة التي عُقدت في 26 آذار/مارس 2013، بما يُسهم في نزع شرعية النّظام على الصعيد العربيّ، الأمر الذي يمكن أن يساعد في الحصول على اعترافٍ دوليٍّ بالحكومة المؤقّتة كحكومةٍ شرعيّة تمثّل الشعب السوريّ. كما أنّ هذا التيار لا يرى ضرورةً لانتظار نتائجِ المفاوضات الروسيّة والأميركيّة بشأن سوريّة، خاصّةً وأنّ هذه المفاوضات بدأت منذ 30 حزيران/يونيو 2012، ولم تفضِ حتى الآن إلى نتائجَ جديّة تضع اتفاق جنيف - لا سيّما الفقرة التاسعة منه والمتعلّقة بنقل السلطة وتشكيل حكومة انتقاليّة - موضع التنفيذ العمليّ.
فضلًا عن ذلك، كان للخلافات بين مكوّنات الائتلاف بشأن تسمية رئيس الحكومة المؤقّتة دورٌ مهمّ في تأخّر تشكيلها. فقد جرى في البداية طرح اسم رئيس الوزراء المنشقّ رياض حجاب لتولّي رئاستها، لكن اعتراض مكوّناتٍ رئيسة في الائتلاف، لا سيّما المجلس الوطنيّ، حال دون اختياره. وقد برّر المجلس الوطنيّ رفضه ترؤّس حجاب للحكومة المؤقّتة بأنّه لا يجوز أن يشكّل رئيسُ حكومةٍ سابق في نظام بشّار الأسد أوّل حكومةٍ للمعارضة. وهو ما يعكس - بصورةٍ أو بأخرى - ضيق الرؤية السياسيّة لدى شخصيّاتٍ وتكتّلاتٍ من المعارضة السوريّة في طريقة تعاطيها مع المنشقّين عن النظام، وتجاهلهم، والتضييق عليهم؛ إمّا لمخاوف من دور مستقبليّ لهم، أو لمصالحَ شخصيّة وحزبيّة. والمفارقة هنا أنّ هذه الرؤية تسود بين تكتّلات المعارضة في وقتٍ لا ينّفك خطابها يدعو ضبّاط الجيش، ومسؤولي الدولة إلى الانشقاق عن النظام، والانضمام إلى المعارضة، ويحثّهم على ذلك. كما يفتقر هذا الموقف إلى رؤيةٍ سياسيّةٍ براغماتيّة متعلّقة بعزل النظام السوريّ شعبيًّا، ومخاطبةِ فئات الشعب كافّة، كما ينشغل بمسألة الصراع على القيادة في هذه المرحلة المبكرة، بدلًا من البحث عن أفضل الطرق لإسقاط النظام.
وكنتيجةٍ لهذا الرفض، اعتذر رياض حجاب - ممثّل المنشقّين عن النظام في الائتلاف - في رسالةٍ خطيّة وجّهها إلى رئيس الائتلاف في 28 شباط / فبراير 2013، عن عدم الترشّح لرئاسة الحكومة. بعد ذلك، جرى تداولُ أسماء أخرى، مثل وزير الزراعة الأسبق أسعد مصطفى، وعضو المجلس الوطنيّ أسامة القاضي. ووصل عدد المرشّحين لرئاسة الحكومة المؤقّتة عشيّة اختيار رئيسها إلى 12 شخصيّةً.
لم يؤدِّ انتخاب غسّان هيتو إلى انحسار الخلافات بين أقطاب المعارضة، فقد قرّر 12 من أعضاء الائتلاف تعليق عضويّتهم احتجاجًا على انتخابه، وكان من بينهم نائب رئيس الائتلاف سهير الأتاسي (تراجعت عن هذا القرار لاحقًا). ويرجّح بعض المحلّلين أنّ الأجواء المحيطة بعملية الانتخاب (وليس انتخاب هيتو شخصيًّا) كانت أحد الأسباب التي دفعت معاذ الخطيب إلى الاستقالة المفاجئة من رئاسة الائتلاف الوطنيّ، قبل أيّامٍ قليلة من القمّة العربيّة في الدوحة.
وكانت اعتراضات المتذمّرين من اختيار هيتو تقوم على أساس أنّ رئيس الحكومة المُنتخب فرضته بعض قوى الائتلاف، في إشارةٍ إلى قربه من جماعة الإخوان المسلمين وكتلة المجالس المحليّة التي تصرّفت كتيّارٍ سياسيٍّ، وليس كمجالس تمثّل مناطق. وأخذ آخرون على هذا الخيار كون هيتو غير معروفٍ بنشاطه السياسيّ، وأنّه غير مطّلع على الواقع السوريّ لأنّه يقيم في الولايات المتّحدة منذ عام 1985، وأنّه كان من الأفضل اختيارُ مرشّحٍ من الداخل أو من وجوه المعارضة السياسيّة المعروفة، أو من المنشقّين ذوي الخبرة في إدارة مؤسّسات الدولة السوريّة. في حين رأى البعض أنّ انتخاب هيتو بأغلبية 35 صوتًا من أصل 53 عضوًا شاركوا في عملية التصويت بعد انسحاب 9 أعضاء من الاجتماع قبل بدء التصويت، يعبّر عن مدى الانقسام في صفوف المعارضة، علمًا أنّ العدد الكلّي لأعضاء الائتلاف هو 64 عضوًا. كما أثار انتخاب هيتو مواقفَ حذرة في الداخل السوريّ، وتحفُّظ بعض قيادات الجيش الحرّ وكتائبه، على الرغم من أنّ رئيس هيئة الأركان اللواء سليم إدريس - الذي شارك في الاجتماع - أعلن أنّه يدعم "تشكيل حكومةٍ تحظى بإجماع الائتلاف الوطنيّ وقوى المعارضة السياسيّة السوريّة"، وأنّه سيعمل تحت مظلّة هذه الحكومة.
تعارض مواقف القوى الإقليميّة والدوليّة:
كان لمواقف بعض القوى الدوليّة دورٌ مؤثّر في تأخير تشكيل الحكومة المؤقّتة وتسمية رئيسها. وكانت الولاياتُ المتّحدة أكثر المتحفّظين على تشكيل الحكومة، وحالت ضغوطها - أكثر من مرّة - دون عقد اجتماعٍ للائتلاف للاتّفاق على موضوع الحكومة. وقد ظلّ الأميركيّون غير متحمّسين للخطوة حتّى اجتماع إسطنبول.
بعد انتخاب غسّان هيتو، سارع الأميركيّون إلى محاولة إفراغ هذه الخطوة من مضمونها. ففي شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجيّة في الكونغرس، رأى السفير الأميركيّ السابق في سورية روبرت فورد أنّ تشكيل حكومةٍ سوريّةٍ مؤقّتة بقيادة المعارضة لن يؤثّر في الجهد الأميركيّ الروسيّ الرّامي إلى تشكيل حكومةٍ انتقاليّة تكون منبثقةً من حوارٍ بين النظام السوريّ والمعارضة. وقال فورد إنّ هذه الحكومة المؤقّتة "مرحليّة" حتى تشكيل حكومة انتقاليّة، وإنّ مسؤولية الحكومة المؤقّتة التي تشكّلها المعارضة ستكون "محصورة في الإشراف الإداريّ على المناطق المحرّرة".
في المقابل، رحّبت دولٌ أوروبيّة، لا سيّما فرنسا وبريطانيا، بتشكيل المعارضة حكومة مؤقّتة وانتخاب غسّان هيتو رئيسًا لها، لكن نظرتهم إلى هذه الخطوة لا تعدو وصفها أداة ضغطٍ أخرى على نظام الأسد لدفعه إلى القبول بمبدأ التفاوض وصولًا إلى تطبيق اتّفاق جنيف. ويمكن عدّ المسعى الفرنسيّ البريطانيّ الرامي إلى رفع الحظر الأوروبيّ عن تسليح المعارضة جزءًا من هذه الإستراتيجية التي تهدف إلى ممارسة مزيدٍ من الضغوط على النظام للقبول بالحلّ السياسيّ عن طريق تعديل موازين القوى العسكريّة على الأرض.
مفاجأة الجامعة العربيّة
على الرغم من الاعتراض الأميركيّ على تشكيل حكومةٍ مؤقّتة تقودها المعارضة، قرّرت الجامعة العربيّة - ونتيجةَ انسداد الأفق أمام أيّ تسوية مع استمرار سقوط عشرات القتلى في سورية يوميًّا - رفع مستوى الضغوط على النظام السوريّ من خلال تجريده من شرعيّته، ولكن شرط الأـمين العامّ للجامعة لمنح المعارضة مقعد سورية كان أن تشكّل حكومةً، لأنّ مقاعد الدول تحتلّها الحكومات وليس الائتلافات. لذلك، دعت القمّة العربيّة في الدوحة (الدورة 24) الائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة إلى شغل مقعد سوريّة في الجامعة العربيّة بعد أن نفّذ الائتلاف القرار المشروط لوزراء الخارجيّة العرب الصادر في يوم 6 آذار / مارس 2013، وشكّل سلطة تنفيذيّة. ويمكن القول إنّ ضغوط الجامعة العربيّة كانت العاملَ الحاسم في دفع المعارضة السوريّة إلى تجاوز الخلاف بشأن تشكيل حكومةٍ مؤقّتة واختيار رئيسٍ لها. ولولا هذه الضغوط، لربما ظلّ النقاش بشأن هذا الموضوع مستمرًّا لفترة طويلة.
شكّلت خطوة الجامعة العربيّة بمنح مقعد سورية للائتلاف الوطنيّ مفاجأةً للكثيرين، وبلورت نمطًا جديدًا من العمل العربيّ المشترك، فهذه هي المرة الأولى التي تقرّ فيها الجامعة مثل هذه الخطوة منذ تأسيسها في عام 1945. حتّى إبّان ثورة 17 فبراير في ليبيا، رفضت الجامعة العربيّة تسليم المجلس الوطنيّ الليبيّ مقعد ليبيا رسميًّا حتّى تحرير العاصمة طرابلس، وسقوط نظام القذافي.
وقد وضعت خطوة الجامعة العربيّة المعارضة السوريّة أمام مسؤوليات كبيرة بعد أن لبّت مطلبها الرئيس بنزع الشرعيّة عربيًّا عن النظام السوريّ، ومهّدت الطريق أمامها لاستكمال هذه العملية دوليًّا، وفتح معركة أحقّية تمثيل الشعب السوري في الأمم المتّحدة. وقد تضمّن البيان الختاميّ لقمّة الدوحة بندًا يحثّ المنظمات الدوليّة والإقليميّة على الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثّلًا شرعيًّا ووحيدًا للشعب السوريّ، ومنحه شرعيّةَ وأحقّية تمثيل سورية فيها.
تحدّيات أمام الحكومة المؤقّتة
يعدّ نجاح الائتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة في اختيار رئيس حكومةٍ مؤقّتة خطوةً مهمّةً على صعيد تنظيم المعارضة واكتسابها مزيدًا من الشرعيّة. لكن التحدّيات التي تواجهها الحكومة المزمع تشكيلها ستكون كبيرةً، ويترتّب على طريقة تعاملها معها تداعيات مهمّة ستؤثّر في مستقبل سورية. ويتطلّب التحدّي الأوّل تجاوز عقدة تشكيل الحكومة بعد أن تجاوزت المعارضة عقدة رئاستها، والانتقال إلى العمل من داخل الأراضي السوريّة حتى تكون الحكومة المؤقّتة قريبةً من الواقع ومتطلّبات المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وهي دون ذلك لن تكتسب أيّ شرعيّة داخليّة، فالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام تحتاج إلى إدارةٍ حكوميّة لملء الفراغ الإداريّ الناجم عن غياب سلطة الدولة. وهذا يتطلب تعاونًا وثيقًا مع قيادةِ أركان الجيش الحرّ وكتائب المعارضة المسلّحة على الأرض. وسيكون عليها بعد ذلك تحقيق نتائج جدّية فيما يتعلق بإرساء الأمن وسلطة القانون ومكافحة الجريمة والحدّ من فوضى السلاح، وحماية المنشآت الإستراتيجيّة والمرافق العامّة والخاصّة وتفعيل القضاء والمؤسّسات الإداريّة والخدميّة الواقعة تحت سيطرة الثّوار والتحكّم في المعابر الحدوديّة "المحرّرة".
وسيكون على الحكومة المؤقّتة أيضًا متابعة أوضاع اللّاجئين والنازحين داخل سورية وخارجها، ووضع المخطّطات اللّازمة لتأمين احتياجاتهم الإغاثية، وإعادة من يستطيع - أو يرغب في ذلك- إلى منطقته. وسيكون عليها تأمين الدعم العسكريّ والماليّ للجيش الحرّ وهيئة الأركان والثّوّار وفي ذلك تأكيد قدرتها على السيطرة على مختلف مجموعات المعارضة المسلّحة. إنّ نجاح هذه الحكومة في أن تكون ممثّلة للسوريّين مرتهن بتطوير خطابٍ مقنعٍ بأنّها تمثّل جميع أطياف المجتمع السوريّ، لا فئةً محدّدة منه. وإذا لم يحصل ذلك، سوف تقع الثورة السوريّة - حتّى قبل إسقاط النظام - فيما وقعت فيه الثورة المصريّة بعد انتصارها.
وسيتعيّن عليها الاستمرار في إدارة معركة نزع الشرعيّة عن النظام، أكان ذلك من خلال تطوير خطابٍ إعلاميٍّ يؤثّر في الرأي العامّ العالميّ لمصلحة الثورة السوريّة، أو من خلال الاستفادة من قرارات القمة العربيّة الأخيرة للعمل على انتزاع مقعد سورية في الأمم المتحدة وهيئاتها التابعة والمنظمات الإقليميّة والدولية، الأمر الذي سيمكِّن الحكومة الجديدة من استلام السفارات وتسييرها، والاعتراف بها ممثّلة شرعيّة للدولة السوريّة على نحوٍ يمَكِّنها من الحصول على أموال الشعب السوريّ المجمّدة واستخدامها في تسيير شؤون الحكومة وخدماتها.
يترتّب على الحكومة المؤقّتة أن تواجه جملة هذه التحدّيات إذا كانت ترى نفسها بديلًا للنظام، أمّا إذا كانت ترى نفسها جزءًا من ضغوطٍ تُمارس لدفع النظام للقبول بتسويةٍ سياسيّة كما تراها بعض الأطراف الدوليّة وأطرافٌ داخل الائتلاف، فإنّ ذلك يرتِّب عليها أن تكون مستعدّةً لمواجهة استحقاقات تنفيذ اتّفاق جنيف وتشكيل حكومةٍ انتقاليّة تؤدّي - كما ترى بعض كتل المعارضة - إلى تمهيد الطريق لرحيل النظام.
في الحالات كافّة، ليس لقيادات الثورة السوريّة السياسيّة والعسكريّة مفرٌّ من مواجهة مهامّ مصيريّة لتحقيق إسقاط نظام الاستبداد في سورية، وهي:
    وضع إستراتيجيةٍ عسكريّة موحّدة، وتوفير مقوّماتها، بما في ذلك الضغط على الدول الداعمة لتنسّق دعمها على نحوٍ كامل، والضغط على الكتائب في الداخل للقبول بتراتبيّة عسكريّة تمكّن من تنفيذ خططٍ مشتركة. وهذا هو الأمر الأساسيّ.
    بناء المؤسسات ووضع الخطط لإدارة حياة المجتمع السوريّ في المناطق المحرّرة وفي المنافي. وذلك من دون حصر العمل في قنواتٍ فئويّة، ومن دون استغلال ذلك لتحقيق مكاسبَ فئويّة سياسيّة.
    تطوير خطابٍ سياسيٍّ للثورة موجّه للشعب السوريّ كلّه، واستيعاب المهنيّين من المنشقّين في المؤسّسات العسكريّة والمدنيّة للثورة، إذ لا يمكن الاستغناء عنهم.
    تطوير خطابٍ دبلوماسيٍّ وإعلاميٍّ موجّه للغرب لمواجهة الخطاب الذي يقبل رواية النظام التي تركّز على الإرهاب الإسلاميّ وتضع مسألة السلاح الكيماويّ وأمن إسرائيل في المقدّمة.
 
 
النظام الخاص أو التنظيم السرّي الجهادي
الجمهورية... سعود المولى
أصبح من المعروف اليوم أنّ «النظام الخاص» أو «التنظيم السرّي» هو مجموعة عسكرية أسّسها حسن البنّا لإعداد الشباب المسلم لمواجهة الصهيونية في فلسطين والإنكليز في منطقة القناة، ولكنّ غيرَ المعروف هو متى وكيف تأسّس هذا التنظيم.
الظاهر حتى اليوم أنّ النواة الأولى لهذا النظام تشكّلت من عبد الرحمن السندي ومحمود صبّاغ ومصطفى مشهور (المرشد العام الأسبق للإخوان) وذلك بناءً على توجيه الإمام البنّا بضرورة إعداد جيش مسلم لمقاتلة العدوّ... ولم يتمّ العمل بهذا القرار إلّا في عام 1939 أي عند اندلاع الحرب العالمية وما حملته من أجواء مناسبة عسكريّاً وسياسيّاً وتعبويّاً للحديث عن إمكانية هزيمة الإنكليز والصهاينة...
يقول إسحق الحسيني إنّ "فكرة الجهاد والاستعداد له بالتسلّح والتدرّب وُلدت في السنة التي وُلدت فيها الجماعة، أي أنّ البنّا أدخل هذا العنصر في حسابه منذ استكمل صورة الدعوة في ذهنه، وأنّه طوى هذا العنصر في دخيلة نفسه ولم يُطلع عليه أحداً إلى أن رأى الوقت ملائماً للكشف عن بعض جوانبه ففعل". وأبعد تاريخ يُردّ إليه الاستعداد للجهاد يرجع بحسب الحسيني إلى عام 1939، حين افتتح البنّا مسجداً في رواق العرب "كان بداية قصّة الجهاد". (الحسيني، ص247-248).
كما ينقل الحسيني عن الرئيس أنور السادات أنّ البنّا كان يجمع السلاح منذ العام 1940. ويروي الحسيني أيضاً أنّ رسالة أبو الأعلى المودودي المسمّاة "الجهاد في سبيل الله" كانت من الرسائل التي راجت كثيراً وسط الإخوان، وكان لها تأثير كبير في توجيههم. (الحسيني، ص249- 250-251)
ولا شكّ بأنّ فكرة الجهاد وكلّ ما يتعلق بها لم تكن خارج تفكير البنّا أو الإخوان، خصوصاً مع تأثير كتابات المودودي والثورة في فلسطين والمقاومة ضدّ الإنكليز. وينتج عن ذلك أنّ الاتّجاه إلى قيام تنظيم خاص لتأطير الفكرة وتحقيقها ليس بمستبعد في تلك الأيام تحت تأثير المفهوم أوّلاً، ثمّ الحماس الوطني الجارف ثانياً، والمنافسة مع أحزاب وقوى تتباهى بتنظيماتها الحديدية وقمصانها السود وعملياتها الفدائية ثالثاً. ويبدو أنّ العام المتّفق عليه كتاريخ رسميّ لبداية التنظيم السرّي هو 1940... ويروي محمود الصباغ أحد قادة النظام الخاص (كتابه: حقيقة النظام الخاص، دار الاعتصام، القاهرة 1989، ص 132-133) كيف أنّ البيعة كانت تتمّ في منزل بحيّ الصليبة حيث يُدعى العضو المرشّح للبيعة ومعه المسؤول عن تكوينه والأخ عبد الرحمن السندي، فيدخلون غرفة مظلمة ويجلسون على بساط في مواجهة أخ مغطّى جسده تماماً من قمّة رأسه إلى أخمص قدميه برداء أبيض طويل يُخرج من جانبيه يديه ممتدّتين على منضدة منخفضة (طبلية) عليها مصحف شريف.
وهذا الأخ يتلقّى البيعة نيابة عن المرشد العام فيقوم بتذكير القادم الجديد بآيات الجهاد وبضرورات السرّية، مع بيان شرعية ذلك كلّه، ثمّ يُخرج من جانبه مسدّساً ويطلب من المبايع أن يمسك به مع المصحف الذي يبايع عليه.
فإذا قبل شروط وتكاليف البيعة (تقوى الله في السرّ والعلن، والصلاة والخشوع، والجماعة في المسجد، والكتمان والصمت والجزاء والطاعة للقيادة ولأمراء الجماعات، والتذكير بالموثق على مواصلة الجهاد حتى النصر أو الاستشهاد) كُلّف بأداء القسم على الانضمام عضواً في الجيش الإسلامي والتعهّد بالسمع والطاعة... ويذكر الصبّاغ أنّ المكلّف بأخذ البيعة نيابة عن المرشد العام كان صالح عشماوي وكيل جماعة الإخوان في تلك الأيام...
وقد شهدت الفترة الواقعة من 20 حزيران/يونيو إلى 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1948 عمليات تفجير واسعة النطاق طالت أماكن ومؤسّسات وشركات لليهود أو للذين يشتبه بدعمهم للصهاينة في فلسطين، وذلك في غمرة تصاعد الصراع على أرض فلسطين.
وفي تلك الفترة (مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 1948) أعلنت الحكومة المصرية أنّها ضبطت مخزناً للأسلحة بالإسماعيلية، في عزبة للشيخ محمد فرغلي قائد كتائب الإخوان في فلسطين.
وتلا ذلك حادثة سيّارة جيب ضُبطت بالصدفة وفيها أوراق ووثائق تعود إلى النظام الخاص (15 تشرين الثاني/نوفمبر)....
وقد استندت حكومة النقراشي باشا إلى ذلك لإصدار الأمر العسكري بحلّ جماعة الإخوان في منطقتي القنال والإسماعيلية، في وقت كان فيه الشهيد البنّا يؤدّي فريضة الحج مع مجموعة من الإخوان، وكان متطوّعو الإخوان يقاتلون على أرض فلسطين مع جيش مصر.
ويبدو اليوم أنّ النقراشي باشا كان على اتصال بالإنكليز، وأنّه وافق على وقف الحرب في فلسطين، وعلى سحب الجيش المصري، وكان هذا يتطلّب ضرب الإخوان، وهم القوّة المقاتلة فعليّاً في فلسطين.
وبعد حادثة السيّارة الجيب، صدر القرار العسكري رقم 63 بتاريخ 1948/12/8 والقاضي بحلّ جمعية الإخوان المسلمين وجميع فروعها، وتبع ذلك سحب القوات المصرية من فلسطين ووقف القتال نهائيّاً، وإيداع الإخوان في السجون واعتقال مجاهديهم في فلسطين وإعادتهم إلى مصر لحبسهم في معتقل الهايكستيب... ووُضع الإمام البنّا تحت الرقابة العسكرية الإجبارية في منزله، وقُطع عنه الهاتف وسُحب منه سلاحه الفرديّ، واعتُقل شقيقه الضابط عبد الباسط، الذي كان يرافقه ليحميه...
وفي هذه الأجواء جرى اعتقال قادة النظام الخاص (السندي والصباغ ومشهور وأحمد زكي حسن وأحمد حسني). وبعد عزل البنّا عن قيادات وقواعد الدعوة، وإيداع العشرات من القادة في السجون والمعتقلات والقبض على قيادة النظام الخاص، استمرّ النقراشي باشا في تحدّيه لمشاعر المصريّين والعرب، فأثار الضجيج حول الأوراق المضبوطة في السيارة الجيب معلناً أنّها تثبت ضلوع الإخوان في التآمر لقلب نظام الحكم... ونتيجة لهذا الشحن والتوتير من جانب الحكومة، حاول بعض الشبّان من النظام الخاص، إحراق أوراق القضية داخل قاعة المحكمة.
إلّا أنّ المتفجّرة كُشفت وجرى تفجيرها خارج المحكمة، الأمر الذي سمح للحكومة بادّعاء ضلوع الإخوان في عملية تفجير إجرامية كانت ستودي بحياة العشرات من المواطنين.
 
 
2000 مقاتل في دمشق و3500 على الحدود..."حزب الله" بدأ بتصفية المنشقين عن الاسد
الجمهورية...
اعلن الجيش السوري الحر إنه يقاتل عناصر لحزب الله في القصير بحمص، وإن نظام الأسد يستخدم عناصر حزب الله لإعاقة تقدمهم، كما أنه يستخدمهم لتصفية الجنود المنشقين عنه.
وقدّر العقيد الطبيب عبدالحميد زكريا، الناطق باسم هيئة أركان القيادة العسكرية الثورية، من الحدود السورية التركية الأعداد الموجودة بدمشق بأكثر من 2000 مقاتل من حزب الله، بالإضافة إلى حشد أكثر من 3500 مقاتل من الحزب على الحدود السورية اللبنانية.
وقال زكريا: "بعد تصدّع بنية الجيش الأسدي من خلال الانشقاقات المتتالية والتي كان آخرها انشقاق مجموعة من الضباط والمجندين من الحرس الجمهوري الأسدي وبعد هلاك المرتزقة من الشبيحة المحليين كان لابد لعصابة الأسد من الاعتماد على المرتزقة الخارجيين المتعطشين للدماء السورية من كل من إيران والعراق ودولة حزب الله بلبنان."
وأضاف أن المهام المُوكلة لعناصر حزب الله الموجودة في سوريا هي نفس مهام قوات الأسد، بالإضافة إلى قتل العناصر الأسدية حال تقاعسها عن قتل السوريين.
أما في دمشق فقالت "سانا الثورة" إن الجيش الحر يخوض معارك عنيفة مع لواء العباس التابع لحزب الله.
وقال العقيد مالك الكردي، نائب قائد الجيش الحر، إن هناك أعداداً لا بأس بها من عناصر حزب الله تشترك في المعارك الدائرة في محيط السيدة زينب والقصير، التي تحوي عدداً من الحسينيات، وذلك لإيجاد مبرر لوجودهم فيها.
وأضاف الكردي أن النظام السوري يعتمد على عناصر من حزب الله في بعض المهام القتالية ويضعهم كعناصر أمنية لمراقبة تحركات عناصر الجيش الحر عند تقدمها في مناطق الأعمال القتالية، وإطلاق النار على كل عنصر يشكّ في محاولته الانشقاق.
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,163,588

عدد الزوار: 7,057,591

المتواجدون الآن: 84